من هم اعظم مما يحمله احدنا بل اعظم مما نحمله كلنا جميعا لان احدنا غاية ما يحمله من الهم اي هم هم بيت مثلا وهم الزوجة والاولاد ام هم الرزق لله حمدا بعد احمد ربي تعالى واشكره نستعينه واستغفره اشهد ان لا اله الا الله وحده لا شريك له. واشهد ان محمدا عبد الله ورسوله وصفيه وخليله امام انبيائه وخاتم رسله صلوات ربي وسلامه عليه اللهم صلي وسلم عليه تسليما كثيرا اما بعد ايها الاخوة المباركون فيتجدد بنا المجلس المتتابع في دراسة شمائل الحبيب المصطفى صلوات الله وسلامه عليه في هذه الليلة الشريفة المباركة ليلة الجمعة وفي هذا المكان المبارك رحاب بيت الله الحرام نلتقي نجتمع فيه بين بركة الزمان والمكان وبركة المجلس الذي نغترف فيه صلوات من ربنا سبحانه وتعالى بقدر ما نصلي على نبيه صلى الله عليه وسلم بل الصواب ان تقول انك تستجلب في مثل هذا المجلس صلوات من ربك لا تقل بقدر ما تصلي على نبيك بل بعشر اضعاف ما تصلي على نبيك صلى الله عليه وسلم. لانه عليه الصلاة والسلام هو القائل فمن صلى علي صلاة صلى الله عليه فيها عشرا فليقل من ذلك احدنا او ليكثر. فانما هي غنيمة عظيمة ومربح كبير. اللهم صلي وسلم وبارك على عبدك ورسولك نبينا محمد وعلى اله وصحبه اجمعين. ثم هي ليلة مباركة ليلة الجمعة التي يجتمع فيها ايضا فضل الزمان ونحن بهذه الصلاة على نبينا صلى الله عليه وسلم نغترف خيرا الى خير ونعمة الى نعمة ورحمة الى رحمة وبركة الى بركة فاعظم العباد بركة في ليلة كهذه في امة الاسلام. من جمع الله له بين فضل الزمان وفضل المكان. وفضل العمل الصالح الذي على اغتنام مثل هذا العمل المبارك صلاة وسلاما على النبي المصطفى صلى الله عليه وآله وسلم وما مجلسكم هذا ايها المباركون في الصلاة على النبي عليه الصلاة والسلام الا مجلس يحملكم عليه حملا. فكلما ذكر عليه الصلاة والسلام ام حركت شفتيك صلاة وسلاما عليه وكلما مر بك خصلة وخبر وهدي وسنة من شمائله وجدت نفسك مساقا ولابد الى ان تقول اللهم صل وسلم عليه. فهذه الصلوات المتتابعة التي تنبعث من القلب وهو يقف على هذه الاحوال الشريفة الكاملة اعني احواله وشمائله عليه الصلاة والسلام تبعث العبد على ان ينطق بصلاة وسلام مغلفة حبا وتعظيما واجلالا لهذا النبي الكريم. بخلاف ما تكون الصلاة عليه صلى الله عليه وسلم ليس اكثر من عبارات مجردة تتردد على اللسان. نعم فشتان بين اثنين احدهما اكثروا من الصلاة على النبي عليه الصلاة والسلام كانما هو ورد يريد الانقضاء منه والفراغ منه. واخر هو مع ذلك مع كثرة الصلاة على النبي عليه الصلاة والسلام هو في كل مرة يلفظ بها لسانه بالصلاة عليه صلى الله عليه وسلم فانه بخفقة من خفقات الفؤاد تنبض حبا وشوقا وتعظيما وتوقيرا واجلالا للنبي عليه الصلاة والسلام. وهذا خير لا يتأتى الا بقلب ملئ علما ومعرفة واهتداء بسنة الحبيب المصطفى صلى الله عليه واله وسلم فاجعلوا ايها المباركون لكم نصيبا وافرا من علمكم بشمائله وسنته وسيرته عليه الصلاة والسلام فانها تنقلكم الى العيش الحق حقيقي بصحبته عليه الصلاة والسلام عيشا معنويا تعيشون كما عاش الصحابة رضي الله عنهم الذين رصدوا هذه المواقف وحفظوا لنا تلك الروايات فيما يتعلق بشأنه عليه الصلاة والسلام في كل باب من ابواب الحياة نحن بهذا المجلس نتابع ما توقف به الحديث السابق في ليلة الجمعة الماضية. وقد انقضى الحديث في باب ما جاء في كلام رسول صلى الله عليه وسلم لنتابع الحديث في مجلس الليلة والليالي المقبلة بعون الله. فيما اتم به الامام الترمذي رحمه الله تعالى تبويب كتابه الى المحمدية ليبدأ الليلة باب ما جاء في ضحك رسول الله صلى الله عليه وسلم ويعقبه باب ما جاء في مزاح او مزاح رسول الله صلى الله عليه وسلم فمجلس الليلة ايها المباركون مجلس انبساط وارتياح فؤاد وتبسم شفاه بصحبة ضحك وتبسم رسول الله صلى الله عليه وسلم اما ان مجلس السيرة النبوية والمكان الذي يذكر فيه خبر رسول الله عليه الصلاة والسلام هو وحده مجلس انس وانبساط وسرور لكل مؤمنين الذين تهتف قلوبهم بحب رسول الله صلى الله عليه وسلم. فكيف اذا كان هذا المجلس محمدي يتناول جوانب من ضحكه عليه الصلاة والسلام. وتبسمه عليه الصلاة والسلام. تقف مع الروايات لكأنك تعيش الموقف الذي ضحك فيه صلى الله عليه وسلم فتضحك معه. وكأنك تصحبه في موقف كهذا. نعيش مثل هذه الابواب. تحفظ لنا الروايات لماذا ضحك؟ بابي وامي عليه الصلاة والسلام. وكيف كان يضحك ومع من كان يضحك وهديه في هذا الضحك والمزاح على اي وجه كان. كل ذلك يأتي تباعا في هذه الابواب التي وقف الحديث عندها. نعم بسم الله الرحمن الرحيم والصلاة والسلام على اشرف الانبياء والمرسلين نبينا محمد عليه افضل الصلاة واتم التسليم اللهم اغفر لنا ولشيخنا وللسامعين والمستمعين قال المصنف رحمه الله تعالى بعض ما جاء في ضحك باب ما جاء في ضحك رسول الله صلى الله عليه وسلم عن جابر بن سمرة رضي الله عنه قال كان في ساق رسول الله صلى الله عليه وسلم حموشة وكان لا يضحك الا تبسما. فكنت اذا نظرت اليه قلت اكحل عينين وليس باكحل حديث جابر رضي الله عنه هو الحديث الاول في هذا الباب وفيه جمل ثلاثة اولها وصف فيها ساقي رسول الله عليه الصلاة والسلام والثانية وصف فيها ضحكه والثالثة وصف فيها منظره وهيئته وعينيه صلى الله عليه وسلم على وجه التحديد الحديث ضعيف سندا وموضع الشاهد فيه صح من وجوه اخر سيأتي ذكرها بعد قليل قال رضي الله عنه كان في ساق رسول الله صلى الله عليه وسلم حموشة يعني كان فيها دقة ويقصد بدقتها حدتها وارتفاعها وعدم كبر حجمها يقول رضي الله عنه وكان لا يضحك الا تبسما وهذا الشاهد في الباب والحديث وان كان ضعيفا سندا كما اسلفت لكن له شواهد اخرى صحيحة في الصحيحين وغيرهما يعني لم يكن ضحك النبي عليه الصلاة والسلام سوى التبسم فاذا وصف الصحابة مجلسا وقالوا فيه ضحك النبي عليه الصلاة والسلام يقصدون به التبسم لان التبسم مجرد انفراج الشفتين التي تشعر بسرور النفس وارتياح الفؤاد واما الضحك فهو فوق ذلك درجة. بان يصحبه صوت يخرج معه النفس لا يملك فيه الانسان تعبير المشاعر عن الرياح والسرور ليتجاوز التبسم الى الضحك فاذا تجاوز الضحك ذلك درجة اخرى بصوت مرتفع صار قهقهة فاذا ارتفع الصوت بهذا الصخب وصل الى درجة القهقهة يقول رضي الله عنه كان لا يضحك الا تبسما يصف ضحك النبي عليه الصلاة والسلام بانه كان على وجه التبسم لا الضحك ولا القهقهة هذا القدر ثبت في الصحيح في صحيح البخاري من حديث ام المؤمنين عائشة رضي الله عنها فانها قالت ما رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم ضاحكا حتى ارى منه لهواته انما كان يتبسم تقول ما رأيته قط يضحك الى درجة ان ترى لهاته واللهات هي قطعة اللحن المدلاة في اقصى سقف الحلق في الفم وتقصد انها ما رأته قط يستجمع في الضحك عليه الصلاة والسلام لدرجة انه يحتاج الى فتح الفم كما يحصل لمن يبلغ به الضحك درجة عالية فانه يضحك ويضحك فينفتح فاه. تقول ما رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم ضاحكا حتى حتى ارى منه لهواته انما كان يتبسم ويبقى السؤال هل معنى ذلك انه ما ضحك في حياته عليه الصلاة والسلام قط بلى ضحك وله مواضع ضحك فيها اقصد بالضحك الذي هو اعلى درجة من التبسم فعلى ماذا يحمل قوله عائشة رضي الله عنها يحمل على انها تنفي ذلك الضحك الذي يفتح معه الفم اما الضحك المعتدل الذي يخرج معه صوت الضاحك فقد ورد عنه صلى الله عليه وسلم كما سيأتينا في عدد من الاحاديث الاتية بعد قليل ولكن المقصود ان عامة ما كان يصدر عنه صلى الله عليه وسلم هو التبسم وضحكه قليل. اما التبسم فهو الاكثر من شأنه. وهذا كما ترى رعاك الله يأتي متسقا مع التوسط والاعتدال الذي طبع عليه صلى الله عليه وسلم في شأنه كله فكان في ضحكه معتدلا متوسطا كان في مشيته معتدلا متوسطا كان في عيشته في كلامه في كل شأن من شؤونه على هدي قصدي والتوسط والاعتدال. من هذا الباب جاء الضحك منه عليه الصلاة والسلام. ايها الكرام اما ان نبينا عليه الصلاة والسلام كان بشرا ويعني انه يمر بكل ما يعرض للبشر من احوال نفسية وصفات وعوارض تعرض للانسان فكان يحزن وكان يضحك وكان يغضب وكان يبكي ما كان ملكا عليه الصلاة والسلام لكنه بشر رسول صلى الله عليه وسلم وهذه البشرية فيه عليه الصلاة والسلام كانت تتأتى طباعها كما يتأتى لسائر البشر. ولكن على النحو الاكمل صلى الله عليه وسلم فكان يضحك كما يضحك البشر اذا استدعى اذا استدعى الموقف ان يضحك عليه الصلاة والسلام كما سيأتيك في المواقف والقصص الشاهدة للمواضع التي ضحك فيها. نبينا عليه الصلاة والسلام. وتجد نفسك ايضا محتاجا لان تضحك انت ايضا. في الموقف الذي ثبت فيه ضحكه صلى الله عليه وسلم. فكان يضحك ولكن عامة ما كان يؤتاه من هذا الباب صلى الله عليه وسلم انما كان التبسم كما قالت عائشة وكما جاء ها هنا في جابر ابن سمرة يقول رضي الله عنه في الجملة الاخيرة فكنت اذا نظرت اليه قلت اكحل العينين وليس على يقول يتراءى لك اذا نظرت اليه انه قد اكتحل في عينيه وليس كذلك يعني لم يكن الذي يرى عليه من اثر الكحل انما هو لون من السواد كان في منبت شعر الجفن بمنبت شعر الرموش في اصل الجفن فكان يراه الناظر مكتحلا ولم يكن كذلك عليه الصلاة والسلام. وهذا سمت من سمات الجمال عند العرب. ان يقال للانسان اكحل العينين ولم يكن يكتحل يعني باداة يكتحل بها لكنها طبيعة وخلقة على الجمال فهذه ثلاث جمل اشتمل عليها حديث جابر ابن سمرة رضي الله عنه وارضاه الاحاديث الاتية تثبت لك هذا الباب العظيم ولكن قبل ان نشرع في سرد الروايات المتممة لما في هذا الباب ينبغي ان تجعل ذلك في الاطار الاتي ذكره التبسم حاجة بشرية بمعنى انك متى وجدت انسانا متجهما على الدوام عبوسا مقطب الجبين حتى لو كان الموقف يستدعي تبسما وضحكا لم يزل متماسكا فاعلم ان هذا خلاف الطبيعة البشرية واما ان يكون متكلفا لشيء خلاف ما فطر الله عليه البشر او ان به علة فان طبيعة الانسان السوي ان يضحك اذا استدعى الموقف الضحك كما يبكي اذا استدعى الموقف البكاء فمتى رأيت خلاف ذلك فهذا خلاف ما خلق الله تعالى عليه البشر. ومع ذلك فيبقى القدر الذي يتعاطاه الانسان من التبسم والضحك في حياته هو الذي يمكن لاحدنا ان يتصرف فيه ان يسيطر عليه فتجد انسانا موصوفا بكثرة الضحك والتبسم. واخر بالتقلل منه وثالث بالتوسط والاعتدال انت لا تملك ان تمنع نفسك من اصل الضحك لانها فطرة لكن تملك القدر الذي تعيش منه حياتك على هذا النحو من الانبساط والضحك والتبسم. فاعلم رعاك الله ان المأثور والثابت عنه صلى الله عليه وسلم هو التوسط في هذا الباب اجمع. التوسط بمعنى انه لم يكن يرى ضاحكا على الدوام صلى الله عليه وسلم كما لم يكن يرى متجهما ولا عبوسا بل ما رؤي قط عليه الصلاة والسلام مقطب الجبين على الرغم مما كان يحمل ام هم الوظيفة ام هم الاولاد هم السداد للدين الذي لا يزال يلاحقك اي هم لا زلت انت صاحبه ايا كان بالله عليك ما الذي يسواه هذا الهم الذي يحمله قلبي وقلبك وقلوبنا اجمعين ماذا يساوي هذا الهم بازاء هم هذا الدين بحجم الامة وتبليغ الرسالة التي نزل بها وحي من فوق سبع سماوات يأمره ربه فيقول قم فانذر ويقول يا ايها الرسول بلغ ما انزل اليك من ربك وان لم تفعل فما بلغت رسالته. ايه هم احدنا احيانا يبلغ به القلق والتوتر والانفعال اذا كلف بمهمة في العمل يؤديها وحدد له زمان للفراغ منه فتراه يقل نومه وتراه ايضا يضيق صدره وربما ضاقت مع ذلك اخلاقه بسبب ان ان هما يلاحقه يريد الانقضاء منه والفراغ فاي هم هذا بازاء هم المصطفى عليه الصلاة والسلام والله اظن ان احدنا لو اوتي عشر ذلك الهم الذي حمله صدر المصطفى عليه الصلاة والسلام اظنه لا يهنأ بنوم ولا يغمض له جفن ولا تنبس له شفة بتبسم ولا ضحك. ومع ذلك ما رؤي نبيك صلى الله عليه وسلم الا متبسما فعلى ماذا ستحمل هذا الصنيع العجيب منه عليه الصلاة والسلام؟ الا ترى انها سطوة عظيمة على النفس؟ كان عليه الصلاة والسلام يجعل الهم الذي يملأ حياته هم الدين هم الدعوة هم البلاغ يحمله عليه الصلاة والسلام ولا يجعل ذلك سببا ولا دافعا لان ينزوي عن امته ولا عن اهل بيته ولا عن صحابته بابي وامه عليه الصلاة والسلام. لكن انا وانت اذا لاحقنا هم اجارنا واجاركم الله. او اذا احاط بنا كرب تجد احدنا ينكمش ويضيق حتى عن نفسه فضلا عن اهل بيته ولا اصدقائه ولا قرابته ولا الناس ويجد انه من الضرورة ان يعذره الناس لانه مهموم وانه ينبغي ان يراعى هذا الحال منه. لكن نبينا عليه الصلاة والسلام كان يتعامل مع الامة على نحو عجيب يحمل ذلك الهم العظيم ومع ذلك كما سيأتيك الان في حديث عبد الله ابن الحارث ما رأيت احدا اكثر تبسما من رسول الله عليه الصلاة والسلام يقول ما رأيت احدا اكثر تبسما كم وجها رأى عبدالله بن الحارث كم انسانا ابصر كم شخصا عرف في حياته؟ لما يقول مع ذلك ما رأيت احدا اكثر تبسما من رسول الله صلى الله عليه وسلم. لتعلم حفظك الله ان ان هدي النبي عليه الصلاة والسلام في هذا الباب يأتي على اصل عظيم كبير كان يتعامل به حري بنا ان نتعلم ونحن نتدارس هذا الباب من الشمائل. هذا الاصل العظيم هو ان الابتسامة ان ابتسامة الانسان هي رسالة الود التي يبعثها لكل من يراها هي رسالة الملاطفة هي رسالة الحب التي يقرأها كل انسان في وجه ذلك المبتسم. وبالتالي فهي مفتاح القلوب ومن كان يحمل هما يريد به هداية البشر وسوقها الى النعيم وانفتاحها لاجل ان تقبل هدى الله فانه لا يستغني عن حمل هذا المفتاح مفتاح القلوب ابتسامتك التي لا تكلفك درهما ولا دينارا ابتسامتك التي تدخل الى قلوب الناظرين اليك من غير استئذان ابتسامتك التي تسبق كلمتك اذا اردت ان تتكلم. ابتسامتك التي تسبق صدقتك اذا اردت ان تتصدق ابتسامتك التي تسبق موعظتك اذا اردت ان تعظ فانت عندئذ قبل ان تقدم على كلمة او قول او فعل او موقف شفعت ذلك الموقف بابتسامة بين يديك يقبل منها الناظر على وجه منشرح فيجد قبولا وارتياحا لكل ما يمكن ان عنك وانت على حال الابتسامة والامر بخلاف ذلك سواء بسواء جرب رعاك الله ان تكون ودودا في كلماتك لطيفا في عباراتك وان تكون الين الناس حديثا. لكنك تحمل وجها مكفهرا وتحمل ايضا عبثا يقطب معه الجبين وشيئا مما ينفر منه الناظر اليك. ثم سق ما شئت ان تسوق من لطيف العبارات الصنيع يبقى اثر ذلك الوجه المكفهر على الناظر اليك اكثر من العطاء الذي فعلت او الكلام الذي قلت عندئذ نؤمن ايها الكرام ان الابتسامة كما قلت رسالة الود الصادقة شعار المحبة الدافئة ابتسامتك اعلان اللطف الذي يغزو القلوب كما قلت بلا استئذان. ولهذا كان عليه الصلاة والسلام يفعل ذلك ويعلمه هنا نحن ايها المتبعون لسنته والمقتدون بهديه عليه الصلاة والسلام لان يكون احدنا كذلك. بابتسامتك انت تختزل الكثير ضمن العبارات وتختصر ايضا الكثير من الخطوات بابتسامتك من غير اي اضافة اخرى وانت عندئذ تصل الى ما تريد الوصول اليه باقصر طريق واقل جهد وتكلفة وعناء هدي نبينا عليه الصلاة والسلام في هذا الباب وسطا. وسطا بين الكآبة وبين الهزل ما كان هزلا عليه الصلاة والسلام ولم يغلب على مجلسه ولا حديثه مع اصحابه ما كان يغلب عليه الضحك والخروج عن الجد حاشاه صلى الله الله عليه وسلم ولم يكن ايضا ولم يكن ايضا مجلسه رغم العظمة والجلال والوقار لم يكن ايضا مجلسا كئيبا ولم يكن ايضا مجلسا يجد الجالس فيه او الاتي اليه او الزائر لم يكن يجد وحشة ولا انقباضا لان بعض الهيبة المصطنعة المتكلفة يصحبها قدر كبير من الانقباض والوحشة والنفور لكن الهيبة الحقيقية ان يجد فيها صاحبها هيبة تفرض نفسها رغم البساطة رغم الانبساط والضحك والتودد لكن الهيبة لا تزال محيطة بصاحبها تماما كحال المصطفى عليه الصلاة والسلام. فهذا الباب سيمر بك جملة من الاحاديث ضعها في هذا الاطار الذي ثبت عنه صلى الله عليه وسلم مجمل ما اثر عنه في الضحك والتبسم. نعم عن عبدالله ابن الحاج ابن جزء قال ما رأيت احدا اكثر تبسما من رسول الله صلى الله عليه وسلم وفي طريق اخر عنه قال ما كان ضحك رسول الله صلى الله عليه وسلم الا تبسما نعم فهو يحمل هذا المعنى في الحديث الذي ذكرت على ما تقدمت الاشارة اليه لم يكن احد اكثر من رسول الله صلى الله عليه وسلم تبسما ثم اضاف فقال ما كان ضحك رسول الله صلى الله عليه وسلم الا تبسما. تحمل هذا رعاك الله على ما تقدمت الاشارة اليه مصطحبا عدم نفي الضحك اطلاقا. لكن المقصود ان عامة هديه عليه الصلاة والسلام في هذا الباب هو الاكتفاء بالتبسم واما الضحك فقد ورد عنه وثبت بطرق صحيحة سيأتي ذكرها. نعم عن ابي ذر قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم اني لاعلم اول رجل يدخل الجنة واخر رجل يخرج من النار يؤتى بالرجل يوم القيامة فيقال اعرضوا عليه صغار ذنوبه. اعرضوا اعرضوا عليه صغار ذنوبه ويخبأ عنه كبارها. كبارها ويخبأ عنه كبارها فيقال له عملت يوم كذا وكذا كذا وهو مقر لا ينكر وهو مشفق من كبارها فيقال اعطوه مكان كل سيئة عملها حسنة فيقول ان لي ذنوبا ما اراها هنا قال ابو ذر فلقد رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم ضحك حتى بدت نواجده. هذا موقف ثبت فيه ضحكه عليه الصلاة والسلام الضحك الذي يتجاوز التبسم لانه يقول حتى بدت نواجذه والنواجذ هي الاضراس في اخر الفم واضراس الانسان لا تظهر مع الضحك الا اذا انفتح فاه الى اقصى درجة وليس هذا المقصود يعني لم يكن صلى الله عليه وسلم يفتح فاه في الضحك الى درجة ان يرى الصحابة اضراسه في اخر الفم. لكن هذا غدا مثلا عند العرب فاذا ارادوا اثبات المبالغة في الضحك قالوا ضحك حتى بدت نواجذه. والمقصود انه عليه الصلاة والسلام ضحك ضحكا مليئا واما سبب الضحك في القصة التي سمعت قبل قليل. يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم فيما رواه ابو ذر رضي الله عنه ها هنا اني لاعلم اول رجل يدخل الجنة من اول رجل يدخل الجنة هو نبينا صلى الله عليه وسلم اذا هو اول من يستفتح الجنة واول من يدخلها بابي وامي هو عليه الصلاة والسلام لكنه اورد الرواية ها هنا ولم يقل اني لاول رجل يدخل الجنة وقد اعلمنا عليه الصلاة والسلام من روايات اخر انه كذلك لكنه اتى بها للمشاكلة مع الجملة الاتية قال اني لاعلم اول رجل يدخل الجنة واخر رجل يخرج من النار يعني انه ايضا يعلم عليه الصلاة والسلام اخر رجل يخرج من النار واخر رجل يخرج من النار هو اخر رجل يدخل الجنة ايضا فجمع عليه الصلاة والسلام في هذا الحديث بين اول داخل الى الجنة واخر داخل اليها فقال واخر رجل يخرج من النار يؤتى بالرجل يوم القيامة فيقال يقصد به هذا الرجل الاخير الاخير خروجا من النار والاخيرة دخولا الى الجنة فيقال اعرضوا عليه صغار ذنوبه يأمر الله جل جلاله ملائكته الكرام عليهم السلام ان يعرضوا عليه ذنوبه الصغار قال ويخبأ عنه كبارها فيقال له عملت يوم كذا كذا وكذا. هذا من باب تقرير العبد على ذنوبه كما ثبتت بذلك الروايات الصحيحة فيقال له عملت يوم كذا كذا وكذا. قال وهو مقر لا ينكر وهو مشفق من كبارها هذا الرجل ساعة ما عرضت عليه ذنوبه وبدأ بالذنوب الصغار وجعلت تعرض عليه ذنبا ذنبا وخطيئة خطيئة هو لا يزال يتتابع وذهنه يسبق يعرف ان طواما قد عملها في حياته سيأتي الدور عليها بعد قليل وانها اتية في الطريق فلما صارت تعرض عليه صغار الذنوب ذهنه منشغل بالكبار. فصار يقر ولا ينكر نعم نعم فعلت كذا وهو يقر وذهنه ممتلئ هلعا وخوفا وقلقا من الطوام التي ستفضح الان. والتي ستذكر بين يديه امام ربه جل وعلا قال فيقال اعرضوا عليه صغار ذنوبه. ويخبأ عنه كبارها. فيقال له عملت يوم كذا كذا وكذا. انتبه احدد الذنب ويحدد ايضا الزمان يوم كذا صنعت كذا هذا الموقف الذي تعرض فيه الكتب عندما يجد الانسان كل شيء عمله في كتابه لا يغادر صغيرة ولا كبيرة الا احصاها اما اننا والله جزء من ايماننا ايماننا باليوم الاخر وما يكون فيه. وهذا مما يكون في اليوم الاخر. ان تعرض الذنوب على العباد وان يحاسبوا عليها بكل ما صنعوا صغيرا كان او كبيرا يستمر الموقف قال وهو مقر لا ينكر وهو مشفق من كبارها لكنه يتفاجأ ان الموقف يتبدل فيقال اعطوه مكان كل سيئة حسنة فضلا من الله ونعمة من الله ورحمة من الله عز وجل بعباده. اما ان الله عز وجل قد اخرجه من النار. لم اخرجه ما اخرجه سبحانه الا ليدخله الجنة ولن ندخله ربك الجنة مصطحبا بذنوبه وسيئاته. سيدخل الجنة بحسنات ويكفر عنه سيئاته. ومصداق ذلك ايضا في كتاب الكريم في سورة الفرقان. لما ذكر الله عز وجل الكبائر والذنوب العظام. قال سبحانه وتعالى والذين اذا انفقوا لم يسرفوا ولم يقتروا وكان بين ذلك قواما. والذين لا يدعون مع الله الها اخر ولا يقتلون النفس التي حرم الله الا بالحق ولا يزنون ومن يفعل ذلك يلقى اثاما يضاعف له العذاب يوم القيامة ويخلد فيه مهانا الا من تاب وامن وعمل عملا صالحا فاولئك يبدل الله سيئاتهم حسنات فليست المسألة عفوا فقط ولا تجاوزا من ربك الكريم سبحانه وتعالى فقط. لكنها عفو ومغفرة وتبديل للسيئات بالحسنات قال فيقال اعطوه مكان كل سيئة حسنة فيقول ان لي ذنوبا لي لا اراها ها هنا لما لما رأى تبديل السيئات بالحسنات طمع العبد. فقال يا رب لكن انا اعرف ان عندي ذنوبا اخرى. لانه يريد تعويض حسنات لتزداد حسناته فانقلب حاله من خوف وقلق وهلع الى الي حرص وطمع الى ما جبل عليه ابن ادم ولا يزال كذلك حتى يلقى الله يوم القيامة. قال فضحك النبي صلى الله عليه وسلم حتى نواجزه. اخبر عن امر غيب عليه الصلاة والسلام. مما هو كائن حقيقة. والله نؤمن بغيب يخبر عنه صلى الله عليه وسلم كما نؤمن بشيء نراه بام اعيننا واقع امام ابصارنا ولا يحملنا على هذا الجزم واليقين الا ايماننا به عليه الصلاة والسلام انه نبي كريم صادق مصدوق صلى الله عليه وسلم فاذا اخبر عن شيء كائن فهو كائن لا محالة. واذا حدث عن امر غيب فهو واقع ايضا لا محالة. فاخبر بذلك عليه الصلاة والسلام قال ابو ذر فلقد رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم ضحك حتى بدت نواجذه. وقد تقدم معك ان بدو النواجذ ها هنا ليس محمولا على حقيقته والا انقلب الى ما انتفى وصفه من الضحك المبالغ فيه عنه صلى الله عليه واله وسلم هذا موقف ايها الكرام رأيت فيه ضحك النبي عليه الصلاة والسلام فدعني اسوق على مسمعك الان جملة اخرى من غير احاديث الباب مما خرجها ائمة الحديث في الصحيح والسنن ونحوها ثبت فيه عليه الصلاة والسلام ضحك كان ملاطفة كانت مواقف حياة يعتادها الناس في حياتهم ولنبينا عليه الصلاة والسلام نصيب منها اسردها الان لتعلم اخي الكريم ان نبيك عليه الصلاة والسلام وهو النبي المعصوم المبلغ بالرسالة الموحى اليه من فوق سبع سماوات كان يتعامل مع البشر في اكمل مراتب الاخلاق البشرية والخصال للانسانية كان يضحك مع نسائه مع اهل بيته كان يضحك مع الصحابة. كان يضحك مع الزائرين والوفود والاعراض. كان مع كل ذلك بعيدا تماما عن التكلف ان احدنا اذا تولى منصبا او رياسة او او مرتبة رفيعة احيانا ظن ظن ظن سوء انه من تمام الهيبة الا يتبسط ولا يضحك ولا يأنس الا بحضرة المقربين والخواص وان ما عدا ذلك هو اسقاط للهيئة. هو ان ما تجاوز ذلك هو نوع من رفع حجاب الوقار والاحترام. ابدا. انما كان هدي النبي عليه الصلاة والسلام التبسط وعدم التكلف. اذا كان الداعي الى الضحك موجودا ضحك وليس بشرط ان يكون بحضرة المقربين او الخواص او من كان انا من اهل البيت في ذكر تلك المواقف جملة اختصر منها بعضها حتى لا ينصرف الموقف او المجلس عن احاديث الباب اخرجه ابو داوود بسند صحيح عن عائشة رضي الله عنها قالت قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم من غزوة تبوك او خيبر وفي سهوتها ستر السهو الرف الذي يكون في الجدار قال وفي سهوتها يعني في حجرة عائشة رف عليه ستار فهبت ريح فكشفت ناحية الستر عن بنات لعائشة لعب اتخذت لعبا على هيئة بنات كانت تلعب بها ما ظنك بعائشة رضي الله عنها؟ ام المؤمنين وزوجة رسول الله عليه الصلاة والسلام؟ لكنها كانت جارية كانت فتاة ما مات عليه الصلاة والسلام وليس لها من العمر اكثر من ثماني عشرة سنة فاذا قلت انك تتحدث عن غزوة تبوك او غزوة خيبر فانت تتحدث عن السنة السادسة مثلا او السابعة في خيبر او الثامنة فما كان عمر عائشة رضي الله عنها انذاك يتجاوز الرابعة عشر او الخامسة عشرة فكانت اتخذت بناتا لها لعبا فلما هبت الريح كشفت الستر بانت وانكشفت تلك الدمى واللعب التي اتخذتها عائشة رضي الله عنها. فقال لها النبي عليه الصلاة والسلام ما هذا يا عائشة فقالت رضي الله عنها بناتي قال ورأى بينهن فرسا له جناحان من رقاع رأى بين اللعب والدمى ايضا دمية على هيئة فرس له جناحان من رقاع فقال ما هذا الذي ارى وسطهن قالت فرس فقال عليه الصلاة والسلام وما هذا الذي عليه؟ قالت جناحان فقال صلى الله عليه وسلم فرس له جناحان قالت اما سمعت ان لسليمان خيرا لها اجنحة قال فضحك النبي صلى الله عليه وسلم حتى رأيت نواجذه ضحك تعجبا من فطنة عائشة رضي الله عنها. وسرعة بديهتها واستحضارها للجواب. وانها ما عجزت رضي الله عنها ان تجد جوابا. نعم ليس فرسا له خير لكن تذكر ان سليمان عليه السلام اوتي من المعجزات واوتي من تسخير خلق الله عز وجل ما لم يكن لمثله لما قال رب اغفر لي وهب لي ملكا لا ينبغي لاحد من بعدي. قال الله تعالى فسخرنا له الريح تجري بامره رخاء حيث اصاب. والشياطين كل بناء وغواص واخرين مقرنين في الاصفاد. فكان مسخرا له من خلق الله. قالت اما سمعت ان لسليمان خيلا له اجنحة؟ اذا فهذا منه يعني لماذا تبعد هذا وتراه غير وارد. هذا موقف في بيت النبوة. وداخل الحجرة النبوية مع زوجه رضي الله عنها وارضاها. خذ موقفا اخر ايضا داخل الحجرات النبوية بين زوجاته عليه الصلاة والسلام على وجه التحديد. اخرج الامام النسائي في السنن الكبرى بسند حسن عن عائشة رضي الله الله عنها قالت زارتنا سودة يوما وسودة اولى زوجات رسول الله عليه الصلاة والسلام بعد خديجة فانه عليه الصلاة والسلام ما تزوج على امنا خديجة بنت خويلد رضي الله عنها ما تزوج عنها امرأة اخرى حتى ماتت فلما ماتت في مكة قبل الهجرة كانت سودة رضي الله عنها اول امرأة تزوجها بعد سوداء عفوا بعد خديجة ثم هاجر واتصلت بذلك في حياته عليه الصلاة والسلام باقي امهات المؤمنين. تقول عائشة رضي الله عنها زارتنا سودة يوما فجلس رسول الله صلى الله عليه وسلم بيني وبينها احدى رجليه في حجري والاخرى في حجرها يجلس بين زوجتيه فوضع احدى رجليه على الاولى عن يمينه ووضع رجله الاخرى على الثانية عن شماله قالت عائشة فعملت لها حريرة او قال خزيرة نوع من طعام فقلت كلي عائشة قل لي سوداء فقلت كلي فابت فقلت لتأكلي او لالطخن وجهك فابت يعني استمرت سودة رضي الله عنها على الرفض والامتناع من الاكل قالت عائشة فاخذت من القصعة شيئا فلطخت به وجهها قالت فرفع رسول الله صلى الله عليه وسلم رجله من حجرها تستقيض مني. يعني ظل واضعا رجله على عائشة خارج له عن سودة يعني قومي خذي حقك وثأري وافعلي بها كما فعلت بك هذا التودد هذا التبسط في جوف بيت النبوة يا اخوة. والله يكشف معلما عظيما من معالم الحياة المحمدية. كان عليه الصلاة والسلام انسانا كان عظيما من العظماء نعم. كان نبيا بلغ سدرة المنتهى نعم. لكن ما كان ذلك يعني اطلاقا ترفعا على الخلق. ولا تمنعا ولا تصنعا في الهيبة الزائفة ولا الوقار المتكلف فرفع رجليه تقول فرفع رجله من حجرها تستقيض مني فاخذت من القصعة شيئا فلطخت به وجهي ورسول الله صلى الله عليه وسلم يضحك يضحك من موقف دعابة وانبساط ومزاح حصل بين زوجاته بحضرته عليه الصلاة والسلام قالت فاذا عمر يقول يا عبد الله ابن عمر يا عبد الله ابن عمر سمعت صوت عمر من خارج الحجرة وهو ينادي ابنه عبد الله فقال لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم قوما فاغسلا وجوهكما فلا احسب عمر الا داخلا. وهذا كان قبل ان يفرض الحجاب. فكان لعمر هيبته وكان لحظوره رضي الله عنه وارضاه الموقف الذي كان النبي عليه الصلاة والسلام يعطيه حظه ايضا من الاجلال والاحترام. هذا موقف ضحك فيه نبيك عليه الصلاة والسلام في بيته في حجرات زوجاته رضي الله عنهن اجمعين اخرج البخاري ايضا في موقف في خارج البيوت النبوية وبعيدا عن ازواجه عليه الصلاة والسلام. اخرج البخاري عن ابي هريرة رضي الله عنه قال كان النبي صلى الله عليه وسلم يحدث يوما وعنده رجل من اهل البادية اعرابي بدوي فكان يحدث عليه الصلاة والسلام ان رجلا من اهل الجنة استأذن ربه في الزرع فقال له ربه الست فيما شئت يا عبدي قال بلى ولكني احب ان ازرع يحكي عليه الصلاة والسلام عن موقف في الجنة رجل في الجنة يتمنى زرعا ان يحرث ويزرع قال له ربه الست فيما شئت؟ يعني الا يكفيك النعيم الذي انت فيه؟ وكل ما تشتهيه ياتيك؟ قال بلى ولكني احب ان ازرع. قال ترى فبادر الطرف نباته واستواؤه واستحصاده وهذا من نعيم الجنة يعني ماء بدر الرجل من اهل الجنة ما ان بذر البذر حتى بادر الطرف يعني عاد الى بصره على الفور نباته واستوائه واستحصاده. فنبت البذر واكتمل واتى الثمرة وحصل الحصاد. هذا من نعيم الجنة من غير كيماويات ولا مسرعات ولا سماد مصطنع قال فبادر الطرف نباته واستواؤه واستحصاده فكان امثال الجبال. فيقول الله عز وجل دونك يا ابن ادم فانه لا يشبعك شيء يعني مهما اوتيت من النعيم تظل تطلب قال دونك يا ابن ادم فانه لا يشبعك شيء. فقال الاعرابي الاعرابي الان جالس وسمع الوصف والقصة فقال والله يا رسول الله لا تجده الا قرشيا او انصاريا هذا الرجل فانهم اصحاب زرع واما نحن فلسنا باصحاب زرع. اهل بادية ولا يعتنون بالزرع. فبادر الاعرابي على البدية قال يا رسول الله والله هذا رجل من اهل الجنة اما قرشي واما انصاري لانهم هم اهل الزراعة وهذا غالبا سيكون منهم يوم القيامة. قال ابو هريرة فضحك النبي صلى الله عليه وسلم. الموقف الاخير ايضا في هذا السياق ايضا حصل خارج البيوتات النبوية اخرج البخاري عن انس رضي الله عنه قال كنت امشي مع رسول الله صلى الله عليه وسلم وعليه برد نجراني غليظ الحاشية برد نجراني نسبة الى نجران البلدة المعروفة اليوم باسمها غليظ الحاشية يعني حاشية البرد من داخله غليظ يعني خشن قال فادركه اعرابي فجبده بردائه جبذة شديدة حتى نظرت الى صفحة عاتق رسول الله صلى الله عليه وسلم قد اثرت بها حاشية البردة من شدة جبذته. يعني من شدة السحب وقوته اثر رداء الحاشية على صفحة عاتقه عليه الصلاة والسلام فاثر ربما جرح الجلد او ربما اصابه احمرار فحتى بدا ذلك الاثر ثم قال يا محمد مر لي من المال الذي عندك مر لي من مال الله الذي عندك فالتفت اليه رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم ضحك ثم امر له بعطاء اما العجيب فالضحك واما الامر بالعطاء بعد هذا الموقف فاشد عجبا من الضحك لان الموقف موقف استفزاز ويستدعي في اقل الاحوال يعني الحليم فينا في مثل هذا الموقف اذا امسك نفسه وبالكاد ان يوقف نفسه عن الشتم او الضرب او مقابلة هذا بنوع توبيخ او عتاب. ومع ذلك فان النبي عليه الصلاة والسلام تجاوز ذلك الحلم الى ما هو اعلى درجة التفت يضحك عليه الصلاة والسلام اما انه يعلم انه اعرابي ويعلم انه ما دفعه الى هذا الموقف الا طبيعة جبل عليها الاعراب. من الجفوة والغلظة وخشونة الطباع. ولا ولا لا تعني بالضرورة سوء الخلق ولا اتهاما للنبي عليه الصلاة والسلام. امر اخر علم صلى الله عليه وسلم ان موقفا كهذا مهما عملت من الادوية فوالله ان اعظم دواء هو ان تلطف ذلك الموقف بغطاء من الحب وكان الضحك ها هنا هو الشعار الذي والرسالة التي ارسلها النبي عليه الصلاة والسلام احتوى بها موقف هذا الاعرابي فاعطاه وامر له في رواية اخرى ان موقف الاعرابي هذا انقلب رأسا على عقب واحتواه النبي عليه الصلاة والسلام بمثل هذا الموقف فيعجب من ضحكه؟ ام من احتوائه؟ ام من طيب خاطره؟ ام من سعة صدره عليه الصلاة والسلام؟ ام من كرمه في العطاء قلت لكم مرارا والله ان الصحابة رضي الله عنهم على اختلاف قربهم او بعدهم من رسول الله عليه الصلاة والسلام. عاشوا حياة اسر فيها النبي عليه الصلاة والسلام قلوبهم حبا واسرها ايضا بهذا الصنيع الذي عجزوا عن التعبير عنه الا من خلال المواقف التي يحكون فنقرأها اليوم ونرى فيها شيئا عجيبا. هذا موقف ضحك فيه النبي عليه الصلاة والسلام لكن الموقف الاخير هذا ما كان موقفا مضحكا حتى يضحك وتعمدت ايراده لتعلم ان ضحك النبي عليه الصلاة والسلام لم يكن بداعي بداعي الضحك لاجل بعث النفس عن الضحك لا لكن للضحك استعمالات اخرى عندما تكون دواء لبعض المواقف لا يعالجها ولا يداويها الا الضحك الا التبسم الا اللطف الا الاحتواء. ما احوجنا ان يكون هذا دواء نستعمله في بعض الخلافات الزوجية ما احوجنا ان نستعمل هذا الموقف بالضحك والاحتواء واللطف والعاطفة التي نضفي بها قلوب من حولنا في تربيتنا لاولادنا اذا شد احدنا اذا خالف اذا شطب به الشيطان في بعض المسالك ليس بالضرورة ان يكون الحزم على الدوام ولا العقاب ولا الغضب ولا الهجر هو الدواء النافع حتى في مواقفي التي تحتاج الى حزم وتحتاج الى تؤدى. كان النبي عليه الصلاة والسلام طبيب القلوب يعلم ما الذي يداويها وما الذي ينفعها؟ فضحك ولم يكن الموقف يستدعي ضحكا لكنه ضحك عليه الصلاة والسلام لامر عظيم قد عرفته قبل قليل. نعم عن علي ابن ربيعة قال شهدت عليا اوتي بدابة ليركبها. فلما وضع رجله في الركاب قال في الركاب. فلما وضع رجلهم في الركاب قال بسم الله فلما استوى على ظهرها قال الحمد لله ثم قال سبحان الذي سخر لنا هذا وما كنا له مقرنين ثم قال الحمد لله ثلاثا وكبر والله اكبر ثلاثا والله اكبر ثلاثا سبحانك اني ظلمت نفسي فاغفر لي فانه لا يغفر الذنوب الا انت ثم ضحك فقلت له من اي شيء ضحكت؟ قلت يا امير المؤمنين قال رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم صنع كما صنعت. ثم ضحك فقلت من اي شيء ضحكت يا رسول الله قال ان ربك ليعجب من عبده اذا قال ربي اغفر لي ذنوبي انه لا يغفر الذنوب غيرك حديث علي ابن ربيعة في قصة علي رضي الله عنه الوالدة قبل قليل. الحديث صحيح وفيه ان علي رضي الله عنه اوتي بدابة ليركبها فلما وضع رجله في الركاب والركاب هو موضع وضع القدم على سرج الدابة بل يصعد فوق ظهرها ثم وضع رجله في الرقاب في الركاب فقال بسم الله فلما استوى على ظهرها قال دعاء الركوب الحمد لله ثم قال سبحان الذي سخر لنا هذا وما كنا له مقرنين وانا الى ربنا لمنقلبون. ثم قال الحمدلله ثلاثا والله اكبر ثلاثا. سبحانك اني ظلمت نفسي فاغفر لي فانه لا يغفر الذنوب ذنوبا الا انت ثم ضحك علي رضي الله عنه والموقف يستدعي التعجب ضحك من شيء لا يظهر فيه داع للضحك فلهذا سأل علي بن ربيعة علي بن ابي طالب لما رآه ضحك فقال من اي شيء ضحكت يا امير المؤمنين فقال علي رضي الله عنه رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم صنع كما صنعت ثم ضحك فقلت من اي شيء ضحكت يا رسول الله؟ وذكر له الجواب لكن قبل الجواب تأمل الى صنيع علي رضي الله عنه في موقف تكرر معنا كثيرا جدا في هذا الكتاب عندما يوطن الصحابة رضي الله عنهم انفسهم وحياتهم ومواقفهم على مبدأ عظيم يتعلم به كل من ينقل عنهم. لا اقول من جيل التابعين من منصحبهم وافاد منهم بل حتى نحن اليوم فيما نقرأ في مثل هذه الروايات يصنع علي رضي الله عنه شيئا ويتصرف تصرفا ويحتاج الى سؤال لما فعلت فليس يملك جوابا الا ان يقول رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم صنع كما صنعت ولا هزال القي هذا السؤال مرارا وتكرارا كم موقفا في حياتك تحتفظ به لنفسك تظن انك صنعت شيئا ما صنعته الا رغبة في تشبهك برسول الله عليه الصلاة والسلام كم مرة حرصت على ذلك في كل شأن من شئون الحياة في ابواب العبادات في ابواب المعاملات في التعامل مع الزوجات في تربية الاولاد في الاسواق في البيع في الشراء في الخصومة في التقاظي في كل باب من ابواب الحياة بلا استثناء هل تحتفظ جيدا بمواقف صنعتها؟ لم يكن لك فيها غرض ولا صنعت شيئا لانه يوافق هواك ولا لانه من طبعك ولا لانك تحب ان تفعله. لا. اريد شيئا فعلته ما كان يحملك على ان تفعله الا كما قال هؤلاء الكرام رضي الله عنهم صنعته لاني رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم صنع ذلك يقول علي رضي الله عنه ضحك وكان موقفا يستدعي السؤال فلما سئل قال رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم صنع كما صنعت ثم ضحك. يعني علي رضي الله عنه في هذا الموقف والله منذ ان ركب الدابة وقدمت له ووضع رجله وقال الدعاء واستوى على ظهرها في كل ذلك كان متهيأ ان يكون له موقف يتشبه فيه برسول الله عليه الصلاة والسلام. فكان الموقف هذا حاضرا في رأسه وكان ذلك ايضا مليئا به قلبه كان يريد ان يكون له موقف يفعل فيه تماما كما فعل عليه الصلاة والسلام. فلما سئل قال انا ايضا وان صنعت ذلك وقد رأيت النبي عليه الصلاة والسلام صنع ذلك ثم ضحك فقلت من اي شيء ضحكت يا رسول الله؟ فقال ان ربك ليعجب من عبده اذا قال رب اغفر لي ذنوبي يعلم انه لا يغفر الذنوب احد غيره وتعالى اذا هذا ضحك منه عليه الصلاة والسلام ضحك تعجب للاقرار. وهذا لون من الوان تبسمه وضحكه. صلى الله عليه وسلم يضحك في موقف يريد ان يقر به في الموقف على القول او الفعل الذي قاله او حكاه او فعل بحضرته بابي وامي هو عليه الصلاة والسلام يحصل موقف بين يديه فيضحك عليه الصلاة والسلام فيكون ضحكه دلالة على الاقرار كما مر في المواقف المتعددة التي ضحك منها صلى الله عليه وسلم ويضحك ايضا فيما يرويه في بعض المواقف ليكون هذا علامة ايضا على الاقرار لما جاء اليهودي فقال يا محمد انا نجد في التوراة ان الله يجعل السماوات على اصبع والاراضين على اصبع والماء على اصبع والجبال والثرى على اصبع وسائر الخلق على اصبع قال فضحك النبي صلى الله عليه وسلم حتى بدت نواجذه اقرارا لقول الحبرين. ثم قرأ قوله تعالى وما قدروا الله حق قدره والارض جميعا قبضته يوم القيامة والسماوات مطويات بيمينه سبحانه وتعالى عما يشركون. فضحكوا ها هنا عليه الصلاة والسلام ضحك تعجب واقرار مما حكاه صلى الله عليه وسلم عن صفة من صفات الله ان ربك ليعجب من عبده اذا قال ربي اغفر لي ذنوبي يعلم انه لا يغفر الذنوب احد غيره اما الموقف الذي اقره عليه الصلاة والسلام في هذه الحكاية فهي وقفة تحتاج منا الى تأمل لنملأ بها القلوب يقينا ضحك عليه الصلاة والسلام اقرارا لهذا الموقف والسؤال. ما حظنا من هذا الموقف الذي اعجبه عليه الصلاة والسلام حتى ظحك اعجبه اقرارا وتعجبا من حاله ورفعة لسانه. ما هو الموقف؟ الموقف هو يقين يقوم بقلب العبد ان ربه غفور رحيم وانه مهما دان اذنب ومهما اخطأ ومهما عصى ومهما اعتدى ومهما اقترف فان ربه حليم كريم رؤوف رحيم غفور ودود هذا اليقين وحده عبد الله هو عمل صالح تتقرب به الى الله بمجرد ان تحمل في قلبك هذا اليقين. فان اضفت الى ذلك استغفارا وتوبة وانابة فهذا عمل صالح فوق العمل القلبي الذي قام بقلبك اذا يقينك بان الله غفار ان الله تواب. ان الله عز وجل لا يبالي مهما بلغت ذنوب العباد ان يغفرها وان يتوب عليهم. امتلاء القلب بهذه طفحت به النصوص وتواتر كثيرا في نصوص الكتاب والسنة افادة هذه القضية اليقينية. فجاءت في احاديث كثيرة منها حديث ان العبد اذا اذنب ذنبا نكت في قلبه نكتة سوداء فاذا تاب واستغفر واقلع محيت عنه فاذا اذنب ذنبا اخر نكت في قلبه نكتة سوداء فاذا تاب واستغفر واعاد واناب محيت عنه وصقل قلبه ولا يزال كذلك في المرة الثالثة يقول ربك عز وجل علم عبدي ان له ربا يغفر الذنب ويعفو عنه قد غفرت لعبدي فليعمل عبدي ما شاء. هذا اليقين هو الذي يملأ قلب العبد رعاك الله. في الحديث القدسي يا ابن ادم لو بلغت ذنوبك عنان السماء ثم استغفرتني غفرت لك على ما كان منك ولا ابالي يا ابن ادم لو اتيتني بقراب الارض خطايا يعني بملئها ثم لقيتني لا تشرك بي شيئا لاتيتك بقرابها مغفرة امتلاء القلب بهذا اليقين نحن بحاجة اليه ليس الشأن عبد الله صلاحك وتقواك او فسقك وعصيانك او بعدك وقربك من الله. هذه قضية يتسابق فيها العباد نعم. ويجتهدون في الفوز بالمراتب العلى عند اكرم الاكرمين لكن القدر الذي ينبغي ان يستوي فيه الطائع والعاصي والبر والفاجر والتقي والفاسق ينبغي ان يستوي في بهم جميعا هذه القضية اليقينية ان الله عز وجل رحيم غفور. كل ذلك من اجل الا يحبطك الشيطان ولا يقعد بك في خندق اليأس والعجز والقنوط. حتى لا يأتيك الشيطان يوما فيقول اذهب اكبر اكبر اشهد ان لا اله الا الله اشهد ان محمدا رسول الله الصلاة الله اكبر الله اكبر لا اله الا الله نعم تجاوزنا سهوا حديث جرير والذي بعده نعود الى حديث جرير ونقف عنده لنكمل الاسبوع المقبل ان شاء الله تعالى نعم عن جرير بن عبدالله رضي الله عنه قال ما حجبني رسول الله صلى الله عليه وسلم منذ اسلمت. ولا رآني الا ضحك في رواية وفي رواية ما حجبني رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا رآني منذ اسلمت الا تبسم. نعم هذان حديثان بطريقين مختلفين عن جرير بن عبدالله رضي الله عنه وفيها شاهد لما نحن فيه من باب ما جاء في ضحك رسول الله عليه الصلاة والسلام جرير ها هنا رضي الله عنه يصف موقفا يختص به. يقول ما رآني يقول ما حجبني رسول الله صلى الله عليه وسلم انما منذ اسلمت ما حجبني يعني ما منعني من الدخول عليه لان الحجاب منع الانسان من الدخول على اخر والحاجب هو العامل الذي يقف على الباب يمنع الداخلين من الدخول. يقول ما حجبني رسول الله صلى الله عليه وسلم منذ اسلمت قال ولا رآني الا ضحك فاثبت رضي الله عنه وارضاه هذا الموقف من رسول الله عليه الصلاة والسلام. قال وما رآني الا ضحك فسر في الرواية الاخرى فقال ولا رآني الا تبسما تفسر الضحك بالتبسم منه عليه الصلاة والسلام بمجلس الاسبوع المنصرم تقدم الحديث عن جرير رضي الله عنه وارضاه وما له من الحظوة والمكانة عند رسول الله صلى الله عليه واله وسلم جرير تأخر اسلامه قليلا رضي الله عنه كان سيدا مطاعا وصفه الامام الذهبي رحمة الله عليه فقال الامير النبيل جميل كان بديع الحسن كامل الجمال وكان امير المؤمنين عمر رضي الله عنه وارضاه يسميه يوسف هذه الامة من شدة ما وصف من جماله رضي الله عنه وارضاه وكان يعجب النبي عليه الصلاة والسلام من جرير كمال عقله وحسن جماله. فجمع الله له بين كمال العقل ووفوره فكان سيدا مطاعا كان اميرا وكان راجح العقل مع ما اوتي من الجمال وحسن المظهر والهيئة. تقدم ايضا في الاسبوع المنصرم حديث الامام احمد في مسنده لما قال جرير رضي الله عنه لما دنوت من المدينة انخت راحلتي وحللت عيبتي ولبست حلتي. ثم دخلت المسجد فاذا برسول الله صلى الله عليه وسلم يخطب فرماني الناس بالحدق فقلت لجليسي يا عبد الله هل ذكر رسول الله صلى الله عليه وسلم من امري شيئا عجب وخاف ان يكون نظر الناس اليه لامر يسوءه؟ قال نعم ذكرك باحسن الذكر بينما هو يخطب اذ عرض له في خطبته فقال انه سيدخل عليكم من هذا الفج من خير ذي يمن. الا وان على وجهه مسحة ملك. قال فحمدت الله. فجرير رضي الله عنه موصوف بهذا الامر العظيم وفي هذا الباب يصف حسن تعامل رسول الله عليه الصلاة والسلام معه. ويصف هذا ويختصره في التبسم. يقول ولا رآني الا تبسم ما كان يهديه ولا يضيفه ولا يعطيه فكانت الابتسامة كما قلت هي اختصار عنوان المودة الكبير ويبقى الحديث الاخر في الاتي بعد حديث جرير مع اخر احاديث الباب نرجئه لمجلس الاسبوع المقبل ان شاء الله تعالى هذا احد الاخوة يقول هل يجوز قراءة دعاء ركوب الدابة عند صعود المصعد او ركوب السلم المتحرك كل ذلك واسع وقد ذكره ايضا بعض الفقهاء المعاصرين ويقول اشكل حديث ان اول من يخرج من النار تعرض عليه السيئات هل يكون هذا قبل