الحمد لله حمدا كثيرا طيبا مباركا فيه احمده حق حمده لا احصي ثناء عليه وكما اثنى على نفسه له الحمد كله اوله واخره ظاهره وباطنه واشهد ان لا اله الا الله وحده لا شريك له اله الاولين والاخرين لا اله الا هو الرحمن الرحيم واشهد ان محمدا عبد الله ورسوله صفيه وخليله قيرته من خلقه بعثه الله بالهدى ودين الحق بين يدي الساعة بشيرا ونذير وداعيا اليه باذنه وسراجا منيرا بلغ الرسالة وادى الامانة ونصح الامة وجاهد في الله حق الجهاد بالعلم والبيان والسيف والسنان حتى اتاه اليقين وهو على ذلك فصلى الله عليه وعلى اله وصحبه ومن اتبع سنته واقتفى اثره باحسان الى يوم الدين اما بعد في هذا المجلس نستعرض مهمات ما ذكره شيخ الاسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى في هذه الوصية الموسومة بالوصية الصغرى والوصية الصغرى عنوان لجواب سؤال سئله شيخ الاسلام ابن تيمية رحمه الله بجملة من المسائل طلب فيها السائل الوصية بمهمات يصلح بها حال حاله وحال من من قرأ واطلع على هذه الوصية وسنأتي على مضمون هذا السؤال عند قراءته ان شاء الله تعالى وهذه الوصية تكتسب اهمية من موضوعها فان موضوعها يهم كل مؤمن ومؤمنة فليست وصية خاصة او وصية تتعلق بباب من ابواب العلم بل هي وصية تمثل ما ينتفع به المؤمن ليحقق ما اوصى الله تعالى به الاولين والاخرين في قوله جل وعلا ولقد وصينا الذين اوتوا الكتاب من قبلكم واياكم ان اتقوا الله فهي تفصيل وبيان وايظاح لهذه الوصية العامة التي اوصى الله تعالى بها الاولين والاخرين كما انها تكتسب اهميتها من انها وصية عالم ملم بعلوم الشريعة فتح الله تعالى له في علم الكتاب والسنة ما بز به العلماء من عصره وغيره وقد انزل الله تعالى على هذا العالم من الفقه والاستنباط وجميل النظر وحسن التأمل والفكر والتدبر في نصوص الكتاب والسنة ما فتح الله تعالى به عليه فتحا مبينا. حتى عد علمه رحمه الله من الكرامات فانه من العلوم التي يندر ان تجمع لاحد فعنده من العلم والبصر والفكر والنظر والعلم بالاثر ما لا يحيط به كثير من اهل العلم فكان علمه من الكرامات التي اكرمه الله تعالى بها واكرم الامة بها اذ ان ذاك العلم انعكس اثره فيما سطره وبينه حوته مؤلفاته من العلم الذي لا زال الناس ينتفعون به الى يومنا هذا ثالث ما تميزت به هذه الرسالة وميز هذه هذه الوصية انها في زمان من ازمنة الفترات التي يكثر فيها الجهل ويقل فيها العلم وهذا يجعل هذه الوصية صالحة لكل من طالعها اذ انها تعالج حال الناس في ازمنة الفترات وهي من اضعف ما يكون من المراحل التي تستوجب عناية حفظا وصيانة من المؤمن لنفسه لينجو من المهالك ويسلم من المعاطف ويبلغ المقصود من النجاة وثمة اوجه اخرى سيتبين بها ما اهل هذه الوصية ان تبلغ هذا المبلغ من الاهمية وسميت الوصية الصغرى لان ثمة وصية اخرى للشيخ نفسه رحمه الله سميت الوصية الكبرى وهي رسالة الى بعض اتباع بعض المشايخ في تحقيق الالتئام والاجتماع وصلاح الحال والاعتصام بالكتاب والسنة فجرى التمييز بين الوصيتين واسم هذه الوصية بالوصية الصغرى وتلك بالوصية الكبرى نستعين الله عز وجل في قراءتها سنقف على مهماتها ومقاصدها في هذا المجلس ان شاء الله تعالى فنسأله ان يبارك في الوقت وان يرزقنا السداد في القول والصواب في الفهم وان يفتح لنا في فهم كتابه وسنة رسوله وان يجعلنا من حزبه واوليائه سم بالله يا اخي. بسم الله الرحمن الرحيم. الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله. وعلى آله وصحبه ومن والاه وبعد. اللهم اغفر لنا ولشيخنا ولوالدينا ومشايخه وبجميع المسلمين امين. بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله على كل حال. هذا سؤال ابو القاسم القاسم ان محمد ابن علي السبتين عفا الله عنه قال يتفضل سيدنا الشيخ الفقيه ابن امام الامام رسالة وقدوة القلم المبدع المؤلم المعلن المفصح اعلم ما اليقين في بلاد المشرق والمغرب. ابو العباس ابن تيمية القى الله تعالى علينا بركته. ويرشدني الى كتابه لم يصوم عليه الامام في علم الحديث. وكذلك في غيره من العلوم الشرعية. وينبهني على افضل الاعمال الصالحة بعد الواجبات ويبين لي ارجح المكاسب كل ذلك على قصر الايمان والاختصار. والله تعالى يحفظه والسلام الكريم عليه ورحمة الله وبركاته طيب هذا بيان لما سأل عنه السائل وقد فتح افتتحه بيان السائل من هو ومنفعة ذكر السائل تأتي من معرفة منزلته فان حسن السؤال مما يدرك به العلم قيل لعبدالله بن قيل لعبدالله بن عباس بما ادركت ادركت العلم؟ قال بلسان سؤول وقلب عقول ولذلك كان حسن السؤال من اعظم المنن على العبد التي يدرك بها علما غزيرا وخيرا كثيرا فلذلك اذا وفق العبد الى سؤال طيب جيد كان ذلك مفتاحا للعلم ولهذا كان الصحابة رضي الله تعالى عنهم يفرحون بالاعراب جيد العقل اذا جاء اليهم ليسأل النبي صلى الله عليه وعلى اله وسلم فيفرحون بسؤاله ويسرون به لانه يكون من مفاتيح العلم التي تدرك بها عارف فان من طرق تحصيل العلم السؤال قال الله جل وعلا فاسألوا اهل الذكر ان كنتم لا تعلمون هذا السائل جمع من ادب السؤال ما يدرك به مأموله. فان ادب السؤال سبب لادراك العلم وهو من حسن السؤال لانه لان حسن السؤال يتعلق بصيغته وبمضمونه الادب في حقس المسؤول فان كل هذه مما يكمن بها حال السائل قال رحمه الله في بيان السائل قال آآ سؤال ابي القاسم المغربي هكذا في النسخة التي بين يدي يتفظل الشيخ الامام بقية السلف وقدوة الخلف اعلم من لقيت ببلاد المشرق والمغرب والمشرق والمغرب يشمل الاقطار كلها نواحي الارض مشارق ومغارب فيذكر رحمه الله في وصف منزلة المسؤول بانه اعلم من لقي في المشرق والمغرب تقي الدين ابو العباس احمد ابن تيمية بان يوصي بان يوصيني هذا موضوع السؤال وهو طلب الوصية والوصية تطلق في كلام العرب على العهد وعلى الامر وتطلق على التذكير وتطلق على الاستعطاف فهي لفظ مشترك بين التذكير والاستعطاف وبين الامر والطلب فقوله رحمه الله بان يوصيني ان يذكرني ويأمرني ويعهد الي كلها مندرجة في قوله بان يوصيني بما يكون فيه صلاح ديني ودنياي صلاح ديني ودنياي وقدم صلاح الدين على الدنيا لان صلاح الدين طريق صلاح الدنيا ولم ولم يقتصر على صلاح احدهما لانه لا يمكن ان يتحقق صلاح دين الا بصلاح دنيا ولا صلاح دنيا الا بصلاح دين فلذلك جمع بينهما فالشريعة جاءت باصلاح الدين وباصلاح الدنيا ولا يستقيم دين احد الا بصلاح هذين قال ويرشدني ويرشدني الى كتاب يكون عليه اعتمادي في علم الحديث اذا هذا ثاني ما طلب في سؤاله الاول وصية جامعة لصلاح الدين والدنيا والثاني الدلالة على كتاب يكون عليه اعتماده في علم الحديث الثالث قال وكذلك في غيره من العلوم الشرعية الثالث وينبهني الى افضل الاعمال الصالحة بعد الواجبات هذا ثالث ما تضمنه السؤال وهو طلب بيان افضل او طلبوا التنبيه الى افضل الاعمال بعد الواجبات. الرابع مما سأله قال يبين لي ارجح المكاسب اي التي يقوم بها معاشه ويصلح بها وتصلح بها دنياه ويصلح بها دينه هذه اربعة مسائل جاءت في هذا السؤال وبعد ان ذكر ما يسأل عنه عاد الى بيان وصف الجواب فقال كل ذلك اي كل ذلك المتقدم من الوصية والارشاد والتنبيه والبيان على قصد الايماء والاختصار اي دون اسهاب وتطويل ودون آآ استفاضة في البيان فالمطلوب هو الايماء والايماء هو الاشارة والاختصار وضده البسط فالاختصار هو اللفظ الوجيز كثير المعاني فالمختصر هو لفظ وجيز كثير المعنى. قليل اللفظ قليل قليل اللفظ كثير المعنى فالاختصار يدور على امرين قلة في الالفاظ وكثرة في المعاني قال والله تعالى يحفظه عاد بالدعاء ليه المسؤول وهذا مما يستعطف به ويطلب فيه نصحه فمن حسن السؤال ان يدعو الانسان المسؤول ثم عاد بالسلام قال السلام الكريم عليه ورحمة الله وبركاته شرع الشيخ رحمه الله بالجواب فقال قال شيخ الامام العالم العلامة ثقيل الدين ابن تيمية رحمه الله ورضي عنه الحمد لله رب العالمين. اما الوصية فما اعلم من وصية الله ورسوله لمن عقلها واتبعها. قال الله تعالى ولقد وصينا الذين اوتوا الكتاب بما من قبلكم واياكم اتقوا الله ووصى النبي صلى الله عليه وسلم معاذا ما بعثه من اليمن فقال يا معاذ اتق الله حيثما حيث واتبع السيئة الحسنة تمحها وقال انا حسن. وكان معاذ رضي الله عنه للنبي صلى الله عليه وسلم بمنزلة علية فانهم فانه قال له يا معاذ والله اني لاحبك وكان يوقفه وراءها روي فيه انه اعلم الامة بالحلال والحرام. وانه يحشر امام العلماء في غزوة اي بخطوة ومن فضله انه بعثه النبي صلى الله عليه وسلم مبلغا عن وداعيا ومفكرا ومفتيا وحاكما الى اهل اليمن وكانوا يشددونه بابراهيم الخليل عليه السلام. وابراهيم امام الناس وكان وكان ابن مسعود رضي الله عنه يقول ان معاذا ان معاذا كان اما شهيدا ولم يكن من المشركين بابراهيم ثم انه صلى الله عليه وسلم وصاهم هذه الوصية فعلم انها جامعة وهي كذلك عقدها مع انها تفسير الوصية القرآنية. طيب اه افتتح المؤلف رحمه الله الجواب بالتنبيه الى بعد حمد الله والثناء عليه للتنبيه الى اعظم ما يجيب على اول اسئلة السائل وهو الوصية التي بها صلاح الدين والدنيا قال رحمه الله اما الوصية هاي المسؤول عنها في قوله بان يوصيني بما فيه صلاح ديني ودنياي الالف واللام هنا للعهد الذكر وهو ما تضمنه السؤال فما اعلم وصية انفع من وصية الله ورسوله لمن عقلها لمن عقلها هذا من نصحه رحمه الله ومن فقهه الرد في وصيته الى الكتاب والسنة فان الكتاب والسنة تضمنا صلاح الدين والدنيا على وجه الكمال الذي لا يمكن ان يستدرك ولا يمكن ان يؤتى بمثله وقوله رحمه الله فما اعلم وصية انفع من وصية الله ورسوله لمن عقلها اي لمن ادركها بفكره وتأملها تدبره واجال فيها نظره ولكن لا يقتصر هذا على العقل بل قال واتبعها اي وعمل بمقتضاها وهذا تنبيه مهم ان الوصية انما تثمر وتنفع بشرطين الشرط الاول العقل وهو الفهم والشرط الثاني العمل وهو الالتزام بما تضمنته الوصية فانه لا يحصل الانتفاع بوصية احد الا بالجمع بين هذين الامرين العلم والادراك والفهم والثاني العمل بمقتضى الوصية ولذلك قال لمن عقلها واتبعها وانما يدخل الخلل في ضعف نفع الوصية بالقصور او التقصير في واحد من هذين الامرين الامر الاول العقل والامر الثاني الاتباع. فاذا كمل عقلها وتم العمل بها حصل الانتفاع بالوصية قال رحمه الله في بيان وصية الله ورسوله قال تعالى ولقد وصينا الذين اوتوا الكتاب من قبلكم واياكم ان اتقوا الله وهذه وصية الله جل وعلا لعباده الاولين والاخرين وقوله جل وعلا ولقد وصينا الذين اوتوا الكتاب من قبلكم واياكم خبر عن وصية الله عز وجل لكل خلقه والموصي هو الله عز وجل والوصية هنا بمعنى الامر والعهد الذي عهده جل في علاه لعباده الاولين والاخرين ان اتقوا الله ايعمل بتقواه وذاك امتثال ما امر الله تعالى به وترك ما نهى عنه جل في علاه واما وصية رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم فهي وصية الله جل وعلا ولهذا تعد هذه الوصية وصية لله ووصية وصية من الله ووصية من رسوله صلى الله عليه وسلم فان رسوله يوصي بما يوصي به ولهذا جاء فيما رواه الترمذي من حديث عبد الله ابن ابن مسعود رضي الله تعالى عنه باسناد لا بأس به انه قال من سره ان ينظر الى وصية رسول الله صلى الله عليه وسلم التي عليها خاتمه فليقرأ هذه الايات قل تعالوا اتلوا ما حرم ربكم عليكم الا تشركوا به شيئا الايات في اخر سورة الانعام فهذه لم يوصي بها النبي صلى الله عليه وسلم على وجه الوصية التي تتضمن اللفظ المستقل بل لان وصية النبي صلى الله عليه وسلم هي وصية رب العالمين فالله فالنبي صلى الله عليه وسلم يوصي بما اوصى به الله جل وعلا وقوله جل وعلا ولقد وصينا الذين اوتوا الكتاب من قبلكم هذا يشمل كل الامم السابقة. فما من امة مضت الا ووصية الله تعالى لها ان اتقوا الله وتقوى الله عز وجل هي ان تجعل بينك وبين مغاضبه ومساخطه وقاية فالتقوى هي ان تجعل بينك وبين عذاب الله وقاية وانما يتحقق ذلك بامرين الامر الاول بفعل ما امر الله تعالى به والامر الثاني بترك ما نهى الله تعالى عنه وبهذا يتحقق للعبد التقوى التي بها نجاته ويتحقق له امتثال وصية الله عز وجل التي بها سعادته وقد ذكر المصنف رحمه الله بعد هذه الاية وصية النبي صلى الله عليه وسلم لمعاذ وهذا لان وصية النبي صلى الله عليه وسلم لمعاذ تفصل وصية الله تعالى للاولين والاخرين فذكر وصيتي وصيته صلى الله عليه وسلم لمعاذ انما هي لاجل بيان اصول تحقيق تقوى الله عز وجل اوصلت هذا الامر يتحقق بامرين في الجملة او بثلاثة امور بالتفصيل وهي ما تضمنه ما تضمنته وصية النبي صلى الله عليه وسلم لمعاذ. قال وصى النبي صلى الله عليه وسلم معاذا لما بعثه الى اليمن ولا ادري على اي شيء استند الشيخ رحمه الله في تقييد ذلك بانه اوصاه عندما بعثه الى اليمن. فالحديث في الصحيح في في المسند والسنن لم يذكر فيه انه اوصاه عندما بعثه الى اليمن انما جاء فيه الخبر عن هذه الوصية دون تقييدها بالزمان وقد جاءت من حديث ابي ذر ومن حديث معاذ ابن جبل رضي الله تعالى عنهما قال يا معاذ اتق الله حيثما كنت واتبع السيئة الحسنة تمحها وخالق الناس بخلق حسن هذه الوصية ترجمة وبيان لوصية الله عز وجل التي اوصى بها الاولين والاخرين اتق الله حيثما كنت ايجعل بينك وبين عذاب الله وقاية في اي في اي مكان وفي اي زمان. فقوله حيثما كنت اشارة الى المكان وهي متظمنة الزمان لان المكان لا يكون فيه الانسان الا زمانا والمعنى اجعل بينك وبين عذاب الله وقاية وقاية في كل زمان ومكان في السر والاعلان وفي الغيب والشهادة وانما غلب ذكر المكان لان المكان يختلف فيه حال الانسان اظهر من اختلاف حاله في الزمان فالزمان يجري على الانسان على حال واحدة قد لا تتغير اما حال الانسان في المكان فانه مختلف ذلك ان حال الانسان في الغيب تختلف عنه في الشهادة والغيب هو انفراد عن مشاهد او مطلع وهذا يتعلق بالمكان غالبا بخلاف الشهادة فهي حضور وشهود وعدم انفراد ولذلك قال اتق الله حيثما كنت فامره بالتقوى التي بها صلح حاله وانما تكون التقوى بعد العلم فلا يمكن ان يكون الانسان متقيا الا اذا علم فالعلم اصل التقوى ولهذا الامر بالتقوى هو امر بتعلم ما يتقيه الانسان فلا يمكن ان يتقي الانسان ربه بفعل ما امر الله تعالى به وترك ما نهى عنه الا بالعلم كمفتاح التقوى العلم مفتاح التقوى العلم ولا يمكن ان يتحقق للعبد تقوى يصلح بها دينه وتصلح وتصلح بها دنياه الا بتقوى الله جل في علاه الا بالعلم بما جاء عن الله وعن رسوله صلوات الله وسلامه عليه فقوله اتق الله حيثما كنت هو امر بتعلم ما يصلح به حاله وامر بالعمل بذلك فانه لا يتحقق لعبد التقوى الا بالعلم والعمل ثم قال واتبع السيئة الحسنة تمحها واتبع السيئة الحسنة تمحها اتبع اي الحق السيئة هي كل ما نهى الله تعالى عنه ورسوله من الاعمال الظاهرة والباطنة والحسنة هي كل ما امر الله تعالى به ورسوله من الاعمال الظاهرة والباطنة الواجبة والمستحبة فقوله صلى الله عليه وسلم في وصيته لمعاذ واتبع السيئة الحسنة تمحها اي اتي بالحسنة بعد السيئة ائت بالحسنة وهي ما امر الله تعالى به ورسوله ايجابا واستحبابا او استحبابا بعد السيئة تمحوها ولذلك قال تمحوها اي تزيلها وتذهب اثرها قوله صلى الله عليه وعلى اله وسلم واتبع السيئة الحسنة تمحها جاء به بعد ما تقدم لان الانسان لابد له من نوع قصور او تقصير يحصل به الاخلال بما امر الله تعالى به من التقوى فبعد ان امر بالتقوى التي فيها بذل المجهود في تحقيق طاعة الله عز وجل ذكر ما يتلافى به الانسان ما يكون من قصور او تقصير وهو معالجة ما يقع من خطأ وخلل معالجة ما يقع من مخالفة وذلك بان يتبع السيئة حسنة ان يتبع السيئة من الاعمال حسنة وقدم السيئة على الحسنة لان المقصود محوها فقدمها لتزول ولانها متقدمة في الوجود والى كلا اللفظين واقع واقع كلا اللفظين واقع موقع المفعول به فقال اتبع السيئة الحسنة ولم يقل اتبع الحسنة السيئة لاجل ان السيئة سابقة في الوقوع ولان المقصود ان تزول ويبقى الحسنة فالحسنة مقصود بقاؤها والسيئة مقصود زوالها لذلك قدمها في الذكر على الحسنة يقول رحمه الله بعد ان اه ذكر ما يتصل آآ هذه الوصية على وجه الاجمال عاد لبيان ما يتعلق بحال الموصى وهو معاذ رضي الله تعالى عنه وقد اطال في ذكر وصفه وهو نوع استطراد لكن المقصود بذكر فضائل معاذ بيان عظيم منزلة هذه الوصية فان الوصية تعرف منزلتها وتدرك مكانتها بمعرفة الموصي والموصى فالموصي هو رسول الله صلى الله عليه وسلم والموصى بالوصية هو معاذ بن جبل رضي الله تعالى عنه الذي من احواله وفضائله ما ذكر المصنف رحمه الله في قوله وكان معاذ من النبي صلى الله عليه وسلم بمنزلة العلية اي رفيعة فانه قال له يا معاذ اني لاحبك ومعلوم ان الحبيب يمحض الرأي ويخلص في نصح من يحب يبلغ بذلك الغاية فيما يستطيع من ايجاز وبيان. كما ذكر من خصاله قربه من النبي صلى الله عليه وسلم. فكان يردفه صلى الله عليه وسلم اي يركبه خلفه على الدابة وهذا يدل على خصوصيته وقربه من النبي صلى الله عليه وسلم وذكر من فضائله ما روي انه اعلم الامة بالحلال والحرام وانه يحشر امام العلماء برتوه اي بخطوة لعلو منزلته ورفيع كانت ايه وذكر جملة من من فضائله رضي الله تعالى عنه والمقصود ان هذه الفضائل ليس المقصود بها ذكر فضاء ذكر الفضائل مجردة انما المقصود والغاية من ذلك هو والتنبيه الى عظيم منزلة هذه الوصية. لان الوصية تعرف مكانتها وتدرك منزلتها بادراك الموصي ومنزلة المصاب تا الموسى هو معاذ ولذلك كانت هذه الوصية على هذا النحو من الاختصار الجامع يقول رحمه الله ثم انه وصاه هذه الوصية يعني بعد هذا الادراك لمنزلة الموصي الموصى قال ثم انه وصاه هذه الوصية فعلم انها جامعة جامعة اي انها جمعت الخير كله فهي اصل لكل خير يوصى به ثم قال وهي كذلك لمن عقلها مع انها تفسير الوصية القرآنية وهذا بيان وجه ذكرها بعد الوصية العامة التي تضمنها قوله تعالى ولقد وصينا الذين اوتوا الكتاب من قبلكم واياكم. فهي بسط وتفسير وتوضيح لتلك الوصية المجملة في قوله تعالى ولقد وصينا الذين اوتوا الكتاب من قبلكم واياكم. ان اتقوا الله