بسم الله الرحمن الرحيم. الحمد لله رب العالمين. وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى اله وصحبه اجمعين قال شيخ الاسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى في كتابه الوصية الصغرى. سؤال ابي القاسم القاسم ابن يوسف ابن محمد التجيبي السبتي يتفضل سيدنا الشيخ الفقيه الامام الفاضل العالم السلف قدوة الخلف المبدع المغرض المعرب المفصح اعلم من لقيت ببلاد المشرق والمغرب تقي الدين ابو العباس احمد ابن تيمية ابقى الله علينا بركته. الله اكبر. بان يوصيني بما يكون فيه صلاح ديني ودنياي ويرشدني الى كتابي يكون عليه اعتمادي في علم الحديث وكذلك في غيره من العلوم الشرعية. وينبهني على افضل الاعمال الصالحة بعد الواجبات ويبين لي ارجح المكاسب. كل ذلك على قصد الايماء والاختصار. والله تعالى يحفظه والسلام الكريم عليه ورحمة الله وبركاته. بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين واصلي واسلم على نبينا محمد وعلى اله واصحابه اجمعين اما بعد هذا السؤال فيه من الادب وحسن التأتي لمن يتعلم منه ما هو جلي وواضح واما ما ذكره السائل غفر الله له من هذه الاوصاف فهي في الحقيقة اوصاف مطابقة لحال هذا الامام العالم شيخ الاسلام ابن رحمه الله فهو شيخ فقيه امام فاضل عالم احيا الله به من علم السلف من درس حتى ان اهل السنة والجماعة ومن يتبع سبيل السلف لا يستغني عن مؤلفاته رحمه الله وما قرره وما كتبه وما جلاه في ما يتعلق بعلوم شتى لا سيما في علم اصول الدين. قدوة الخلف المبدع المغرب فالمغرب فيما يأتي به من الفوائد وليس المقصود بالاغراب هنا الاغراب الذي هو الخروج عن الصراط المستقيم فاحش القول وغريب الرأي وشاذ العمل انما هو ما ذكرناه من الاغراب في الاستنباط والاستدلال والرد على اهل البدع والدلالة على طريق اهل السنة والجماعة من اوجه لم يكن قد طرقها غيره قبله. المفصح اعلم من لقيت ببلاد المشرق والمغرب. اعلم من لقيت فوصفه بهذا الوصف الذي يدل على غزير علمه. وقوله في من لقيت ببلاد المشرق والمغرب الدنيا كلها مشرق ومغرب. يعني يدل قوله على انه اعلم من لقيه من اهل العلم في زمانه وهذا من فقه السائل لانه قيد ذلك بمن لقيه لانه قد يخفى عليه من هو في العلم اعلم من شيخ الاسلام لكنه قيد ذلك بمن لقيه تقي الدين ابو العباس احمد ابن تيمية ابقى الله علينا بركته. وهذا ليس فيه غلو حيث ان البركة منها البركة العلمية التي تحصل من المعلم لمن يتعلم منه فليست المقصود بالبركة هنا بركة الذات لانه ليس هناك بركة ذاتية الا في النبي يتعلق بحق الخلق فان الانسان لا يزال في تقصير. ما يمكن ان يبلغ الانسان درجة الكمال مهما بلغ في العبادة والاحسان بل لابد ان يكون منه تقصير يستوجب ان يستغفر وان يستكثر من الحسنات التي تخفض الله عليه وعلى اله وسلم الذي كان الصحابة يتبركون بعرقه وبنخامته وغير ذلك مما يصدر منه صلى الله عليه وسلم مما نقلت السنة وحفظته دواوينها انما الكلام في البركة العلمية هذا وصف يكون لكل احد ينفع الناس فان العلماء فيهم من البركة والخير ما هو مشهود معروف فانه يحيي الله بهم القلوب ويحصل بهم نفع كبير. ثم ذكر ما يسأل عنه قال بان يوصيني بما يكون فيه صلاح ديني ودنياي وقدم الدين لانه الاصل. لانه اذا صلح صلحت الدنيا. اما صلاح الدنيا فقدت تصلح لشخص لكن هذا لا يدل على صلاح اخرته فان صلاح الدنيا ينقظي بانقظائها وينتهي بزوالها. ويرشدني الى كتاب ان يكون عليه اعتمادي في علم الحديث وعلم الحديث علم يشمل دراية ورواية. ولعل السائل اراد ما هو اوسع من ذلك يريد علم الحديث بدرايته وروايته وما تعلقوا به وكذلك في غيره من العلوم الشرعية. وينبهني على افضل الاعمال الصالحة بعد الواجبات. وهذا من اعظم ما ينبغي ان يفقه لان من الناس من يجهل مراتب الاعمال ومن اعظم الفقه الفقه بمراتب العمل. لان الانسان قد يشتغل بالعمل الشاق العسير الذي يكون غيره افضل منه. فلذلك من الفقه ان يشتغل الانسان بفهم ومعرفة مراتب العمل بعد الواجبات حتى الى نفسه وعمره ووقته فيما هو اعظم بركة وانفع للعبد في اخراه. فالعمر قليل وتفويته بالاشتغال بالفاضل من العمل لا شك انه من الغبن والخسارة فظلا عن يشغله بما لا يفيد وبما لا ينفع. يقول رحمه الله ويبين لي ارجح المكاسب كل على قصد الايماء والاختصار وهذا من فقهه رحمه الله من فقه السائل حيث انه لم يطلب بسطا لان بسط هذه الامور يحتاج الى مؤلفات انما اراد جملا اعتمدها في هذا يغني قليلها عن كثيرها ويكون في اشاراتها ما يغني عن بسطها وتفصيلها. والله تعالى يحفظه والسلام الكريم عليه ورحمة الله وبركاته ثم قال رحمه الله فالجواب اما الوصية فما اعلم وصية انفع من وصية الله ورسوله لمن عقلها واتبعها. قال تعالى ولقد وصينا الذين اوتوا الكتاب من قبلكم لكم ان اتقوا الله ووصى النبي صلى الله عليه وسلم معاذا لما بعثه الى اليمن قال يا معاذ اتق الله حيثما كنت. الله اكبر. واتبع السيئة الحسنة تمحها الناس بخلق حسن وكان معاذ رضي الله عنه من النبي صلى الله عليه وسلم بمنزلة عليا فانه قال له يا معاذ والله اني لاحبك وكان يردفه وراءه وروي فيه انه اعلم الامة بالحلال والحرام وانه يحشر امام العلماء برتوة اي بخطوة ومن فضله انه بعثه النبي صلى الله عليه وسلم مبلغا عنه وداعيا ومفقها ومفتيا حاكما الى اهل اليمن وكان يشبهه بابراهيم الخليل عليه السلام. وابراهيم امام الناس. وكان ابن مسعود رضي الله عنه يقول ان معاذا كان امة قانتا لله حنيفا ولم يك من المشركين تشبيها له بابراهيم. ثم انه صلى الله عليه وسلم وصاه هذه الوصية فعلم انها جامعة وهي كذلك لمن عقلها مع انها تفسير الوصية القرآنية هذه الوصية يا اخواني الشيخ رحمه الله ابتدأ الرسالة في جوابه على سؤال من سأله بحمد الله عز وجل والثناء عليه وهذا سنن مضطرد وهدي قاصد في سلف الامة وخلفها وهو ما افتتح الله سبحانه وتعالى به كتابه وهو حمد الله جل وعلا الذي تضمن ذكره سبحانه وتعالى بعظيم الاوصاف الدالة على كمال الرب جل وعلا في اسمائه وصفاته. ويكون ذلك مقترنا بمحبته وتعظيمه ثم ذكر رحمه الله في الجواب اما الوصية لم يطل المؤلف رحمه الله في الافتتاح لان الطالب السائل كان قد ذكر في سؤالي وطالبه ان تكون الوصية على وجه القصد والايماء والاختصار. فناسب ذلك ان يكون الاختصار ايضا في افتتاح الرسالة فيعجل للسائل بمطلوبه. يقول رحمه الله اما الوصية فما اعلم وصية انفع من وصية الله ورسوله لمن عقلها واتبعها. والوصية يا اخواني هي الدلالة على الخير وتكون لفظية وتكون خطية وتكون معلومة من الحال حتى ولو لم يتلفظ بها قائلها وذلك بكثرة تكراره وعنايته بالامر الذي يبلغ حد الوصية. كما قال النبي صلى الله عليه وسلم في ما فهمه من تكرار جبريل له فيما يتعلق بالجار ما زال جبريل يوصيني بالجار حتى ظننت انه سيورثه فتكرار الشيء والحفاوة به والعناية به يلحقه بالوصية ولو لم يتلفظ بها الموصي ومنه ايضا ما رواه الترمذي من حديث ابن مسعود رضي الله عنه فيما مر علينا قريبا في قوله رضي الله عنه من اراد ان ينظر الى صحيفة صلى الله عليه وسلم التي عليها خاتمه. وفي بعض الروايات وصية محمد صلى الله عليه وسلم التي عليها خاتمه فليقرأ قول الله تعالى وقل تعالى واتوا ما حرم ربكم عليكم الا تشركوا بي شيئا الايات الى اخر ما ذكر الله عز وجل في الايات الثلاث بعدها. فالوصية المقصود تكون اللفظية وتكون قولية. اعظم ما يكون من الوصية هي ما كانت من اهل العلم واهل البصر فوصيتهم فيها من خالص تجربتهم وزبدة علمهم ما لا يقف عليه الانسان في كلام كثير من الناس لذلك شيخ الاسلام رحمه الله افتتح هذه الوصية الجامعة الاشادة بوصية الله عز وجل ووصية رسوله فقال اما الوصية اما اعلم وصية انفع من وصية الله ورسوله لمن عقلها واتبعها. لكن انظر هذه الوصية لا تنفع كل احد انما تنفع من سمعها وفهم معناها هذا معنى قوله رحمه الله عقلها والعقل هو الربط والشد على الشيء خشية فواته وذهابه. ولذلك يوظع العقال في رجل البعير او في قدمه او في يده لئلا يهرب ويفر من صاحبه ويند فكذلك هذه المعاني التي تضمنتها هذه الايات تحتاج الى عقل وهو نوع مشقة ومعاناة في فهم كلام الله وكلام رسوله ثم بعد هذا العقل يأتي العمل قال واتبعها. وهذا يدل على انه لا يمكن ان يحصل العمل الصالح والاتباع للنبي صلى الله عليه وسلم الا بعد الفهم وهذا يبين لك اهمية الفهم عن الله وعن رسوله لانه من ثماره العمل فالعمل ثمرة الفهم ولا يمكن ان يوفق الانسان الى عمل صالح الا بفهم صائب ثم قال رحمه الله في بيان الوصية التي اشاد بها قال الله تعالى ولقد وصينا الذين اوتوا الكتاب من قبلكم واياكم ان اتقوا الله. هذه الوصية تكتسب اهمية من جهة اولا انها وصية الله العليم الخبير ثانيا انها الوصية الممتدة لبني ادم منذ خلقهم الله جل وعلا الى اخر امة فهي وصية مستمرة ممتدة ليست لحقبة من الزمن ولا لمكان من الاماكن ولا لشريعة من الشرائع بل هي وصية الله للاولين الاخرين كما قال جل وعلا ولقد وصينا الذين اوتوا الكتاب من قبلكم وهذا يشمل كل الامم التي اوتيت كتب. وكل الامم التي بعث فيها رسل واياكم اي هذه الامة ان اتقوا الله وهذا يبين لك عظيم اهمية هذه الوصية. رسول الله صلى الله عليه وسلم ايضا اوصى بما اوصى به الله عز وجل. فكان قد اوصى معاذا رضي الله عنه بقوله لما بعثه الى اليمن يا معاذ اتق الله حيثما كنت. وهذا ترجم للوصية التي وصى الله بها الاولين والاخرين. انها ملازمة امر الله عز وجل ملازمة شرع الله جل وعلا في كل حين وفي كل قالوا في كل ظرف وفي كل مكان. فان التقوى قد تكون في فترة من الزمن. قد يقوى الانسان تجيبه نفسه ان يتقي الله عز وجل في برهة من الزمن او فترة من العمر لكن دوام ذلك هو عنوان السعادة وهو الذي به يحصل السبق فليس الشأن في ان اطيع الله عز وجل في شهر من الشهور او في زمن من الازمان ثم بعد ذلك اخرج عن سياج التقوى واتجاوز حدود التقوى التي فرضها الله عز وجل على الاولين والاخرين. ولذلك قال النبي صلى الله عليه وسلم في وصيته اتق الله حيثما كنت. وذكر المكان اشارة الى الزمان حيثما كنت في كل زمان لانه لابد ان يكون في مكان من الاماكن في زمان من الازمان. فذكر المكان اشارة الى الزمان واتبع السيئة الحسنة تمحها وخالق الناس بخلق حسن وهذا من تفاصيل التقوى. فان اتباع السيئة الحسنة هو وتلافي ما حصل من تفريط في تقوى الله عز وجل لان السيئة خروج عن التقوى. فهل يترك الانسان هذا الخروج ويتساهل فيه؟ لا. يعالج هذا الخروج باي شيء يا اخواني بان يتبع السيئة الحسنة. وهذا يشمل كل سيئة تقع من الانسان في القول او في العمل او في الاعتقاد والانسان لابد ان يقع في سيئة لابد ان يقع في خطأ كل ابن ادم خطاء وخير الخطائين التوابون مهما علات درجته وارتفعت منزلته وقوي ايمانه لابد ان يكون فيه قصور او تقصير يتلافاه بالاحسان الذي قال فيه النبي صلى الله عليه وسلم واتبع السيئة الحسنة تمحها ثم دله الى ما يصلح به الصلة بينه وبين الخلق فقال صلى الله عليه وسلم هو خالق الناس بخلق حسن. واذا كمل للانسان صلاح الصلة بينه وبين ربه صلح ما بينه وبين الناس. فان صلاح ما بين انسان وصلاح بين الناس فرع عن صلاح ما بينه وبين الرب جل وعلا. وكان من هديه صلى الله عليه وسلم انه اذا ودع احدا دعا له فقال زودك الله التقوى وغفر ذنبك ويسر لك الخير حيثما كنت وهذا يدل على اهمية التقوى في كل تغير وانتقال من حياة الانسان قد يتقي العبد ربه جل وعلا في لاقامته ثم اذا خرج وغاب عنه من يعرف خف في قلبه وازع التقوى وما ينبغي ان يكون عليه من صفات بسبب غربته وخروجه ولذلك قال النبي صلى الله عليه وسلم زودك الله التقوى فهي خير زاد كما قال الله عز وجل وتزودوا فان خير الزاد التقوى بعد هذا فصل في بيان فظل معاذ رظي الله عنه وسبب هذا التفصيل لبيان اهمية الوصية. فاذا كانت هذه وصية لهذا الذي هو من احب الناس الى النبي صلى الله عليه وسلم حيث اخبر بحبه. وايضا لمن هو اعلم بالحلال والحرام ولمن يحشر امام العلماء فتوى يعني بخطوة يتقدم عليهم وايضا هو مبعوث رسول الله صلى الله عليه وسلم مفتيا ومعلما وحاكما وفيه شبه من ابراهيم كل هذه تدل على عظيم مكانة هذه الوصية ورفعة منزلتها ثم قال رحمه الله نعم. وحق لعباده ثم الحق الذي عليه لا بد ان يخل ببعضه احيانا. اما بترك مأمور به او فعل منهي عنه فقال النبي صلى الله عليه وسلم اتق الله حيثما كنت. طيب اخواني الامر بالتقوى ما معناه ما هي التقوى التي اوصى الله بها الاولين والاخرين؟ هي فعل الاوامر وترك النواهي رغبة ورهبة هذه التقوى التي امر الله بها وهي وصية الله للاولين والاخرين والشيخ رحمه الله بين هذه التقوى بقوله ثم الحق الذي عليه اي على الانسان لربه لابد ان يخل ببعضه كما ذكرنا قبل قليل كل ابن ادم خطاء وخير الخطائين التوابون وكما قال النبي صلى الله عليه وسلم لو لم تخطئوا لذهب بكم واتى بقوم يخطئون ثم يستغفرون كما في الصحيح. ثم بين رحمه الله قال اما بترك مأمور او فعل منهي من هذا ان التقوى هي التزام الاوامر وترك النواهي لكن هل هذا على وجه العادة؟ الجواب لا انما هو على وجه تعبد لله عز وجل ولذلك يضيف بعض العلماء قيدا فيقول رغبة ورهبة رغبة فيما عند الله عز وجل ورهبة منه سبحانه وتعالى ثم قال رحمه الله فقال النبي صلى الله عليه وسلم اتق الله حيثما كنت. وهذه كلمة جامعة. الكلمة الجامعة هي التي تحمل معاني كثيرة على وجازة لفظها فكل كلمة احتملت من المعاني شيئا كثيرا على وجازت اللفظ فهو من الكلمات الجامعات وهو مما اختص الله به رسوله صلى الله عليه وسلم كما في حديث جابر في الصحيحين في ذكر ما خص الله به رسوله صلى الله عليه وسلم واوتيت الكلم نعم وفي قوله حيثما كنت تحقيق لحاجته الى التقوى في السر والعلانية. ثم قال واتبع الحسنة تمحها فان الطبيب متى تناول المريض شيئا مضرا امره بما يصلحه ذنب للعبد كأنه امر حتم. يعني امر لازم فالكيس هو الذي لا يزال يأتي من الحسنات بما يمحو السيئات. وانما قدم في لفظ الحديث وان كانت مفعولة. لان المقصود هنا محو هذا فعل الحسنة. فصار كقوله في بول اعرابي صبوا عليه ذنوبا مما وينبغي ان تكون الحسنات من جنس السيئات فانه ابلغ وفي المحو والذنوب يزول موجبها باشياء. طيب يقول رحمه الله فالكيس الكيس هو الفطن. اللبيب الذكي الذي يبادر الى ما ينفعه في دينه ودنياه. هو الذي لا يزال يأتي من الحسنات بما يمحو السيئات. يعني الاتيان بالحسنات والاشتغال بها له فائدتان. الفائدة الاولى امتثال الامر الذي يحصل به الاجر. الفائدة الثانية محو ما يكون من تقصير وخطأ. وكلا الامرين مقصود للشارع ينبغي للمؤمن ان يتنبه اليه وان ينوي به عمله الصالح. اتى رجل الى النبي صلى الله عليه وسلم كما في الصحيح فقال يا رسول قلت والله اصبت امرأة في اطراف المدينة واتيت منها كل شيء الا ما يأتي الرجل امرأته. فقال له النبي صلى الله عليه وسلم اقم الصلاة طرفي النهار وزلفا من الليل ان الحسنات يذهبن السيئات. فقال الرجل الي خاصة يا رسول الله؟ قال بل هي لك وللامة فمن اعظم ما يوفق اليه الانسان ان يشتغل بالحسنات الماحية لما يكون منه من سيئات. سواء فيما يتعلق بحق الله عز وجل او ما وتنزل من معدل ما معه من السيئات حتى لا تدركه هذه السيئات فتوبقه. ولذلك قال النبي صلى الله عليه وسلم لعائشة اياكم او اياكي ومحقرات الذنوب فان لهن من الله طالبا. وفي رواية قال النبي صلى الله عليه وسلم فانهن يجتمعن على الرجل فيهلكناه فينبغي للمؤمن ان يشتغل بالحسنات الماحية. ثم قال في سر تقديم السيئة واتبع السيئة الحسنة تمحها. ان المقصود السيئة وليس المقصود فعلها ونظر ذلك بقول النبي صلى الله عليه وسلم في بول الاعراب صبوا عليه ذنوبا من ماء فاهتم النبي النبي صلى الله عليه وسلم اولا باي شيء يا اخواني؟ بازالة الاثر المترتب على بول الاعرابي. فينبغي للمؤمن ان يهتم ازالة الاثر من السيئات العالقة بقلبه قبل غيره من الاهتمامات. لا سيما اذا اسرف الانسان على نفسه وكلنا مسرف على نفسه نسأل الله السلامة والعافية وان يعاملنا واياكم بعفوه. يقول رحمه الله وينبغي ان تكون الحسنات من جنس السيئات. فاذا كانت الاساءة في حق الله عز وجل خاصة فالاحسان يكون في حق الله خاصة اذا كانت الاساءة تتعلق بحق الخلق فيكون الاحسان فيما يتعلق بحق الخلق. ولذلك في الغيبة اذا وقع الانسان في غيبة شخص فان من الحسنة التي تمحو هذه السيئة ان يوصل الى هذا الذي اغتابه خيرا واحسانا. هذا اذا لم يستطع ان يتحلل منه فانه من الاحسان الذي تمحى به السيئة ان يوصل اليه دعاء ذكرا حسنا اشادة بعمل صالح يقوم به او ما اشبه ذلك مما يجب يمحو ما كان من السيئات وهذا معنى قوله رحمه الله وينبغي ان تكون الحسنات من جنس السيئات فانه ابلغ في المحو اي امضى في اثر المعصية ثم يقول رحمه الله والذنوب يزول موجبها اي اثرها وما يترتب عليها باشياء اي بعدة امور. عدها المؤلف رحمه الله فقال احدها نعم. احدها التوبة الاستغفار من غير توبة. فان الله تعالى قد يغفر له اجابة لدعائه وان لم يتب فاذا اجتمعت التوبة والاستغفار فهو الكمال. الله اكبر. التوبة يا اخواني هي الرجوع في اللغة. واما في الاصطلاح الشرعي فهو الرجوع عن المعصية الى الطاعة. الرجوع عن معصية الله عز وجل الى طاعته. والمعصية درجات اما مخالفة بترك واجب واما مخالفة في ارتكاب محرم. ومن المخالفة المتعلقة بالواجبات التقصير فيها. فهذا معنى التوبة وهي اعظم ما يزول به اثر السيئات ولذلك بدأ بها المؤلف رحمه الله قبل غيرها لانها اهم واقصر طريق يحصل به ازالة اثر المعاصي قال النبي صلى الله عليه وسلم التوبة تهدم ما كان قبلها. فالتوبة لها من الاثر والنفاذ في ازالة اثار المعاصي ما ليس لغيرها وسواء كان ذلك في حق الله او كان ذلك في حق الخلق. الثاني الاستغفار والاستغفار هو طلب المغفرة من الله عز وجل بقول استغفر الله او ما اشبه ذلك من الادعية كقول اللهم اغفر لي وتب علي وما اشبه ذلك من الادعية التي يسأل فيها العبد ربه وجل وعلا مغفرة الذنوب وتكفير الخطايا الاستغفار قد يكون مغتربا بالتوبة وقد يكون غير مقترن بالتوبة. مثال المقترن بالتوبة الذي ذكره الله عز وجل في قولها والذين اذا فعلوا فاحشة او ظلموا انفسهم ذكروا الله فاستغفروا لذنوبهم ومن يغفر الذنوب الا الله فهذا استغفار مقترن بالتوبة الذين اذا فعلوا فاحشة او ظلموا انفسهم ذكروا الله فاستغفروا لذنوبهم ومن يغفر الذنوب الا الله ولم يصروا على ما فعلوا فهذا فيه توبة واستغفار. قد يكون استغفار دون توبة. كان يقول الانسان استغفر الله. استغفر الله استغفر الله هذا استغفار. طلب من الله عز وجل مغفرة مع كونه مصرا في قلبه على الخطأ الذي هو فيه من ترك واجب او فعل محرم ايهما الذي يمحو الخطايا على وجه التأكيد الاول التوبة واما الثاني وهو الاستغفار وسؤال الله عز وجل مغفرة دون النزوع وترك المعصية فانه قد يحصل به المغفرة وقد لا يحصل به المغفرة لانه من جملة الدعاء الذي قد يتحقق مطلوبه وقد لا يتحقق مطلوبه لكن هل يؤجر على استغفاره؟ الجواب يؤجر على استغفاره كأجر سائر ما يكون من اذكار يعني ليس عبثا لكن قولها استغفر الله وهو مصر على المعصية ليس عبثا. بل هو من الحسنات التي تمحو السيئات لكن لا يحصل بها ايش؟ لا يحصل بها التامة التي تزيل الذنوب والمعاصي وما ترتب عليها من سيئات اذا عندنا توبة وعندنا استغفار. التوبة قد تقترن باستغفار وقد لا تقترن باستغفار واختلف العلماء هل من لزوم صحة التوبة ان يستغفر لاهل العلم والصحيح انه ليس من لازمها. انما من كمالها ان يستغفر يبقى عندنا الاستغفار هل هو توبة؟ لا يلزم ان يكون الاستغفار توبة لان الاستغفار هو ان يقول العبد استغفر الله كلنا نقول استغفر الله بعد الصلاة وهل هذا يعني اننا ننزع عن تركنا للواجب في الصلاة من الخشوع وما اشبه ذلك مما يستغفر منه؟ الجواب لا قد يقولها الانسان على انها ذكر من الاذكار. ولا يستحضر في قلبه ان هذا الاستغفار هو طلب المغفرة من الله عز وجل لما كان من تقصير في الصلاة وما الى ذلك من المعاني التي من اجلها شرع الاستغفار في الصلاة. قد يقوله على انه ذكر من الاذكار. يؤجر على هذا او لا يؤجر يؤجر هل يحصل به المغفرة او لا تحصل به المغفرة قد تحصل وقد لا تحصل لان هذا دعاء من الادعية وليس توبة تجب ما قبلها هذا الامر الثاني الذي يحصل به محو اثار السيئات. الاستغفار من غير توبة فان الله تعالى قد يغفر له اجابة لدعائه وان لم يتب. لعل نقف على هذا والله تعالى اعلم وصلى الله وسلم على نبينا محمد