الحمد لله حمدا كثيرا طيبا مباركا فيه كما يحب ربنا ويرضى احمده حق حمده له الحمد سبحانه وبحمده واشهد ان لا اله الا الله وحده لا شريك له واشهد ان محمدا عبده ورسوله صفيه وخليله خيرته من خلقه صلى الله عليه وعلى اله وصحبه ومن اتبع واختفى اثره باحسان الى يوم الدين. اما بعد من اجل الاعمال التي امر بها النبي صلى الله عليه وعلى اله وسلم في اول البعثة صلاة الليل فان الله عز وجل بعث رسوله صلى الله عليه وسلم اقرأ فجاءه جبريل عليه السلام وهو هو في الغار وقال له اقرأ قال ما انا بقارئ ثم قال اقرأ قال ما انا بقارئ ثم قال اقرأ قرآن الفجر وخص الفجر بذكر القرآن فيها لان القراءة في الفجر طويلة على غير النسق في صلاة المغرب والعشاء وفي صلاة الظهر والعصر. وقرآن الفجر ثم خصه بميزة ليست في بقية قال ما انا بقارئ ثم قال اقرأ باسم ربك الذي خلق. خلق الانسان من علق اقرأ وربك الاكرم الذي علم بالقلب علم الانسان ما لم يعلم. فكانت هذه نبوته صلى الله عليه فكانت هذه نبوته صلى الله عليه وسلم فنبأه الله تعالى به اقرأ. ثم انه صلى الله عليه وسلم رجع وكان قد وجد من الرهبة من الموقف وشدة ما رأى صلى الله عليه وسلم ما اوجب في قلبه خوفا ووجلا ثم تتابع بعد ذلك القرآن عليه رجع الله عليه وسلم وقال دثروني دثروني فنزلت يا ايها المدثر قم فانذر وربك فكبر وثيابك فطهر ثم كان من اوائل ما نزل على النبي صلى الله عليه وسلم قوله جل وعلا يا ايها المزمل قم الليل الا قليلا نسبه او انقص منه قليلا او زد عليه ورتل القرآن ترتيلا انا سنلقي عليك قولا ثقيلا وهو الوحي الذي تنزل به جبريل على سيد المرسلين صلوات الله وسلامه عليه الوحي الذي انزله الله تعالى على رسوله ليخرج الناس من الظلمات الى النور. الوحي الذي به سعادة الدنيا وفوز الاخرة الوحي الذي قال الله تعالى فيه ان هذا القرآن يهدي للتي هي اقوم كان هذا القول يحتاج الى تهيئة فكان من تهيئة انزاله على قلب سيد الورى وامام الهدى صلوات الله وسلامه عليه ان الله تعالى امره بقيام الليل حتى يتهيأ لهذه المنزلة وحتى يستعين بالقيام على تبليغ رسالتي الحي القيوم سبحانه وبحمده يقول الله جل في علاه يا ايها المزمل قم الليل الا قليلا من اوائل اما امر الله تعالى به رسوله صلى الله عليه وسلم امره باقرأ ثم امره صلى الله عليه وسلم بما امره من تبليغ الرسالة وكان من اوائل ما امره قم الليل الا قليلا. نصفه او انقص منه قليلا او زد عليه القرآن ترتيل اي في هذا القيام. انا سنلقي عليك قولا ثقيلا وهو القرآن العظيم والوحي المبين هدى الله تعالى به العالمين الذي جعله الله تعالى رسالة لكافة الخلق من الانس والجن تبارك الذي نزل الفرقان على عبده ليكون للعالمين نذيرا. فهذا القيام هو من اوائل ما شرعه الله على لسيد الانام صلوات الله وسلامه عليه. وما ذاك الا لعظيم تأثيره. وكبير فائدته وجميل ثماره وعواقبه التي يجريها الانسان. لذلك كان القيام فرضا في اول التشريع على سيد الانام صلوات الله وسلامه عليه وعلى الامة معه. فان الامة فرظ عليها قيام الليل في اول بعثة ثم خفف الله تعالى على الامة فرفع الوجوب الى الندب والاستحباب وبقي الفرض على سيد الورى كما قال ذلك جماعة من اهل العلم وقال اخرون بل حتى النبي صلى الله عليه وعلى اله وسلم الله تعالى عنه فرض القيام في ما ذكره الله جل وعلا ومن الليل فتهجد به نافلة عسى ان يبعثك ربك مقاما محمودا. قالوا ان قوله تعالى ومن الليل فتهجد به نافلة لك هذا يدل على عدم فرضه ووجوبه على النبي صلى الله عليه وعلى اله وسلم. يدل على عدم وجوب قيام الليل. والذي والله تعالى اعلم ان قيام الليل حافظ عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم ولم يخل به ولم يتركه لا في حضر ولا في سفر والبحث هل كان واجبا عليه او لم يكن واجبا؟ الجواب ان النبي صلى الله عليه وسلم كان اعبد الناس فحافظ على هذه العبادة وكان يحب صلى الله عليه وسلم اذا عمل عملا ان يثبته اي ان يديمه صلى الله عليه وعلى اله وسلم ولذلك لم يترك قيام الليل صلى الله عليه وسلم لا في حضر ولا في سفر ثم انه كان صلى الله عليه وعلى اله وسلم في قيامه لليل على نحو من الرفق في الامة في تشريعه صلى الله عليه وسلم لهذه السنة فكان يصلي اول الليل واوسطه واخره على انه صلى الله عليه وسلم كان يقيم الليل حتى تتورم قدماه وكان صلى الله عليه وسلم يقال له في ذلك كما في حديث عائشة وفي حديث المغيرة ابن شعبة في الصحيح فيقول افلا اكون عبدا شكورا؟ فكان صلى الله عليه وسلم في الغاية والذروة من الاجتهاد في طاعة الله في السر والاعلان. وكان صلى الله عليه وسلم له حال مع القيام في طوله التدبر لايات ما يقرأ وسؤال الله من الفضل والاحسان والاستعاذة بالله عز وجل من ما يمر عليه من ايات الوعيد والعقاب والتسبيح والتمجيد في اياته تسبيح ما يبين ما كان عليه صلى الله عليه وسلم من القيام الذي لا يقتصر فيه على قيام بدنه بل كان قائما بقلبه حاضرا بتدبره وكان صلى الله عليه وسلم يطيل القراءة في هذا القيام على نحو من الطول قد لا يطيقه كثير من الناس. ففي احدى صلواته صلى الله عليه وسلم ببعض اصحابه افتتح البقرة ثم تلا ذلك سورة النساء ثم قرأ ال عمران فقرأ هذه السور كلها في ركعة وكان لا يمر باية سؤال الا سأل ولا باية عذاب الا السعاد ولا باية تسبيح الا سبح فلم يكن قراءة هذرما ولا هذ كأن الشعر ولا نثرا كنثر الدقن بل كان صلى الله عليه وسلم قراءته يقف عند عجائب القرآن ويحرك به قلبه صلى الله عليه وسلم معظما ممجدا مسبحا مستعينا وهذا يبين عظيم ما كان عليه من العبودية صلى الله عليه وعلى اله وسلم. في هذا المجلس ان شاء الله تعالى نقرأ شيئا من الاحاديث التي تصف لنا كيف كان حاله صلى الله عليه وسلم في وفي صلاته في الليل فان معرفة هديه يحقق بها الانسان اتباع سنته واتباع سنته يتحقق لك بها جزء قبول العمل. فانه لا يقبل العمل الا اذا كان خالصا صوابا. ولا يمكن ان يكون صوابا الا اذا كان على السنة والله تعالى يقول الذي خلق الموت والحياة ليبلوكم ايكم احسن عملا وانما ويتحقق هذا الوصف في العمل اذا كان لله خالصا واذا كان على السنة سائرا ومن الطريق الذي يدرك به الانسان سنة سيد الانام صلوات الله وسلامه عليه ان يتعرف عليها بمعرفة ما نقله الصحابة الكرام من هديه صلى الله عليه وسلم كيف وقد قال صلوا كما رأيتموني اصلي. فلا يتحقق للانسان المقصود من صلاته. ولا الاجر التام فيها الا باتباعه صلى الله عليه وعلى اله وسلم. فجدير بنا ان نستمع الى الاحاديث التي تصف حال النبي صلى الله عليه وسلم في تهجده صلاته في الليل والتي تنقل قولا فيما يتعلق بهذه العبادة الجليلة التي هي من اوائل العبادات التي شرعت لهذه ثم فرضا وندما. نسأل الله ان يعيننا على طاعته وان يستعملنا فيما يحب ويرضى. وان يصرف عنا السوء والفحشاء. وان يجعلنا من عباده وان يعيننا على طاعته وان يسلك بنا سبيل اوليائه. اللهم اعنا ولا تعن علينا اللهم انصرنا على من بغى علينا. اللهم ولا تؤثر علينا اللهم اهدنا ويسر الهدى لنا اللهم اجعلنا لك ذاكرين شاكرين راغبين راغبين اواهين مريبين اللهم تقبل بل توبتنا وثبت حجتنا واغفر سلتنا واقر عثرتنا وسل السخائم ربنا من قلوبنا انك جواد كريم ها؟ بسم الله الرحمن الرحيم. الحمد لله رب العالمين. والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه اجمعين. اللهم اغفر لنا ولشيخنا حاضرين. قال الامام الحافظ ابو عبد الله محمد ابن اسماعيل ابن ابراهيم ابن المغير الجعفي البخاري رحمه الله تعالى في كتابه الجامع المسند الصحيح المختصر من امور رسول الله صلى الله عليه وسلم وسننه وايامه. قال رحمه الله تعالى كتاب التهجد بسم الله الرحمن الرحيم. باب التهجد بالليل وقوله عز وجل فتح الجد به نافلة لك. هذه الاية الكريمة ذكرها الله تعالى في سياق امره النبي صلى الله عليه وعلى اله وسلم بالصلاة. فذكر الله تعالى المفروظات من الصلاة بقوله اقم الصلاة الشمس الى غسق الليل وقرآن الفجر ان قرآن الفجر كان مشهودا. هذه الاية جمعت الصلوات المكتوبات التي فرضها الله تعالى على نبيه صلى الله عليه وسلم وفرضها على الامة ووجه الخطاب فيها الى سيد الورى صلى الله عليه وعلى اله وسلم والخطاب الموجه اليه خطاب للامة كافة. اقم الصلاة لدلوك الشمس اي من جهة المشرق الى جهة المغرب وهو وقت الظهر. الى غسق الليل اي الى اشتداد ظلمته وذلك في اخر وقت صلاة العشاء وهو منتصف الليل كما جاء ذلك فيما رواه مسلم من حديث عبد الله ابن عمرو رضي الله تعالى عنه في اوقات الصلوات حيث قال في صلاة العشاء قال وصلاة العشاء الى نصف الليل الاوسط وهذا هو غسق الليل الذي ذكره الله تعالى في قوله الى غسق الليل اي الى اشتداد ظلمته. فيكون قد اجمل الله تعالى في هذا الجزء من الاية اربع صلوات صلاة الظهر وصلاة العصر وصلاة المغرب وصلاة العشاء ثم قال وقرآن الفجر وهذا هو الوقت الخامس من اوقات الصلوات والقرآن الفجر اي واقم الصلاة واقم قرآن الفجر قول وقرآن الفجر معطوف على قوله اقم الصلاة لدلوك الشمس اي ومما امر الله عز وجل رسوله باقامة الصلوات وقرآن الفجر ان قرآن الفجر كان مشهودا. اي تشهده الملائكة. فا تسمع وتشهد عند رب العالمين لمن حضر. وتشهد عند رب العالمين لمن حضر. كما جاء في الصحيح من حديث ابي هريرة ان النبي صلى الله وسلم قال يتعاقب فيكم ملائكة فيجتمعون في صلاة الفجر وفي صلاة العصر. فاذا جاءوا الى الله عز وجل قال فجئتموهم وكيف تركتموهم؟ فيقول جئناهم وهم يصلون وتركناهم وهم يصلون. فهنيئا لمن تشهد له الملائكة بشهود هذه الصلوات في اوقاتها والمحافظة عليها وهذا يشمل كل مصلي من رجل او انثى في جماعة او انفراد فان الملائكة يتعاقبون ويجتمعون في هذين الوقتين وقت صلاة الفجر ووقت صلاة العشاء وترفع جمال اعمال الليل واعمال النهار في هذين الوقتين. ثم بعد ان امر الله تعالى رسوله صلوات الله عليه باقامة هذه الصلوات قال جل في علاه ومن الليل فتهجد به نافلة لك. ومن الليل اي ومن وقت الليل فتهجد به اي بالقرآن. فالظمير يعود الى القرآن الذي ذكره في قوله وقرآن الفجر ان قرآن الفجر كان مشهودا ومن الليل فتهجد به اي بتلاوة القرآن والقيام نافلة لك اي زيادة لك في العمل. وزيادة لك في الفضل وزيادة لك في المثوبة فان النافلة هي ما زالت وقد استدل بهذه الاية من قال بان فرض قيام الليل قد نسخ اذ ان الله عز وجل امر رسوله بالقيام في المكتوبات بقول اقم الصلاة لدلوك الشمس الى غسق الليل وقرآن الفجر ان قرآن الفجر كان مشهودا ثم ذكر ما زاد على ذلك من النافلة. فقال ومن الليل فتهجد به نافلة لك. فنص على ان ذلك نافلة وليس فرا وقال الجماعة من اهل العلم بل ان المقصود بالنافلة هنا هي الزيادة في العمل. وذلك ان النبي صلى الله عليه سلم حط الله عنه الخطايا والذنوب غفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر كما قال جل في علاه انا فتحا مبينا ليغفر لك الله ما تقدم من ذنبك وما تأخر ويتم نعمته عليك. ويهديك صراطا مستقيما. فكل عبادة فيما والفرائض هي نافلة بالنسبة للنبي صلى الله عليه وسلم زيادة في فضله ورفعة مكانته والا فان الله قد حط عنه السيئة من العمل وغفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر. فما زاد فهو نافلة في حق النبي الله عليه وسلم. وعلى كل حال المقصود بالنافلة هنا هي الزيادة. سواء كان ذلك زيادة على المفروض الواجب فيكون نافلة بمعنى انه مستحب ليس فرضا ولا واجبا او انه زيادة لك على وجه الخصوص يا محمد بفرض ذلك والاجابة وذلك لعلو منزلتك ورفعة مكانتك وعظيم حاجتك الى الاستعانة لقيام الليل على القيام بمهام الرسالة. يا ايها المزمل قم الليل الا قليلا نصفه او ينقصه منه قليلا او زد عليه ورتل القرآن ترتيلا انا سنلقي عليك قولا ثقيلا فمما يستعان به على تحمل هذا القول الثقيل والقيام باعبائه امتثالا وعملا ودعوة وارشادا وهداية ان يقوم الانسان بهذا القرآن في الليل. فان القيام به مما يعين على العمل به وعلى الدعوة اليه. وعلى تحمل اعبائه التي لا يقوم بها الا من قام به تدبرا وتعظيما واستعانة بالله عز وجل على تحمل تكاليف الدعوة والرسالة ولذلك الله جل وعلا يقول واستعينوا بالصبر والصلاة. فالصلاة مما يعين الانسان على تحمل الاعباء والقيام بالمشروع. فقوله جل وعلا ومن الليل فتهجد به نافلة لك. ثم قال عسى ان يبعثك ربك مقاما محمودا عسى في كلام الله ليس لرجاء ما قد يحصل او ما قد لا يحصل بل هي لرجاء محقق الحصول المطبوع في حصوله على وجه لا يتخلف. فالله عز وجل يرجى عباده بفضله الذي لا يخلفه جل في علاه فهو لا يخلف الميعاد. ولذلك هذه المنزلة وهي ان كان يبعث محمد ابن عبد الله مقاما محمودا مما لا بد من حصوله ومقامه المحمود هو قيامه صلى الله عليه وسلم بالشفاعة لامته وهذا من المقام المحمود بالشفاعة للناس كافة وليس فقط لامته بل يأتيه الناس فيطلبون منه الشفاعة في ذلك اليوم الشديد فيقولون له صلى الله عليه وسلم ما يقولونه للانبياء قبل الا ترى ما نحن فيه؟ الا ترى الى ما قد بلغنا فاشفع لنا عند ربك ان يأتي لفصل القضاء. اي يأتي الحكم بين الناس وذلك ان الناس يصيبهم من الشدة والكرب والبلاء وصعوبة الحال ما يضيق بهم المقام في ذلك اليوم العظيم والكرب الشديد الذي تدنو فيه الشمس من رؤوس الخلائق قدر ميل. فيكون وذلك شديدا على الناس فيأتون الى الانبياء يبدأون بادم عليه السلام فيحيلهم الى نوح نوح يحيلهم الى ابراهيم يحيله الى موسى. موسى يحيلهم الى عيسى. عيسى يحيلهم الى النبي صلى الله عليه وسلم. وكلهم يعتذر الا صلى الله عليه وسلم يقول انا لها انا لها. فهو مقامه المحمود الذي يحمده عليه الاولون والاخرون صلوات الله وسلامه عليه وبه يظهر ما جاء في الصحيح من حديث انس انا سيد ولد ادم يوم القيامة ولا فخر انه جمع الفضائل وعلو المنزلة فيأتيه كل احد صلوات الله وسلامه عليه من الناس يطلب منه ان يشفع عند رب العالمين فيشفع صلى الله عليه وعلى اله وسلم في في فصل القضاء ثم يأتي الفصل الخاص او الشفاعة الخاصة وهي شفاعته صلى الله عليه وعلى اله وسلم في امته ان يدخلهم الجنة. ولذلك جاء في الصحيح انه قال صلى الله عليه وعلى اله وسلم كما في مسلم من حديث انس انا اول شفيع في الجنة. اي اول من يشفع في دخول الجنة النبي الله عليه وعلى اله وسلم. وبيان ذلك ما جاء في الصحيح من انه يأتي صلى الله عليه وسلم الى باب الجنة فيقول الخازن من؟ فيقول محمد بك امرت لا افتح لاحد قبلك. كل هذا من المقام المحمود الذي رجاه الله تعالى ان يبلغه بقيام الليل والتهجد فيه ومن الليل تهجد به نافلة لك عسى ان يبعثك ربك مقاما محمودا ثم ذكر المصنف رحمه الله شيئا من عمله صلى الله عليه وسلم في قيام الليل وهو ما كان يستفتح به قيام الليل من ذكر الله وتمجيده وتحميده