انا عند ظن عبدي بي اذا ذكرني في نفسه ذكرته في نفسي واذا ذكرني في ملأ ذكرته في ملأ خير منه ومن تقرب الي شبرا تقربت اليه ذراعا ومن تقرب الي ذراعا يعني الظعف الحمد لله حمدا كثيرا طيبا مباركا فيه. كما يحب ربنا ويرضى احمده حق حمده له الحمد كله اوله واخره ظاهره وباطنه. واشهد ان لا اله الا الله اله الاولين والاخرين. لا اله الا هو الرحمن الرحيم واشهد ان محمدا عبد الله ورسوله صلى الله عليه وعلى اله وصحبه ومن اتبع وارتفاع اثره باحسان الى يوم الدين. اما بعد فان الله عز وجل ذكر في سورة القدر ما عظم به هذه الليلة وما خصها به من الخصائص القدرية الكونية فقال جل وعلا انا انزلناه في ليلة القدر وما ادراك ما ليلة القدر ليلة القدر خير من الف شهر تنزل الملائكة والروح فيها باذن ربهم من كل امر. سلام هي حتى مطلع الفجر. وهذه السورة كريمة اخبر الله تعالى فيها بما خص به هذه الليلة وبما ميزها به من عظيم الفضل وكبير الثواب. فهو اضافة الى ذكر الخاصية القدرية التي خص بها هذه الليلة ذكر فظلها وعظيمها الاجر الذي خصها به دون سائر الليالي. وفي هذا المجلس ان شاء الله تعالى سنقرأ الاحاديث الواردة في ليلة القدر في كتابه صحيح البخاري ونعلق على ما يسر الله تعالى من ذلك. نعم بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه اجمعين اللهم اغفر لنا ولوالدينا ولشيخنا وللسامعين والمستمعين ولجميع المسلمين الاحياء منهم والميتين. قال الامام محمد ابن اسماعيل ابن المغيرة البخاري رحمه الله ورضي عنه. كتاب فضل ليلة القدر. باب فضل ليلة القدر وقول الله تعالى ادراك ما ليلة القدر. ليلة القدر خير من الف شهر. تنزل والروح فيها باذن ربهم من كل امر. سلام هي حتى طلائع الفجر قال ابن عيينة ما كان في القرآن ما ادراك فقد اعلنه وما قال وما يدريك انه لم يعلن. طيب. قال المصنف رحمه الله كتاب فضل ليلة القدر. اي ما ورد في هذه الليلة من مزايا والخصائص التي جعلتها التي جعلتها ليلة فاضلة مقدمة على غيرها من الليالي. ليلة القدر هي خير ليالي السنة. وهذا محل اتفاق بين اهل العلم فعامة اهل العلم على ان ليلة القدر افضل ليالي السنة. وهذا بالنظر الى ما الله تعالى به من الخاصية القدرية وما رتبه الله تعالى على العمل الصالح فيها من الاجر والمثوبة ففظل ليلة القدر راجع الى امرين الامر الاول امر قدري وهو ان الله اصطفاها من بين سائر ليالي الزمان فجعلها محلا لانزال القرآن. هذه الخاصية القدرية الكونية التي خصت بها هذه الليلة. ثم هناك بعد هذا الفضل فضل اخر وهو ان هذه الليلة خصها الله تعالى بجزيل العطاء لعباده وعظيم الاحسان عليهم وهي ليلة فاضلة من حيث عظيم الاجر المرتب على العمل الصالح فيها. جاء ذلك في نصين او في ثلاثة نصوص الاول قول الله عز وجل انا انزلناه في ليلة مباركة اي كثيرة البركة وكثرة البركة اي كثيرة الخير والبر والاحسان والفضل. واما الدليل الثاني فهو قوله تعالى وما ادراك ما ليلة القدر ليلة القدر خير من الف شهر واما الدليل الثالث فهو قول النبي صلى الله عليه وسلم فيما رواه البخاري ومسلم من حديث ابي بسلامة عن ابي هريرة رضي الله تعالى عنه انه قال من قام ليلة القدر ايمانا واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه فتبين بهذا ان ميزة ليلة القدر عن سائر الليالي ترجع الى امرين الى تخصيص قدري واصطفاء لهذه الليلة من بين سائر الليالي في انزال القرآن وفي كونها ليلة يقضي الله تعالى فيها الحوادث العامة هذا الجانب الكوني القدري الذي هو من فعل الله عز وجل. واما الجانب الاخر فهو ما يتعلق بفضلها في حق العاملين فيها بالصالحات والمجتهدين فيها بالقربات فهؤلاء ينالون فهؤلاء ينالون فضلين الفضل الاول مضاعفة الاجور فالعمل الصالح فيها يعدل عمل الف شهر كما قال الله بل بل العمل الصالح فيها خير من الف شهر كما قال جل وعلا وما ادراك ما ليلة القدر ليلة القدر خير من الف شهر. اي لو وزن العمل الصالح في هذه الليلة بعمل صالح في الف شهر فانه يرجح العمل الصالح في هذه الليلة على عمل في الف شهر دلت الاية لانه قال خير اي اخير وافضل واكثر ثوابا وعطاء واجرا واحسانا ومثوبة من العمل في الف شهر. وهذا يبين بيانا واضحا ان هذه الليلة فيها ميزة عظيمة من حيث مضاعفة الاجور. ولم يخص ذلك بنوع من العبادة. دون غيره بل اطلق ذلك في قوله خير من الف شهر في كل بر وصلاح وفي كل عمل وطاعة وقوله صلى الله عليه وسلم فيما رواه البخاري ومسلم من حديث ابي هريرة من قام ليلة القدر ايمانا واحتسابا يبين لنا وجها اخر من فضيلة الليلة وهي انها ليلة حط الاوزار. ومغفرة السيئات والتجاوز عن الخطايا والذنوب وهذا وجه غير الوجه الاخر. هذا وجه غير الوجه السابق في الفضل. ففضل المضاعفة غير فضل حط الاوزار والسيئات فهذا فضل وذاك فضل وكلاهما اجتمعا في هذه الليلة وبه يتبين. ويفسر قول الله عز وجل انا انزلناه في ليلة مباركة. فهي مباركة بمضاعفة الحسنات. وكثرة الاجور والعطايا كما انها مباركة بحط الخطايا بحط السيئات بمغفرة الزلات الصغير منها والكبير على الراجح من قوله اهل العلم رحمهم الله. وبهذا تسمو هذه الليلة على سائر ليالي الزمان فليس في الليل فليس في ليالي الزمان ليلة فيها هذا الفضل الذي ذكره الذي ذكره الله تعالى في كتابه وذكره رسوله صلى الله عليه وسلم في سنته. ولعظيم فضل هذه الليلة انزل الله صورة تبين شأنها وتشرح فظلها وتبين مكانتها وهي سورة القدر وقد صدر المصنف رحمه الله باب فضل ليلة القدر بذكر هذه السورة. فقال باب فضل ليلة القدر اي ما جاء فيها من الفضائل. وكان سنام ذاك ما ذكره الله في سورة القدر. ولذلك قال رحمه الله وقول الله وقول الله تعالى انا انزلناه في القدر ولم يتقدم ذكر للقرآن قبل هذا لكن السياق معلوم ان المقصود بالمنزل هنا او بالمنزل هنا هو القرآن الظمير في قوله انا انزلناه عائد الى القرآن انا انزلناه في ليلة القدر اي في الليلة التي تعرف بليلة القدر وسميت هذه الليلة بهذا الاسم لعدة اسباب قيل سميت هذه الليلة بليلة القدر لانها ليلة الشرف ليلة المكانة العظمى ليلة الكبرى ليلة الفظيلة الخاصة التي ميزتها عن سائر ليالي الزمان فالقدر هنا بمعنى المكانة والشرف والمنزلة. وهذا مطابق فهي ليلة شرف ومنزلة ومكانة قدرا وشرعا القدرا باصطفاء الله لها شرعا بما شرعه فيها من الاعمال التي تضاعف الاجور وتحط الخطايا والاوزار اذا هذا احد الاسباب في تسمية هذه الليلة بليلة القدر. وقيل سميت هذه الليلة بليلة القدر لانها ليلة الحكم كما قال الله جل وعلا فيها يفرق كل امر حكيم. اي فيها يقضى. كل امر محكم وهذا اشارة الى القضاء الحولي القضاء السنوي الذي يقضي الله تعالى فيه حوادث السنة وذاك فيه هذه الليلة فان الله يقضي فيها ما يشاء مما يكون في العام القادم. ولذلك سميت ليلة القدر اي ليلة التقدير ليلة الحكم ليلة القضاء وهذا هو المعنى الثاني وهو معنى مطابق لانه يقضي الله فيها اقدار العام القادم كما دل عليه قوله جل وعلا فيها يفرق اي يحكم ويقضى كل امر حكيم اي امر محكم من امره القدري الكوني سبحانه وبحمده. هذا هو المعنى الثاني تسمية هذا هذه الليلة بليلة القدر. وقيل سميت بليلة القدر لان الارض تضيق فيها فهي ليلة قدر اي ليلة ضيق ذاك ان الارض تضيق بالملائكة لكثرة تنزلهم. ومنه قوله جل وعلا فمن قدر ومن فمن قدر عليه رزقه قدر اي ضيق واما الانسان اذا ما ابتلاه ربه فاكرمه ونعم فيقول ربي اكرم واما اذا ما ابتلاه ربه فايش؟ واما اذا ما فقدر عليه رزقه اي ضيق عليه رزقه فقالوا ان ان انها سميت ليلة القدر لضيق الارض بالملائكة كما قال الله جل وعلا تنزل الملائكة والروح فيها باذن ربهم من كل امر. فالملائكة تنزل تتنزل والمقصود بالملائكة هنا ملائكة الرحمة ملائكة الاحسان ملائكة البر ملائكة الفضل ملائكة العطاء حتى تضيق بهم الارض ولذلك سميت ليلة القدر. والذي يظهر والله اعلم ان هذه المعاني قريبة. الا ان المعنيين الاولين اقرب في بيان فضل هذه السورة. واما تنزل الملائكة فانه لا تضيق بهم الارض بل تنزلهم رحمة وبر واحسان وفضل يحصل به على الخلق من السعة والفضل والاحسان ما يدركون به خيرا من رب العالمين ولذلك اقرب ما يقال في سبب تسمية هذه الليلة بليلة القدر انها ليلة الحكم والقضاء وانها ليلة الفضل والشرف المنزلة والمكانة وقد ذكر الله تعالى فظلها في هذه السورة قال جل وعلا انا انزلناه في ليلة القدر وهذا ابرز احداث هذه الليلة ان الله اصطفاها للقرآن واذا ضمنت هذه الاية مع اية سورة البقرة شهر رمضان الذي انزل فيه القرآن تبين لك ان ليلة القدر لا تخرج عن ليالي رمضان. ولذلك كان النبي صلى الله عليه وسلم يجتهد في طلبها في في ليالي رمضان حتى اخبر انها في العشر الاواخر صلى الله عليه وسلم فاستقر اعتكافه في رمظان في العشر الاواخر تحريا لليلة القدر. انا انزلناه في ليلة القدر وما ادراك ما ليلة القدر. هذا تعظيم لشأنها وعظيم فضلها وكبير منزلتها. وقد نقل البخاري رحمه الله عن عن سفيان ابن عيينة التفريق بين قوله ما يدريك وما ادراك فقال رحمه الله ما كان في القرآن ما ادراك فقد اعلمه اي اعلم الله تعالى رسوله بشأن ذاك الذي قال فيه ما ادراك. وما كان وما قال وما يدريك فانه لم يعلمه. اي استأثر بعلمه ولم يظهره ولم ولم يظهره للنبي صلى الله عليه وسلم كقوله تعالى وما يدريك لعل الساعة تكون قريبا والساعة لم يخبره بها جل في علاه واما ما ادراك فانه قد جاء اعلام الله عز وجل لرسوله كهذه الاية حيث قال جل وعلا وما ادراك ما ليلة القدر ثم بين شيئا من شأنها وفضائلها ومنزلتها فكان ذاك على وجه التفخيم لشأنها. قوله وما ادراك ما ليلة القدر تفخيما لشأنها وتعظيما لقدرها وبيانا لكبير منزلتها واصطفاء الله تعالى لها وما ادراك ما ليلة القدر ليلة القدر خير من الف شهر هذا ما في ما يتعلق بالفظائل الباقية واما الفظائل الماظية فهو ان الله اصطفاها لانزال القرآن فمن الفضائل الباقية لهذه الليلة التي تتجدد كل عام مع كل ليلة قدر انها خير من الف شهر ان اهل القرآن فضل حدث حدث كوني وقع وانتهى لكن بقي من خيرات وبركات هذه الليلة ما يتجدد كل ما يتجدد كل عام ومن ذلك هذا الذي ذكره الله تعالى في قوله جل في علاه وما ادراك ما ليلة القدر ليلة بقدر خير من الف شهر اي اخير وافضل فخير افعل تفضيل لكن للتسهيل تركت الهمزة في كلام العرب. والا فالمعنى اي انها اخير وافضل اذا وزنت بالف شهر فهي خير من الف شهر في العمل المترتب في الاجر المترتب على العمل فيها وقوله الف شهر عدها العلماء بثلاث وثمانين سنة. اي ان العمل في ليلة القدر افضل من العمل وثمة فضل دائم مستمر لا ينقطع يتكرر مع تكرر هذه الليلة وهو فضيلة العمل الصالح فيها والامر الثاني حط الاوزار والخطايا وهذا فيما يتعلق بالعمل. عمل الانسان. والامر الثالث ما يتعلق بقضاء الله في ثلاث وثمانين سنة بفرائضها ونوافلها بفرائضها ونوافلها بواجباتها ومستحباتها وقال اخرون بل المراد بقوله خير خير من الف شهر انها افضل من الدهر كله اذا خلا من ليلة القدر وانما ذكر الف شهر لانه الاقصى في تحقيق العبودية الاعلى في تحقيق العبادة لله ان يعبد الانسان ربه الف شهر. فالعرب تطلق ذلك ويراد به انها خير من الزمان كله العمل فيها افضل من العمل في زمن طويل ممتد وذاك يدل على كبير الفضل وانه لا يحد فقط لثلاث وثمانين سنة. وهذا القول فيما يظهر لي اقرب الى الصواب. وان العمل في هذه يعدل عملا صالحا بل هو خير من عمل صالح في الزمن كله اذا خلا من ليلة القدر ولا يحد ذلك بثلاث وثمانين سنة فان فضل الله واسع وعطاءه جزيل وينال وينال ما عنده من الخير بصدق النوايا وصلاح العمل وبذل المجهود في نيل فضله جل في علاه وما عند الله خير وابقى اذا قوله جل وعلا ليلة القدر خير من الف شهر لا تقتصر على ثلاث وثمانين سنة كما ذكر ذلك جماعات من المفسرين بل هي اوسع من ذلك لتشمل الموازنة بين العمل في هذه الليلة وبين العمل في سائر الدهر في كل الزمان العمل في ليلة القدر افضل من العمل في كل الزمان الذي ليس فيه ليلة القدر بعد ذلك ذكر ما يتعلق بحال الملائكة في هذه الليلة. يقول جل وعلا تنزل الملائكة والروح فيها باذن ربهم اي هذا التنزل من الملائكة وتنزل جبريل عليه السلام لان الملائكة جنس وقوله والروح المراد به جبريل عليه السلام وهو اشرف الملائكة وانما خصه لانه اشرفهم فخصه لانه اشرفهم فخصه بالذكر مع دخوله في قوله تعالى الملائكة. تنزل الملائكة والروح فيها باذن ربهم اي بامره قضائه وعلمه جل في علاه باذن ربهم من كل امر اي لكل امر والمقصود بالامر هنا الاوامر القدرية الكونية التي يقضيها الله عز وجل في هذه الليلة ثم بعد ذلك قال سلام اي هذه الليلة سلام وما معنى سلام؟ اي انها سالمة من الشرور والافات وهذا لاهل الطاعة والاحسان ولا يعني ذلك ان لا يقع في هذه الليلة شيء مما يكرهه الانسان او ان لا يقع في الكون مكروهات قد يقع فيها ما يقع مما يقضيه الله عز وجل ويقدره لكنها هي سلام على من صدق في اسلامه وايمانه ولذلك قال المفسرون سلام لاوليائه سلام لاهل طاعته سلام لمن صدق في الاقبال عليه فيسلمهم الله تعالى من الشرور والافات في هذه الليلة ولا يعني هذا ان تكون هذه الليلة ليلة على خلاف المعتاد في حالها من حيث برودة الجو وسيأتي التفصيل في هذا وهل هناك علامات تتعلق بالبرودة والحرارة او الطلاقة او ما الى ذلك سيأتي التعليق على هذا في موضعه المقصود بالسلام هنا ما ذكره المفسرون من السلامة من الشرور والافات ولكن هذا ليس عاما بل هو لاولياءه وعباده وما وما يقال انه لا ينبح لا ينبح فيها كلب وما الى ذلك من مما يذكره بعض المتكلمين في فضل ليلة القدر يحتاج الى دليل وهذا لا يمكن ان يثبت الا بنص. فالسلامة المقصود بها هنا سلامة الدين. وسلامة العمل وسلامة المال وسلامة البدن لاهل الطاعة والاحسان ثم بعد ذلك بين توقيتها فقال هي حتى مطلع الفجر هي اي ليلة القدر حتى مطلع الفجر اي انه تتنزل الملائكة وتدرك الخيرات وتحصل الفضائل الى طلوع الفجر وهذا بيان لوقت ما تقدم ما تقدم هو ذكر لفضائلها ابتداء من قوله وما ادراك ما ليلة القدر ليلة القدر خير من الف شهر. تنزل الملائكة والروح فيها باذن ربهم من كل امر. سلام ثم قال هي حتى مطلع الفجر فهذا بيان لتوقيتها حتى يجتهد المجتهد في كل لحظات هذه الليلة. ويعمر كل ليلة كل ليلة بالصالحات من ذكر الله والاقبال عليه وصدق الرغبة فيما عنده ليدرك فضل الله وعطاءه واحسانه. فان ذاك لا يختص باول الليل ولا باوسطه ولا باخره. بل هو عام لكل الليل اوله واخره ساق المصنف رحمه الله هذه الايات الكريمات في اول كتاب في اول كتاب فضل ليلة القدر وفي اول باب ليلة القدر ليبين مجمع الفضائل ونلخص الكلام المتقدم ان فظل ليلة القدر منه ما مضى ومنه وما هو باقي. ما مضى انزال القرآن. وهذا فضل قدر كوني حصل وانتهى ورتب الله عليه عملا شرعيا وهو الصوم في هذا الشهر قال الله عز وجل فمن شهد منكم الشهر فليصمه حكمه وهو انه جعل هذه الليلة محلا للتقدير الحولي. للتقدير السنوي هذا ملخص ما في هذه الليلة من الفضائل. ما في هذه الليلة من الخصائص. رأس ذلك ومبدأه انه الليلة التي اصطفاها الله عز وجل لانزال القرآن. هذا واحد. ثم بعد ذلك هي الليلة التي يقضي الله تعالى فيها اقضية العام ثم بعد ذلك انها الليلة التي تعظم فيها الاجور وتضاعف فيها العطايا والهبات. ثم بعد ذلك انها الليلة التي يحط الله بها الخطايا. وبهذا نعرف فضل هذه الليلة. واذا عرفنا فضل الليلة نشطت نفوسنا الى احياء هذه الليالي طمعا في ادراك ليلة القدر وان مما يسأل عنه كثير من الناس فيما يتعلق بليلة القدر هل ليلة القدر ليلة محددة في كل عام تتكرر في نفس التوقيت؟ ام انها ليلة منتقلة للعلماء في ذلك قولان فمنهم من رأى انها محددة في ليلة من الليالي واختلفوا في تعيينها ومنهم من قال ان ليلة القدر ليلة منتقلة وليست ثابتة في العشر الاواخر. بمعنى ليست في ليلة من العشر الاواخر بل هي منتقلة في العشر فسنة ففي سنة تكون في احدى وعشرين وفي سنة تكون في ثلاث وعشرين وفي سنة تكون في خمس وعشرين وفي سنة تكون في سبع وعشرين وفي سنة تكون في تسع وعشرين قد تكون في الاشفاع من لا يعني العشر الاواخر وهذا الذي عليه جمهور العلماء وهو الذي دلت عليه ظواهر النصوص في تحري النبي صلى الله عليه وسلم واصحابه ليلة القدر. فقد ثبت في الصحيحين من حديث ابي سعيد الخدري رضي الله تعالى عنه ان النبي صلى الله عليه وسلم اخبر انه يسجد في صبيحة ليلة القدر في ماء وطين. ووقع ذلك في حديث ابي سعيد في ليلة وعشرين وثبت عنه صلى الله عليه وسلم انه قال ارى رؤياكم قد تواطأت فمن كان في السبع الاواخر فمن كان متحريها فليتحرها في السبع الاواخر ومعلوم ان ليلة واحد وعشرين خارج عن السبع الاواخر وهذا في عام اخر وجاء في موطأ الامام مالك وكذلك في مصنف عبد الرزاق من حديث عبد الله بن انيس الجهني انه قال للنبي صلى الله عليه وسلم يا رسول الله اني صاحب غنم وبادية ويشق علي ان احظر الصلاة كل ليلة فاخبرني بليلة انزل فيها تمام يقصد ليلة القدر التي يرجى ان تكون ليلة القدر فقال له النبي صلى الله عليه وسلم كما في موطأ مالك او ليلتين. يعني اخبركم بليلتين. قال بل ليلة يا رسول الله رجل مشغول بماله ويريد ان يتفرغ في ليلة فقال انزل في ليلة ثلاث وعشرين هذه الليلة في ليلة ثلاث وعشرين الصحابة كما في رواية اخرى لم يسمعوا ذلك لان النبي سار بها الرجل فطلبوا الليلة التي ينزل بها الجهني رضي الله تعالى عنه فكانت ليلة ثلاث وعشرين فكانوا يتحرون الليلة التي نزل فيها فنزل فحظروا لما نزل وصلوا واجتهدوا في تلك الليلة هذا الحديث اسناده جيد رجاله ثقات وهو في موضع الامام مالك وعند عبد الرزاق باسناد جيد. هل يعني هذا ان ليلة القدر في كل ليلة الى الثلاث وعشرين الجواب لا لانه ثبت انها في ليلة احدى وعشرين وثبت انه قال تحروها في السبع الاواخر. وجاء في حديث عبده عن زر عن عبد الله بن مسعود عن ابي بن كعب رضي الله تعالى عنه انه قالوا له ان اخيك عبد الله ابن مسعود يقول من قام السنة كلها اصاب ليلة القدر من قام السنة كلها اصاب ليلة القدر فقال والله الذي لا اله غيره حلف ولم يستثني اني لاعلمها وانها الليلة التي امرنا بها رسول الله صلى الله عليه وسلم. وانها ليلة سبع وعشرين اختلف التحديد مر في معنا بانها ليلة احدى وعشرين ومر معنا في حديث عبد الله بن انيس الجهني انها في ليلة كم؟ ثلاثة وهذا ابي يحلف ولا يستثني والحديث في صحيح الامام مسلم بانها ليلة سبع وعشرين وانها التي امرهم النبي صلى الله عليه وسلم ان يجتهدوا فيها وزاد بيانا لوصفها في حديث ابي فقال وامارتها ان تطلع الشمس في صبيحتها ليس لها شعاع وفي بعض الروايات اخبر ابي انه تتبعها سنوات فكانت توافق ليلة سبعة وعشرين فكان رضي الله تعالى عنه يرى انها ثابتة في ليلة سبع وعشرين بناء على ما سمعه من النبي صلى الله عليه وسلم والصحيح ان ليلة القدر تكون في العشر الاواخر وانها في الاوتار من العشر الاواخر ارجى من غيرها وانها في ليلة سبع وعشرين ارجى ما تكون. لكن لا يعني هذا الجزم بانها في ليلة من هذه الليالي. بل كل الليالي محل بل كل الليالي محل للاجتهاد والعمل كما دلت على ذلك النصوص وبه نفهم مجموع ما ورد من النصوص حتى لا يضطرب في ذهن الانسان كيف تقولون؟ يعني الان اليوم مثلا كثير من الناس يسألون ويقولون ما رأيك في ليلة الجهني يقصدون به حديث عبد الله؟ ابن انيس الجهني. وانها ليلة القدر بناء على الحديث وسيأتي في ليلة سبعة وعشرين من يقول ان النبي صلى الله عليه وسلم امر بها ابي واقسم على ذلك ابي. ونقول في كل ذلك كل ذلك وردت به الادلة وكله خير لكن الذي ينبغي للمجتهد ان يحرص على عمارة هذه الليالي جميعا بالخير لئلا يفوته فضل الله. والصحابة قد تنوعت رؤاهم فمنهم من رآها في ليلة ثلاث وعشرين ومنهم من رأى في ليلة خمسة وعشرين لذلك قال النبي صلى الله عليه وسلم في ما اخبر به ابن عمر التمسوها في السبع الاواخر. في وتر من السبع الاواخر وجاء من حديث عائشة ومن حديث ابي هريرة وعن عبد الله بن عباس وكل هذه الاحاديث في الصحيح وسيمر علينا بعضها. المقصود ان جميع الليالي هذه محل الاجتهاد فاذا كان اخبار الانسان عن ليلة من الليالي يفضي الى الكسل في غيرها فينبغي الا يخبر وانا اقول لكم هذا رسول الله اخبر بعلامة ظاهرة رآها الصحابة وهي ليلة احدى وعشرين لما قال صلى الله عليه وسلم اني اريد اني اسجد في صبيحتها في ماء وطين ومع ذلك لم يقتصر عن العمل بقية الليالي ولم يكتفوا بالاجتهاد في تلك الليلة فقط بل عملوا فيها وما بعدها واتموا الى اخر العشر الاواخر من رمضان الى تمام رمضان. فينبغي لنا ان نجد وان نجتهد وما هي الا ساعة ثم تنقضي ويصبح ذو الاعمال فرحان جادلا. ما هي الا ساعات وسرعان ما تنقضي. والانسان ان لم يشغل نفسه بالطاعات اشغلته الشرور والباطل فنفسك ان لم تشغلها بالطاعة شغلتك بالباطل. وهذا موسم يا اخواني. اذا تذكرت ان هذه الليلة ليلة سعادة وبر يبلغك الله فيها من العمل الف شهر بل خير من الف شهر كما قال جل في علاه في سورة قدر اليس هذا حري بان نجتهد وان نبذل طاقتنا ووسعنا ونري الله من قلوبنا خيرا بالعزائم الصادقة والنوايا الصحيحة والايرادات السليمة في الرغبة فيما عنده هذا من مواطن الرغبة فيما عند الله. ومن صدق الله صدقه الله وفتح له من ابواب العطايا ما لا يرد له على بال اذا فتح الله لك الباب والله ستجد من فضل الله والتنعم بذكره وعبادته والتلذذ بالاقبال عليه ما ينسيك كل تعب ويذهب بكل عناء يكفي في ذلك حال سيد ولد ادم صلى الله عليه وسلم. حيث كان يصل صيام اليوم باليوم ويقول اني ابيت اطعم واسقى لم يكن يؤتى له بطعام صلى الله عليه وسلم. كان يصل صيام اليوم باليوم لاشتغاله بالطاعة والذكر والعبادة لكن هذه العبادة والطاعة وذاك التعب والنصب في طاعة الله ينقلب الى طاقة وقوة وقدرة تغنيه عن الطعام والشراب ولهذا يقول اني ابيت عند اني ابيت يطعمني ربي ويسقيني. بعض الناس يقول انه يؤتى له بطعام من الجنة. وهذا غير صحيح لو كان يؤتى له بطعام من الجنة ما كان مواصلا لكان مفطرا لقال انا اكل لكني اكل من ثمار الجنة لكنه كان صلى الله عليه وسلم يستغني بذكر الله والتلذذ بمناجاته تلاوة كلامه ومدارسة القرآن العظيم والقيام بين يديه والتذلل له يستغني بذلك عن قوت البدن من الطعام والشراب فاقول يا اخواني لنور الله عز وجل من انفسنا خيرا. ونصدق فيما في رغبتنا فيما عنده. ومن صدق الله صدقه الله. من صدق الله اعانه الله والذين جاهدوا فينا لنهدينهم سبلنا ويكفي انكم تسمعون ما في الصحيحين من حديث ابي هريرة وهو حديث الهي قال فيه النبي صلى الله عليه وسلم يقول الله ومن تقرب الي ذراعا تقربت منه باعا ومن اتاني يمشي اتيته هرولة. فاصدقوا في الاقبال على الله وامنوا منه خيرا وستجدون فضلا وبرا واحسانا وطمأنينة ولذة تفوق كل اللذات لذة الطاعة والايمان ليس لها نظير ولا يعرفها الا من ذاقها نسأل الله ان ان يتفضل علينا بها. وان يذيقنا واياكم طعم الايمان. وان يجعلنا ممن تلذذ هذه اللذة التي هي نعيم الدنيا من لم يذقها قال ابن تيمية رحمه الله من لم من لم يدخل جنة الدنيا لم يدخل جنة الاخرة جنة الدنيا هي نعيم ذكره اللهم اجعلنا من الذاكرين الشاكرين. اللهم اعنا على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك. وفقنا بفضلك الى قيام ليلة القدر واجعلنا فيها من اوفر عبادك نصيبا وحظا في احسانك وبرك وعطائك ومغفرتك. وحسن احسانك يا ذا الجلال والاكرام نقرأ الحديث ثم نستمع الى مجامل الاسئلة روى البخاري باسناده عن ابي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال من صام رمضان ايمانا واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه. ومن قام ليلة القدر ايمانا واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه الشاهد في هذا الحديث قول النبي صلى الله عليه وسلم من قام رمظان من قام من قام ليلة القدر ايمانا واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه نحن هذا الحديث انا لو سألت بعض بعض الحاضرين كم مرة سمعناه في هذا الشهر لا قال سمعناه مرارا وتكرارا لكن السؤال الاخ اللي امس اجاب على السؤال موجود ما ما التقيته الاخ اللي اجاب اذا احد يعرفه يوصلنا اليه. الحديث فيه ايمانا واحتسابا. من قام رمظان ايمانا واحتسابا. من صام مضال ايمانا واحتسابا. من قام ليلة القدر ايمانا واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه فما هو الايمان وما هو الاحتساب وما الفرق بينهما الايمان هو الاقرار فرض ذلك وشرعه وطمأنينة القلب بذلك هذا معنى الايمان والاحتساب هو الطمع في الاجر والمثوبة على ذلك من الله لا من سواه الطمع والمثوبة في ذلك اي في ذلك العمل من الله لا من سواه وانا اقول هذا قيد وشرط في ثواب كل الاعمال وليس خاصا بالقيام ولا بالصيام ولا بقيام ليلة القدر. كل الاعمال لا تنال اجرها وفظلها الا اذا تحقق هذان الوصفان هذان الشرطان الايمان والاحتساب وانما نص على ذلك في هذا العمل وفي غيره ايضا من الاعمال ل سببين يعني لماذا ينص على الاحتساب في بعظ الاعمال؟ ولا ينص عليه في بعظ في البعظ الاخر. ما في حديث من صلى الفجر ايمانا واحتسابا من قل البردين ايمانا واحتسابا دخل الجنة. بل الحديث من صلى البردين دخل الجنة. وين الايمان والاحتساب؟ يقال في هذا انما فيه الايمان والاحتساب هو لسببين اما لمشقة العمل فيحتاج الى التذكير بالايمان والاحتساب هذا واحد واما لكون النية يغفل عنها في العمل فيحتاج ان يذكر الانسان الى الاحتساب. يذكر الانسان بالاحتساب حتى يحصل له الاجر. ومثال ذلك قول النبي صلى الله عليه وسلم لم في حديث عامر بن سعد عن ابيه سعد ابن ابي وقاص انه قال صلى الله عليه وسلم انك لن تنفق نفقة تحتسبها عند الله الا اجرت عليها حتى ما تضع في في امرأتك في فمك قوله انك لن تنفق نفقة تحتسبها عند الله. هذا تنبيه لامر يغفل عنه كثير من الناس. كثير من الناس ينفق على زوجته وعلى ولده وعلى اهله وعلى من تجب عليهم النفقة دون استحضار لمعنى الاجر والثواب. فيقال له انه يفوتك الاجر عندما لا تحتسب انت مأجور لكن يفوتك كماله مضاعفته اذا لم تنوي. فذكر الاحتساب لفائدتين هو مشترط في كل الاعمال لكنه عندما يذكر لواحد من امرين اما لكون العمل شاقا هذا واحد واما ايش السبب الثاني؟ واما انه مما يغفل عنه فذكر النبي صلى الله عليه وسلم بالاحتساب. ومثال ما ذكرت في حديث سعد ابن ابي وقاص رضي الله تعالى عنه وحتى نختصر الايمان والاحتساب ونتذكر انه الايمان والاحتساب هما الباعث والغاية ايمانا الذي حملك على العمل ما هو الايمان؟ هو الذي حملك على العمل هو الباعث على العمل. الاحتساب هو الغاية. لماذا تعمل تحتسب الاجر عند الله لا ترجو سواه لا لا تعمل العمل مكافأة ولا رياء ولا سمعة ولا لامر من الامور التي يدرك الناس منافعها في الدنيا انما ترجو ثواب ذلك من الله فالايمان هو الباعث والاحتساب هو الغاية. قيد هذه فانك قد لا تجدها في كلام كثير من الذين تكلموا عنه في تفسير الايمان والاحتساب الايمان هو الباعث على العمل والاحتساب هو غايته هو مقصوده هو المنتهى الذي يصير اليه المنتهى والنهاية التي يصير اليها نسأل الله ان يعيننا واياكم على قيام ليلة القدر ايمانا واحتسابا