وكما قال ان كل شيء خلقناه بقدر وكما قال والذي قدر فهدى والذي قال جل في علاه وخلق كل شيء فقدره تقديرا هذا معنى قوله وقدر لهم اقدارا ايقظا جل في علاه بعد ذلك قال في المصنف رحمه الله خلق الخلق بعلمه نعم بسم الله الرحمن الرحيم. الحمد لله رب العالمين. والصلاة والسلام على اشرف الانبياء والمرسلين. نبينا محمد وعلى اله وصحبه اجمعين. اما بعد فاللهم اغفر لنا ولشيخنا ولوالدينا والحاضرين وجميع المسلمين قال الامام الطحاوي رحمه الله تعالى خلق الخلق بعلمه وقدر لهم اقدارا. وظرب لهم اجال ولم يخفى عليه شيء قبل ان يخلقهم. وعلم ما هم عاملون قبل ان يخلقهم. وامرهم بطاعته ونهاهم اهم عن معصيته وكل شيء يجري بتقديره ومشيئته ومشيئته تنفذ لا مشيئة للعباد الا ما شاء لهم فما شاء لهم كان وما لم يشأ لم يكن يهدي لمن يشاء ويعصم ويعافي فضلا ويضل من يشاء ويخذل ويبتلي عدلا وكلهم يتقلبون في مشيئته بين فضله وعدله وهو متعال عن الاضداد والانداد لا راد لقضائه ولا معقب لحكمه ولا لامره امنا بذلك كله وايقنا ان كلا من عنده هذا المقطع من كلام المؤلف رحمه الله هو تقرير بعض ما يتعلق بمسألة الايمان بالقدر باصل الايمان بالقدر بهذا المقطع من كلام المؤلف يتصل باصل الايمان بالقدر والايمان بالقدر اصل من اصول الايمان لا يتم ايمان احد الا بان يؤمن القدر خيره وشره والايمان بالقدر يقتضي الايمان مراتب ودرجات ذكر مصنف رحمه الله جملة منها في هذا المقطع فمن لوازم الايمان بالقدر الايمان بان الله خلق الخلق ومن لوازم الايمان بالقدر الايمان بان الله تعالى شاء ما يكون من الخلق فما شاء كان وما لم يشاء لم يكن ومن لوازم الايمان بالقدر الايمان بان الله تعالى علم ما الخلق عاملون ومن لوازم الايمان بالقدر الايمان بانه لا لا خروج لاحد عن قدر الله تعالى فالقدر هو حكم الله الكوني الذي ينتظم كل ما يكون في الكون من صغير او كبير دقيق او جليل في سماء او ارض في بر او بحر من حيوان او جماد هذا هو القدر حكم الله الكوني وهو ماض على كل احد لا يخرج منه احد ان كل من في السماوات والارض الا اتي الرحمن عبد وكلهم تحت قهره وفي قدرته ولا خروج لهم عن قضائه وقدره قرر المصنف رحمه الله اذا هذا المقطع الذي سنتحدث عنه يتصل باصل ايش الايمان بالقدر. المؤلف رحمه الله كرر الحديث عن الايمان بالقدر في مواضع عديدة هذا اول موضع تكلم فيه عن اصل الايمان بالقدر قرره بقوله خلق الخلق بعلمه اي ان الله تعالى خلق الخلق اوجد جميع الخلق ايجادا وتكوينا مقترنا بعلمه وذلك في انشائهم وابداعهم وتكوينهم تصويرهم وتصريف شؤونهم فهو جل وعلا قد خلق كل الخلق وكل خلقي مشمولون في علمه اي وسعهم علمه جل في علاه وقوله الخلق الالف واللام هنا للاستغراق فيشمل كل الخلق لا يستثنى من ذلك شيء. فكل شيء في الكون الله خالقه كما قال جل في علاه ذلكم الله ربكم لا اله الا هو خالق كل شيء ذلكم الله ربكم لا اله الا هو خالق كل شيء فاثبت انه خالق كل شيء سبحانه وبحمده وقال قل الله خالق كل شيء وهو الواحد القهار وقال الله خالق كل شيء وهو على كل شيء قدير وقال ذلكم الله ربكم خالق كل شيء لا اله الا هو فانى تؤفكون فما من شيء الا الله خلقه جل في علاه. وقوله رحمه الله بعلمه ومثل ما ذكرت اي ان ذلك الخلق مقترن بعلمه فالباء هنا للمصاحبة والمعية والمراد ان ذلك التكوين ذلك الايجاد ذلك الابداع ذلك الخلق مصاحب لعلمه سبحانه فليس غائبا عن علمه بل كل الخلق في علمه جل في علاه وسع كل شيئا رحمة وعلما من دلائل علم الله عز وجل خلقه ولذلك قال تعالى الا يعلم من خلق وهو اللطيف الخبيث فهذا من دلائل اثبات صفة العلم لله عز وجل انه خلق ولذلك قرن المصنف هنا بين الخلق والعلم وقد خلق الخلق بعلمه لقوله تعالى الا يعلم من خلق وهو اللطيف الخبير فالخلق يستلزم العلم بالمخلوق لا يمكن ان يخلق خالق شيئا دون ان يكون عالما به فهو عالم به على وجه التفصيل وهذا على قراءة لا يعلم من خلق اي الا يعلم الذي خلق والقراءة والتفسير الثاني الا يعلم خلقه يعني كيف لا يعلم خلقه وهو الخالق جل وعلا وهذان المعنيان صحيح ان دلت عليهما الاية بل جعل الله تعالى الخلق من اسباب ادراك هذه صفة من اسباب العلم بعلمه جل في علاه. يقول الله تعالى الله الذي خلق سبع سماوات ومن الارض مثلهن يتنزل الامر بينهن لتعلموا ان الله على كل شيء قدير وان الله قد احاط بكل شيء علم فجعل خلق السماوات السبع والاراضين السبع وسيلة وطريق لمعرفة احاطته بكل شيء احاطته علما بكل شيء سبحانه وبحمده فالله سبحانه وبحمده احاط بكل شيء علما وعلمه قد احاط بجميع خلقه كما قال والله بكل شيء عليم وعلمه لا يقتصر على نوع من العلم بل على كل العلم كما هو مقرر فيما سيأتي ان شاء الله تعالى في صفة العلم وانها تشمل الماضي والحاضر والمستقبل ويش ايضا والممكن والواجب والممتنع كل هذا وسعه علمه جل في علاه فقوله خلق الخلق بعلمه هذا اول مراتب الايمان بالقدر ان تعلم بان الله تعالى خلق الخلق وان خلقه مقترن بعلمه فهذا فيه اثبات الخلق مرتبتين فيه اثبات مرتبتين من مراتب الايمان بالقدر العلم والخلق علم الله تعالى بالخلق و خلقه جل وعلا الخلائق قال رحمه الله وقدر لهم اقدارا اي ان الله تعالى جعل لخلقه مقادير في كل شيء من شؤونهم او في كل شأن من شؤونهم وخص كل مخلوق من خلقه بما يناسبه صفة وزمانا ومكانا وعملا واجلا ورزقا وسعادة وشقاء كل ذلك قدره جل في علاه و علمه سبحانه وبحمده فما من شيء الا هو الا وهو مقدر سبق به تقدير الله جل وعلا فلا يخرج شيء من الخلق عن تقدير الله جل في علاه كما قال جل في علاه وكل شيء عنده بمقدار لهم اقضية في كل شؤونهم كما مثلت في ارزاقهم في اجالهم في اعمالهم في شقائهم في سعادتهم في كل شأن من شؤونهم بل في ادق تفاصيلهم بصفاتهم واحوالهم وهذا تقدير لجميع الخلق وقدر لهم اي للخلق الذين خلقهم بعلم يتقدم ذكره وخلق الخلق خلق الخلق بعلمه قال وظرب لهم اجالا هذا من مفردات التقدير هذا فرد من مفردات التقدير ظرب الاجال قال وظرب لهم اجالا اي حدد لهم مددا هدد مددا لاعمارهم تنقضي ببلوغها لا يتجاوزونها فالاجال جمع اجل وهو في اللغة مدة الشيء وغايته هذا في اللغة والمقصود به هنا فيما يظهر والله اعلم الاعمار ومنه قول الله تعالى هو الذي خلقكم من طين ثم قضى اجلا واجل مسمى عنده وايضا منه قول النبي صلى الله عليه وسلم فيما رواه مسلم في صحيحه من حديث عبدالله بن مسعود ان ام حبيبة رضي الله عنها زوج النبي قالت في دعائها اللهم امتعني بزوج رسول الله وبابي ابي سفيان وباخي معاوية فقال لها النبي صلى الله عليه وسلم قد سألت الله لاجال مظروبة اجانب مظروبة اي محددة لا تتغير ولا تتبدل واياما معدودة وانفاس وارزاق مقسومة لن يعجل شيئا قبل اوانه ولن يؤخر شيئا قبل حله ولو كنت سألت الله ان يعيذك من عذاب في النار وعذاب في القبر كان خيرا وافضل المقصود قوله صلى الله عليه وسلم الشاهد قوله لقد سألت الله رئجال مظروبة فقوله وظرب لهم اجالا هذا ذكر لمفرد من مفردات التقدير وهو ما يتعلق ما قدره ما حدده الله تعالى من الاعمار ثم قال رحمه الله ولم يخفى عليه شيء قبل ان يخلقهم عاد الى تفصيل صفة العلم قلنا من مراتب الايمان بالقدر الايمان بايش بعلم الله السابق وهذا تقرير له يقول ولم يخفى عليه شيء قبل خلقهم فهو علم احوالهم قبل خلقهم ولذلك قال وعلم ما هم عاملون قبل ان يخلقهم وقوله رحمه الله ولم يخفى عليه شيء من افعالهم قبل خلقهم تقرير لسبق علم الله تعالى خلق الخلق فالله تعالى سبق علمه بكل ما يكون من خلقه في دقيق الامر وجليله فلا تخفى عليه من خلقه خافية يقول الله تعالى ما اصاب من مصيبة في الارض ولا في انفسكم الا في كتاب اي مكتوبة من قبل ان نبرأها اي من قبل ان نوجدها ان ذلك على الله يسير وقال تعالى الم تعلم ان الله يعلم ما في السماء والارض ان ذلك في كتاب ان ذلك على الله يسير وقال قل لن يصيبنا الا ما كتب الله لنا يدل له ايضا يدل لعلم الله تعالى احوال الخلق ما اخبر به في كتاب مما يكون لخلقه في مستقبل احوالهم كقوله تعالى ولنبلونكم بشيء من الخوف والجوع ونقص من الاموال والانفس والثمرات وبشر الصابرين هذا خبر عما سيكون في المستقبل من ادلة علم الله تعالى بتفاصيل الخلق انه لم يخفى عليه شيء قبل خلقهم ما جاء في الصحيحين من حديث عبد الله بن مسعود من ان الملك من من ان الله تعالى يبعث ملكا على رأس مئة وعشرين يوما الى ما في بطن ما في البطون فيؤمر بكتب اربع كلمات ما في بطون بني ادم فيكتب فيؤمر باربع كلمات يقال له اكتب عمله ورزقه واجله وشقي او سعيد. ثم ثم ينفخ فيه الروح. في صحيح الامام مسلم من حديث عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنه ان النبي صلى الله عليه وسلم قال كتب الله مقادير الخلائق قبل ان يخلق السماوات والارض بخمسين الف سنة مقادير الخلائق اي كل ما يكون من احوالهم حتى هذا المجلس حركة يدي هذه كتب قلمك نبض عرقك كله قد كتبه الله قبل ان يخلق الخلق بخمسين الف سنة ولذلك قال ولم يخفى عليه شيء نكرة في سياق النفي فتعم كل شيء قبل خلقهم ثم قال رحمه الله وعلم ما هم عاملون قبل ان يخلقهم تقرير لما تقدم. اي ان الله تعالى احاط علمه بكل ما يكون من الخلق من الاعمال والاحوال قبل ان يوجدهم وهذا تأكيد للجملة السابقة فلا يخرج عن علمه جل في علاه ما الخلق عاملون وهذا رد على المعتزلة الذين يقولون ان الله تعالى لم يعلم ما يكون من الخلق انما العلم يكون بعد الوقوع في علم الاشياء بعد وقوعها لا قبل حدوثها تعالى الله عما يقول جاهلون علوا كبيرا وقد رد عليهم الصحابة ما احدثوه من قول ان الامر الف اي انه لم يسبق به علم من الله تعالى ومن ابرز من رد عليهم عبد الله ابن عمر رظي الله عنه ثم بعد ان قرر المصنف ما يتعلق بالقدر قال وامرهم بطاعته ونهاهم عن معصيته اي ان الله تعالى امر خلقه بالطاعة ونهاهم عن المعصية طيب ما مناسبة هذا الكلام مناسبة هذا الكلام يعني ما الذي جاء بقضية الطاعة والمعصية دفع ما يتوهم من التعارض بين الشرع والقدر فلذلك قال ان الذي قدر الاقدار واحاط باعمال الخلائق هو الذي امر بالطاعة ونهى عن المعصية فلا تعارظ بين الامر والشرع فقوله رحمه الله وامرهم بطاعته ونهاهم عن معصيته اي ان الله امر خلقه بالطاعة ونهاهم عن كل معصية وفي هذا بيان ان القدر لا يعارض الشرع كما قال تعالى الا له الخلق والامر الخلق يتضمن احكامه القدرية والامر يتضمن احكامه الشرعية وفي هذا الرد على الضلال في مسائل القدر الرد على القدرية وهم الذين نفوا القدر وقالوا ان الله لم يقدر شيئا قبل حدوثه وان وقالوا ان الامر انف اي لم يسبق به قدر رد على الجبرية الذين قالوا ان الامر والنهي يعارض القدر فالعبد مجهور على ما يكون منه لا خيار له فلا يلام على معصية ولا يشكر على احسان فهؤلاء جعلوا القدر حجة في تعطيل الشرع واقتفوا سبيل المشركين الذين قالوا الذين قال الله تعالى عنهم سيقول الذين اشركوا لو شاء الله ما اشركنا ولا اباؤنا ولا حرمنا من شيء والذين قالوا وقال الذين اشركوا لو شاء الله ما عبدنا من دونه من شيء وكذلك الذين احتجوا على ترك الطاعة والاحسان كل ما شبع بالقدر حيث قالوا واذا قيل لهم انفقوا مما رزقكم الله قالوا انطعم من لو يشاء الله اطعمه فاحتجوا بالقدر على الشرك واحتجوا به بالقدر على ترك الاحسان الى الخلق احتجوا بالقدر على ترك الاحسان في حق الله وترك الاحسان في حق الخلق وقد كذبهم الله تعالى في هذه الايات حيث قال كذلك كذب الذين من قبلهم حتى ذاقوا بأسنا. وقال جل وعلا كذلك فعل الذين من قبلهم فهل على الرسل الا البلاغ المبين وقال في الذين آآ احتجوا على منع الاحسان الى الخلق بالقدر قال وقال الذين كفروا للذين امنوا انطعم من لو يشاء الله اطعمه فجعل ذلك القول صادرا عن اهل الكفر وهذا تسجيل لكل تسجيل حكم لكل من سلك هذا المسلك وانه كافر اذا عطل شرع الله بما قضاه وقدره اذا قول المصنف رحمه الله بهذه الجملة وامرهم بطاعته ونهاهم عن معصيته هو تقرير لايش لعدم التعارض بين الشرع والقدر وان كل من ابطل الشرع بالقدر فانه جان منحرف عن الطريق الصواب. بعد ذلك قال وكل شيء يجري بتقديره هذا ايضا صلة