ولا حزن فقال اللهم اني عبدك ابن عبدك ابن امتك ناصيتي بيدك ماض في حكمك عدل في قضاؤك اسألك بكل اسم هو لك الى اخره فقوله ماظ في حكمك عدل في قظاؤك بسم الله الرحمن الرحيم. الحمد لله رب العالمين. وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى اله وصحبه اجمعين وبعد فقال ابن قيم رحمه الله تعالى في كتابه الفوائد قوله ماض في حكمك عدل في قضاؤك تضمن هذا الكلام امرين احدهما مضاء حكمه في عبده والثاني يتضمن حمده وعدله وهو سبحانه له الملك وله الحمد وهذا معنى قول نبيه هود ما من دابة الا هو اخذ بناصيتها ثم قال ان ربي على صراط مستقيم اي مع كونه مالكا قاهرا متصرفا في عباده نواصيهم بيده فهو على صراط مستقيم. وهو العدل الذي يتصرف به فيهم فهو على صراط مستقيم في قوله وفعله وقضائه وقدره وامره ونهيه وثوابه وعقابه فخبره كله صدق وقضاؤه كله عدل وامره وامره كله مصلحة والذي نهى عنه كله مفسدة. وثوابه لمن يستحق الثواب بفضله ورحمته وعقابه لمن يستحق العقاب بعدله وحكمته وفرق بين الحكم والقضاء وجعل المضاء للحكم وجعل المضاء للحكم والعدل للقضاء فان حكمه سبحانه يتناول حكمه الديني الديني الشرعي وحكمه الكوني القدري. والنوعان نافذان في العبد ماضياني فيه وهو مقهور تحت الحكمين. قد مضي فيه ونفذ فيه شاء ام ابى. لكن الحكم الكوني لا يمكنه مخالفته. واما الديني الشرعي فقد يخالفه ولما كان القضاء هو الاتمام والاكمال وذلك انما يكون بعد مضيه ونفوذه قال عدل في قضاؤك اي الحكم الذي اكملته واتممته ونفذته في عبدك عدل منك فيه واما الحكم فهو ما يحكم به سبحانه. قد يشاء وقد يشاء تنفيذه وقد لا ينفذه فان كان حكما دينيا فهو ماض في العبد. وان كان كونيا فان نفذه سبحانه مضى فيه. وان لم ينفذه اندفع من حيث النفوذ من عدمه اما ما يتعلق بالحكم الشرعي فهذا نفوذه ليس لازما اذ ان العبد لا يجري عليه قهر في ذلك بخلاف القدر فالعبوءة فالعبيد مقهورون لا خيار لهم فهو سبحانه يمضي ما يقضي به. وغيره قد يقضي بقضاء ويقدر امرا ولا يستطيع تنفيذه. وهو سبحانه وهو سبحانه يقضي ويمضي فله القضاء والامضاء طيب الحمد لله رب العالمين واصلي واسلم على نبينا محمد وعلى اله واصحابه اجمعين اما بعد هذا الجزء من كلام المؤلف تعليق على قوله ماض في حكمك عدل في قضاؤك في الدعاء الشهير في حديث عبد الله بن مسعود الذي قال فيه النبي صلى الله عليه وسلم ما اصاب عبدا هم تضمن كما قال المؤلف امرين اي تضمن معنيين الاول مظى حكمه في عبده اي نفوذ حكم الله عز وجل في عبده هذا المعنى الاول فما قضاه وحكم به نافذ في عبده والثاني يتضمن حمده وعدله وهو قوله عدل في قضاؤك اي كل ما تقضيه في فهو عدل ثم نظر هذا بقوله ما من دابة الا هو اخذ بناصيتها ان ربي على صراط مستقيم وجه ذكر هذه الاية في بيان مشابهة قول النبي صلى الله عليه وسلم لها ان لا تظمنت ملك الله تعالى لعباده وقهره لهم فهو القاهر فوق عباده ما شاء كان وما لم يشأ لم يكن وهذا القهر والملك مقترن بالعدل فليس فيه ظلم ولا جور ولا حيف بل هو في كمال العدل مع كمال القدرة وهذا يبين تمام الكمال في صفات الرحمن جل في علاه ولهذا قال ما من دابة الا هو اخذ بناصيتها فهو قاهر لها قادر عليها والقهر والقدرة قد يطيش صاحبهما في ظلم لكن الله عز وجل منزه عن الظلم لذلك قال ان ربي على صراط مستقيم فلا ظلم ولا حيفا ولا جور فلا يخاف الناس منه ظلما ولا هظم لا يخافون منه جورا ولا حيفا بل هو جل في علاه المتفضل على عباده فهم يتقلبون في حكمه بين عدله وفضله ولهذا قال عدل فيا قضاؤك يعني مهما كان القضاء مؤلما فانه عدل وهنا لم يقل بقضاء الله انه فظل لانه جاء في مساق ايش الهم والحزن هذا دعاء لمن اصابه هم وحزن فهو يذكر نفسه لان ما اصابه من الهم والحزن ليس ظلما بل هو عادل ليس فيه جور ولا حيف ولهذا ما ذكر الفضل لانه ليس في مقام ذكر انعام الله عليه واحسانه اليه وهو الفضل انما هو في مقام الاقرار بان ما نزل به. من مصاب وما حل به من حزن لا ظلم فيه انما هو عدله جل في علاه قال الله تعالى وما اصابكم من مصيبة فبما كسبت ايديكم ويعفو عن كثير فما اصاب الانسان انما هو بسبب كسبه فلا ظلم عليه فيما نزل به مما يكره قال رحمه الله تضمن امرين مظاء حكمه في عبده وتظمن حمده وعدله وهو سبحانه له الملك والحمد بعد هذه الاشارة ذكر المؤلف رحمه الله الفرق بين الحكم والقضاء الحكم والقضاء من الالفاظ التي اذا اجتمعت افترقت وصار بينهما فرق واذا افترقت استقلت كان كل واحد منهما متظمن معنى الاخر فالحكم هو القضاء. تقول حكمت عليه كذا بمعنى قضيت عليه بكذا لكن عندما يقترنان الحكم يختلف عن القضاء ولهذا لما اقترنا في سياق واحد هنا ماض في حكمك عدل في قضاؤك جاء المؤلف بالفرق بينهما فالحكم هو السابق والقضاء هو اللاحق الحكم سابق والقضاء بعد نفوذه وتمامه ولذلك قال عدل في قضاؤك اي ما حكمت به ونزل به وتم وكمل فهو عدل وهو يتكلم يعني هذا الدعاء في سياق ما نزل به من حزن وقد تم حكم به سابقا وتم الحكم هنا ذكر المؤلف رحمه الله انه شامل حكم قدري والحكم الكوني والذي يظهر لي والله تعالى اعلم ان الحكم هنا وفي الحكم القدري الحكم القدري المؤلف ذكر تمول الحكم هنا للحكم القدري والشرعي. الحكم الكوني والامري والفرق بينهما الحكم القدري هو ما قضاه الله تعالى من الحوادث واما الحكم الشرعي فهو ما حكم به من الشرائع وبينهما فرق معلوم ان الحكم القدري لازم النفوذ بالعبد الحكم القدري نوعان مبرم لازم النفوذ ومعلق قد ينفذ وقد لا ينفذ ينفذ اذا وجد ما علق عليه او انتفى ما علق عليه حسب التعليق هل هو في النفوذ او عدمه اما الحكم ولا خيار فيه للعبد ليس العبد في هذا اختيار في نفاذ ما قضاه جل وعلا من من الاقضية القدرية الكونية ما شاء كان وما لم يشأ لم يكن اما ما يتعلق بالشرائع فقد قال الله تعالى الايمان والكفر فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر فجعل فيه خيارا للناس مع انه حكم بايش بوجوب الايمان لكن لكنه لم يلزم العباد بذلك وقوعا وقهرا جعل لهم الاختيار في ذلك فالذي يظهر والله تعالى اعلم ان قوله صلى الله عليه وسلم في هذا الدعاء ماض فيها حكمك انه الحكم القدر الكوني ومعنى ماض فيه حكمك اي نافذ في ما قضيته وحكمت به وعدل فيها قضاؤك اي قضاؤك القدر الكوني هذا الذي يظهر والله تعالى اعلم وعرفنا الفرق بين الحكم والقضاء ان الحكم هو السابق للوجود والقضاء بعد بوجوده ونزوله. ثم قال رحمه الله. قال رحمه الله وقوله عدل في قضاؤك يتضمن جميع اقضيته في عبده من كل الوجوه. من صحة وسقم وغنى وفقر ولذة والم وحياة وموت وعقوبة وتجاوز وغير ذلك. قال تعالى وما اصابكم من مصيبة فبما كسبت ايديكم وقال تعالى وان تصبهم سيئة بما قدمت ايديهم فان الانسان كفور فكل ما يقضى على العبد فهو عدل فيه فان قيل فالمعصية عدل فيها قضاؤك قال يتضمن جميع اقضيته الكونية القدرية واقضيته تضمن جميع عقضيته الجزائية الاخروية. ولهذا قال يتضمن جميع اقضيته في عبده من كل الوجوه من صحة وسقم ومن غنى وفقر ومن لذة والم ومن حياة وموت ثم قال ومن عقوبة وتجاوز سواء في عقوبات الدنيا او في عقوبات الاخرة وذكر ذلك دليلين ما اصابكم من مصيبة فبما كسبت ايديكم ويعفو عن كثير وان تصبه حسنة وان تصبه سيئة بما قدمت ايديهم الشاهد قول بما قدمت اي بسبب ما قدمت ايديهم فان الانسان كفور فكل ما يقضى على العبد فهو عدل فيه كل ما يقضى على العبد من ربه فهو عدل فيه واذا امتلأ قلب العبد يقينا بهذا كان هذا من دواعي راح حصول رحمة الله عز وجل وانكشاف ما يكره لانه يحسن الظن بربه ومن احسن الظن بربه فالله عند ظن عبده به اما ما يقوله بعض الناس وهذه شائعة على السنة كثير من الناس اذا نزل باحد مكروه قال والله فلان ما يستاهل من اغذية صار عليه حادث لا ما يستاهل ما يصلح هذا هذا لا يصلح فان الله جل في علاه لا يظلم الناس شيئا وما يجريه وما يجريه على عباده من بلاء قد يكون سببا نجاتهم ورفعتهم وصلاح احوالهم فلا يصلح ان يقال فيما قضاه الله على عبد من من مرض او بلاء او حادث ما يستاهل هذا يمكن ان يكون في معاملة الناس لكن وتصرفاتهم لكن فيما يقظيه الله لا تقل فيما قظاه الله لاحد انه ما يستاهل ما نزل به من شدة او صعوبة فلعل هذا الذي نزل به يكون موجبا نجاته ورفعته وصلاح اخرته بل هو صلاح دنياه واخرته ولهذا ربما صحت الاجساد بالعلل فكم من مريض يدنف فيعافيه الله عز وجل فيكون مرظه موجبا لسلامته وصحته وقوته واستقام واستقامة حاله بعد ذلك فلا ينبغي للانسان ان ينظر في قضاء الله الا على هذا النحو في العطاء فضل فلا تقل فلان والله اعطاه الله لانه يستحق ما فيه انما عطاه الله تفظل عليه به واذا وقع في شخص وقع او اوقع الله تعالى على شخصه بلى فلا تقل ما يستاهل بل قل هذا عدل الله وسل الله له ان ان يفرج كربته حتى لو لم تقل بلسانك يعني املأ قلبك يقينا بان ما نزل من من من المحبوبات فهو فضل من الله وما نزل من المكروهات فهو عدل من الله فالخلق كلهم برهم وفاجرهم يتقلبون بين عدله وفضله سبحانه وبحمده الله غني عن ان يظلم الناس شيئا وما ربك بظلام للعبيد لكنه يجري سبحانه وبحمده اقضيته على هذا النحو بين فظل وعدل فنسأل الله ان يجعلنا من اهل فظله وان يعاملنا بما هو اهله من الاحسان والجود والكرم والا فلو اجرى عدله على عباده ما دخل احد الجنة قال النبي صلى الله عليه وسلم واعلموا ان احدا منكم لن يدخل الجنة بعمله هذا مقتضى العدل. نعم قالوا ولا انت يا رسول الله؟ قال ولا انا الا ان يتغمدني الله برحمته مقتضى العدل مؤاخذة العباد بما كان منهم من قصور او تقصير. اما مقتضى الفضل فهو ما يمن الله به على عباده من خيري الدنيا والاخرة فنسأله من فضله وواسع كرمه. نعم بعد ذلك قال قال رحمه الله فان قيل فالمعصية عندكم بقضائه وقدره فما وجه العدل في قضائها فان العدل في العقوبة عليها غير ظاهر قيل هذا سؤال له شأن ومن اجله زعمت طائفة ان العدل هو المقدور والظلم ممتنع لذاته قالوا لان الظلم هو التصرف في ملك الغير. والله له كل شيء فلا يكون تصرفه في خلقه الا عدلا وقالت طائفة بل العدل انه لا يعاقب على ما قضاه وقدره. فلما حسن منه العقوبة على الذنب علم انه ليس بك علم وعلم انه ليس بقضائه وقدره فيكون العدل هو جزاءه فيكون العدل هو جزاءه على الذنب بالعقوبة والذم اما في الدنيا واما في الاخرة وصعب على هؤلاء الجمع بين العدل وبين القدر فزعموا ان من اثبت القدر لم يمكنه ان يقول بالعدل ومن قال بالعدل لم يمكنه ان يقول بالقدر كما صعب عليهم الجمع بين التوحيد واثبات الصفات فزعموا انهم لا يمكنهم لا يمكنهم اثبات التوحيد الا بانكار الصفات فصار توحيدهم تعطيلا وعدلهم تكذيبا بالقدر واما هذا هذا الاشارة الى الفرق التي انحرفت فيما يتعلق بالقدر القدر من اصول الايمان ان يؤمن الانسان بالقدر خيره وشره كما جاءت بذلك الاحاديث وما من شيء في الكون الا بقضاء وقدر ان كل شيء خلقناه بقدر لكن القدر خفي وهو دقيق الملحظ لا يتبين للناس وجهه كان ذلك موجبا مذلة اقدام في شأن القدر ولهذا يقول الطحاوي رحمه الله في التحذير او في تقرير القدر ووجوب التحذير من الانحراف فيه. قال واصل القدر والقدر سر الله في خلقه اه لم يطلع عليه ملكا مقربا ولا نبيا مرسلا ثم ذكر خطورة الخوظ في القدر بما بين ظرورة الايمان بالقدر بانه ما من شيء الا بقضاء وقدر لكن هذا لا يقتضي معارضة الشرع بالقدر ولا يقتضي اخراج ما في الكون من حوادث عن تقدير الله عز وجل. وهذا ملخص الضلالات فالضلالات نوعان في باب القدر النوع الاول من اخرجوا افعال الخلق عن قدرة الله وقالوا ان الله لم يقدر ما يكون من الخلق وهؤلاء القدرية الاوائل وقابلهم قوم قالوا انه لا اختياره للانسان بل كل ما يجريه الله عليه هو فيه مجبور كالريشة في مهب الريح ليس له اختيار فظل هؤلاء واولئك هؤلاء واولئك جاءوا في مسألة تقدير المعصية واحتاجوا الى جواب كيف يعاقب على المعصية وقد قدرها فقالوا وهؤلاء الجبرية قالوا ان نعم نقف على هذا الدرس القادم