القاعدة الثالثة والعشرون ارشادات القرآن على نوعين احدهما ان يرشد امرا ونهيا وخبرا الى امر معروف شرعا او معروف عرفا كما تقدم. والنوع الثاني ان يرشد الى استخراج الاشياء النافعة من اصول معروفة ويعمل في استفادة المنافع منها. وهذه القاعدة شريفة جليلة القدر. اما النوع الاول فاكثر ارشادات القرآن في الامور الخيرية والامور الحكمية داخلة فيها. واما النوع الثاني وهو المقصود هنا فانه دعا عباده في ايات كثيرة الى التفكر في خلق السماوات والارض وما خلق الله من العوالم والى النظر فيها. واخبر انه سخرها لمصالحنا ومنافعنا. وانه انزل الحديد في فيه بأس شديد ومنافع للناس. وسخر لكم ما في السماوات وما في الارض جميعا منه. ونبه العقول على التفكر في واستخراج انواع العلوم والفوائد منها. وذلك اننا اذا فكرنا فيها ونظرنا حالها واوصافها وانتظامها ولاي شيء خلقت؟ ولاي فائدة ابقيت؟ وماذا فيها من الايات وما احتوت عليه من المنافع افادنا هذا الفكر فيها علمين جليلين. هذه القاعدة الثالثة والعشرون اشار فيها الشيخ رحمه الله الى ان القرآن يرشد الى استخراج الاشياء النافعة من اصول معروفة. ويعمل الفكر في استفادة المنافع منها هذا المقصود بالقاعدة والنوع الاول تقدم في القاعدة الحادية والعشرين وهي آآ اجراء الامور على ما اقتضاه العرف فيما لم يرد فيه تحديد من الشرع. وان الشرع رد الناس فيما آآ يختلف. النوع الثاني من آآ قواعد هو النظر في الاء الله عز وجل واياته الكونية الدالة على عظيم خلقه وصنعه جل وعلا فالنوع الاول تقدم في القاعدة الحادية والعشرين والنوع الثاني سيأتي له اشارة او سيأتي له بعض البيان في هذه القاعدة نعم وما ذكره الله جل وعلا من ايات الكون الخلقية وما امتن به عليهم من الخلق افاد فائدتين. الفائدة الاولى اقرأوا احدهما اننا نستدل بها على مال الله من صفات الكمال والعظمة. وما له من النعم الواسعة متكاثرة وعلى صدق ما اخبر به من المعاد والجنة والنار. وعلى صدق رسله وحقيقة ما جاءوا وهذا النوع قد اكثر منه اهل العلم. وكل ذلك ما وصل اليه علمه. فان الله اخبر ان الايات انما ينتفع بها اولوا الالباب. وهذا اجل العلمين واعلاهما واكملهما. والعلم الثاني ان نفكر فيها ونستخرج منها المنافع المتنوعة. فان الله سخرها لنا وسلطنا على استخراج جميع ما لنا في فيها من المنافع والخيرات الدينية والدنيوية. فسخر لنا ارضها لنحرثها ونزرعها ونغرسها ونستخرج معادنها وبركتها. وجعلها طوع علومنا واعمالنا. لنستخرج منها صناعات نافعة فجميع فنون الصناعات على كثرتها وتنوعها وتفوقها لا سيما في هذه الاوقات كل ذلك داخل في تصغيرها لنا. وقد عرفنا الحاجة بل الضرورة في هذه الاوقات الى استنباط المنافع منها وترقية الصنائع الى ما لا حد له. وقد ظهر في هذه الاوقات من موادها وعناصرها امور فيها فوائد عظيمة للخلق وقد تقدم لنا في قاعدة اللازم ان ما لا تتم الامور المطلوبة الا به فهو مطلوب وهذا يدل على ان تعلم الصناعات والمخترعات الحادثة من الامور المطلوبة شرعا. كما هي مطلوبة لازمة عقلا وانها من الجهاد في سبيل الله ومن علوم القرآن. فان القرآن نبه العباد على انه جعل الحديد فيه بأس شديد ومنافع للناس. وانه سخر لهم ما في الارض. فعليهم ان يسعوا لتحصيلها المنافع من اقرب الطرق الى تحصيلها وهي معروفة بالتجارب. وهذا من ايات القرآن وهو اكبر دليل على سعة علم الله وحكمته ورحمته بعباده. بان اباح لهم جميع النعم ويسر لهم الوصول اليها بطرق لا تزال تحدث وقتا بعد وقت. وقد اخبر في عدة ايات انه تذكرة يتذكر به العباد في كل ما ينفعهم فيسلكونه وما يضرهم فيتركونه. وانه هداية لجميع المصالح. اذا امر الله جل وعلا بالنظر في الايات الكونية وهو كثير في كتاب الله عز وجل يفيدنا فائدتين. الفائدة الاولى الاستدلال بها على عظيم الرب الذي خلقها وسخرها لعباده. الامر الثاني هو الاستفادة مما فيها من مما سخره الله عز وجل لبني ادم. وهاتان الفائدتان جليلتان. اما الفائدة الاولى فيزداد بها الايمان. وتعمر بها الاخرة لانها مما يصلح به القلب. واما الفائدة الثانية فهو لعمارة الدنيا واقامتها وتحقيق مصالحها وتحصيلها ولا شك ان الثاني مقصود. كما ان الاول مقصود لكن القصد الاكبر والاعظم هو الاول ولذلك قال الله جل وعلا سنريهم اياتنا في الافاق وفي انفسهم حتى يتبين لهم انه الحق فهذا هو المقصود الاكبر والاعظم من هذه الايات التي امر الله جل وعلا بالنظر اليها ولكن مما يستفاد ايضا من هذه الايات هو تحقيق ما سخرها الله جل وعلا من اجله وهو الانتفاع بها في عمارة الدنيا على الا يطغى ذلك على المعنى الاول. وعلى ان يضبط ذلك بالاطار العام وهو الا يخرج بها عن المقصود وهو عبادة الله جل وعلا. وقول الشيخ رحمه الله هذا يدل على ان تعلم الصناعات والمخترعات الحادثة من من الامور المطلوبة شرعا لا اشكال لا اشكال في ذلك فهو من فروض الكفايات الذي او التي يجب على الامة تحصيلها. كما هو مطلوب وكما هي مطلوبة لازمة عقلا. وانها من الجهاد في سبيل الله لانها من الاعداد الذي ذكره الله جل وعلا في قوله واعدوا لهم ما استطعتم من قوة وتقدم لنا ان القوة اوسع من كونها القوة الحربية بل القوة المعنوية والقوة النفسية وغير ذلك من القوى. ولا شك ان الامة اذا كانت متخلفة ليس عندها معرفة ولا اتقان اتعمر به الدنيا كما هو حال الحال الان ان ذلك من من الضعف والوهن ولذلك قال رحمه الله وان من الجهاد في سبيل الله ومن علوم القرآن من علوم القرآن على وجه العموم لا على وجه التفصيل فلم يأتي القرآن كتاب فيزياء ولم يأتي بكتاب كشرح لما تضمنه علم الاحياء او علم الكيمياء او غير ذلك من علوم الطبيعية انما اتى بلفت النظر الى هذه الامور. والاستفادة منها في تحقيق غاية الوجود وهو الله سبحانه وتعالى ثم ضرب مثالا لذلك تسخير الحديث وذكر الله جل وعلا ان ان فيه ان فيه بأسا شديدا. وان هذا الذكر وهذا الامتنان للاستدلال به على قوة من خلقه وعظيم وعظمة الصانع جل وعلا. وايضا الاستفادة منه في عمارة الدنيا. القاعدة وانهم يقصرون في حقه وانهم لا ينزلونه منزلته. وهذا خطأ في الفهم وضلال في الدين. وسفه في العقل ان يظن الانسان ان طريقا يوصل الى تعظيم النبي صلى الله عليه وسلم وايفائه حقه افضل من طريق ابي بكر وعمر وعثمان الرابعة والعشرون القرآن يرشد الى التوسط والاعتدال في الامور. ويذم التقصير والغلو ومجاوزة الحد قال الله تعالى ان الله يأمر بالعدل وقال قل امر ربي بالقسط. والايات الامرة بالعدل فهي تعرضنه كثيرة والعدل في كل الامور لزوم الحد فيها والا يغلو ويتجاوز الحد كما لا يقصر ويدعو بعض الحق ففي عبادة الله امر بالتمسك بما عليه هذا قاعدة التوسط هي قاعدة التوسط وهذه في قوله تعالى ها كذلك جعلناكم امة وسطا لتكونوا شهداء على الناس. فجعل الله عز وجل هذه الامة وسط. وجعل الوسطية سبب لكونها شاهدة على الناس. الاولين والاخرين. فهذه الامة امة وسط في الاعتقاد وفي العمل وفيما يتعلق بالاخلاق وفيما يتعلق بامور الدنيا وسط في كل شيء. على خلاف امتين عظيمتين امة اليهود وامة النصارى فاليهود اخذوا في جانب الغلو والتشديد والنصارى اخذوا في جانب التفريط والتقصير وهذه الامة وسط في جميع شؤونها. في عقائدها وفي اعمالها. وفي اخلاقها وفيما يتعلق بامر معاشر ودنياها وهذا من نعمة الله عز وجل والشيخ رحمه الله استدل بهذه الوسطية بقوله تعالى ان الله يأمر بالعدل. لان الوسط في قوله تعالى وكذلك جعلناكم امة وسط هم هم الخيار العدل فلا وكس ولا شجر لا غلو ولا تقصير نعم شفيع امثلة لوسطية الامة في جوانب عديدة؟ نعم ففي عبادة الله امر بالتمسك بما عليه النبي صلى الله عليه وسلم في ايات كثيرة. ونهى عن مجاوزة ذلك وتعدي الحدود في ايات كثيرة. وذم المقصرين عنه في ايات كثيرة. فالعبادة التي امر الله بها ما جمعت الاخلاص للمعبود والمتابعة للرسول وما فقد فيه الامران او احدهما فهي من الاعمال اللاغية دليل ذلك دليل ان هذين الاصلين ان العبادة لابد فيها من الاخلاص والمتابعة. نعم. فمن كان يرجو لقاء ربه فليعمل عملا صالحا هذا فيه المتابعة ولا يشرك بعبادة ربه احدا هذا فيه الاخلاص والادلة على هذين الاصلين وهما شرط قبول العمل كثيرة في الكتاب والسنة. نعم وفي حق الانبياء والرسل عليهم الصلاة والسلام امر بالاعتدال وهو الايمان بهم ومحبتهم المقدمة على محبة الخلق وتوقيرهم واتباعهم ومعرفة اقدارهم ومراتبهم التي اكرمهم الله بها. ونهى عن الغلو في في ايات كثيرة وهو ان يرفعوا فوق منزلتهم التي انزلهم الله ويجعل لهم من حقوق الله التي لا يشاركهم فيها مشارك كما نهى عن التقصير في حقهم في الايمان بهم ومحبتهم وترك توقيرهم وعدم اتباعهم وذم الغالين فيهم كالنصارى ونحوهم في عيسى في ايات كثيرة. كما ذم الجافين لهم كاليهود حين قالوا في عيسى ما قالوا وذم من فرق بينهم فامن ببعض دون باء. واخبر ان هذا كفر بجميعهم. وكذلك يتعلق هذا الامر يهود في مقام الانبياء وحقهم في القول والعمل. في القول بما رموا به عيسى ابن مريم من التهمة بانه ولد زنا وفي العمل بسعيهم في قتله وقتل غيره من الانبياء. فانه كانوا يقتلون انبيائهم كما ذكر الله جل وعلا ذلك في كتابه. واما النصارى فهم ضالون غلوا في عيسى فجعلوه ابنا لله عز وجل تعالى الله عما يقولون علوا كبيرا والامة ولله الحمد وسط بين هذه الطريق وهذه الطريق. وكل من غلى في النبوة سواء في الانبياء السابقين او في الانبياء في نبينا محمد صلى الله عليه وسلم فله نصيب من طريق الظالين وكل الجفا في مقام النبوة وقصر واتهم وتنقص فله نصيب من طريق المغضوب عليهم المغضوب عليهم وهم اليهود والواجب على اهل الاسلام ان يقفوا في هذا الباب عندما وقف عليه سلف الامة الصالحون من الصحابة رضي الله عنهم ومن بعدهم. من اهل القرون المفضلة فانهم اكمل الناس محبة لرسول الله صلى الله عليه وسلم. وكل من ادعى المحبة وسلك طريقا غير طريقهم فهو كاذب وهذا يجب ان يشاع وان يعلم وان يعرفه اهل الاسلام وان يبلغ الناس ذلك لان كثيرا مما من يدعون محبة النبي صلى الله عليه وسلم؟ يقعون في انواع من الغلو والبدع والاحداثات التي تخالف طريقه وتخرج عن رسم هديه صلى الله عليه وسلم. ثم انه لا يكتفون بذلك. بل يتهمون المستقيمين على الصراط المستقيم بانهم يجفون رسول الله صلى الله عليه وسلم وعلي والعشرة المبشرين بالجنة وسائر الصحابة رضي الله عنهم اجمعين. فينبغي لاهل السنة المتمسكين بطريق السلف ان يبينوا ذلك للناس في كل مناسبة. وان يبينوا ان المحبة الحقيقية ليست بانشاد اشعار ولا بالترنمات ولا بالافراط في المدح والثناء فان ذلك مما يكرهه رسول الله صلى الله عليه وسلم انما يكون ذلك بالمعيار الالهي في قوله تعالى قل ان كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله هذا هو المعيار الصادق القسط العدل في محبة رسول الله صلى الله عليه وسلم. فبقدر ما مع العبد من متابعة النبي صلى الله عليه وسلم في الظاهر والباطن بقدر ما معه من محبته. وانتبه الى الامر الثاني وهو المتابعة في الظاهر والباطن فان كثيرا من الناس يحرص على المتابعة الظاهرة ويغفل عن متابعة الباطل نسأل الله ان يعيننا على ذلك. نعم. وكذلك يتعلق هذا الامر في حق العلماء والاولياء يجب محبتهم ومعرفة اقدارهم لا يحل الغلو فيهم واعطاؤهم شيئا من حق الله وحق رسوله الخاص. ولا يحل جفاؤهم وعداوتهم. فمن عادى الله وليا فقد بارزه بالحرب. وامر بالتوسط بالنفقات والصدقات. ونهى عن الامساك والبخل والتقدير ما نهى عن الاسراف والتبذير وامر بالقوة والشجاعة بالاقوال والافعال ونهى عن الجبن وذم الجبناء واهل وضعف النفوس كما ذم المتهورين الذين يلقون بانفسهم وايديهم الى التهلكة. وامر وحث على الصبر في ايات كثيرة ونهى عن الجزع والهلع والسخط. كما نهى عن التجبر وعدم الرحمة والقساوة في ايات كثيرة وامر باداء حقوق من له حق عليك من الوالدين والاقارب والاصحاب ونحوهم والاحسان اليهم قولا وفعلا وذم من قصر في حقهم او اساء اليهم قولا وفعلا كما ذمم الغلا في في غيرهم حتى قدم رضاهم على رضا الله وطاعتهم على طاعة الله. وامر بالاقتصاد في الاكل الشرب واللباس ونهى عن السرف والترف كما نهى عن التقصير الضار للقلب والبدن وبالجملة فما امر الله بشيء الا كان وسطا بين خلقين ذميمين تفريط او افراط؟ والشيطان لا يبالي ايهما الانسان التفريط او الافراط فاذا اصاب منك تفريطا او افراطا فقد تحقق مراده ومطلوبه لان الاثنين يجتمعان في اي شيء في انهما خروج على الصراط المستقيم. ولذلك كان الصراط المسؤول في سورة الفاتحة صراطا واضحا بينا سالما من هاتين البذاتين الصراط المستقيم صراط الذين انعمت عليهم. ثم هل وقف؟ غير المغضوب عليهم؟ هؤلاء اهل اعلم اهل التقصير والتفريق. ولا ولا الضالين هم اهل الغلو والخروج عن الصراط المستقيم وعلى كل حال يجب على المؤمن ان يكون رقيبا على نفسه في دقيق الامر وجليله. لان هذا الامر يحتاج الى دوام مراقبة وان لا يكل الانسان عمله ان ولا على الا يكل يكل الانسان عمله الى العادة وما جرى به آآ طبعه بل ينبغي له ان يراقب نفسه في لزوم الصراط المستقيم. ولذلك كان سؤال الله عز وجل الهداية الى الصراط المستقيم في كل ركعة من الصلاة. لشدة ظرورة الانسان الى هذا الصراط. وكثرة الاسباب الصارمة تعلم فلهذين الامرين تكرر السؤال في كل ركعة يسأل الانسان ربه في مناجاة اهدنا الصراط المستقيم صراط الذين انعمت غير المغضوب عليهم ولا الضالين السبب في ذلك شدة حاجتنا الى الثبات على هذا الصراط لان الثبات عليه هو النجاة في الدنيا والاخرة ولكثرة الصوارف عنه. وقد تكلم شيخ الاسلام ابن تيمية رحمه الله في الجواب الصحيح لمن بدل دين المسيح كلاما مطولا في وسطية هذه الامة امة الاسلام وما فارقت به اليهود والنصارى. ثم بعد ان ذكر كلاما طويلا قال ولو تتبعنا هذا المقام لطال بنا الكلام او قال وقال هذا مقام يطول وصفه. المهم ان هذا المقام كما قال الشيخ يطول وصفه. ولو تتبع الانسان وسطية هذه الامة في ما شرعه الله لها وما جاء من العقائد والاعمال لوجد شيئا كثيرا. وانما يتبين ذلك بالنظر والتأمل والمهم ان يتحرى الانسان العدل والوسط في عقده وقوله وعمله وان يستعين الله عز وجل وان يسأله اصابة ذلك. نعم القاعدة الخامسة والعشرون حدود الله قد امر بحفظها ونهى عن تعديها وقربانها. قال تعالى والحافظون لحدود الله وقال تلك حدود الله فلا تعتدوها وقالت تلك حدود الله فلا تقربوا اما حدود الله فهي ما حده لعباده من الشرائع الظاهرة والباطنة التي امرهم بفعلها التي امرهم بتركها فالحفظ لها اداء الحقوق اللازمة وترك المحرمات الظاهرة والباطنة ويتوقف هذا الفعل وهذا الترك على معرفة الحدود على وجهها. ليعرف ما يدخل في الواجبات والحقوق فيؤديها على ذلك الوجه كاملة غير ناقصة وما يدخل في المحرمات ليتمكن من تركها. ولهذا ذم الله من لم يعرف حدود ما نزل على رسوله واثنى على من عرف ذلك. وحيث قالت حفظ الحدود يكون في ترك ما امر الله عنه وفي فعل ما امر الله به وفيما اباحه الله عز وجل كل هذا مما يجب فيه حفظ الحد في الامر وفي النهي وفي المباح كيف يكون ذلك؟ سيأتي بيانه في كلام الشيخ رحمه الله. لكن ينبغي ان نعرف ان الايات الامرة بحفظ حدود الله او المثنية على الحافظين لحدود لله ليس فقط في الامر والنهي بل حتى في المباح تحفظ حدود الله يكون فيما امر ويكون فيما نهى ويكون في ها فيما اباح واحة. بيان هذا في كلام الشيخ رحمه الله. نعم. وحيث قال تعالى تلك حدود الله فلا تعتدوها كان المراد بها ما احله وما فصله من الشرائع فانه نهى عن مجاوزتها وامر بملازمتها كما امر بملازمة ما احله من كالطعام والشراب واللباس والنكاح. ونهى من تعدى ذلك الى ما حرم منها من الخبائث. وكما امر ازمة ما شرعه من الاحكام في النكاح في النكاح والطلاق والعدة وتوابع ذلك. ونهى عن تعدي ذلك الى فعل ما لا يجوز شرعا وكما امر بالمحافظة على ما فصله من احكام المواريث ولزوم حده. ونهى عن تعدي ذلك وتوريث من لا يرث وحرمان من يرث وتبديل ما فرضه وفصله بغيره. وحيث قال تلك حدود الله فلا تقربوها. كان المراد بذلك المحرمات فان قوله فلا تقربوها نهي عن فعلها ونهي عن مقدماتها واسبابها الموصلة اليها والموقعة بها. كما نهاهم عن المحرمات على الصائم بين لهم وقت الصيام فقال تلك حدود الله فلا تقربوها. وكما حرم على الازواج ان يأخذوا مما اتوا ازواجا لهم شيئا الا ان يأتينا بفاحشة مبينة. قال تلك حدود الله فلا تقربوها. وكما صرح محرمات في قوله ولا تقربوا الزنا وقال ولا تقربوا مال اليتيم الا بالتي هي احسن. فالخير والسعادة والفلاح في معرفة حدود الله والمحافظة عليها. كما ان اصل الشر واسباب العقوبات الجهل بحدود الله او وترك المحافظة عليها او الجمع بين الشرين والله اعلم. ما امر الله به من الواجبات والمأمورات قال فيه سبحانه وتعالى تلك حدود الله فلا تعتدوها. فلا يجوز تعدي ما امر الله به من الواجبات وضرب لذلك امثلة كتوريث من لا يستحق الارث. وهذا النهي عن تعدي حدود الله في المأمورات. يشمل جميع فيه جميع شرائع الدين في العبادات وفي المعاملات بل حتى في العقائد واما المنهيات فان طريقة القرآن في ذلك النهي عن قربانها وذلك ان هذه الشريعة المطهرة شريعة جاءت من لدن حكيم خبير. فمنعت الشر ومنعت الاسباب الموصلة اليه فسدت الطرق الموصلة الى الشروق ومنعت مقدمات المعصية. ولذلك قال تلك حدود الله فلا تقربوها هذا في مقام ذكر المحرمات. وقال في الزنا ولا تقربوا الزنا. انه كان فاحشة وساء سبيلا وقال في مال اليتيم ولا تقربوا مال اليتيم. كل هذا نهي عن مقاربة المعصية بسلوك الطرق الموصلة اليها. وهذا فيه النهي عن المعصية وزيادة لانه ينهى عن الفعل المحرم وينهى عن اي شيء ايضا ينهى عن مقدماته المفضية اليه والمؤدية اليه اما المباحات فانها كالمأمورات. امر فيها الشارع بعدم تعدي حدود الله وذلك بان يلزم فيها الانسان الطريق الوسط القسط العدل. من غير تقصير ولا غلو ولا زيادة كما قال الله جل وعلا في في ثنائه على عباد الرحمن قال والذين اذا انفقوا لم يسرفوا ولم يقتلوا فامتنعوا من هذين الوصفين. الاسراف وهو الزيادة عن الحد في الصرف والتقدير هو الامساك عن ما يحتاجه الانسان من النفقة نعم