بسم الله الرحمن الرحيم. الحمد لله رب العالمين. وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله نبيا محمد وعلى آله وصحبه اجمعين. قال شيخ الاسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى في العبودية. قال الخليل عليه السلام. فابتغوا عند الله الرزق واعبدوه واشكروا له اليه ترجعون فالعبد لابد له من رزق وهو محتاج الى ذلك. فاذا طلب رزقه من الله صار عبدا لله مصيرا اليه واذا طلبه من مخلوق صار عبدا لذلك المخلوق فقيرا اليه. ولهذا كانت مسألة المخلوق محرمة في الاصل. وانما ابيحت للضرورة. وفي النهي عنها احاديث كثيرة في الصحاح والسنن والمسانيد كقوله صلى الله عليه وسلم لا تزال المسألة بأحدكم حتى يأتي يوم القيامة وليس في وجهه مزعة لحم. وقوله من سأل الناس وله ما يغنيه. جاءت مسألته يوم يامتي خدوشا او خموشا او كدوشا في وجهه. وقوله لا تحل المسألة الا لذي قرم مفضي اودى من موجع او فقر مدقع. وهذا المعنى في الصحيح. وفيه ايضا لان يأخذ احدكم له فيذهب فيحتطب خير له من ان يسأل الناس اعطوه او منعوه. وقال ما اتاك من هذا ما لي وانت غير سائل ولا مشرف فخذه وما لا فلا تتبعه نفسك. فكره اخذه مع سؤال اللسان اشراف القلب. وقال في الحديث الصحيح من يستغني يغنه الله. ومن يستعفف يعفه الله. ومن تصبر يصبره الله وما اعطي احد عطاء خيرا واوسع من الصبر. كل هذه الاحاديث تدور على معنى واحد وهو وما ذكره المؤلف رحمه الله بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين واصلي واسلم على نبينا محمد وعلى اله واصحابه اجمعين كل هذه الاحاديث تدور على معنى واحد ذكره المؤلف رحمه الله في اول الكلام وهو قوله ولهذا كانت مسألة المخلوق محرمة في الاصل يعني الاصل فيها التحريم فاذا شككت هل يجوز هل يجوز لك ان تسأل او لا تسأل فارجع الى الاصل والاصل التحريم يقول وانما ابيحت للضرورة ثم ذكر الاحاديث الواردة في ذلك وكلها تحذر وتنهى عن المسألة لا تزال المسألة في احد حتى يأتي يوم القيامة وليس في وجهه مزعة مزعة من لحم. وذلك ان السائل يكد وجهه و يريق ماء وجهه للمسئول فلذلك كان محل العقوبة في السؤال المحرم الوجه الذي تحصل به مواجهة الناس وطلب والالحاح عليهم ثم قال من سأل الناس وله ما يغنيه جاءت مسألته يوم القيامة خدوشا او خموشا او خدوشا بوجهه. كل هذا يبين ما مر في الحديث السابق. حيث انه في الحديث السابق بين لنا منتهى ما تبلغ به المسألة من صاحبها اذا كانت غير غير جائزة. وفي هذا بين لنا ان الامر يبدأ خدوش وهي اشياء يسيرة وخموش وكدوش في الوجه فلا حول ولا قوة الا بالله. وفي بعض الروايات ولا حول ولا قوة الا بك. هذا دعاء فيه اعظم التضرع التضرع لله عز وجل من النبي صلى الله عليه وسلم ثم بعد ذلك ينتهي الحال ويؤول الامر لصاحب المسألة المحرمة الى ان يأتي يوم القيامة وليس في وجهه مزعة من لحم والظاهر في بين هذين هو تفاوت الناس في المسألة. فمن اكثر بلغ به الحال ما ذكره في الحديث الاول. ومن كانت مسألته قليلة لكنها محرمة فانه فان له نصيبا من المؤاخذة في قوله خدوشا او خموشا او كدوشا ثم قال ان يأخذ احدكم حبله فيذهب فيحتطب خير له من ان يسأل الناس اعطوه او منعوه. وذلك ان المتطلع الى ما في ايدي الناس ان يمنح وبين ان ايش يعطى فهو دائر بين امرين. حاله حال مظنون الحصول. بينما اخذه الحبل واحتطابه ثم بيعه لهذا طريق مؤكد لتحصيل الرزق. فامره النبي صلى الله عليه وسلم بالطريق المتأكد او المتأكد في حصول النتيجة او تيقن نتيجته ونهاه عن سلوك ما هو مظنون. لما فيه من المذلة ولما فيه من احتمال حصول المطلوب وعدم حصول المطلوب. ثم قال ما اتاك من هذا المال وانت وانت غير سائل يعني لا تسأل بلسانك لم تسأل المال بلسانك ولا مشرف ولا مشرف ولا مشرك فخذه. يعني وما اتاك وانت غير مشرف يعني متطلع بقلبك. ولو لم يتكلم لسانك فخذ وفي غير هذين وفي غير هاتين الحالين ينبغي لك الامتناع. وهذا يا اخي يدلك على قطع المسألة انقطعها ابتداء بالقلب وانتهاء باللسان. فينبغي للمؤمن ان يقطع المسألة وان لا يجعل لها سبيلا ولا طريقا الى لسانه ولا قلبه. ويؤكد هذا ما في الحديث الاخر حيث قال من يستغني يغنه الله ومن يستعفف يعفه الله وعلى هذين يكمل الغنى. من يستغري بقلبه فلا ينظر الى ما عند غيره ومن يستعفف بلسانه فيحفظه عن السؤال والطلب. وهذان الوصفان هما القيدان في الحديث السابق. وانت غير سائل ولا مشرف فغير سائل يقابله قوله ها من يستعفف يعفه الله لان العفاف في اللسان يستعفف بلسانه ان يسأل ويطلب ومن يستغني والغناء بالقلب فمن يستغني يغنه الله ومن يستعجز يعفه الله. وانظر كيف بدأ بالغنى لان الاصل فيه لان الاصل فيه وهو غنى القلب فانه اذا اغتنى القلب امتنع اللسان من السؤال. لكن اذا افتقر القلب فلا بد ان تظهر فلتات سائل على على الالسنة ولذلك ينبغي الانسان ان يعتني بقلبه فيغلق عليه التشوف والتطلع الى ما في ما في يد غيره وقد امر الله جل وعلا اطهر الناس قلبا بذلك فقال ولا تمدن عينيك الى ما متعنا به ازواجا منهم زهرة الحياة الدنيا لنفنهم ثم قال ورزق ربك خير وابقى. فنهاه عن النظر الى ما في ايدي الناس. وامره بالنظر الى ما في يده جل وعلا قال ورزق ربك خير وابقى. خير في الحال والمآل وهو ابقى في المآل. لان الله جل وعلا ينعم على آآ من من لم يمد عينه الى ما في ايدي الناس بالقناعة ويمن عليه بعظيم الاجر في الاخرة. ولذلك يا اخواني لا بد ان نربي انفسنا على هذا ان نأخذها بالحزم في هذا الامر فان النفس كالطفل تماما اذا لم تهذبه وتشذبه وتمنعه مما يضره على العوائد القبيحة ونشأ على الاستجابة لدواعي النفس من الميل الى الشهوات والملذات لكن اذا حزمت نفسك وربيتها وحملتها على على اطايب الاقوال والاعمال اعانك الله جل وعلا فانه من يستغني يغنيه الله ومن يستعفف طلبا لرضى الله يعفه الله جل وعلا ويحفظ لسانه من المسألة. ثم قال ومن يتصبر يصبره الله بعد ان ذكر غنى القلب وغنى اللسان غنى القلب وعفاف اللسان ذكر الحامل عليهما وهو الصبر ثم بين عظيم منزلة فقال وما اعطي احد عطاء خيرا ولا اوسع من الصبر. الصبر رأس الدين. لان به يحصل للانسان الدنيا وفوز الاخرة. انما يوفى الصابرون اجرهم بغير حساب. فقد جاز اجرهم قانونا قانون التقدير والحساب وذلك فضل الله يؤتيه من يشاء سبحانه وبحمده فينبغي للمؤمن ان ان يعود نفسه على الصبر من يتصبر معنى هذا انه يتحمل ويأتي نفسه ليس الصبر ليس امر الصبر سهلا يدركه كل احد. انما فيه معاناة وفيه ما تكرهه وتأنف منه لكن عواقبه احلى من العسل كما قال الشاعر. الصبر مثل اسمه مر مذاقته لكن عواقبه احلى من العسل فاذا نظر الانسان الى العاقبة والمآل استعان الله جل وعلا واعانه على تحصيل اسباب الصبر فانه خير وعطاء لان الانسان مهما فتح عليه في الدنيا لن يدرك ما يريده ما يشتهي. خذ مثلا مطالب الانسان في المال. كلما اعطيت كلما طلبت الزيادة مطالب الإنسان في النكاح كلما تمكن من ملاذ المناكح تشوهت نفسه للزيادة وهلم جر لا تنتهي الرغبات والشهوات الا في الدار التي فيها ما لا عين رأت ولا اذن سمعت ولا خطر على قلب بشر. عند ذلك يدرك الانسان مشتهاه ومنيته ومبتغاه ومنيته ومبتغاه فينبغي للمؤمن ان ينفذ بصره هذه الدنيا وان يخلفها وراءه وهذا الكلام نحسن ان نتكلم به لكن نسأل الله ان يعيننا عليه لانه في الحقيقة عنوان سعادة العبد. اذا تحقق له الصبر كما قال الله جل وعلا في سورة العصر في بيان منزلة الصبر قال ان الانسان لفي خسر الا الذين امنوا وعملوا الصالحات وتواصوا بالصبر وتواصوا وتواصوا بالحق وتواصوا بالصبر. فينبغي لنا ان نستعين الله في ذلك ويبشر من استعان الله فانه موعود بالاعانة كما في هذا الحديث. ثم ذكر المؤلف رحمه الله وجها ثانيا استدل به على ان الاصل في المسألة النهي. فقال رحمه الله واوصى خواص اصحابه الا يسألوا الناس شيئا وفي المسند ان ابا بكر رضي الله عنه كان يسقط الصوت من يده فلا يقول لاحد ناولني اياه ويقول ان خليلي امرني الا اسأل الناس شيئا رضي الله عنهم ما اعظم امتثاله لامر رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ هذا ابو بكر رضي الله عنه ولعل هذا في وقت خلافته ما ندري الرواية لم تبين متى كان ذلك والظاهر فيما يبدو انه بعد وفاة النبي صلى الله عليه وسلم كان يسقط الصوت من السوط من يده قال له راكب او ماشي فلا يقول لاحد ناولني اياه ايعطني اياه مع انه لو قال ذلك وهو خليفة لفرح الناس وتسابقوا لامتثال مع ذلك كان يأنس عن المسألة ويستغني عنها ويقول ان خليلي يعني رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم امرني الا اسأل الناس شيئا وشيئا نكرة في سياق ايش النهي فتعم كل شيء وهذا مما يؤكد ان النشرة في سياق النهي تفيد العموم حيث فهمها اصح بعد النبي صلى الله عليه وسلم صحابته فهموا منها العموم. نعم. وفي صحيح مسلم وغيره عن عوف بن مالك رضي الله عنه ان النبي صلى الله عليه وسلم بايعه في طائفة واسر اليهم كلمة خفية الا تسألوا الناس شيئا فكان بعض اولئك النثر يسقط الصوت من احدهم. ولا يقول لاحد ناولني اياه. واذا عود الانسان نفسه على هذا فاعين واستغنى عن الناس لانه في الحقيقة اذا قام الانسان بشؤون نفسه ولم يطلب من احد شيئا لا في الدقيق ولا في كف الله قلبه عن النظر الى الناس وكف لسانه عن مسألته وشهادة ندني بها على شيخنا رحمه الله شيخنا محمد رحمه الله هو من اشد الناس امتثالا لهذا الامر لا في دروسه ولا في حياته التي عاشرناه فيها رحمه الله. من اقل الناس سؤالا يقوم بالاشياء بنفسه ويذهب ويأتي مع ان الناس قد يتسابقون الى خدمته من طلابه ومحبيه ومع ذلك كان رحمه الله الله يعمل بهذا التوجيه النبوي وهو الا يسأل الناس شيئا. اذا جاء احد وقدم اليه او اخذ منه فهذا فظل واحسان. لكن انه ليس من المسألة يعني لم يكن هذا من سؤال وطلب ومن عاشر الشيخ واقترب منه ادرك هذا من من شأنه رحمه الله نسأل الله عز وجل ان يقدس روحه او في جنات النعيم وان يتبعنا واياكم اثر الصالحين. نعم. وقد زلت النصوص على الامر بمسألة الخالق والنهي عن مسألة في غير موضع كقوله تعالى فاذا فرغت فانصب والى ربك فارغب وقول النبي صلى الله عليه وسلم لابن عباس رضي الله عنهما اذا سألت فاسأل الله واذا استعنت فاستعن بالله ومنه قول الخليل عليه السلام فابتغوا عند الله الرزق ولم يقل فابتغوا الرزق عند الله لان تقديم الظرف يشعر بالاختصاص والحصر كانه قال لا تبتغوا الرزق الا عند الله وقد قال تعالى واسألوا الله من فضله. لما ذكر الله جل وعلا ما فضل به الرجال على النساء قال سبحانه وتعالى ولا تتمنوا ما فضل الله به بعضكم على بعض للرجال نصيب مما اكتسبوا وللنساء نصيب مما اكتسبت ثم قال جل وعلا في التوجيه الى تحصيل الفضائل قال سبحانه وتعالى واسألوا الله من فضله يعني لا ينبغي لكم ان تمتلئ قلوبكم رغبة فيما عند الناس من من الفضائل التي من الله بها عليهم بل توجهوا الى الله الذي بيده الخير واليه الخير واليه يرجع الامر كله سبحانه وتعالى. الخير كله في يديه جل وعلا. فمن رغب في خير من خير الدنيا والاخرة فليلجأ الى الله سبحانه وتعالى وليتوجه اليه فانه سبحانه وتعالى قريب مجيب. وهذا سر التوجيه في اخر الاية بعد ذكر التفاضل قال واسألوا الله من فضله فان الفضل الفضل بيد الله ولا تمتلئ قلوبكم تشوفا وتطلعا الى ما من الله به على بعضكم دون بعض. وهذا يشمل تفضيل الرجال على النساء ويشمل ايضا مما يشمل تفضيل بعضنا على بعض في علم او مال او جاه او منصب او غير ذلك من مما يحصل به التفاضل والتسابق في الدنيا فانه ينبغي لك اذا رأيت ما يعجبك في اخيك من علم او مال او حفظ او فهم او بيان او غير ذلك مما تتطلع اليه نفسك ان تلجأ الى الله الذي وهبه فانه قادر على ان يهبك جل وعلا واذا نفسك على ذلك لم تجد في نفسك غلا او حسدا او ضغينة عن اخيك المسلم. بل على العكس ستجد انه انك تفرح بمنة الله على غيرك لان منة الله على غيرك تظهر عظمة الرب الذي من على هذا ووهب هذا فان الله جل وعلا من اسباب الاستدلال عليه عطاياه سبحانه وتعالى التي لا ينفك عنها الخلق. والانسان اذا ربى نفسه على التعلق بالله جل وعلا والنظر الى ما عنده كفي شرا عظيما وهدي الى راحة وطمأنينة وسكون بال. واصبحت علاقاته اخذه وعطاؤه من وهبته كلها منظورا فيها الى الله عز وجل كلها وفق امر الله جل وعلا. وقد قال شيخنا مرة من المرات في مسألة الحسد قال انا اعجب ممن يحسد اخاه على العلم. كيف يتحاسدون؟ وهم كلهم خدام للشريعة. يعني هذه كلمة في الحقيقة تقضي على ما في نفس الانسان من تطلع. يعني اذا نظرت الى ما عند اخيك من علم ما عنده من فضل. ما عنده من نفع للناس فلا تجد في صدرك عليه بل افرح بذلك. هو يا اخي يخدم الشريعة كما انك تؤمل وتسعى الى خدمة الشريعة. فكلنا خدام للشريعة والواجب على من كان صادقا في خدمة الشرع ان يفرح بان يخدم غيره الشريعة وان ينصر غيره دين رب العالمين. والا يكون ذلك وقفا على نفسه حكرا عليه بل يفرح بكل من يدعو الناس الى بر الى خير الى هدى الى طاعة ويكون ذلك مما يسر به تدعو به لصاحبه لا يكون على يعني على العكس من هذا يوغر صدره عليه ويجد في نفسه من الضغينة والحقد عليه ما الله به عليه نعم الانسان لابد له من حصون ما يحتاج اليه من الرزق ونحوه. ودفع ما يضره. وكلا الامرين شرع له ان يكون فلا يسأل رزقه الا من الله ولا يشتكي الا اليه. كما قال يعقوب عليه السلام انما اشكو بثي وحزني الى الله. والله تعالى ذكر في القرآن الهجر الجميل والصفح الجميل والصبر الجميل اتنين وقال قيل ان الهجر الجميل هو هجر بلا اذى. والصفح الجميلة صفح بلا معاتبة. والصبر الجميل صبر غير شكوى الى المخلوق. ولهذا قرأ على احمد بن حنبلة في مرضه ان طاووسا كان يكره امين المريض يقول انه شكواه فما ان احمد حتى مات واما الشكوى الى الخالق فلا تنافي الصبر الجميل. فان يعقوب قال فصبر جميل. وقال انما اشكو بثني وحزني الى الله البث هو الحزن وهذا من نماء من شواهد عطف المتماثلات لكن قيل ان البث هو الحزن العميق اشد من الحزن سيكون من من باب عطف الحزن من باب عطف آآ الخاص على العام. يعني البث حزن مع تألق واما الحزن فهو هز مجرد هكذا فرق بعضهم بين البث والحزن وبعضهم قال هو واحد ويكون من امثلة شواهد ايش عطفا متماثلات. نعم. وكان عمر بن الخطاب رضي الله عنه يقرأ في الفجر بسورة يونس ويوسف والنحل. فمر بها هذه الاية في قراءته فبكى حتى سمع نشيده من اخر الصفوف. ومن دعاء موسى عليه السلام اللهم لك الحمد واليك المشتكى وانت المستعان وبك المستغاث وعليك التكلان ولا حول ولا قوة الا بك. وفي الدعاء الذي دعا به النبي صلى الله عليه وسلم. لما فعل به اهل ما فعلوه. اللهم اللهم اليك اشكو ضعف قوتي. وقلة حيلتي على الناس يا ارحم الراحمين انت رب المستضعفين وانت ربي. اللهم الى من تكلني مم الى بعيد يتجهمني ام الى عدو ملكته امري؟ ان لم يكن بك غضب علي فلا ابالي غير ان عافيتك اوسع لي. اعوذ بنور وجهك الذي اشرقت به الظلمات صلح عليه امر الدنيا والاخرة ان ينزل بي سخطك او يحل علي غضبك لك العتبى حتى وقد جمع هذا التضرع انواعا من التوسل جمع اولا وصف حال السائل فان التضرع الى الله عز وجل يكون بوصف حال السائل ومنه قوله اللهم اشكو اللهم اليك اشكو ضعف قوتي وقلة حيلتي وهواني على الناس. هذا تبرع وتوسل الى الرب جل وعلا باي شيء؟ بوصف حال السائل ويكون التضرع ايضا بوصف حال المسؤول وذلك في قوله يا ارحم الراحمين انت رب المستضعفين وانت رب ثم عاد في السؤال والطلب الى وسط حاله وشدة افتقاره قيل اللهم الى من تكلني يعني الى من تكل الى بعيد يتجهمني وهم اهل الطائف ام الى عدو ملكته امري وهم اهل مكة فكلهم اذاه صلى الله الله عليه وعلى اله وسلم. ثم رجع واظهر التجلد والصبر لقضاء الله وقدره فقال ان لم يكن بك غضب علي فلا ابالي يعني ان لم يكن هذا الذي نزل بي وهذا البلاء الذي حل بي سببه غضبك علي فلا ابالي فهو من جملة ترتفع به الدرجات وتعلو به وتكفر به الخطايا وهذا فيه غاية التسليم لقضاء الله وقدره. وان العبد لا ينظر الى المصيبة على انها مصيبة نالتك واصابت منه. انما ينظر هل هذه مصيبة سببها غضب وسخط؟ فعند ذلك تكون النقمة. عند ذلك تكون البلية. اما اذا كان هذا ما الذي نزل به تكفير او لم يقترن بغضب وسخط فالامر سهل لانه لا يخرج عن ان يكون تكفيرا للذنب او رفعا للدرجات ثم قال غير ان عافيتك اوسع لي وهذا استدراك حتى يتبرأ من حوله وقوته ولا يتعرض للبلاء بعد ان بين انه يصبر على قضاء الله خشي ان يكون هذا من الاعتداد بقوة النفس و الاعتداد بما عند الانسان من قدرة فقال غير ان عافيتك اوسع لي. يعني اوسع وارحب من ان ينزل بي غضبك او ينال سخطك او ان تشدد علي في البلاء. اعوذ بنور وجهك الذي اشرقت به الظلمات. وصلح عليه امر الدنيا والاخرة ولا شك ان كل نور فهو من نور الله جل وعلا. كل نور يضيء السبيل ويهدي الطريق فهو من نور الله جل وعلا. ولذلك وصف الله نفسه بالنور ووصف كتاب بالنور ووصف اولياءه بانه اتاهم نورا وانهم على نور اومن كان ميتا فاحييناه وجعلنا له نورا يمشي الناس كمان ما مثلوا في الظلمات والناس يتفاوتون في هذا النور تفاوتا عظيما بقدر ما يكون معهم من التصديق والايمان والقبول لما جاء به النبي صلى الله عليه وسلم كما قال الله جل وعلا وكذلك جعلنا جعلناه نورا نهدي به من نشاء من عبادنا. نعم. وكذلك اوحينا لديك روحا من امرنا ما كنت تدري ما الكتاب ولا الايمان ولكن جعلناه اي هذا الروح وهو وهو ما انزله سبحانه وتعالى الى من الهدى ودين الحق ولكن جعلناه نورا نهديه به من نشاء من عباده. يقول ان ينزل لي سخطك هذا المستعاذ به. هذا المستعاذ اه المستعاذ له يعني المطلوب من هذه الاستغاثة وهذه الاستعاذة ان ينزل بسخطك او يحل علي غضبك ثم قال لك العتبى حتى ولك العتبى اي لك الاعتذار وطلب الرضا حتى يحصل رضاك لك العتبى حتى ترضى ولا حول ولا قوة الا بك اي لا تحول من هذه الحالة الشديدة التي انا فيها الا بتحويلك وقوتك فيه التبرأ التام من كل حول ما هو وكلة الامر الى الله جل وعلا وهذا يا اخواني يحتاجه الانسان. يحتاج الانسان الى ان يبث شكواه الى رب العالمين. ومن بث شكواه الى رب العالمين فقد بثها الى من بيده الامر الذي امره اذا اراد شيئا انما يقول له كن فيكون انما امره اذا اراد شيئا ان يقول له كن فيكون. فسرعان ما يحصل له الفرج وتنكشف عنه سدس الظلام التي احاطت به تنكشف عنه الكروب. لكن الناس يغفلون عن هذا وتجد انهم يشكون الى غير الله جل وعلا ما نزل بهم يشكون الله الى خلقه ولو انهم شكوا الى ربهم لوجدوا ربا برا رؤوفا رحيما قريبا مجيبا سبحانه بحمده نقف على هذا والله تعالى اعلم وصلى الله وسلم على نبينا محمد