نعم وقد دل هذا الحديث على تفضيل العلم على العبادة تفضيلا بينا. والادلة الدالة على ذلك كثيرة قال الله تعالى هل يستوي الذين يعلمون والذين لا يعلمون وقال يرفع الله الذين امنوا منكم كن والذين اوتوا العلم درجات يعني على الذين امنوا ولم يؤتوا العلم. كذا قال ابن مسعود وغيره من السلف وخرج الترمذي من حديث ابي امامة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم انه ذكر له رجلان احدهما عابد والاخر عالم. فقال صلى الله عليه وسلم فضل العالم على العابد كفضلي على ادناكم وقال صحيح حسن غريب. وخرج ايضا هو وابن ماجة من حديث ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم قال فقيه واحد اشد على الشيطان من الف عابد. وخرج ابن ماجة من حديث عبدالله بن عمرو. قال خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات يوم فدخل المسجد فاذا هو بحلقتين احداهما يقرأون القرآن ويدعون الله عز وجل والاخرى يتعلمون ويعلمون. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم كل على خير. هؤلاء يدعون الله عز وجل ويقرؤون القرآن فان شاء اعطاهم وان شاء منعهم وهؤلاء يتعلمون الليمون وانما بعثت معلما. فجلس معهم وخرجه ابن المبارك في كتاب الزهد وزاد فيه بعد قوله وانما بعثت معلما. هؤلاء افظل. وخرج الطبراني من حديث عبد الله ابن عمرو عن النبي صلى الله عليه عليه وسلم قال قليل الفقه خير من كثير العبادة وخرج البزار والحاكم وغيرهما باسانيد متعددة فضل العلم احب الى الله من فضل العبادة وخير دينكم الورع وفي مراسيل الزهري عن النبي صلى الله عليه وسلم فظل العالم على العابد سبعون درجة ما بين كل درجة ودرجة مسيرة خضر جواد مائة عام. هذا الجملة من الاحاديث التي ذكرها المؤلف رحمه الله وصفها بانها كثيرة لا يخلو منها حديث الا وفيه مقال. لكن المعنى الذي اشار اليه وهو تفضيل العالم على العابد مستفاد من مجموع هذه النصوص ومن نصوص اخرى وهي ما قدمه في قوله رحمه الله قال الله تعالى يستوي الذين يعلمون والذين لا يعلمون. هل يستوي هذا استفهام؟ والاستفهام هنا استفهام نفي وانكار. لا يستويان لا يستوي الذي يعلم الذي لا يعلم. قوله تعالى يرفع الله الذين امنوا منكم والذين اوتوا العلم درجات. والنصوص التي ذكرها كما ذكرت فيها ضعف لكن مجموعها يفيد المعنى الذي اشار اليه ولا يعني هذا ان يكون الانسان قد اخلى نفسه من العبادة حتى يفوز بفظل العلم انما يكمل العلم اذا اقترن بالتنسك لكن هذا الكلام يفيد فيما اذا كان الانسان في مقام عدم امكان الجمع بين التعبد والتعلم اما اذا امكنه الجمع بين الامرين فلا شك ان الكمال ان تجمع بين العلم وثمرته. فالعلم هو الحامل على كمال التعبد لذلك ينبغي ان يفهم مثل هذا الكلام على وجهه المقصود وهو انه اذا كان هناك تزاحم بين هذين العملين بين التعلم وبين تخلي للتعبد فالعلم مقدم على التخلي للتعبد اما اذا امكن الانسان ان يجمع بينهما فانه لا شك ان هذه منزلة هي اعلى المنازل ثم ايضا ينبغي ان يعلم في حال امكان الجمع بين التعبد والتعلم كما ذكرنا في المنزلة العليا هو الجمع لكن ينبغي ان يعلم في هذا المقام ان المفاضلة في بين العلم والتعبد هو فيما ليس واجبا على العبد من العبادات. اما ما كان فرض عين على الانسان او مطالبا به فانه لا موازنة بين العلم والعبادة في هذه الحال فان العلم لا يتم الا بتكميل الواجبات. اذا هنا تنبيهان فيما يتعلق بالمفاضلة. التنبيه الاول ان هذا في حال عدم امكان الجمع بين الامرين. التنبيه الثاني ان المفاضلة بين العلم والعبادة هو فيما زاد على الواجب من العبادات. اما ما كان واجبا فانه لا تنعقد مفاضلة بينه وبين العلم. فاذا قال والله انا بين ان اتعلم العلم وبين ان اؤدي الصلاة. فنقول لا اداء الصلوات مكتوبة مقدم على تعلم العلم لانها لا يقوم دينك الا بذلك فاقم الصلاة المكتوبة ثم بعد ذلك تعلم فيما بقي من الوقت. نعم والاثار الموقوفة عن السلف في هذا كثيرة جدا. فروي عن ابي هريرة رضي الله عنه وابي ذر قال الباب يتعلمه الرجل احب الينا من الف ركعة تطوعا. وخرجه ابن ماجة من حديث ابي ذر مرفوعا وروي عن ابي الدرداء قال مذاكرة العلم ساعة خير من قيام ليلة. ويروى عن ابي هريرة دعاء لان افقه ساعة احب الي من ان احيي ليلة اصليها حتى اصبح. وعنه قال لان اعلم باب من العلم في امر او نهي احب الي من سبعين غزوة في سبيل الله عز وجل. وعن ابن عباس رضي الله عنهما قال تذاكر العلم بعض ليلة احب الي من احيائها. وصح عن ابي موسى الاشعري انه قال لمجلس اجلس من عبد الله بن مسعود اوثق في نفسه من عمل سنة وعن الحسن قال لان اتعلم بابا من العلم واعلمه مسلما احب الي من ان تكون للدنيا كلها اجعلها في سبيل الله عز وجل وعنه قال ان كان الرجل ليصيب الباب من العلم فيعمل به فيكون خيرا له من الدنيا وما فيها لو كانت له ويجعلها في الاخرة. تصدق بالدنيا التي اتاه الله تعالى اياها لكان تعلمه افضل. ان كان الرجل ليصيب الباب من فيعمل به فيكون خيرا له من الدنيا وما فيها لو كانت له. فيجعلها في سبيل الله او يجعلها في الاخرة. يدل على ان بذل العلم اعلى واشرف افضل من انفاق المال. نعم. وعنه قال مداد العلماء ودم الشهداء مجرى واحد. في الاجر والثواب. نعم قال ما من شيء مما خلق الله اعظم عند الله في عظيم الثواب من طلب علم. لا حج ولا عمرة ولا جهاد ولا صدقة ولا عتق ولو كان العلم صورة لك انت صورته احسن من صورة الشمس والقمر والنجوم والسماء قال الزهري تعلم سنة افضل من عبادة مئتي سنة. وقال سفيان الثوري وابو حنيفة ليس بعد كالفرائض افضل من طلب العلم. قال الثوري لا نعلم شيئا من الاعمال افضل من طلب العلم والحديث. لمن فيه نيته. الله اكبر. قيل له واي شيء النية فيه؟ قال يريد الله والدار الاخرة. وقال الشافعي طلب العلم افضل من صلاة النافلة. ورأى مالك بعض اصحابه يكتب العلم. ثم تركه وقام يصلي فقال عجبا لك ما الذي قمت اليه بافضل من الذي تركته؟ وسئل الامام احمد اي ما احب اليك؟ ان نصلي بالليل تطوعا او اجلس انسخ العلم. قال اذا كنت تنسخ ما تعلم امر دينك فهو احب الي. وقال احمد ذو ايضا العلم لا يعدله شيء. وقال المعافى ابن عمران كتابة حديث واحد احب الي من قيام ليلة مما يدل على تفظيل العلم على جميع النوافل ان العلم يجمع جميع فظائل الاعمال المتفرقة فان علم افظل انواع الذكر كما سبق تقريره وهو ايظا افظل انواع الجهاد. ويروى من حديث عبد الله ابن عمر والنعمان ابن ابن بشير رضي الله عنه مرفوعا انه يوزن مداد العلماء بدم الشهداء فيرجح مداد العلماء. وخرج من حديث انس عن النبي صلى الله عليه وسلم قال من خرج في طلب العلم فهو في سبيل الله حتى يرجع وورد في حديث اخر اذا جاء الموت طالب العلم فهو شهيد. وقال معاذ بن جبل تعلموا العلم فان تعلمه لله حسنة وطلبه عبادة ومدارسته تسبيح والبحث عنه جهاد وتعليمه لمن لا اعلمه صدقة وبذله لاهله قربة. لان العلم سبيل منازل اهل الجنة. وهو الانيس في الوحدة احب في الغربة والمحدث في الخلوة والدليل على السراء والمعين على الظراء والسلاح على الاعداء والزين عند الاخلاء يرفع الله به اقواما فيجعلهم في الخير قادة وائمة. تقتص اثارهم ويقتدى بفعالهم وينتهى الى رأيهم. ترغب الملائكة في خلتهم وباجنحتها تمسحهم يستغفر لهم كل رطب ويابس وحيتان البحر وهوامه وسباع البر وانعامه لان العلم حياة قلوب من الجهل ومصابيح الابصار من الظلم وقوة الابدان من الضعف يبلغ بالعبد في العلم منازل الاخيار الابرار والدرجات العلى في الدنيا والاخرة والتفكر فيه يعدل الصيام ومدارسته تعدل به توصل الارحام ويعرف الحلال والحرام وهو امام العمل والعمل تابعه يلهمه السعداء ويحرمه الاشقياء. رواه ابن عبدالبر به يعرف الله ويعبد. وبه يمجد ويوحد يرفع الله بالعلم اقوى من فيجعلهم قادة وائمة للناس. يقتدون بهم ويرجعون الى رأيهم. في كلام اكثر من هذا وقد روي هذا مرفوعا من حديث ابي هريرة. الاثار التي ذكرها المؤلف رحمه الله عن الصحابة رضي الله عنهم ثم عن النبي صلى الله عليه وعلى اله وسلم في تفضيل العلم على الجهاد من المسائل التي جرى فيها البحث بين اهل العلم في التطوعات بعد الواجبات البحث في افضل التطوعات بعد الواجب لاهل العلم فيه كلام فمنهم من جعل الجهاد اعلى انواع القربات بعد الطاعات الواجبة ومنهم من جعل العلم وقد ساق من كلام الائمة ما يبين ان جماهير اهل العلم على ان فظل العلم متقدم على سائر العمل وان العلم له من المكانة والمنزلة ما ليس لسائر العمل حتى الجهاد في سبيل الله. وذلك ان العلم نوع جهاد ان العلم نوع جهاد في سبيل الله تعالى. ولكن ينبغي ان يعلم ان العلم الذي هذه منزلته وهذه مكانته وهذا فظله هو العلم الذي يبتغى به وجه الله تعالى وهو العلم الذي يثمر العمل والصلاح والاستقامة. وهو العلم الذي يراد به الله والدار الاخرة. اما ما كان من علم على اللسان فانه حجة كما تقدم في تقسيم العلم السابق. فالذي يشتغل بالعلم ليدرك به منصبا او يحصل به جاها. او ليماري به الناس او ليلفت وجوه الناس اليه كل هذا اشتغال بفاضل في الصورة لكنه لا يحرز ولا يدرك هذه الفضائل التي ذكرها اهل العلم. وفي النقولات ما سبق تقريره من ان المفاضلة بين العلم والعبادة في حال عدم امكان الجمع بينهما. اما اذا امكنه الجمع فلا شك ان الجمع هو الذي يحصل به كمال السبيلين. نعم. ومما يدل على تفضيل العلم على العبادة قصة ادم عليه السلام فان الله تعالى انما اظهر فظله على الملائكة بالعلم حيث علمه اسماء ماء كل شيء واعترفت الملائكة بالعجز عن معرفة ذلك. فلما انباهم ادم بالاسماء ظهر حينئذ فضله عليهم وقال عز وجل لهم الم اقل لكم اني اعلم غيب السماوات والارض واعلم ما تبدون وما كنتم تكتمون. وذكر طائفة من السلف ان الذي كتموه انهم قالوا في انفسهم لن يخلق الله خلقا الا نحن اكرم عليه منه. ومما يدل على فضل العلم ان جبرائيل عليه السلام انما فضل الملائكة المشتغلين بالعبادة بالعلم الذي خص به فانه صاحب الوحي الذي ينزل به على الانبياء السلام وكذلك خواص الرسل انما فضلوا على غيرهم من الانبياء عليهم السلام. بمزيد العلم لزيادة المعرفة بالله والخشية له. ولهذا وصف الله تعالى محمدا صلى الله عليه وسلم. في به ومدحه بالعلم الذي اختصه به وامتن به عليه في مواضع كثيرة وامره ان يعلمه لامته فاول ما ذكره بالعلم وبتعليمه في قصة ابراهيم حين دعا ربه لاهل البيت الحرام يبعث فيهم رسولا منهم يتلو عليهم اياته ويزكيهم. ويعلمهم الكتاب والحكمة. ثم امتن علينا بان بعث فينا رسولا منا وهو محمد صلى الله عليه وسلم بهذه الصفة فقال تعالى لقد من الله على المؤمنين اذ بعث فيهم رسولا من انفسهم يتلو عليهم اياته ويزكيهم ويعلمهم الكتاب والحكمة وان كانوا من قبل لفي ضلال مبين. واول ما انزل على محمد صلى الله عليه عليه وسلم ذكر العلم وفضله وهو قوله تعالى اقرأ باسم ربك الذي خلق خلق الانسان من علق اقرأ وربك الاكرم الذي علم بالقلم علم الانسان ما لم يعلم وامتن على محمد صلى الله عليه وسلم بالعلم في مواضع كقوله تعالى وانزل الله عليك الكتاب والحكمة وعلمك ما لم تكن تعلم وكان فضل الله عليك عظيما. وامره ان يسأل ربه ان يزيده علما فقال وقل ربي زدني علما. وكان النبي صلى الله عليه وسلم يقول انا اعلمكم واشدكم له خشية. وامتن الله تعالى علينا ان بعث فينا هذا الرسول صلى الله عليه وسلم الذي يعلمنا ما لم نكن نعلم وامرنا بشكر هذه النعمة كما قال تعالى كما ارسلنا فيكم رسولا كم منكم يتلو عليكم آياتنا ويزكيكم ويعلمكم الكتاب والحكمة. ويعلمكم ما لم تكونوا تعلمون. فاذكروني اذكركم واشكروا لي ولا تكفرون. واخبر سبحانه انه انما خلق السماوات والارض ونزل الامر الا لنعلم بذلك قدرته وعلمه. فيكون دليلا على معرفة ومعرفة صفاته كما قال تعالى الله الذي خلق سبع سماوات الى قوله قد احاط بكل شيء علما. فلقد سبع سماوات ومن الارض مثلهن يتنزل الامر بينهن. ليش؟ لتعلموا ان الله على كل شيء من قدير وان الله قد احاط بكل شيء علما. فجعل خلق السماوات السبع والارضين السبع وتنزل الامر بينهن لهذه الغاية وهي بعظيم قدرة الله تعالى وسعة علمه. حيث قال لتعلموا ان الله على كل شيء قدير. وان الله قد احاط بكل شيء علما. نعم ومدح الله في كتابه العلماء في مواضع كثيرة وقد سبق ذكر بعضها واخبر انه انما يخشاه من عباده العلماء وهم العلماء به. قال ابن عباس رضي الله عنه في قوله تعالى انما يخشى الله ومن عباده العلماء. طيب هذا المقطع من كلام المؤلف رحمه الله مزيد لذكر ادلة وهي ادلة ملتمسة من كلام الله وكلام النبي صلى الله عليه وسلم في بيان فضل العالم على العابد فضل العلم على العبادة. فيقول رحمه الله مما يدل على تفضيل العلم على العبادة قصة ادم. وكذلك مما يدل على فضل العلم ان جبريل عليه السلام انما فضل على الملائكة المشتغلين بالعبادة بالعلم الذي خص به. كذلك فضل اولي ازم من الرسل انما لما كانوا ممتازين به من تمام العلم بالله تعالى. كذلك فضل هذه الامة على سائر الامم انما هو لاجل كمال علمها بالله تعالى وعلمها بامره سبحانه وبحمده. كل هذه الادلة تدل على ما ذكره المؤلف رحمه الله في اول كلامه حيث قال وقد دل هذا الحديث على تفضيل العلم على العبادة تفضيلا بينا. والادلة على ذلك كثيرة ذكر منها الادلة من القرآن الادلة من السنة الادلة من كلام السلف والاثار الواردة عنهم بعد ان فرغ لذلك اتى بادلة ملتمسة من كلام الله تعالى وكلام رسوله من ذلك تفضيل ادم على الملائكة بالعلم تفضيل جبريل على الملائكة بالعلم تفضيل اولى من الرسل على سائر الرسل بالعلم تفضيل هذه الامة على سائر الامم بالعلم. فهذا كله في سياق واحد وهو بيان الادلة على ايش؟ فرض العلم على العبادة وان العالم مقدم على العابد في الفضيلة والمكانة. بعد هذا يأتي المؤلف رحمه الله ببيان افضل العلم. لان العلم تقدم انه علم بالله تعالى وعلم بامره جل وعلا. العلم بالله تعالى هو العلم بماله من الكمالات في اسمائه وصفاته وماله من الحقوق جل وعلا في الهيته وربوبيته. هذا هو العلم بالله تعالى. العلم بامره هو العلم بما شرعه العلم بدينه بالحلال والحرام. فايهما افضل؟ هذا ما سيتطرق اليه المؤلف رحمه الله في هذا المقطع من كلامه. يقول رحمه الله فافضل العلم العلم بالله وهو العلم باسمائه وصفاته وافعاله التي توجب لصاحبها معرفة الله وخشيته ومحبته وهيبته واجلاله وعظمته والتبتل اليه والتوكل عليه والرضا عنه والاشتغال به دون خلقه. هذا هو العلم بالله. العلم بالله هو ان تكمل معرفة العبد بربه. ويقترن بهذه المعرفة كمال الذل والخضوع له والمحبة. ولذلك اتى بالعلم وثمرته. العلم بالله يثمر هذه الثمار العظيمة. ولذلك لا يمكن ان يطيب العبد ولا يصلح فؤاده الا بالعلم بالله تعالى. ما يمكن ان يكون القلب زاكيا طاهرا نقيا مخبتا مقبلا على الله تعالى عظيما المحبة له وعظيم الاقبال الخظوع له كل الاعمال القلبية لا يمكن ان تتحقق الا اذا علم العبد ما لله من الكمالات. ولذلك ملئ كلام الله تعالى بذكر صفاته. ما من اية من كتاب الله تعالى الا وفيها ذكر شيء مما يتعلق بالرب جل وعلا. القرآن مقصوده ولبه وقوامه على بيان ما لله من الكمالات سبحانه وبحمده في اسمائه في صفاته في افعاله وما ذكر من سائر ما يذكر من الامور الاخرى في القرآن انما هي مكملات لهذا الامر وتوابع لهذا الامر. فلذلك اكمل العلوم هو العلم بالله تعالى العلم بما له من الكمالات في اسمائه وصفاته وافعاله والتعبد له وهو ثمرة هذا العلم بالخشية والمحبة هب والهيبة والاجلال والتعظيم له سبحانه وبحمده. قال ويتبع ذلك اي يتبع العلم بالله تعالى العلم بملائكته وكتبه ورسله يعني بسائر اصول واركان الايمان يقول رحمه الله ويتبع ذلك العلم بملائكته وكتبه ورسله واليوم الاخر وتفاصيل ذلك. العلم بالله تعالى هو تحقيق للايمان الذي تزكو به القلوب. قال النبي صلى الله عليه وسلم لما سأله جبريل لعن الايمان قال ان تؤمن بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الاخر والقدر خيره وشره هذا هو العلم بالله تعالى والعلم بما العلم به من العلم بالملائكة وسائر اعمال القلوب. بعد هذا العلم الاخر وهو العلم بامره خلف التعريف والعلم بامر الله ونهيه باوامر الله ونواهيه وشرائعه واحكامه وما يحبه من عباده من الاقوال والاعمال الظاهرة والباطنة وما يكرهه من عباده من الاقوال والاعمال الظاهرة والباطنة. هذا العلم بامر الله تعالى ودينه. هو العلم بما يحبه الله وما يكرهه بما يقرب الى الله تعالى من الاعمال وما يبعد عنه سبحانه وتعالى من الاعمال. انما خلاصة هذا ان نعلم ان افضل العلم هو ما جمع العلم بالله تعالى والعلم بامره ونهيه سبحانه وبحمده. فاذا كمل علم العبد بالله وكمل علمه بامر الله تعالى فقد نال السبق وحاز الفضل في العلم وهو من العلماء الربانيين قال رحمه الله ومن جمع هذه العلوم فهو من العلماء الربانيين العلماء بالله العلماء بامر الله. اسأل الله ان يجعلنا واياكم منهم وان يحشرنا في زمرتهم وان ييسر لنا سبيلهم