الحمد لله رب العالمين الرحمن الرحيم ما لك يوم الدين احمده حق حمده اصلي واسلم على المبعوث رحمة للعالمين نبينا محمد وعلى اله وصحبه ومن اتبع سنته واقتفى اثره باحسان الى يوم الدين اما بعد فنقرأ ما يسر الله تعالى من ايات الكتاب الحكيم ثم نقف مع هذه الايات تفسيرا وبيانا قراءة لما ذكره الامام البخاري في تفسيره حولها اعوذ بالله من الشيطان الرجيم. بسم الله الرحمن الرحيم ليس على الذين امنوا وعملوا الصالحات جناح فيما طعموا اذا اتقوا وامنوا اذا ما اتقوا وامنوا وعملوا الصالحات ثم اتقوا وامنوا قالوا ثم اتقوا واحسنوا والله يحب المحسنين يا ايها الذين امنوا ليبلونكم الله بشيء من الصيد تناله ايدي ورماحكم. ليعلم الله من يخافه بالغيب. فمن اعتدى بعد ذلك فله عذاب اليم يا ايها الذين امنوا لا تقتلوا الصيد وانتم حرم ومن قتله منكم متعمدا فجزاء مثل ما قتل من النعم ام يحكم به ذواعد منكم هديا بالغ الكعبة او كفارة طعام مساكين او عدل ذلك صياما ليذوق وبال امره عفا الله عما سلف. ومن عادى فينتقم الله منه. والله عزيز ذو انتقام احل لكم صيد البحر وطعامه متاعا لكم وللسيارة وحرم عليكم صيد البر ما دمتم حرما. واتقوا الله الذي اليه تحشرون جعل الله الكعبة البيت الحرام قياما للناس والشهر الحرام والهدي والقلم قلائد ذلك لتعلموا ان الله يعلم ما في السماوات وما في الارض وبكل شيء عليم اعلموا ان الله شديد العقاب وان الله غفور رحيم ما على الرسول الا البلاغ. والله يعلم ما تبدون وما تكتمون قل لا يستوي الخبيث والطيب ولو اعجبك كثرة الخبيث فاتقوا الله يا اولي الالباب لعلكم تفلحون يا ايها الذين امنوا لا تسألوا عن اشياء تبدلكم تسوءكم وان تسألوا عنا حين ينزل القرآن تبدلكم عفا الله عنها الله غفور حليم قد سألها قوم من قبلكم ثم اصبحوا بها كافرين ما جعل الله من بحيرة ولا سائبة ولا وسيلة ولا احب ولا وسيلة ولا حامي ولكن الذين كفروا يفترون على الله كذب واكثرهم لا يعقلون هذه الايات الكريمات ذكر الله تعالى فيها جملة من مهمات المسائل التي تتعلق بالحلال والحرام فبعد ان ذكر الله تعالى تحريم الخمر والميسر والانصار والازلام وامر بطاعته وطاعة رسوله وحذر من التولي عنهما وبين ان الرسول صلى الله عليه وسلم انما مهمته تبليغ الرسالة واما محاسبة الناس فذاك امره الى الله جل وعلا عاد الى ذكر شرط الحل في كل المباحات من الاطعمة فقال تعالى ليس على الذين امنوا وعملوا الصالحات جناح يعني ليس عليهم مؤاخذة ولا اثم ليس على الذين امنوا وعملوا الصالحات جناح فليس عليهم اثم ولا حرج ولا مؤاخذة فيما طعموا. يعني فيما ياكلونه مما احله الله تعالى لهم واباح معه من الطيبات التي امر جل وعلا اكلها في قوله تعالى وكلوا مما رزقكم الله حلالا طيبا واتقوا الله الذي انتم به مؤمنون فقد امر الله تعالى باكل الطيبات ونهى عن تحريم ما احله جل وعلا وهنا بين شرط الحل كل ما يتمتع به الانسان من المطاعم والمشارب لله فيه حق فمتى ادى هذا الحق كان ذلك من اسباب اباحته وعدم المؤاخذة فيه واذا فرط في ذلك فانه سيؤاخذ في فيما طعم وفيما اكل وفيما شرب والله تعالى في هذه الاية قال جل في علاه ليس على الذين امنوا وعملوا الصالحات جناح فيما طعموا ثم ذكر شرط نفي الجناح فقال اذا ما اتقوا وامنوا وعملوا الصالحات فاشترط الله تعالى في اباحة هذه المطعومات وفي عدم المؤاخذة بها ان يكون تعاطيها على هذا النحو من الشرط وهو ان يكون ذلك مقترنا بالتقوى والايمان وقد اخبر الله تعالى في محكم كتابه ان ان الناس سيسألون عما اعطاهم الله تعالى من النعم. فقد قال جل وعلا في محكم كتابه لتسألن يومئذ عن النعيم وهذا تنبيه من العزيز الحكيم جل في علاه ان العباد سيسألون عن النعيم وقد اخبر سبحانه وبحمده ان النعيم الذي اباحه الله تعالى للناس وتمتعوا به في هذا هو للذين امنوا وللذين كفروا في الدنيا وسيحاسب عليه الجميع يوم يوم القيامة بالسؤال فتكون خالصة للمؤمنين كما قال تعالى قل من حرم زينة الله التي اخرج لعباده والطيبات من الرزق قل هي للذين امنوا في الحياة الدنيا هي للذين امنوا اباحة وحل وعدم مؤاخذة خالصة يوم القيامة ففي الدنيا يشترك مع اهل الايمان في المباحات والطيبات المشركون لكن الفرق بين اهل الكفر واهل الايمان ان اهل الايمان لا مؤاخذة عليهم في ذلك ولذلك قال قل هي للذين امنوا في الحياة الدنيا لهم اباحة واذنا وعدم مؤاخذة كما قال الله تعالى ليس على الذين امنوا وعملوا الصالحات جناح فيما اذا فيما طعموا اذا ما اتقوا وامنوا وعملوا الصالحات فهذه الاية تبين تلك الاية التي في سورة الاعراف وقال فيها تعالى قل من حرم زينة الله التي اخرج لعباده والطيبات من الرزق قل هي للذين امنوا في الحياة الدنيا وفي القيامة قل خالصة يوم القيامة فيوم القيامة ليس لاهل الكفر والشرك نصيب فيما جعله الله تعالى من الطيبات لاهل الايمان. كذلك نوصل الايات لقوم يعلمون. فهذه الاية الكريمة ليس على الذين امنوا وعملوا الصالحات جناح بما طعموا بين شرط ذلك بقوله اذا ما اتقوا اجعلوا بينهم وبين عذاب الله وقاية وامنوا اي وصلحت بواطنهم وعملوا الصالحات اي واشتغلت جوارحهم بطاعة الله عز وجل المعنى فقال ثم اتقوا وامنوا ثم اتقوا واحسنوا والله يحب المحسنين وهذا يؤكد على ضرورة استحضار هذه المعاني في كل النعم التي ينعم الله تعالى بها على العبد فان الله من عليك بنعم وهذه النعم مما احلها الله تعالى لك واباحها فاذا استعملتها للاستعانة بها على طاعة الله كنت متقيا مؤمنا عاملا بالصالح كنت متقيا مؤمنا وكنت متقيا محسنا والله يحب المحسنين اما اذا استعملها الانسان فيما يكون من معصية الرحمن فانه في ذلك لم يحقق شرط الاباحة التي ذكرها الله عز وجل التي ذكرها الذي ذكره الله عز وجل في قوله اذا ما اتقوا وامنوا وعملوا الصالحات ثم اتقوا وامنوا ثم اتقوا واحسنوا والله يحب المحسنين. وهذا ترقي وتفصيل واجمال كل ذلك لتأكيد هذا المعنى الذي قررته هذه الاية الكريمة من ظرورة تحقيق هذا الشرط في كل ما يطعمه الانسان ويأكله مما احل الله تعالى واباه فلذلك ينبغي في كل ما تطعم ان تعرف ان لله في هذا الطعام حقا وحق الله في هذا الطعام ان تطيب مكسبه وان تستعمله في الاستعانة على ما احل الله تعالى او امر بقضاء نهمتك وحاجتك منه وان تستحضر معنى ان يكون ذلك عونا ان يكون ذلك عونا لك على طاعة الله تعالى والقربى منه سبحانه وبحمده تقرأ ما ذكر الامام البخاري في تفسير هذه الاية قول الله تعالى ليس على الذين امنوا وعملوا الصالحات جناح فيما طعموا. الى قوله والله يحب المحسنين قال حدثنا ابو النعمان قال حدثنا حماد بن زيد قال حدثنا ثابت عن انس رضي الله عنه ان الخمر التي اهريقت الفضيق وزادني محمد عن ابي النعمان قال كنت ساقي القوم في منزل ابي طلحة فنزل تحريم الخمر فامر مناديا فنادى فقال ابوطلحة اخرج فانظر ما هذا الصوت؟ قال فخرجت فقلت هذا مناد ان ينادي الا ان الخمر قد حرمت فقال لي اذهب فاهرقها. قال فجرت في سكك المدينة. قال وكانت خمرهم يومئذ الفضيلة فقال بعض القوم قتل قوم وهي في بطونهم فانزل الله ليس على الذين امنوا وعملوا الصالحات جناح فيما طعموا هذه الاية الكريمة ذكر الامام البخاري رحمه الله في تفسيرها هذا الاثر وهو تكرار لحديث انس المتقدم الذي فيه ذكر ما كان من شأن تحريم الخمر وانهم رضي الله تعالى عنهم كانوا يشربونها في المدينة بعلم رسول الله صلى الله عليه وسلم. ولم يكن ينهاهم لانه لم ينزل في شأنها ما يمنع من تعاطيها حتى نزلت هذه الاية الكريمة وكان ذلك موجبا للامتناع والتوقف عن شربها وكانوا رضي الله تعالى عنهم في امتناعهم منها على غاية الامتثال والتصديق والاقبال على ما امر الله تعالى به شرعه من تحريم هذه الخبيثة التي حرمها الله تعالى فانتهى عنها فانتهوا عنها رضي الله تعالى عنهم انتهاء تاما وليعلم ايها الاخوة ان هذه الاية التي ذكر الله تعالى فيها شرط الاباحة بالتقوى والايمان قد جرى في صدر الامة من بعض الصحابة رضي الله تعالى عنهم فهم غير سديد حيث انهم فهموا من الاية ان الله تعالى اباح كل مطعوم اذا استحضر فيه الانسان هذا المعنى ولذلك ظن بعظ الصحابة جهلا رظي الله تعالى عنهم هم بعد زمن النبي صلى الله عليه وسلم ان من شرب الخمر واتقى وامن وعمل الصالحات فانه لا جنح عليه قال تعالى ليس على الذين امنوا وعملوا الصالحات جناح فيما طعموا اذا ما اتقوا وامنوا وعملوا الصالحات ثم اتقوا وامنوا ثم اتقوا واحسنوا والله يحب المحسنين. الا ان هذا المعنى لم يقول به الصحابة ورده عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه على من فهمه ورده علي بل اجمع الصحابة على ان اصرارهم على الاستباحة كفر وان تأويلهم الغلط يوجب ان يرجعوا عنه فرجعوا فرجع رضي الله تعالى عن قدامة بن مظعون عما توهمه في الاية وقد حده عمر رضي الله تعالى عنه لشربه الخمر جهلا منه او تأولا منه بسبب ما كان من انه تأويل بعيد عن صواب وليس له وجه اذ ان الله تعالى حرم الخمر تحريما باتا واضحا جليا فليس مما يدخل في قوله تعالى ليس على الذين امنوا وعملوا الصالحات جناح فيما طعموا اذا ما اتقوا وامنوا وعملوا الصالحات لان محمول على ما كان من المباحات الطيبات التي اذن الله تعالى لاهل الايمان في تناولها وذلك في قوله تعالى يا ايها في قوله تعالى كلوا من طيبات ما رزقناكم واشكروا الله ان كنتم اياه تعبدون. فالاية بينت المعنى وان المقصود المباح من الطعام وليس ما حرم الله عز وجل من الطعام اذ ان من تعاطى شيئا مما حرمه الله تعالى من الاطعمة فانه لم يحقق الشرط الذي اباحه الله تعالى في قوله اذا ما اتقوا وامنوا وعملوا الصالحات لان اقتضى التقوى ان يتجنب ما حرم الله عليه مقتضى التقوى ان يتجنب ويترك ما حرم الله تعالى عليه هذا افادته هذه الاية وما جاء فيها من خبر عبد من خبر انس ابن مالك رضي الله تعالى عنه في تحريمها وقوله تعالى والله يحب المحسنين الاحسان اعلاه ان يكمل الانسان خصال الايمان وان يكمل خصال الاسلام الا ان الاحسان عند الاطلاق يصدق على الاسلام والايمان. وقد ذكر وقد ذكر الامام البخاري رحمه الله ما فعله الصحابة في بسياق بسياق اثر انس قال ان الخمرة التي اهريقت اي سكبت لما حرمت الخمر الفضيخ وتقدم ان الفضيخ هو الخمر المتخذ من من البسر. ثم قال كنت ساقي القوم في منزل ابي طلحة فنزل تحريم الخمر فامر مناديا فنادى امر رسول الله صلى الله عليه وسلم مناديا فنادى فقال ابو طلحة اخرج قال لانس اخرج فانظر ما هذا الصوت قال فخرجت فقلت هذا مناد ينادي الا ان الخمر قد حرمت فقال لي ابو طلحة رضي الله تعالى عنه قال لانس اذهب فاهرقها اي فاسكبها قال فجرت في سكك المدينة اي لكثرة ما سكب من الخمر التي كان الناس يتعاطونها في زمن النبي صلى الله عليه وسلم قبل التحريم جرت سكك المدينة الخمر كثرة قال وكانت خمرهم يومئذ الفضيخ وهو ما يتخذ من البسر. فقال بعض القوم قتل قوم وهي في بطونهم اي ممن استشهد من الصحابة كما تقدم في حديث جابر ان جماعة من الصحابة شربوا الخمر صبحوا في الغداة احد وقتلوا شهداء رضي الله تعالى عنهم وارضاهم. فانزل الله تعالى ليس على الذين امنوا وعملوا الصالحات جناح فيما لانها كانت مباحة حينئذ لم لم ينزل فيها تحريم فهي مما اباح الله تعالى فليس عليهم اثم ولا جناح لانهم قد حققوا ما ذكر الله من شر فيما طعموا واذا ما اتقوا وامنوا وعملوا الصالحات ثم اتقوا وامنوا ثم اتقوا واحسنوا والله يحب المحسنين. وفي هذا الحديث دليل لما ذكره بعض اهل العلم من ان الخمر ليست نجسة العين اذ لو كانت نجسة العين لما سكبها اصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم في الطرقات. لان سكب النجاسات في الطرقات مما نهى عنه الله ورسوله لما فيه من الاذى وهو تقدير لشوارع المسلمين بالنجاسات. وانما كان الواجب ان تلقى في مكان نائل وليس في طرق المدينة كما قال انس رضي الله تعالى عنه في وصف كثرة ما سكب من الخمر في طرق المدينة قال رضي الله تعالى عنه فجرت في سكك المدينة جرت يعني فشل الخمر بطرق المدينة كما هو المشاهد فيما اذا فاض ماء او خرج ماء من من دار من الدور في في في سوقنا وشارع جرى الماء في الشارع فكذلك جرت سكك المدينة بالخمر وهذا مما استدل به من ذهب الى ان الخمر ليست نجسة ان عين الخمر ليست نجسة لانها لو كانت نجسة لما كان هذا صنيعهم رضي الله وتعالى عنهم وارضاهم اه ثمة ما يمكن ان يقال في تفسير الاية وهو ما اشار اليه جماعة من اهل التفسير وومنهم ومنهم الطبري شيخ المفسرين في تكرار الامر بالتقوى في قوله ليس على الذين امنوا وعملوا الصالحات جناح في فيما طعموا اذا ما اتقوا وامنوا وعملوا الصالحات ثم اتقوا وامنوا ثم اتقوا واحسنوا هذا التكرار للتقوى في الاية تكلم عنه الطبري رحمه الله فقال الاتقاء الاول هو الاتقاء بتلقي امر الله بالقبول والتصديق هذا هو الاتقاء الاول وذلك بان يقبلوا ما جاء عن الله عز وجل من حكم من خبر فالاتقاء في الاخبار العلمية بالقبول وفي الاخبار العملية اي التي تتضمن امرا ونهيا بالاذعان. واما الاتقاء الثاني قال رحمه الله الاتقاء الثاني بالثبات على التصديق اي بان يدوموا على التصديق بما امر الله تعالى به وما نهى عنه وما اخبر به دون تبديل ولا تغيير. واما الاتقاء الثالث هو الاتقاء بالاحسان وذلك بالتقرب بالنوافل بعد الفرائض وهذا كقوله صلى الله عليه وعلى اله وسلم في الحديث الذي رواه الامام البخاري من حديث ابي هريرة يقول الله عز وجل ما تقرب الي عبدي بشيء احب الي مما افترضته عليه ولا يزال عبدي يتقرب الي بالنوافل حتى احبه فاذا احببته الى اخر الحديث. حيث قال في اول ما يتقرب به الى الله فعل الواجبات والفرائض المطلوبات ثم بعد ذلك بالسنن والمستحبات اورد الطبري رحمه الله في هذه الاية ايراد قال فان قال قائل ما الدليل على ان على ان الاتقاء الثالث هو تعلو النوافل والطاعات دون ان يكون ذلك بالفرائض. قيل انه قيل انه تعالى ذكره اجاب فقال ان الله تعالى اخبر عن وضعه الجناح عن شارب الخمر التي شربوها قبل تحريمها اذ هم اذا هم اتقوا الله عز وجل في شربها بعد تحريمها وصدقوا الله ورسوله في وصدقوا الله ورسوله في تحريمها وعملوا الصالحات من الفرائض ولا وجه لتكرار ذلك فيكون ذلك باضافة معنى وهو التقوى بفعل النوافل والتطوعات والمستحبات. والمقصود سواء قيل ان هذا التكرار للتأكيد وهذا يجري في تأكيد المهمات او كان ذلك كما ذكر الطبري رحمه الله ان الاتقاء الاول في القبول والاذعان واتقاء الثاني في الثبات من غير تبديل ولا ولا تأويل ولا تحريف والاتقاء الثالث المسابقة اوجه البر والنوافل والتطوعات كل ذلك سائق هذا القول او ذاك القول