الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على رسول الله الامين وعلى اله واصحابه الطيبين الطاهرين ومن تبعهم باحسان الى يوم الدين ولا نزال في سياق شرح كلياتي توحيد الربوبية وما يتعلق بها من مسائل وتفاصيل واصول وقواعد وعندنا في هذا الدرس جمل من الكليات نبدأها بالكلية الاولى تقول هذه الكلية كل ما يتنافى مع كمال الربوبية والالوهية فيجب تنزيه الله عنه كل ما يتنافى مع كمال الربوبية والالوهية فيجب تنزيه الله عنه بمعنى انه لا يجوز في حق الله عز وجل ان يوصف به او ينسب اليه وذلك لقول الله عز وجل وله المثل الاعلى في السماوات والارض فجميع ما يتنافى مع كمال ربوبيته او الوهيته عز وجل فالواجب علينا ان ننزه الله عز وجل عنه كما نزه نفسه عن كثير مما نسب اليه او وصف به في كتابه بقوله سبحان الله سبحان ربي وكل كلمة في القرآن فهي تعظيم وتنزيه عما لا يليق وقد نزه نفسه عن شرك المشركين في قوله فتعالى الله عما يشركون وفي قوله عز وجل سبحان ربك رب العزة عما يصفون وسلام على المرسلين والحمدلله رب العالمين وكذلك قال الله عز وجل سبحان الله عما يصفون وقال الله عز وجل لو كان فيهما الهة الا الله لفسدتا فسبحان الله رب العرش عما يصفون وقالوا اتخذ الله ولدا سبحانه وهذا يتكرر كثيرا في القرآن مما يجعلنا نقرر هذه الكلية فاننا نرى ان من منهج القرآن وجوب تنزيه الله عز وجل عن كل ما يتنافى مع كمال ربوبيته والوهيته وان من اعظم الطوائف وصفا لله عز وجل بما لا يليق اليهود عليهم لعائن الله المتتابعة كما حكى الله عنهم ذلك في مواضع متعددة من كتابه كما في قوله عز وجل. لقد سمع الله قول الذين قالوا ان الله فقير ونحن اغنياء سنكتب ما قالوا وقتلهم الانبياء بغير حق وهذا من تنزيهه عما قالوه وقال الله عز وجل عنهم وقالت اليهود يد الله مغلولة. فرد عليهم بقوله غلته ايديهم ولعنوا بما قالوا ويقول الله عز وجل في مواضع كثيرة عن اليهود بانهم يصفونه بالصفات التي لا تليق بمقام ربوبيته ولا الوهيته اليهود من اكثر الطوائف وصفا لله عز وجل بما لا يليق بل من جملة ما وصفه الله به انهم وصفوه بالتعب كما في التوراة. المحرفة فانهم فانهم ينصون فيها ان الله عز وجل لما فرغ من خلق الخلق استراح وقد نزه الله عز وجل نفسه نفسه عن ذلك في قوله ولقد خلقنا السماوات والارض وما بينهما في ستة ايام وما مسنا من لغب بل ووصفوه بالندم. والله عز وجل ايضا نزه نفسه عن ذلك في قوله لا يسأل عما يفعل وهم يسألون يقول الله عز وجل فما بكت عليهم السماوات والارض السماء والارض وما كانوا منظرين. ويقول الله عز وجل فدمدم عليهم ربهم قم بذنبهم فسواها ولا يخاف عقباها بل وصفوا الله عز وجل بالبكاء وذرف الدموع الكثيرة. كما في التوراة المحرفة وكل ذلك من وصف الله عز وجل بما لا يليق لا بربوبيته ولا بالوهيته عز وجل يرحمك الله وكذلك النصارى فقد كثر وصفهم لله عز وجل بما لا يليق كما في قول الله عز وجل لقد كفر الذين قالوا ان الله ثالث ثلاثة. وقالت اليهود عزير ابن الله وقالت النصارى المسيح ابن الله والايات في هذا المعنى كثيرة وكذلك ايضا يجب تنزيه الله عز وجل عن مماثلة صفاته لشيء من صفات خلقه لان مماثلة الله في خلقه مما يتنافى مع كمال ربوبيته والوهيته واسمائه وصفاته عز وجل كذلك يجب تنزيه الله عز وجل عن عن كمالاته. كما فعله المعطلة فانهم يعطلون الله عز وجل عن صفات كماله فلا يصفونه بما وصف به نفسه في كتابه ولا بما وصفه به نبيه صلى الله عليه وسلم وعلى ذلك قول الله عز وجل ليس كمثله شيء وقول الله عز وجل ولم يكن له كفوا احد وقول الله عز وجل فلتعلموا له سميا وكذلك ايضا في هذه الكلية رد على من يسلب قدرة الله عز وجل على خلق افعال العباد كما فعله القدرية في باب القدر. فانهم يصفون الله عز وجل بعجزه عن خلق افعال العباد وكذلك فيها رد على من ينفي العلم عن الله عز وجل. كما فعله القدرية الاوائل فانهم يزعمون ان لا قدر وان الامر انف وان الله لا يعلم الشيء قبل وقوعه. وكل ذلك مما يتنافى مع كمال ربوبيته والوهيته ويدخل في ذلك ايضا ظن السوء بالله عز وجل فمن ظن ان الله سيترك عباده في ارضه هملا سدى بلا جزاء ولا حساب فقد وصف الله بما يتنافى مع كمال ربوبيته والوهيته وكذلك يدخل فيه ايضا من نسب الله عز وجل الى خذلان انبيائه ورسله وان الكفار يتغلبون عليهم الغلبة المطلقة. وان الله سيسلم رسله واتباعهم من الانبياء لايدي اعدائهم وكل ذلك قد نفاه الله عز وجل بقوله في قوله الظانين بالله ظن السوء عليهم دائرة السوء وكذلك ايضا يدخل فيها تنزيه الله عز وجل عن الظلم في مجاري الاقدار. فان كثيرا من الناس ينسب الله عز وجل الى الظلم فيما من المصائب والالام والامراض وهذا مما مما يتنافى مع كماله لربوبيته والوهيته. ولذلك نفى الله عز وجل عن نفسه ذلك في قوله وما ربك بظلام للعبيد بل ونفى عن نفسه حاجته الى عباده والله عز وجل له الكمال الذاتي. لا يمكن ان ينفك كماله وغناه عنه ابدا. كما قال الله عز وجل مبطلا الهية عيسى وامه بانهما كانا يأكلان الطعام والله عز وجل هو الاحد الصمد الذي لا يأكل ولا يشرب عز وجل وعلى كل حال فالمؤمن انما تقوم انما يقوم ايمانه بربه على هذه الكلية فينقص التوحيد مطلق النقص او النقص المطلق متى ما وصفت ربك عز وجل بشيء يتنافى مع كمال ربوبيته والوهيته والله اعلم ومن الكليات ايضا كل مخلوق مهما عظمت منزلته فموصوف بالعجز والنقص كل مخلوق وان مهما عظمت منزلته. فموصوف بالعجز والنقص اقول وذلك لان المتفرد بالكمال المطلق انما هو الله عز وجل واما ما سواه من سائر المخلوقات فانه لابد وان يدخل في اصل خلقها او ما يعرض لها شيء من النقص او العجز به تبطل ربوبيتها والوهيتها. فان الرب والاله لا يصلح ان يعتريه شيء منه النقص ولا العجز باي وجه من الوجوه. وان من اعظم من خلق الله عز وجل الملائكة. وقد ابطل الله عز وجل والوهيتهم بوصفهم بهاتين الصفتين. انهم عاجزون وان فيهم نقصا كما قال الله عز وجل بل عباد مكرمون لا يسبقونه بالقول وهم بامره يعملون وهذا من وهذا دليل على انهم لا يصلح لا يصلحون لشيء من مقتضيات الربوبية ولا الالوهية بل وصفه الله بل وصفهم الله عز وجل بالخوف الشديد كما في قوله عز وجل ولا تنفع الشفاعة عنده الا لمن اذن له حتى اذا فزع عن قلوبهم. قالوا ماذا قال ربكم؟ قالوا الحق وهو العلي الكبير يوضح هذا قول النبي صلى الله عليه وسلم اذا قضى الله الامر في السماء ضربت الملائكة باجنحتها خضعانا لقوله انه سلسلة على صفوان ينفذهم ذلك. حتى اذا فزع عن قلوبهم قالوا ماذا قال ربكم؟ فاذا كان ذلك العجز والنقص يصيب عالم الملائكة فمن دونهم من باب فمن دونهم من باب اولى. ويقول النبي صلى ويقول الله عز وجل لا يعصون الله ما امرهم ويفعلون ما يؤمرون. ويقول الله عز وجل ومن يقل منهم اني اله من دونه فذلك نجزيه جهنم كذلك نجزي الظالمين. ويقول النبي صلى الله عليه وسلم اطت السماء وحق لها ان تئط. ما من موضع اربع اصابع الا ملك مساجد او راكع. وهذا دليل على بطلان الوهيتهم وربوبيتهم. اذ بسبب نقصهم وفقرهم وعجزهم لله عز وجل يحتاجون ويفتقرون الافتقار الذاتي الى الركوع والسجود والتسبيح وكثرة التعبد له عز وجل. وكذلك الانبياء وهم من خلق الله عز وجل في ملكوت ارضه يخبر عنهم في مواضع كثيرة بان بانهم ناقصون وانهم عاجزون. عن كثير من متطلبات امورهم. فهذا النبي صلى الله عليه وسلم يؤمر بان يقول قل لا املك لنفسي نفعا ولا ضرا وذلك لقصور البشرية ولو كنت اعلم الغيب لاستكثرت من الخير وما مسني وما مسني السوء. وقد اخبر الله عز وجل ان كثيرا من انبيائه وطردوا وشردوا واوذوا. كما قال صلى الله عليه وسلم وهو يحكي نبيا من الانبياء ضربه قومه وهو يمسح الدمع ويقول عن وجهه ويقول اللهم اغفر لقومه فانهم لا يعلم لا يعلمون بل يقول الله عز وجل اذا قص على نبيه في كتابه شيئا من قصص الاولين يقول ما كنت تعلمها انت ولا قومك من قبل هذا وهذا دليل على النقص البشري في العلم ويقول الله عز وجل وكذلك اوحينا اليك روحا من امرنا ما كنت تدري. ما الكتاب ولا الايمان ولكن جعلناه نورا نهدي به من نشاء من ويقول وقد وقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم انه في ان قومه قد شجوا رأسه وانهم كسروا رباعيته. فقال صلى الله عليه وسلم كيف يفلح قوم شجوا نبيهم فانزل الله ليس لك من الامر شيء وهذا فاذا كان اشرف من خلق الله في العالم العلوي فيهم هذا العجز والنقص واذا كان اشرف من خلق الله عز وجل في العالم السفلي فيهم ذلك العجز والنقص فمن دونهم من باب اولى من الاولياء والصالحين والاشجار والاحباب الجار والانس والجن وغيرهم من المخلوقات فهذا دليل على بطلان ربوبيتي والوهية المخلوق. فالمخلوق لا يصلح ان يكون ربا. ولا يصلح ان يكون الها. وذلك لانه ما من مخلوق الا لابد ان يوصف بشيء من النقص وان يوصف بشيء من العجز بل ان من اعظم العجز الذي لا يستطيع المخلوق دفعه عجز الموت وانقطاع الروح وانقطاع الحياة. كما قال الله عز وجل كل من عليها فان ويبقى وجه ربك ذو الجلال والاكرام يقول الله عز وجل انك ميت وانهم ميتون ويقول الله عز وجل وما جعلنا لبشر من قبلك الخلد. افإن مت فهم الخالدون؟ فيقول النبي صلى الله عليه وسلم اللهم انت اي الذي لا تموت والانس والجن يموتون فهذا من نقصهم وعجزهم وفقرهم الذاتي لله تبارك وتعالى فهذه الكلية فيها ابطال لما صرف من مقتضيات الربوبية والالوهية للمخ للمخلوقين الذي يصيبه ذلك النقص وذلك العجز لا يصلح ان يكون ربا ولا يصلح ان يكون الها. واما الله وحده لا شريك له. فهو المتفرد بالكمال والجلال وكمال القدرة والقوة. حيث انه لا يمكن ابدا ان يصيبه شيء من النقص او العجز لا في ذاته ولا في اسمائه وصفاته ولا في شيء من افعاله فهو المستحق لان يعبد دون ما سواه عز وجل. والله اعلم ومن الكليات ايضا كل ما سوى الله ومحدث ممكن الوجود كل ما سوى الله فمحدث ممكن الوجود اقول وهذه قاعدة واضحة لا تحتاج الى شيء من التوضيح وذلك لان المتفرد بالاولية المطلقة والازلية المطلقة انما هو الله عز وجل وهو الاول الذي ليس قبله شيء. وهو الاخر الذي ليس بعده شيء. وهو الظاهر الذي ليس فوقه شيء. وهو الباطن الذي ليس شيء واما ما سواه فانه يوصف بانه ممكن الوجود وانه محدث بمعنى انه كان بعد ان لم يكن ومنعدم بعد ان كان فلا احد ابدا يتفرد بالاولية الا الله ولا يتفرد بالاخرية الا الله. والاولية التي نصف الله عز وجل بها انما هي الاولية الواجبة التي لم تستمد من شيء اخر. ولكن لانه الله فهو الاول الذي ليس قبله شيء وهذا دليل على ان هذا العالم العلوي والسفلي بكل متعلقاته ومجراته وافلاكه وسمائه وارضه وجباله وانسه وجنه وكافة ما فيه من المخلوقات انما يوصف وبأنه محدث ممكن الوجود وهذا فيه رد على الفلاسفة الذين يزعمون بقدم العالم قدم ذات وكل من زعم بان العالم قديم قدما ذات فانه يجعله ربا والها مع الله عز وجل وهذا من الاعتقادات الكفرية الوثنية التي ورثها بعض فلاسفة المسلمين من فلاسفة من الفلاسفة اليونانيين. فالكون كله محدث ومخلوق حتى وان تطاول زمانه وتعاقبت بعد ذلك احداثه. فلا يزال ان كل اول فيه فهو فله اول منه اي مسبوق بما هو اول منه الا اولية الله عز وجل فانها ليست بمسبوقة باولية واخريته عز وجل ليست متبوعة وفي هذا وفي هذه الكلية دليل على ابطال ما عبد من دون الله عز وجل. اذ ان من صفات الرب الذي يستحق ان يعبد ان يكون وجوده من الوجود الواجب. وانه لم يلد ولم يولد وانه لا اول له ولا اخر له وكل موصوف بانه محدث فلا يصلح ان يكون ربا ولا الها وكل ما هو موصوف بانه ممكن الوجود فلا يصلح ان يكون ربا فلا اله ومن الكليات ايضا كل افعال الله عز وجل خير لا شر فيها كل افعال الله عز وجل فخير لا شر فيها كل افعال الله عز وجل خير لا شر فيها الشر ليس الى الله عز وجل مطلقا ولا يجوز نسبة الشر الى شيء من الله والله عز وجل يجب تنزيهه عن الشر مطلقا في ذاته واسمائه وصفاته وافعاله عز وجل وانما يدخل الشر في مفعولاته لا في فعله وفي مخلوقاته لا في صفة خلقه الشر في المقدور الذي هو فعل العبد وليس في القدر الذي هو فعل الله والشر في المخلوق الذي هو العبد. وليس في صفة الخلق التي تنسب الى الله عز وجل والشر في المقضي الذي هو فعل العبد وليس الشر في القضاء الذي هو فعل الله تبارك وتعالى يجب تنزيه الله عز وجل في كل شيء عن عن الشر فالله عز وجل يوصف بالخيرية المطلقة في ذاته وبالخيرية المطلقة في اسمائه وصفاته وبالخيرية المطلقة في افعاله وقد نص النبي صلى الله عليه وسلم على هذه الكلية بقوله في دعاء الاستفتاح كما في حديث علي في صحيح الامام مسلم قال والشر ليس اليك ليس اليك فان قلت وكيف نفعل بهذه الالام والمصائب والامراض التي تصيب الناس؟ اوليست شرا الجواب بلى ولكنها من الشر باعتبار وقوعها في ارض الله ولكن ليست شرا باعتبار تقديرها وخلقها كما سيأتي توضيحه اكثر في الكلية التي بعدها ان قلت اوليس الكفر من الشر؟ فنقول نعم. ولكنه شر باعتبار فعل المخلوق له لا باعتبار القضاء والقدر فان الله قدر الكفر قبل ان يخلق السماوات والارض بخمسين الف سنة. فهل ظهرت اثار الكفر اذ كان قدرا؟ الجواب ولكن لم تظهر اثاره السيئة القبيحة الا بعد ان تلبس المخلوق به. فالمخلوق لما كفر ظهرت اثار الكفر فشر الكفر مفعولات العبد. ولكن ليس في قضاء الله عز وجل وكذلك الزنا في ارض الله من الشر باعتبار فعل الزاني ولكن هذا الزنا قد كتبه الله عز وجل على العبد قبل ان يخلق السماوات والارض بالاف مؤلفة من السنين فهل ظهرت اثار الزنا اذ كان قضاء وقدرا؟ الجواب لا وانما ظهرت اثاره بعد ان وقع حقيقة من فعل العبد. فالشر في فعل العبد وليس في قضاء الله عز وجل وقدره بل وجميع الذنوب والمعاصي لما قدرها الله عز وجل وكانت قضاء وقدرا في اللوح المحفوظ مكتوبة على العبد لم يظهر شيء من شرها ابدا. ولكن لما تلبس المخلوق بها صارت شرا وهذا معنى قولنا الشر في المقدور اي فعل العبد وليس في القدر الذي هو فعل الله عز وجل. وفي المقضي الذي هو فعل العبد. وليس في القضاء الذي هو من فعل الله تبارك وتعالى فالذي يخلط بين القدر والمقدور والقضاء والمقضي ربما يصيبه شيء من من هذا الخلط فينسب الى الله عز وجل شيئا شيئا من الشر ولذلك تجد ان القرآن دائما لا ينسب الشر الى الله عز وجل كما قال الله عز وجل عن الجن وانا لا ندري اشر اريد بمن في الارض ام اراد بهم ربهم رشدا. فلما جاءوا في نسبة الشر فمن كمال الادب مع الله بنوه للمجهول ولم ينسبوه الى الله عز وجل ولما جاء ارادة الخير نسبوا ارادة الخير الى الله عز وجل الشر ليس الى الله تبارك وتعالى وكذلك لما بين الخضر اسباب فعله التي انكرها او استنكرها موسى عليه الصلاة والسلام؟ قال واما الغلام فكان ابواه مؤمنين فخشينا ان يرهقهما طغيانا وكفراء فاردنا اي بقتله. فنسب القتلى له بان ظاهر القتل شر ومن ادب الخضر مع الله عز وجل لم ينسب هذا الشر الى الله وانما نسبه الى نفسه. ولكن لما جاء الى بناء الجدار الذي ظاهره خير قال فاراد ربك اي ببناء هذا اي ببناء هذا اي ببناء هذا الجدار وكذلك لما جاء في خرق السفينة قال فاردت ان اعيبها. ولم يقل فاراد ربك ان اعيبها. لان السفينة فعل ظاهره ظاهره انه شر فالشر انما يكون في مفعولاته اي مخلوقاته. لا في فعله وفي مقدوراته اي افعال عباده لا في قدره وفي مقضيه اي فعل العبد ولكن لا في لا في قضائه وهذا من توحيد وهذا من كمال توحيد الربوبية ومن الكليات ايضا كل مظاهره الشر في مجريات الاقدار كل مظاهره الشر في مجريات الاقدار كجزئي يقابله خير اكثر منه كل ما ظاهره الشر في مجريات الاقدار فجزئي يقابله خير اعظم منه او اكثر فنحن نقر بان في موجودات هذا الكون شيء من الشر فالشيطان وجوده شر. والكفر وجوده شر والذنوب والمعاصي والبدع وجودها شر والامراض والالام ايضا وجودها شر ولكن اياك ان تجعلها من الشر المحض الذي ليس بمقابل بشيء من الخير فكل شر في هذا الوجود فلا بد ان تنظر فيه من جهتين. الجهة الاولى انه شر جزئي وليس شرا محضا الله لا يوجد في كونه ولا يخلق شرا محضا ابدا الشرية المحضة لا يجوز ابدا ان تنسب الى الله عز وجل خلقا ولا تقديرا الامر الثاني ان هذا الشر انما هو شر من جهة واحدة ولكنه لابد وان يكون مقابلا بخير كثير قد لا يعلمه على التفصيل الا الا الله تبارك وتعالى والالام والامراض والاوبئة والقحط وموت البهائم. والحوادث والمصائب التي يجريها الله عز وجل على العباد هي شر باعتبار انها تنقص شيئا من دينهم او دنياهم الا انها خير باعتبار كونها مكفرة لذنوبهم واثامهم في اعتبار كونها رادة لقلوبهم الى الله عز وجل. ومبينة ضعفهم امام كمال قدرته تبارك وتعالى. كما قال الله عز وجل ظهر الفساد في البر والبحر بما كسبت ايدي الناس ليذيقهم بعض الذي عملوا ثم بين الخير الذي فيه في قوله لعلهم يرجعون وقال الله عز وجل ولنذيقنهم من العذاب الادنى وهو شر بالنسبة لهم. دون العذاب الاكبر لعلهم يرجعون وكم من انسان يعجز عن اعلى مراتب الجنة باعماله ولكن يبتليه الله عز وجل بشيء هو يراه على نفسه من الشر الا انه يبلغ به مراتب في الجنة لو جلس عمر نوح وهو يعمل لما بلغها. كما في قول النبي صلى الله عليه وسلم ان العبد اذا سبقت له المنزلة من الله لم يبلغها بعمله ابتلاه الله عز وجل في نفسه او في ماله او في ولده ثم صبره وعلى ذلك البلاء حتى يبلغه المنزلة التي سبقت له من الله وموت الاقارب لجرم انه مصيبة كما وصف الله عز وجل ذلك في قوله فاصابتكم مصيبة الموت. الا انهما يعقبه بعد ذلك من الصبر واحتساب الاجر والرضا بالقضاء والحوقلة. فان ذلك من الخير العظيم الذي قد لا يناله الانسان الا الا بجريان هذه المصيبة في قدر الله عز وجل كما قال الله عز وجل ولنبلونكم بشيء من الخوف والجوع ونقص من الاموال والانفس والثمرات وايش؟ وبشري الذين اذا اصابتهم مصيبة اي وهم يرونها من الشر قالوا انا لله وانا اليه راجعون. ثم انظر الى الخيرات العظيمة المترتبة على ذلك في قوله اولئك عليهم صلوات من ربهم ورحمة اولئك هم المهتدون ولذلك قال العلماء ان العبد ليبلغ من منازل الجنة العليا بصبره ورضاه على مصابه في الدنيا اعظم اعظم مما يحصله بعمله اعظم مما يحصله في عمله وفي جامع الامام الترمذي باسناد حسن من حديث انس رضي الله عنه قال النبي صلى الله عليه وسلم اذا اراد الله بعبده الخير عجل له العقوبة في الدنيا. والعقوبة تنزل على العبد وهو يراها من الشر الا انها عند الله خير قل له واذا اراد الله بعبده الشر امسك عنه بذنبه حتى يوافي به يوم القيامة ويقول النبي صلى الله عليه وسلم لا يزال البلاء بالمؤمن او المؤمنة في نفسه او ولده او ماله حتى يمشي على الارض ما عليه ما عليه خطيئة ما عليه خطيئة ولما دخل النبي صلى الله عليه وسلم على ام السائب فقال يا ام السائب ما لك تزفزفي؟ قالت الحمى لا بارك الله فيها. فقال لا تسب الحمى فانها تذهب خطايا بني ادم كما يذهب الكير خبث الحديد او كما قال صلى الله عليه وسلم ويقول صلى الله عليه وسلم لما عاد مريضا اصابته الحمى قال ابشر فان الله عز وجل يقول هي ناري تسلطها على من اشاء من عبادي لتكون حظه من نار الاخرة فلم يخلق الله عز وجل شرا محضا ابدا. بل جميع الشر الذي نراه علينا او على غيرنا. ايا كان نوعه لابد ان ينظر بانه لابد ان ينظر له بانه شر جزئي لا كلي وانه مقابل بالخير الذي لا يعلمه الغنم فيه الا على على وجه التفصيل الا الا الله تبارك وتعالى والله اعلم. فان قلت هل الله عز وجل يريد الشر في كونه وقل نعم ولكن يريده بارادته الكونية لا بارادته الشرعية. والله عز وجل لا يريد الشر لذاته وانما يريده بارادته الكونية لما يترتب عليه من الاثار الشرعية والخير العظيم الذي لا يكون الا بجريان هذا الا بجريان هذا الشر ومن الكليات ايضا كل افعال الله عز وجل في في خلقه دائرة بين فضل وعدل كل افعال الله عز وجل في خلقه دائرة بين فضل وعدل اقول واحذر من الاحتمال الثالث وهو الظلم. فالله عز وجل لا يظلم احدا من عباده ابدا كما قال الله عز وجل ولا يظلم ربك احدا نكرة في سياق النفي فتعم قال الله عز وجل وما ربك بظلام بظلام للعبيد ويقول النبي صلى الله عليه وسلم فيما يرويه عن ربه عز وجل انه قال يا عبادي اني حرمت الظلم على نفسي وجعلته بينكم محرما فلا تظالموا ومجريات افعال الله عز وجل في عباده دائرة بين من يعامله بعدله وبين من يعامله بفضله والله عز وجل يهدي من يشاء من عباده فضلا ويضل من يشاء عدلا فهدايته فضل واضلاله عدل ويعطي من يشاء فضلا ويمنع من يشاء عدلا ويثيب من يشاء فضلا ويعاقب من يشاء عدلا وينعم اي ويصيب بنعمته من يشاء فضلا وينزل نقمته وغضبه وعذابه واليم عقابه على من يشاء على من يشاء عدلا والله عز وجل لا يظلم احدا من عباده كما قال الله عز وجل من جاء بالحسنة فله عشر امثالها فضلا. ومن جاء بالسيئة فلا يجزى الا مثلها عدل انتوا معي في هذا ولا لا؟ فهذه الكلية تبين لك انه ليس ثمة احتمال ثالث في مجريات افعال الله عز وجل مع عباده والله اعلم ومن الكليات ايضا مدري كم رقمه عندكم كل شيء ومقدور لله تعالى بالقدرة التامة كل شيء فمقدور لله عز وجل بالقدرة التامة اقول وبالله التوفيق فكل ما يدخل في اسم الشيء فانه لا يخرج ان يكون مقدورا لله عز وجل بكمال قدرته المطلقة المتناهية كما قال الله عز وجل وما كان الله ليعجزه من شيء في السماوات ولا في الارض. وبدأ بالسموات قبل الارض هنا لان اجرام السماء اكبر من اجرام الارض فنفى الله عز وجل عن نفسه ان يعجزه الشيء الضخم الكبير وفي ايات كثيرة يقول الله عز وجل ان الله على كل شيء قدير. وقال الله عز وجل وكان الله على كل شيء مقتدرة فالله لا يعجزه شيء في الارض ولا في السماء ابدا مهما كان ذلك الشيء. وهذا دليل على كمال قدرته تبارك وتعالى والتي من اجلها استحق ان يكون هو الرب الذي لا رب سواه والاله الذي لا يجوز ان يعبد غيره تبارك وتعالى فان قلت ولماذا قلت في الكلية كل شيء الجواب لان كثيرا من الناس يفرض احتمالات على كمال قدرة الله عز وجل. وهي لا تدخل في مسمى الشيء وذلك لان المحال ينقسم الى قسمين الى محال لذاته والى محال لغيره وكل ما كان محالا لذاته فليس فليس بشيء وعلى ذلك جواب السؤال القديم. او يستطيع الله ان يخلق حجرا لا يستطيع ان يحمله لاننا نجيب بقوله ان هذا الحجر بهذه الاوصاف لا يدخل في مسمى الشيء ولكن فرضتموه شيئا وكان سؤالكم مبنيا على ادخال هذا الشيء في في مسمى الاشياء وكقول قائلهم هل يستطيع الله عز وجل ان يخلق الها اخر فان وجود هذا الاله مع الله عز وجل محال لذاته. وما كان محالا لذاته فلا يصح ان يوصف بانه شيء فالمستحيل لذاته لا يكون شيئا لقولك هل تجتمع الحركة والسكون في وقت واحد في عين من الاعيان؟ الجواب اجتماع النقيضين حال لذاته فليس بشيء. وارتفاع نقيضين محال لذاته فليس فليس بشيء ومشكلة مثل هذه الاسئلة مع حرمة طرحها وابتلاء المسلمين بها هي انهم يفرضون شيئا من المحال لذاته ويدخلونه في اسم الشيء ثم يسألون هل يستطيع الله فعله او لا فلا بد من الانتباه لذلك فان قلت وما معنى قول النصارى لابن مريم عليه الصلاة والسلام هل يستطيع ربك ان ينزل علينا ما من السماء فنقول ان نزول هذه المائدة من السماء ليست من المستحيل لذاته. وانما من المستحيل لغيره وكل ما كان مستحيلا لغيره فيصح اطلاق الشيء عليه فاذا قيل لك هل المستحيل لذاته شيء؟ فقل المستحيل لذاته ليس بشيء فان قيل لك هل المستحيل لغيره شيء فقل المستحيل لغيره يوصف بانه شيء والله عز وجل قادر على ايجاد المستحيل لغيره فالمائدة التي طلبت من عيسى عليه الصلاة والسلام ليست من قبيل المستحيل لذاته وانما من قبيل المستحيل لغيره. ولذلك قال الله عز وجل اني منزلها عليكم. الايات بتمامها فان قلت وما قولك لمن يقول الله على ما يشاء قادر فيعلق قدرته على الشيء بمشيئته له واقول هذا قول صحيح اذا لم يفهم منه مفهوم مخالفة فان قلت وما مفهوم المخالفة من هذا القول فاقول مفهوم المخالفة هو ان يعتقد قائل هذا القول انه لا يقدر الا على ما يشاؤه كما هو مذهب المعتزلة في خلق افعال العباد وهم يقولون لان الله لا يشاء فعل العبد فهو غير قادر على خلقه فالعبد هو الذي يخلق فعله فاخرجوا افعال العباد عن كونها مخلوقة لله عز وجل. بناء على انه لا يشاؤها. فيعلقون قدرته بما يشاؤه فما شاءه فقادر عليه. وما لم يشأه فغير قادر عليه فاذا كانت هذه فاذا كان الانسان يفهم من هذه الكلمة مفهوم المخالفة فهذا محرم لا يجوز لانه تنقص في حق الرب عز وجل وهي اي هذه الكلمة صحيحة ان لم يفهم منها مفهوم مخالفة بل وقد وردت في الكتاب والسنة بهذا التركيب بغير مفهوم المخالفة كما قال الله تبارك وتعالى وهو على جمعهم اذا يشاء قدير ولا يجوز ان نفهم من ذلك انه لو لم يشأ جمعهم لكان عاجزا عنهم وكذلك في الحديث القدسي في اخر من يدخل الجنة انه قال اتستهزأ بي وانت رب العالمين قال اني لا استهزئ بك ولكني على ما اشاء قادر. شريطة الا يفهم منها مفهوم مخالفة وازيد الامر وضوحا فاقول ان القدرة المضافة الى الله عز وجل. اما ان يكون الكلام على متعلقها عاما واما ان يكون الكلام على متعلقها في شيء يدل عليه السياق فان كان الكلام على متعلقها باعتبار العموم فعبر بقولك ان الله على كل شيء قدير فلا يصلح التعبير بقولك ان الله على ما يشاء قادر اذا كنت تتكلم عن كمال القدرة غير لشيء بخصوصه لكن ان كنت تتكلم عن مقدور معين فلك ان تعبر بهذا التعبير. كقولك هل هل يقدر الله على ان يخرج التمر في الشتاء فتقل ان شاء ذلك فهو قادر. لان متعلق القدرة الان كلام على شيء معين فلما كان الكلام على عظمة ملك اخر من يدخل الجنة. قال الله في هذا المقدور ايا ولكني على ما اشاء قادر لان الكلام على شيء معين ومقدور معين وكذلك في الاية لما كان الكلام على قدرة الله على بعثهم وجمعهم وهو مقدور معين قال وهو على جمعهم اذا يشاء قدير. فان كان الكلام على متعلق القدرة عموما اتقيد وانما تطلق وان كان الكلام على متعلق القدرة تعيينا وتخصيصا في مقدور معين فلك ان نقيدها بالمشيئة شريطة الا تفهم من هذا التقييد. مفهومة مخالفة ولعلكم فهمتم هذا لعلكم فهمتم هذا ان شاء الله وبناء على ذلك فقد اجمع اهل الاسلام على ان كل من انكر كمال قدرة الله عز وجل على الشيء فان انه كافر خالع الرفقة الاسلام من عنقه بالكلية فلعلنا نكتفي بهذا القدر والله اعلى واعلم وصلى الله وسلم على نبينا محمد