بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على اشرف الانبياء والمرسلين. نبينا محمد وعلى اله وصحبه اجمعين اللهم اغفر لنا ولشيخنا والحاضرين وجميع المسلمين قال المؤلف رحمه الله تعالى قوله تعالى لا اكراه في الدين قد تبين الرشد من الغي. هذه اية تدل بظاهرها على انه لا يكره احد على الدخول في الدين. ونظيرها قوله تعالى افانت تكره حتى يكونوا مؤمنين. وقوله تعالى فما ارسلناك عليهم حفيظا. ان عليك الا البلاغ وقد جاء في ايات كثيرة ما يدل على اكراه الكفار على الدخول في الاسلام بالسيف كقوله تعالى قاتلونهم او يسلمون وقوله وقاتلوهم حتى لا تكون فتنة اي شرك. ويدل لهذا التفسير الحديث الصحيح امرت ان اقاتل الناس حتى يقولوا لا اله الا الله. الحديث الحمد لله رب العالمين واصلي واسلم على نبينا محمد وعلى اله واصحابه اجمعين اما بعد اه هذه الاية في سورة البقرة قوله تعالى لا اكراه في الدين قد تبين الرشد من الغي فمن يكفر بالطاغوت ويؤمن بالله فقد استمسك بالعروة الوثقى قوله لا اكراه في الدين يقول المصنف هذه الاية تدل بظاهره على انه لا يكره احد على الدخول في الدين سواء كانت لا نافية او ناهية سواء كانت لا نافية بمعنى النفي او نافية بمعنى النهي هي نافية لكن قد يراد بها النفي فقط وقد يراد بها النفي والنهي المصنف رحمه الله آآ اشار الى ان المعنى هنا النفي الذي يتضمن نهيا لا اكراه في الدين اي لا يكره احد على الدخول في الدين وعل الله تعالى ذلك بانه قد تبين الرشد من الغي. اتضح السبيل وتبينت معالم الحق وتبين طريق الهدى فلا يدفع احد الى هذا الطريق بعد تبينه بل من شاء عمل ومن شاء كفر وهذا نظير قوله تعالى افانت تكره الناس حتى يكونوا مؤمنين. هذا الاستفهام آآ انكار ونفي ان يكون هذا شأن النبي صلى الله عليه وسلم فانه لم اه يكره احدا صلى الله عليه وسلم على الدخول في الدين مطلقا لم يثبت في هديه وفي سنته انه اكره احدا على الاسلام بل الاكراه على الدين يجعله غير مقبول لانه لا يصح الايمان من مكره انما يصح الايمان من قابل المؤمن طيب هذا ما يتعلق بدلالة الايتين وكذلك قوله وما جعلناك عليهم حفيظا اي تحفظ اعمالهم وتحملهم على التزام الحق وترك الضلال هذا ما دلت عليه الايات التي تدل على معنى الاية التي عقد المصنف رحمه الله دفع الدفع توهم الاضطراب فيها وهي قوله تعالى لا اكراه في الدين. هذه الايات كلها تدل على انه لا يكره احد على الدخول في الدين وجاءت ايات اخر يقول كثيرة تدل على اكراه الكافر على الدخول في الاسلام بالسيف وذكر لذلك ايتين وحديثا يقاتلونهم او يسلمون وقوله وقاتله حتى لا تكون فتنة والحديث امرت ان اقاتل الناس حتى يقولوا لا اله الا الله. وقد تكلمنا عن هذه الايات في اه ما مضى الجمهور على انها تدل على خلاف ما دلت عليه الاية السابقة. ولهذا اختلف العلماء في توجيه الايتين او في توجيه الايات فقول تقاتلونهم او يسلمون اي تقاتلونهم حتى يسلمون وقاتلهم حتى لا تكون فتنة اي كفر فالفتنة المراد بها هنا الكفر امرت ان اقاتل الناس حتى يشهدوا ان لا اله الا الله بيان انهم يقاتلون لتحقيق هذه الغاية المصنف رحمه الله ذكر في الجواب ان هذا التوهم عن توهم التعارض بين الايات بجوابين والحقيقة انه ذكر ابرز جوابين والا العلماء رحمهم الله ذكروا مسالك عديدة في الجواب عن هذه الايات من اوسع من تكلم في ذلك جمعا الشوكاني رحمه الله في تفسيره يقول رحمه الله هنا والجاوب بامرين. الجواب الاول وهو الاصح يعني هذا الذي رجحه المصنف ان هذه الاية نعم والجواب عن هذا بامرين الاول وهو الاصح ان هذه الاية في خصوص اهل الكتاب والمعنى انهم قبل نزول قتالهم لا يكرهون على الدين مطلقا. وبعد نزول قتالهم لا يكرهون عليه اذا اذا اعطوا الجزية عن يد وهم صاغرون والدليل على خصوصها بهم ما رواه ابو داوود. اذا هذه الاية محمولة على اهل الكتاب واهل الكتاب هم اليهود والنصارى هؤلاء لا يكرهون على اه الدخول في الاسلام بل يقبل منهم البقاء على ما هم عليه اذا دفعوا الجزية هذا ما افاده رحمه الله في هذا الترجيح الذي مال اليه قال والمعنى انهم قبل نزول قتالهم لا يكرهون على الدين مطلقا وبعد نزولهم لا يكرهون عليه اذا اعطوا الجزية عن يد وهم صاغرون فهم لا يكرهون لا في اول لقاء لا في اه فيما قبل نزول هذه الاية في اه ولا فيما بعد نزول بها لا فيما قبل فرض الجزية ولا فيما بعدها نعم والدليل على خصوصها بهم استدل على خصوص هذه الاية باهل الكتاب بادلة ما رواه ابو داوود وابن ابي حاتم والنسائي وابن حبان وابن جرير عن ابن عباس رضي الله عنهما قال كانت المرأة تكون مقلاة فتجعل على نفسها ان عاش لها ولد ان تهوده. فلما اجليت بنو النظير كان فيهم من ابناء الانصار فقالوا لا ندع لا ندع ابناءنا فانزل الله لا اكراه في الدين المقلاة التي كي لا يعيش لها ولد. وفي المثل احر من دمع المقلاة واخرج ابن جرير عن ابن عباس قال نزلت لا اكراه في الدين في رجل من الانصار من بني سالم بن عوف يقال له الحصين كان له ابنان نصرانيا وكان هو مسلما. فقال للنبي صلى الله عليه وسلم الا استكره هما فانهما قد ابيا الا النصرانية فانزل الله الاية وروى ابن جرير ان سعيد بن جبير سأله ابو بشر عن هذه الاية فقال نزلت في الانصار فقال خاصة قال لخاصة واخرج ابن جرير عن قتادة باسنادين في قوله لا اكراه في الدين. قال اكره عليه هذا الحي من العرب لان انهم كانوا امة امية ليس لهم كتاب يعرفونه. فلم يقبل منهم غير الاسلام فلم يقبل منهم غير الاسلام ولا يكره عليه اهل الكتاب اذا اقروا بالجزية او بالخراج ولم يفتنوا عن دين فيخلى سبيلهم واخرج ابن جرير ايضا عن الضحاك في قوله لا اكراه في الدين. قال امر رسول الله صلى الله عليه وسلم ان قتل جزيرة العرب من اهل الاوثان فلم يقبل منهم الا لا اله الا الله او السيف ثم امر فيمن سواهم ان ليقبل منهم الجزية فقال لا اكراه في الدين قد تبين الرشد من الغي واخرج ابن جرير عن ابن عباس ايضا في قوله لا اكراه في الدين. قال وذلك لما دخل الناس بالاسلام واعطى اهل الكتاب الجزية فهذه النقول تدل على خصوصها باهل الكتاب المعطين الجزية ومن في حكمهم ولا يرد على هام. اذا هذا القول هو القول الاول في الجمع بين الايات ان قوله تعالى لا اكراه في الدين وما اشبهه هو في اهل الكتاب من بني اسرائيل ومن الحق بهم ممن دخل في دينهم ومنهم الانصار الذين هودهم او نصرهم اباؤهم كما جاء ذلك في الاثار. هذا هو القول الاول الذي ذكره المصنف رحمه الله بهذا يكون غيرهم من اهل غيرهم من الناس يكره على الدين اي لا يقبل منه الا الاسلام اما ان يسلم واما ان يقتل فتكون الاية خاصة باهل الكتاب من اليهود والنصارى ومن دخل في دينهم من غيرهم والقول الثاني وهو مشار اليه فيما نقله عن سعيد بن جبير ان اه انها خاصة في اولاد الانصار على وجه الخصوص فيقول فيكون قوله تعالى لا اكراه في الدين ليس في كل اهل الكتاب انما في اولاد الانصار خصوصا دون غيرهم فانه لا يكرهون واما من عداهم ولو كان من اهل الكتاب فانه يكره وهذا القول من اضعف الاقوال هذا القول من اضعف الاقوال لكنه قد قيل. قيل الاية لا اكراه في الدين خاصة في اولاد الكفار كما جاء في قول سعيد قلت نزلت في الانصار؟ قال فقال خاصة؟ قال خاصة بعدما ذكر المصنف رحمه الله ما ذكر قال فهذه النقول تدل على خصوصها باهل الكتاب المعطين الجزية بعد فرضها ومن في حكمهم يعني من الحق بهم من غير اليهود والنصارى ممن دخل في دينهم ثم قال ايضا المجوس فانهم لهم شبهة كتاب كما قيل ولذلك والحقوا باليهود والنصارى وقد قال فيهم النبي صلى الله عليه وسلم سنوا فيهم سنة اهل الكتاب الان المصنف رحمه الله بعد ان ذكر هذا ورجحه يحتاج الى جواب على قاعدة وهي ان العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب وعموم اللفظ انه لا يكره احد على الدين وجه ذلك ان لا نافية واكراه نكرة في سياق النفي فتعم وقوله الدين يشمل كل دين الالف واللام الاستغراق وقيل الدين هنا هو الاسلام على وجه الخصوص لا اكراه في الدين اي في دين الاسلام بان يحمل الناس على دخوله. وعلى كل حال وجه العموم في الاية ان قوله يكره نكرة في سياق النفي والنكرة في سياق النفي تفيد العموم فكيف آآ يقال انها خاصة بمن نزلت فيهم الاية مع ان العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب يجيب عن هذا الاشكال فيقول رحمه الله ولا يرد على ان العبرة ولا يرد على هذا ان العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب لان التخصيص فيها عرف بالنقل عن علماء التفسير لا بمطلق خصوص السبب. ومما يدل هذا فيه فيه نظر كبير لانه اذا كان يريد ان علماء التفسير قد اجمعوا على هذا فالاجماع يدل على نص فيكون مخصصا لكن هنا ليس ثمة اجماع هذا قل جماعة من اهل العلم وقد تبين من خلال النقل ان منهم من يخصه في اولاد الانصار دون غيرهم من اهل الكتاب فهذا محل تأمل ونظر اه ولا يصلح هذا ان يكون مخصصا لكن يعني الشيخ رحمه الله رأى ان هذا القول هو الارجح وآآ قول الاكثرين من اهل التفسير على ان انها خاصة في اهل الكتاب دون غيرهم فجعل ذلك مخصصا لكن هذا من حيث النظر الاصولي واجراء القواعد لا يصلح ان يكون مخرجا لعموم الاية ولا مخصصة لعموم الاية في قوله تعالى لا اكراه في الدين قال رحمه الله مما يدل للخصوص انه ثبت في الصحيح عجب ربك من قوم يقادون الى الجنة في السلاسل هذا الحديث في صحيح البخاري من حديث ابي هريرة رضي الله عنه وهو في السنن ايضا وهو لا دليل فيه يعني هذا من آآ من العجائب ان يجعل هذا دليل مع انه عام ليس في ذلك انهم من اهل الكتاب يقول واما يدل للخصوص انه ثبت في الصحيح عجب ربك من قوم يقادون الى الجنة في السلاسل يعني كانه آآ فهم من هذا انهم يدخلوا الجنة مكرهين هذا ليس بصحيح هذا التفسير ليس بصحيح انما هو بالنظر الى اصل ما كانوا عليه من عدم انشراح صدورهم بالاسلام لكنهم دخلوه ثم لما دخلوه انشرحت صدورهم له وقد جاء رجل الى النبي صلى الله عليه وسلم كما في المسند باسناد لا بأس به تعرض الى الاسلام فقال اني كاره فقال له النبي صلى الله عليه وسلم اسلم وانت كاره اسلم وانت كاره اي انك غير منشرح الصدر به فامره بالاسلام مع وجود كراهية له او عدم انشراح صدر له لكن هذا ليس اكراها فالنبي اشار عليه ولم يلزمه ولم يحمله على الاسلام عنوة او كرها بل قال اسلم وانت كاره لان هذا هذه القراءة هي من الشيطان تزول عندما يتبين ما فيه من النور ويعرف ما فيه من الهدى ويذوق ما فيه من الانشراح فمن يرد الله ويهديه ويشرح صدره للاسلام وهذا معنى قوله صلى الله عليه وسلم في حديث ابي هريرة عجب ربك من قوم يقادون الى الجنة بالسلاسل هذا بالنظر الى اول حالهم انهم كانوا ضد الاسلام لا يقبلونه فقاتلوا ثم انشرحت صدورهم له كما قال النبي صلى الله عليه وسلم يضحك ربنا لرجلين يقتل احدهما الاخر يدخلان الجنة هذا مثل ذاك في التعجب من هذه الحال وما يدخل الجنة بالنظر الى ماذا؟ الى ما انتهى اليه مآل كل واحد منهما. فذاك قتل في سبيل الله والقاتل كان كافرا فامن. فلحق باخيه فدخل في الجنة فكان في سبب فكان في الجنة جميعا فليس في هذا ما يدل على الخصوص كما ذكر مصنف رحمه الله اذا هذا القول اه هو احد الاقوال في المسألة ولكن ليس عليه دليل ظاهر بين في ان الاية خاصة اهل الكتاب اه الامر الثاني او الوجه الثاني الذي ذكره المصنف رحمه الله في توجيه الاية قال الامر الثاني انها منسوخة بايات انها منسوخة بايات القتال كقوله فاذا انسلخ الاشهر الحرم فاقتلوا المشركين الاية ومعلوم ان سورة البقرة من اول ما نزل بالمدينة وسورة براءة من اخر ما نزل بها والقول بالنسخ مروي عن ابن مسعود وزيد ابن اسلم وعلى كل حال فايات السيف نزلت بعد نزول السورة التي فيها لا اكراه الاية والمتأخر اولى من متقدم والعلم عند الله تعالى فتكون الايات التي فيها قتال الكفار حتى يسلموا ولو لم يرظوا ولو لم تنشرح صدورهم به حاكمة على او ناسخة لقوله تعالى لا اكراه في الدين هذا هو التوجيه الثاني ان ان الايات السابقة منسوخة النهايات نفي الاكراه في الدين منسوخة ولا فرق في ذلك بين اهل الكتاب وغيرهم بل الجميع يجري على هذا بناء على هذا القول فالنسخ للاية في كل اوجهها وفي كل مواردها في اهل الكتاب وفي غيرهم القول الثالث ان الايات التي فيها قوله تعالى الايات التي فيها عدم الاكراه كقوله تعالى لا اكراه في الدين هي في الكفار غير المحاربين واما الايات التي فيها الامر بالقتال حتى الاسلام فهذي في الكفار المحاربين فما دام الكفار غير محاربين بينهم لا يكرهون على الاسلام بل يقرون على ما هم عليه ان يتركون على ما هم عليه ولا يجبرون على الدخول في الدين واما اذا حاربوا او قاتلوا ففي هذه الحال لا يقبل منهم الا ان يسلموا او يقتلون الا ان يسلموا او يقتلوا هذا القول الثالث الذي وجه به اه هذا هذه الايات وجمع بين آآ وجمع به بينها وقيل ان قوله جل وعلا لا اكراه في الدين نفي وليس نهيا فيكون هذا بيانا لما جرت عليه سنة الله تعالى من انه لا يكره الناس على غير ما يختارون بل الامر كما قال الله تعالى فمن شاء فليؤمن ومن شاء بل يكفر فهذا بيان ما جرى عليه فعل الله وصنعه في عباده انه لا يكرههم على الايمان بل جعل لهم الخيار كما قال تعالى وهديناه النجدين فبين الله تعالى الطريقين طريق الكفر وطريق ايمان وجعل الخيار للناس في سلوك ما يشاؤون منهما فلا نهي في الاية وقيل ان المراد بقوله تعالى لا اكراه في الدين بيان انه لا يمكن ان يكره احد على الاعتقاد لان الاعتقاد امر خفي مستور لا يعلمه احد فكيف يتحقق الاكراه عليه هذا الوجه الخامس والوجه السادس ان قوله تعالى اكره في الدين عامة في كل الكفار فانه لا يكره احد على دخول الاسلام فانه بين واضح جلي لا خفاء فيه قد تبين الرشد من الغي ومثله لا يدفع الناس اليه بل من شرح الله صدره له اقبل عليه ومن لم يرى الهدى الذي فيه فعماه من قبل نفسه فلا يكره عليه ثم يعامل بما تقتضيه الحال من تركه على كفره او فرض الجزية عليه او غير ذلك مما او القتل لماذا تتكرر فيه المصلحة لكن لا يكره احد على الدين على الاسلام بل يترك في ذلك الخيار لكل انسان هذا ما يتعلق بالاقوال الواردة او التي ذكرها اهل العلم في الجمع بين هذه الايات واقرب هذه الاقوال والله تعالى اعلم هو ان الاية عامة لا اكره في الدين تشمل كل احد فلا يكره احد على دين الاسلام وهذا قال به جماعة من اهل العلم قال به من المفسرين ابن كثير رحمه الله وقرره تقريرا جيدا ابن القيم في كتاب هداية الحيارى ذكر وضوح انه لم يثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم انه اكره فردا على الاسلام وانما كان دخول من دخل في الاسلام طواعي افرادا وجماعات زرافات ووحدانا. لم يدخل احد الاسلام زمن النبي صلى الله عليه وسلم بالاكراه. مطلقا وبقي الامر على هذا وانما قاتل من قاتل عندما اعتدوا ووقع منهم الصد عن سبيل الله والاذى لعباد الله ومحاربة الدعوة قاتل من صد عن سبيل الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم واذا وقعت المقاتلة اما ان يقبلوا الاسلام واما ان يدفعوا الجزية واما ان يمضي في قتالهم لكف شرهم قطع فسادهم عن الارض فان من صد عن سبيل الله لا يزول فساده بتركه بل لا يزول فساده الا بان يقبل الاسلام او ان يتنحى بقتله وهذا القول اقرب الاقوال الى الصواب ان الاية عامة فلا يكره احد لا في اهل من اهل الكتاب ومن غيرهم نعم قوله تعالى الاية الاخيرة في سورة البقرة. قوله تعالى وان تبدوا ما في انفسكم او تخفوه يحاسبكم به الله الاية هذه الاية تدل بظاهرها على ان الوسوسة وخواطر القلوب وخواطر القلوب يؤاخذ بها الانسان مع مع انه لا قدرة له على دفعها وقد جاءت ايات اخر تدل على ان الانسان لا يكلف الا بما يطيق. فقوله تعالى لا يكلف الله الله نفسا الا وسعها وقوله فاتقوا الله ما استطعتم واضح قوله تعالى ان تبدوا ما في انفسكم او تخفوه يحاسبكم به الله فاجى الله تعالى المحاسبة وهي المجازاة على ما يدور في الخواطر سواء اظهره الانسان او لم يظهره ان تبدوا ما في انفسكم او تخفوه يحاسبكم بالله وان تبدوا ما في انفسكم اي تظهروه او تخفوه فتسكتوا وتتركوه جاهلا في نفوسكم دون بيان يحاسبكم به الله يقول هذه الاية تدل بظاهرها على ان الوسوسة والخواطر وخواطر القلوب يؤخذ بها الانسان مع انه لا قدرة له على دفعها لا سيما في النوع الذي يهجم على الانسان من الهواجس والافكار التي لا يستدعيها ولا يسترسل معها بل تأتيه فتهجم عليه هجوما وتدهم قلبه دون طلب هؤلاء دلت الاية على ان هذا النوع من الوساوس يحاسب عليه الانسان وقد جاءت ايات اخرى تدل على الانسان لا يكلف الا بما يطيق وهذا شيء لا يطيقه لانه لا يمكن ان يحكم الانسان خواطره ولذلك لما نزلت هذه الاية جاء الصحابة رضي الله عنهم كما في الصحيح من حديث ابي هريرة الى النبي صلى الله عليه وسلم وجثوا على الركب جلسوا على ركبهم فقالوا يا رسول الله كلفنا ما نطيق من صلاة وزكاة وحج وصوم ونزلت علينا اية لا نطيقها وهي قوله تعالى وان تبدوا ما في انفسكم او تخفوه يحاسبكم به الله. فقال لهم النبي صلى الله عليه وسلم اتريدون ان تقولوا كما قالت بنو اسرائيل لموسى سمعنا وعصينا قولوا سمعنا واطعنا فقالوا سمعنا واطعنا يقول ابو هريرة فلما اقترعها القوم يعني جرت على في قراءتهم وذلت بها السنتهم. يعني قبلتها السنتهم وقلوبهم والتزموا مدلولها نزل التخفيف في قوله تعالى امن الرسول بما انزل اليه من ربه والمؤمنون ثم قال تعالى لا يكلف الله نفسا الا وسعها فكانت منسوخة هذه الاية منسوخة بقوله تعالى لا يكلف الله نفسا الا وسعها وسعها. وبهذا اجاب المصنف قال والجواب ان الاية وان تبدوا ما في انفسكم او تخفوه منسوخا بقوله لا يكلف الله نفسا الا وسعها بهذا يزول ما يمكن ان يتوهم من ان الله كلف العباد ب محاسبتهم في امر لا يطيقونه ولا يقدرونه وهو ما يجري في خواطرهم وقد اختلف العلماء في نسخ هذه الاية هل هو نسخ للمحاسبة مطلقا ام انه نسخ للمحاسبة و التقييد يعني المحاسبة والتقييد يقيد لكن لا يحاسب والذي يظهر لنا النسخ لهما جميعا وقد قال بعض اهل العلم ان المنسوخ هو المحاسبة اما التقييد فانهم بانه يقيد عليهم ما يكون مما في ظمائرهم. ولكن مقتضى ما جاء في الصحيح من قول النبي صلى الله عليه وسلم ان الله عفى عن امتي ما حدثت به انفسها ما لم تعمل او تتكلم يدل على الترك فالعفو هو الترك والتجاوز والصفح وهذا يشمل ما يكون من المحاسبة وما يكون من العرض لكن ينبغي للانسان ان يحكم خواطره والا يسترسل فيما يدور في خاطره من نوايا سيئة فان ذلك بريد العمل لان اول ما يكون من مراحل الخطأ والمعصية ما يكون في القلوب من الهواجس والافكار والخواطر والايرادات ولذلك من طابت ارادته طاب عمله ومن زكت هواجسه زكى عمله بخلاف من اطلق نفسه الاعلان اه او العنان بالافكار الرديئة اه الهواجس السيئة فان ذلك اذا استمر به سيوقعه في سيء العمل والله تعالى اعلم نعم