وقوله رحمه الله لا راد لقضائه اي انه لا مبطل لحكمه جل في علاه فليس شيء في الكون يقدر على ان يبطل حكمه او ان يرد قدره بل الامر كما قال تعالى اذا قظى امرا فانما يقول له كن فيكون فحكمه ماض لا راد له. وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث الالهي قال صلى الله عليه وسلم وان ربي قال يا محمد اني اذا قضيت قضاء فانه لا يرد اني اذا قضيت قضاء فانه لا يرد والمراد بالقضاء هنا القضاء الكوني الخلقي القدري فهو الذي لا راد له بل هو ماض نافذ في كل احد فاذا قظى بالسعادة والنجاح والهدى والمعافاة فلا يرد ذلك احد كما انه اذا قظى بظد ذلك فانه لا يمنعه احد لا مانع لما اعطى ولا معطي لما منع سبحانه وبحمده قال ولا معقب لحكمه هذه العبارة موافقة للعبارة السابقة في المعنى لكن قبل ما نعلق عليها قول ولا راد لقضائه يشمل المراد بالقضاء هناك القضاء الكوني اما القضاء الشرعي فالقضاء الشرعي يرده من يرده ممن لم يوفق الى القيام بحقه جل في علاه قضى ربنا في كتابه اقضية لم يقبلها العباد ومنها وقضى ربك الا تعبدوا الا الا اياه وهذا القضاء رده كثير من العباد وكأي من اية في السماوات والارض يمرون عليها وهم عنها معرضون وآآ قال جل وعلا الحمد لله الذي خلق السماوات والارض وجعل الظلمات والنور ثم الذين كفروا بربهم يعدلون مع انه قظى جل في علاه ان لا يكون اله الا هو وان لا يعبد الا هو. وقال تعالى واتخذوا من دون الله الهة ليكونوا لهم عزة وما الى ذلك من الايات التي تدل على ان قظاء الله في الا يعبد الا هو لم ينفذ في كل عباده بل من عباده من رد هذا القضاء وهذا القضاء هو القضاء الشرعي الديني الامري الذي يجري عليه الجزاء والاختبار فيوايز بين الناس به في الاخرة فمن قبله وعمل به كان من اهل السعادة ومن رده ولم يقم به كان من اهل الشقاء وقول ولا معقب لحكمه اي انه لا مؤخر فالتعقيب التأخير لا معقب لقضاء الله وقدره ولما يشاء فلا معقب له اي لا مؤخر ولا مراجع ولا مغير ولا ناقض كما قال تعالى لا نعقب لحكمه وهو سريع الحساب فاذا قضى الله تعالى امرا فانه لا يتأخر كما قال جل وعلا لا يستأخرون ساعة ولا يستقدمون وكما قال جل وعلا لها مبدل لكلماته اي لا يتبعه احد بنقض او تغيير او تقديم او تأخير ولا غالب لامره اي ان حكم الله وقضاءه نافذ ماض على كل احد كما قال والله غالب على امره ولكن اكثر الناس لا يعلمون فلا يغلبه شيء ولا يستعصي عليه مراد ولا يبطل قضاءه مبطل ولا يمانعه ممانع سبحانه وبحمده فهو القاهر الغالب الذي لا يرد قضاؤه ولا يعقب حكمه سبحانه وبحمده بعدما فرغ من تقرير ما تقدم من مسائل القدر قال امنا بذلك كله عملنا اي اقمارنا بذلك كله اي بما تقدم مما يتعلق بالقدر وايقنا ان كلا من عنده اي جزمنا ان كل ما يقع في الكون وان كل فضل وعدل فانه من الله تعالى هو الذي خلقه والله خالق كل شيء ما شاء كان وما لم يشأ لم يكن كما قال الشافعي رحمه الله في ابياته الشهيرة ما شئت كان وان لم اشأ وما شئت ان لم تشأ لم يكن خلقت العباد على ما علمت ففي العلم يجري الفتى والمسن فمنهم شقي ومنهم سعيد ومنهم قبيح ومنهم حسن على ذا مننت وهذا خذلت وهذا اعنت وذا لم تعن هذه الابيات هي ملخص ما ذكره المصنف رحمه الله بهذا المقطع مما يتعلق باقذية الله تعالى واقداره ما شئت كان وان لم اشاء وما شئت ان لم تشأ لم يكن خلقت العبادة على ما علمت اي على الحالة التي علمتها وسبق بها علمك ففي العلم اي السابق يجري الفتاوى والمسن على ذا مننت وهذا خذلت انقسام احوال العباد وهذا اعنت واذا لم تعن نتيجة هذا فمنهم شقي ومنهم سعيد ومنهم قبيح ومنهم حسن وبهذا ينتهي ما ذكره المصنف رحمه الله مما يتعلق بهذا الاصل من اصول آآ الايمان وهو الايمان بالقدر بعد ذلك انتقل الى تقرير ما يتصل بالرسالة برسالة النبي صلى الله عليه وعلى اله وسلم فقال رحمه الله بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على اشرف الانبياء والمرسلين نبينا محمد وعلى اله وصحبه اجمعين. اما بعد فاللهم اغفر لنا ولشيخنا ولوالدينا والحاضرين وجميع المسلمين. قال الطحاوي رحمه الله تعالى وان محمدا عبده المصطفى ونبيه المجتبى ورسوله المرتضى انه خاتم الانبياء وامام الاتقياء وسيد المرسلين وحبيب رب العالمين. وكل دعوى النبوة بعده فغي وهوى وهو المبعوث الى عامة الجن وكافة الورى بالحق والهدى وبالنور والضياء هذه الجملة من كلام المؤلف رحمه الله تقرر هذا الاصل المتعلق بالايمان النبي محمد صلى الله عليه وسلم فهي تقرير لركن الشهادة الثاني فالشهادة قائمة على ركنين الشهادة لله التوحيد والشهادة للنبي صلى الله عليه وسلم بالرسالة فهذا المقطع من كلام المؤلف تقرير للركن الثاني من ركني الشهادة وهو مما يتصل باصل الايمان بالرسل فلا يستقيم ايمان احد حتى يؤمن بما ذكره المؤلف رحمه الله هنا مما يتعلق بالنبي محمد صلى الله عليه وسلم يقول وان محمد هذه الجملة معطوفة على ما تقدم نقول في توحيد الله معتقدين ان الله واحد لا شريك له وان محمدا عبده المصطفى. فهو معطوف على ما تقدم في اول الرسالة يقول رحمه الله وان محمدا عبده المصطفى اي ان اهل السنة والجماعة يعتقدون ويقرون لان محمد ابن عبد الله ابن ابن عبد المطلب الهاشمي القرشي عبد لله وبدأ بالعبودية لانها الوصف الجامع لكل الخلق لا يخرج عنه احد في السماوات ولا في الارض يقول الله تعالى ان كل من في السماوات والارض الا اتي الرحمن عبدا فهو الوصف الذي ينتظم الخليقة كلها فبدأ به والناس في العبودية على درجات وعلى مراتب وللنبي صلى الله عليه وسلم اعلى درجات العبودية فمعلوم ان العبودية نوعان عبودية قهرية وعبودية اختيارية العبودية القهرية التي تنتظم كل من في السماوات والارض والعبودية الاختيارية هي عبودية من؟ من الله تعالى عليهم بالهداية و التزام الشرائع والقيام بامر الله تعالى فهي العبودية الخاصة خلاف العبودية العامة التي تشمل كل احد وهي العبودية القهرية التي لا يخرج عنها احد من الخلق وهي المندرجة في حكم الله الكوني اما العبودية الخاصة فهي التي تمتثل او يمتثل فيها صاحبها الامر الشرعي يقول وان محمدا عبده اي عبد الله اي خاضع له خاضع لله مستسلم له منقاد لحكمه وعبد في الاصل صفة لكنه استعمل هنا وفي غيره استعمال الاسماء وكما ذكرت بدأ به المصنف لانه الدرجة الدنيا وهي الدرجة التي يشترك فيها النبي صلى الله عليه وسلم مع سائر الناس فترقى في اوصافه صلى الله عليه وسلم من الادنى الى الاعلى يقول وان محمدا عبده المصطفى النبي صلى الله عليه وسلم فيما يخبر به عن نفسه كان يقدم هذا الوصف على غيره ففي كتابه لهرقل قال بسم الله من بسم الله الرحمن الرحيم من محمد عبد الله ورسوله الى هرقل عظيم الروم كما في الصحيح وايضا كان يقول صلى الله عليه وسلم من شهد ان لا اله الا الله وان محمدا عبده ورسوله وكذلك فيما رواه البخاري من حديث عمر قال لا تطروني كما اطرت النصارى بن مريم فانما انا عبد فقولوا عبد الله ورسوله والاحاديث في هذا كثيرة التي يقدم فيها النبي صلى الله عليه وسلم وصف العبودية على غيره من صفاته. ومما يدل على جلالة هذا الوصف ان الله تعالى وصف نبيه صلى الله عليه وسلم به في اشرف مقاماته فوصفه بالعبودية في مقام الاسراء فقال سبحان الذي اسرى بعبده ليلا من المسجد الحرام الى المسجد الاقصى ووصفه في مقام تبليغ الرسالة فقال وانه لما قام عبد الله يدعوه كادوا يكونون عليه لبدا وفي مقام الوحي فقال فاوحى الى عبده ما اوحى وفي مقام التحدي للمعاندين المعارظين لما جاء به فقال وان كنتم في ريب مما نزلنا على عبدنا فاتوا بسورة فذكره بهذا الوصف في اشرف مقاماته صلى الله عليه وسلم فدل ذلك على ان العبودية من اعظم اوصافه فانه قد كملها واوفى واوفى حقوقها وقوله المصطفى بيان لما اختص به وانه صلى الله عليه وسلم مختار المصطفى مأخوذ من الاصطفاء وهو افتعال من الاختيار والاختيار حق لله تعالى فالله تعالى يخلق ما يشاء ويختار كما قال تعالى وربك يخلق ما يشاء ويختار ما كان لهم الخيارات سبحان الله وتعالى عما يشركون فالله تعالى يصطفي من الازمان ما شاء من الاماكن ما شاء من اشخاص ما شاء من الاحوال ما شاء كل ذلك وفق حكمته وقد اخبر جل وعلا عن اصطفائهم من عباده فقال الله يصطفي من الملائكة رسلا ومن الناس وقال قل الحمد لله وسلام على عباده الذين اصطفى فكل هذا يثبت الاصطفاء وهو الاختيار من الله تعالى لبعد لبعض عباده والنبي صلى الله عليه وسلم في اعلى درجات الاصطفاء ولذلك لما دخل عمر رضي الله عنه على النبي صلى الله عليه وسلم وهو متكئ على حصير قد اثر في جنبه صلى الله عليه وسلم قال له وانت رسول الله وصفوته صفوته اي خيرته من خلقه وقد جاء في الصحيح من حديث واثلة بن الاصقع ان النبي صلى الله عليه وسلم قال ان الله اصطفى كنانة من ولد اسماعيل. واصطفى من كنانة واصطفى بني هاشم من قريش واصطفاني من بني هاشم فهو خيار من خيار صلى الله عليه وسلم. ولذلك اتفق اهل العلم على انه افضل الخلق فهو خاتم الرسل باتفاق وافضل الخلق على الاطلاق. اللهم صل وسلم على رسول نقف على هذا ونكون ان شاء الله في الدرس القادم. الله اكبر الله اكبر