من ان النبي صلى الله عليه وسلم لما رأى صبيا قد حلق بعض رأسه وترك بعضه نهى عن ذلك وقال احلقوه كله او اتركوه كله. وهذا دل على ان ابقاؤه ليس سنة. انما هو مما جرى عليه عمل الناس الحمد لله رب العالمين واصلي واسلم على نبينا محمد وعلى اله واصحابه اجمعين اما بعد. قال رحمه الله ويكره القزع وعرفه بقوله وهو حلق بعض الراس وترك بعضه. والدليل على الكراهة كما جاء في الصحيحين ان النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن القزع وقد قيل الراوي عن ابن عمر الحديث من طريق نافع عن ابن عمر قال نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن قزع قال قلت لنافع وما القزع؟ قال يحلق بعض رأس الصبي ويترك بعضه. واما ما في السنن فايضا من حديث ابن عمران صلى الله عليه وسلم رأى صبيا قد حلق بعض شعره وترك بعضه فنهى عن ذلك وقال احلقوه كله او اتركوه كله واما قوله يكره مع كون النبي صلى الله عليه وسلم نهى والنهي يقتضي التحريم فالموجب لصرف النهي عن التحريم الى الكراهة الاجماع على ان ذلك مكروه وليس محرما. ولعل السبب في ذلك انه من الاداب والقاعدة التي عليها الفقهاء ان النهي فيما يتعلق بالاداب يحمل على الكراهة. وهنا مسألة ينبه اليها فيما يتعلق القزع. هل اخذ بعظ الشعر كحلقه بمعنى انه هل يدخل في القزع ما يفعله بعض الناس من قص بعض جهات الرأس دون بعض الجواب ان تعريف الفقهاء للقزع بانه الحلق وهو الذي عرف به نافع القزع قال يحلق بعض رأس صبي ويترك بعض فاذا كان اخذا لا بالحلق بالتقصير كما لو كان قد اخذ بالمقص او بالمقراض فليس هذا داخلا في القزع المنهي عنه. انما القزع المنهي عنه هو مكان حلقا بالموسى. وقد نص على هذا ونبه اليه بعض الفقهاء وشرع الحديث فالشوكاني قال رحمه الله انما كرهوا الحلق بالموسى اما بالمقرظ فليس به بأس لان ادلة كالكراهة تختص بالحلق. وهذا واضح في ما ذكرت من تعريف الفقهاء القزع بانه حلق بعض الرأس وترك بعضه والقص لا يلحق بالحلق. قال وكذا حلق القفا لغير حجامة ونحوها. يعني ايضا يكره حلق القفا وهو مؤخر شعر الرأس الا ان يكون ذلك لمصلحة كما لو كان لحجامة ونحوها. قال يسن ابقاء شعر الرأس. قال احمد هو سنة لو نقوى عليه اتخذناه ووجه كونه سنة ان النبي صلى الله عليه وسلم لم ينقل عنه انه حلق رأسه او قصره من شعره في غير حج وعمرة. ولهذا قالوا يسن ابقاء شعر الرأس قص الشارب ونتف الابط وحلق العانة الا يزيد على اربعين يوما. وقد حمل بعضهم ذلك على الوجوب لكن المذهب انه ان فعل ذلك فقد وقع في مكروه. وقال اخرون ان تحديده بالاربعين بناء وهذا هو الصحيح من المذهب وليس ثمة دليل قولي انما هو شيء استفادوه من فعل النبي صلى الله عليه وسلم والمحفوظ عنه والذي يظهر لي والله تعالى اعلم ان ابقاء شعر الرأس من العادات فان كانت العادة ابقاء شعر الرأس فذاك يتبع العادة وان كان من عادات الناس الا يتركوا شعورهم او الا يترك شعره الا من كان على نحو من النقص في اخلاقه وسلوكه لا يقال ان ترك شعر رأس سنة على الاطلاق. ويمكن ان يستدل لذلك بما في السنن قال رحمه الله ويسرحه ويفرقه ويكون الى اذنه اي في الطول وينتهي الى منكبيه كشعره عليه الصلاة والسلام ودليل التسريح والفرق وما ذكر من الاعتناء قوله صلى الله عليه وسلم من كان له شعر فليكرمه وهو حديث جيد بالاسناد كما قال الحافظ ابن حجر وقد حسنه النووي رحمه الله. قال رحمه الله ويعفي لحيته ويحرم ذكره شيخ الشيخ تقي الدين. ويعفي لحيته اي ويسن اعفاء اللحية. اي تكفيرها فالاعفاء هو التكفير واللحية حدها ما نبت على اللحيين والذقن. هذا اجود ما قيل في تعريف اللحية قيل ما نبت على ملتقى اللحيين يعني الذقن وهذا من اللحية لكن قصره على هذا فقط لا دليل عليه فيما يفيده الاسم لغة فان اللحية ما نبت عن اللحيين والذقن. فالاعفاء فيما ذكر المؤلف رحمه الله سنة لانه ذكره او من جملة ما يسن فقد ذكر رحمه الله سنية ابقاء شعر الرأس قال ويسن ابقاء شعر الرأس ثم قال ويعفي لحيته اي ويسن ان يعفي لحيته ويقابل الاعفاء امران التخفيف والحلق فقال ويحرم حلقها ذكره الشيخ فقيه الدين. المؤلف رحمه الله ذكر الاعفاء وما يقابله وسكت عما بينهما الا انه ذكر ان الاعفاء متحقق ولو اخذ ما زاد على القبضة. حيث قال ولا يكره اخذ ما زاد على القبضة فعندنا اعفاء وهو ترك اللحية من دون اخذ تكثيرا للشعر. وعندنا ما يقابله وهو الحلق فالاعفاء سنة فيما افاده كلام المصنف رحمه الله. والحلق محرم فيما اشار اليه مما نقله عن شيخ الاسلام ابن تيمية رحمه الله في قوله كرهوا الشيخ تقييم الدين علي ابن تيمية وقد نقل الاجماع على تحريم الحلق بعض اهل العلم وقوله ولا يكره اخذ ما زال القبضة هذا المذهب وهو قول جمهور اهل العلم. وقال اخرون انه لا يجوز اخذ ما زاد على القبضة. لعموم الامر وبالاعفاء فقد جاء الامر باعفاء في قوله اعفوا اللحى واكرموا اللحى واوفوا اللحى وارخوا اللحى ومقتضى هذا الا يتعرض لها بشيء والجمهور على خلاف هذا. اما اخذ ما دون القبضة فلم ينص عليه المؤلف رحمه الله بشيء هنا. ولعله لم يتبين له الا انه ذكر الحلق ونسب التحريم الى شيخ الاسلام ابن تيمية رحمه الله فاخذ ما دون القبضة محل خلاف بين اهل العلم. فجمهور العلماء ومنهم فيما يظهر المذهب ان اخذ ما دون القبضة يخرج عن الاعفاء المأمور به. وقد جاء عن الطبري والحسن وغيرهما ما يفهم منه ان اخذ ما دون القبضة لا ينافي الاعفاء الواجب. انما الذي ينافي الاعفاء الواجب هو الحلق. واقرب ما يقال والله تعالى الا اعلم ان الاعفاء يتحقق بترك شعر على اللحيين يخرج عن حد الانهاك والجز لان النبي صلى الله عليه وسلم ذكر في شعر اللحية الاعفاء وذكر في الشارب الجز فعلم بذلك ان مما ينافي الاعفاء الجز والانهاك. فما دام انه لم يصل فيما يأخذه من شعر اللحية الى تحدي الانهاك والجزء فانه لا يخرج بذلك عن حد الاعفاء. هذا اقرب ما يقال والله تعالى اعلم. قال ولا يكره اخذ ما زاد على القبض وما تحت حلقه يعني لا يكره اخذ ما تحت الحلق. والذي يظهر والله تعالى اعلم ان ما تحت الحلق لا يدخل في حد اللحية لان اللحية هي ما نبت عن اللحيين وما تحت الحلق ليس لحيا. قال ويحف شاربه اي ويسن ان يحف شاربه وذلك من سنن الفطرة كما جاء النص عليه في حديث ابي هريرة رضي الله تعالى عنه وفي حديث عائشة ففي حديث ابي هريرة الفطرة خمسة الختان والاستحداد وقص الشارب. وكذلك في حديث عائشة رضي الله تعالى عنها. والقص جاء بيانه بانه احفاء وجز ولذلك قال هنا ويحف شاربه وحف الشارب هو اخذ شعر من الشارب يصل به الى الانهاك والجز. فالالفاظ ثلاثة احفوا الشوارب. انهكوا الشوارب. جزوا الشوارب. وهذا كله قال على المبالغة في الاخذ. قال وهو اولى من قصه. ظاهر المراد من كلام المصنف ان القص الذي لا به الى الاحفاء يعني الاحفاء هو المطلوب في الشارب وليس مجرد القص فقوله وهو اولى من قصه يعني الحث اولى من مجرد القص فان القص يتحقق باخذ بعظه سواء كان ذلك من اطرافه او كان ذلك مما ينحدر على الشفه والمطلوب في الشارب اكثر من مجرد القص كل احد مبني على غالب حال الناس في ان طول هذه الشعور والاظافر يبلغ حدا مستكرها اذا بلغ هذا الحد وقد ذكر ذلك النووي وجمع من الفقهاء رحمهم الله. قال واما الشارب ففي كل جمعة اي لا يتركه اربعين لانه وذلك لما جاء في حديث ابن عمر وفي حديث ابي هريرة من الامر بالمبالغة في القص حيث قال صلى الله عليه وسلم احفوا وقال صلى الله عليه وسلم انهكوا وقال صلى الله عليه وسلم في مجاعة في صحيح الامام مسلم من حديث ابي هريرة جزوا الشوارب قال ويقلم اظفاره قالفا وينتف ابطيه اي ويسن ان يقلم اظفاره. وقد جاء النص على سنية تقليم الاظافر فيما جاء في حديث ابي هريرة وفي حديث عائشة وقلم الاظافر قصها والمقصود بالاظافر اظافر اليدين واظافر القدمين وقوله رحمه الله مخالفا اي يخالف بين اصابعه فيبدأ باصابع اليد اليمنى من الصغرى ثم الخنصر ثم الوسطى ثم الابهام ثم السبابة وفي اليد اليسرى يبدأ بالابهام وهكذا. وقد ذكر بعضهم انه يبدأ خنصر ثم الوسطى ثم السبابة ثم الابهام ثم يعود الى البنصر لكن هذا لا دليل عليه. والذي يظهر والله تعالى الم؟ انه كيف ما تيسر له في قلب اظافره وكان آآ محققا التقليم المندوب فانه يتحقق بذلك السنة لانه لم يرد ان النبي صلى الله عليه وسلم بدأ باصبع دون اصبع لكن عموم قول كان يعجبه التيمم يفيد ان ان يبدأ باليمين في قص اظافره. قال وينتف ابطائيه اي ومن سنن الفطرة ايظا نتفء بطيه. والابط هو الشعر ثابت تحت المنكبين. والسنة فيه النتف. وقد جاء النص عليه في حديث ابي هريرة خمس من الفطرة. وذكر فيه النبي صلى الله عليه وسلم نتف الابط ومثله في حديث عائشة رضي الله تعالى عنها. وقوله ايضا هذا من سنن الفطرة والعانة هي الشعر النابت حول القبل. والدليل حديث ابي هريرة حيث ذكر العانة كذلك جاء نظروا في حديث عائشة رضي الله تعالى عنها. والمشروع فيه الحلق. قال وله ازالتها بما شاء. اي وله الشعر النابت علعانة بما شاء غير الحلق لان المقصود خلو هذا الموضع من الشعر فكيف ما تحقق؟ تحقق فلو ازاله بغير الحلق تحققت السنة وقد ذكر لذلك طريقا فقال والتنوير فعله احمد والتنوير استعمال النورة وهي دهن يستعمل بان يطلى في العانة يزول به الشعر ويسقط. الا ان بعض اهل العلم ذكر ان الحلق هو اعلى ما في هذا الموضع لانه يتحقق به ازالة الشعر وتقوية هذا الموضع. هكذا قال بعض الفقهاء في علة ذكر الحلق في هذا الموضع للنتف قالوا ان النتف يرخي جلدة هذا الموضع وهو خلاف المطلوب واما الحلق فهو يشد هذا الموضع فاذا كان هذا التعليل مستقيما فكل ما كان سببا لارخاء هذا الموضع فانه ينبغي الا يستعمل. وان يستعمل ما يكون شدا لجلدة هذا الموضع. وعلى كل حال ما قال المصنف رحمه الله وله ازالتها بما شاء ولا مما يستعمله الناس في ازالة الشعور عموما وفي هذا الموضع الليزر يستعملون الليزر وهو اشعاع يسلط على هذا الموضع يفضي الى تساقط الشعر وزواله. قال ويدفن ما يزيل من شعره وظفره ونحوه اي ويسن دفن ما يحصل من بقايا الشعور والاظافر بعد ازالتها وليس في هذا ها ما يستند اليه انما جاء ذلك عن بعض اصحاب النبي صلى الله عليه وعلى اله وسلم. فدليل فعل الصحابي على القول بحجية قوله او فعله الذي لم يخالف فيه. قال يفعله كل اسبوع يوم الجمعة قبل الزوال. وايضا هذا التعيين لا دليل عليه. لكن هذا من ان زوال هذه الاشياء من كمال التطهر والتطيب والتهيؤ والتزين. والجمعة بما فيها الاغتسال وطلب فيها اخذ كمال الزينة. فكان من ذلك ازالة ما يكون من هذه الشعور. قال رحمه الله اه ولا يتركه فوق اربعين يوما اي لا يترك اخذ هذه الشعور والاظافر وهذي الاداب المتعلقة بالسنن فطرة فوق اربعين يوما لما جاء في الصحيح من حديث انس رضي الله تعالى عنه انه قال ان النبي صلى الله عليه وسلم وقت لهم في على غالب حال الناس في ان هذه الشعور اذا بلغت هذا المبلغ فانها تبلغ من الطول ما يكون مستقبحا فلو كان الشعر يطول فيما دون ذلك على وجه المستقبل فينبغي الا يترك الى الاربعين. فليس معنى الاذن في التأخير للاربعين يطول على نحو من الطول المستقبح كل جمعة ولا دليل في هذا التعيين والتحديد كما تقدم والناس في هذا يختلف احوالهم في قوة نمو الشعر وضعفه قوله رحمه الله من سنن الوضوء هذا الشروع في ذكر ما يستحب ويندب للمتوضأ والسنن منها ما هو قبل الوضوء ومنها ما هو اثناء الوضوء ومنها ما هو بعد الفراغ من الوضوء. فسل الوضوء شاملة لكل هذه المواضع الثلاثة. وقوله رحمه الله وهي جمع سنة وفي اللغة الطريقة والاصطلاح ما يثاب على فعله ولا يعاقب على ترك استطراد في بيان معنى السنة وبيان ان السنن يثاب على فعلها ولا يعاقب على تركها قال وتطلق ايضا على اقواله وافعاله يعني سنن الوضوء تشمل ما كان قولا وما كان فعلا. قال وتقريراته اي تشمل ايضا ما كان من تقريراته. طبعا هذا الكلام في قوله تطلق يعني السنة في العموم على اقواله وافعاله وهذا لا خلاف فيه وتقريراته والتقريرات على انواع والتفصيل في ما يثبت انه سنة اه يحتاج الى شيء من البسط فالتقريرات منها ما يفيد الندب الى الفعل. كما لو رتب النبي صلى الله عليه وسلم على الفعل الذي بلغه او القول الذي بلغه اجرا فهذا سنة باقرار النبي صلى الله عليه وسلم للفاعل بيان الاجر المرتب على الفعل ومن امثلة ذلك قول النبي صلى الله عليه وسلم في الذي سمعه يقول في صلاته ربنا ولك الحمد حمدا كثيرا طيبا مباركا فيه. قال صلى الله عليه وسلم لما سمع هذا قال من المتكلم؟ فقال رجل انا يا رسول الله فقال النبي صلى الله عليه وسلم رأيت بضعة وثلاثين ملكا يبتدرونها ايهم يكتبها؟ وهذا الحديث في صحيح الامام البخاري من حديث رفاعة بن رافع قال اذ كنا يوما نصلي وراء النبي صلى الله عليه وسلم فلما رفع رأسه من الركعة قال سمع الله لمن حمده. قال رجل ورآه ربنا ولك الحمد حمدا كثيرا طيبا مباركا فيه. فلما انصرف النبي صلى الله عليه وسلم قال من المتكلم؟ قال الرجل انا. قال رأيت بضعة وثلاثين ملكا يبتدرونها ايهم يكتبها وهذا يدل على استحباب هذه الكلمة هذا تقرير لكنه تقرير بين فيه فضل ما اقره النبي صلى الله عليه وسلم فهذا سنة بلا خلاف. لكن هناك ما كن من التقريرات التي اثبت النبي صلى الله عليه وسلم قولها لكنه لم يبين ثوابها وانما اذن بفعلها فهذه ليست كالتي سبقت ومثال ذلك الطلبيات التي كان يسمعها النبي صلى الله عليه وعلى اله وسلم من اصحابه فانه كان لا يزيد على تلبيته واقرهم على ما سمعه من تلبيات. كانوا يقولونها. فهذه تلبيات يقال انها مشروعة اي اذن فيها النبي صلى الله عليه وسلم لكن في اثبات انها سنة مع كونه لم يبين فيها فظلا ولم يقلها محل تأمل ومثله ايظا اقرار النبي صلى الله عليه وسلم الرجل الذي كان يختم قراءته في كل ركعة بقراءة سورة الاخلاص. فان النبي اقره لكنه لم يفعل ذلك وانما اثنى على الباعث على فعله حيث قال سلوه لما كان يصنع ذلك فلما قال انها صفة الرحمن وانا ان اقرأ بها قال صلى الله عليه وسلم اخبروها ان الله يحبه. لمحبته صفة الرحمن. لكنه لم يفعل ذلك صلى الله عليه وسلم ولم يبين في هذا الفعل على وجه الخصوص فهذا مشروع لكنه لا يرقى في المشروعية والمنزلة الى منزلة ما جاء افي نحو ما تقدم في قصة الرجل الذي قال بعدما رفع ربنا ولك الحمد حمدا كثيرا طيبا فيه فان النبي صلى الله عليه وسلم بين في ذلك فضلا واجرا لهذه الكلمة. قوله رحمه الله وسمي غسل الاعضاء على الوجه المخصوص وضوءا لتنظيم المتوضئ وتحسينه. يعني لما يحصل من الوضاءة. هذا كله فيما يتعلق ببيان المعنى لقوله سنن قال رحمه الله السواك اي ومن سنن الوضوء السواك وقد تقدم. قال وتقدم انه يتأكد فيه ومحله عند المضمضة ايه ومحل السواك المستحب عند المضمضة. لقول النبي صلى الله عليه وسلم لولا ان اشق على امتي لامرتهم دواكي مع كل وضوء. وقد ذكر العلماء رحمهم الله في موضع السواك عدة اقوال قيل انه تحب السواك عند المظمظة وهذا مذهب الحنابلة لانه اعون في تحقيق مقصود المظمظة من تطهير الفم وتطييبه فلما كان السواك متعلق بالفم والمشروع في الفم في الوضوء المظمظة كان موظع السواك المستحب عند المظمظة وقيل بل هو قبل الشروع في الوضوء. وهذا مذهب الجمهور. وقالوا انه الانسب لان السواك تطييب والمضمضة يخرج بها ما يكون من اثر السواك. وذهب جماعة من اهل العلم الى ان الامر في ذلك واسع لكون الموضعين مما يندرج في عموم قول النبي صلى الله عليه وسلم لولا ان اشق على امتي لامرتهم بالسواك معكم كل وضوء فان مع تفيد المصاحبة وهي شاملة لما كان قبل الوضوء قريبا منه وما كان في اثنائه عند الفرض المتعلق او المشروع المتعلق بالفم وهو المظمظة. وهذا القول اقرب الى الصواب ان الامر في ذلك واسع. قوله رحمه الله وغسل الكفين بثلاثا في اول الوضوء ولو تحقق طهارتهما. اي واما يسن في الوضوء غسل الكفين ثلاثا. وهذا محل اتفاق دلت عليه الادلة في صفة وضوء النبي صلى الله عليه وعلى اله وسلم. ولهذا اجمع العلماء على ان من السنة غسل اليدين ثلاثا في ابتداء الوضوء. ويجب غسلهما ثلاثا بنية وتسمية من نوم ليل وناقض للوضوء وهذا من مفردات المذهب وجوب غسل اليدين في هذه الحال وهي استيقاظه من نوم ليل ناقض للوضوء ودليل ذلك ما في الصحيحين من حديث ابي هريرة رضي الله تعالى عنه ان النبي صلى الله عليه وسلم قال اذا استيقظ احدكم من نومه فلا يغمس يده في الاناء حتى يغسلها ثلاثا فانه لا يدري اين باتت يده. والنهي عن غمس يد القائم من نوم ليل في الاناء قبل غسلها محل اتفاق. لكنهم اختلفوا في مرتبة هذا النهي. هل هو للتحريم او للكراهة؟ فذهب الجمهور الى ان غسل يد القائم من النوم ثلاثا قبل الغمس سنة. والمذهب ان غسل يد القائم من النوم ثلاثا قبل الغمس في الاناء واجب لكن قصروه على نوم ليل دون نوم النهار والدليل على قصر ذلك على نوم قوله لا يدري اين باتت يده. لكن في هذا القصر محل نظر لان ذكر البيات خرج مخرج الغالب. اذ ان الغالب في النوم يكون ليلا ولهذا الحكم لا يقصر على نوم الليل فيما يظهر والله تعالى اعلم. والاقرب من هذين القولين ان الوضوء سنة وليس واجبا. وذلك ان العلة في امر النبي صلى الله عليه وسلم هو ما قد يطرأ على من تأثير حال النوم فالامر محمول على الندوة والاستحباب لان النصوص قد بينت فرائض الوضوء وواجباته ولم تذكر غسل اليدين قبل ادخالهما الاناء. فالصارف عن الوجوب بقية الاحاديث الواردة في صفة وضوء النبي صلى الله عليه وسلم. والثاني ان ان علة الامر بالغسل انهم كانوا يستعملون الحجارة وينامون فيعرقون وربما حصلت ايديهم على موضع نجاسة فنجست وهذا يدل على ان الامر للغسل للاستحباب وليس الوجوب. واما يؤكد ذلك انه قال فانه لا يدري اين باتت يده. وما كان كذلك فانه محمول على استحباب في والكراهة في النهي لا على الوجوب والتحريم. وايضا اشترطوا بنية وتسمية. اما النية فلابد من نية اما التسمية فلا دليل على التسمية لان التسمية انما وجبت للوضوء وهذا ليس وضوءا لان قوله يجب غسله ثلاثا من نوم ليل ناقض للوضوء سواء كان بين يدي الطهارة او كان ذلك على العموم يعني لكل من اراد غمس يده سواء كان غمس يده في الاناء للوضوء او لغيره من المصالح. قال ويسقط غسلهما والتسمية سهوا وغسلهما معنى فيهما فلو استعمل الماء ولم يدخل يده في الاناء لم يصح وضوءه وهذا اشارة الى ان المنع ليس لاجل تأثيره على الاناء. انما لمعنى فيهما فهو انه صب الماء على يده وجب ان يكون الغسل وثلاثا فلو اقتصر على واحد لم يتحقق المطلوب. ولم يصح وضوءه. قال رحمه الله لم يصح وضوءه وفسد الماء. قال ومن سنن الوضوء البداءة قبل غسله لوجهه بمضمضة ثم استنشاق تقديم المظمظة والاستنشاق على غسل الوجه. قوله ثلاثا ثلاثا بيمينه واستنثاره بيساره ومن سننه المبالغة فيهما لقوله صلى الله عليه وسلم بالغ في الاستنشاق الا ان تكون صائما. ولذلك قال لغير صائم لاستثناء النبي صلى الله عليه وسلم صائب من المبالغة فتكره قال والمبالغة في المظمظة هذا بيان المبالغة في المظمظة ادارة الماء بجميع فمه وفي الاستنشاق اي والمبالغة في الاستنشاق جذبه بنفسه الى اقصى الانف. قال وفي بقية الاعضاء دلك ما ينبو عنه الماء يعني ما يشذ عنه ولا يصيبه الماء للصائم وغيره. وهذا اشارة الى ان المبالغة لا تقتصر على المضمضة والاستنشاق. بل على بقية مواضع الوضوء ويمكن ان يستدل لذلك بما جاء من بيان وجوب الاسباغي و فظيلته. وجاء في الحديث مظمظ وبالغ في الاستنشاق الا ان تكون صائما. وجاء الامر بالاسباغ فامر بالاسباغ والوضوء وبين فظيلته فدل ذلك على ان المبالغة في غير المظمظة والاستنشاق تحصل بالاسباغ والاسباغ ومنه ما هو واجب ومنه ما هو مستحب الواجب هو ان يعم الماء كل العضو والمستحب ما زاد على ذلك تكرار الغسل. قال رحمه الله وتخليل اللحية الكثيفة اي ويسن تخليل اللحية الكثيفة. وهي تستر البشرة فيأخذ كفا من ماء يضعه من تحتها باصابعه مشتبكة او من جانبيها ويعركها وكذا عن الفقهاء وهي الشعر النابت تحت الشفاه وباقي شعور الوجه. والدليل على ذلك فعل النبي صلى الله عليه وعلى اله وسلم فقد ثبت عنه صلى الله عليه وسلم تخليل اللحية في حديث عثمان رضي الله تعالى عنه انه قال في صفة وضوء النبي صلى الله عليه وسلم انه خلل لحيته فقد جاء في ما رواه الترمذي قال كان النبي صلى الله عليه وسلم يخلل لحيته في الوضوء. واختلف العلماء رحمه الله في حكم هذا التخليل المؤلف قال اللحية الكثيفة سنة وهو قول جماهير العلماء. وذهب المالكية في قول الى ان تخليل اللحية الكثيفة واجب. والذي ما ذهب اليه الجمهور وذلك ان التخليل المنقول عنه فعل وليس امرا. والفعل الاصل في دلالته انه يفيد الاستحباب واما تخليل الاصابع فقال المصنف رحمه الله ومن سننه تخرير الاصابع ودليل ذلك ان النبي صلى الله عليه وسلم امر بتخليل الاصابع. ففي حديث لقيط الذي ذكرناه قبل قليل قال اسبغ الوضوء وخلل بين الاصابع وبالغ في شاق الا ان تكون صائما فذكر النبي صلى الله عليه وسلم تخليل الاصابع وتخليل الاصابع هو تبليغ الماء ما بين اصابع والمقصود بالاصابع اصابع اليدين والرجلين وجمهور العلماء على ان تخليل اصابع اليدين والرجلين سنة ووجب حملهم الامر في حديث لقيط على الاستحباب ما جاء في بقية الاحاديث في صفة وضوءه صلى الله عليه وسلم كحديث عثمان وغيره فانهم لم يذكروا تخليل النبي صلى الله عليه وسلم لاصابعه. فحمل ذلك على الاستحباب. وكما ذكرنا في تقرير اللحية ان من اهل العلم من رأى الوجوب فكذلك في تخليل الاصابع. فقد ذهب المالكية في قول الى وجوب تخليل الاصابع اصابع اليدين والرجلين استنادا الى ان النبي امر بتقليل الاصابع والاصل في الامر الوجوب. ونوقش هذا بان كل من نقل وضوء النبي صلى الله عليه وسلم في الاحاديث الصحيحة لم يذكروا التقليل فدل ذلك على ان التقليل ليس واجبا. قال رحمه الله قال في الشرح والمقصود به الشرح الكبير وهو في الرجلين اكد ويخلل اصابع رجليه بخنصر يده اليسرى من باطن رجله اليمنى من خنصر الى ابهامها. وفي اليسرى بالعكس وهذه الصفة لم يثبت فيها نص يشار اليه عن النبي صلى الله عليه وسلم وانما هو اجتهاد في تحقيق صفة التيامن التي ندب اليها النبي صلى الله عليه وسلم بعموم فعله حيث قالت عائشة كان يعجبه التيمم في تنعله وترجله وطهوره. صلى الله عليه وسلم قال واصابع يديه احداهما بالاخرى فان كانت او بعضها ملتصقة سقط يعني سقط ما يشرع من التخليل. قال ومن سننه من سن الوضوء التيامن البداءة باليمين فيما يتأتى فيه يمين وشمال بلا خلاف قال واخذ ماء جديد للاذنين ايوة من سننه اخذ ماء جديد للاذنين بعد مس رأسه. وعنه لا يستحب اخذ ماء جديد للاذنين لانه لم يثبت ذلك عن النبي صلى الله عليه وسلم وهو الاقرب الى الصواب. قال ومجاوزة محل الفرض يعني في اليدين والرجلين. لما جاء ذلك في حديث ابي هريرة في الصحيح ان النبي صلى الله عليه وسلم غسل يديه حتى اشرع في العضد وغسل رجليه حتى اشرع في الساق قال ومن سنن القصة الثانية والثالثة وهذا محل اتفاق. قال وتكره الزيادة عليها. وقيل تحرم لقوله صلى الله عليه وسلم فمن زاد فقد تعدد وظلم. قال ويعمل في عدد الغسلات بالاقل. ويجوز الاقتصار على الغسلة الواحدة والثنتين افظل منها والثلاثة افضل. ويعمل في عدد الغسلات بالاقل يعني في حال الشك. ويجوز الاقتصار على الغسلة الواحدة والثنتان افضل والثلاثة افظل منهما قال ولو غسل بعض اعضاء الوضوء اكثر من بعض لم يكره. يعني لو غسل عضوا مرتين وعضوا ثلاثا وعضوا مرة لا بأس بذلك لثبوته عن النبي صلى الله عليه وسلم. فقد ثبت عنه انه غسل بعض اعضاء وضوءه مرتين وبعضها ثلاثا. قال ولا يسن مسح العنق لانه ليس من اعضاء الطهارة ولا الكلام في الوضوء. اي وليس من السنة الكلام في الوضوء. قيل بل يكره والمراد بالكلام هنا غير ذكر الله عز وجل. واما ذكر الله فانه يشرع في كل حين. والعلة في كراهية الكلام على الوضوء قالوا اذ انه يشغل عن اكمال الوضوء واتمامه على الوجه المشروع. والله تعالى اعلم وصلى الله وسلم على نبينا محمد