كان مع الله عزل الخلائق مع البين. وتخلى عنهم. واذا كان مع خلقه عزل نفسه من الوسط وتخلى عنها فما اغربه بين الناس وما اشد وحشته منهم وما اعظم انسه بالله وفرحه به بسم الله الرحمن الرحيم. الحمد لله رب العالمين. وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه اجمعين قال الامام المقرزي رحمه الله تعالى في كتابه تجريد التوحيد المفيد وله اصل صحيح من حديث مالك عن محمد ابن شهاب عن حميد ابن عبد الرحمن ابن عوف عن ابي هريرة عن ابي هريرة هريرة رضي الله عنه ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال من انفق زوجين في سبيل الله نودي في يا عبد الله هذا خير. فمن كان من اهل الصلاة نودي من باب الصلاة. ومن كان من اهل الجهاد ان اوذي من باب الجهاد ومن كان من اهل الصدقة دعي من باب الصدقة ومن كان من اهل الصيام دعي من باب الريان فقال ابو بكر رضي الله عنه يا رسول الله ما على من يدعى من هذه الابواب فهل يدعى احد من هذه الابواب كلها؟ قال نعم وارجو ان تكون منهم هكذا رواه عن مالك موصولا مسندا يحيى ابن يحيى ومعن ابن عيسى وعبدالله ابن المبارك ورواه يحيى بن بكير وعبدالله بن يوسف عن مالك عن ابن شهاب عن حميد مرسلا وليس هو عند عنده يعني في اسناد القعنبي او عن القعنبي يصلح هذا وهذا عن اقرب وليس هو عن القعنبي مرسلا ولا مسندا ومعنى قوله من انفق زوجين يعني شيئين من نوع واحد نحو درهمين او دينارين او فرسين او قميصين وكذلك من صلى ركعتين او مشى في سبيل الله تعالى خطوتين او صام يومين ونحو ذلك. وان ما اراد والله اعلم اراد بذكر الصنفين زوجين يعني ولم يقل من انفق زوجا نعم وانما اراد والله اعلم اقل التكرار واقل وجوه المداومة على العمل من اعمال البر. لان الاثنين اقل الجمع فهذا كالغيث اين وقع نفع. صحب الله بلا خلق وصحب الخلق بلا نفس. اذا وطمأنينته وسكونه اليه. الله يبلغنا منازل المتقين. امين. الله المستعان. يقول وله اصل صحيح من حديث ما لك اي من طريق مالك عن محمد ابن شهاب الزهري عن حميد بن عبد الرحمن بن عوف رضي الله عنه عن ابي هريرة رضي الله عنه ان النبي صلى الله عليه وسلم قال من انفق من انفق زوجين الزوجين آآ فسر المؤلف رحمه الله بانهما الصنفان من الشيء الواحد مثل درهمين ومثل تمرتين ومثل ثوبين ومثل كساعين سائر انواع الاموال لم يحدد النفقة نوع المنفق انما زوجين من كل شيء قوله في سبيل الله فيها وجهان في سبيل الله في الجهاد وفي سبيل الله اي ابتغاء مرضات الله تعالى ويقصد بذلك الله جل وعلا قولان لاهل العلم قال نودي في الجنة نودي في الجنة يا عبد الله هذا خير اي هذه النفقة التي انفقتها وتكررت منك خير ثم قال فمن كان من اهل الصلاة نودي من باب الصلاة قوله نودي في الجنة يا عبد الله هذا خير. النداء في الجنة هل هو في الدنيا او في الاخرة الله اعلم قد يكون هذا النداء بسبب عمله فيقال له هذا خير تدركه في الاخرة فالمشار اليه ما جرى من الانفاق ويمكن ان يقال هذا خير يعني هذا الذي سيأتي تفصيله بسبب ذلك الخير الذي تقدم يقول فمن كان من اهل الصلاة نودي من باب الصلاة. ومن كان من اهل الجهاد نودي من باب الجهاد. طيب الحديث يقول من انفق زوجين المؤلف في الشرح يقول ويعني شيئين من نوع واحد نحو درهمين او دينارين او فرسين او قميصين. هذا واضح في قول من انفق زوجين وكذلك من صلى ركعتين او مشى في سبيل الله تعالى خطوتين او صام يومين منين اخذ هذا؟ اخذ هذا من قوله فمن كان من اهل الصلاة نودي من باب الصلاة فدل ذلك على انه ليس المقصود بالنفقة الانفاق الذي هو اخراج المال انما المقصود به اخراج المال وعموم العمل فيكون معنى الحديث من عمل زوجين من العمل او من كرر العمل مرتين هذا المفهوم الذي يدل عليه هذا الحديث بمجموعه. نودي من باب الصلاة ومن كان من اهل الجهاد نودي من باب الجهاد اي الباب الذي يدخل منه المجاهدون والباب الذي يدخل منه المصلون؟ قال ومن كان من اهل الصدقة دعي من باب الصدقة ومن كان من اهل الصيام دعي من باب الريان وهل يعني هذا ان كل عمل من الاعمال له باب الجواب الظاهر انه ليس كذلك انما هو لاصول الاعمال الابواب لاصول الاعمال وليست لكل عمل على وجه الانفراد فمثلا التبسم ليس هناك باب من ابواب التبسم لكن التبسم يدخل في الجملة في معنى الصدقة وتبسمك في وجه اخيك صدقة فيكون المقصود تسمية الابواب هنا هو باعتبار اصول العمل. واذا نظرت الى اعمال وجدت انها ترجع الى قصور قد تكون هذه الاصول يعني تصل الى ثمانية او اكثر ويرجع بعضها الى ثمانية يعني المهم انه هذه الاصول محصورة العدد ابواب ابواب الجنة هي على هذه الاصول. فباب للجهاد وباب للصلاة وباب للصيام. وباب للصدقة. قال فقال ابو ابو بكر رضي الله عنه يا رسول الله ما على من دعي من هذه الابواب ظرورة ايش معنى هذا يعني ليس عليه ضرر ظرورة هنا انه لن يلحقه ضرر من دعم من هذه الابواب كلها فليس عليه ضرر هو فعلا الذي يدعى من هذه الابواب فكل باب يقول له هلم الي ادخل من من قبلي لا شك انه في غاية السرور والسعادة. لانه يخير في الدخول من ايها شاء. وهل يدخل منها جميع الله اعلم احوال كما تختلف عن احوال الدنيا لكن قد يخير كما دل على ذلك ما في الصحيح من حديث اه عمر ابن الخطاب رضي الله عنه في ذكر الوضوء من فاحسن الوضوء ثم قال اشهد ان لا اله الا الله وحده لا شريك له واشهد ان محمدا عبده ورسوله ايش؟ فتحت له ابواب الجنة الثمانية يدخل من ايها شاء. وهذا حديث يبين لنا عظيم فضل التوحيد. التوحيد تفتح له جميع ابواب ليس له باب مستقر فكل باب يقول للموحد هلم اليه واما الاعمال الصلاة لها باب الزكاة لها باب الصدقة لها باب الصوم لها باب واما التوحيد فانه اذا حققه العبد فتحت له ابواب الجنة هذا الفضل ليس فقط للوضوء ما قال من توظأ فلا فتحت له انما ادمنت وائم من توظأ ثم قال اشهد ان لا اله الا الله وحده لا شريك له واشهد ان محمدا عبده ورسوله فتحت له ابواب الجنة الثمانية يدخل من ايها شاء وان ما اقترن هذا بالوضوء لان الوضوء طهارة الظاهر والتوحيد هو طهارة الباطن فلما كمل طهارة ظاهرا وباطنا ايش حصل له فتحت له ابواب الجنة الثمانية اسأل الله ان يكملنا واياكم بالاحسان. امين. يقول رحمه الله هكذا رواه اه عن مالك موصولا مسندا يحيى ابن يحيى ومعن ابن عيسى وعبدالله ابن المبارك ثم قال ورواه يحيى بن بكير وعبدالله بن يوسف القعنبي هذا اللي اشار اليه بعد قليل عن مالك عن ابن شهاب عن يومئذ مرسلا يعني ليس فيه ابو هريرة. قال وليس هو عند القعنبي مرسلا ولا مسندا يشير الى انه ان القعنبي ليس من ممن رواه مرسلا او مسندا. قال يعني الظاهر انه يريد انه لم يروي الحديث طيب يعني عند مالك ليس في ليس فيه رواية عبدالله طيب ومعنى قوله من انفق الزوجين؟ تكلمنا عليه يقول وانما اراد والله اعلم اقل التكرار واقل وجوه المداومة على العمل على العمل من اعمال البر لان الاثنين اقل الجمع طيب ثم قال فهذا من هذا؟ المشار اليه من؟ اصحاب الصنف الرابع فهذا يعني من حقق العبودية لله تعالى العبودية المطلقة لله جل وعلا كالغيث اين وقع نفعه؟ يبين يقول صحب الله بلا خلق يسير الى الله تعالى وفقه الناس في سيره او لم يوافقوه فغرضه الله تعالى وقصده بلوغ مرضاته. فليس له في غير مرضاته طلب وصحب الخلق بلا نفس يعني حتى اذا وافق الخلق فهو وافقهم في صورته واما قلبه فمع الله جل وعلا. وقصده معهم صحب بلا نفس اذا كان مع الله عزل الخلائق مع البيع. يعني مع البعيد. المقصود بالبيع البعيد المفارق. وتخلى عنه. واذا كان مع عزل نفسه من الوسط وتخلى عنهم. عزل نفسه اي انه لم يجعل نفسه واسطة بينهم وبين الله تعالى او انه جعلهم واسطة بينهم وبين ربه بل معاملته لله تعالى. وهذا معنى ما ذكره ابن شيخ الاسلام ابن تيمية رحمه الله بمعيار السعادة في معاملة الخلق. قال ومعيار السعادة في معاملة الخلق ان تعامل الله فيهم ولا تعاملهم في الله. وان ترجوا الله ولا ترجوهم في الله. ومعنى هذا ان يكون استحضارك في معاملة الخلق في في نفعهم وفيما يكون منهم الله جل وعلا فانت تعامل الله سبحانه وتعالى فيهم لا تعاملهم في الله يعني لا ترقب نفعهم عند الله تعالى او انك تعطيهم منهم منافع انما معاملتك مع الله نفعوك او لم ينفعوك ضروك او لم يظروك. وقد قال الله تعالى في هؤلاء في وصف عباده الابرار ويطعمون الطعام على حبه مسكينا ويتيما واسيرا انما نطعمكم لوجه الله. لا نريد منكم جزاء ولا شكورا. هذا هو المعنى الذي والمؤلف رحمه الله ان هؤلاء صاحبوا الله بلا خلق وصحب الخلق بلا نفس. ومثله اه قول الله تعالى في وصف اتقى وسيتجنبها الاتقى الذي يؤتي ماله يتزكى وما لاحد عنده من نعمة تجزى. يعني ليس هذا العطاء مكافأة انما هذا العطاء من ومنة ورحمة من رب العالمين نعم يقول رحمه الله فما اغربه بين الناس وما اشد وحشته منهم وما اعظم انسه بالله وفرحه به وطمأنينته وسكونه اليه ومن انس بالله فلا موحش له. ومن اطمئن الى الله جل وعلا فلا فلا مخوف له. ومن فرح بالله تعالى فمن اين تأتيه؟ المنغصات والاكدار. اسأل الله ان يجعلنا من اولياءه واصفيائه ثم قال المؤلف رحمه الله واعلم واعلم ان الناس في منفعة العبادة وحكمتها ومقصودها طرق اربعة. وهم في ذلك اربعة اصناف طيب المؤلف رحمه الله ذكر في هذا المقطع من كلامه اقسام الناس فيما يتعلق بحكمة العبادة ومنفعتها. فيقول رحمه الله واعلم ان نفسي منفعة العبادة وحكمتها ومقصودها طرق اربعة والمقصود بالحكمة والمنفعة يعني الغاية وهل هذه العبادات لها حكم وغايات واسرار؟ ام انها عبادات مجردة عن الحكم والغايات والاسرار عبادة لاجل التعبد فقط هنا يقول رحمه الله الناس في هذا لهم طرق اربعة وهم في ذلك اربعة اصناف وسنأتي على هذه الاصناف لكن من المهم في المقدمة ان نعلم انه ما من شيء من الاحكام الشرعية الا وله وحكمة فان الله تعالى اخبر في كتابه بانه حكيم خبير وانه احكم هذا الكتاب المبين واحكم هذه الشريعة فقال تعالى كتاب قيمة اياته ثم فصلت من لدن حكيم خبير. وقال جل وعلا تنزيل من حكيم حميد الكتاب وصفه بانه تنزيل من حكيم حميد ليبين عظيم الاحكام الذي اتصف به القرآن. واذا كان محكما فالشرع الذي في هذا القرآن لابد ان يكون محكما وحكيما. فهذه قاعدة كلية في كل العبادات. كما انها في جميع اقضية الله معنا ان جميع اقضية الله واقداره لابد فيها من حكمة. قد تخفى ولا يعلمها الانسان لكن لابد من الايمان المجمل بان الله حكيم في شرعه وانه حكيم في قدره سبحانه وبحمده يأتي تفصيل هذا وبيانه الصنف الاول نفات الحكم والتعليل الذين يردون الامر الى نفس المشيئة وصرف الارادة فهؤلاء عندهم القيام بها ليس الا لمجرد الامر من غير ان يكون سببا لسعادة. من غير ان يكون سببا لسعادة في معاش ولا معاد ولا سببا لنجاة. وانما القيام بها لمجرد الامر سوى محض المشيئة كما قالوا في الخلق لم يخلق لغاية ولا لعلة هي المقصودة به. ولا لحكمة تعود اليه منه وليس في المخلوقات اسباب تكون بمقتضيات لمسبباتها وليس في النار سبب للاحراق ولا في الماء قوة الاغراق ولا التبريد. وهكذا الامر عندهم سواء لا فرق بين قل قوى الامر ولا فرق في نفس الامر بين المأمور والمحظور. ولكن المشيئة اقتضت امره بهذا ونهيه وعن هذا من غير ان يقوم بالمأمور صفة تقتضي حسناه ولا بالمنهي عنه صفة تقتضي قبحها ولهذا الاصل لوازم وفروع كثيرة وهؤلاء غالبهم لا يجدون حلاوة العبادة ولا لذتها ولا يتنعمون بها. ولهذا يسمون الصلاة والصيام والزكاة والحج والتوحيد والاخلاص ونحو ذلك تكاليف اي كلفوا بها ولو سمى مدعي محبة ملك من الملوك او غيره ما يأمره به تكليفا لم يعد محبا له واول من صدرت عنه هذه المقالة الجعد ابن درهم يقول واعلم ان الناس في منفعة العبادة وحكمتها ومقصودها طرق اربعة وهم في ذلك اربعة اصناف. الصنف الاول الحكم والتعليم ذات الحكم اي الغايات والتعليم اي العلة وهؤلاء قوم قالوا انه ليس بالامر والنهي علة او سر او غاية او حكمة يرجع اليها انما هو محض الامر والنهي وهو محض مشيئة الله تعالى ولذلك يقول الذين يردون الامر يعني الامر الشرعي الى نفس المشيئة يعني ان شاء الله تعالى تحريم الخمر فحرمت وان شاء الله تعالى اباحة الطيبات ابيحت وان شاء الله تعالى فرض الصلوات ففرضت ان شاء الله تحريم الزنا فحرم وهلم جر في كل ما كان من الامور الشرعية في الامر والنهي انه ليس له غاية ولا حكمة. وانما هو نفس المشيئة قال وصرف الارادة يعني هكذا اراد الله دون ان دون ان ولذلك حكمة او غاية. يقول رحمه الله فهؤلاء عندهم القيام بها اي بهذه العبادات ليس الا لمجرد الامر من غير ان يكون سببا لسعادة في معاش ولا معاد لا يدركون بها خيرا في الدنيا كما انهم لا يدركون بها اجرا ومثوبة في الاخرة. ولذلك قال في معاش في الدنيا ولا في في ميعاد يعني في الاخرة. قال ولا سببا لنجاة وانما القيام بها لمجرد الامر فقد يعاقب الله تعالى من قام بها ويدخله النار وقد يأجر من تركها ولم يقم بها وانما الامر والنهي لمجرد مشيئة الله تعالى قال ومحض المشيئة كما قالوا في الخلق يعني طردوا القول فنفوا العلة والحكمة في الخلق ونقلوا هذا الى اي شيء ها الى الشرع ايضا الى الشرع الامر والنهي هم نفوه في الخلق فقالوا ليس في خلق هذا الكون حكمة ولا فيما لم يخلقه الله تعالى حكمة فليس هناك حكمة لا في الخلق ولا في الكون وما فيه من حوادث انما ذلك لمحض المشيئة فكذلك طردوا قولهم في احكام الله تعالى الشرعية يعني سووا بين الحكم الشرعي والحكم القدري في اي شيء بان الجميع ليس له حكمة هذا واضح؟ طيب يقول اه كما قالوا في الخلق لم يخلق لغاية ولا لعلة هي المقصودة به ولا لحكمة تعود هذا منها وهو نفي الحكمة والتعليم وهؤلاء ليس عندهم بأس في ان يدخل الله تعالى ابليس الجنة وآآ اكمل العباد عبادة النار لانه ليس لهذا حكمة فليست النار دار العصاة ولا الجنة دار ايش؟ دار الاتقياء انما هي مجرد اليه منه وليس في المخلوقات اسباب تكون مقتضيات لمسبباتها. ليس في المخلوقات اسباب تكون مقتضياته يعني او مقتضيات يعني تكون مما يصدر عنها مسبباتها ونتائجها قال وليس في النار سبب للاحراق هذا معنى قوله ليس في المخلوقات اسباب تكون مقتضيات لمسبباتها قال رحمه الله وليس في النار سبب للإحراق فالنار ليست هي التي تحرق فليس الإحراق بالنار انما الاحتراق او الحرق صار عند النار وليس بالنار هكذا يقولون اه في اه اه نفي السببية قال ولا في الماء قوة الاغراق ولا التبريد والتبريد يعني تبريد النار وحرها قال رحمه الله وهكذا الامر عندهم سواء. لا فرق بين الخلق والامر ولا فرق في نفس الامر بين المأمور والمحظور. ليس هناك بين فرق بين الزنا وبين النكاح كلاهما واحد طيب لو قيل فيه فروق؟ قال لا ابدا لا فرق ان ما شاء الله تعالى ان يبيح هذا ويحرم هذا هكذا يقولون في زعمهم قال ولكن المشيئة اقتضت امره بهذا ونهيه عن هذا فليس هناك حكمة ولا غاية قال من غير ان يقوم بالمأمور صفة تقتضي حسنه ولا بالمنهي عنه صفة تقتضي قبحه هذا واضح يعني ليس هناك في الامر والنهي حكم انما هو مجرد الامر هو مجرد الناحية اظن هذا واظح كل هذا الكلام بيان وتوضيح لهذا القول الذي يسمى بقول نفات الحكمة والتعليم الذين لا يثبتون الا حكمة ولا يثبتون لافعاله او احكامه سواء شرعية او القدرية علة قال ولهذا الاصل لوازم وفروع طيب تقول وهؤلاء غالبهم لا يجدون حلاوة العبادة ولا لذتها هذا من لوازم هذا القول انه هؤلاء اذا صدر منهم طاعة وعبادة ليس لهذه العبادة والطاعة لذة لانه لا يدرك معنى للصلاة ولا يدرك معنى للانفاق ولا يدرك معنى للامتناع عن المحرمات انما هو محض فعل ما امر الله تعالى به. وترك ما نهى الله تعالى عنه. بينما اذا نظرت في النصوص الشرعية ان اكثرها يذكر الله تعالى فيه علة الحكم. يقول الله تعالى يا ايها الذين امنوا انما الخمر والميسر والانصاب والازنام رجز من عمل الشيطان فاجتنبوه لعلكم تفلحون. انما يريد الشيطان ان يوقع بينكم العداوة والبغضاء في الخمر والميسر ويصدكم عن ذكر الله وعن الصلاة فهل انتم منتهون؟ هذه كلها بيان للعلل والغايات التي من اجل فيها جاء التحريم في هذا في هذه الاعمال. فكيف يسوغ ان يقول قائل انه لا علة في التحريم انما التحريم مجرد المشيئة لان رجاء ان الخمر محرمة وليس في الخمر شيء يوجب التحريم ان شاء الله ان يحرم الزنا وليس في الزنا شيء يوجب التحريم ان شاء الله تعالى ان يأمر بالصلاة وليس في الصلاة شيء يوجب فرضها والزام العباد بها يقول رحمه الله هؤلاء لا يجدون لذة في الامر والنهي يعني لا يجدون لذة في فعل ما امر الله تعالى به وفيما نهى الله وفي ترك ما نهى الله عنه قال ولا يتنعمون بها ولهذا يسمون الصلاة والصيام والزكاة والحج والتوحيد اي عبادة الله وحده لا شريك له والاخلاص ونحو ذلك تكاليف لانها مجردة عن المعاني التي تقتضي تقتضيها من المصالح في الدين والدنيا في المعاش والميعاد. قال رحمه الله ونحو ذلك تكاليف اي كلفوا بها ولو سمى مدعي محبة ملك من الملوك او غيره ما يأمره به تكليفا لم يعد محبا له. لان التكاليف توحي بنوع آآ تحمل قل لامر لا معنى له ولكن هذه التسمية شائعة في كلام اهل العلم وانما سميت التكاليف بذلك لان فيها مشقة والمشقة هي الاصل في التعبد يعني لا بد ان تعلم انه لولا ان في العبادة مشقة لما كان في ذلك فرق بين العابد وغيره ولذلك جاء في الصحيح ان النبي صلى الله عليه وسلم قال حفت الجنة بالمكاره اي بما تكرهه النفوس وتنفر منه مما يخالف طبعها الذي يسكن الى الدعة والراحة وترك العمل بالواجب والانطلاق مع ما تحبه النفس وتهواه لكن هؤلاء سموا العبادة تكاليف لانها مجردة عن المعاني التي تحصل بها المصالح لانها امر لاجل الامر ونهي لاجل النهي ليس لها غايات ولا علل ولا حكم. قال واول من صدرت عنه وهذه المقولة او المقالة الجعد ابن درهم اول من قال بان الامر لا غاية له والنهي لا غاية له. الجعد ابن درهم وهو مصدر لشر كثير وبدع متعددة قضاء وحكم لا غاية له ولا عدة هذا في النار بقضاء الله تعالى وهذا في الجنة بقضاء الله تعالى وليس هناك اسباب تقتضي دخول الجنة ولا تقتضي دخول ان اظن هذا القول واظح طيب الصنف الثاني اصرف الثاني القدرية النفاة الذين يثبتون نوعا من الحكمة والتعليل لا يقوم بالرب ولا يرجع اليه بل يرجع لمحض مصلحة المخلوق ومنفعته فعندهم ان العبادات شرعت اثمانا لما يناله العباد من الثواب والنعيم. وانها بمنزلة تاء الاجير اجرى. قالوا ولهذا يجعلها سبحانه عوضا كقوله. ونودوا ان تلكم الجنة تورثتموها بما كنتم تعملون. هل تجزون الا ما كنتم تعملون. ادخلوا الجنة بما كنتم تعملون. انما يوفى الصابرون اجرهم بغير حساب. وفي الصحيح ان ما هي اعمالكم احصيها عليكم ثم اوفيكم اياها. قالوا وقد سماها جزاء واجرا وثوابا لانه شيء يثوب الى العامل من عمله اي يرجع اليه قالوا ويدل عليه الموازنة فلولا تعلق الثواب بالاعمال عوضا عليها لم يكن للموازنة معنى وهاتان الطائفتان متقابلتان فالجبرية لم تجعل للاعمال ارتباطا بالجزاء البتة وجوزت ان يعذب الله من افنى عمره في الطاعة وينعم من افنى عمره في مخالفته وكلاهما سواء بالنسبة اليه. والكل راجع الى محض المشيئة والقدرية اوجبت عليه سبحانه رعاية المصالح. وجعلت ذلك كله بمحض الاعمال. وان الثواب الى العبد بدون عمله فيه تنقيص باحتمال منة الصدقة عليه بلا ثمن. فجعلوا تفضله وسبحانه على عبده بمنزلة صدقة العبد على العبد. وان اعطاء ما يعطيه اجرة على عمله احب الى العبد من ان يعطيه فضلا فضلا منه بلا عمل ولم يجعلوا للاعمال تأثيرا في الجزاء البتة. طيب يقول رحمه الله في بيان الصنف الثاني الصنف الثاني القدرية القائلون بنفي القدر ولذلك قال القدرية النفاة واما القسم الاول فهم الجبرية الذين غلوا في اثبات القدر. اذا تسمى اولئك القدرية الغلاة وهؤلاء يسمى القدرية النفاة الذين يثبتون نوعا من الحكمة والتعليم. هؤلاء يثبتون الحكمة والتعليل لكن يقولون نوعا من الحكمة والتعليل لا يقوم بالرب ولا يرجع اليه بل يرجع لمحض مصلحة المخلوق ومنفعته يعني ان هذه الغايات وتلك الحكم ليست مما يرجع الى الله تعالى بل هي لمحض المخلوق منفعته وهؤلاء لانهم لا يصفون الله تعالى بالحكمة ولا يصفون الله تعالى بسائر الصفات الدالة على كمال اه خبرته ووظعه الامور في مواظعها اه يقولون ان الحكمة لا ترجع اليه ولا تقوم به يعني لا يتصف بها ولا ترجع اليه انما يعني وليس مما يجني منه نفعا وهذا لا شك انه صحيح ان الله تعالى لا يجني نفعا لكن الله من حكمته ان جعل الاشياء مقدرة باسبابها. بل يرجع لمحض مصلحة المخلوق ومنفعته. فهي مجرد مشروعة ومأمور بها لمصلحة المخلوق لا لحكمة قامت بالرب وهؤلاء لا شك انهم اثبتوا نوعا من الحكمة وهذا معنى لنوعا من الحكمة يعني لم يثبتوا الحكمة كما ينبغي ان يثبت ان يثبتوها مما دل عليه كتاب الله وسنة رسوله من انها صفة من صفاته سبحانه وبحمده هؤلاء يقولون يعني لله تعالى حكمة في افعاله لكن هذه الحكمة لا ترجع اليه ولا تقوم به انما هي لمحض مصلحة المخلوق ومنفعته ثم يقولون ثم يقول المؤلف فعندهم ان العبادات شرعت اثمانا لما يناله العباد من الثواب والنعيم. اثنان يعني اعوام فهي عوظ عما يقوم به من العبادة فاذا صلى فانه يعوض عن هذا المثوبة التي يدركها من اقام الصلاة من حج فانه يجزى على هذا الحج اجر الحج الذي ذكره الله وذكره رسوله على وجه العوظ والمؤازرة على العمل قال وانها بمنزلة استيفاء الاجير اجره بمنزلة قبر الاجير اي عن العامل لاجره اذا عمل عند احد. قالوا ولهذا استدلوا بهذا المسلك قال ولهذا يجعلها سبحانه عوضا كقوله ونودوا ان تلكم الجنة اورثتموها بما كنتم تعملون قالوا بما كنتم تعملون الباء هنا بالثمانية فالمعاوظة اي ثمن وعوظ ما كنتم تعملون يزيتم به الجنة فالثمن هو الجنة التي اه قال فيها تلكم الجنة اورثتموها بما كنتم اي ثمن بهالمعاوضة بسبب آآ عملكم المتقدم ثم قال هل تجزون الا ما كنتم تعملون والحديث ينفي دخول الجنة بالاعمال. طيب اذا كان كذلك فما الجمع؟ قال ولا تنافي بينهما. لان توارد النفي الاثبات ليس على حل واحد فما نفي عنه خلاف ما اثبت فبينهما قال ادخلوا الجنة بما كنتم تعملون انما يوفى الصابرون اجرهم بغير حساب ثم قال كل هذه فيها اقتران الثواب بالعمل. كل هذه النصوص فيها اقتران الثواب بالعمل لكن هذا القول يعني مما يعلم بطلانه سيأتي في كلام المؤلف رحمه الله بيان بطلان هذه قال وان الباء هنا وذكر العمل من باب ذكر السبب لكن هذا السبب لا يستقل بذلك الاجر ليس فقط السبب هو الموجب لتلك الاجور وذلك الثواب الذي ذكر الله تعالى في هذه الايات وسيأتي توضيح هذا في كلام المؤلف الان فقط يعرظ ما قاله هؤلاء وما استدلوا به على ان الاعمال يجزى عليها في مقابل ما كان من عمل عامل وليس لله فضل ولا له منا يقول وفي الصحيح انما هي اعمالكم احصيها عليكم ثم اوفيكم اياها. قال وقد سماها جزاء واجرا ثوابا لانه شيء يثوب الى العامل من عمله ان يرجع اليه. الثواب من تاب اذا رجع. قالوا ويدل عليه الموازنة فلولا تعلق الثواب بالاعمال عوضا عليها لم يكن للموازنة معنى الموازنة بين بين الحسنات والسيئات يقول ويدل عليها الموازنة. فلولا تعلق الثواب بالاعمال عوضا عليها لم يكن. للموازنة معنى قال رحمه الله وهاتان الطائفتان متقابلتان ما هما الطائفتان يقول الجبرية والقدرية فالجبرية لم تجعل للاعمال ارتباطا بالجزاء البتة فقالوا يدخل الجنة من؟ يدخل بمشيئة الله ويدخل النار من يدخلها بمشيئة الله ليس للاعمال سبب ولا اثر في ذلك وجوزت ان ان يعذب الله من افنى عمره في الطاعة مثل ما ذكرنا قبل قليل وينعم من افنى عمره في مخالفته يقول وكلاهما سواء بالنسبة اليه لانه ما في معنى في الطاع ولا معنى في العاصي. انما هو محض ايش محض المشيئة قال والكل راجع الى محض المشيئة قال والقدرية هذه الطائفة الثانية اوجبت عليه رعاية المصالح بعقولها وافكارها وارائها. وجعلت ذلك كله بمحض الاعمال يعني ليس لله فضل. ولذلك يقول وان وصول الثواب الى العبد بدون عمل فيه تنقيص لاحتمال منة الصدقة عليه بلا ثمن يعني لو ان الله تعالى اعطى العبد من الاجر من غير عمل لكان هذا به تنقص للعبد حيث انه يلحقه من النقص مثل ما ما يلحق من يعطي رجلا صدقة من ماله بلا عمل فانه ينقص به منزلة الاخذ لماذا؟ لانه لم يأخذ ذلك في مقابلة عمله. يقول رحمه الله وان اصول الثواب الى العبد بدون عمله فيه تنقيص باحتمال منة الصدقة عليه بلا ثمن فجعلوا صلة الله بعباده كصلة الخلق بعضهم ببعض اليس الان المتصدق عليه يخشى منك المتصدق بلى ولذلك قال الله تعالى في بيان ما يجب مراعاته في النفقة يا ايها الذين امنوا لا تبطلوا صدقاتكم بالمن والاذى فنهى الله تعالى عن المن؟ لان الانفاق على الغير وعلو اليد سبب للمنة والارتفاع والانسان كما قال الله تعالى في وصفه انه كان ظلوما جهولا. فهذه صفته ومن لوازم هذه الصفة اذا لم يعالجها عادل والعلم من لوازم هاتين الصفتين ان يعلو على غيره ويمن بعمله فجعلوا صلة الرب بالعبد هكذا قالوا اذا الله على عبده وادخله الجنة او من عليه بثواب لم يكن له سبب من عمل فان ذلك يوجب ان يشعر العبد بمنة الله عليه هذا لا شك انه في غاية الجهل بالله تعالى. حيث ان الله هو الذي انعم بالعمى الاول وهو الذي يسر تمامه وهو الذي من بقبوله فكيف يكون العبد منفكا عن ملة الله وما به من نعمة فمن الله. لا ينفك عن نعمة الله تعالى حتى يقال مثل هذا لكن بصائرهم وتركوا النصوص فوقعوا في مثل هذه الامور الاقوال المنحرفة يقول فجعلوا تفضله سبحانه على عبده بمنزلة صدقة العبد على العبد هذا من قياس الخالق بالمخلوق قال وان اعطاء ما يعطيه اجرة على عمله احب الى العبد من ان يعطيه فظلا منه بلا عمل قال ولم يجعلوا للاعمال تأثيرا في الجزاء البتة. ولم يجعلوا الاعمال تأثيرا الجزاء البتة هذي غير واضحة هذه ليست لهؤلاء هذه للذين تقدموا يقول رحمه الله ولم يجعلوا للاعمال تأثيرا في الجزاء البتة والظاهر ولم يجعلوا للانعام تأثيرا في الجزاء البتة اقرب الى الصواب بل اصوب من هذا والا فان هذا لا يتناسب ولم يجعله للانعام. يكتبون لعلها للانعام ليس لتفضل الله وانعامه على العبد مدخل في الجزاء البتة نعم والطائفتان منحرفتان عن الصراط المستقيم. وهو ان الاعمال اسباب موصلة الى الثواب والاعمال الصالحات من توفيق الله تعالى وفضله. وليست قدرا لجزائه وثوابه. بل فتوى اذا وقعت على اكمل الوجوه ان تكون شكرا على احد الاجزاء القليلة من نعمه سبحانه وعذب اهل سماواته واهل ارضه لعذبهم وهو غير ظالم لهم. ولو رحمهم لك انت رحمته لهم هم خيرا من اعمالهم وتأمل قوله تعالى وتلك الجنة التي اورثتموها بما كنتم تعملون مع قوله صلى الله عليه وسلم لن يدخل احد منكم الجنة بعمله تجد الاية تدل على ان الجنان بالاعمال والحديث ينفي دخول الجنة بالاعمال ولا تنافي بينهما. لان النفي والاثبات ليس على محل واحد. فالمنفي يباع الثمانية واستحقاق الجنة بمجرد الاعمال ما لردا على القدرية المجوسية التي زعمت التي زعمت ان التفضل بالثواب ابتداء متضمن تكبير المنة والباء المثبتة التي وردت في القرآن هي باء السببية ردا على القدرية الجبرية الذين يقولون لا ارتباط بين الاعمال وجزائها ولا هي اسباب لها وانما غايتها ان تكون امارة والسنة النبوية هي ان عموم مشيئة الله وقدرته لا تنافي ربط الاسباب مسببات وارتباطها بها وكل طائفة من اهل الباطل تركت نوعا من الحق. طيب يقول والطائفتان منحرفتان عن الصراط المستقيم. طائفتان وهم الذين نفوا العلة والحكم نفوا التعليل والحكمة في احكام الله تعالى القدرية وفي احكامه الشرعية الطائفة الثانية وهم القدرية النفاة الذين قالوا بان الله تعالى يجزي العبد على عمله بقدر ما كان من العمل دون الزيادة فليس له فضل ولا رحمة ولا نعمة في جزاء العبد. يقول والطائفتان منحرفتان عن الصراط المستقيم لا شك فالصراط مستقيم هو طريق بين هاتين الضلالتين. وهو ان الاعمال اسباب موصلة الى الثواب الاعمال اسباب موصلة للثواب هذا من اخذ به؟ القدرية ام الجبرية الاعمال اسباب موصلة الثواب هذا اخذ به من هذا قول اخذ به القدرية الذين قالوا بان الاجر والثواب لا يحصل ولا ينال الا بالعمل فجعلوا السبب جعلوا العمل سببا لتحصيل الثواب لكنه سبب مستقل يعني ليس لمن لرحمة الله ولا نعمته ولا فضله اي اثر في ذلك انما هو ناتج عن العمل فالقدرية اخذوا بهذا القول ان الاعمال اسباب موصلة الى الثواب والاعمال الصالحات من توفيق الله تعالى له فضله هذا اخذ به من؟ الجبرية اذا الحق هو ان نقول ان الاعمال الصالحة سبب لنيل الثواب وان العمل الصالح ليس بارادة الانسان المجردة بل هو توفيق الله تعالى واعانته وتسديد به وتيسيره فتجمع بين الامرين الجبرية اخذوا امر وتركوا امرا والقدرية اخذوا بامر وتركوا امر فنظروا الى النصوص نظرا اعور فنظروا نظر القدرية الى النصوص بان الثواب مرتب على العمل فقالوا اذا ليس لله منة ولا منحة ولا رحمة في ثواب الاعمال والجابرية عموا عن هذا وقالوا ان الاعمال هي بقضاء الله تعالى وقدره قالوا ان الاعمال مقدرة على العباد ليس لهم فيها اختيار ولا لهم فيها فضل والمثوبة عليها انما هي تقدير ومشيئة وليست معروفة السبب. ثم قال رحمه الله وليست قدرا بجزائه وثوابه بل غايتها اذا وقعت على اكمل وجوه ان تكون شكرا على احد الاجزاء القليلة من نعمه سبحانه. اليست قدرا اي لا تستوجب ولا تقابل ولا تكافئ هذا معنى قوله ليست قدرا يعني انها لا تكافئ جزاءه وثوابه بل هي في الغاية غيب الغايتها ان اذا وقعت على اكمل الوجوه ان تكون شكرا على احد الاجزاء القليلة من نعمه سبحانه فلو عذب اهل سماواته واهل ارضه لعذبهم وهو غير ظالم لهم لانهم لم يقوموا بحقه على وجه الكمال الذي فرضه عليهم. ولو رحمهم لكانت رحمته لهم خيرا من اعمالهم يقول رحمه الله وتأمل اي اعد النظر والفكر في قوله تعالى وتلك الجنة التي اورثتموها بما كنتم تعملون والله جل وعلا يخبر ان الجنة التي اورثها هؤلاء هي بسبب عملهم يقول مع قوله لن يدخل احد منكم الجنة بعمله فهذا الحديث يبين انه لا يستقل العمل بدخول الجنة لانه قال لن يدخل احد منكم الجنة بعمله للسببية اي بسبب عمله فما الجامع بين هذين؟ يقول تجد الاية تدل على ان الجنان بالاعمال فرق بين المثبت والمنفي ولذلك لم يرد على محل واحد وانما يكون التعارض والتناقض والتقابل فيما اذا كان قد ورد على محل واحد. فاذا قلت زيد في المكان وزيد ليس في المكان هنا تقابل لان النفي والاثبات ورد على امر واحد اما هنا فالنفي وارد على شيء والاثبات وارد على شيء كيف هذا؟ يقول فالمنفي باء الثمن يعني ما قاله النبي صلى الله عليه وسلم لن يدخل احد منكم الجنة بعمله اي مقابل عمله بل بقى هنا باء المعاوظة التي تقتضي وجوب الثواب وتقتضي مقابلة الثواب للعمل وهذا لا يكون فان العمل لا يقتضي الثواب وهو لا يقابلها اي لا يكافئه مكافأة تامة بل فظل الله سابق بالتوفيق الى العمل وفضله لاحق بقبوله ثم بالجزاء عليه. فالفضل قد احتف الانسان اولا واخرا. نقف على هذا والله تعالى اعلم وصلى الله وسلم على نبينا محمد