ولهذا جاء في الصحيح من حديث ابي هريرة ان النبي صلى الله عليه وسلم غسل يده حتى اشرع في العضد اي شرع في العضد وهو ما فوق المرفق ليتحقق غسل المرفق كله ثم ذكر بعد ذلك حديث صفة وضوء النبي صلى الله عليه وسلم وذكر في ذلك جملة من الاحاديث. نقرأ الحديث قال رحمه الله تعالى وعن حمران ان عثمان رضي الله عنه دعا بوضوء فغسل كفيه ثلاث تمرات ثم مضمضة واستنشق واستنثر ثم غسل وجهه ثلاث مرات ثم غسل يده قمنا الى المرفق ثلاث مرات ثم اليسرى مثل ذلك. ثم مسح برأسه ثم غسل رجله اليمنى الى الكعبين ثلاث مرات ثم اليسرى مثل ذلك. ثم قال رأيت رسول الله صلى الله عليه عليه وسلم توضأ نحو وضوئي هذا الله ذكر الوضوء مجملا في القرآن وجاء بيانه وتفصيله في الاحاديث التي وصفت وضوءه صلى الله عليه وسلم ومنها حديث عثمان الوصف المجمل للوضوء تضمنته اية المائدة حيث قال الله تعالى يا ايها الذين امنوا اذا قمتم الى الصلاة فاغسلوا وجوهكم فاول ما ذكر غسل الوجه فدل ذلك على ان غسل اليدين قبل الوضوء ليس واجبا اغسلوا وجوهكم وايديكم الى المرافق وامسحوا برؤوسكم وارجلكم الى الكعبين هذه اعضاء الوضوء التي لا بد منها اركانه التي لا يصح الا بها هذا الحديث حديث عثمان ابن عفان رضي الله تعالى عنه اجمع حديث في صفة وضوء النبي صلى الله عليه وسلم وفي الفضل المرتب على الوضوء ولذلك بدأ به المصنف رحمه الله وانتقاه دون سائر الاحاديث التي جاء فيها وصف وضوء النبي صلى الله عليه وسلم و وضوء النبي صلى الله عليه وسلم وصفه جملة من الصحابة وصفه عثمان وصفه علي ابن ابي طالب وصفه عبد الله بن زيد بن عاصم وصفه انس ابن مالك وصفه جماعات من اصحاب النبي صلوات الله وسلامه عليه الا ان المصنف رحمه الله الحافظ ابن حجر انتقى هذا الحديث من بين تلك الاحاديث لانه اصل عظيم في صفة وضوء النبي صلى الله عليه وسلم حيث جاء بالوضوء على اكمل صوره. هذا واحد ولانه ايظا تظمن بيان الفضل المرتب على الوضوء حيث قال صلى الله عليه وسلم في ختم الحديث من توضأ نحو وضوئي هذا ثم صلى ركعتين لا يحدث فيهما نفسه غفر الله تعالى ما تقدم من ذنبه. وهذا فضل عظيم وعطاء جزيل على عمل يسير وهو مركب من امرين الوضوء الكامل والصلاة الكاملة التي يسلم فيها الانسان من الهواجين والافكار ويكون حاضر القلب خاشعا لقوله صلى الله عليه وسلم لم يحدث فيهما نفسه يعني سلم فيها من الافكار والهواجس التي تصرفها عن حضور قلبه غفر له ما تقدم من ذنبه فهذا الحديث الذي ميز دون سائر احاديث صفتي وضوء النبي صلى الله عليه وعلى اله وسلم امران الامر الاول انه ذكر الوضوء على صفة الكمال اكمل صفات الوضوء ما تضمنه حديث عثمان. الثاني انه بين فضيلة الوضوء وانها سبب من اسباب مغفرة الذنوب اذا اقترنت للصلاة التي لم يحدث فيها نفس على ان الوضوء نفسه موجب لحط الخطايا كما تقدم في حديث ابي هريرة الا ادلكم على ما يمحو الله تعالى به الخطايا ويرفع الدرجات؟ قالوا بلى يا رسول الله قال اسباغ الوضوء على المكاره فهو مما يحط الخطايا وجاء في حديث ابي هريرة وغيره ان الخطايا تخرج مع الوضوء مع اخر قطره كل هذا يدل على المعنى الذي دل عليه هذا الحديث اذا هذا الحديث في صفة وضوء النبي صلى الله عليه وسلم على جهة الكمال وقد اخرجه البخاري ومسلم كما ذكر المصنف رحمه الله من طريق إبراهيم ابن سعد عن الزهري محمد بن مسلم بن شهاب عن عطاء بن يزيد الليثي عن حمران مولى عثمان ومعنى مولى عثمان ان عثمان اعتقه فكان رقيقا فاعتقه فكان ولاءه لعثمان عن عثمان بن عفان رضي الله تعالى عنه ثم انه دعا انه دعا بوضوء اي طلب وضوءا يتوضأ به هذا الحديث يقول فيه حمران رضي الله تعالى عنه ان ان عثمان دعاه بوضوء بوظوء بفتح الواو وهو ما يتوضأ به الماء الذي يتوضأ به يسمى وضوءا وفعل الوضوء يسمى وضوءا بالظم بضم الواو وضوء ووظوء الوضوء هو الماء الذي يتوظأ به. والوضوء هو فعله فقوله دعا بوضوء يعني دعا بماء طلب ماء يتوضأ به ثم قال فغسل كفيه ثلاث مرات غسل كفيه اي طهر يديه ونقاهما باجراء الماء عليهما ثلاث مرات اي كرر ذلك ثلاث مرات هذا معنى قوله فغسل كفيه ثلاث مرات والكف هي الراحة مع الاصابع وسميت الكف كفا لان الانسان يكف بها عن نفسه ما يكره وانت اذا تأملت في الاسماء تجد انها تقترن بالمعاني لكن لما اصبح اسما غاب المعنى في كثير من الاحيان الان الوجه سمي وجها لماذا؟ لان به تحصل المواجهة وهلم جر في كثير من الاسماء في اللغة يعرف معناها من لفظها لكن لكون الاسم اصبح على من لم يلتفت الى اصله ومناسبة المعنى لللفظ لكن الذي يرجع ويتأمل يرجع الى كلام اهل اللغة ويتأمل يجد ان ثمة ارتباط بين المعاني والاسماء بين المعاني والاسماء فالكف هي الراحة مع الاصابع. فقوله حمران في وصف فعل عثمان. قال فغسل كفيه هكذا يصف وضوء النبي صلى الله عليه وسلم فغسل كفيه ثلاثا. غسل كفيه ثلاثا ها اذان الكفان غسلهما ثلاثا طهرهما اجراء الماء عليهما قال ثلاث مرات اي كرر غسل كفيه ثلاث مرات التعداد هنا للغسلات وهذا اكمل الوضوء من حيث العدد وهذا سنة بالاتفاق فان غسل اليدين باول الوضوء من السنن المتفق عليها بين اهل العلم ما السبب في مشروعية غسل اليدين الكفين في اول الوضوء مشروعية ذلك لانه سيأخذ من الماء الى فمه وسيغسل بقية اعضاءه ومعلوم انه قد يكون قد علق باليدين ما يكره فيدخله الى فمه باخذه دون تنقية اليدين فلذلك شرع في اول الغسل ان يغسل يديه ثلاث مرات وقد جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم من حيث العدد غسل اليدين وبقية الاعضاء مرة مرة وفي غسل الاعضاء مرتين مرتين وغسل اعضاء الوضوء ثلاثا ثلاثا وجاء في بعضها ثلاثا وفي وفي نفس الوضوء مرتين تفاوت النبي صلى الله عليه وسلم وضوءه فمرة يتم ومرة يقتصر على بعض الكمال ومرة على ادناه فادنى العدد واحد وهو الذي يطلب في الغسل. قوله رضي الله تعالى عنه ثم مظمظة واستنشق واستنثر هذا ثاني ما فعله بوضوءه فبعد ان غسل يديه ثلاثا مضمض واستنشق واستنثر لكن لاحظ انه قال فغسل كفيه ثلاثا ثم ثم تقتضي الترتيب مع شيء من التراخي مع شيء من التراخي وذكر في العمل الثاني من اعمال الوضوء ثلاثة امور مضمض والمضمضة هي ادارة الماء في الفم واخراجه هذه هي المضمضة ادارة الماء في الفم واخراجه هذا على وجه الكمال فلو انه ادار الماء في فمه وشربه هل يكون قد مضمض؟ الجواب نعم. قد مضمض لكنه لم يأتي به على وجه الكمال. على وجه الكمال ان يمضمض وان يمجه يخرجه هذه المضمضة قال مضمض اي حرك الماء في فمه وادار فالماء فالمضمضة هي تحريك الماء في الفم بالادارة فيه هل يلزم اخراجه؟ الجواب اخراجه من كمال المظمظة لكن ان لم يخرجه فانه يكون قد اتى بما طلب منه من المظمظة واستنشق هذا ثاني ما ذكر في هذا العضو الاستنشاق والاستنشاق هو جذب الماء بالانف استنشق اي جذب الماء انفه الى داخل الى الداخل يجذبه بايش؟ بالنفس بالهوى واستنثر ايوة نثر الماء من انفه وذلك بدفعه. الاستنثار هو اخراج الماء من الانف ودفعه بعد جذبه. وفي هذه الرواية جمع بين امرين بين الجذب والنثر وفي بعض الروايات الاقتصار على الانتثار من توظأ فلينتثر فلينتثل اي فليدفع الماء وهذا من لازم ان يكون قد جذب الماء الى انفه لكن هنا جاءت الرواية مفصلة في ذكر ما فعله النبي صلى الله عليه وسلم في وضوءه انه مضمضة واستنشق واستنثر فالمضمضة تطييب للفم والاستنثار والاستنشاق والاستنثار تطيب للانف وقوله رضي الله تعالى عنه ثم مضمضة واستنشق واستنثر لم يذكر فيه عددا لكن في بعض روايات حديث عثمان رضي الله تعالى عنه قال ثلاث غرفات اي ان انه تمضمض واستنشق واستنثر من ثلاث غرفات وهنا العلماء رحمهم الله اختلفوا في السنة في كيفية المضمضة والاستنشاق والاستنثار هل هي بغرفة واحدة ام هي بثلاث غرفات وهل ثمة فصل بين المضمضة والاستنشاق؟ ام انهما يجريان بدون فصل واصوب ما قيل في ذلك ان المضمضة والاستنشاق تكون من كف واحد سواء جمع او فصل فيكون مجموع الوضوء من ثلاث غرفات يكون في كل غرفة مضمضة واستثناء واستنشاق واستنثار ويكمن بذلك المضمضة والاستنشاق اللذان يشرعان في الوضوء اقرب ما يقال في صفة المضمضة والاستنشاق انهما من كف واحدة اي يجمع المظمظة والاستنشاق في غرفة واحدة ويكرر ذلك ثلاث مرات وقد اتفق العلماء رحمهم الله على ان المضمضة والاستنشاق كيفما حصلت فقد حصل المطلوب والمشروع سواء كان ذلك من من كف واحدة بثلاث غرفات بغرفة واحدة بوصل او فصل كله مما يحقق سنة المأمورة بها مما يحقق السنة المأمور بها واتفقوا على ان المظمظة مقدمة على الاستنشاق فقوله ثم مضمض واستنشق واستنثر الواو هنا لا تقتضي ترتيبا لكنهم من حيث فعل النبي صلى الله عليه وسلم متفقون على انه قدم المضمضة على استنشاق في كل ما نقل عنه من وضوء صلوات الله وسلامه عليه كبيان الترتيب بين المضمضة والاستنشاق مستفاد من صفة وضوءه صلى الله عليه وعلى اله وسلم وان كان من نقل فلا يجزئ ان يغسل الى هنا الى ما دون المرفق او بعض المرفق بل يغسله جميعا لان الله تعالى قال فاغسلوا وجوهكم وايديكم الى المرافق يعني مع المرافق وعلى الوجه الثاني والمرافق يعني واغسلوا المرافق نقل ذلك على صيغة قد لا تفيد الترتيب حيث قال ثم مضمض واستنشق واستنثر ثم قال رضي الله تعالى عنه في وصف وضوء النبي صلى الله عليه وسلم فغسل كفيه ثلاثا هذا باتفاق انه سنة كما تقدم. ثم مضمضة واستنشق واستنثر هذا شروع في غسل الوجه لان المضمضة والاستنشاق الانف والفم من الوجه فهما داخلان في قول الله عز وجل يا ايها الذين امنوا اذا قمتم الى الصلاة فاغسلوا وجوهكم فمبدأ غسل الوجه كما دلت السنة بالمضمضة والاستنشاق فهما داخلان في هذا لو قال قائل اين المضمضة والاستنشاق في اية الطهارة في اية المائدة يقال في قوله فاغسلوا وجوهكم فان المضمضة والاستنشاق مما يغسل به الوجه لانه ما في الوجه وقد جاء بيانهما في السنة وسيأتي الكلام على حكم المضمضة والاستنشاق هل هما واجبان او مستحبان؟ وخلاف العلماء في ذلك لكن الاتفاق منعقد على ان المضمضة والاستنشاق مشروعان ومطلوبان في الجملة في الوضوء وان موضعهما عند غسل الوجه لانهما منه. فقوله فغسل الوجه ثم غسل وجهه اي غسل ما تحصل به المواجهة وهو الوجه غسله اي طهره ونقاه وقوله رضي الله تعالى عنه في وصف وضوء النبي صلى الله عليه وسلم ثم غسل وجهه اي ما يحصل به المواجهة وقد اتفق العلماء على هذا المعنى في الجملة وان كانوا قد اختلفوا في تحديد الوجه تحد الوجه هو ما تحصل به المواجهة وهو من منابت الشعر. شعر الرأس المعتاد الى الذقن هذا طولا وعرضا من الاذن الى الاذن فما بين الاذنين وما هو من منابذ الشعر المعتاد الى الذقن كل هذا مما تحصل به المواجهة وسيأتي الخلاف فيما استرسل من اللحية هل هي من الوجه الذي يجب غسله او لا قوله رضي الله تعالى عنه في وصف في صفة وضوء النبي صلى الله عليه وسلم ثم غسل وجهه اي غسل ما تحصل به المواجهة بعد ذلك انتقل قال ثم غسل يدي يده اليمنى الى مرفق ثلاث مرات ثم اليسرى مثل ذلك. هذا هو العضو الثاني الذي ذكره الله في اية المائدة وهو من حيث ترتيب ما جاء في هذا الحديث هو الرابع من افعال الوضوء الاول غسل الكفين الثاني المظمظة والاستنشاق والاستنثار الثالث غسل الوجه الرابع من الافعال التي تظمنها هذا الحديث غسل اليدين وابتدأ باليد اليمنى ثم غسل يده اليمنى اي جهة اليمين الى المرفق ثلاث مرات اي كرر ذلك ثلاث مرات ثم اليسرى مثل ذلك اي كما غسل اليمنى فبعد ان غسل وجهه غسل يده اليمنى من رؤوس الاصابع لان اليد تطلق في كلام العرب على العضو من رؤوس الاصابع الى الكتف كل هذه يدك ولذلك لما كان كل هذه يد بين الله تعالى الحد الذي ينتهي اليهما يجب غسله في الوضوء فقال الى المرافق ولو انه اطلق ولم يقيد ذلك بالمرافق لكان الواجب ان تغسل جميع اليدين من رؤوس الاصابع الى الكتف ولهذا ما يفعله بعض الناس في وضوئهم من عدم غسل الكف نظرا لانه غسلها في اول الوضوء فتجده يغسل فقط هذا دون غسل الكف هو مما لا يتحقق به ما امر الله تعالى به في قوله وايديكم من المرافق فقوله صلى الله قوله في صفة وضوء النبي صلى الله عليه وسلم ثم غسل يده اليمنى الى المرفق ثلاث مرات ثم اليسرى مثل ذلك هو بيان مبدأ الغسل ومنتهاه. مبدأ الغسل رؤوس الاصابع. ومنتهاه الى المرفق والمرفق بكسر الميم وسمي المفصل الذي يصل الساعد بالعضد مرفقا لان الانسان يرتفق به. يرتفق به يعني يدرك به اعظم صالح من الاتكاء ونحوه ولذلك سمي المرفق مرفقا وقوله رضي الله تعالى عنه الى المرافق مطابق للاية في قوله جل وعلا فاغسلوا وجوهكم وايديكم الى المرافق. فقولوا وايديكم للمرافق اي الى المرافق او مع المرافق وتأتي الى بمعنى مع في كلام الله عز وجل من ومن امثلة ذلك ومن امثلة ذلك في كلام الله عز وجل قوله جل وعلا ولا تأكلوا اموالكم الى اموالهم ولا تأكلوا اموالهم الى اموالكم ولا تأكل اموالهم الى اموالكم يعني مع اموالكم ومنه ايضا قول عيسى من انصاري الى الله قال جماعة من المفسرين مع من انصاري مع الله والمقصود ان قوله صلى الله عليه وسلم الى المرافق كما هو في الاية معناه مع المرافق وذكر الله تعالى الغاية التي ينتهي اليها لبيان الواجب واما السنة في غسل اليد فانه يغسل حتى يشرع في العضد اي يغسل بعض العضد وهذا منه ما هو سنة ومنه ما يتحقق به الواجب لانه لا يتحقق غسل الواجب للمرفق الا بان يغسل شيئا من العضد فعلى المعنيين يكون المرفق داخلا فيما يجب غسله من من الوضوء وما يفعله بعض الناس من انه لا يغسل الا فقط مبدأ الساعد دون ما امر الله تعالى به لا يتحقق به الغسل الواجب. لا يتحقق به الغسل الواجب. بل هو قصور لا تصح الصلاة بمثله لان لم يتوضأ على النحو الذي شرع الله عز وجل وبعض الناس اذا كان في ايام الشتاء وعليه ملابس يصعب عليه ان يرفع ثوبه ليصل الى مرفقه يقتصر على ما دون المرفق ويقال له النبي صلى الله عليه وسلم نزع الجبة ليغسل ليغسل يده صلى الله عليه وسلم امتثالا لما امر الله تعالى فلا يجزئ في غسل اليد ان يقتصر على بعضها بل يجب ان يغسل الى ما امر الله تعالى به من المرافق قوله ثم قال ثلاث مرات اي ان غسل اليد اليمنى كرره ثلاث مرات وليس المقصود انه يغسل اول اليد مرة واوسط اليد مرة والمرفق مرة بل جميع العضو من رؤوس الاصابع الى المرفق يكرر وغسله ثلاث مرات في كل مرة من هذه المرات يكرر الغسل من رؤوس الاصابع الى المرفق ثم اليسرى مثل ذلك اي فعل في اليسرى كما فعل في اليمنى وبه يعلم ان المشروع في اليد اليسرى هو ان تغسل من رؤوس الاصابع الى المرافق ويفعل في اليسرى مثل ما فعل في اليمنى والترتيب بين اليد اليمنى واليد اليسرى سنة بالاتفاق. فلو بدأ باليسرى قبل اليمنى خالف السنة لكنه اتى بما امر به من غسل يده يديه الى المرافق لان الله جمع اليدين قال وايديكم الى المرافق ومثل ايضا لو انه غمس يديه في ماء دون ان يرتب اليمين باليسار الى المرافق او صب الماء عليهما الى المرافق جرى الماء على كل العضو فانه يكون قد اتى بما امر فالترتيب سنة باتفاق اهل العلم وليس واجبا ثم مسح برأسه هذا خامس الافعال التي تضمنها حديث حمران في حديث عثمان في صفة وضوء النبي صلى الله عليه وسلم. مسح الرأس والمسح ذكره الله تعالى في كتابه في ثالث مطلوبات في الطهارة يا ايها الذين امنوا اذا قمتم الى الصلاة فاغسلوا وجوهكم وايديكم من المرافق وامسحوا برؤوسكم وامسحوا برؤوسكم والمسح يختلف عن الغسل اذ ان الغسل جريان الماء على العضو اما المسح فهو بل اليدين بالماء وامرارهما على الرأس بل اليدين بالماء وامرارهما على الرأس هذا هو المسح المأمور به في قوله فامسحوا برؤوسكم تفارق النص بين القرآن والسنة فارقتا بين ما يطلب في الرأس في الطهارة وبينما يطلب في سائر الاعضاء فسائر الاعضاء الوجه واليدان القدمان المطلوب فيهما الغسل واما الرأس فالمطلوب فيه المسح فقوله رضي الله تعالى عنه ثم مسح برأسه موافق للقرآن حيث جاء في المسح بالباء قال مسح برأسه ولم يقل مسح رأسه انما قال برأسه فهو موافق لقوله وامسحوه برؤوسكم فان المسح يتعدى بنفسه ويتعدى بالباء والتعدية بالباء تأكيد للمعنى لمعنى المسح وان المطلوب فيه الاستيعاب ولذلك قال بعض اهل العلم ان الباء هنا غرضها استيعاب العضو وهو الرأس بالمسح بان يمسح جميع رأسه فلا يقتصر على مسح بعظ رأسه دون بعظ وهذه مسألة العلماء فيها على طرائق واقوال فذهب الامام احمد الامام مالك والامام احمد الى وجوب استيعاب جميع الرأس في المسح وانه لا يجزئ ان يمسح مقدم رأسه دون مؤخره او جانبا منه دون جانب وذهب بعض اهل العلم الى ان المطلوب مسحوب بعض الرأس واختلفوا في قدر البعض فمنهم من قال الثلث ومنهم من قال الربع ومنهم من قال الناصية ومنهم من قال اليافوخ ومنهم من قال القفا ومنهم من قال ثلاث شعرات ومنهم من قال يكفي شعرة واحدة هذه جملة من اقوال العلماء فيما يطلب مسحه ليتحقق ما امر الله تعالى به في قوله وامسحوا برؤوسكم والذي والذي عليه الجمهور ان المسح ينبغي ان ان يستوعب جميع الرأس هذا مذهب مالك واحمد وهو الذي فعله النبي صلى الله عليه وسلم كما سيأتي في وصفه في رواية عبد الله بن زيد في وصف مسح رسول الله صلى الله عليه وسلم لرأسه ثم قال ثم غسل رجله اليمنى الى الكعبين ثلاثا اي بعد ان مسح رأسه صلى الله عليه وسلم غسل رجليه الى الكعبين هذا في صفة في حكاية عثمان لصفة وضوء النبي صلى الله عليه وسلم والكعباني مثنى كعب والكعب هو الناتئ البارز من الشيء والمقصود بالكعبين العظمان الناتئان على جنبتي القدم اذانهما الكعبان العظمان الناتئان اي البارزان على جنبة القدم هذان هم الكعبان اللذان امر الله تعالى غسلهما مع جعل جعلهم الله تعالى منتهى للغسل فيما يجب غسله من الارجل وارجلكم الى الكعبين وارجلكم اي واغسلوا ارجلكم الى الكعبين وبدأ باليمين وكرر ذلك ثلاث مرات كما فعل باليدين وذلك ان اليمين محل عناية فان النبي صلى الله عليه وسلم كان يعجبه التيمن في تنعله وترجله وطهوره اي وفيما يتعلق بطهارته ثم اليسرى اي غسل اليسرى مثل ذلك اي كما فعل باليمنى وكما ذكرنا فيما تقدم في اليدين ان الترتيب هنا على وجه الاستحباب وانه لو بدأ باليسرى قبل اليمنى لم يضره ذلك انما يفوت السنة وانه لو غمس رجليه او غسلهما الى الكعبين جميعا لكان محققا لما امر به وقوله الى الى الكعبين كما تكلمنا في المرفق بوجوب دخوله وانه داخل فيما يجب غسله كذلك الكعبان فانه قول فان قوله الى الكعبين في قوله وارجلكم الى الكعبين اي مع الكعبين فيجب غسل الكعبين ولذلك جاء في حديث ابي هريرة ان النبي صلى الله عليه وسلم غسل رجليه حتى اشرع تستاق اي انه غسل حتى اشرع في الساق اي غسل بعض ساقه ليتحقق بذلك ما امر الله تعالى به من غسل القدمين غسل الرجلين هذا ما تضمنه حديث عثمان رضي الله تعالى عنه قال عثمان في خاتمة هذا الحديث قال رأيت بعد ان فرغ قال رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم توظأ نحو وضوئي هذا بعد ان فعل ما فعل من هذه الصفة المكتملة للوضوء قال عثمان رضي الله تعالى لمن حضر رأيت النبي صلى الله عليه وسلم توظأ نحو وضوئي اي مثل نحو هنا بمعنى وضوئي هذا يعني هذا الوضوء هذا الفعل الذي رأيتموه رأيت النبي صلى الله عليه وسلم يفعل مثله والحديث لم يذكر فيه المصنف رحمه الله ما يتعلق بالفظيلة وجاء ذلك في الصحيحين ان النبي صلى الله عليه وسلم قال ثم قال من توظأ بعد ان فرغ من هذا الوضوء قال من توظأ نحو وظوئي هذا اي مثل وظوئي هذا ثم اه وصلى ركعتين لا يحدث فيهما نفسه الا غفر الله تعالى ما تقدم من ذنبه هذا بيان فضيلة هذه الصفة مع صلاة لا يحدث فيهما نفسه. هذا الحديث فيه جملة من الفوائد نجعل ان شاء الله تعالى التعليق على فوائد هذا الحديث في الدرس القادم يوم غد ان شاء الله تعالى بعد صلاة العصر والله تعالى اعلم صلى الله وسلم على نبينا محمد