كان الافعال التي ذكرها المؤلف رحمه الله اقنع قال رحمه الله حمدت الذي اغنى واقنى ومعنى اقنع اي انه وهب الانسان الرضا بما اعطاه والقناعة بما رزقه هذا معنى قوله اقنع وهنا يكون هذا من باب عطف ايش من باب عطف الخاص على العام فيكون الاول غنى المال والثاني غنى النفس فيكون معنى قوله واقنى اي اقنع الانسان بما في يده فامتلأت نفسه طمأنينة بما رزقه الله تعالى ولم يتشوف لمزيد بل وثق بما عند الله عز وجل وكان في بما في يد الله تعالى اوثق مما في يده هكذا قال بعض اهل العلم وقال اخرون اقنع اي اخدم الانسان اغناه واخدمه اي جعل له من يخدمه ويدرك به مصالحه ويقضي به حوائجه. وقيل هذا المعنى الثالث لاقنع ان اقناع بمعنى افقر امدت الذي اغنى واقنى يعني وافقر وهذا مما يحمد عليه الله عز وجل فان الله يبسط الرزق لمن يشاء سبحانه وبحمده كما انه يمسك الرزق عمن يشاء كما قال جل في علاه يبسط الرزق لمن يشاء من عباده ويقدر فهو محمود على هذا وذاك ووجه الحمد على الافقار ان في الفقر رحمة تخفى على كثير من الناس ومن ذلك اجر الصبر على الفقر كما ان الحمد هنا على القدرة على المتضادات المتقابلات فهو كما انه جل في علاه قادر على الاغناء هو قادر على الافقار جل في علاه. ولهذا من مما يذكر الله تعالى به تمجيدا ثناء قوله في الدعاء في احق ما يقول العبد اللهم لا مانع لما اعطيت ولا معطي لما منعت ثم قال رحمه الله وعلم هذا ثالث ما ذكره من الافعال التي اوجبت حمد الله تعالى والمقصود بالتعليم هنا هو انه جل في علاه علم الانسان ما فيه مصالح معاشه ومعاده. فالعلم هنا يشمل نوعي العلم مصالح المعاش ومصالح المعاد مصالح المعاش اي اي ما يصلح به عيشه من مأكل ومشرب ومسكن وغير ذلك. مما تتحقق به عمارة الارض واما مصالح المعاد فهو علمه ما يصلح به دينه وهذا من اجل ما انعم الله تعالى به على العبد وتعليم الله تعالى الانسان مر بمراحل فعندما تحمد فعندما نحمد الله على تعليمه الانسان في مثل قوله وعلم الانسان ما لم يعلم نستحضر ان الله تعالى علم ادم الاسماء كلها. فجاء الفضل والمنزلة التي سمى بها ادم على الملائكة في ذلك الموقف من جهة ان الله خصه بالتعليم ثمان الله تعالى يسر للعبد من اسباب التعلم ما يخرجه من حيز الجهالة فالانسان يخرج الى الدنيا ليس عنده علم بالكلية كما قال تعالى والله اخرجكم من بطون امهاتكم لا تعلمون شيئا. شيئا نكرة في سياق ايش النفي فتفيد ايش؟ العموم شيئا لا شيئا بالمطلق. من مصالح الدين ومن مصالح الدنيا. لكن الله سبحانه من على الانسان بان مكنه من اسباب التعلم فقال جل وعلا وجعل لكم السمع والابصار والافئدة السمع والابصار وسائل وسائط للتعلم والافئدة وسائل للفهم والادراك فالقلوب هي التي تعي وتفهم وتدرك والسمع والبصر وسائل تحصيل المعارف التي تدرك وتميز بالقلوب وهذا من فضل الله تعالى على عباده. فقوله رحمه الله وعلم يشمل كل ما حصل به التعليم. ابتداء في تعليم ادم ثم بعد ذلك في تعليم كل واحد من البشر حيث علمه الله تعالى مصالح دينه ومصالح دنياه بما يسر الله تعالى له من اوجه التعلم وقد بين ان ذلك من رحمته جل في علاه الرحمن علم القرآن خلق الانسان علمه البيان انظر الى ذكر العلم في مقام بيان فضل الله ورحمته على عباده في موضعين في تعليم امر الدين وذلك من خلال تعليم القرآن وعلم الرحمن وعلم القرآن. والامر الثاني في تعليمه البيان والبيان هنا هو كل ما يبين به الانسان عن غايته وحاجته ومقصوده ومطلوبه سواء كان ذلك قول اللسان او بخط البنان او باشارة الاصابع وغير ذلك من وسائل البيان التي يدرك بها مصالحه وحوائجه حمدت الذي اغنى واغنى وعلم ثم قال وصيرا شكر العبد للخير سلما. صير اي من موجبات حمده انه جعل حمده والثناء عليه سلما في الترقي الى خير الدنيا والاخرة فالحمد لله والثناء عليه مما يرتقي به العبد الى منازل البر ومواطن الخير والخير هنا يشمل خير الدنيا والاخرة خير المعاش وخير المعاد وهذا حمد على ثوابه وجزائه لعباده فهو محمود على احسانه بالجزاء والثواب على صالح العمل حيث انه يثيب الشاكرين بان يعلي مراتبهم في الخير في الدنيا والاخرة كما قال تعالى واذ تأذن ربكم لئن شكرتم لازيدنكم. فشكر الله جلاب للمزيد تحفظ به النعم الموجودة وتجلب به النعم المفقودة وحقيقة الشكر ايها الاخوة تدور على ثلاثة امور حقيقة الشكر الذي يوجب المزيد والذي يرتقي بالعبد الى مواطن البر والخير والسبق تتحقق بثلاثة امور. الامر الاول اضافة النعمة الى الله المنعم بها المتفضل جل في علاه فلا تنسبها الى سواه ولا تغفل في حمد النعم وشكرها عن المنعم بها المتفضل ولهذا يرضى الله تعالى عن العبد يأكل الاكل فيحمده عليها ويشرب الشربة فيحمده عليها هذا اول ما يكون من مراتب شكر النعمة ان يضيفها العبد الى الله عز وجل وان يستحظر ان الله ساقها اليه وان الله تفضل بها عليه وانه لولا عطاء الله فضله واحسانه ما ادرك من ذلك شيئا فلا يأتي بالحسنات الا هو ولا يدفع السيئات الا هو واضافة النعمة الى غيره كفر به جل في علاه يدل لذلك ما في الصحيحين من حديث زيد بن خالد الجهني ان النبي صلى الله عليه وسلم قال لاصحابه بعد ان صلى بهم الصبح على اثر سماء اي مطر كان من الليل قال صلى الله عليه وسلم يقول الله عز وجل اصبح من عبادي مؤمن بي وكافر. فاما من قال مطرنا بفظل الله ورحمته اظاف النعمة الى من الى المنعم بها الى الله فذلك مؤمن بي كافر بالكوكب. ومن قال مطرنا بنوء كذا ولوء كذا فذلك كافر بي مؤمن بالكوكب فاظافة النعمة الى غير الله كفر يخرج به الانسان عن الشكر ولذلك يقول الله تعالى وتجعلون رزقكم انكم ايش تكذبون اي تنسبون النعمة الى غير المتفضل بها هذه المرتبة الاولى من مراتب شكر النعمة. المرتبة الثانية من مراتب الشكر قبول النعمة قبول النعمة كيف يكون قبول النعمة؟ قبول النعمة يكون باظهار الفاقة والفقر الى فضل الله تعالى وان وصول النعمة اليه لم يكن باستحقاق انما محض فضل الله تعالى فلا استحقاقه ولا بذل ثمن في مقابل ما جاءك من النعم اذا هذا هو ثاني ما يتحقق به شكر النعم قبول النعمة كيف يكون قبول النعمة؟ يكون ان يمتلئ قلبك شعورا بالفاقة والفقر الى هذه النعمة وانك غير مستحق لها الا بفضل الله واحسانه ولولا فضل الله ما جاءك منها شيء فلست مستحقا لشيء من النعم وبهذا يسلم الانسان من استكبار المستكبرين الذين اذا جاءهم فضل قالوا انما اوتيته على علم او قال هذا لي كما قال قارون وكما قال المستكبر الذي كفر النعمة ولم يشكرها اذا شكر النعمة في ثاني مراتبه ان يقبل الانسان النعمة كيف يقبل النعمة يا اخوان ما معنى قبول النعمة ان يمتلئ قلبه فقرا الى هذه النعمة وفاقة اليها وان يتيقن انها محض فضل الله لا استحقاق له فيها لولا انعام الله واحسانه هذا ثاني ما يتحقق به شكر النعمة. الثالث مما يتحقق به شكر النعم الاستعانة بها على مرضات الله تعالى الاستعانة بها على مرضاة الله سبحانه وبحمده قال بعض السلف شكر النعمة الا تستعين بها على معصيته وقد كتبت عائشة رضي الله تعالى عنها الى معاوية رضي الله تعالى عنه قالت ان اقل ما يجب للمنعم على من انعم عليه الا يجعل ما انعم عليه سبيلا الى معصيته هذا اقل ما يكون من شكر النعمة. ان لا تستعمل ما انعم الله تعالى به عليك في معصيته وفي مغاضبه بل تجعل ذلك طريقا ووسيلة الى مرضاته وسبيلا الى الفوز بمحابه هذا ما ينتظم به ويكتمل به عقد شكر النعم. اذا شكر النعم يكون بثلاثة امور الاول ايش اضافة النعمة الى الله الثاني قبول النعم الثالث الاستعانة بها على طاعة الله الاستعانة بها على طاعة الله واقل ذلك الا يعصي الله بما انعم عليه واما مواضع الشكر فالشكر يكون بالقلب اقرارا بالنعمة واضافة وتصديقا بانها من الله ويكون باللسان ثناء وشكرا ويكون بالجوارح استعمالا لهذه النعمة فيما يرضي الله جل وعلا وهذا ما ذكره الناظم في قوله افادتكم النعماء مني ثلاثة يدي ولساني والظمير المحجبة يدي اي جوارحي قال لا استعمل هذه النعمة الا في ما تحبون ولساني بان اذكركم بالجميل والضمير المحجبة يعني بالقلب بان اقر بفظل هذي بفظلكم علي. ولا اجحد والا اجحد فظلكم علي. بل اظيف النعمة الى من تفضل بها هذا ما افتتح به المؤلف رحمه الله هذه المنظومة على اختصار وايجاز. حمدت الذي اغنى واغنى وعلم وسير شكر العبد للخير سلما ثم قال رحمه الله بعد فراغ من حمد الله الذي افتتح به منظومته قال رحمه الله واهدي صلاة تستمر على واصحابه والال جمعا مسلما واهدي صلاة اي اقدم بين يدي حاجتي في خطاب وتأليف وكتابة ونظمي صلاة على الرضا والرضا هو وصف للنبي صلى الله عليه وعلى اله وسلم وهو بمعنى المرظي ولا شك ان النبي صلى الله عليه وسلم مرضي من الله جل وعلا مرضي من الخلق صلى الله عليه وعلى اله وسلم ولذلك اقتصر على ذكر هذا الوصف له صلى الله عليه وسلم وقيل ان هذا من اسمائه ولكن لم يثبت في ذلك شيء يعتمد عليه ويعتضد به انما هو وصف من اوصافه صلى الله عليه وعلى اله وسلم والمناسب في مقام الصلاة على النبي صلى الله عليه وعلى اله وسلم ان يذكر باسمه الصريح او بوصفه المميز له عن غيره هذا انسب ما يكون في ذكر في في الصلاة في الصلاة على النبي صلى الله عليه وعلى اله وسلم. ان يذكر باسمه الصريح اللهم صل على محمد او بوصفه المميز له. اللهم صل على خاتم النبيين على المبعوث رحمة للعالمين على صاحب الشفاعة يوم القيامة وما اشبه ذلك من الاوصاف التي يختص بها صلى الله عليه وعلى اله وسلم. والسبب في هذا ان الاوصاف المشتركة بينه وبين غيره لا يتميز بها فلا يصدق اختصاصه بهذا الوصف او اختصاصه بهذا الدعاء صلى الله عليه وعلى اله وسلم ولكن النظم قد يستدعي ان يذكر بغير ذلك فالامر في ذلك لا بأس به وهو مما يتسع به اه يتسع فيه المقام وان كان الاولى ان يذكر بالوصف المميز. اما في النثر فانه ينبغي الا يحاد عن هذا اذا ذكر النبي اذكره باسمه او بوصفه المميز يقول رحمه الله واهدي صلاة تستمر على الرضا اي صلاة دائمة فالاستمرار يعني الدوام وعدم الانقطاع على تعاقب الاوقات وتوالي اللحظات وهذا استصحاب للصلاة في كل حال لكن من حيث الثواب والاجر الثواب والاجر لا يكون الا على الصلاة المذكورة بقدر ما تذكر وتقال فلو قال اللهم صلي على محمد صلاة دائمة مستمرة هذا وصف للصلاة لكنه في الواقع لا ينال اجر الصلاة الدائمة المستمرة بمعنى انه لا لا ينال اجر من يقول اللهم صل على محمد اللهم صل على محمد اللهم صل على محمد ويكرر ذلك ولكن هذا في بيان ان الصلاة لو استوعبت الزمان لكانت خيرا وبرا واجرا وفضلا ولا شك ان دوام الصلاة عليه وكثرة الصلاة عليه صلى الله عليه وسلم مما يوجب عظيم الاجر كما دل على ذلك حديث ابي بن كعب في المسند والسنن انه قال له يا رسول الله اني اصلي عليك. فكم اجعل لك من صلاتي قال ما شئت قال الربع قال ما شئت وان زدت فهو خير لك قال الثلث قال ما شئت وان زدت فهو خير لك حتى قال له في نهاية الخبر قال اجعل لك صلاتي كلها؟ قال اذا تكفى همك ويغفر لك ذنبك فدل ذلك على عظيم الاجر المرتب على دوام الصلاة وكثرتها واستمرارها قوله رحمه الله واصحابه اي والصلاة على اصحابه صلوات الله وسلامه عليه وعلى اصحابه الكرام واصحابه هم كل من امن به ممن لقيه ومات على ذلك فاصحاب جمع صاحب وصاحب هو الرفيق في اللغة. ويطلق غالبا على الرفيق الملازم لكنه في هذا المقام المقصود به من لقي النبي صلى الله عليه وسلم مؤمنا به ومات على ذلك ولو كان لحظة من الزمان قال والال اي والصلاة على الال والال هم اهل بيت النبي صلى الله عليه وعلى اله وسلم في ارجح الاقوال وقيل بل هم اتباعه الذين امنوا به وقيل غير ذلك الا ان من قال انهم اهل بيته اختلفوا في تحديد ذلك على عدة اقوال ضيقا واتساعا واقربها الى الصواب ان ال البيت هم ازواجه رضي الله تعالى عنهن وذريته وبنو هاشم وبنو المطلب. هذا ارجح الاقوال في بيان من هم ال النبي صلى الله عليه وسلم ازواجه وذريته وبنو هاشم وبنو المطلب يدل لذلك قول الله تعالى انما يريد الله ليذهب عنكم الرجس اهل البيت ويطهركم تطهيرا وهذه الاية نزلت زوجات النبي صلى الله عليه وسلم في تعليل ما امرهن الله تعالى به من الصيانة والستر و اما بنو هاشم وبنو المطلب فما جاء في الصحيح من قوله صلى الله عليه وسلم بنو المطلب وبنو وبنو هاشم شيء واحد فدل ذلك على انهم من اله صلى الله عليه وعلى اله وسلم تسويته بينهما وقوله رحمه الله جمعا اي ان سؤال الله الخير الكثير للنبي صلى الله عليه وسلم وللصحابة وللال عام لجميعهم فهو عام لجميع المذكورين ولو كثروا وفضل الله واسع ثم قال رحمه الله مسلما يعني اهدي صلاة مقترنة بالتسليم على هؤلاء وهذا ما امر الله تعالى به في قوله تعالى يا ايها الذين امنوا صلوا عليه وسلموا تسليما فان الله تعالى امر بالصلاة عليه وقرأ وامر بالسلام عليه صلى الله عليه وعلى اله وسلم ومعنى قوله مسلما اي سائلا الله السلامة لرسوله صلى الله عليه وسلم ولهؤلاء من الصحابة والال والسلامة هي الوقاية من كل افة دينية او دنيوية. فكل من سلم على النبي صلى الله عليه وسلم. او على غيره فانه يسأل له الله عز وجل ان ينجيه من كل ما يكره ان يقيه الله تعالى كل افة في الدين او الدنيا هذا ما ذكره في الصلاة والسلام على النبي صلى الله عليه وسلم لكنه زاد في الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم سببا موجبا لكثرة الصلاة عليه فقال كما دلنا في الوحي والسنن التي اتانا بها نحو الرشاد وعلمه قوله رحمه الله كما دلنا في الوحي اي اننا نصلي على النبي صلى الله عليه وسلم صلاة مقرونة بالتسليم لاجل ان الله تعالى ارشدنا به صلى الله عليه وسلم. فاخرجنا الله تعالى بما جاء به من الهدى ودين الحق من القرآن والسنة من الضلالات فارشدنا الى ما فيه مصالحنا وما تحسن به احوالنا فقوله رحمه الله كما دلنا كما هنا بمعنى على ما دلنا اي للتعليل الكاف هنا للتعليم يعني لاجل ما دلنا وهذا نظير قول الله تعالى ولتكبروا الله على ما هداكم اي لاجل ما هداكم فقوله كما دلنا اي لاجل ما دلنا عليه من الهداية والنور المبين. وقوله رحمه الله من الوحي في الوحي كما دلنا في الوحي والسنن الوحي هو القرآن والسنن هو ما كان عليه صلى الله عليه وسلم من الاقوال والافعال والتقريرات وقد قال صلى الله عليه وسلم كما في المسند وغيره باسناد لا بأس به الا واني اوتيت القرآن ومثله معا. والله تعالى يقول عن رسوله وما ينطق عن الهوى ان هو الا وحي يوحى وقوله رحمه الله كما دلنا في الوحي والسنن التي اتانا بها اي جاء بها نحو الرشاد وعلمه اي دلنا نحو اصابة الحق فالرشاد هو اصابة الحق على بصيرة وهدى وضده الغيب ضد الرشاد الغي. والرشاد هو اصابة الحق على بصيرة وهدى. كما قال الله تعالى قل هذه سبيلي الى الله على بصيرة انا ومن اتبعني فالرشاد ضد الغيب الذي يتضمن المخالفة للحق بعلم وادراك فالغيب هو خروج عن الهدى مع العلم والادراك لذلك الاخراج قال وعلم ان يعرف الخلق بما اوحاه الله تعالى اليه بما يقربهم الى الله جل وعلا ويعرفهم به كما تقدم في اول الحديث ان النبي صلى الله عليه وسلم جاء يدعو الخلق الى معرفة الله والى السعي في مرضاته وهذان هما موضوع الرسالات جميعا فالرسالات جميعا دائرة على هذين الامرين التعريف بالله ودعوة الخلق الى سلوك الصراط المستقيم الى مع الى سلوك الطريق الموصل الى الله عز وجل الرسل صلوات الله وسلامه عليهم جاؤوا يعرفون الناس بهذين الامرين وهذا معنى قوله وعلم اي علم الخلق بما يحصل لهم به العلم بالله والعلم بالطريق الموصل اليه بعد ذلك قال رحمه الله ازال بها الاغلال الاغلاف عن قلب حائر وفتح اذانا اصمت واحكم. واحكم ازال هذا بيان لثمرة الاخذ بهذين النورين بهذين الوحيين بالكتاب والسنة والعمل بارشادهما فقد ذكر الناظم للعمل بالوحيين فائدتين. الفائدة الاولى ازال بها الاغلاف هذه هي الفائدة الاولى والفائدة الثانية وفتح اذانا اصمت واحكم هذا هذه هي الفائدة الثانية الوحيان الكتاب والسنة يفيدان هاتين الفائدتين. الفائدة الاولى ازالة الاغلاف والفائدة الثانية فتح الاذان التي اغلقت عن سماع الهدى قوله رحمه الله ازال بها الاغلاف المقصود بازالة الاغلاف اي ازالة الاغطية التي تغلف القلوب وتمنعها الهداية هذا معنى قوله رحمه الله ازال بها الاغلاف اي ازال بالوحيين ما تستر به القلوب تغطى به القلوب فيمنعها من معرفة الحق والعمل به فان الله جل وعلا ذكر في ما ذكره عن الكفار انهم قالوا قلوبنا غلف. هذا ما ذكرته اليهود. قلوبنا غلف اي قلوبنا في غلاف ومعلوم ان الشيء اذا كان في غلاف فلا يوصل اليه بل يكون الغلاف مانعا من الوصول اليه وهذا ما ذكره الله تعالى في قوله وجعلنا على قلوبهم اكنا. اي يفقهوه اكن اي استار واغطية واغشية. تمنع وصول الحق الى قلوبهم فلا يتمكن فلا يتمكنون من معرفة الحق ولا ادراكه وهذا ما ذكره الله تعالى في قوله واذا قرأت القرآن جعلنا بينك وبين الذين لا يؤمنون بالاخرة حجابا مستورة حجابا يمنع ادراك الحق يمنع معرفة الهدى يمنع وصول تأثير الكتاب والسنة وانوارهما الى القلب لكن لو فتح العبد قلبه للوحيين زالت هذه الاغلاف وانقشعت هذه الاغطية فكان ذلك موجبا لصلاح قلبه ولا شك ان القلب اذا كان مستورا مغلفا قد غطي ان حجب عنه نور الهدى ولذلك قال ازال بها الاغلاف عن قلب حائر والحائر هو المتردد الشاك المرتاب المضطرب الذي لا يعرف الحق من الضلال الا يعرف الحق من الباطل والهدى من الضلال ولا الخير من الشر بل هو في عمى لا يعرف معروفا ولا ينكر منكرا. كما قال الله جل وعلا بل كذبوا بالحق لما جاءهم فهم في ان امر ايش مريج يعني مضطرب ملتبس مشتبه ليس فيه وضوح ولا بيان قوله رحمه الله ازال بها الاغلاف عن قلب حائر اي قلب حرم الهداية فجاءت هذه الرسالة اشرقت بها القلوب بعد ظلماتها واستنارت بها الافئدة بعد عماها واضاءت بها السبل بعد انطماسها فكان ذلك من فظل الله تعالى على هذه الامة وكلما عظم نور الوحين في القلب انقشعت عنه تلك الاغطية وزالت عنه تلك الحجب حتى ينكشف له ما خفي على غيره دليل ذلك قول الله تعالى يا ايها الذين امنوا ان تتقوا الله يجعل لكم ايش فرقان اي نورا تبصرون به ما ما يخفى على غيركم. تميزون به الحق من من الباطل والهدى من الضلال والخير من الشر بل يهب الله عز وجل العبد ببركة لزوم الكتاب والسنة والاقبال عليهما من النور ما ينكشف له ملتبسات حتى يرى ما لا يراه غيره ويبصر من مواقع الهدى ما التبس على غيره وهذا من فضل الله عز وجل بركة لزوم الكتاب والسنة هذي هي الفائدة الاولى لمن لزم الوحيين الكتاب والسنة ازال بها الاغلاف عن قلب حائر. الفائدة الثانية وفتح اذانا اصمت فتح اذانا اصمت اي اسمع اذانا اغلقت وثقل عليها سماع القرآن فانفتح لهم طريق الانتفاع به ووهبهم الله تعالى السمع الذي يدرك به الحق وهنا قال وفتح اذانا ولم يذكر الابصار لماذا؟ لان الادراك بالاذن اعظم من الادراك بالبصر فالبصر لا تدرك به الا ما ترى. واما السمع فتدرك به ما حضر وما غاب تدرك به الحاضر والماظي والمستقبل فادراك السمع اعظم بمراحل من ادراك البصر ولذلك يذكر السمع دون البصر في مواضع ويقدم ادراك السمع على البصر في كثير من المواضع. السبب ان النعمة في ادراك السمع اعظم من النعمة في ادراك البصر ولهذا اقتصر المؤلف في ما ذكر هنا على تفتيح الاذان لانها اعظم في الادراك واوسع في معرفة الهدى من الابصار انها لا تعمى الابصار ولكن تعمى القلوب التي في الصدور وفتح اذانا اصمت واحكم اي واتقن لازالة تلك الاغلاف وفي فتح تلك الاذان فالوحيان من اسهأ من انجع وانجح الاسباب التي يدرك بها الانسان البصيرة في الدين ويتوقع به ما يكون من امراض القلوب وموانع الانتفاع بالهدى ودين الحق قال رحمه الله بعد هذه المقدمة فيا ايها الباغي استنارة قلبه خلاصة هذه المقدمة في هذه الابيات انها تضمنت حمد الله والثناء عليه بما يوجب والثناء عليه وذكر اربعة افعال في ذلك انه اغنى واغنى وعلم اثاب على ذلك جزيل الثواب عند الشكر على هذه النعم لان هذه كلها نعم. الغنى نعمة والاقناع نعمة والتعليم نعمة موجب هذه النعم يعني الذي تقتضيه هذه النعم ايش ان يشكر العبد ثم شكر العبد موجب لعطاء الرب شكر العبد موجب لزيادة فضل الله على عبده. فلذلك يستحق الحمد جل في علاه ثم بعد ذلك ذكر الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم وذكر موجب الصلاة ان موجب الصلاة عظيم الفضل الذي من الله تعالى علينا به بهذا النبي الكريم صلوات الله وسلامه عليه حيث جاء بالهدى ودين الحق الذي استنارت به القلوب وابصرت به الاعين وانصت به الاذان لما فيه الهدى والصلاح والاستقامة بعد ذلك بدأ بالنبض لكن سؤال هل في مقدمة المؤلف براعة استهلال او لا هل في مقدمة هذه الابيات؟ اسمعوني السؤال. هل في مقدمة هذه الابيات براءة استهلال او لا؟ براءة الاستهلال ما هي؟ براءة هو ان يذكر الانسان في مقدمة كلامه ما يدل على موظوع حديثه هذي براءة الاستهلال اذا قالوا هذي براءة فيه براءة استهلال يعني في مقدم حديثه من حمده ومقدمة حديثه ما يفهم به او يشير الى ما سيتحدث عنه فهل في الابيات التي ذكر رحمه الله ما يفهم منه ما سيتكلم عنه فنقول في هذه المقدمة براءة استهلال قوله ازال به الاغلى فعن قلب حائر فاشار الى ان حديثه في مقدمته عما سيتحدث عنه مما يتعلق بصلاح القلوب. هذا يسميه العلماء براعة استهلال. ان يضمن مقدمته ما يتصل او يفهم به ما سيتحدث عنه. الان المؤلف بعد ان فرغ من هذه المقدمة بدأ بمقصود النظم وهو اسباب حياة القلب صلاحه وفي نظم المؤلف رحمه الله لهذه الاسباب ذكر اقسام القلوب وانواعها وخص كل نوع بتنبيه وتعريف وتوظيح ففي كلامه من البيان والايضاح ما ينبغي ان نقف عليه ونستفيد منه ما ينبغي ان نقف عليه ونستفيد منه لتحصيل ما يصلح به ما تصلح به قلوبنا