اما من خلى الله بينه وبين نفسه عثرته تلك العوافر واخذت بقلبه تلك الشواغل فهلك بذلك ولهذا كان العبد في غاية الظرورة الى اللجأ الى ربه جل في علاه ولو بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين. وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى اله وصحبه اجمعين. وبعد فقال ابن قيم رحمه الله تعالى في كتابه الفوائد شهوات الدنيا كلعب الخيال ونظر الجاهل مقصور على الظاهر فاما ذو العقل فيرى ما وراء الستر وقال لاح لهم المشتهى فلما مدوا ايدي التناول بان لابصار البصائر خيط الفخ فطاروا باجنحة الحذر وصوبوا الى الرحيل الثاني يا ليت قومي يعلمون تلمح القوم الجود ففهموا المقصود فاجمعوا الرحيل قبل الرحيل وشمروا للسير في سواء السبيل فالناس مشتغلون بالفضلات وهم في قطع الفلوات وعصافير الهوى في وثاق الشبكة ينتظرون الذبح وقع ثعلبان في شبكة فقال احدهما للاخر اين الملتقى بعد هذا؟ فقال بعد يومين في الدماغ وقال تالله ما كانت الايام الا مناما فاستيقظوا وقد حصلوا على الظفر ما مضى من الدنيا احلام وما بقي منها اماني والوقت ضائع بينهما ما مضى من الحمد لله رب العالمين واصلي واسلم على نبينا محمد وعلى اله واصحابه اجمعين. يقول رحمه الله ما مضى من الدنيا احلى لسرعة زواله وانقضائه تباعد رجوعه وما بقي منها اماني يعني يتمنى الانسان فيها ما يشتهي ويحب لا يدري ايدرك ذلك او لا والوقت ضائع بينهما يعني والناس اما يجذبهم ما مضى او يشتغلون بما سيأتي وهم عن الحاضر غافلون. ولذلك قال النبي صلى الله عليه وسلم نعمتان مغبون فيهما كثير من الناس الصحة والفراغ الفراغ يعني الوقت الحاضر الذي لا ملأ فيه بعمل فيقبلون فيه اما باضاعته بتعلق بماضي او بتعلق بمستقبل او اذهاب له فيما لا ينفع نعم كيف يسلم من له زوجة لا ترحمه وولد لا يعذره وجار لا يعذره وجار لا يأمنه وصاحب لا ينصحه وشريك لا ينصفه وعدو لا ينام عن معاداته ونفس امارة بالسوء ودنيا متزينة وهوى وهوى مرض وشهوة وشهوة غالبة له وهوى مرد احسن الله اليك ودنيا متزينة وهوى مرض وشهوة غالبة له وغضب قاهر وشيطان مزين وضعف مستول عليه فان تولاه الله وجذبه اليه انقهرت له هذه كلها وان تخلى عنه ووكله الى نفسه اجتمعت عليه فكانت الهلكة هذا المقطع من كلام المؤلف رحمه الله يبين كثرة ما يعترض الانسان في سيره الى الله عز وجل من العوائق والصوارف والعوارض التي تقعده عن المسير على كثرة ذلك وتنوعه وتفنن الوانه الا ان من تولاه الله عز وجل فانه ينجو من من ذلك كله فيسلمه الله تعالى من هذه العوافر وتلك العوارض والعوائق ويكون من السابقين الفائزين تخلى الله عنه لكان من الهالكين لهذا مهمات ما ينجو به الانسان من الافات ان يديم اللجأ الى ربه واللياذ به والاعتصام به والاستعاذة به حتى يفوز ويسلم والا فلا نجاة الا من قبله سبحانه وبحمده لا مانع لما اعطى ولا معطي لما منع. نعم قال رحمه الله لما اعرض الناس عن تحكيم الكتاب والسنة والمحاكمة اليهما واعتقدوا عدم الاكتفاء بهما وعدلوا الى الاراء والقياس والاستحسان واقوال الشيوخ عرض لهم من ذلك فساد في فطرهم وظلمة في قلوبهم وكدر في افهامهم ومحك في عقولهم وعمتهم هذه الامور وغلبت عليهم حتى ربي فيها الصغير وهري مع احسن الله اليك حتى ربى في عندي بالياء نعم حتى ربى فيها الصغير وهرم عليها الكبير فلم يروها منكرا فجاءتهم دولة اخرى قامت فيها البدع مقام السنن والنفس مقام العقل والهوى مقام الرشد والضلال مقام الهدى والمنكر مقام المعروف والجهل مقام العلم والرياء مقام الاخلاص والباطل مقام الحق والكذب مقام الصدق والمداهنة مقام النصيحة والظلم مقام العدل فصارت الدولة والغلبة لهذه الامور واهلها هم المشار اليهم وكانت قبل ذلك لاضدادها. وكان اهلها هم المشار اليهم وكان اهلها هم المشار اليهم فاذا رأيت دولة هذه الامور قد اقبلت. يعني غلبت الدولة هنا المقصود بها الغلبة. وتلك الايام ونداولها بين الناس يقول رحمه الله كان فاذا رأيت دولة هذه الامور اي غلبتها اذا رأيت غلبتها وظهورها في الناس قد اقبلت نعم فاذا رأيت فاذا رأيت دولة هذه الامور قد اقبلت وراياتها قد نصبت وجيوشها قد ركبت فبطن الارض والله خير من ظهرها وقلل الجبال خير من السهول ومخالطة الوحش اسلم من مخالطة الناس اقشعرت الارض واظلمت السماء وظهر الفساد في البر والبحر من ظلم الفجرة وذهبت البركات وقلت الخيرات وهزلت الوحوش وتكدرت الحياة من فسق الظلمة وبكى ضوء النهار وظلمة الليل من الاعمال الخبيثة والافعال الفظيعة وشكى الكرام الكاتبون والمعقبات الى ربهم من كثرة الفواحش وغلبة المنكرات والقبائح وهذا والله منذر بسيل عذاب قد انعقد غمامه ومؤذن بليل بلاء قد ادلهم ظلامه فاعزلوا عن طريق هذا السيل بتوبة نصوح ما دامت التوبة ممكنة وبابها مفتوح وبابها مفتوح مفتوحا وكأنكم بالباب وقد اغلق وبالرهن وقد غلق وبالجناح وقد علق وسيعلم الذين ظلموا اي منقلب ينقلبون اشتري نفسك اليوم فان السوق قائمة والثمن موجود والبضائع رخيصة وسيأتي على تلك على تلك السوق والبضائع يوم لا تصل فيه الى قليل ولا كثير. ذلك يوم يوم يعض الظالم على يديه اذا انت لم ترحل بزاد من التقى وابصرت يوم الحشر من قد تزود ندمت ندمت على الا تكون كمثله وانك لم ترصد كما ما كان ارصدا العمل بغير اخلاص ولا اقتداء كالمسافر يملأ جرابه رملا يثقله ولا ينفعه اذا حملت على القلب هموم الدنيا واثقالها وتها وتهاونت وتهاونت باوراده التي هي قوته وحياته كنت كالمسافر الذي يحمل دابته فوق طاقتها ولا يوفيها ولا يوفيها علفها فما اسرع ما تقف به ومشتت العزمات ينفق عمره حيران لا ظفر ولا اخفاق هل السائق العجلان يملك امره؟ فما كل سير ليعملات وخيدوا رويدا باخفاف المطي فانما تداس جباه تحتها وخدود اذا حملت على قلبك هموم الدنيا واثقالها نفسك او اهلك او مالك او ولدك وتهاونت باوراده يعني ما هو قوت القلوب من ذكر الله عز وجل والطاعات التي يتغذى بها القلب ويقوى فالاوراد هنا شاملة لكل ما يصلح به القلب من المشروعات سواء كان ذلك من الفرائض والواجبات او كان ذلك من السنن والمستحبات القولية والعملية فان كل طاعة هي غذاء للقلب سواء كانت طاعة قولية او طاعة عملية ظاهرة او باطنة تعرظ الفتن على القلوب كعرض الحصير عودا عودا فكل عمل لا بد ان يترك في القلب اثرا فاذا تهاوى الانسان بما يقوي قلبه ويغذيه يكون كالذي حمل مركبه ما لا يطيق فانه سيفضي به الى الانقطاع والوقوف كما ذكر رحمه الله في قوله كنت كالمسافر والذي يحمل دابته فوق طاقتها طاقتها ولا يوفيها علفها فما اسرع ما تقف به. نعم قال من تلمح حلاوة العافية هان عليه مرارة الصبر وانما تدرك العافية بالصبر ولذلك مهما كانت الالام بالصبر حاصلة فالذي يهونها النظر الى جميل العاقبة انما يوفى الصابرون اجرهم بغير حساب نعم الغاية اول في التقدير اخر في الوجود مبدأ في نظر العاقل منتهى في منازل الوصول الغاية يعني المقصود والمنتهى اول في التقدير يعني هي اول ما ينبغي ان ينظر اليه الانسان في تقديره وهي اخر في الوجود يعني في الحصول. انت الان عندما في اي عمل لك فيه غاية تجعل الغاية نصب عينيك في اول مسيرك فاذا اردت مثلا ان تتقن علما من العلوم هذا هو الغاية ينبغي ان يستحضر في اول الطريق. لكن متى يحصل اتقان في اخر المطاف فهي اخر الوجود مبدأ في نظر العقل منته في منازل وصول ولذلك ينبغي الانسان دائما ان يستحضر الغاية في كل احواله لان الغاية تحمله على المسير وتشجعه على المضي في الطريق وهي المأمول الذي يفرح بادراكه عند الاصول نعم الافتاء قال الفت عجز العادة فلو علت بك همتك فلو علت بك همتك ربا المعالي لاحت لك انوار العزائم الف تعزي العادة اي ان الانسان قد يعتاد الكسل و تقصر همته عن طلب المعالي فيفوته بذلك خيرات كثيرة ولو انه سمى وعلى بهمته الى الفضائل مكارم ومعالي الامور ادرك من ذلك خيرا عظيما وانفتح له ابواب من القصد والعزم والارادة ما ينفي عنه الكسل وهذا طبيعي عندما يكون الانسان له غاية سامية يجد في نفسه قوة ويعينه الله تعالى على الوصول الى مطلوبه ومبتغاه لكن اذا اهمل نفسه ولم يكن له غرظ ولا غاية كان ذلك موجبا انصراف سفاسف الامور ودوامها نعم قال انما تفاوت القوم بالهمم لا بالصور. صحيح يعني تفاوت الناس وبما قام في قلوبهم من المقاصد والايرادات وما وفقوا اليهم من السعي في ادراك ذلك وليس بصور اجسامهم ولا بصور اعمالهم المجردة عن النوايا وعن النيات والمقاصد السليمة نعم قال نزول همتي الكساحي دلاه في جب في جب العذرة هذا تابع ما مضى يعني كلما علا هم الانسان سمى واذا نزل نزل والكساح هو الذي يشتغل بتنظيف اوعية القدر اللي يسمونه البيارات التي يجتمع فيها قذر الناس ما يعني ما جعله يشتغل بهذا الا ظعفه دنو همته ولو سما لعلى وهذا ليس احتقارا لهذا العمل لكن مثل ما قال النبي صلى الله عليه وسلم كسب الحجام خبيث فالاعمال ليست على درجة واحدة في الطيب ولو كانت مباحة وحلال الحجامة مباحة لكن كسبها خبيث وكذلك مثل هذه الاعمال التي تتعلق برديء الامور وما يباشر فيه النجاسات ونحو ذلك هي نظير قوله صلى الله عليه وسلم كسب الحجام خبيث او هي اشد خبثا نعم اي نعم صلة ما تقدم من آآ الموازنة بين الهمم العالية والدانية نعم. قال بينك وبين الفائزين جبل الهوى نزلوا بين يديه ونزلت خلفه فاطوي فضل منزل تلحق بالقوم يعني بينك وبين ما تؤمل من الفضل والسمو والخير ان تترك هواك والهوى هو ما تحبه النفس وتشتهيه مما يضرها من الملذات فاذا تجاوز ذلك بترك هواه كان ذلك موجبا لسموه اصابته الخير وقد جاء ما يدل على ذلك في قوله تعالى فلا اقتحم العقبة وما ادراك ما العقبة فك رقبة او اطعام في يوم ذي مسغبة العقبة التي يجتازها الانسان للوصول الى ما يؤمن من الخير هو ان يسعى بي بذل الفضل للناس ويستعين الله عز وجل في ذلك فك رقبة او اطعام في يوم ذي مسغبة. يتيما ذا مقربة ومسكينا ذا متربة ثم كان من الذين امنوا وتواصوا بالصبر وتواصوا بالمرحمة اولئك اصحاب الميمنة. هذه خصال لتجاوز كل عقبة ان يشتغل الانسان بصلاح سره وعلنه وعمله ان يشتغل بالاحسان الى الخلق فان الاحسان الى الخلق لا سيما من هم ذوو ظعف عاوز يوجب انفتاح الخيرات للانسان ووصوله الى ما يؤمن فاذا رأيت من سبقك في فضيلة او في خير فاعرف انه انما سبقك بما وفقه الله اليه من ترك مشتهياته وملذاته بينك وبين الفائزين جبل الهواء نزلوا بين يديه يعني يجتازوه ونزلت خلفه فاطوي فضل المنزل تلحق بالقوم اي تدرك ما ادركوه من فضل. نعم قال الدنيا مضمار سباق. وقد وقد انعقد الغبار وخفي السابق. والناس في المضمار بين فارس وراجل واصحاب حمر معقرة سوف ترى اذا انجلى الغبار افرس تحتك ام حمار يعني لا تتبين احوال الناس في الدنيا من السبق والفظل ومن التأخر والقعود وانما ينكشف ذلك يوم يرهن الناس باعمالهم فيتبين السابق من من غيره لذلك قال الله تعالى في قسمة الناس في الاخرة وفي قيامة الصغرى عند الموت قال وكنتم ازواجا ثلاثة فاصحاب الميمنة ما اصحاب الميمنة واصحاب المشأمة؟ ما اصحاب المشأمة؟ والسابقون السابقون هذي اقسام الناس في الاخرة يوم القيامة وهي اقسامهم في الدنيا ايضا عند مفارقة الحياة في القيامة الصغرى بالموت كما قال الله تعالى وانتم حينئذ تنظرون فاما ان كان من اصحاب فاما ان كان من المقربين فروح وريحان وجنة نعيم. هذا السابقون. واما ان كان من اصحاب اليمين هذه المنزلة الثانية فسلام لك من اصحاب اليمين واما ان كان من المكذبين الضالين وهذه المنزلة الثالثة فنزول من حميم فيتبين السابق من القاعد من السائر عندما تطوى الصحائف ولهذا لا تشتغل بالنظر الى سعي غيرك. اهتم بسعي نفسك وكن السابق الى الله عز وجل بطاعته وما يحبه ويرضاه جل في علاه فانك لن تكلف ما يكون من عمل غيرك انما انت مكلف بما يكون منك وكثير من الناس يشتغل بغيره وينظر الى عمله ويشتغل عن نفسه وهذا من الحرمان نعم قال في الطبع شره والحمية اوفق شرح يعني شدة رغبة لو اعطي ابن ادم واد من ذهب نتمنى تاني ولكن الذي يحجب ذلك ويحجزه ويحجزه عنه هو ان يحمي نفسه من تلك النوازع التي تدعوه الى مثل هذا نعم وقال لص الحرص لا يمشي الا في ظلام الهوى الحرص الذي يمنع الانسان من بذل ما عليه ويحمله على اخذ ما ليس له فيجمع خصلتين الحرص المذموم هو ما حمل الانسان على منع ما وجب واخذ ما حظر ومنع فهذا لا يتمكن من الانسان الا اذا غلب عليه هواه وليس المقصود بالحرص هنا ما امر به النبي صلى الله عليه وسلم في قوله واحرص على ما ينفعك فان ذلك حرص مأمور به مختلفة عن الحرص المذموم الذي وصفه بانه لص نقف على هذا والله تعالى اعلم وصلى الله وسلم على نبينا محمد بعد الصلاة ان شاء الله