سم الله والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه اجمعين اللهم اغفر لنا ولشيخنا وللحاضرين. امين. قال الامام البخاري رحمه الله تعالى باب صيام ايام البيض ثلاث عشرة واربع عشرة وخمس عشرة قال حدثنا ابو معمل قال حدثنا عبد الوارث قال حدثنا ابو التياح قال حدثني ابو عثمان عن ابي هريرة رضي الله عنه قال اوصاني خليلي صلى الله عليه وسلم بثلاث صيام ثلاثة ايام من كل شهر وان اوتر قبل ان انام. اللهم صلي على نبينا محمد. يقول المصنف رحمه الله باب باب صيام ايام البيض ثلاث عشرة واربع عشرة وخمس عشرة. تقدم ان النبي صلى الله عليه وعلى اله وسلم في حديث عبدالله ابن عمر لما اخبر بانه يصوم رضي الله تعالى عنه صياما متواصلا بين له وندبه صلى الله عليه وسلم الى ان يقتصر على صيام ثلاثة ايام. فقال له صلى الله عليه وسلم ما يكفيك من كل شهر ثلاثة ايام وقال صلى الله عليه وسلم ثلاثة ايام من كل شهر صيام ابو الدهر اي صيام السنة كاملة. وذلك ان الحسنة بعشر امثالها. فاذا صام ثلاثة ايام فاز لاجل صيام عشرة ايام وبالتالي يكون بهذا قد صام الدهر كله. ثم في هذا الباب بين افضل ما تكون فيه هذه الايام الثلاثة صياما من كل شهر. وهو ما اوصى به النبي صلى الله عليه وسلم من صيام الايام وذلك ان الايام البيض ايام ندب النبي صلى الله عليه وعلى اله وسلم الى صيامها ولم يأتي فيها حديث في الصحيحين انما فيها حديث ابي ذر وغيره في السنن والمسانيد. وهو ان النبي صلى الله عليه وسلم امر صيام يوم ثلاثة عشر يوم الثالث عشر واليوم والرابع عشر والخامس عشر. ولذلك ترجم المصنف الله ولم يذكر حديثا في هذا الشأن لانه لم يأتي حديث على شرطه رحمه الله. فقال باب ايام البيض وسميت ايام البيض لانه في لياليها يكون الليل قريبا من النهار في الاسفار والاضاءة ولذلك قال بعضهم ان تسمية هذه الايام بالايام البيض غلط لان الايام كل لان الايام كلها بير. وانما كان في ليالي الايام البيض. في في ليالي الايام فانها تتميز بالاسفار لظهور القمر واكتمال الذي به يكون الضياء منتشرا فتكون هذه الليالي ليالي بالنظر الى بقية ليالي الشهر ليالي تكون ليالي ليالي بيضاء فسميت الليالي البيض وتسمية الايام بالبيض امر قريب ولذلك بعضهم قال التقدير صيام ايام الليالي البيض. لكن في هذا يعني نوع من التكلف والامر في هذا قليل. فالايام البيض هي الايام التي سماها النبي صلى الله عليه وسلم في حديث ابي ذر وهي التي المصنف رحمه الله في هذا الباب وهي يوم الثالث عشر والرابع عشر والخامس عشر. هذه الايام هي الايام التي ندم النبي صلى الله عليه وعلى اله وسلم الى صيامها. صيامها مستحب بالاجماع لا خلاف بين العلماء في ان صيام الايام البيض مشروع وانه يؤجر عليه الانسان لم يرد فيه اجر خاص بمعنى انه لم يأتي في صيام الايام البيض كما جاء في صيام عاشوراء من تكفير الذنوب وكذلك في صيام عرفة انما جاء ان النبي صلى الله عليه وسلم امر بصيامها وندب الى صيام ثلاثة ايام فاذا فعلها الانسان كان موافقا للسنة. وقيل في علة تخصيص هذه الايام بالصيام ان هذه الايام يكون الانسان فيها متأثرا سير القمر حيث ان قرب القمر من الارض له انعكاس في ظاهرة كونية. وهي مسألة المد والجزر او الفوران الذي تكون في الانسان من حيث مجاري الدم في عروقه. ومعلوم ان توسيع مجال دم يمكن الشيطان من التأثير على الانسان اكثر منه عندما تضيق مجاري الدم بالصيام. ولهذا اوصى النبي صلى الله عليه وسلم بالصيام وندب اليه لما فيه من تضييق مجال الدم على الشيطان. فالشيطان لا يؤثر على الانسان حال صومه كما يؤثر عليه حال فطره. ولهذا ينبغي ان يستشعر مثل هذا المعنى يحرص على صيام هذه الايام لا لاجل هذا التحليل الطبيعي بل لاجل انه سنة نبوية وانما يذكر التفسير الطبيعي لمثل هذه النصوص من باب بيان الحكمة في التخصيص والله اعلم بشرعه وباسرار اه فرائضه وحكم تشريعاته لكن المؤمن يتلمس العلل وما من شيء يشرعه الله تعالى في الخاص والعام وفي الفرائض والنوافل وله فيه حكمة ما في شي بدون حكمة لا بد ان كل ما يقضي به الله قدرا او شرعا لابد له من حكمة لكن هذه الحكمة قد تظهر لنا فنزداد بها يقينا وتطمئن قلوبنا وقد لا تظهر لنا فنقول سمعنا واطعنا امنا وسلمنا فما من شيء من شرع الله عز وجل ولا من قضائه وحوادث كونه الا وله فيه حكمة فهو الحكيم الخبير جل في علاه. يقول الله عز وجل في مشيئته وما تشاؤون الا ان يشاء الله. ان الله كان عليما ايش؟ عليما ايش حكيمة اي كل ما شاءه فهو مقرون بعلمه وحكمته سبحانه وبحمده. وما شاء يشمل كل ما يقع الكون من الحوادث وكلما قضاه الله وقدره. واما حكمته في شرعه فقد قال جل في علاه كتاب احكمت اياته ثم فصلت من لدن حكيم خبير. فاخبر بالاحكام ثم ختمه اي ختم الاية. ختم الخبر بذكر حكمته وخبرته جل في علاه كتاب احكمت اياته يعني اتقنت. اتقانا تاما لا يعتريه نقص ولا خلل لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه تنزيل من حكيم حميد. اضافة الى هذا الخبر بالاتقان ختم الاية بقوله جل وعلا كتاب احكمت اياته ثم وصلت اي بينت ووضحت من لدن حكيم خبير. هذا الحديث الذي ساقه المصنف رحمه الله من طريق ابي عثمان عن ابي هريرة رضي الله الان قال فيه ابو هريرة اوصاني خليلي اوصاني اي عهد عهد الي فالوصية تطلق على امرين على امر بالشيء والالزام به وعلى التلطف والشفقة في التوجيه. فهي تطلق على وتطلق على الامر وتطلق على ما يتلطف فيه الانسان بغيره. ويوجهه اليه شفقة به ورحمة. ولذلك هي من الالفاظ المشتركة في هذه المعاني كلها. فقد تأتي الوصية بالامر وقد تأتي الوصية بالعهد وقد تأتي الوصية في ما هو توجيه وارشاد بلطف ورفق وهذا الذي في هذا الحديث هو من النوع الثالث فقوله اوصاني اي ارشدني ووجهني فليس هذا من التي امر الله تعالى بها امرا ملزما كقوله تعالى ولقد وصينا الذين اوتوا الكتاب من قبلكم واياكم ان اتقوا الله فتلك وصية لازمة للاولين والاخرين. لا يجوز لاحد ان يخل بها. فالوصية تأتي في الامر اللازم الذي لا بد من الامتثال وتأتي في الامر الذي يوجه اليه على سبيل الارشاد والندب والحذف والترغيب وهذا المذكور في هذا الحديث هو من هذا النظر. اوصاني خليلي اي ارشدني ووجهني وندبني الى ثلاث اوصاني بثلاث وقول خليلي المقصود به سيد ولد ادم صلى الله عليه وسلم وهذا يبين عظيمة ما في قلب ابي هريرة من محبة النبي صلى الله عليه وعلى اله وسلم. اذ انه بلغ في الحب زوجه واعلاه ومنتهاه وهو الخلة. فان الخلة مرتبة هي اعلى درجات المحبة. وهي فيما يتعلق بالله جل وعلا لها نمط ونوع وفيما يتعلق بالخلق ايضا لها نمط ونوع فمحبة المؤمن لاخيه