بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله حمدا كثيرا طيبا مباركا فيه. واصلي واسلم على عبد الله ورسوله سيدنا ونبينا محمد وعلى اله وصحابته والتابعين ومن تبعهم باحسان الى يوم الدين اما بعد فهذا هو مجلسنا الثالث والثلاثون. بعون الله تعالى وفضله وتوفيقه وهو شروع في الكتاب الثاني من كتب هذا المتن الذي ما زلنا نتدارسه وهو متن جمع الجوامع للامام تاج الدين ابن السبكي رحمة الله تعالى عليه والكتاب الثاني الذي خصه المصنف رحمه الله تعالى لثاني ادلة الشريعة وهو دليل السنة ياتي بعد انقضاء الكتاب الاول الذي خصه المصنف رحمه الله تعالى لاول الادلة الشرعية واعظمها واصلها واسها وهو دليل القرآن والحق به ما يتعلق به من دلالات الاقوال. فسماه الكتاب الاول في الكتاب ومباحث الاقوال ولما فرغنا من درس النسخ في الاسبوع المنصرم كان هذا اوان الشروع في الحديث عن ثاني الادلة وثاني الكتب وهو كتاب السنة. ابتدأ المصنف رحمه الله تعالى كتاب السنة بتعريف في السنة ثم الحديث عن اصل الاحتجاج بها. وطفق رحمه الله تعالى يذكر مواطن الحجية السنة واوج ودلالتها من حيث تقسيم الافعال يعني افعال النبي عليه الصلاة والسلام قبل ان يدخل في الاحاديث النبوية على مقتضى صنعة محدثين في تعريفها وتقسيمها وحجيتها وما الى ذلك مما يتبعها من المباحث. نعم بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على اشرف الانبياء والمرسلين. نبينا محمد وعلى اله وصحبه اجمعين. يقول المصنف رحمه والله وغفر له ولشيخنا وللسامعين الكتاب الثاني في السنة وهي اقوال محمد صلى الله عليه وسلم وافعاله الانبياء عليهم الصلاة والسلام معصومون لا يصدر عنهم ذنب ولو صغيرة سهوا. وفاقا للاستاذ والشهرستاني وعياض والشيخ الامام فاذا لا لا يقر محمد صلى الله عليه وسلم احدا على باطل. نعم. ابتدأ المصنف رحمه الله تعالى بتعريف السنة قائلا وهي اقوال محمد صلى الله عليه وسلم وافعابه هل السنة منحصرة في هذين الوجهين اقوال وافعال المحدثون يزيدون على هذا الصفات والتقريرات او الاقرار لم يذكر رحمه الله تعالى الصفات لان الصفة المنسوبة الى رسول الله عليه الصلاة والسلام. خلقية كانت او رقي عائدة الى دليل القول كيف لانها حكاية صحابي. فيقول كان النبي صلى الله عليه وسلم كذا كان اجود الناس واجود ما يكون في رمضان. فحكاية الاخلاق داخلة في القول بقي التقرير فعدم ذكره داخل في الفعل. كيف ما الاقرار والسكوت السكوت عن الفعل الذي يفعل بحضرته او يبلغه صلى الله عليه وسلم فالسكوت كف وقد رجح المصنف ان الكف فعل فاذا قوله في تعريف السنة اقواله صلى الله عليه وسلم وافعاله يندرج فيها سائر اصناف السنة التي يذكرها المحدث تقول وكلها مصدر للتشريع. فاذا هذا تعريف موجز مختصر فلو وجدت بعض الاصوليين او المحدثين ينص في تعريف السنة التي هي محل احتجاج ومصدر تشريع. ينص على التقرير خاصة ويذكره فلخفائه والا فهو مندرج في الفعل عند عامة من يجعل الكف فعلا وقد تقدم هذا معكم تفصيلا اذا قوله في التعريف وهي اقوال محمد صلى الله عليه وسلم وافعاله. فيمكن ان تحصر السنة بكونها دليلا معتبرا مصدر تشريع محلا لاستنباط الاحكام ان تحصرها في هذين الصنفين. اقوال وافعال اما الاقوال فكل ما يتعلق بها من الاستنباط والاحتجاج ودلالتها على الاحكام فقد تقدمت في الدليل الاول في الاول في كل ما اورده هناك في مباحث الاقوال. لان ما يقال في الفاظ القرآن ودلالتها على الاحكام يقال في الفاظ اقاويل المصطفى عليه الصلاة والسلام. فماذا يبقى يبقى دلالة الافعال فهي محل الحديث. ولهذا ابتدأ بها المصنف رحمه الله تعالى فاذا الذي يذكره الاصوليون يا احبة في كتاب السنة يتركز على عناصر ثلاثة اساس اولها بعد التعريف ذكر الاحتجاج بها وكونها مصدرا لتشريع الاحكام. وهذا يتفرع عنه اثبات حجية السنة بالاستناد على دليل العصمة كما سيأتي والايات التي اوجبت اتباعه عليه الصلاة والسلام والرجوع اليه في دلالة الاحكام ويتكلمون ثانيا فرعا عن هذا اعني الاحتجاج بالسنة وجوه الاحتجاج بها. فيتكلمون عن جملة من المسائل هي ذات اثر فيما باحثي الاصول حجية السنة في العقائد اخبار الاحاد حجيتها اذا عارضت القياس والقواعد اذا عارضت الاجماع ونحو هذا من اوجه دلالات السنة ثم يتكلمون ثالثا عن الصنعة الحديثية فيما يتعلق بثبوت السنة لان حجيتها والاستدلال بها متوقف على ثبوت صحتها. فيذكرون ها هنا في هذا الفرع كل ما يذكره المحدثون فيما يتعلق بانواعها صحة وظعفا والمتن وما يعتريه وطرق الرواية واسبابها ووجوهها كل ما يذكره المحدثون في هذا الباب. هذا هو ما يدور عليه مباحث كتاب السنة عند الاصوليين. ابتدأ المصنف رحمه الله تعالى هنا باثبات حجيتها بالاستناد الى العصمة قائلا الانبياء عليهم الصلاة معصومون لا يصدر عنهم ذنب ولو صغيرة سهوا ذكر العصمة او عصمة الانبياء مسألة مشهورة في كتب العقائد او ما يسمى بعلم الكلام. والخلاف فيه بين المعتزلة والرافضة من جهة وبين اهل السنة وخلاف في التفصيلات والفروع بين المنتسبين الى الاشاعرة او الى الصوفية في ذكر بعض تفاصيل هذه المسألة لا حظ لعلم الاصول من هذه المسألة الا باصلها. اما تفاريع الخلاف فليس محلها كتب الاصول. بمعنى هو يريد وان يقول ان السنة حجة. ان قول النبي عليه الصلاة والسلام وفعله الصادر عنه حجة للامة تتعلم منه الاحكام مستند ذلك اخوة ومبناه هو على عصمته عليه الصلاة والسلام. ما العصمة ما العصمة امتناعه او منعه او حفظه او وقايته تتفاوت التعريفات. من اجمل من عرف العصمة الراغب الاصفهاني رحمه الله فانه قال في فيها عصمة الانبياء حفظهم بما خصوا به من صفاء الجوهر ثم بما اولاهم من الاخلاق والفضائل ثم بالنصرة وتثبيت اقدامهم ثم بانزال السكينة عليهم وبحفظ قلوبهم وبالتوفيق فجعل كل ذلك من دلالة العصمة التي كتبها الله عز وجل لانبيائه عليهم السلام العصمة بعيدا عن التعريفات فيما يفهمه العامة هو ان يحفظ الله نبيه محمدا عليه الصلاة والسلام او غيره من الانبياء عليهم السلام. ان يحفظه من الوقوع فيما يتسبب في نسبة نقيصة الى ما الانبياء فيما ينزهون عنه عليهم السلام هذا في الجملة فيدخل في ذلك عدة صور ما لا يليق نسبته الى الانبياء من الكفر والعياذ بالله او الكذب او التقصير او الخيانة في تبليغ الرسالة ثم تتنزل الى صور اقل وهو الوقوع في الذنب والمعصية. السهو والنسيان الوقوع في صغائر الذنوب التي لا يترتب عليها اثبات خسة او حقارة كما سيأتي بعد قليل. كل ذلك يختلفون في فروعه اذا ما موقف اهل الاسلام بالطوائف المختلفة من قضية عصمة الانبياء ثمة مواقع في هذه المسألة لا يختلفون فيها يتكلمون اولا في عصمة الانبياء قبل النبوة قبل الاصطفاء قبل الرسالة. فمحل اتفاقهم انهم انهم عقلا هم يجوز عليهم الوقوع في الذنوب والمعاصي قبل النبوة على الجواز العقلي ويخالف في ذلك المعتزلة والرافضة بناء على الاصل العقلي في التحسين والتقبيح. فيمنعون هذا اما الكلام الذي هو محل النقاش فهو عصمة الانبياء بعد النبوة وهو محل الاثر في الخلاف بعد النبوة اتفق الكل على انه لا يجوز في حق الانبياء وان شئت فقل ان الله عصمهم من الوقوع في الكفر او الكذب او التقصير او الخيانة في تبليغ الرسالة. هم معصومون من هذا وهذا هو مبنى الاصطفاء وحقيقته. ان الله اصطفاهم لانهم اهل لذلك. وهيأ لهم ما يجعلهم اهلا للقيام بالرسالة التي اصطفاهم بها سبحانه وتعالى فهذا محل اتفاق. ان الكفر والكبائر معصومون منها. ويلتحق بها الصغائر الدالة على الخسة والدناءة ويضربون لي هذا مثلا بسرقة لقمة والتطفيف في تمرة فهي صغائر يسيرة لا تذكر بالنسبة الى غيرهم. لكنه وان كانت صغيرة الا انها تشتمل على حقارة ودناءة وخسة لا تليق بمقام الانبياء عليهم السلام فهذا النوع محل اتفاق انهم معصومون منه جملة عليهم السلام. بقي ماذا؟ بقي الخلاف في الصغائر غير المستقبحة فالاكثر من اهل العلم على جواز وقوع ذلك منهم وانه لا ينافي العصمة ويستدلون على ذلك بما وقع في كتاب الله من بعض مواقف الانبياء عليهم السلام فيما هو خلاف الاولى. مثل اكل ادم عليه السلام من الشجرة ومثل مواقف الانبياء التي ذكر الله عز وجل عنهم استغفارهم منها وتوبتهم فاستغفر ربه وخر راكعا وانام تلقى ادم من ربه كلمات فتاب عليه قال يا نوح انه ليس من اهلك الى ان قال اني اعوذ بك ان اسألك ما ليس لي به علم والا تغفر لي وترحمني اكن من الخاسرين وامثال هذا هذا اكثر اهل العلم على جواز وقوعه وانه لا ينافي العصمة. الا انهم ها لا يصرون عليها ولا يقرون عليها ويبادرون ويرزقون المبادرة الى التوبة والاستغفار وفي ذلك اسوة لاممهم تشريع لامر عظيم وهو الرجوع الى الله سبحانه وتعالى المصنف رحمه الله يتكلم على هذا الجانب لانه محل الخلاف. فماذا قال قال الانبياء عليهم السلام معصومون لا يصدر عنهم ذنب ولو صغيرة سهوا فاذا كانت الصغيرة سهوا لا تصدر عنهم فالعمد من باب اولى قال وفاقا للاستاذ يعني ابي اسحاق الاسفرايني والشهرستاني وهو ابو الفتح عبد الكريم صاحب الملل والنحل وعياض القاضي في كتاب الشفا والشيخ الامام من هو والده رحمة الله على الجميع هؤلاء ليسوا وحدهم ممن تفرد بالقول في عصمة الانبياء من الذنوب كلها صغيرها وكبيرها سهوها وعمدها. لكنه من اشهر من قال به وقال به ايضا ممن سبق الامام ابن حزم والقاضي البيضاوي في مختصره والامام سراج الدين البلقيني وعدد من اهل العلم رحم الله الجميع هؤلاء عمدوا الى اجلال مقام الانبياء عليهم السلام عن الوقوع في الذنوب فماذا فعلوا في النصوص التي فيها نسبة الخطأ الى الانبياء تكلفوا في تأويلها وساقوا جملة من الاجابات التي تدفع وقوع الذنب والخطأ وفي النهاية الامر كما صوره شيخ الاسلام رحمه الله تعالى بقوله القول بان الانبياء معصومون من الكبائر دون الصغائر هو قول اكثر علماء الاسلام وجميع الطوائف حتى انه قول اكثر اهل الكلام ثم انتقل الى ما يتعلق بالصغائر يقول الحافظ ابن حجر ان السلف اختلفوا فيما عدا ذلك كله من الصغائر الذي يقوله شيخ الاسلام في المسألة واما العصمة في غير ما يتعلق بتبليغ الرسالة فلناس فيه نزاع هل هو ثابت بالعقل او بالسمع؟ ومتنازعون في العصمة من الكبائر والصغائر او من بعضها؟ ام هل العصمة انما هي في الاقرار ام في فعلها ام لا يجب القول بالعصمة الا في التبليغ فقط؟ وهل تجب العصمة قبل النبوة والبعثة؟ فذكر مواطن الخلاف الى ان قال رحمه الله. والقول الذي عليه جمهور الناس وهو الموافق للاثار المنقولة من السلف اثبات العصمة من الاقرار على الذنوب مطلقا هذا الذي لا يخالف فيه احد ان يقر يعني ولو وقع الذنب او الخطأ ان يقر عليه النبي لا فهذا معصومون منهم. قال والرد على من يقول فانه يجوز اقرارهم عليها وحجج القائلين بالعصمة اذا حررت انما تدل على هذا القول وحجج النفاة يعني من ينفي العصمة من صغائر لا تدل على وقوع ذنب اقر عليه الانبياء. فكأنه يريد ان يقرب بين الرأيين فمن يقول بنفي العصمة وجواز وقوع الذنب ماذا يقصد يقصد عدم الاقرار عليها وانهم يبادرون بالتوبة ويبادر الوحي بالنزول ومن يقول ان العصمة تعني عدم وقوع هذا ماذا يقصد يقصد انهم ما يبقون عليها ولا يقرون عليها فكأنه يعيد المسألة الى وفاق بين الطائفتين. الى ان قال رحمه الله تعالى وفي الكتاب والسنة الصحيحة والكتب التي انزلت قبل القرآن ما يوافق هذا القول مما يتعذر احصاؤه. والرادون لذلك تأولوا ذلك بمثل تأويلات الجهمية والقدرية والدهرية لنصوص الاسماء والصفات ونصوص القدر ونصوص المعاد وهي من جنس تأويلات القرامطة باطنية التي يعلم بالاضطرار انها باطلة. وانها من باب تحريف الكلم عن مواضعه. انظر ماذا يقول وهؤلاء يقصد نفاة وقوع الذنوب ولو كانت صغيرة يقول وهؤلاء يقصد احدهم تعظيم الانبياء صح يقول وهؤلاء يقصد احدهم تعظيم الانبياء فيقع في تكذيبهم ويريد الايمان بهم فيقع في الكفر بهم كيف يقصد؟ يقصد بالتأول لتلك النصوص ينفي ما وقع. والوحي يثبت وقوعه من غير ان يقصد طبعا قال رحمه الله ثم ان العصمة المعلومة بدليل الشرع والعقل والاجماع وهي العصمة في التبليغ لم ينتفعوا بها اذ كانوا لا يقرون بموجب ما بلغته الانبياء الى اخر ما ذكر رحمه الله قول ادم وزوجته ربنا ظلمنا انفسنا قول نوح قال ربياني اعوذ بك ان اسألك ما ليس لي به علم. قول الخليل ربنا اغفر لي ولوالدي وللمؤمنين. يوم يقوم الحساب وقوله هو الذي اطمع ان يغفر لي قيئتي يوم الدين. فهذا على ماذا ستؤوله؟ وقول موسى انت ولينا فاغفر لنا وارحمنا وانت خير الغافرين الى ان قال. قال ربياني نفسي فاغفر لي وقوله فلما افاق قال سبحانك تبت اليك وانا اول المؤمنين. وقوله عن داوود فاستغفر ربه وخر راكعا واناب. وقوله عن سليمان قال ربي اغفر لي وهب لي ملكا لا ينبغي لاحد من بعدي انك انت الوهاب. الى اخر ما ساق رحمه الله في تحرير هذه المسألة وفيها عدد من البحوث والكتابات التي حررت القضية. فالخلاصة ما صار اليه المصنف وبعض اهل العلم في تقرير اثبات العصمة مطلق قا للذنوب صغيرها وكبيرها. ومن ينازع في هذا يمكن ان يؤول بما ذكره شيخ الاسلام على انه محمول على وجه لا يبعد كثيرا على قول من يثبت وقوع الذنوب الصغيرة ولكن من غير اقرار. بل بالمبادرة بالتوبة ونزول الوحي