الحمد لله رب العالمين واصلي واسلم على البشير النذير والسراج من نبينا محمد وعلى اله واصحابه اجمعين اما بعد. يقول المصنف رحمه الله باب نواقض الوضوء. هذا باب مسائل اقض الوضوء وقوله رحمه الله نواقض النواقض جمع ناقضة لا ناقض لانه لا يجمع على فواعل الا المؤنث الا ما شذ كفوارس وهوالك ونواكس جمع فارس وهالك وناكس فالنواقف جمع ناقضة قد بينه المصنف رحمه الله بقوله اي مفسداته اي مفسدات الوضوء. فنواقف الوضوء ما يفسده. ومعنى فساد الوضوء هو بطلان حكمه فلا يباح بالنواقض صلاة ولا غيرها والنواقض في الجملة اما حدث وهو ما ينقض الوضوء بنفسه واما سبب وهو ما لا ينقض الوضوء بنفسه بل الى الحدث كالنوم واللمس. يعني هو مظنة الحدث. فهي قسمان حدث في ذاته ينقض الوضوء بنفسه والقسم الثاني ما هو مظنة حصول الناقظ فهي اسباب لحصول الحدث وقد قال المصنف رحمه الله في عدها قال وهي ثمانية وهذا دليله الاستقراء. والتتبع للنصوص الواردة في نواقض الوضوء احدها الخارج من سبيل هذا اول النواقض التي ينتقض بها الوضوء وهي على التصنيف السابق ناقض بنفسه واشار اليه بقوله ينقض الوضوء ما خرج من سبيل. وذكر المصنف رحمه الله هنا الشارع بيان المقصود بالسبيل فقال اي مخرج بول او غائط ولو نادرا او طاهرا كولد بلدم او مقطرا في احليله او محتشا وابتل الى اخر ما ذكر قوله رحمه الله ما خرج من سبيل اي مخرج بول او غائط. فالسبيل المقصود به هنا الطريق الذي يخرج به البول او الغائط. وهذا واضح. فما خرج من سبيل وهو مخرج البول او مخرج الغائط ينقض الوضوء وظاهره سواء كان الخارج بولا او غائطا او كان غيرهما. ولذلك قال في الشرح ولو نادرا يعني ولو كان من النادر وليس من المعتاد. مثال ذلك اذا خرجت حصاة من الدبر. قال او طاهرا يعني ولو كان الخارج طاهرا ثم مثل له بقوله كولد بندم وهنا في اشكال على التعريف الذي ذكره للسبيل حيث قال في تعريف السبيل قال اي مخرج بول او غائط ومعلوم ان الولد لا يخرج من مخرج البول ولا من مخرج الغائط. انما يخرج من المهبل. لكنهم الحقوا خارج من المهبل من الرحم بالخارج من البول. ولهذا السبيل في كلام الفقهاء يشمل الدبر والذكر وفرج المرأة سواء كان الخارج غائطا او بولا او غيرهما مما يخرج من هذه المخارج. ولا عبرة لكونه معتادا او غير معتاد. ولا بكونه طاهرا او غير طاهر. ولذلك قال ولو نادرا ومثلنا له بالحصاد او قاهرة ممثلة ومصنف بالولد بلا دم اي ولادة عارية عن دم فانه ينقض الوضوء. وذهب الامام مالك رحمه الله الى ان التي تخرج من السبيلين لا تنقض الوضوء. وسع في ذلك حتى قال ان دم الاستحاضة لا ينقض الوضوء لانه من النادر. قال رحمه الله او مقطرا في احليله مقطرا في احليله اي بان قطر في مجرى البول. الاحليل هو مجرى البول من الذكر فاذا قطر في احليله ثم خرج يعني عاد فانه ينقض الوضوء والتعليل الذي عللوا به قالوا ولانه لا يخلو من ان يكون قد خالط شيئا من النجاسة في مجرى البول. فحكم بانه ناقظ وقيل لا هذا القول الثاني في المذهب ان التقطير في الاحليل المرتجع منه لا ينقض الوضوء. قال او محتشا وابتل والاحتشاء يختلف عن التقطير. فالاحتشاء بقطن او نحوه ويكون في القبل ويكون في الدبر. فاذا احتشى بشيء وخرج مبتلا فانه يكون ناقضا لكونه قد حصل الخارج بهذا البلل الذي اصاب ما احتشى وفهم من قوله وابتل انه اذا لم يبتل لا ينقض. وقيل بل ينقض سواء ابتل او لم اذا الاحتشافه قولان القول الاول انه ينقض مطلقا ابتل او لم يبتل. والقول الثاني انه ينقض اذا ابتل وهو المذهب انه ينقب اذا ابتلي. قال رحمه الله لا الدائم كاستلس والاستحاضة فلا ينقض للضرورة. يعني السلس والاستحاضة وما اشبههما من اصحاب الحدث الدائم خروج البول او الدم في هذه الصور لا ينقض. والعلة في ذلك كالضرورة اي عفي عنه للظرورة لانه لا يمكن ان يثبت الحدث بمثل هذا مع دوام خروجه اذ خروجه دائم ومستمر. فلا عبرة به من جهة نقض الوضوء. هذا ما يتصل بالناقض الاول الذي ذكره المؤلف رحمه الله والدليل على ما ذكر المؤلف رحمه الله احاديث عديدة منها حديث عائشة رضي الله تعالى عنها في قصة فاطمة بنت ابي اوباش انها سألت النبي صلى الله عليه وسلم فقالت يا رسول الله اني استحب فلا اطهر افادعوا الصلاة فقال صلى الله عليه وسلم لا انما ذلك عرق وليس بحيض فاذا الصلاة واذا ادبرت فاغسل عنك الدم ثم صلي. هذا مما استدل به على ان خروج يوجد دم من السبيل ينقض الوضوء. واظهروا منه في استدلال على النقض بالخارج من السبيل حديث صفوان في قوله امرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم اذا كنا سفرا ان لا نزع خفافنا ثلاثة ايام بلياليها الا من نوم او غائط او بول. والبول والغائط من سبيل فدل على انهما ينقضان الوضوء قال رحمه الله والثاني خارج من بقية البدن سوى السبيل هاي الثاني من نواقض الوضوء الخارج من بقية البدن سوى السبيل يعني غير الطريق المعتاد اذا كان بولا او غائطا قليلا كان او كثيرا او كان كثيرا نجسا غيرهما. فالغائط والبول من اي موضع خرج هما ناقضان للطهارة لما جاء من حديث صفوان المتقدم ان النبي صلى الله عليه وسلم قال لما امرهم قال الا من نوم او غائط او بول عمومه يدل على ان البول الغائط ينقضان الوضوء من اي موضع خرج. قالوا العموم يقتضي ان الغائط قل من نواقض الوضوء من اي جهة خرجت سواء من السبيل او من غير السبيل. هكذا استدلوا لقوله ولكن من غائط وبول ونوم فيعم كل غائط وبول من اي جهة خرج. واضح وجه الاستدلال؟ وهذا مذهب الحنابلة ووافقهم في ذلك الحنفية ان الاستدلال بالحديث على ان البول والغائط ينقضان الوضوء من حيث خرج محل نقاش فان النبي صلى الله عليه وسلم لما قال ولكن من غائط وبول اراد بالغائط والبول ما كان من المخرج المعتاد. لان هذا هو المتبادر والقاعدة ان الكلام اذا خرج على الاطلاق فيصدق بصورة واحدة وهي هنا محمولة على ما كان من المخرج المعتاد. فلا دلالة في الحديث على ان البول والغائط اذا خرجوا من غير المخرج المعتاد نقض الوضوء. وعليه فان الذين يحتاجون الى مخرج غير المخرج المعتاد للبول او الغائط فان خروج البول والغائط في هذه الحال لا يعتبران من نواقض الوضوء. لان ذلك ليس من المخرج المعتاد. وكلام النبي صلى الله عليه وسلم محمول على ما كان من المخرج المعتاد. ولهذا اختار الشيخ الاسلام ابن تيمية رحمه الله ان النجاسات الخارجة من غير المخرج المعتاد لا تنقض الوضوء ولو كثرت وهذا مذهب مالك والشافعي الا ان الوضوء مستحب هكذا اختار شيخ الاسلام ابن تيمية رحمه الله. قال او كان كثيرا نجسا غيرهما. يعني غير البول الغائط كقي مثلا هو ممثل قال كقيء ولو بحاله. يعني ولو لم يتغير. اكل طعام ثم رجعه ثم قرأه وهو على حاله لم يتغير فانه ينقض الوضوء واستدل لذلك فقال لما روى الترمذي ان النبي صلى الله عليه وسلم قال فتوضأ فحملوا ما في الحديث على الكثير فلو كان قليلا لم ينقض الوضوء. والحديث ان الوضوء مشروع للقيء قليلا كان او كثيرا. لانه لا يعلم ما كان من النبي صلى الله عليه وسلم اهو قليل ام كثير. فتقيده بالكثير محل نظر اذ ان الحديث عام في القليل والكثير. ومن جهة اخرى ان الحديث في اسناده مقال فيشكل عليه من جهتين انهم خصوا الحكم بالكثير واحد والثانية الحديث في اسناده مقال. والثالث ان دلالته على وجوب الوضوء محل نرى لان كون النبي صلى الله عليه وسلم توظأ لا يدل على الوجوب لانه قد يتوظأ صلى الله عليه وسلم استحبابا لا وجوبا اذ انه فعل والفعل لا يدل على الوجوب. وهذا القول اقرب الى الصواب من القول بوجوب الوضوء. فيقال بل هو القول الثاني في المذهب وهو اختيار شيخ الاسلام ابن تيمية ان القيء يستحب منه الوضوء وليس واجبا. ولا فرق في ذلك بين القليل والكثير فلا وضوء فيما يخرج من الجوف الى الفم من الماء والطعام وغيره الا بدليل ولا دليل. فالحديث لا يقوى على اثبات الوجوب انما غايته انصح ان فداء الاستحباب. قال رحمه الله والكثير ما فحش في نفس كل احد بحسبه وهذا معلوم انه ضابط غير محرم فيما يتعلق بايجاب الوضوء ونقظ الطهارة به ان النفوس تختلف في هذا اختلافا بينا ومعلوم ان الشريعة لا يمكن ان تربط الحكم بمثل هذا فاما ان يقال بالنقض مطلقا واما ان يقال عدم النقد واما اناطته بما فحش في نفس كل احد فهذا محل الاضطراب في الحكم. ومعلوم ان من يكثر منه القيء ليس كمن لا عادة له بالقيء فالقليل عند من يكثر منه القي كثير عند من لا يعتاد القيء. قال رحمه الله واذا اشتد المخرج وانفتح غيره لم يثبت له احكام المعتاد. اذا سد المخرج اي القبلة والدبر وانفتح غيره يعني اصبح الاخراج من غيره لم يثبت له احكام المعتاد من جهة الريح مثلا وما اشبه ذلك من الاحكام المتعلقة بالقبل الدبر لكن فيما يتعلق بخروج البول والغائط تقدم انه يثبت له لهما الحكم اي ليثبت حكم بقوله خارج من بقية البدن ان كان بولا او غائطا. فقوله واذا اشتد المخرج وانفتح غيره لم يثبت له احكام المعتاد يعني في غير ما تقدم من انه ينتقض الوضوء بخروج البول والغائط. والقول الثاني في المسألة ان انه يثبت له آآ احكام عتاد من جهة الريح فينتقض بخروج الريح منه وايضا فيما يتعلق بلمسه هل ينتقض الوضوء بلمسه او لا؟ فقوله رحمه الله اذا اشتد خرج وانفتح غيره لم يثبت له احكام المعتاد كخروج الريح وكاللمس وما اشبه ذلك. نقف على هذا والله تعالى اعلم وصلى الله وسلم على نبينا محمد