بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه اجمعين اللهم اغفر لنا ولشيخنا وللحاضرين قال الامام السبكي رحمه الله تعالى مسألة بسم الله الرحمن الرحيم. الحمد لله حمدا كثيرا طيبا مباركا فيه. والصلاة والسلام على عبد الله ورسوله سيدنا ونبينا محمد وعلى اله وصحبه اجمعين وبعد. فما يزال مجلسنا هذا موصولا متتابعا بفضل الله تعالى آآ في ذكر المسائل التي ساقها المصنف رحمه الله تعالى في هذا الكتاب جمع الجوامع وهو الامام تاج الدين السبكي رحمه الله تعالى في كتاب السنة الذي ابتدأناه في مجالس مضت وهذا هو مجلسنا المتتابع لما سبق وهو السادس والثلاثون وفيه الحديث عن قضايا متعلقة بمباحث السنة وقبل البدء يا كرام فالذي تقدم معنا في المجالس السابقة في مباحث السنة بعد تقسيم السنة من حيث طرق وصولها الينا الى متواتر واحاد والحديث عن حديث الاحاد وحجيته من ها هنا سيسوق المصنف جملة من المسائل المتعلقة بالحديث من حيث القبول او الرد فافهم رعاك الله ان دليل السنة من حيث الاحتجاج واستنباط الاحكام منها يرتكز على شيئين الاول ثبوت السنة وصحة نسبتها الى رسول الله عليه الصلاة والسلام والثاني ما هو هو الاستنباط من هذا الدليل ودلالة اللفظ على الحكم الذي يختص بالاصولي هو الجانب الثاني والذي يختص بالجانب الاول نعم هو المحدثون وصنيعهم وعملهم واختصاصهم جرت العادة في كتب الاصول انهم اذا جاءوا الى دليل السنة يهتمون بايراد ما يتعلق بالشطر الاول وهو صحة النسبة في الحديث وثبوته وذلك انك ايها الفقيه اذا ما جئت الى دليل السنة لاستنباط الحكم منه قبل ان تنظر في دلالة اللفظ يلزمك التثبت من صحته وهذا منطقي تماما ومنهجي علمي صحيح قبل ان تنظر في دلالة اللفظ تأكد من انه صادر عن رسول الله عليه الصلاة والسلام والا فلا يغني عنك التأمل في دلالة اللفظ والجهد في استنباط الحكم فدرج الاصوليون رحمهم الله على الاتيان بهذه المباحث المتعلقة بالتثبت من دلالة بالتثبت من نسبة الى رسول الله عليه الصلاة والسلام فيتكلمون عن الحديث الصحيح والضعيف وشروط الصحة وشروط قبول رواية الراوي العدالة والضبط وما الى ذلك. يتكلمون عن مسائل حديثية وقع فيها الخلاف حكم المدرج ورواية الحديث بالمعنى الزيادة من الراوي كما سيأتي في مجلسنا اليوم يتكلمون ايضا عن المرسل والاحتجاج به وبعض وجوه الحديث من حيث حكم الرفع وعدمه الى اخره كل هذا كأنهم يقولون لك ان هذا هو نصف الطريق في مسألة الاحتجاج بالسنة. ونصفه الاخر هو النظر في دلالة الالفاظ وهذا الذي صنعه الاصوليون جيد من حيث بناء التعامل مع الدليل من السنة على هذين الامرين لكن الذي تجب العناية به ولفت النظر اليه ان هذه المباحث وقد قلتها اكثر من مرة المتعلقة بثبوت الحديث ونسبته وصحته او ضعفه وكل ما يتعلق بهذا الباب هو علم قائم بذاته عند المحدثين وعلوم الحديث التي وضعت خدمة لهذا الباب. وجهود المحدثين ومصنفاتهم وسائر كتب علوم الحديث رواية هي تهتم وبهذا الشأن فهو فن قائم بذاته فمن الخلل اختزال هذا العلم الكبير في مباحث يسيرة تأتي في علم الاصول ويظن طالب العلم النووي وقوفه على هذه النبذة كاف لجعله محدثا مستقلا او يستطيع الاستقلال بالنظر في الحديث ليحكم عليه صحة او ضعفا هذا اولا وثانيا هب ان الاصولية او طالب العلم بدراسته لهذه المباحث في علوم الحديث من كتب الاصول امتلك القدرة والملكة على النظر في الحكم على الحديث فان الذي لا يختلف عليه اثنان انه مع علمه بهذا القدر الذي قد يستقل فيه بالنظر في الحكم على الحديث الا انه لن يكون نظره ولا حكمه باشد ولا اقوم ولا اصح من نظر المحدث المختص وصاحب الصنعة وصاحب الاختصاص في علم الحديث. وثالثا فانه ما عرف ان فقيها او اصوليا يستقل بالنظر في السند والحكم على الحديث وتتبع الطرق والاستقلال بذلك تمام الاستقلال ويحكم على الحديث الحكم منه والذي عليه الغالب في الجملة ان الفقهاء في الجملة يعتمدون في الحكم على الحديث على اقوال ائمة الحديث فهم مقلدون في هذا الباب ومن رأيته من الفقهاء يشارك استقلالا في الحكم على الحديث والنظر فيه وجمع الاسانيد والحكم على الرواية فليس هذا لكونه فقيها محضا بل لكونه في الغالب مشارك في علوم الحديث وله به اهتمام فتحصن له ذلك من طريق الحديث لا من طريق الاصول او الفقه. وخلاصة الكلام انه ليس ينبغي ليس ينبغي استقاء هذه المسائل الحديثية استقلالا من كتب قل لكل ما سبق ولامر ثان مهم للغاية يكون بازاء السابق بكل ما ذكر وهو ان جملة من المسائل فيما يتعلق بالحكم على الحديث في هذه الابواب اختلف فيها تقرير الاصوليين عن تقرير المحدثين كما في صنيعهم في المرسل وكما في صنيعهم سيأتينا بعد قليل في حكم زيادة الراوي الثقة فاذا اختلفت الطائفتان فالقول قول من قول اصحاب الصنعة دون تعصب او تحيز القول قولهم لانهم ارباب الميدان وهم الذين ينظرون في هذه المسائل ويحكمون عليها بناء على خبرة وتطبيق وعمل وفناء اعمار وبالتالي فلا وجه لان يقال مذهب الاصوليين في المسألة كذا ومذهب المحدثين كذا كما يقال في المرسل كما يقال في المرفوع حكما كما يقال في قطع كما يقال في جملة من مسائل الحديث ابدا لا يصح منهجيا ان تقول في المسألة مذهبان. فمذهب المحدثين على قبول على رد الرواية المرسل ومذهب موصولين على قبول مرسل بتفصيل هذا ما يصح لكل ما سبقوا لما قلت لك ان سائر التنظير في مسائل هذا الباب عند الاصوليين هو تنظير مجرد لا يعتمد على خبرة ولا على سبر ولا على ممارسة. تنظير بعيد عن واقع الصنعة الذي يمارسه المحدثون. وهذا تطرفوا منه الان فهل بعد هذا كله نقول لا حاجة بنا الى دراسة هذه القضايا من كتب الاصول؟ انا لا ادعو الى ذلك لكن ادعو الى شيئين الاول وهو الاهم عندي الا يكتفي طالب العلم في استقاء هذه المسائل المتعلقة بعلم الحديث باستقائها من كتب الاصول وهذا خلل ومن اقتصر على ذلك فقد وقع في اشكالات علمية كثيرة والامر الثاني وبالتالي فيترتب على الامر الاول ان تكون له عناية بالنظر في كتب الحديث ودراسته عند اهل الفن والتعمق في المصطلح اذا اراد ان يكون او حظ من النظر ومشاركته في هذا الباب. الامر الثاني الذي ادعو اليه ان سائر ما اختلف فيه المحدثون والاصوليون في مسائل علم الحديث في فيما يتعلق بالرواية والحكم عليه لا يصح منهجيا ان يقوم قول الاصوليين فيه مقابلا لقول المحدثين ولا ان يوازى بينهما ولا ان يرجح بينهما باي اعتبار ما لم يكن الاعتبار هو النظر الى الممارسة والخبرة والعمل في الميدان والمرد في ذلك الى المحدثين لا الى غيرهم. وقلت لك ان الذي استقر عليه العمل في صنيع الائمة عبر تاريخ الاسلام هو ان منهج العلماء ان يستقل المحدث بالحكم على الحديث ويشتغل الفقيه والاصول بالنظر في دلالة اللفظ دون ان يتعدى احد على صنعاء احد او يعول عليه فانظر الى كتب الفقهاء التي يريدون فيها الاحاديث يشتغل عليها المحدثون بتخريج احاديثها وتقرير لما يصح منها وما لا يصح وكل ذلك محترم وهذا ينبغي ان يكون منهجا ينظر فيه. اقول هذا بين يدي مسائل ستمر معنا في مجلس الليلة. وربما ما بعده ان شاء الله. نعم مسألة المختار وفاقا للسمعاني وخلافا للمتأخرين ان تكذيب الاصل الفرع لا يسقط المروي ومن ثم لو اجتمعا في شهادة لم ترد وان شك او ظن والفرع جازم فاولى بالقبول وعليه الاكثر هذه مسألة فيما لو روى الراوي عن شيخه حديثا سواء كان هذا تابعي يروي عن صحابي او من دون ذلك ثم اختلف الاصل والفرع الاصل هو الشيخ والفرع هو التلميذ فاذا انكر الاصل رواية الفرع عنه فان يقول حديث يرويه حميد الطويل مثلا عن انس او ثابت البناني عن انس ثم ينكر انس انه حدث بهذا الحديث او قال به فماذا تفعل؟ ها هنا اختلف واحدهما لابد ان يكون على الصواب والاخر يكون على الخطأ وهما او خطأ غير مقصود فهذا ما يسمونه باختلاف الفرع والاصل او ربما عبروا عنه بتكذيب الاصل للفرع. يعني ان يكون الراوي الاصل وهو الشيخ ينكر رواية الفرع عنه فها هنا رتبتان الرتبة الاولى ان يجزم الاصل الراوي الاصل وهو الشيخ ان يجزم بانكاره الرواية عنه ويجزم بتكذيب الراوي وخطأه في نسبة الحديث اليه. والرتبة الثانية الا يجزم ولكن يستوي عنده الشك او الوهم وقد حصل هذا في رواية عن انس رضي الله عنه لما قال كبرنا فنسينا وحصل له هذا في حديث البسملة في الصلاة لافتتاح بها في القراءة وفي بعض الروايات الاخرى. فالمصير في ذلك الى تقرير قواعد. قال المصنف رحمه الله المختار وفاق قال للسمعاني وهو ابو المظفر في القواطع وخلافا للمتأخرين ويقصد امثال الامدي والرازي ونحوهم. ان تكذيب الاصل فرع ان الاصل اذا كذب رواية الفرع لا يسقط المروية. الرواية لا تسقط فما السبيل اذا؟ قال تثبت الرواية. لانه تعارض عندنا اصل وفرعه الشيخ ينكر الرواية والفرع يثبتها وقد يكون الوهم من هذا وقد يكون من ذاك وعنده قاعدة ان المثبت مقدم على النافل لان عنده زيادة علم ويحمل نفي الاصل على الوهم او النسيان او الخطأ قال المختار ان تكذيب الاصل الفرع لا يسقط المروي يترتب على هذا مسألة فقهية. لو اجتمعا في شهادة الاصل والفرع اجتمعا في شهادة في اثبات حق من الحقوق لانسان ما وانت قبل قليل وجدت في الرواية بينهما اختلافا والاختلاف يقتضي تكذيب احدهما للاخر لان المسألة ليست اختلاف رواية بل اثبات ونفي فالفرع يقول حدثني فلان والاصل يقول ما حدثته فاذا هي متضمنة بتهمة بالكذب. والتهمة بالكذب فسق ترد به الرواية الان ركز معي يقول نحن في مجال الرواية سنقبلها مع اشتمالها على تكذيب من احدهما للاخر. اذا احدهما كاذب واذا ثبت كذب احدهما فهو فاسق فماذا لو اجتمعا في شهادة عند القاضي يشهدان لفلان بحقه في في امر ما وقد ثبت عندك ان في هون في رواية احدهما يكذب الاخر اذا احدهما فاسق وينبغي الا تحتمل شهادة الاثنين اثبات حق. قال رحمه الله ومن ثم لو اجتمعا في شهادة لم ترد الشهادة وسبب ذلك اننا حملنا تكذيب الاصل للفرع لا على تهمة بالكذب بل على النسيان الرواية واحتمال الخطأ. قال وان شك او ظن هذه الرتبة الثانية اذا لم يجزم الراوي الاصل بكذب كما حصل لانس قال نسينا او قال كنت اقول ذلك او توهم فشك ثم سكت ما استطاع ان يجزم انشك الاصل او ظن والفرع جازم بماذا يجزم الفرع بالرواية بانه سمعه منه قال فاولى بالقبول وعليه الاكثر وعندئذ هذا اولى من الصورة الاولى. لانه افترض في الصورة الاولى مع جزم الاصل بالتكذيب حكم بقبول الرواية هذا الذي جزم به المصنف في النوع الاول خلاف ما عليه المحدثين وهو ان الاصل اذا جزم بتكذيب الراوي فالقول قوله لانه صاحب الرواية خلافا ما لو شك او ظن فاذا طريقة المحدثين انه اذا جزم الاصل بنفي الرواية وكذب الفرع سقطت الرواية ولا يصح اثباتها اليه لان المرد في الرواية اليه دون غيرها من الحالات في الشك وعدم الجزم والتفصيل الذي ذكره الرازي والامري واشار فيه المصنف الى الخلاف هو هذا. الرازي والامدي فرقوا بين ان يكون الاصل جازما بالرد فالقول قوله وان كان القول الفرع اقوى من الاصل يعني الراوي الاصل يشك او يظن يجزم تثبت الرواية