بسم الله الرحمن الرحيم احمد الله تعالى واشكره واثني عليه واشهد ان لا اله الا الله وحده لا شريك له واشهد ان محمدا عبد الله ورسوله صلى الله عليه وعلى اله وصحبه وسلم تسليما كثيرا اما بعد ايها الاخوة الكرام فهذا هو المجلس التاسع والثلاثون بحمد الله تعالى وفضله وعونه وتوفيقه من المجالس التي ما زلنا نواصل فيها شرح متن جمع الجوامع في اصول الفقه للامام تاج الدين بن السبكي رحمة الله عليه وهذا المجلس هو مفتتح ثالث كتب هذا المتن بعد ان تم معنا مقدمة المتن ثم كتابه الاول في دليل الكتاب او القرآن وانتهى مجلس البارحة في ثاني كتب هذا المتن وهو مباحث السنة ودليل السنة وهذا هو الكتاب الثالث الذي نستفتحه الليلة بعون الله في ثالث الكتب وهو ثالث الادلة الشرعية المعتبرة التي اتفق عليها فقهاء الاسلام وعلماؤه وهو دليل الاجماع الاجماع عند الاصوليين يتناولونه في كتب الاصول في مسائل متعددة تدور حول محاور ثلاثة بعد تعريفه يتناولون حجيته اولا ثم انواعه ثم شروطه فثلاثة محاور في الغالب هي التي تدور عليها مسائل الاجماع اه طريقة المصنف ابن السبكي رحمه الله في كتاب الاجماع هنا في متن جمع الجوامع طريقة لطيفة. ابتدأ بالتعريف ثم فرع جملة من مسائل الاجماع وتعدادها نحوا من عشرين مسألة بناء على التعريف فكأنه جعله محورا تستقى منه مسائل الاجماع ما اتفق عليها وما اختلف كما سيأتي سياقه بعد قليل. ثم ثنى بعد هذه المسائل بعنوان فقال في مسألة انتقل الى الحجية والخلاف فيها مع بعض المسائل وختم بخاتمة. نعم بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى اله وصحبه اجمعين. اللهم اغفر لنا ولشيخنا وللحاضرين. قال الامام السبكي رحمه الله الله تعالى وهو اتفاق مجتهد الامة الكتاب الثالث الكتاب الثالث في الاجماع وهو اتفاق مجتهد الامة بعد وفاة محمد صلى الله عليه وسلم في عصر على اي امر كان. نعم هذا تعريف الاجماع وافتتح به المصنف مسائل هذا الدليل او هذا الكتاب الثالث. وعادة كما يقدم الاصوليون دليل الاجماع على القياس لسببين اثنين اولهما كونه قطعي الدلالة خصوصا في الصريح منه فهو اقوى من القياس بهذا الاعتبار. وهو قطعي كما تعلمون عند الجمهور والاكثر والسبب الثاني ان الاجماع يقع احيانا اصلا في القياس فبالتالي لا بد من معرفته قبل التطرق الى القياس فلهذا يقدم عليه. نهيكم عن ان عددا من اهل العلم يجعل جماعة من الادلة القوية المعتبرة التي تمثل في قوته قوة النص وزيادة لان فيه دليلا وهو مستند الاجماع. ويزيد عليه الاتفاق الذي يكتسب به هذا القول عند اهل العلم قوة زائدة عرف الاجماع فقال رحمه الله هو اتفاق مجتهد الامة بعد وفاة محمد صلى الله عليه وسلم في عصر على اي امر كان قوله اتفاق تفهم به خروج قول المجتهد المنفرد في عصره فلا يسمى اتفاقا. وستأتي المسائل تباعا لكني اشير اليها الان اشارة يقولون ماذا لو لم يوجد في العصر الا مجتهد واحد؟ فقال قولا ايكون قوله باعتباره يمثل مجتهدي زمانه اجماعا فلما تقول في التعريف اتفاق يخرج به قول الواحد وان كان حجة لكن لا يسمى اجماعا وخرج بقول المصنف رحمه الله مجتهدي الامة من لم يبلغ درجة الاجتهاد وعامة من يسمى من لم يبلغ الاجتهاد يسمى عاميا عند الاصوليين وسيأتي الكلام عنه. قوله بعد وفاة محمد صلى الله عليه وسلم يشير الى عدم صحة الاجماع في زمانه عليه الصلاة والسلام. وسيأتي ايضا ذكر ذلك في كلام المصنف والسبب ان الاجماع ان وقع في عصره عليه الصلاة والسلام فله حالان اما ان يكون موافقا لما يقوله النبي صلى الله عليه وسلم او يكون مخالفا فان كان موافقا فالحجة والعبرة بقوله وفعله عليه الصلاة والسلام لا باجماع الناس في زمانه. وان كان مخالفا فلا عبرة به اصلا ولذلك يقيد الاجماع الذي يتكلم عنه الاصوليون والفقهاء بما ينعقد بعد وفاة رسول الله صلى الله عليه وسلم قوله في التعريف مجتهد الامة قيد ايضا لان اجماع واتفاق الامم السابقة ليس هو مما يتناوله الاصوليون قوله على اي امر او قوله في عصر اراد به ان يخرج اشتراط الانعقاد الاجماع الى اخر الدهر بل كل عصر له حكمه وزمانه الذي ينعقد فيه اجماعه قوله في نهاية التعريف على اي امر كان يشير الى مسألة خلافية هل الاجماع مخصوص بقضايا الشريعة؟ اصولها وفروعها؟ ام تدخل فيه قضايا اللغة والقضايا العقلية بعض الاصوليين يشترط في التعريف الامور الشرعية فيقول اتفاق المجتهدين او اتفاق مجتهد الامة على امر شرعي او على حكم شرعي وهنا نص فقال على اي امر كان هذا مصير من المصنف رحمه الله الى ترجيح الاتجاه الاخر. وان الاجماع يعد اجماعا اي ان كان بابه فيدخل فيه الشرعي واللغوي والعقلي. فحتى اتفاق قضايا اللغة يصح ان تسمى اجماعا. وان كان في الاخيرين خلاف ضعيف في دخول القضايا اللغوية والعقلية امام الحرمين مثلا يقول رحمه الله في عدم دخول القضايا العقلية في الاجماع وانها لا محل لها. يقول ولا لا اثر للاجماع في العقليات ثم علل فقال فان المتبع فيها الادلة القاطعة في ماذا في العقليات يقول فاذا انتصبت القضايا والادلة العقلية القاطعة. اذا انتصبت لم يعارضها شقاق ولم يعظمها وفاق يشير الى ان ادلة اليقينية اذا انتصبت فلا حاجة للاجماع واذا خالفها الشقاق ايضا لا يضرها يقول لم يعارضها شقاق ولم يعضضها وفاق. بعد انتهاء هذا التعريف ستمر بك المسائل في كلام المصنف على السرد متتابعة كل جملة تمثل حكما وتجد له مخرجا من التعريف عليه بنى المسألة. نعم فعلم اختصاصه بالمجتهدين وهو اتفاق علم من التعريف اختصاص الاجماع بالمجتهدين لما قال اتفاق مجتهد الامة. قال وهذا اتفاق. نعم هذه مسألة واعتبر قوم وفاق العوام مطلقة وقوم في المشهور بمعنى اطلاق ان الامة اجمعت لافتقار الامة اجتمعت ان الامة ان الامة اجتمعت لافتقار الحجة اليهم خلافا للامدي هذه مسألة جديدة. هل يدخل العوام في عداد الاجماع بمعنى تعتبر موافقتهم ومخالفتهم بحيث اذا خالف بعضهم لم ينعقد اجماع واذا دخلوا وفيه انعقد الاجماع قال اعتبر قوم وفاق العوام مطلقا هذا مذهب يرى ان العوام لابد من دخولهم في الاجماع ما علاقة العوار؟ قال هو اخذ من مسمى الاجماع. فان الاجماع لن يكون اتفاقا واجماعا ينسب الى الامة الا بدخول الافراد جميعهم علمائهم وعوامهم هذا مذهب ضعيف ثم اوله المصنف هنا على القول الثاني. اذا قال واعتبر قوم وفاق العوام مطلقا. وقوم في المشهور هذا قول وسط ليس بمعنى ان يرفض دخول العوام مطلقا ولا بمعنى دخولهم جزئيا. فقال قوم في المشهور يعني اعتبر قوم دخول العوام في الاجماع في المسائل المشهورة مثل ماذا ان الصلوات المفروضة خمس وان صيام رمظان واجب وهكذا في المسائل المعلومة من الدين التي لا تخفى لكن لا يدخلون في القضايا الخلافية او الجزئية غير المشهورة. او الدقائق وان كانت محل اتفاق لكن لا يستوعبها علم العوام ولا اليها ثم نبه فقال بمعنى يعني من اشترط دخول العوام في القضايا المشهورة ماذا قصد قصد ان الامة اجتمعت يعني دخول العوام في الاجماع ليصدق عليه اسم اجماع قل افتقار الحجة اليهم. يعني لا بمعنى افتقار ان الاجماع لن يكتسب حجيته الا بدخولهم ثم قال اخيرا خلافا للآمدين. والامدي رحمه الله يرى افتقار حجية الاجماع الى دخول العوام طيب فاذا ما دخلوا يقول يصبح الاجماع ظنيا فيفرق الامدي بين اجماع قطعي واجماع ظني. فيما مر بكم سابقا مذهب الطوفي مثلا في وفئة من اهل العلم لا يرون الاجماع في المراتب القطعية في الدلالة. ويعتبرونه مرتبة دون ذلك فيرى الامدي ان القضايا التي اجمعت فيها الامة بعلمائها وعوامها اجماعها قطعي مثل تحريم نكاح الام مثل وجوب الصلوات الخمس مثل ان الفجر ركعتين ركعتان وهكذا في القضايا التي لا يختلف عليها احد ويدخل العوام مع العلماء يعد اجماعها اجماعا قطعيا والقضايا غير المشهورة ولو انعقد فيها الاجماع فان الاجماع يكون ظنيا لعدم دخول العوام حتى لا تفهم ان مذهب الامدي يشترط دخول العوام في الاجماع جملة وتفصيلا في كل انواعه نعم واخرون الاصولية في الفروع وبالمسلمين. لا. واخرون الاصولية في الفروع انتهت جملة حتى تصبح علامات الترقيم واخرون يعني واعتبر قوم اخرون الاصولية في الفروع اعتبروا وفاق الاصول ودخوله في مسائل الفروع هذه مبنية على مسألة هل يشترط في الاجماع دخول العلماء قاطبة؟ ام في كل فن يشترط فيه اهل الفن؟ هذا الذي عليه الاكثر ان اتفاق المفسرين يدخل فيه المفسرون وهكذا في الفقه والحديث والاصول لكن لما بين الاصول والفقه من وثيق باعتبار ان الفرع في الفقه ثمرة للاصل وهو الاصول فبالتالي يصح للاصولي ان يشارك في قضايا الفروع يعني مسائل الفقه وان يقول فيها بقول فبالتالي ان وافق انعقد به الاجماع وان خالف فلا اجماع فيعتبرون دخول الاصول في الفروع. ولا يعتبرون دخول الفقيه في الاصول والسبب يقول ليس كل فقيه يدرك قضايا الاصول وبالتالي فقد يخالف عن غير ادراك. فاذا لم يدرك الفقيه مسائل الاصول فقد اصبح عاميا وحتى اؤكد لك اذا مر مصطلح العامي في كتاب الاجماع فلا يراد به الامي الذي لا يقرأ ولا يكتب لكن يقصد به من لم يبلغ به العلم ان يكون في عداد المختصين المجتهدين. الطبيب مثلا والمهندس والفلك والاقتصادي والاداري هؤلاء مختصون في فنونهم ولهم علم وباع طويل فيه. لكنهم في علم شريعتي في قضايا الاتفاق والاختلاف يعتبرون في عداد العوام بهذا المعنى الذي اشرت اليه. قال رحمه الله واخرون اعتبر اخرون دخول الاصول في قضايا الفروع طيب لما يقول قوم فانت تفهم انه يقابله قول اخر وهو ان الاصولي لا يدخل في اجماع الفقهاء كما لا يدخل الفقيه في اجماع الاصوليين باعتبار كل منهما عامي في علم الاخر هذا يا اخوة ما ينبغي ان يقال في مثل هذا السياق بين الفقه والاصول الا لما وقع هذا الانفصام بين علمين ليس منفصلين الاصل فيهما ان يكونا كما يقال وجهان لعملة واحدة. لا يمكن تصور انفكاك علم الفقه عن ولا علم الاصول عن ثمرته وفرعه والاصل في طالب العلم والفقيه ان يكون له باع في الاصول يستمد منه الفقه. والاصل في الاصول ان يكون له عناية تظهر به هي ثمرة الاصول ويعرف بناء الاحكام عليه. لكنه اشار الى ما هو الواقع والحال الذي درجت عليه العلوم ودخول اهل العلم فيها