نفعا او ضرا ما من شفيع الا من بعد اذنه فلا بد من اذنه جل في علاه ولابد من رضاه ولذلك قال تعالى ليس لهم من دونه ولي ولا شفيع. وانما الى هذه الشفاعة جميعا. وقولهم من ذا الذي يشفع الا بإذنه لا تغني شفاعتهم شيئا الا من بعد بيت ياذن الله لمن يشاء ويرضى. وقوله ارجعوا الذين زعمتم من دون الله. لا يملكون مثقال ذرة في السماوات لا شريك له خلقت عبادي حنفاء اي على على التوحيد فاجتالتهم الشياطين. اي فاجأتهم الشياطين فصرفتهم عن عبادة الله عز وجل الى عبادة غيره. صرفتهم عن عبادة الله الواحد القهار الحمد لله حمدا طيبا مباركا فيه ملء السماء والارض وملء ما شاء من شيء بعد احمده حق حمده هو اجل من حمد واعظم من ذكر لا احصي ثناء عليه هو كما اثنى على نفسه واشهد ان لا اله الا الله شهادة تنجي قائلها من الجحيم واشهد ان محمدا عبد الله ورسوله صفيه وخليله وخيرته من خلقه بعثه الله بين يدي الساعة بشيرا وداعيا اليه باذنه وسراجا منيرا. بلغ الرسالة وادى الامانة ونصح الامة وتركها على محجة بيضاء. ليلها كنهارها لا يزيغ عنها الا هالك. فصلى الله عليه وعلى اله وصحبه ومن اتبع سنته واقتفى اثره باحسان الى يوم الدين اما بعد فان الله تعالى وما في الارض وما لهم فيهما من شرك وما له من ظهير ولا تنكر الشفاعة الا لمن اذن له. قال فكن الفاسد فالله عز سواه كل ما يتعلق به المشركون. فنفى ان يكون لغيره بعث الرسل صلوات الله وسلامه عليهم به معرفين واليه داعين. بعثهم من لدن نوح عليه السلام الى محمد خاتم رسل الله السلام يدعون الى عبادة الله وحده لا شريك له. يأمرون بالتوحيد وينهون عن الشرك. ويأمرون باجتناب الطاغوت كما قال تعالى ولقد بعثنا في كل امة رسولا ان اعبدوا الله واجتنبوا الطاغوت. وكما قال سبحانه وبحمده وما ارسلنا من قبلك من رسول الا نوحي اليه انه لا اله الا انا فاتقون فالرسل صلوات الله وسلامه عليهم جاؤوا ليردوا الناس الى الصراط المستقيم جاءوا ليخرجوا الناس من الظلمات الى النور. جاؤوا يهدوا الناس الطريق القوي والسبيل المستقيم فبذلوا في ذلك الغاية والجهد. واقاموا في ذلك ما امرهم الله تعالى به من البشارة النذارة البشارة لاهل الايمان والنذارة لاهل الشرك والكفر والعصيان وقد كان الناس في اول حالهم على عبادة الله لم يقعوا في شيء من الشرك وان كان قد وقع منهم المخالفة والعصيان. فان الله تعالى قص علينا في محكم التنزيل ما جرى بين ابني ادم حيث قال تعالى واتل عليهم نبأ ابن ادم بالحق اذ قربا قربانا فتقبل من احدهما ولم يتقبل من الاخر قال لاقتلنك فالمعاصي دون الشرك قائمة منذ اول مسيرة البشرية لكن الذي طرأ على البشرية بعد قرون متطاولة هو عصيان الله تعالى بالشرك والكفر. وهو الذي ذكر ابن عباس رضي الله تعالى عنه عندما قال بين ادم ونوح عشرة قرون كان الناس فيها على التوحيد اي كانوا على عبادة الله وحده لا شريك له. وقد اشار الى هذا المعنى ما جاء في الصحيح صحيح الامام مسلم من حديث عياض ابن حمار رضي الله تعالى عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول الله تعالى خلقت عبادي حنفاء اي خلقتهم موحدين يعبدون الله وحده الى عبادة الوان من المعبودات دونه جل في علاه. فكان الضلال طارئا على الناس وكان الانحراف في التوحيد عن توحيد الله عز وجل بعد قرون متطاولة. فبعث الله الرسل جميعا ان ليردوا الناس الى هذه الجادة وليقيموا التوحيد في قلوبهم واقوالهم واعمالهم. ولقد كان من اعظم ما اوقع الناس في عبادة غير الله اعتقادهم النفع والضر في غيره جل في علاه. وذلك ان ما هو انه ما من احد يتوجه الى معبود من المعبودات الا ويعتقد انه يجلب له نفعا ويدفع عنه ضرا ولذلك كانت الايات التي يحذر الله تعالى فيها من الشرك وينهى عن دعاء غيره تقرر هذا المعنى وانه لا يعبد الا الله عز وجل وانه لا يجلب النفع الا هو كما لا يدفع الضر الا هو جل في علاه فلما كان الامر على هذا وهو انه لا يتوجه الى احد من الخلق بالعبادة من دون الله الا لاعتقاد نفع او ضر. كان مما زينه الشيطان لكثير من الناس ليصرفهم عن عبادة الله الواحد القهار الى عبادة غيره من الخلق الى عبادة ما سواه جل في علاه ما يتعلق الشفاعة وهي انهم اعتقدوا في من يصرفون اليهم العبادات انهم يجلبون لهم نفعا وضرا بالوساطة عند الله عز وجل. لما لهم لما هم عليه من قوة او لما هم عليه من مكانة ومنزلة فكان ما كان من عبادة غير الله عز وجل. بسبب طلب الشفاعة من من دون الله عز وجل ولهذا جاءت الايات بينات والدلائل واضحات في ابطال هذا الاعتقاد نفت الايات الكريمات ما كان يعتقده المشركون من الشفاعة دون الله عز وجل ولاجل هذا نحتاج الى ان نقرأ شيئا من الايات. والنصوص الواردة في شأن الشفاعة حتى يتبين ما هو حق منها وما هو باطل؟ ما هو هدى؟ وما هو ضلال؟ ليتميز الهدى عن الضلال والحق عن الباطل يقول المصنف رحمه الله بسم الله الرحمن الرحيم. الحمد لله رب العالمين. والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه اجمعين. اللهم اغفر لنا ولوالدينا في نعمة الحاضرين. قال الامام المجدد محمد ابن عبد الله وقول الله تعالى الى ربهم ليس لهم من دونه ولي ولا شفيع. وقوله قل انقصكم منه او يكون عونا لله ولم يبق الا الشفاعة. فبين ان هذا الا لمن اذن له رب كما قال تعالى ولا يشفعون الا لمن ابتغى. فهذه المشركون هي القرآن. واخبر النبي صلى الله عليه وسلم انه يأتي فيسجد لربه ويأمن لا يبدأ بالشفاعة اولا ثم يقال له ارفع رأسك وقل يسمع وسل تعطى واشفع وقال له ابو هريرة رضي الله عنه من اسعد الناس بشفاعتك يوم القيامة قال من قال لا اله الا الله خالصا من قلبه. فتلك الشفاعة لاهل الاخلاص بإذن الله ولا تكونوا لمن أشرك بالله وحقيقة أن الله سبحانه هو الذي يتقرب وعلى اهل الاخلاص فيغفر لهم ليواسطة دعاء من اذن له ان يشفع ليكرمه ويناله الضعف المكنون. فالشفاعة التي نفعها القرآن ما كان فيها شرك. ولهذا اثبت الشفاعة بإذنه فيما وضع. وقد بين النبي صلى الله عليه وسلم انها لا تكون الا لاهل التوحيد والاخلاص. هذا الباب الذي ذكر فيه المؤلف رحمه الله جملة من الايات في شأن الشفاعة هو من مهمات الابواب التي ينبغي للمؤمن ان يعتني بها. ذلك ان الشفاعة مزلة قدم تزل بها اقدام خلق كثير عن عبادة الله عز وجل الى عبادة ما سواه. فان الذين اشركوا بالله كانوا يزعمون انهم انما يفعلون ما يفعلونه من عبادة غير الله وحده لاجل طلب الشفاعة فقد قال الله تعالى بعد ان بين الدين الذي ارتضاه والحقيقة التي لا عن قلوب اهل الايمان الا لله الدين الخالص. الا لله الدين الخالص اي الخالص من الشرك الخالص من التوجه الى غيره جل وعلا وذلك تقريرا لما تقدم قبلها في قوله فاعبد الله مخلصا له الدين. فامر الله تعالى رسوله صلى الله عليه وسلم ان يعبده جل في علاه خالصا من كل توجه الى غيره. فاعبد الله مخلصا له الدين. الا لله الدين الخالص. هذا هو سبيل سيد المرسلين صلوات الله وسلامه عليه. وهكذا سائر النبيين. والمرسلين. لا يعبدون الا عز وجل ممتثلين ما امرهم الله تعالى به. في قوله فاعبد الله مخلصا له الدين. وكما قال وما امروا الا ليعبدوا الله مخلصين له الدين حنفاء ثم بين بعد ذلك ما الذي حرف الناس عن هذا الى ان عبدوا غيره جل في علاه؟ فقال تعالى والذين اتخذوا من دونه اولياء اي اتخذوا من دون الله عز وجل محبوبين وناصرين فيما يعتقدون ويزعمون قالوا ما نعبدهم الا ليقربونا الى الله زلفى. اي لم يكن منا عبادة لهؤلاء لاجل انهم يستحقونها لذواتهم. بل عبدناهم من دون الله وعبدناهم مع الله طلبا للقربى منه جل في علاه طلبا لشفاعتهم ورجاء لنيل وساطتهم عند رب العالمين. فبماذا حكم الله تعالى على هؤلاء وعلى مقالتهم؟ يقول جل قال ان الله يحكم بينهم فيما هم فيه يختلفون. ان الله لا يهدي من هو كاذب كفار. فقضى الله تعالى على هؤلاء الذين اتخذوا من دونه الهة طلبا للشفاعة والمنزلة والمكانة بحكمين انهم كاذبون وانهم كفار. ولذلك قال تعالى ان الله لا يهدي من هو كاذب كفار. فمن اعظم اسباب منع الهداية وحجبها الكذب على الله عز وجل والكفر به سبحانه وبحمده فان ذلك موجب عقوبته وهؤلاء يعبدونهم من دون الله زعما منهم انهم شفعاء ولذلك يقولون هؤلاء شفعاؤنا عند الله. فلما كانوا يعتقدون ان هؤلاء لهم جاه يتوسطون به لهم عند الله في لجلب النفع ودفع الضر وجهوا اليهم العبادات دعوهم من دون الله عظموهم وكان دعاؤهم وتعظيمهم هو العبادة التي ذكرها الله تعالى في الاية لقوله جل وعلا ما نعبدهم الا ليقربونا الى الله زلفى وكان ذلك افتراء على الله وكذبا وكفرا به. فالله جل وعلا بين الشفاعة على وجه لا يلتبس. وانه ليس كشفاعة الخلق بعضهم عند بعض. بل الشفاعة عنده مختلفة سبحانه وبحمده. فالشفاعة في الاصل هي الوساطة في هي الوساطة للغير في جلب نفع او دفع ضر. وهذه الوساطة قد تكون على وجه مشروع وقد تكون على وجه ممنوع ولذلك الشفاعة في القرآن نوعان شفاعة مثبتة وشفاعة منفية الشفاعة المثبتة كقوله تعالى قل لله الشفاعة جميعا. فاثبت الله تعالى شفاعة في كتابه مع انه جل وعلا نفى الشفاعة في مواضع عديدة من ذلك قوله جل وعلا فيما قصه عن اهل الكفر والشرك قال جل وعلا فما تنفعهم شفاعة الشافعين فنفى الشفاعة في هذه الاية وكذلك في قوله بما يقوله اهل الشرك يوم القيامة فما لنا من شافعين ولا صديق حميم. فالشفاعة جاءت في القرآن على نوعين شفاعة مثبتة وشفاعة منفية. فما هي الشفاعة المثبتة؟ وما طريق تحصيلها؟ وما هي الشفاعة المنفية وما طريق التوقي من التورط فيها. الشفاعة المنفية نوعان النوع الاول ما كان يعتقده المشركون في شفعائهم وانهم يجلبون لهم النفع ينفعونهم ويدفعون عنهم الضر من دون الله عز وجل. هذه الشفاعة المنفية. الشفاعة المنفية هي ما كان تعتقده اهل الشرك والكفر من ان من يتوجهون اليهم بالعبادات سواء كانوا من الملائكة او من الانبياء او من الصالحين او من الاشجار والاحجار او غير ذلك ذلك مما يعبدونهم من دون الله يجلبون لهم نفعا ويدفعون عنهم ضرا دون الله عز وجل وهذا هو المنفي في قوله تعالى فما شفاعة الشافعين اما النوع الثاني من الشفاعة المنفية فهي ايضا ما كان يعتقده المشركون من ان الشفعاء يشفعون دون اذن الله عز وجل ودون رضاه. وهذا نفاه الله عز وجل في محكم كتابه وقال ويعبدون من دون الله ما لا يضرهم ولا ينفعهم. ويقولون هؤلاء شفعاءنا عند الله كذبا وزورا كانوا يعتقدون ان فيهم نفعا وفيهم ضرا وانه يحصل منهم شفاعة دون اذن الله عز وجل فابطل الله تعالى ذلك وكذبهم فقال قل لله الشفاعة جميعا. فلا تطلب من غيره ولا يقصد بها سوى وقد قال الله تعالى وانذر به الذين يخافون ان يحشروا الى ربهم ليس لهم من دونه ولي ولا شفيع فليس للخلق ولي ينصرهم دون الله عز وجل. ولا شفيع يتوسط لهم دون الله عز وجل. بل لا يشفعون الا باذنه ولا يشفعون الا برضاه. اذا الشفاعة المنفية في القرآن نوعان. النوع الاول الشفاعة التي كان عددها المشركون من ان اعبادة غير الله تجلب لهم نفعا وتدفع عنهم ضرا ينجي الله الذين اتقوا بايش؟ بمفازتهم اي بما يفوزون به من رضوان الله تعالى وعطائه وهبة اما ما من عداه من الخلق فهم مربوبون عاجزون عن ان يوصلوا الى الى غيرهم واما النوع الثاني من الشفاعة المنفية في القرآن فهي الشفاعة التي تكون دون اذن الله تعالى ورضاه. اما الشفاعة المثبتة في القرآن فهي ايضا نوعان. النوع الاول شفاعة اشخاص شفاعة اشخاص يشفعون فيمن شاء الله تعالى ان يشفع من الملائكة والانبياء والصالحين وغيرهم ممن يأذن الله تعالى لهم بالشفاعة. وهذا ما ذكره الله تعالى في قوله. ومن الليل فتهجد به نافلة قال لك عسى ان يبعثك ربك مقاما محمودا. فالمقام المحمود فسره ابن عباس رضي الله تعالى عنه بانه شفاعة النبي صلى الله عليه وسلم للخلق يوم القيامة في ان يأتي الله عز وجل لفصل القضاء. هذا نوع من الشفاعة هو مثبت في القرآن وهو شفاعة اشخاص لكن لها شروط وشروطها ان يأذن الله للشافع وان يرضى الله تعالى عن المشفوع فلا تكونوا الا باذن الله ولا تكونوا الا برضاه كما سيأتي بيانه وايضاحه في ادلة الكتاب والسنة. اذا هذا النوع الاول من الشفاعة المثبتة وهي شفاعة اشخاص يأذن الله تعالى لهم الشفاعة كالانبياء والملائكة والصالحين والشهداء ومن يأذن الله تعالى له بالشفاعة من اهل الايمان اما النوع الثاني من الشفاعة المثبتة فهي شفاعة الاعمال. شفاعة الاعمال وهي ما جاء من ان بعض الاعمال يشفع يشفع لصاحبه يوم القيامة. من ذلك ما جاء في الصحيح من حديث ابي امامة الباهلي رضي الله تعالى عنه ان النبي صلى الله عليه وسلم قال اقرأوا القرآن فانه يأتي يوم القيامة شفيعا لاصحابه فهذه شفاعة اعمال تشفع لاصحابها يوم القيامة. وهذه شفاعة مثبتة بدلالة السنة. اذا الشفاعة المثبتة نوعان شفاعة من يأذن الله تعالى له بالشفاعة من الملائكة والانبياء والرسل والصالحين والشهداء والصديقين هؤلاء يشفعون لكن شفاعتهم باذن الله فلا يسعون الا باذنه ولا يشفعون الا لمن ارتضى. النوع الثاني من الشفاعة المثبتة هي شفاعة الاعمال التي جاء ذكر امثال لها في السنة من ذلك شفاعة القرآن وكذلك شفاعة الصيام وجاء في بعض الاعمال انها تشفع ذكر المؤلف رحمه الله جملة من الايات ثم بعد ذلك ذكر تعليقا على الايات من كلام شيخ الاسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى. فنطلع اولا على الايات التي ذكرها ثم نقف مع ما نقله من تعليق على هذه الايات من كلام شيخ الاسلام الحبر الهمام احمد بن عبد الحليم ابن تيمية رحمه الله يقول المصنف رحمه الله الامام محمد بن الوهاب يقول وقول الله تعالى وانذر به الذين يخافون ان يحشروا الى ربهم. انذر به يعني خوف به الذين يخافون ان يحشروا الى ربهم اي يؤمنون بيوم القيامة ويخافون العودة الى الله عز وجل لانه يوم عظيم يحاسبون فيه على النقير والقطمير القليل والكثير وانذر به الذين يخافون ان يحشروا الى ربهم ليس لهم من دونه ولي ولا شفيع ليس لهم من دون الله ولي ينصرهم او يحميهم او ولا شفيع ان يتوسط لهم في دفع المضرة عنهم او في جلب النفع لهم. فنفى الله تعالى الولي وهو المحب الناصر ونفى الله جل وعلا الشفيع وهو المتوسط لغيره في جلب منفعة او دفع مضرة فقد امر الله تعالى رسوله بان ينذر هؤلاء الذين يؤمنون بيوم القيامة ويخافون يوم الحسد الذي يحشر الله تعالى فيه الخلائق للحساب والمجازاة والذين يستعدون لذلك اليوم بصالح الاعمال بالتقوى والايمان فانه لا يجزي والد عن ولد في ذلك اليوم ولا يسأل حميم حميما. كما قال تعالى يوم لا تملك نفس لنفس شيئا والامر يومئذ لمن لله جل في علاه فلا تملك نفس كل نفس لكل نفس اي شيء بل كل الامر لله عز وجل فلا يطلب الخير الا منه. ولا يتوجه الا اليه. ولا يحصل شيء الا بامره فيها علاه في ذلك اليوم ففي ذلك اليوم كل يأتي ربه فردا كما قال تعالى ان كل من في السماوات والارض الا اتي الرحمن العبد اي ذليلا خاضعا لقد احصاهم وعدهم عدا فالنجاة في ذلك اليوم لا تكون الا برحمته وفضله وانعامه ومرضاته فالنجاة متوقفة على رضاه والسعادة صابرة عما قضاه من الايمان والعمل الصالح الذي يأتي به اصحابه فينجون بتقواهم كما قال تعالى نفى هنا الشفاعة لما كان يعتقده الجاهليون من ان غير الله يشفع من دون اذنه ولا رضاه ولنفي ما كان يعتقده الجاهليون من ان شفاعة من يقصدونهم بالعبادة تنفع دون الله عز وجل. اما الاية الثانية التي ذكرها فهي قوله تعالى قل لله الشفاعة جميعا هذه الاية تثبت الشفاعة او تنفيها تثبتها لكنها تثبتها لله وحده لا شريك له. وقد قال الله جل وعلا في الاية قبل ان اخذوا من دون الله شفعاء فاخبر انهم اتخذوا من دونه شفعاء وانهم لا يملكون لمن يسألهم او يقصدهم شيئا كما قال تعالى ولا يملك الذين يدعون من دونه الشفاعة الا من شهد بالحق وهم يعلمون ثم انه جل وعلا اخبر انفراده بالملك الشفاعة فقال قل يا محمد لهؤلاء الذين تعلقوا بغير الله عز وجل وطلب الشفاعة اتى من سواه قل لهم يا محمد الشفاعة لله لا لسواه. يقول الله جل وعلا ونسوق المجرمين الى جهنم وردا. نسوق لمين؟ الى جهنم وردا اي يردونها على نحو ما وصف الله عز وجل. لا يملكون شفاعة اي لا يملكونها ولا يقدرون على نيلها. ولا على تحصيلها الا من اتخذ عند الرحمن عهدا فان الشفاعة لا تكون الا لمن وعد الله تعالى ان ينالها وهم اهل طاعته واهل توحيده واهل الايمان به ولذلك قال تعالى قل لله الشفاعة جميعا. فنفى الله عز وجل ان تكون الشفاعة لغيره والنفي هنا معنوي لانه جاء في الخبر عن الشفاعة بصيغة الاثبات الذي قدم فيه محقه التأخير فقال قل الشفاعة وتقديم ما حقه التأخير يفيد الحصر فقوله تعالى قل لله الشفاعة جميعا اي ليست لغيره ولا تطلب من سوى بل لا ترجى الا منه جل في علاه. ولا تسأل الا من قبله سبحانه وبحمده. فكل الشفاعة عنده وله سبحانه وبحمده فلا تطلب الا من الله عز وجل لا تطلب من نبي ولا من ملك ولا من من صالح ولا من غيرهم من الخلق بل في يوم القيامة في الموقف العظيم اذا جاء الخلق الى الانبياء واولي العزم من الرسل يطلبونهم الشفاعة يستأذن يستأذن النبي صلى الله عليه وسلم بعد ان يقول انا لها انا لها فيأتي لا يطلب الشفاعة اولا لا يتقدم بالشفاعة اولا بل يسجد ذليلا بين يدي الله عز وجل ويمجده ويقدسه ويحمده بما هو اهله ثم اذا شاء الله تعالى قال له يا محمد ارفع رأسك وقل يسمع واشفع تشفع وهذا اذن من عز وجل في الشفاعة وليعلم ان الشفاعة لا تطلب الا من الله فكل الشفاعات له فلا يطلب تطلب شفاعة من سواه سبحانه وبحمده. ولهذا سؤال الشفاعة من النبي صلى الله عليه وسلم لا يخلو من حالين. الحالة الاولى سؤال الشفاعة منه صلى الله عليه وسلم في حياته. فهذا لا بأس وهو جائز وهو نظير الدعاء الذي يدعو به صلى الله عليه وسلم لمن شاء الله تعالى ان ينفعه بدعاء النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم. كما قال عكاشة ابن محصن للنبي صلى الله عليه وسلم لما اخبر عن السبعين الفا الذين يدخلون الجنة بغير حساب ولا عذاب ماذا قال؟ قال يا رسول الله ادع الله ان يجعلني منهم فقال انت منهم فاخبره بانه منهم رضي الله تعالى عنه هذا نوع من الشفاعة لانه وساطة في جلب خير ودفع ضر لكنه في الحياة باذن من الله عز وجل لانه اذن له ان يدعو للمؤمنين وقد رضي الله تعالى عن المشفوع فيه فهو من اهل الايمان والتوحيد. فقال صلى الله عليه وسلم انت منهم. فهذا لا حرج فيه. اما بعد صلى الله عليه وسلم فان سؤال الشفاعة منه للعلماء فيه قولان. القول الاول انه شرك وكفر بالله عز وجل. لان الله تعالى قال قل لله الشفاعة جميعا وسؤالها منه بعد موته هو سؤال للشفاعة من ممن لا يقدر عليها فهي لله لا تطلب من سواه. قل لله الشفاعة جميعا. وقال بعض اهل العلم ان سؤال الشفاعة منه صلى الله عليه وسلم بعد موته بدعة من كرة وهو من الشرك الاصغر الذي يفظي بصاحبه اذا تمادى يفضي بصاحبه الى الشرك الاكبر فينبغي للمؤمن ان يتوقى ذلك وان يحذره ففي كلا الحالين هو مما نهي عنه فلا تطلب الشفاعة منه صلى الله عليه وسلم بعد موته فلا يسوغ لاحد ان يقول سواء عند قبر النبي صلى الله عليه وسلم او في غيره من المواضع ان يقول يا رسول الله اشفع لي فانه لا تطلب الشفاعة الا من الله قل لله الشفاعة جميعا اما ثالث ما ذكر من الايات الان الاية الاولى نفت الشفاعة وقد ذكرنا ان الشفاعة المنفية هي الشفاعة الشركية التي يعتقد فيها نفع الشافع دون اذن الله ورضاه والشفاعة الشركية التي تقتضي ان يتقرب الناس الى غير الله ممن يرجون شفاعتهم ويأملون نفعهم منهم دفع الضر وتضمنت الاية الاخرى اثبات الشفاعة وهي في شفاعة من يقضي الله تعالى له بالشفاعة وسيأتي انواع الشفاعة فيما نتكلم عنه بعد قليل