بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله حمدا كثيرا طيبا مباركا فيه. احمد ربي تعالى واشكره واستعينه واستغفره واشهد ان لا اله الا الله وحده لا شريك له واشهد ان سيدنا ونبينا محمدا عبد الله ورسوله وصفيه وخليله اللهم صلي وسلم وبارك عليه وعلى ال بيته وصحابته ومن تبعهم باحسان الى يوم الدين اما بعد فهذا مجلسنا المتمم للاربعين بعون الله تعالى وتوفيقه. وهو ايضا المتمم للكتاب الثالث. وهو في الاجماع من كتب متن جمع الجوامع في اصول الفقه للامام تاج الدين ابن السبكي رحمة الله عليه هذا المجلس نتم فيه ما بدأناه في مجلس البارحة من الحديث عن دليل الاجماع ودليل الاجماع هو ثالث الادلة الشرعية التي يستند اليها فقهاء الاسلام وهي مستنبط الاحكام وبناء الشريعة عليها بعد دليل القرآن ودليل السنة ياتي ثالثا دليل الاجماع ولذلك جعل المصنف رحمه الله الكتاب الاول في دليل القرآن والكتاب الثاني في دليل السنة وقد مضى ما يتعلق بهذين الكتابين من مسائل واحكام ثم هذا هو الشروع في ثالث الكتب وهو كتاب الاجماع كتاب الاجماع مضى معنا في مجلس البارحة تعريفه ثم الحديث عما فرعه المصنف رحمه الله من المسائل بناء على هذا تعريف فذكر جملة من المسائل منها على سبيل المثال اختصاص الاجماع بالمجتهدين وخلاف دخول العوام في الاجماع او عدم دخولهم ثم الحديث عن اشتراط العدالة في اهل الاجماع اوليس كذلك. ثم انتقل المصنف رحمه الله الى ما يشترط في الاجماع انعقد هل هو كل المجتهدين؟ فيضر مخالفة احدهم ان خالف؟ ام هو الاكثر؟ فتضر مخالفة الاثنين او اسأوا ما بلغ التواتر الى اخر ما ذكره من اقوال انتقل بعد الى اجماع الصحابة واجماع من بعدهم وايهما المتحقق على قول الجمهور وعلى ما هو المحقق عند غيرهم ثم انتقل اخيرا الى صور من الاجماع ليست اجماعا ينعقد في فئة من اهل الامة مثل اهل المدينة او اهل الحرمين او اهل المصريين الكوفة والبصرة او اهل البيت او الشيخين او الاربعة الخلفاء وان ذلك ليس من صور الاجماع التي تعد دليلا شرعيا. وان كان قولا وجيها اذا صدر عن بعض من ذكر قبل قليل وختمنا فيما بعد بمسألة اشتراط انقراض العصر او عدم اشتراطه ثم كان الوقوف اخيرا عند مسألة التمسك باقل ما قيل وعادة ما يذكرها سوريون في مسائل الاجماع فيكون ابتداؤنا في مجلس الليلة منها ان شاء الله تعالى لنتم ما يتعلق بها وباقي المسائل على اتباع ان شاء الله. نعم بسم الله الرحمن الرحيم. الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على اشرف الانبياء والمرسلين. نبينا محمد وعلى اله وصحبه اجمعين قال المصنف رحمه الله وغفر له ولشيخنا وللسامعين وان التمسك باقل ما قيل حق اما السكوتي فثالثها حجة. قول المصنف وان التمسك باقل ما قيل حق كل هذا كما مر بكم البارحة عطف متتابع منذ ان قال رحمه الله في صدر المسألة فعلم كذا وكذا وكذا فهذا معطوف على ما سبق يعني وعلم من الاجماع بشرطه وبتعريفه المذكور انفا ان التمسك باقل ما قيل حق المقصود من مسألة التمسك باقل ما قيل وهي تتضح بالمثال اختلف العلماء في دية الذمي اذا قتل على ثلاثة اقوال فقول ان ديته كدية المسلم كاملة وقول ثان ان ديته على النصف من دية المسلم وقول ثالث انها على الثلث من دية المسلم فالاقوال الان كما ترى ثلاثة فلو نظرت لوجدت الثلث ثم النصف ثم كامل الدية اقوال مختلفة لو نظرت فوجدت الثلث هو اقل هذه الثلاثة قدرا فهل يصح ان تقول ان هذا القدر وهو الثلث هو القدر المشتمل في جميع الاقوال وبالتالي يصح ان نقول ان القول بان دية الذمي هي الثلث قول مجمع عليه لان صاحب النصف هو عبارة عن ثلث وزيادة وصاحب القول بالدية الكاملة هو عبارة عن ثلث زائد ثلثين هنا قال المصنف رحمه الله وان التمسك باقل ما قيل حق. ينسب الاصوليون عادة الى الامام الشافعي رحمه الله تعالى هذه القضية وهو ان التمسك باقل ما قيل حق بمعنى انه صورة من صور الاجماع بمعنى انه يستطيع ان يستدل القائل بان الدية على الثلث يستطيع ان يستدل فيقول قولي فيما ذهبت اليه وهو ان الدية ثلث محل اجماع هل يصح استعماله هذا الدليل؟ فاذا قيل اين الاجماع وهي اقوال مختلفة؟ يقول لا الثلث الذي انا اقول به اتفقوا عليه فالقائل بانها نصف يشمل الثلث وزيادة وكذلك القائل بانها دية كاملة. السؤال هو هل يصح ان نعتبر هذا صورة من صور الاجماع؟ فيستدل بها على خلاف المنسوب للامام الشافعي رحمه الله تعالى هذا القول وهو مذهبه ويرى ان اي مسألة فيها اقوال فالقدر الاقل منها محل اجماع الا ان دل الدليل على الزائد فيقول به كمثل الخلاف في وجوب غسل نجاسة الكلب قيل ثلاث وقيل سبع فاخذ بالسبع وترك الاقل لان الدليل قد جاء بالنص فيه على اعتباره سبع غسلات هذا المنسوب الى الامام الشافعي رحمه الله تعالى ومثله في مسألة الواجب في مسح الرأس في الوضوء على اقوال. قيل الواجب مسح الرأس كله وقيل يكفي فيه الربع وقيل يكفي فيه اقل ما ينطلق عليه اسم المسح وهو بمقدار ثلاثة اصابع ونحوها لما يصير الشافعية الى ان اقل القدر مجزئ وهو القدر الواجب في بعض استدلالاتهم الفقهية يقولون هذا القدر محل اجماع لان القائل بانه ربع الرأس هو عبارة عن هذا القدر وزيادة والقائل بانه جميع الرأس وقائل بهذا القدر وزيادة فهذا متمسك المصنف رحمه الله وهو شافعي يقول ان التمسك باقل ما قيل حق هل قصد انه اجماع؟ هو لم يصرح بهذا بعض الاصوليين يعتبرون هذا نوعا من الاجماع وصورة من صوره. ويبنون عليه مسائل فقه الامام الشافعي رحمه الله. والصواب ليس كذلك بل ما صار اليه الشافعي رحمه الله تعالى بهذا الاعتبار هو نظر الى اجتهاد فكان احد معضدات قوله الاحتياط بالنظر الى ان هذا القدر قول مشترك لكن ليس بالضرورة بكونه قدرا مشتركا ان يوصف بانه اجماع لما؟ لان القائل بان الدية في الدين مثلا انها النصف هو لا يقول باجزاء الثلث لاحظ معي الاجماع بمعنى الاتفاق الذي لا يجوز مخالفة غيره. وصاحب النصف صحيح ويقول بالثلث. لكن بالثلث مع الزيادة فلا يقول باجزائه وهذا القدر هو محل الخلاف القائل بان الدية هي النصف صحيح انها ثلث وزيادة لكنه يرى الثلث قدرا لا يجزئ في الدية ومن باب اولى من يقول باكثر من هذا. نبه الامام الغزالي رحمه الله على هذا المسلك في تقريره واعتباره صورة اجماع يتكأ عليها في نصرة مذهب الشافعي. فقال رحمه الله تعالى وظن ظانون وظن ظانون انه تمسك بالاجماع وهو سوء ظن بالشافعي رحمه الله فان المجمع عليه وجوب هذا القدر فلا مخالف فيه. وانما المختلف فيه سقوط الزيادة. الزيادة على الثلث هل هو الى النصف فيزيد السدس او يزيد الثلثين الى الدية الكاملة؟ قال وانما المختلف فيه سقوط الزيادة ولا اجماع فيه. قل هذا هو محل الخلاف ولا يتحقق فيه اجماع. قال بل لو كان الاجماع على الثلث اجماعا على سقوط الزيادة اكان موجب الزيادة خارقا للاجماع؟ ولكان مذهبه باطلا على القطع لكن الشافعي اوجب ما اجمعوا عليه. وبحث عن تارك الادلة فلم يصح عنده دليل على اجاب الزائد فرجع الى استصحاب الحال في البراءة الاصلية التي يدل عليها العقل هو تمسك بالاستصحاب ودليل العقل لا دليل الاجماع. هكذا قرر في المستصفى رحمه الله تعالى