الحمد لله حمدا كثيرا طيبا مباركا فيه. والصلاة والسلام على عبد الله ورسوله نبينا محمد وعلى اله وصحابته والتابعين ومن تبعهم باحسان الى يوم الدين اما بعد فهذا هو مجلسنا الحادي والاربعون بعون الله تعالى وفضله وتوفيقه نستأنف فيه دروس شرح متن جمع الجوامع امام تاج الدين بن السبكي رحمة الله عليه. وما زلنا في سلسلة شرح هذا المتن المبارك حتى انتهينا في درسنا الماضي من تاريخ كتب المتن وهو كتاب الاجماع. ونشرع الليلة بعون الله تعالى وتوفيقه في الكتاب الرابع وهو المخصوص للقياس والقياس كما تعلمون هو رابع الادلة الشرعية التي تستنبط منها احكام الشريعة عند الفقهاء الحديث عن القياس حديث عن دليل من ادلة الشريعة يأتي رابعا بعد الكتاب والسنة والاجماع. ويعد ضمن الادلة المتفق عليها رغم خلاف الظاهرية فيه وبعض من خالف في بعض انواع القياس كما سيأتي في درس الليلة ان شاء الله ومع هذا الخلاف فان ذكر القياس في عداد الادلة المتفق عليها مرجعه الى ان الخلاف فيه غير معتبر بالنظر الى ان خلاف الظاهرية ولذلك امثلة عديدة ليس المجال في سردها وعرضها كمثل قوله عليه الصلاة والسلام لما سئل ايأتي احدنا شهوته ويكون له فيها اجر؟ قال ارأيتم اذا وضعها في حرام ما كان عليه وزر فكذلك اذا وضعها في الحلال كان له اجر ومثل قوله عليه الصلاة والسلام لما سأله الاعرابي عن ابن له ولدته امرأته بلون مختلف هل لك من ابل قال نعم. قال فما الوانها؟ قال حمر. قال هل فيها من اورق؟ قال نعم. قال فانى اتاها ذلك؟ قال لعله نزعه عرق قال وهذا لعله نزعه عرق. ولهذا امثلة متعددة فيها الاشارة الى الاعتبار بالنظائر والاشباه والامثال وهذا هو حقيقة القياس على كل فالمقصود ان خلاف الظاهرية ونفاة القياس غير معتبر في هذا الباب لجلاء الادلة ووضوحها فقهاء الامة على التتابع باعتبار هذا الدليل لكن باستيفاء شروطه وتحقيق وجوه الصحة فيه. والقيام بهذا الاعتبار كما يقول امام الحرمين الجويني رحمه الله وهو يتحدث عن القياس يقول هو مناط الاجتهاد اذا تحدثنا عن رتبة الاجتهاد في فقه الشريعة فيرى ان معقل الاجتهاد هو القياس يقول رحمه الله هو مناط الاجتهاد. ومنه يتشعب الفقه. يقول لان نصوص الكتاب والسنة محصورة ومواقع الاجتهاد معدودة والوقائع لا نهاية لها ثم مضى رحمه الله حتى قال والمختار عندنا انه لا تخلو واقعة من حكم شرعي فالمسترسل على جميعها بالقياس فمن عرف تقاسيمه والاعتراض عليه وما يتعلق به فقد احتوى على مجامع الفقه اذا فكان الفقهاء منذ وقت مبكر يرون ان العناية بباب القياس هو استمساك بباب متين من عرى الفقه الوثيقة وان عدم العناية به فوات لباب كبير من فقه الشريعة والنظر في ادلة احكامها من اجل ذلك يخص الاصوليون في مباحث الاصول كتابا للقياس او بابا. يذكرون فيه مسائل مهمة اهمها بعد الحديث عن تعريفه وصفته والاستدلال على مشروعيته والرد على نفاته ذكر انواعه ثم الحديث عن بناء القياس بوجه الصحيح لان هذا عليه الكلام ولن يكون القياس صحيحا الا اذا تحققت العلة فيه بشكل منضبط ثم تم البناء بوجه صحيح. ولهذا فتأتي مباحث العلة في القياس في اتساع من القول واسترسال وتفصيل لانها معقل القياس وبابه الاكبر اقول من اجل ذلك سيأتي الحديث في مجلس الليلة ان شاء الله عن تعريف القياس وذكر مواقف فقهاء الاسلام من الاحتجاج به اما اثباته جملة او نفيه جملة او اثباته في بعض المواضع دون بعض كما سيأتي عرضه وسرده بعد قليل. نعم بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى اله وصحبه ومن والاه. اما بعد. اللهم اغفر لنا ولشيخنا وللحاضرين. قال الامام السكي رحمه الله تعالى الكتاب الرابع في القياس وهو حمل معلوم على معلوم لمساواته في علة حكمه عند الحامل. وان خص بالصحيح حذف الاخير ابتدأ رحمه الله تعالى بتعريف القياس. ولم يذكر التعريف اللغوي كعادته في المتن. ويقول اهل العلم القياس في اللغة هو والتقدير القياس في اللغة هو التقدير ويستلزم او يستدعي التسوية. وهذا ادق من قول بعضهم في تعريف القياس لغة انه التقدير مساواة وتجد هذا في كثير من كتب الاصول يقولون القياس لغة التقدير والمساواة. يقال قسط الثوب بالذراع يعني قدرت طوله طوله بقدر الذراع فتقول هذا ذراعان وهذا الثوب ثلاثة اذرع فمعنى قياس الثوب هنا بالذراع تقدير طوله به تقدير طول الثوب بعدد الاذرعة. ويقولون في مثال التسوية يقاس فلان بفلان يعني يساويه في سرعته في ذكائه في طوله وما الى ذلك لكن الادق لغة ان يقال في تعريف القياس لغة هو التقدير وليس في شيء من معاني اللغة ولا في معاجمها في ذكر مادة قاسا ذكر التسوية. ولا تجد في معنى القياس الا التقدير لكن الادق كما يقول بعض الاصوليين انه تقدير والتقدير يستدعي التسوية انه يستلزم نسبة شيئين احدهما الى الاخر على وجه التسوة فاذا قدر به ظهرت المساواة. وليس هو الحقيقة في اللغة بمعنى التسوية وهذا ادق. ولذلك استخدم الاصوليون معنى القياس الاصطلاحي اخذا من هذا الباب اللغوي. عرف المصنف رحمه الله التعريف الذي سمعت حمل معلوم على معلوم لمساواته في علة حكمه عند الحامل القياس بتعريفه الواضح اليسير المبسط ان تقول ان عندك اصلا فيه حكم شرعي ثابت بدليل. وعندك فرع تريد ان تبحث له عن حكم يلائمه فنظرت الى وجه الشبه بينه وبين ذاك الاصل فوجدت العلة التي تقررت في الاصل موجودة في الفرع فعديت الحكم من الاصل الى الفرع والتعريف اليسير الذي يحفظه صغار الطلبة في تعريف القياس ان يقال فيه اثبات حكم الاصل في الفرع لعلة جارية جميعا او يقال تسوية الفرع بالاصل في حكمه لعلة جامعة. بل يقول الامدي في تعريفه في تعريف القياس الاستواء بين الفرع والاصل في العلة المستنبطة من حكم الاصل هذا تعريف الامدي. وابن الحاجب زاده اختصارا وتقليل الفاظ فقال مساواة فرع لاصله في علة حكمه مساواة فرع لاصله في علة حكمه. تلاحظ ان الامدي وابن الحاجب مع وضوح التعريف ويسره لكن غالب اصوليين يستخدموا التعريف الذي ذكره المصنف او قريبا منه. فيقال ومن اوائل من عرف بهذا التعريف الامام القاضي ابي بكر الباقلاني ثم اخذه الرازي والجويني والغزالي وعدد من اصوله يقولون اثبات مثل حكم معلوم في معلوم اخر اثبات مثل حكم معلوم في معلوم اخر لاشتراكهما في علة الحكم عند المثبت هذا التعريف تجده عند ابي الحسين البصري وتجده عند امام الحرمين تجده عند الرازي وعند الغزالي وعنده عدد كبير ممن جاء يعرف القياس ومن اوائل من اخذه وقرره القاضي ابو بكر الباقلان في التقريب والارشاد اقول لماذا عدلوا عن هذا التعريف المختصر مساواة فرع لا اصل في علة حكمه؟ يقولون لانه اشتمل في التعريف على لفظة فرع واصل وهما من اركان القياس ولا يصلح في التعريف ان تذكر المعرف او جزءا منه في التعريف والا لزم الدور. فعدلوا عن ذلك. لكن الحقيقة شأن التعريفات كما تقرر في اكثر من مرة التيسير والتقريب. فاذا تحقق هذا فلا حرج. وامام الحرمين لما جاء بتعريف قاضي ابي بكر وتكلم فيه وحرره اورد عليه بعض الاشكالات ثم قال ولكن الاحتراز في التعريفات شديد يعني لا تستطيع بعد جهد جهيد ان تصوغ تعريفا سالما من الاعتراضات على مقتضى صياغة الحدود المنطقية. لا تستطيع. وبالتالي فطالما سيقع اشكال فخذ بتعريف فيه اشكال لكنه ايسر واقرب واوضح. على كل تعريف المصنف رحمه الله مأخوذ من تعريف القاضي ومن جاء بعده لكنه غير بعض الالفاظ ما قال اثبات مثل حكم معلوم قال حمل معلوم على معلوم. ما المعلوم الاول وما الثاني الاول ما هو؟ حمل معلوم الفرع على معلوم الاصل. اذا المعلوم الاول هو الفرع المعلوم الثاني هو الاصل اذا كان معلوما فما الحاجة الى البحث عن حكمه ها يقول حمل معلوم اذا كان معلوما فما الحاجة الى البحث والقياس والتسوية والالحاق اي ولا يقصد معلوم الحكم يقصد معلومة العيب ما يقصد الحكم ولو كان معلوم الحكم ما بحثنا له عن قياس ولا غيره. فقولوا حمل معلوم يقصد به الشيء الذي يريد ان يبحث عن حكمه يعني المتصور الشيء المتصور وعمدا اختاروا لفظ معلوم ليشمل الموجود والمعدوم فيلحق كله بالقياس ويكون لفظ اشمل ولم يعبروا بشيء حمل شيء على شيء لقضية منطقية عند الاشاعرة والمعتزل وهو ان المعدوم هل يسمى شيئا او لا يسمى؟ قضية نحن في غنى عنها. فيقولون حمل معلوم على معلوم. حمله في ماذا قال لمساواته في علة حكمه. مساواة ماذا؟ لماذا عندك مساواة هي ضمير وفي ضمير غائب. مساواة ماذا؟ لماذا مساواة الفرع للاصل ممتاز. مساواة الفرع للاصل في علة حكمه اي علة حكم الاصل. يريد ان يقول طالما طالما استوى الفرع مع الاصل في علة حكمه اذا حملناه عليه بل المقصود بالحمل هنا اعطاؤه مثل حكمه لا يقولون اعطاؤه حكم الاصل حتى تعريف القاضي والرازي يقولون اثبات مثل حكم معلوم. ليش ما يقولون اثبات حكم معلوم يقولون لان الحكم عينه في الاصل ليس هو الذي ينتقل الى الفرع بل الذي ينتقل مثله لانك لو قلت اثبات حكم الاصل للفرع سحبت الحكم من الاصل واعطيته للفرع وهذا محال. وكما تلاحظ دقة في الصياغة. فيقولون اثبات مثل حكم معلوم. في لمعلوم اخر لاشتراكهما في علة الحكم. اذا الواضح المقصود يقول رحمه الله عند الحامل هذا القيد الاخير في التعريف اذا اردت ان يكون تعريفك شاملا للقياس الصحيح والفاسد معا. فتقول حمل معلوم على معلوم لمساواته في علة حكمه عند الحامل يعني عند المجتهد الذي يقوم بعملية الحمل والقياس ولم يريدوا ان يقولوا عند القائس ليش ها القائس اسم فاعل من قاسه. فطالما استخدمت في التعريف شيئا من المعرف او احد مشتقاتي وقعت في دور فما يريدون يقول عند القائس. طب ليش ما يقول عند المجتهد الطف من لفظة حامل لانه قد يقوم بالقياس مجتهد وقد يقوم به مقلد. فماذا تريد ان تقول عند الفقيه؟ قد يقيس غير فقيه. فبالتالي بحثوا عن اللفظ فقالوا وعند من يقوم بهذه العملية وطالما عرفت بالحمل اذا الذي يقوم به حامل فقالوا عند الحامل ومن يقول اثبات مثل حكم معلوم. سيقول عند عند المثبت عند من يقوم بهذا الفعل. جيد. قولهم عند المثبت او عند الحامل او عند المجتهد او عند القائس يعني بغض النظر ان يكون القياس صحيحا او فاسدا. المهم ان يكون عنده كذلك. طيب واذا اردت ان اخص التعريف بالقياس الصحيح ساقول هو ان يستوي الفرع مع الاصل في علة حكمه. ولا احتاج اقول عند القائس لاني اتكلم عن القياس الصحيح ولهذا قال وان خص بالصحيح حذف الاخير يعني حذفت الكلمة الاخيرة فلا تحتاج ان تقول عند الحامل. ستصوغ التعريف من غير اللفظة الاخيرة اذا اردت ان تخص التعريف بالصحيح منه فقط المثال الشائع يا اخوة عند الاصوليين في القياس هو مثال افتراضي لما يقولون يقاس النبيذ على الخمر بتحريمه بعلة الاسكار الجامعة بينهما. الاصل هو الخمر الثابت تحريمه نصا. والفرع هو النبيذ والعلة المشتركة الموجودة في الخمر وموجودة في النبيذ هي الاسكار. فكون الخمر حرمت لانها مسكرة ثم وجدنا العلة ذاتها في النبيذ فانه يحمل حكم الخمر وهو التحريم على النبيذ فيقاس عليه هذا المثال افتراضي لتقريب الصورة ونقول افتراضي لان الادلة الشرعية دلت على تحريم النبيذ اما ان تقول بعمومات الفاظ وان الخمر كله مسكر واما بخصوصه كما في حديث ابي بردة لما بعثه النبي صلى الله عليه وسلم يعني ابا موسى الى اليمن فسأله عن اشربة تصنع بها فقال وما هي؟ قال البدع والمزر. فقال كل مسكر حرام. فهذا التعميم يغني عن ان تقول ان الثابتة في النبيذ بالقياس والمقصود هنا ان تعرف ان الامثلة عندما تذكر على سبيل الافتراض والتمثيل ليس المقصود بها الا تقريب الصورة لا غير