بسم الله الرحمن الرحيم والحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيد الاولين والاخرين وعلى اله وصحبه وسلم تسليما كثيرا. اما بعد فاللهم اغفر لنا ولشيخنا وللحاضرين ولجميع المسلمين قال المصنف رحمه الله تعالى في العقيدة الطحوية ولا اله غيره قدير بلا ابتداء دائم بلا انتهاء لا يفنى ولا يبيد ولا يكون الا ما يريد لا تبلغه الاوهام ولا تدركه الافهام. ولا يشبه الانام شيء لا يموت قيوم لا ينام. خالق بلا حاجة رازق بلا مؤونة. مميت بلا مخافة. باعث بلا مشقة اه طيب الحمد لله رب العالمين واصلي واسلم على المبعوث رحمة للعالمين نبينا محمد وعلى اله واصحابه ومن اتبع سنته باحسان الى يوم الدين اما بعد يقول المصنف رحمه الله في العقيدة الطحاوية في جملة ما ذكر مما يتصل بالاصل الاول من اصول الايمان وهو الايمان بالله تعالى يقول رحمه الله ولا اله غيره وهذه الجملة هي مفتاح التوحيد هي مفتاح الاسلام وهي شعار التوحيد فان لا اله الا الله مفتاح الجنة وقوله رحمه الله ولا اله غيره بيان لما يستحقه بعد ان بين ما يتصف به جل في علاه فهو تفصيل للجملة الاولى التي قال فيها ان الله واحد لا شريك له ثم ذكر جملة ممن فرض الله تعالى به فابتدأ قوله ولا شيء مثله ولا شيء يعجزه ثم قال ولا اله غيره فهذا تفصيل لما تقدم من بيان انفراد الله تعالى بالكمال وانه لا شريك له في شيء مما يستحقه جل في علاه وقوله لا اله ولا اله غيره اي لا معبود حق الا هو هذا المعنى لا اله غيره او وهو معنى لا اله الا الله فلا اله الا الله ولا اله غيره معناهما اي لا اله لا معبود حق غيره لا معبود حق غيره فالاله هو المعبود الذي تألهه القلوب تعبده محبة وتعظيما ولذا في كلام العرب يطلق على كل ما قصد بشيء من العبادة ولذلك يقال في تعريف الاله انه اسم جنس لما قصد بشيء من العبادة هذا تعريف الاله اسمه جنس لما قصد بشيء من العبادة وهنا يتبين عموم النفي وان النفي هنا شامل لكل معبود سوى الله جل في علاه لانه قد قال لا اله غيره اي لا معبودة يستحق العبادة والمحبة والتعظيم غير الله فالاله اسم لما قصد بشيء من العبادة فلا شيء يستحق العبادة الا هو جل في علاه اما تقدير لا معبود حق فهذا مما تقتضيه اللغة فان الجملة لابد لها من خبر فلا اله غيره لابد لها من خبر حتى يتم الكلام فلذلك احتاج الى التقدير التقدير للمتكلمين في هذه الكلمة وشرحها عدة توجهات فمنهم من قدره بموجود فقال لا اله موجود الا هو لا اله موجود غيره والتقدير بموجود يوهم معنى باطل ولذلك تركه جماعات من اهل العلم وقالوا انه لما كان التقدير بموجود يوهم معان باطلة فانه لا يعتمد عليه ولا يقرر لان مقتضاه ان كل معبود دون الله فهو حق فهو اله لا اله في الوجود لا اله موجود غيره فيكون كل معبود من دون الله انما هو الله جل في علاه وهذا المعنى ذكره اهل وحدة الوجود حيث قالوا ان كل معبود في الدنيا هو الله فمن عبد الشمس عبد الله ومن عبد القمر عبد الله ومن عبد الاصنام عبد الله ومن عبد الصالحين عبد الله لانها كلها الله ولا ريب ان الذين قدروا بموجود ليسوا مستحضرين هذا المعنى لا يقصدون هذا المعنى هذا المعنى منحرف تأباه الفطر فانه لا يقول احد ان كل معبود في الدنيا هو الله والا لما كان لبعثة الرسل فائدة اذ كل معبود هو الله فكل من في الكون محقق لا اله الا الله فما فائدة بعثة الرسل وما فائدة ارسالهم واضح المعنى يعني اذا قدر الخبر بموجود فان هذا يستلزم ايش ان كل ما عبد من دون الله فهو اله الحق لانه الله كانك تقول ما في شيء يعبد في الدنيا الا هو الله هذا معنى لا اله موجود الا هو او الا الله او لا اله معبود غيره والصواب في التقدير ان يقال ومثله كائن لو قدر لا اله كائن لا اله في الكون كلها تدور على نفس الاشكالات التي في موجود واصح ما يقال في تقدير الخبر ان يقدر بحق لا اله حق الا الله اي لا معبود يستحق العبادة وهو اهل لها سواه جل في علاه وهذا التقدير يسلم به المؤمن من هذه توهمات التي ترد على هذه الجملة كما ان الله تعالى قد اخبر بانه الاله الحق فقال جل وعلا ذلك بان الله هو الحق وانما يدعون من دونه الباطل فتقدير حق موافق للقرآن وقال تعالى فذلكم الله ربكم الحق فماذا بعد الحق الا الضلال وقال تعالى فتعالى الله الملك الحق وكلها الايات والنصوص متواردة على اثبات هذا المعنى وانه الاله الحق جل في علاه ولاجل هذه الكلمة التي هي لا اله غيره لا اله الا الله قامت السماوات والارض فهي اصل الاسلام واساسه فلا يقر ايمان ولا يستقيم اسلام ولا يصلح حال احد الا بهذه الكلمة وقد جعلها النبي صلى الله صلى الله عليه وسلم مفتاح الاسلام وعاصمة الدم فقالا كما في الصحيحين من حديث عبدالله بن عمر وكذلك من حديث ابي هريرة امرت ان اقاتل الناس حتى يشهدوا ان لا اله الا الله وان محمدا رسول الله هذا حديث ابن عمر وفي حديث ابي هريرة امرت ان اقاتل الناس حتى يشهدوا ان لا اله الا الله حتى يقولوا لا اله الا الله فالنصوص في هذا متواردة على ان هذه الكلمة هي مفتاح الاسلام وهي اول المطالب هي اول المطالب اول ما يطلب من المكلفين الاقرار بلا اله الا الله كما انها اخر المطالب فمن كان اخر كلامي من الدنيا لا اله الا الله دخل الجنة كما في كما في الحديث الصحيح من حديث معاذ بن جبل رضي الله عنه ثم قال المصنف رحمه الله بعد تقرير الالهية قال قديم بلا ابتداء دائم بلا انتهاء وهذان الخبران مقترنان بهما يتحقق الكمال وبهما الاحاطة الزمانية فقوله رحمه الله قديم بلا ابتداء اي ان الله تعالى اول لا شيء قبله فقوله قديم بلا ابتداء اشارة الى ما اخبر الله تعالى به عن نفسه في قوله هو الاول وبما واشارة الى ما اخبر به رسوله صلى الله عليه وسلم في قوله انت الاول فليس قبلك شيء وعبر عنه لفظ القديم لانه شائع في استعمال المتكلمين حيث يطلقون القديم على الاول هذا المعنى تعقبه بعض الشراح وقال ان المصنف رحمه الله ينتقد عليه في هذه الرسالة او مما ينتقد عليه في هذه الرسالة انه وصف الله بالقديم فقال قديم بلا ابتداء يعني ليس له بداية فهو اول ليس قبله شيء والقديم ليس من اسماء الله عز وجل وهذا صحيح من حيث تقرير فانه ليس باسماء الله تعالى القديم الم يذكر الله تعالى القديم في اسمائه ولم يذكره به النبي صلى الله عليه وسلم فمن حيث الانتقاد بان القديم ليس من اسماء الله هذا صحيح لكن هل هذا وارد على كلام المؤلف المؤلف لم يذكر ذلك في سياق ذكر اسماء الله عز وجل ولم يذكره على انه اسم من اسمائه انما ذكره على وجه الاخبار فقال قديم بلا ابتداء فهو يخبر عن الله تعالى بالقدر ولهذا ليس هذا الانتقاد متوجها على كلام المؤلف صحيح ان القديم ليس في اسماء الله لكن المؤلف لم يذكر هذا الامر في جملة اسمائه جل في علاه ولم يذكره على انه اسم من اسماءه انما ذلك على وجه الخبر فقال قديم بلا ابتداء ومعلوم ان باب الاخبار اوسع من باب الاسماء والصفات فانه يجوز الاخبار عن الله تعالى بما لم يأتي لفظه في كتاب الله تعالى او في سنة النبي صلى الله عليه وسلم من المعاني الصحيحة اللائقة بالله تعالى هذا مما قرره اهل العلم ولا اشكال فيه ان باب الاخبار اوسع فيجوز ان تخبر عن الله تعالى بلفظ لم يأتي ذكره في الكتاب ولا في السنة شريطة ان يكون ذلك اللفظ يتضمن معنى صحيحا يضاف الى الله جل في علاه ومنه هذا في قوله قديم بالابتداء دائم بلا انتهاء والذين استعملوا كلمة القديم المكان الاول يريدون بالقديم الاول لكنهم يقولون المراد بالقدم ولذلك يقولون المراد بالقدم القدم الازلي يعني الذي لا اول له لا بداية له وهو معنى قوله قديم بلا ابتداء يعني ليس له بداية وهذا ما يعرف باصلاحات المتكلمين بالازل الازل هو ما لا بداية له. الشيء الذي لا بداية له والافضل والاكمل ان يستعمل في ذلك ما جاءت به السنة وما جاء ما جاء به القرآن والسنة بل هذا هو الواجب فيما اذا كان ذلك على وجه الاسم فلا يسمى الله تعالى الا بما سمى به نفسه او سماه به رسوله لكن هنا الانتقاد منفك عن كلام المؤلف من جهة ان المؤلف ذكر ذلك على وجه ايش الاخبار ثم قال رحمه الله قديم بلا ابتداء دائم بلا انتهاء دائم هذا معنى اسمه الاخر الاخر هو الذي ليس بعده شيء كما جاء ذلك في القرآن وفي السنة فيما رواه للصحيح من حديث ابي هريرة رضي الله عنه وانت الاخر ليس فليس بعدك شيء وبهذا وبهذين الاسمين الاول والاخر يتحقق الكمال لله عز وجل في الاحاطة بكل شيء زمانا فهو الاول الذي ليس قبله شيء والاخر الذي ليس بعده شيء لا ينافي كون الله تعالى هو الاخر تموت وصف ثبوت وصف اه والثبوت الخلود لاهل الجنة فانه يقال لاهل الجنة كما في الصحيح خلود فلا موت فهم باقون بقاء ممتدا بعد هلاكهم وبعثهم فهذا البقاء هو من من من الله جل وعلا والخلق فيه فقراء الى الله ولذلك يخبرهم به الله جل وعلا يا اهل الجنة خلود فلا موت ويا اهل النار قلود فلا موت فخلود من يخلد ومن يبقى انما هو باعطاء الله تعالى وهبته ومنتي فليس خلودهم ذاتيا بخلاف اخرية ربنا جل في علاه انه الاخر الذي ليس بعده شيء فانه سبحانه وبحمده مستحق ذلك لذاته فهو الاول ليس قبله شيء الاخر الذي ليس بعده شيء بعد ذلك قال المصنف رحمه الله لا يفنى ولا يبيد لا يفنى ولا يبيد وهذا فيه تقرير المعنى المتقدم من انه دائم بلا انتهاء فهذا النفي لاثبات كمال الديمومة كمال البقاء كمال الاخرية فهو موافق طريقة القرآن في استعمال النفي لاثبات كمال الظد وليس نفيا محضا ولذلك يقول رحمه الله لا يفنى ولا يبيد. لا يفنى اي ان الله تعالى لا يلحقه هلاك سبحانه وبحمده فالفناء والهلاك ولا يبيت اي لا ينقطع ولا ينتهي فالبيت يدور معناه على الانقطاع والانتهاء. والمعنيان متقاربان وهو لتقرير هذا المعنى لا يفنى ولا يبيد ويمكن ان يقال في التفريق ان الهلاك بفعل والبياد من غير فعل فكلاهما منتف عنه جل في علاه وعلى كل حال المعنى متقارب والمقصود ان الله تعالى باق بقاء لا يلحقه هلاك ولا انتهاء فهو تقرير لمعنى الاخر وقد دل على ذلك قوله جل وعلا وتوكل على الحي الذي لا يموت فنفي الموت عنه سبحانه وبحمده اثبات البقاء الدائم الذي لا ينقطع فحياته حياة كاملة لا تنقضي ولا تنقطع بخلاف ما عدا من الخلق فانهم يفنون وينقطع وتنقطع حياتهم قال الله جل وعلا كل من عليها فان ويبقى وجه ربك ذو الجلال والاكرام. وقال سبحانه وبحمده كل شيء هالك الا وجهه فاخبر عن هلاك غيره وعن بقائه في الايتين فاثبت لذاته البقاء ولغيره الهلاك والفناء فكان الاول الاخر جل في علاه