عليه ان يفتدي من فعل هذا المحظور بفدية ثم بينها جل وعلا ففدية من من بيانية بين الله تعالى فيها خصال الفدية وهي واحد من ثلاثة ففدية من صيام او صدقة ومحياهمات لله رب العالمين الحمد لله حمدا كثيرا طيبا مباركا فيه احمده حق حمده واشهد ان لا اله الا الله اله الاولين والاخرين. لا اله الا هو رب العرش العظيم. واشهد ان محمدا عبد الله ورسوله. صلى الله عليه وعلى اله وصحبه ومن اتبع سنته واقتفى اثره باحسان الى يوم الدين فان الله عز وجل ذكر في سورة البقرة اصول الفرائض واركان الاسلام فذكر في اول ما ذكر من اعمال اهل الاسلام الصلاة ثم ذكر بعد ذلك الزكاة ثم ذكر الصوم ثم ذكر الحج وكان نبدأ ذكر ما يتصل بالحج في قول الله تعالى واتموا الحج والعمرة لله. سنقرأ الاية ان شاء الله تعالى ونقف مع ما جاء في تفسيرها في صحيح الامام البخاري فنسأل الله عز وجل ان يرزقنا العلم النافع والعمل الصالح بسم الله الرحمن الرحيم. واتموا فان احصرتم فما استيسر من الهدي ولا تحلبوا انفسكم حتى يبلغ الهدي محله. ومن كان من من الرأس. ففدية او صدقة او نسك تمتع بالعمرة الى الحج واستيسر من الهدي. ومن لم ثلاثة ايام في الحج وثبات اذا رجعتم كاملة. ذلك لمن لم يكن اهله حاضر مسكين واتقوا الله واعلموا ان الله شهيد امر الله عز وجل في الاية السابقة بالانفاق فقال جل وعلا وانفقوا في سبيل الله ولا تلقوا بايديكم الى التهلكة ثم قال جل في علاه احسنوا ان الله يحب المحسنين. بعد ذلك ذكر الله تعالى اعمال النسك من الحج والعمرة. فقال سبحانه وبحمده واتموا الحج والعمرة لله. فان احصرتم فما استيسر من الهدي ولا تحلقوا رؤوسكم حتى يبلغ الهدي محله. ثم قال فمن كان منكم مريضا او به اذى من رأسه ففدية من صيام او صدقة او مسك. تأمل اخي الكريم هذا الترتيب في هذه الايات الكريمات التي تضمنت الامر باقامة الحج والعمرة واخلاصهما لله عز وجل. يقول الله تعالى واتموا الحج والعمرة لله. اي اتموا هذين العملين مستحضرين ان كل ما فيهما من عمل ومن سعي ومن جهد ومن ابن مال ومن انتقال ومن سائر شعائرهما واعمالهما ان ذلك كله لله اكده الله تعالى في فريضة الحج عندما ذكر فرضها فقال سبحانه وبحمده ولله على الناس حج البيت من استطاع اليه سبيلا. فاول ما ذكر الله تعالى في شأن هذه الفريضة هذه الشعيرة العظيمة ذكر المقصود بالعمل وان العمل لله عز وجل لسواه. فقال تعالى على الناس حج البيت من استطاع اليه سبيلا. وهذا يؤكد ايها الاخوة ظرورة العناية بالمقاصد في اعمال كثير من الناس يباشر العمل الصالح سواء كان هذا العمل حجا او كان عمرة او كان صوما او كان زكاة او كان احسانا الى الخلق او كان مكان من صالح الاعمال لكن عن ذهنه مفتاح القبول وسر النجاح واكسير المضاعفة الذي متى ما استحضره المؤمن انفتحت له ابواب العطايا ومضاعفة الاجور وهو ان يكون العمل لله خالصا. فان اخلاص العمل لله كبير الشأن عند الله جل وعلا. فمهما كان العمل قليلا وما كان العمل محدودا وهو ما كان العمل على ضعف الا انه اذا كان قد اخلص فيه لله عز وجل كان ذلك من دواعي قبوله ومضاعفة المثوبة عليه واعظام اجر صاحب والمباركة من موجبات المباركة له في عمله. ولذلك تأمل هذا في كل اعمالك ان تكون لله خالصة. فان الذي يفوت هذا الوصف بعمله يتعب نفسه في غير ما فائدة ويتعب نفسه وراء عمل ذاهب لا بركة فيه. قال الله تعالى وقدمنا الى ما عملوا من عمل فجعلناه هباء منثورا. قوله تعالى واتموا الحج والعمرة لله. اياتوا بهما على وجه الكمال على وجه التمام لا نقص فيهما لا في الاركان ولا في الواجبات ولا في المستحبات والمسنونات ذاك ان العمل يتم عندما تكمل اركانه وتستوفى واجباته وتصان ادابه وسننه وتطوعاته. لذلك قوله تعالى واتموا الحج والعمرة لله هو امر باتقان هذا العمل. وينبغي ان يعلم المؤمن ان اجره على قدر الاحسان في عمله كما قال الله تعالى الذي خلق الموت والحياة ليبلوكم ايكم احسن عملا. فليس الشأن في كثرة الاعمال انما في ان تكون تامة. ان تكون كاملة ان تكون على وجه حسن في غاية ما يستطيعه الانسان ويقدر عليه. يقول الله تعالى اتموا الحج والعمرة لله. ثم بعد ذلك ذكر ما يمكن ان يعرظ للعامل بحج او عمرة مما يكون سببا لعدم الاتمام والإكمال. فقال تعالى فإن احصرتم. اي ان وجد ما يمنعكم من الاتيان بالحج والعمرة على الوجه الذي امر الله تعالى من الاتمام فان احصرتم فما استيسر من الهدي. اي ان وقع ما يمنعكم من اكمال النسك على الوجه الذي امرتم به. فجاء من يصدكم عن البيت او يمنعكم منه فان ذلك يعوض تيسر لكم من الهدي بما تيسر لكم من الهدي والهدي هنا يشمل الانعام كلها الا ان اوفاها في فعل النبي صلى الله عليه وسلم واصحابه ان يكون ذلك شاة كما دل عليه النص فان قوله تعالى فما استيسر من الهدي اي ايسر ما يكون من الهدي بالنسبة لكم. والهدي اما ان يكون من الابل واما ان يكون من البقر واما ان يكون من الغنم. فقوله فما استيسر من الهدي ايسر ذلك على الانسان الشاه من الغنم هذا ايسر ما يكون ولذلك ذهب جماهير العلماء على ان قوله تعالى فان احصرتم اي منعتم من البيت لمانع وعار فما استيسر من الهدي ما تيسر لكم من الهدي. وهذه الاية قد نزلت على النبي صلى الله عليه وعلى اله وسلم في عام الحديبية في السنة السادسة من الهجرة. تلك السنة التي خرج فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم واصحابه من المدينة متجهين الى مكة واحرم النبي صلى الله عليه وسلم وساق الهدي وكان ذلك في ذي القعدة من السنة السادسة من هجرته صلى الله عليه وسلم وكان معه اصحابه يزيدون على الف رجل ثم انهم لما دنوا من البيت تسامح بهم اهل مكة وكانوا في حرب مع النبي صلى الله عليه وسلم واصحابه. فتعاهدوا على الا يمكنوهم من الدخول الى البيت فنزل النبي صلى الله عليه وسلم واصحابه في الحديبية. والحديبية جزء منها. في الحرم وجزء منها في الحل. نزل رسول الله صلى الله عليه وسلم واصحابه جرت بينه وبين المشركين مراجعات ليمكنوه من الدخول الى البيت. لكنهم انتهوا الى صلح وهو صلح الحديبية الشهير الذي سماه الله تعالى فتحا وانزل فيه سورة الفتح انا فتحنا لك فتحا مبينا. ليغفر لك الله ما تقدم من ذنبك وما تأخر ويتم نعمته عليك ويهديك صراطا مستقيما. هذا الفتح المبين هو ما جرى من الصلح بين النبي صلى الله عليه وسلم وبين المشركين حيث ان النبي صلى الله عليه وسلم عاهدهم على جملة من الشروط اجحف فيها المشركون بالنبي صلى الله عليه وسلم واهل الاسلام لكن النبي صلى الله عليه وسلم غلب المصلحة الحاصلة بالمعاهدة والصلح على ما يكون من اشحاف وظلم علم رسول الله صلى الله عليه وسلم انه لن يدوم ولن يطول بوحي الله عز وجل واعلامه. ثمان تلك المعاهدة كان من جملة مضامينها ان دعى النبي صلى الله عليه وسلم واصحابه في تلك السنة دون ان دون ان يخلصوا الى البيت. اي دون ان يصلوا الى البيت فاحصر النبي صلى الله عليه وسلم واصحابه. وامر النبي صلى الله عليه وسلم اصحابه ان يتحللوا. وان يحلقوا فكان كثير منهم يتمنى ويأمل ان يغير النبي صلى الله عليه وسلم امره وان لا يرجع الا وقد وصلوا الى البيت وقضوا حاجتهم منه بالطواف والسعي. الا ان النبي صلى الله عليه وعلى وسلم جزم الامر حلق صلى الله عليه وسلم ونحر الهدي وتحلل ثم تتابع اصحابه في العمل بما عمل وعلموا انه لا سبيل الى البيت في تلك السنة وقد قال الله تعالى لتدخلن المسجد الحرام ان شاء الله امنين محلقين رؤوسكم ومقصرين. لا تخافون فرجع النبي صلى الله عليه وسلم واصحابه على هذا النحو الذي ذكرت من انهم لم يعتمر انما حلقوا رؤوسهم واشتركوا في الابل والبقر وعملوا بما امر الله في قوله فان احصرتم فما استيسر من الهدي. فصارت سنة في كل من منع من البيت لا يتمكن من الوصول اليه. بعدو او بسبب مانع يصده من عدو ونحوه فانه يتحلل مكانه يذبح شاة ويحلق. وقد قيل لعبدالله بن عمر رضي الله تعالى عنه وكان قد خرج الى مكة يريد عمرة وكان ثمة قتال بين اهل وعبدالله بن الزبير رضي الله تعالى عنه فقال فقالوا له كيف تذهب والناس على ما هم عليه من قتال؟ فقال اذهبت فان صددت عن البيت تحللت بما ذكر الله تعالى فان احصرتم فمن سيسر من الهدي. ثم ان العلماء رحمهم الله لهم طريقان فيما يتعلق بالحصر من اهل العلم من قصر الحصر عن البيت بالعدو فقط ومنهم من وسع ذلك بكل ما يمنع من الوصول الى البيت من مرض ومن كسر ومن تعرض الانسان تمنعه من الوصول الى البيت. فكل هذا يندرج في قوله تعالى فان احصرتم فما استيسر من الهدي سواء كان ذلك الحصر بسبب عدو كما وقع للنبي صلى الله عليه وسلم واصحابه او بسبب مرض او بسبب غيره من الافات. وقد استدل للعموم بما جاء في المسند ان النبي صلى الله عليه وسلم قال من رجاء اسر ذبح هديا وتحلل. من عرج اي اصيب يمنعه من مواصلة السير الى البيت او كسر اصيب بكسر لا يتمكن معهم من اتمام النسك فانه يتحلل وقد عرض هذا على ابي هريرة وابن عباس فصدق هذا الحديث اي نقلاه عن النبي صلى الله عليه وسلم. فهذا مما يدل على ان الحصر يكون بكل مانع يمنع الانسان من البيت ثم انه اذا كان حصر فلا يخلو من حالين اما ان يكون الانسان قد اشترط عند احرامه بان قال انحبس حابس فمحلي حيث حبستني. واما ان يكون لم يشترط. فان كان لم يشترط هذا يتحلل بعد الحلاق وذبح الهدي. واما ان كان اشترط فان فائدة ان يتحلل الممنوع من الوصول لعارظ او مرض من غير وجوب الهدي. وهذا فائدة الاشتراط. فان في حديث ابن عباس في الصحيحين ان النبي صلى الله عليه وسلم دخل على ظباعة بنت الزبير ابن عبد المطلب ابنة عمه قالت يا رسول الله اني اريد الحج واجدني شاكيا. اي مريضة. فماذا تأمرني؟ فقال النبي صلى الله عليه وسلم حجي واشترطي فان لك على ربك ما استثنيتي. فامر النبي صلى الله عليه وسلم بان تحج وان تشترط واخبرها لان شرطها ينفعها في التحلل والخروج من النسك دون هدي. فقوله تعالى فان احصرتم فما استيسر من الهدي انما هو وفي حق من كان من الممنوعين المصدودين عن البيت ولم يشترط ثم قال تعالى ولا تحلقوا رؤوسكم حتى يبلغ الهدي محله. هذا بيان لما يمنع منه من كان في حج او عمرة فانه ممنوع من حلاق رأسه. لقوله تعالى ولا تحلقوا رؤوسكم. فقول ولا تحلقوا رؤوسكم معطوف على قوله واتموا الحج والعمرة لله. كما قال ذلك جماعة من اهل التفسير. فامر الله بالاتمام ونهى عن حلق الرأس قال ولا تحلقوا رؤوسكم حتى يبلغ الهدي محله. اي حتى يبلغ الهدي وقت ذبحه. هذا في الحج. وهو يوم النحر واما في العمرة فان كان قد ساق هديا فلا يحلق حتى يذبح هديه. وكثير من الناس يجهل ان الهدي يكون في العمرة كما يكون في الحج. فان سوق الهدي يكون في نسك. في حج ويكون في عمرة ويكون في غير حج ولا عمرة. وهو من السنن التي كان النبي صلى الله عليه وسلم يفعلها فانه كان يبعث بهديه صلى الله عليه الى مكة وهو في المدينة فلا يحرم عليه شيء احل له صلى الله عليه وعلى اله وسلم. كما جاء في الصحيح من حديث عائشة رضي الله تعالى عنها فسوق الهدي الى مكة اي بعثوا ما يذبح فيها تقربا الى الله عز وجل سنة. للحاج والمعتمر ولغير الحاج والمعتمر ان يبعث هديا يتقرب الى الله تعالى بذبحه في مكة في في المسجد الحرام في الحرم. كما كان يفعل صلى الله عليه وعلى اله وسلم. فقوله جل وعلا ولا تحلقوا رؤوسكم حتى يبلغ الهدي محله اي مكان احلاله او زمان احلاله. والذي يظهر انه زمان احلاله وهو ويوم النحر بالنسبة للحاج واما المعتمر فبفراغه من سعيه فان النبي صلى الله عليه وسلم اهدى في عمرته وذبح هديه عند المروة. لما فرغ من سعيه صلى الله عليه وعلى اله وسلم ثم قال جل وعلا بعد ذلك فمن كان منكم مريضا او به اذى من رأسه ففدية من صيام او صدقة او نسك. هذه الاية او جزء من الاية بيان ما يمكن ان يعرظ في حق هذا المحظور وهو حلق الرأس. فان المحرم ممنوع من حلق رأسه. لكن قد يطرأ ما يكون موجبا لحلق الرأس. فما الحكم؟ بين الله تعالى في قوله فمن كان منكم مريضا مرضا يحتاج معه الى حلاقة او باذى من رأسه والاذى هنا يشمل كل ما يتأذى به مما لا يذهب فيه الاذى الا بحلاق الرأس. سواء كان ذلك بهوام تدب في رأسه كالقمر او كان ذلك بغيره مما يمكن ان يكون من الاذى الذي الانسان ولا يمكن ان يندفع عنه الا الحلاق. قال الله تعالى فمن كان منكم مريضا او باذى من رأسه ففدية اي فحلق فالواجب فدية. اذا حلق فالواجب فدية. وقوله فدية اي الواجب او نسخ او هنا للتخيير. اي خير الله تعالى من حلق رأسه لاذى او مرض وهو في حج او عمرة بين ثلاث خصال يفتدي بها مما منع منه من الحلق. هذه الخصال الثلاث فدية من صدقة. ان يتصدق وبيان ذلك سيأتي في حديث كعب ابن عجرة ففدية من صيام او صدقة او نسك. صيام ثلاثة ايام صدقة اطعام ستة مساكين لكل مسكين نصف صاع او نسك المقصود به النسك ان يذبح شاة. فالنسك يطلق ويراد به التقرب الى الله تعالى بالذبح. قال الله تعالى قل ان صلاتي ونسكي ومحياي واماتي. لله رب العالمين فقوله تعالى قل ان صلاتي ونسكي احد القولين في تفسير النسك انه الذكر قل ان صلاتي وذبحي