وغلو او كان اخراجه بشفاء ونقص. لذلك يجب على المؤمن ان يكون على غاية الحذر في الغلو في العبادات الغلو في الاعتقادات فان ذلك موجب لهلاك دينه وفساد امره ومن الحمد لله الذي خلق السماوات والارض وجعل الظلمات والنور ثم الذين كفروا بربهم يعدلون احمده احمده حق حمده لا احصي ثناء عليه هو كما اثنى على نفسه واشهد ان لا اله الا الله اله الاولين والاخرين لا اله الا هو الرحمن الرحيم واشهد ان محمدا عبد الله ورسوله صفيه وخليله خيرته من خلقه صلى الله عليه وعلى اله وصحبه ومن اتبع سنته واقتفى اثره باحسان الى يوم الدين اما بعد فقد روى ابن عباس رضي الله تعالى عنه عن النبي صلى الله عليه وعلى اله وسلم انه قال اياكم والغلو اياكم والغلو اياكم والغلو ثم قال صلى الله عليه وسلم فانما اهلك من كان قبلكم الغلو في الدين هذا الحديث سببه ان النبي صلى الله عليه وعلى اله وسلم لما جاء الى رمي جمرة العقبة في حجة الوداع طلب من يجمع له الحصى فجمعوا له حصى فرفعها صلى الله عليه وسلم ليريها الناس ليأخذوا عنه مناسكهم فقال صلى الله عليه وسلم بمثل هذه فارموا واياكم الغلو بينما اهلك من كان قبلكم الغلو في الدين فقوله صلى الله عليه وعلى اله وسلم اياكم كلمة تحذير والنبي صلى الله عليه وعلى اله وسلم لم يترك خيرا الا دل الامة عليه وندبها اليه وامرها به ولم يترك شرا الا حذرها منه وبين سوء عاقبتها او سوء عاقبته تنفيرا وتحذيرا للامة من التورط فيه والغلو هو من اعظم ما يحصل به الفساد في الدين لذلك حذر منه صلى الله عليه وسلم فقال اياكم والغلو اي احذروه واجتنبوه وتوقوه الغلو هو مجاوزة الحد والزيادة على المشروع وهذا يدخل في الاعمال وفي الاعتقادات وفي الاقوال والحديث جاء في الغلو في الاعمال حيث ان النبي صلى الله عليه وسلم بينما يرمى به فقال بمثل هذه فارموا وهو عمل عبادي بدني فحذر صلى الله عليه وعلى اله وسلم من الغلو في الاعمال بالزيادة فيها فان ذلك يوقع الانسان في الهلاك ولذلك بعد ان حذر وكرر التحذير صلى الله عليه وسلم قال فانما اهلك من كان قبلكم الغلو في الدين اي ان الذي اوقع الهلاك في الامم السابقة وانزل بهم العقوبات واحل بهم المثلات هو غلوهم في الدين اي زيادتهم فيه مجاوزتهم ما شرعه الله تعالى لهم فكان ذلك موجبا لهلاكهم والهلاك هو التلف والفساد وخربوا الامر فقوله صلى الله عليه وسلم انما اهلك من كان قبلكم اي انما اوقعهم فيما افسد عليهم دينهم ودنياهم وفيما اوقع اوقعهم في التلف في العاجلة والآجلة. وفيما خرب عليهم ديانتهم واستقامتهم هو غلوهم في الصالح هو غلوهم على وجه العموم سواء كان ذلك في الاعمال او كان ذلك في العقائد فان الغلو منهي عنه في كل حال من احواله سواء كان ذلك في قول او في عمل. ولهذا نهى الله تعالى اهل الكتاب عن الغلو وكان غلوهم متنوعا فكان عندهم غلو في الاقوال غلو في الاعمال غلو في العقائد قال الله تعالى يا اهل الكتاب لا تغلوا في دينكم غير الحق وقال تعالى قل يا اهل الكتاب لا تغلوا في دينكم ولا تقولوا على الله الا الحق انما المسيح عيسى ابن مريم رسول الله وهذا نموذج وصورة منصور الغلو في الدين عابها الله تعالى على اهل الكتاب وبين خطورتها وعظيم الهلاك والفساد في الدين الواقع بسببها فجدير بالمؤمن ان يكون على حذر وخوف ووعي في خطورة الغلو فانه يفسد الدين. والشيطان ايها الاخوة لا يبالي ما اصاب من الانسان. لا يهمه ما اصاب من الانسان في اخراجه عن الصراط المستقيم سواء كان اخراجه عن الصراط المستقيم بزيادة اسرف على نفسه بالزيادة وقع فيما نهى الله تعالى عنه ورسوله مما يوجب هلاك دينه ودنياه ثم ذكر المؤلف رحمه الله اخر ما ذكر حديث عبد الله ابن مسعود رضي الله تعالى عنه وفيه ان النبي صلى الله عليه وعلى اله وسلم قال هلك المتنطعون هلك المتنطعون هلك المتنطعون كررها ثلاثا صلى الله عليه وسلم وقوله صلى الله عليه وسلم هلك المتنطعون خبر ويحتمل ان يكون دعاء عليهم بالهلاك فالهلاك هو فساد الامر هو تلفه هو ذهابه هو خرابه ومنه قول الله تعالى كل شيء هالك الا وجهه فالهلاك هو الخراب والفساد والذهاب والسلف فقول النبي صلى الله عليه وسلم هلك المتنطعون اي فسدوا وخارب عليه ما املوا وتلف عنهم ما عملوا وقوله صلى الله عليه وسلم المتنطعون المتنطعون هم المتشددون في بما لم يشرعه رب العالمين. فالتنطع هو الزيادة. التنطع هو الغلو الذي قال عنه ربنا جل لو على قل يا اهل الكتاب لا تغلوا في دينكم. والذي قال عنه النبي صلى الله عليه وعلى اله وسلم اياكم والغلو فانما اهلك من كان قبلكم الغلو في الدين وهذا بيان مصدق للحديث السابق. فانه في الحديث السابق اخبر النبي صلى الله عليه وعلى اله وسلم عن هلاك الامم السابقة بسبب غلوها في الدين. وفي هذا الحديث يخبر النبي صلى الله عليه وسلم ان الهلاك ليس ليس مقصورا على الامم السابقة بل ما جعله الله تعالى موجبا للهلاك في الامم السابقة فانه يوجب الهلاك في جميع الامم. ولذلك قال صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث هلك المتنطعون اي خرب دينهم وفسد عملهم لم يدركوا ما يؤمنون بزيادتهم على الشريعة من الاجر والمثوبة. فان الزيادة في كثير من الاحيان يكون الحامل عليها الرغبة يكون الحامل عليها الرغبة في الاجر ولكن هذا ان لم يحكم الانسان فيه نفسه بالشريعة ولم يضبطه بما جاء به الكتاب والسنة فانه يوجب الهلاك لهذا قال النبي صلى الله عليه وسلم بالثلاثة الذين جاؤوا يسألون ازواج النبي صلى الله عليه وسلم عن العمل عن عمله صلى الله عليه وسلم كيف هو قال صلى الله قال فلما وصفوا عملهم عمله صلى الله عليه وعلى اله وسلم رأوا ان عمله ليس كما يأملون ولا كما يريدون مما تطمح اليه نفوسهم من الزيادة والاستكثار. فقال احدهم اما انا فاصوم ولا افطر. وقال الاخر اما انا فاقوم ولا انام واما الثالث فقال واما انا فلا اتزوج النساء فقال النبي صلى الله عليه وسلم ما بال اقوام يقولون مقالة هؤلاء ثم قال صلى الله عليه وسلم اما اني اصوم وافطر واقوم وانام واتزوج النساء ثم قال صلى الله عليه فمن رغب عن سنتي فليس مني. فكل خروج عن هدي النبي صلى الله عليه وسلم ولو تصوره الانسان طاعة واحسانا ولو بدأ للانسان انه قربة وزيادة في الخير هو خروج عن صراط الله المستقيم. لان سنته صلى الله عليه وسلم هي الصراط المستقيم الذي يسأله اهل الايمان في قولهم اهدنا الصراط المستقيم. دليل ذلك قال الله تعالى في وص وانك لتهدي الى صراط مستقيم. فقد هدى صلى الله عليه وسلم الى الصراط المستقيم بقوله كما هدى الى الصراط المستقيم مستقيم بعمله فلا فهو صلى الله عليه وسلم المأمور باتباعه في قوله وعمله ما اتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا. وقال تعالى لقد كان لكم في رسول الله اسوة حسنة لمن كان يرجو الله واليوم الاخر. فجدير بالمؤمن ان يحذر وان يعلم ان الغلو مآله الى الهلاك. فلا يدرك الانسان به اجرا ولا مثوبا. ولا يدرك به خيرا ولا بر ولا طاعة ولا احسانا بل يتدرج به الانسان بل يتدرج به الشيطان الى ان يوقع الانسان فيما لا تحمد عقباه من الاعمال والاقوال والاعتقادات. ارأيتم الخوارج الذين خرجوا على هدي النبي صلى الله عليه وسلم. وخرجوا عن ونابذوا الامة الذي حملهم على ذلك هو ما زادوه في اعتقادهم وفي عملهم مما رأوه قربة فعابوا غيرهم بانهم لم يفعلوه. فتسلطوا على اهل الاسلام وتركوا اهل الاوثان. ووقعوا في الانحراف في الاعتقاد والاعمال ولهما عنها رضي الله عنها قالت لما نزل برسول الله صلى الله عليه وسلم طفق يطرح خميصة له على وجهه فاذا اغتم بها كشفها فقال وهو كذلك لعنة الله على اليهود والنصارى. اتخذوا وهذا نموذج حذر منه النبي صلى الله عليه وسلم فان الغلو والتنطع في دين الله عز وجل يوقع في الهلاك. ولهذا لما جاء الرجل الى النبي صلى الله عليه وسلم فقال اعدل يا محمد فهذه قسمة لم يبتغ بها وجه الله. قال صلى الله عليه وسلم وهذا وزيادة في طلب العدل على نحو من الاهواء والاراء التي تخالف ما تقتضيه شريعة رب العالمين احكم الحاكمين قال النبي صلى الله عليه وسلم الا تأمنوني وانا امين من في السماء من يعدل ان لم اعدل اي من يأتي بالعدل ان لم اقم به وقد استأمنه الله تعالى على عقائد الناس ودينهم هدايتهم الى الصراط المستقيم. كان هذا نموذجا من نماذج الغلو في الدين الذي خرج به اصحابه الصراط المستقيم. وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم بعد ان ولى الرجل يخرج من ضئضئه هذا من تحقرون صلاتكم الى صلاتهم وقراءته وقراءتكم الى قراءتهم يقرأون القرآن لا يجاوز حناجرهم. وهذا يدل على ان الزيادة لا تنفع صاحبها اذا كانت خارجة عن هدي النبي صلى الله عليه وعلى اله وسلم. عارية عن سنته بعيدة عما ابه فينبغي للمؤمن ان يحذر غاية الحذر من الغلو ومن الجفاء. من الزيادة ومن النقص ولا يسلم من هذا وذاك الا بلزوم السنة واقتفاء اثار خير الامة نبينا محمد صلى الله عليه وعلى اله وسلم الضلالة التي يخرج بها الانسان من الانحراف يخرج بها الانسان من الانحراف ويسلم بها من الضلالة الظمانة التي تقيه هذه الانحرافات ان يلزم سنة النبي صلى الله عليه وسلم. وان لا يسرف في الاعتقاد بما زاد على ما جاء عنه صلى الله عليه وسلم كما لا يسف العمل على على ما جاء عنه صلى الله عليه وسلم. قال صلى الله عليه وسلم كلوا واشربوا والبسوا وتصدقوا من غير سرف ولا مخيلة. فاحرص على لزوم السنة. وليعلم ان الغلو ليس مما اه والتنطع ليس مما يقترحه الناس او يصفونه انما هو ما خرج به الانسان عن الصراط المستقيم عن هدي سيد المرسلين صلوات الله وسلامه عليه. وليس فيما يتعلق برأي الانسان وتقييم للعمل لان ذلك مما يختلف فيه الناس. فالانسان المقصر يرى القائم بالطاعة الملتزم بالشريعة قد يراه متشددا قد يراه غاليا فالمسألة ليست بالأهواء ولا بالاراء ولا بالاذواق ولا الرؤى الشخصية انما الفيصل في الحكم على العمل بانه غلو على الاعتقاد بانه غلو هو ما جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم الذي الغلو ولهذا قال بمثل هذه فرب فالمرجع في تقييم الاعمال اهي غالية ام غير غالية هو النظر الى ما كان يعمله النبي صلى الله عليه وعلى اله وسلم. فكل ما زاد على ما كان عليه من عمل او اعتقاد فانه غال وليس الامر الى اذواق الناس ولا الى ارائهم ولا الى ما يحبون وما يشتهون. هذا ما يتعلق ببقية احاديث الاحاديث التي ذكرها المؤلف رحمه الله في باب ان كفر بني ادم ان سبب كفر بني ادم وتركهم دينهم الغلو في الصالحين الغلو في الصالحين اي الزيادة في محبتهم. فان الزيادة في محبة عباد الله الصالحين توقع الانسان فيما لا تحمد عقباه محبة الصالحين عبادة وطاعة. والغلو فيهم موجب للهلاك كما وقع ذلك في امم السابقة كما قص الله عز وجل في خبر من تقدم من قوم نوح الذين غلوا في الصالحين حتى عبدوهم من دون رب العالمين وقالوا لا تذرن الهتكم ولا تذرن ودا ولا سواعا ولا يغوث ويعوقا ونسرا. نقرأ ما في الباب التالي ونعلق عليه ان شاء الله ثم نستمع الى اسئلتكم في اخر المجلس. نعم بسم الله الرحمن الرحيم. الحمد لله رب العالمين. والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى اله وصحبه اجمعين اللهم اغفر لنا ولوالدينا ولشيخنا وللحاضرين قال الشيخ محمد بن عبدالوهاب رحمه الله باب ما جاء من التغليظ في من عبد الله عند قبر رجل صالح فكيف اذا عبده في الصحيح عن عائشة رضي الله عنها ان ام سلمة ذكرت لرسول الله صلى الله عليه وسلم كنيسة رأتها بارض الحبشة وما فيها من الصور اه فقال اولئك اذا مات فيهم الرجل الصالح او العبد الصالح بنوا على قبره مسجدا وصوروا فيه تلك الصور. اولئك شرار الخلق عند الله. فهؤلاء جمعوا بين الفتنتين فتنة القبور وفتنة التماثيل انبيائهم مساجد يحذر ما صنعوا ولولا ذاك ابرز قبره غير انه خشي ان يتخذ مسجدا ولمسلم عن جندب رضي الله عنه قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم قبل ان يموت بخمس وهو يقول اني ابرأ الى الله ان يكون لي منكم خليل. فان الله قد اتخذني خليلا كما اتخذ ابراهيم خليلا. ولو كنت متخذا من امتي خليلا لاتخذت ابا بكر خليلا الاوان من كان قبلكم كانوا يتخذون قبور انبيائهم مساجد الا فلا تتخذوا القبور تجد اني انهاكم عن ذلك. فقد نهى عنه في اخر حياته. ثم انه لعن وهو في السياق من فعله والصلاة عندها من ذلك وان لم يبنى مسجد وهو معنى قولها خشي ان يتخذ مسجدا. فان الصحابة لم يكونوا ليبنوا حول قبره مسجدا وكل موضع قصدت الصلاة فيه فقد اتخذ مسجدا بل كل موضع يصلى فيه يسمى مسجدا. كما قال النبي صلى الله عليه وسلم جعلت لي الارض وطهورا ولاحمد بسند جيد عن ابن مسعود رضي الله عنه مرفوعا ان من شرار الناس من تدركهم الساعة وهم احياء والذين يتخذون القبور مساجد. ورواه ابو حاتم في صحيحه هذا الباب عقده المؤلف رحمه الله لبيان صورة من صور الغلو في الصالحين في الباب السابق بين رحمه الله ان سبب كفر بني ادم وترك وتركهم دينهم الغلو في الصالحين والغلو في الصالحين هو مجاوزة الحد فيهم باي نوع من المجاوزة سواء كان ذلك بمحبتهم فوق ما يكون لهم من المحبة او كان ذلك بتعظيمهم فوق ما يستحقونه من الاجلال والتعظيم او ما يكون من الاعمال التي تكون عند في حياتهم او تكون بعد موتهم فمن صور الغلو في الصالحين الغلو في قبورهم تعظيمها واتخاذها مساجد فهذه صورة من صور الغلو في الصالحين وهذه الصورة من اخطر الصور لانها كانت السبب في خروج البشرية عن الصراط المستقيم الى عبادة غير رب العالمين جل في علاه كان الناس على التوحيد عشرة قرون من نوح من ادم الى نوح عليه السلام ثم انه طرأ بعد هذه القرون المتطاولة ان زين الشيطان للناس عبادة غير الله ولم يأتهم اول ما جاءهم بدعوتهم الى عبادة غير الله بل جاءهم مزينا لهم شيئا من العمل الصالح الذي اصله مشروع لكنه زاد في ذلك وهو غلوهم في محبة الصالحين فلا ريب ان محبة الصالحين من اجل القربات واعظم العبادات وبها يدرك الانسان خيرا عظيما فان اولياء الله لهم من المحبة والمكانة ما يقرب الى الله جل وعلا لكن عندما يزيد حبهم بان يخرج الانسان بمحبتهم الى الاحداث في الدين الى رفعهم فوق منزلتهم الى رفعهم عن المكانة التي لهم عند ذلك يقع الخلل ويحصل الانحراف ويبدأ الزيغ من صور ذلك ما ذكره رحمه الله في هذا الباب والاحاديث التي ساقها وانظر الى هذا الكتاب العظيم كتاب التوحيد للشيخ محمد بن عبد الوهاب رحمه الله. فانه يبطل تلك الدعاوى التي يدعيها كثير من اعداءه وخصومه. انه جاء بشيء ان لم يسرق اليه لم يسرقه اليه العلماء وائمة الاسلام. فان فان كتابه من اوله الى اخره دائر على بيان ايات الكتاب واحاديث سيد الانام صلوات الله وسلامه عليه والنقل عن ائمة الاسلام وهذا يؤكد ان ما جاء به من الدعوة الى توحيد الله عز وجل وعبادته وحده لا شريك له هو ما جاءت به الرسل. هو منبثق من كتاب الله عز وجل وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم وما كان عليه السلف الصالح من الائمة من الصحابة والتابعين وتابعيهم ومن تبعهم باحسان يقول رحمه الله باب ما جاء من التغليظ فيمن عبد الله عند قبر رجل صالح فكيف اذا عبده؟ اي ما جاء من التشديد التغليظ هو التشديد والتنفير وعظيم النهي عنان يعبد الله تعالى عند قبر رجل صالح فكيف اذا كانت العبادة لذلك مقبور لذلك الميت الامر اشد واخطر واكبر افظع ولذلك بين ما هو اهون ليستدل به على ما هو اعلى واشد فعبادة الله عز وجل هي الغاية من الوجود لكن عندما يعبد الله عز وجل في مكان يكون سببا للخروج عن عبادته الى عبادة غيره فانه مما ينهى عنه ولذلك جاءت الاحاديث في النهي عن ولتذرن ودا ولا سواعا ولا يغوث ولا ولا يعوق ولا ولا يغوث ولا يعوق ونسرا. هؤلاء كانوا كانوا رجالا صالحين في قومهم فماتوا فجاء الشيطان الى قومهم فقال انصبوا والى اتخاذ القبور مساجد المساجد من اعظم الاماكن واحبها الى الله فقد جاء في الصحيح ان النبي صلى الله عليه وسلم قال احب البلاد الى الله مساجدها قال الله جل وعلا في بيوته اذن الله ان ترفع ويذكر فيها اسمه يسبح له فيها بالغدو والاصال رجال لا تلهيهم تجارة ولا بيع عن ذكر الله واقام الصلاة وايتاء الزكاة يخافون يوما تتقلب فيه القلوب والابصار. فالمساجد لها شأن عظيم رفع الله قدرها وبين عظيم فضلها. وقد جعلها في منزلة عالية انها احب البلاد الى الله احب الى الله هي مساجده التي رفعت لعبادته واقامة ذكره. لكن هذا البناء اذا كان في موضع يفضي الى الخروج يؤدي الى الخروج عن عبادة الله فانه من اعظم ما يبغضه الله ومن الضرار الذي يجب على اهل الاسلام ان يتركوه وان يهجروه وان ينهوا عنه. ذكر المؤلف رحمه الله جملة من الاحاديث في النهي عن اتخاذ القبور مساجد وذلك ان اتخاذ القبور مساجد يخرج بالناس عن عبادة الله وحده لا شريك له الى عبادة غيره وهو صور الغلو في الصالحين. وقد ذكر في ذلك ما جاء في الصحيح من حديث عائشة رضي الله تعالى عنها في خبر ام سلمة عما رأته في ارض الحبشة وام سلمة هي زوج النبي صلى الله عليه وسلم وكانت قد هاجرت مع زوجها الذي وهو ابو سلمة الذي هاجر الى الحبشة قبل ان ان يموت ثم تزوجها رسول الله صلى الله عليه وسلم. فقصت على النبي صلى الله عليه وسلم ما رأت في ارض الحبشة فتقول عائشة رضي الله تعالى عنها ان ام سلمة ذكرت لرسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم كنيسة رأتها بارض الحبشة كنيسة وهي محل العبادة عند النصارى بارض الحبشة وهي ارض الهجرة الاولى لاصحاب النبي صلى الله عليه وسلم. وذكرت ما فيها من الصور اي ما كان في تلك الكنيسة من التصاوير. فقال النبي صلى الله عليه وسلم في تعليقه على خبر ام سلمة التي قصت عليه نبأ الكنيسة وما فيها من التصاوير. قال النبي صلى الله عليه وسلم معلق قال على ما على خبرها اولئك اي الذين اخبرتي عن حالهم وعن عملهم من ملئ تلك الكنيسة بالتصاوير. اولئك اذا مات فيهم الرجل الصالح او العبد الصالح بنوا على قبره مسجدا. هذا خبر عن فعل اولئك. وانهم كانوا اذا مات فيهم رجل صالح او عبد والصالح هو القائم بالطاعة المشتغل بالعبادة المذعن لله عز وجل في ظاهره وكذلك في باطنه لكن الحكم فيما يتعلق بالناس على الظواهر اذا مات فيهم الرجل الصالح بنوا على قبره مسجدا. اي شيدوا على قبره محلا للعبادة. هذا المقصود بالمسجد فالمسجد هو موضع العبادة والطاعة تسيدوا على قبره مسجدا وصوروا فيه تلك الصور اي ووضعوا فيه تلك التصاوير سواء كانت تلك التصاوير مرقومة رسما او كانت مصنوعة على تماثيل وسواء كانت تلك التصاوير لذلك الصالح بان صورت صورته او كانت لغيره من الصالحين او كانت لما يتخيل من صور الملائكة او غير ذلك مما يصوره اولئك في كنائسهم قال صلى الله عليه وسلم بعد ان وصف حالهم هذا توصيف لما يصنعه اولئك في صالحيهم من انهم يبنون على قبور الصالحين ابنية وانهم يصورون تلك الصور قال صلى الله عليه وعلى اله وسلم في بيان حكم ذلك الفعل وحكم وحكم اولئك الفاعلين قال اولئك شرار الخلق عند الله اولئك شرار الخلق عند الله ما الذي صنعوه اتخذوا مسجدا والمسجد عمل صالح او ليس عملا صالحا. عمل صالح بلا شك لكنه في غير موضعه عمل صالح في غير محله عمل صالح على خلاف ما جاءت به الشرائع ولذلك قال صلى الله عليه وسلم اولئك شرار الخلق عند الله اي هم اشر الخلق وابعدهم عن الطاعة وابعدهم عن محبة الله عز وجل وتحقيق العبودية له جل في علاه اولئك شرار الخلق لانهم خرجوا بفعلهم عن عبادة الله وحده لا شريك له الى عبادة غيره. او تسببوا في اخراج الناس عن عبادة الله الى عبادة ما سواه. اولئك شرار الخلق عند الله لانهم اتخذوا القبور على اتخذوا المساجد على القبور وصوروا فيها تلك التصاوير فقد جمعوا شرين الشر الاول البناء على القبور والشر الثاني تصوير اولئك الصالحين الذي يفضي الى عبادتهم من دون الله كما جرى في سالف العصر وسابق الامم الذين عبدوا غير الله عز وجل ممن قص الله خبرهم في سورة نوح وقالوا لا تذرن الهتكم مجالسهم اي الاماكن التي يجلسون اليها انصابا اي اعلاما تذكركم بهم وتشجعكم على الطاعة وتذكركم بما كانوا عليه من صلاح فيحفزكم ذلك على انواع من التقرب الى الله عز وجل تفاعلوا ولم تعبد تلك الانصاب حتى اذا مات اولئك ونسي العلم عبدت اي لما انتهى الجيل وانتشر الجهل وقل العلم جاء من يعتقد او يظن ان اقوامهم وابائهم وان السالفين من السابقين كانوا يعبدون اولئك من دون الله فعبدت من دون الله عز وجل ولذلك قال النبي صلى الله عليه وسلم في توصيف هؤلاء قال اولئك اولئك شرار الخلق عند الله جمعوا هاتين الفتنتين اللتين تخرجان الناس عن عبادة الله وحده لا شريك له. تعطلان المقصود من الوجود فالمقصود من الوجود هو عبادة الله وحده لا شريك له. قال الله تعالى وما خلقت الجن والانس الا ليعبدون هؤلاء اخرجوا الناس عن عبادة الله وحده لا شريك له الى عبادة ما سواه. لذلك قال صلى الله عليه وسلم اولئك الخلق عند الله انهم شرار الخلق لانهم دعاة الى الشرك. انهم شرار الخلق لانهم زينوا الباطل انهم الخلق لانهم اخرجوا الناس من عبادة الله الواحد الديان الى عبادة غيره من الاوثان قال المصنف رحمه الله فهؤلاء اي سبب كونهم شرار الخلق كما قال سبب كونهم شرار الخلق كما قال النبي صلى الله عليه وسلم جمعوا بين قال في اثنتين فتنة القبور وفتنة التماثيل والقبور فيها فتنة عظيمة على الناس لا سيما قبور الصالحين. ولذلك كان اول الامر في تشريع الاسلام النهي عن زيارة القبور. كان اول الامر في تشريع الاسلام ان النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن زيارة القبور كما في الصحيح من حديث بريدة رضي الله تعالى عنه انه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم كنت نهيتكم عن زيارة قبور فزوروها فانها تذكر الاخرة. لماذا نهى عن زيارة القبور؟ نهى عن زيارة القبور لانه كان معروفا عند اهل الجاهلية ما هو جار في الامم السابقة من عبادة غير الله عز وجل باقامة الاضرحة وبناء المعابد ومحلات الطاعة على القبور ولذلك نهى النبي صلى الله عليه وسلم الامة اول الامر ان يزوروا القبور لاجل ما في زيارتها من الفتنة فلما ظهرت شعائر الاسلام وتبين التوحيد من الشرك نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن كل ما هو من معالم الشرك في القبور من رفعها ومن تعظيمها ومن البناء عليها ومن اتخاذها مساجد لما بين ما يجب في القبور ونهى عن كل ما يخرج به الناس عن عبادة الله في القبور اذن بزيارتها وبين الغاية والعلة من زيارتها. فزيارة القبور مقصودها وغرضها تذكر الاخرة ولذلك قال صلى الله عليه وسلم الا فزوروها فانها تذكر الاخرة هذا هو الغاية وهذا هو المقصود من زيارة القبور الشرعية ليس المقصود من زيارة القبور ان يستغيث الزائر بالمقبور. فالمقبور عاجز عن ان يجلب لنفسه نفعا او ان يدفع عن نفسه ضرا وهو حي فكيف وهو ميت اذا كان عاجزا عن ان يمنع نفسه الظرر وهو حي فكيف يمنع نفسه الظرر؟ او يمنع غيره الظرر وهو ميت فاذا كان هذا عاجزا لو كان قادرا لمنع عن نفسه الموت لو كان قادرا لمنع عن نفسه ما نزل به وما نزل باهله وبمن حوله من البلايا والمصائب في حياته فاذا كان عاجزا في حياته فكيف يطلب منه قضاء الحاجات واغاثة اللهفات واجابة الدعوات وتفريج الكربات وتحقيق تحقيق المطلوبات وهو ميت. لا شك ان هذا من اعمى ما يكون من الرأي ومن افسد ما يكون من العمل ولهذا قال صلى الله عليه وسلم في اولئك الذين تعلقت قلوبهم بالقبور وتوجهوا الى المقبورين وانصرفوا بتعظيمهم والاقبال عليهم عن رب العالمين قال اولئك شرار الخلق عند الله هم اشر الخلق عند الله لماذا؟ لانهم خرجوا عن عبادة الله وحده لا شريك له الى عبادة ما سواه. فلما استقر الامر واتضح معالم التوحيد وبين آآ بين النبي صلى الله عليه وسلم ما يجب لله عز وجل من عبادته وحده لا شريك له وما يجب في القبور من صيانة المقبورين وحفظ حرمتهم. فالقبر لا يوضع ولا يجلس عليه ولا يمتهن لكنه لا يرفع ولا اتخذ مسجدا ولا يتعبد لله تعالى عنده بالعبادات والقربات قال صلى الله عليه وسلم الا فزوروا فانها تذكر الاخرة. والزيارة المشروعة للقبور يقصد منها امران. الامر الاول انتفاع الزائر بماذا ينتفع الزائر؟ بالعظة والعبرة. اذا جئت ورأيت القبور ومساكن الموتى ومدافنهم ذهاب كل ما كانوا عليه من ابهة وكل ما كانوا عليه من سلطان وكل ما كانوا عليه من مال وكل ما كانوا عليه من جاه وانهم حبيسوا حبيسوا هذه القبور رهين اعمالهم عرفت انك وعرفت انك صائر الى ما صاروا اليه عملت صالحا وكففت عن السوء والشر فكان ذلك معينا لك على الطاعة والاحسان هذا هو المقصود الاول وهو المنصوص عليه في قوله صلى الله عليه وسلم الا فزوروها فانها تذكر الاخرة. اما المقصود الثاني من زيارة القبور نفع المقبور لا الانتفاع منه نفع المقبور بالدعاء له ولذلك اذا دخل المؤمن المقابر قال السلام عليكم دار قوم مؤمنين وهذا دعاء لهم بالسلامة ان سلمهم الله تعالى من عذاب القبر ان يسلمهم الله من الافات ان يسلمهم الله من كل مكروه ثم تقف اذا كنت قد قصدت قبرا بعينه لزيارته تقف وتسلم عليه وتدعو له ثم تنصرف هذا هو المقصود من زيارة القبور وليس ثمة مقصد اخر. فمن قصد القبور لغير هذين المقصدين فقد وقع في الانحراف الذي قد يفضي به الى ان يكون ممن وصف النبي صلى الله عليه وسلم في قوله اولئك شرار الخلق عند احذر احذر احذر ان تكون ممن وصفهم رسول الله صلى الله عليه وسلم بقوله اولئك شرار الخلق عند الله فان هذا الوصف يستحقه كل من خرج في زيارته للقبور او في معاملته للقبور عما كان عليه هدي اذا الانام صلوات الله وسلامه عليه. من تعظيم القبور واتخاذ المساجد عليها ورفعها وغير ذلك مما يفعله الجهال في هذه المقابر بزعم انهم صالحون وان لهم جاها عند الله وانهم وسطاء بينك وبين رب العالمين تعالى الله عن عما يقول اولئك الجاهلون علوا كبيرا فالله لم يجعل بينه وبين عباده واسطة بالعبادة والطاعة بل من رغب ما عند الله فليتوجه اليه. واذا سألك عبادي عني ايش فاني قريب اجيب دعوة الداعي اذا دعان فليستجيبوا لي وليؤمنوا بي لعلهم يرشدون هذه الفتنة الاولى التي وقع فيها اولئك والفتنة الثانية فتنة التصاوير. والمقصود بالتصاوير هنا هي ما اقاموه من التماثيل وما رسموه من الصور التي يتعبدون لله تعالى برسم برسمها او يظنون انها تقربهم الى او انها تذكرهم باولئك الصالحين فكانت سببا لفتنتهم وخروجهم عن الصراط المستقيم. فوقعوا في هاتين الفتنتين اللتين هلكوا بها واستحقوا هذا الحكم النبوي وهذا الوصف النبوي الذي لا يخرج الا من حق فما ينطق عن الهوى صلوات الله وسلامه عليه كما قال تعالى ما ضل صاحبكم وما غوى وما ينطق عن الهوى ان هو الا وحي يوحى اولئك شرار الخلق عند الله اما الحديث الاخر فهو حديث عائشة رضي الله تعالى عنها قالت لما نزل برسول الله صلى الله عليه وسلم لما نزل اي نزل به الموت وكان في الاحتضار صلوات الله وسلامه عليه. لما نزل برسول الله صلى الله عليه وسلم طفق يطرح خميصة له على وجهه اي انه لما حضره الموت صلى الله عليه وعلى اله وسلم. وكان يوعك كما يوعك الرجلان اي يصيبه من الشدة في المرض ومن الشدة فيما ينزل به من الوجع كما يوجع الرجلان وذلك رفعة لدرجاته واعظاما ثوابه ورفعا لمنزلته صلوات الله وسلامه عليه وكان صابرا. ولذلك من شدة ما نزل به من سكرات الموت صلى الله عليه على اله وسلم وهو سيد ولد ادم كان صلى الله عليه وسلم يضع خميصه وهي قطعة من قماش على وجهه لشدة ما ينزل به صلى الله عليه وسلم فاذا اغتم اي اذا احتاج الى النفس كشفها وهو في هذه الحال من الشدة والكرب وعظيم ما نزل به من الخطب في سياق الموت صلوات الله وسلامه عليه لم يترك نصح امته وتبليغ شريعة ربه فكان يقول وهو في هذه الحال العظيمة الشديدة يقول صلى الله عليه وسلم لعنة الله على اليهود والنصارى اتخذوا قبور انبيائهم مساجد هذا القول النبوي في هذا السياق وفي هذه الحال يبين خطورة هذا العمل وعظيم التحذير منه. فالنبي صلى الله عليه وسلم يعلم بما نزل به من الموت انه ومودع وانه الى الله صائر فكان صلى الله عليه وسلم يعالج ما نزل به من الموت ويقاسي الشدة التي نزلت به من سكرات الموت ومع هذا كان يحذر صلى الله عليه وسلم من هذا العمل لعظيم خطره وكبيره بشره على الامة وانه سبب نقض ما جاء به من توحيد رب العالمين. فكان صلى الله عليه وسلم يقول لعنة الله على اليهود والنصارى هذا اللعن خبر او دعاء يحتمل ان يكون خبر اي ان الله لعنهم وطردهم من رحمته بسبب ما كان ما كانوا عليه من كفر وشرك بالله عز وجل ويحتمل انه دعاء عليهم وفي كل الاحوال هو تحذير وتنفير واخبار عن سوء ما كانوا عليه من عمل الذي اوجب لعنهم ما اخبر به صلى الله عليه وسلم بعد هذا اللعن قال اتخذوا قبور انبيائهم مساجد. هذا هو الموجب للعن ليس ثمة لعن بلا سبب انما كل ما جاء في الشريعة من لعن فان له سببا ابحث عنه وتأمل فيه واحذر ان تتورط فيه فيقع عليك ما جاء من اللعن الذي جاءت به النصوص سواء كان ذلك في كتاب الله او في سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم. ليس ثمة لعن مطلق بلا سبب لعن الذين كفروا من بني اسرائيل على لسان داوود وعيسى ابن مريم ذلك ايش؟ بما عصوا وكانوا يعتدون. كانوا لا يتناهون عن منكر فعلوه. كل ما اسمعت لعنا ابحث عن سببه واحذر ان تتورط فيه وهذا من المواطن التي اخبر النبي صلى الله عليه وسلم فيها باللعن. ثم ذكر ذلك ثم ذكر سبب ذلك فقال لعنة الله على والنصارى وهم من الامم الباقية في زمن النبي صلى الله عليه وسلم وهم ممن ادركهم النبي صلى الله عليه وسلم ودعاهم الى الاسلام اليهود هم من امن بموسى عليه السلام والنصارى هم من امن بعيسى عليه السلام. اتخذوا قبور انبياء المساجد هذا هو سبب اللعن. اتخذوا اي سيروا وجعلوا قبور انبيائهم محلا العبادة هذا معنى قوله صلى الله عليه وسلم اتخذوا قبور انبيائهم مساجد اي انهم جعلوا وصيروا تلك القبور قبور الصالحين قبور الانبياء محلا للعبادة قال صلى الله عليه وسلم اتخذوا قبور انبيائهم مساجد كيف يتخذ القبر مسجدا؟ يتخذ القبر مسجد بعدة امور الامر الاول وهو اوظح ما يكون من صور اتخاذ القبور مساجد ان يبنى عليه مسجد ان يشيد عليه بناء فيؤتى الى القبر ويبنى عليه بناء فهذا من اتخاذ القبر مسجدا الصورة الثانية من صور اتخاذ القبور مساجد ان يصلى عند القبر فانه اذا صلى عند القبر ولو لم يبني مسجدا فانه اتخذه مسجدا. لان المسجد اسم لكل لموضع يصلى فيه ومنه قول النبي صلى الله عليه وسلم كما في الصحيحين من حديث جابر جعلت لي الارض مسجدا وطهورا ومعلوم ان الماء الارض ليست جميع ليس جميعها بناء وانما المقصود بقوله صلى الله عليه وسلم جعلت هي الارض مسجدا وطهورا اي مكانا للصلاة فكل موضع صليت فيه فهو مسجد لانه موظع للسجود فاذا صلى الانسان عند القبر تقصد الصلاة عند القبر فانه يكون بذلك قد اتخذه ايش مسجدا لانه صلى عنده هذه الصورة الثانية. الصورة الثالثة من اتخاذ القبور مساجد الصلاة الى القبور ان تجعل القبر بينك وبين قبلتك فان ذلك من اتخاذ القبور مساجد ولذلك جاء في صحيح الامام مسلم من حديث اه ابي مرثد الغنوي رضي الله تعالى عنه ان النبي صلى الله عليه وسلم قال لا تصلوا الى القبور لا تصلوا الى فنهى عن الصلاة الى القبور لان الصلاة اليها من اتخاذها مساجد. الصورة الرابعة من صور اتخاذ القبور في مساجد ان ان يقصدها لعبادة الله عندها ان يقصدها لعبادة الله عنده ولو بغير الصلاة كان يقصدها لقراءة القرآن او او يقصدها للدعاء او يقصدها للذكر فان ذلك من اتخاذها مساجد. وذلك ان التلاوة والذكر والدعاء رأى محله المساجد. قال النبي صلى الله عليه وسلم ان هذه المساجد لا يصلح فيها شيء من القدر انما هي تلاوة القرآن والصلاة وذكر الله. فاذا فعلت هذه فاذا قصدت القبور لاجل فعلها هذه الاعمال ولو لم تصلي فانك تكون قد اتخذت القبر مسجدا اذا قوله صلى الله عليه وعلى اله وسلم لعنة الله على اليهود والنصارى اتخذوا قبور انبيائهم مساجد هو بيان سبب اللعن واتخاذ القبور مساجد يكون بهذه الصور الاربعة من يذكرنا بها ذكرت اربع صور مما يتخذ به القبر مسجدا الصورة الاولى ان يبني عليه بناء للصلاة والعبادة. هذا من اتخاذه قبرا من اتخاذ القبر مسجدا. الصورة الثانية ان يصلي عند القبر فان هذا من اتخاذ القبر مسجدا. الصورة الثالثة ان يصلي الى القبر بان يجعله بينه وبين القبلة. الصورة الرابعة قصدها قصدها للعبادة بالذكر والدعاء والصدقة ومنه ما يفعله بعض الناس الان عند المقابر تجد من يقدم للحمام وينثرونه عند عند المقابر هذا من اتخاذ القبور مساجد لان هذا احسان والاحسان اذا قصدت به القبر او ان تفعله عند القبور فقد وقعت فيما ذكره النبي صلى الله عليه وسلم وحذر منه من اتخاذ القبور مساجد تقول عائشة رضي الله تعالى عنها في سبب تحذير في سبب تحذير النبي صلى الله عليه وسلم في هذه الحال وفي هذا الموقف الشديد نزل به الموت صلى الله عليه وسلم. ثم يقول لعنة الله على اليهود والنصارى اتخذوا قبور انبيائهم مساجد. قالت رضي الله تعالى عنها تحذر ما صنعوا. اي انه قال ذلك على وجه التحذير للامة من صنع اولئك ان يشابهوهم او ان او ان يصيروا كما صاروا اليه. وان يسلكوا ما سلكوا من اتخاذ القبور مساجد. ثم قالت رضي الله تعالى عنها لولا ذلك اي لولا خشيته صلى الله عليه وسلم من ان يتخذ قبره مسجدا لابرز قبره. قال ولولا ذلك ابرز قبره. النبي صلى الله عليه وسلم دفن في حجرته. وذلك بوحي من الله كما جاء في المسند من حديث ابي بكر رضي الله تعالى عنه ان النبي صلى الله عليه وسلم قال الانبياء يدفنون حيث يموتون مات النبي صلى الله عليه وسلم في حجرة عائشة ودفن فيها صلى الله عليه وسلم فدفن في بيته وكان هذا من رحمة الله بالامة ان دفن الله صلى الله عليه وسلم في بيته ليقطع اي ما اي عمل يمكن ان يكون سببا لعبادة لعبادته من دون الله. فدفن صلى الله عليه وسلم في حجرة عائشة ولولا هذا المحذور وهو خشية ان يعبد من دون الله وان يتخذ قبره مسجدا صلى الله عليه وسلم لابرز قبره اي لدفن مع سائر الموتى في مقابر اهل المدينة في البقيع. لكن الله اختار له ان يدفن صلى الله عليه وسلم في حجرته التي ما التي كان يسكنها وحجرته بناء قائل وحفظ الله تعالى قبر رسوله صلى الله عليه وسلم من ان يتخذ وثنا يعبد من دون الله او ان يتخذ عيدا يعتاد من دون الله اي يعتاد لعبادة الله سلم الله تعالى قبر رسوله صلى الله عليه وسلم من كل التي حذر منها صلى الله عليه وعلى اله وسلم. تقول عائشة رضي الله تعالى عنها ولولا ذلك ابرز قبره غير انه خشي ان يتخذ مسجدا اي خشي ان يتخذ قبره صلى الله عليه وسلم محلا للعبادة او ان يبنى عليه مسجد او ان يصلى او ان يصلى اليه او ان يتقرب احد الى الله تعالى عنده. هذا بعض ما في هذا الباب من المساء من الاحاديث ونستكمل ان شاء الله تعالى في درس يوم غد ونجيب على ما يسر الله تعالى من سؤال اسأل الله ان يرزقني واياكم العلم النافع والعمل الصالح وان يسلك بنا سبيل الهدى والرشاد