كما جاء ذلك في وصف النبي صلى الله عليه وسلم لكن اعظم الشر في الناس هم الذين يصرفون الناس عن عبادة الله وحده لا شريك له الى عبادة ما سواه. فهؤلاء على خطر وذاك انه يظهر خلاف ما يبطل وهو سمة اهل النفاق الذين لا يكونون على حال بل يسيرون على يسيرون الى ما يحقق مصالحهم حيثما حيثما كانت دون اقامة لدين الله عز وجل او حفظ لحدوده او صيانة لشرائعه فهؤلاء من شرار الخلق فكل من اشتغل ب شيء من الفساد او شيء من الخروج عما خلق الله تعالى الخلق لاجله فانه من شرار الناس الحمد لله حمدا كثيرا طيبا مباركا فيه ملء السماء والارض وملء ما شاء من شيء بعد احمده حق حمده لا احصي ثناء عليه هو كما اثنى على نفسه واشهد ان لا اله الا الله اله الاولين والاخرين لا اله الا هو الرحمن الرحيم. واشهد ان محمدا عبد الله ورسوله صفيه وخليله خيرته من خلقه. صلى الله عليه وعلى اله وصحبه ومن اتبع سنته واقتفى اثره باحسان الى يوم الدين اما بعد فان الله سبحانه وبحمده قلق الخلق ليعبدوه كما قال جل في علاه وما خلقت الجن والانس الا ليعبدون فالله جل في علاه خلق الانس والجن لهذه الغاية لم يخلقهم لغرض اخر ولا علة اخرى غير هذه التي ذكر في محكم كتابه فانه ذكر هذه العلة من الخلق او هذا المقصود من الخلق بصيغة الحصر بالنفي والاثبات فقال جل وعلا وما خلقت الجن والانس وهذا نفي الا ليعبدون اي الا لاجل ان يشتغلوا بعبادتي قال ابن عباس اي الا ليوحدون والمقصود بالعبادة هنا اصلها الذي لا تقوم الا به واسها الذي تبنى عليه وهو عبادة الله وحده لا شريك له وهو لا اله الا الله هذا هو الغرض من الخلق وهو العبادة التي امر الله تعالى بها الناس في قوله يا ايها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم والذين من قبلكم لعلكم تتقون في اول نداء الهي للبشرية للناس في كتابه الحكيم فان اول امر امر الله تعالى به الناس في كتابه ان يعبدوه وحده لا شريك له فقال جل وعلا يا ايها الناس اعبدوا ربكم الذي خلقكم الذين من قبلكم لعلكم تتقون ثم ان الناس في قيامهم بهذه الغاية وقيامهم بهذا الغرض وهذا المقصود من الخلق انقسموا الى فريقين فريق قام بما امر الله تعالى به وبما جعله الله تعالى غاية وعلة للخلق فهؤلاء هم المؤمنون وهم السعداء وهم الذين وصفوا في كتاب الله تعالى بصفات الحمد والمدح فهم الاخيار وهم الابرار وهم اولوا الالباب وهم الاتقياء وهم المؤمنون والفريق الثاني الفريق الثاني من الخلق الذين اشتغلوا عن ذلك بمشاغل الدنيا وملاهيها فلم يقوموا بعبادة الله وحده لم يعبدوا الله تعالى حق عبادته بل اشتغلوا الوان من الصوارف فلم يحققوا العبادة لله فهؤلاء هم الكفار وهم الاشرار وهم اهل النار وهم المشركون وهم الفساق وهم الظالمون هكذا وصفهم الله تعالى في كتابه وقد ذكر الله تعالى هذه القسمة بعد ان ذكر الخلق قال جل وعلا هو الذي خلقكم فمنكم كافر ومنكم مؤمن هذه هي القسمة التي ينقسم اليها الناس فاهل الايمان اهل طاعة واحسان واهل المعاصي والكفر والشرك اهل اضاعة فساد وشر وحق المؤمن ان يشتغل في ان يكون من الفريق الفائز الرابع وان يتوقى كل شر وفساد وكل ما يخرجه عن عبادة الله عز وجل وكل من اشتغل بغير ما خلق له كل من اشتغل بما لا يتحقق به عبادة الله وحده لا شريك له فانه من الاشرار ولذلك وصف النبي صلى الله عليه وسلم الذين صرفوا العبادة لغير الله عز وجل والذين اشتغلوا التقرب الى سواه بانهم شرار الخلق كما جاء ذلك في حديث عائشة رضي الله تعالى عنها في الذين اتخذوا القبور مساجد قال اولئك شرار الخلق عند الله فهؤلاء وصفوا بانهم شرار الخلق لانهم لم لانهم لم يقيموا عبادة الله وحده لا شريك له لم يقيموا طاعته جل في علاه بل انصرفوا عن عبادته وطاعته الى انواع من العبادات الفساد الذي لم يدركوا به سعادة دنيا ولا فوز اخرة. بل كان شقاء وظررا وظلالا انحرافا عن الصراط عن الصراط المستقيم وخروجا عن الطريق القويم فجدير بالمؤمن ان يحذر من هؤلاء وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم في بعض اصحاب المعاصي بانهم شر الناس ومن ذلك ذو الوجهين الذي يأتي هؤلاء بوجه وهؤلاء بوجه فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم في وصفه بانه من شر الناس عظيم وهؤلاء على شر كبير فجدير بالمؤمن ان يعتني بايمانه وان يعتني بعمله فيقيمه على ما يرضى الله عز وجل لان الخروج عن رضاه هو وقوع في مساخطه. الخروج عن رضاه هو وقوع في موجبات غضبه. واسباب سخطه فليحذر المؤمن من ان يناله شيء من ذلك نقرأ ما يسر الله تعالى من الاحاديث التي ذكر فيها النبي صلى الله عليه وسلم شيئا من اعمال شرار الخلق حتى يكون المؤمن على وعي وفطنة لتلك الاعمال فيجتنبها نفسه ويحذر منها الخلق فان الدين النصيحة كما قال النبي صلى الله عليه وسلم قلنا لمن يا رسول الله؟ قال لله ولكتابه ولرسوله ولائمة المسلمين وعامتهم بسم الله الرحمن الرحيم. الحمد لله رب العالمين. والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه اجمعين. اللهم اغفر لنا ولشيخنا وللحاضرين قال الامام المجدد محمد بن عبدالوهاب رحمه الله تعالى باب ما جاء من التغليظ في من عبد الله عند قبر رجل صالح فكيف اذا عبده في الصحيح عن عائشة رضي الله عنها ان ام سلمة ذكرت لرسول الله صلى الله عليه وسلم كنيسة رأتها بارض الحبشة وما فيها من الصور فقال اولئك اذا مات فيهم الرجل الصالح او العبد الصالح بنوا على قبره مسجدا وصوروا فيه تلك الصور اولئك شرار الخلق عند الله فهؤلاء جمعوا بين الفتنتين فتنة القبور وفتنة التماثيل. هذا هو الحديث الاول الذي جاء فيه ذكر عمل شرار الخلق اعاذنا الله واياكم ان نكون منهم في الصحيح اي في ما جاء في البخاري ومسلم فالصحيح يطلق ويراد به احد الصحيحين وقد يطلق ويراد بهما ثبت من حديث النبي صلى الله عليه وعلى اله وسلم ولو كان في غير البخاري ومسلم فان الاحاديث الصحيحة لا تنحصر في هذين الكتابين الجليلين بل الاحاديث الصحيحة فيهما وفي غيرهما يقول رضي الله تعالى عنه ورحمه في الصحيح عن عائشة ام المؤمنين وكذلك جاء ذلك عن عبد الله ابن عباس الله تعالى عنه ان ام سلمة وهي زوج النبي صلى الله عليه وعلى اله وسلم وهي من ممن تزوجها النبي صلى الله عليه وعلى اله وسلم بعد هجرته وكنيتها بام سلمة رضي الله تعالى عنها لان لها ابنا اسمه سلمة وكانت قد تزوجت رجلا وهاجرت امن بالنبي صلى الله عليه وسلم وهاجرت معه الى الحبشة ومكثت زمنا هناك ثمان زوجها ابا سلمة ارتد عن الاسلام ورجع الى دين النصارى مات تزوجها رسول الله صلى الله عليه وسلم على بعد تزوجها وهي في الحبشة ثم قدمت اليه صلى الله عليه وسلم بعد ذلك ولها ثلاث من الولد كلهم صحابي واسمها هند بنت امية المخزومية وهي من اقرب آآ وهي من اعلى ازواج النبي صلى الله عليه وسلم منزلة ومكانة وكلهن علي شريف رفع المنزلة فلما جاءت الى النبي صلى الله عليه وعلى اله وسلم حدثته بما رأت في ارض الحبشة فكان مما حدثت انها ذكرت له كنيسة وهي محل للعبادة والطاعة عند النصارى رأتها بارض الحبشة وما فيها من الصور اي وما فيها من التصاوير التي يجعلونها في تلك المعابر وهذه الصور المذكورة هي صور انبياء او صور صالحين او صور ملائكة يتخيلونها او غير ذلك من الصور ولا فرق بذلك بين ان تكون تلك الصور لها ظل او ما ما لا ظل له من الصواب فانه يشمل هذا وذاك يقول تقول عائشة رضي الله تعالى عنها ان ام سلمة اخبرت النبي صلى الله عليه وسلم بما رأته في تلك الكنيسة وما فيها من الصور فجاء تعليق النبي صلى الله عليه وسلم في تفسير ذلك الفعل وفي بيان حكمه. فقال صلى الله عليه وسلم اولئك اي الذين اخبرتي خبرهم من اصحاب الكنائس الذين رأتها في الحبشة اذا مات فيهم الرجل الصالح او العبد الصالح بنوا على قبره مسجدا اي انهم شيدوا على قبر ذلك الصالح مكانا للعبادة والطاعة. فالمقصود بالمسجد هنا المسجد الذي يتعبد لله تعالى فيه ولا فرق في ذلك بين ان يتعبد لله تعالى فيه بالصلاة او يتعبد او او يتعبد لله عز وجل لا فرق في ذلك بين ان يتعبد فيه لله عز وجل بالصلاة او يتعبد لله عز وجل بغيره من الطاعات والعبادات ذكر النبي صلى الله عليه وسلم صنيعهم وانهم يبنون على قبور صالحيهم مساجد من تدركهم الساعة وهم احياء ان من شرار الناس من تدركهم الساعة وهم احياء هذا الصنف الاول والذين يتخذون القبور مساجد هذا الصنف الثاني والحقيقة ان هذين مقترنين في اخر الزمان يقول وصوروا فيه او فيها تلك الصور اي صوروا في تلك الكنائس او ذلك المسجد الذي بنوه وصوروا فيه تلك الصور التي اخبرت عنها فجمعوا بين ضلالتين. الضلالة الاولى البناء على القبور والظلالة الثانية تصوير التصاوير التي تذكرهم اولئك تصور لهم اولئك الذين عبدوهم من دون الله من الصالحين بعد ان بين النبي صلى الله عليه وسلم فعلهم ذكر حكم ذلك الفعل. فقال صلى الله عليه وعلى اله وسلم اولئك شرار الخلق عند الله. اي هؤلاء الذين هذه حالهم وهذا صنيعهم وهذا عملهم وهو ما كان من من بناء المساجد على القبور تصوير تلك التصاوير اولئك شرار الخلق عند الله اي اشد الخلق شرا فشرار جمع شر كقولك صعاب جمع صعب او بحار جمع بحر فالمقصود بشهر الخلق هم اشد الخلق شرا وذلك انهم اشد الخلق معصية لله عز وجل حيث انهم تورطوا في اعظم الظلم واعظم الظلم واشده واعلاه واقبحه واشنعه هو ما كان في حق الله عز وجل بتسوية غير الله بالله بالشرك فان الشرك هو تسوية غير الله تعالى بالله. وقد قال الله تعالى في بيان عظيم جرم الشرك به سبحانه وتعالى. قال سبحانه وبحمده ان الشرك لظلم عظيم. فتبوأوا هذه المنزلة ونالوا هذا الوصف النبوي من انهم شرار الخلق عند الله لانهم وقعوا في اعظم الظلم واخطره واقبحه واشنعه وهو عبادة غير الله عز وجل اولئك شرار الخلق عند الله وليس ذلك بالنظر الى ميزان ما يكون من تقييم الناس وحكمهم بل ذلك بميزان الله الذي لا يحيف ولا يظلم فهم شرار الخلق عند الحكم العدل شرار الخلق عند الله العليم الخبير البصير. شرار الخلق الذي بيده الحكم واليه يرجع سبحانه وبحمده ولذلك نص على انهم شرار الخلق لا باعتبار ما يكون من تقييم الناس او من حكمهم انما بالنظر الى حكم الله عز وجل وميزانه الذي لا يحيف ولا يظلم. اولئك اولئك شرار الخلق عند الله هذا حكم النبي صلى الله عليه وسلم في هؤلاء الذين جمعوا هاتين اللوثتين هاتين المعصيتين هاتين الفتنتين الفتنة الاولى بناء القبور على المساجد والفتنة الثانية اتخاذ التصاوير للصالحين والعباد في تلك المساجد ولو لم تكن في تلك المساجد بان اتخذت تلك التصاوير عند قبورهم فان ذلك داخل في هذا الوصف الذي ذكره النبي صلى الله عليه وسلم في قوله اولئك شرار الخلق عند الله. يقول رحمه الله فهؤلاء اي هؤلاء الذين استحقوا هذا الوصف جمعوا بين الفتنتين فتنة القبور وفتنة التماثيل. ولا شك ان في القبور فتنة عظيمة تصد عن الهدى وتخرج عن الطاعة وتورط في الوان الفساد. ولذلك سميت فتنة لانها تصرف عن الحق وتوقع في الردى وهذا وصف لكل ما يخرج به الناس عن الحق والهدى فانه فتنة ذاك الوصف باعتبار ان القبور هي من اول ما صرف الناس عن طاعة الله عز وجل. فان اول انحراف في البشرية كان سببه هو التعلق والعكوف عندها وتعظيمها والخروج بها عن الطاعة الى المعصية فكان ذلك موجبا لهلاك بني ادم بعبادة غير الله عز وجل. فان الفتنة الاولى التي وقع فيها من بعث فيهم نوح عليه السلام انهم عظموا الصالحين باتخاذ انصاب عند قبور الصالحين فعبدت من دون الله بعد زمن ولذلك قال المصنف رحمه الله فجمعوا بين فتنتين فتنة القبور بالنظر الى ان التعلق بالقبور والعكوف عندها مما يصرف القلوب عن عبادة علام الغيوب الى هؤلاء المقبورين وهؤلاء الصالحين واهل اهل المقابر الذين لا حول لهم ولا طول. ولذلك كانت فتنة عظيمة وكان النبي صلى الله عليه وسلم قد صان الامة من تلك الفتنة بماذا؟ في اول الامر كان كانت صيانة النبي صلى الله عليه وسلم للامة من هذه الفتنة انها عن زيارة القبور نهى عن زيارة القبور والعلة في ذلك خشية ان تعبد من دون الله ولان الناس كانوا حديث كانوا حديث عهد بكفر فخشي النبي صلى الله عليه وسلم ان يكون عندهم من التعلق بالقبور والتوجه اليها ما يناقض ما جاء به صلى الله عليه وسلم من عبادة الله العزيز الغفور جل في علاه فنهاهم عن زيارة القبور كما جاء ذلك فيما رواه مسلم من حديث بريدة ابن الحصيب رضي الله تعالى عنه قال قال رسول الله قال رضي الله تعالى عنه قال رسول الله صلى الله عليه وسلم كنت نهيتكم كنت نهيتكم عن زيارة القبور فزوروها فانها تذكر الاخرة واما ما يتعلق بفتنة التصاوير ففتنة التصاوير فتنة عظيمة لا سيما التصاوير التي كانت تستعمل لتذكر الصالحين وتذكر ما كانوا عليه من طاعة وعبادة فان تلك التصاوير كانت سببا لعبادة غير الله عز وجل كما بين ذلك الاثر فان الذين ذكر الله تعالى في قوله لا تذرن الهتكم ولا تذرن ودا ولا سواعا ولا يغوث ويعوق ونثر هذه اسماء رجال صالحين كانوا في قوم نوح فماتوا فجاء الشيطان الى قومهم فقال لهم اوحى اليهم انسبوا الى مجالسهم انصابا تذكركم بها فنصبوا انصابا عند مجالسهم ثم صوروا لهم صورا يتذكرونهم بهم ثم عبدوهم من دون الله عز وجل. فكانت التصاوير من اعظم ما اخرج الناس او من اول ما اخرج الناس عن طاعة الله عز وجل الى عبادة غيره ولهذا جاء التحذير الشديد في في التصوير وما يتصل به من آآ تشكيل الخلق سواء كان ذلك في التماثيل التي لها ظل او كان ذلك بالرسم الذي يرسم باليد فجاءت النصوص مبينة لعظيم الخطر فان اشد الناس عذابا يوم القيامة المصورون كما قال سيد الورى صلوات الله وسلامه عليه لما في التصوير من عظيم فتنة التي تخرج الناس عن طاعة الله عز وجل وعبادته الى عبادة ما سواه. ثم ذكر بعد ذلك حديث الاخر فيه بيان خطورة الاشتغال بالقبور والاقبال عليها والبناء عليها فقال ولهما عنها اي عن عائشة رضي الله تعالى عنها لهما اي للبخاري ومسلم عنها اي عن عائشة ام المؤمنين رضي الله تعالى عنها قالت لما نزل برسول الله صلى الله عليه وسلم طفق يطرح خميصة له على وجهه لما نزل اي لما حضر النبي صلى الله عليه وسلم حضرت النبي صلى الله عليه وسلم الوفاة لما حضرت النبي صلى الله عليه وسلم الوفاة وهو في السياق كان يطرح خميسه والخميس نوع من الكساء او القماش له اعلام كان يطرحه على وجهه صلى الله عليه وسلم لشدة ما نزل به من الحمى صلى الله عليه وسلم وكان يوعث كما يوعك الرجلان يعني ينزل به من المرض ما ينزل باثنين من الرجال الاقوياء. وذلك تعظيما لاجره ورفعة لمنزلته صلوات الله وسلامه عليه فكان يطرح الخميس على وجهه فاذا اغتم بها اي احتاج الى هواء الى نفس ازالها صلى الله عليه وسلم عن وجهه فكشفها. قال فاذا اغتم بها فقال صلى الله عليه وسلم وهو في هذه الحال يعالج سكرات الموت صلى الله عليه وسلم قال لعنة الله على اليهود والنصارى اتخذوا قبور انبيائهم مساجد هذا قوله صلى الله عليه وسلم وقد نزل به وهو في الاحتضار. هذا قوله صلى الله عليه وسلم وهو في سكرات الموت لعنة الله على اليهود والنصارى تذكر هذين الصنفين من الناس لانهم ممن انحرفوا عن عبادة الله وحده الى عبادة ما سواه سبب هذا الفعل الذي ذكره صلى الله عليه وسلم. فانه بعد ان ذكر اللعنة لهؤلاء بين السبب الموجب لهذه اللعنة فقال لعنة الله على اليهود والنصارى اتخذوا قبور انبيائهم مساجد هذا هو السبب الموجب للعن الذي رسول الله صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث. وقوله لعنة الله اما خبر واما دعاء اما خبر بان الله ابعدهم وطردهم عن رحمته جل وعلا. فان اللعن هو الطرد والابعاد عن رحمة الله. واما انه دعاء وسؤال الله عز وجل ان يبعدهم عن رحمته وان يحجب عنهم احسانه وفضله وذلك لما احدثوه من عظيم الفتنة التي اخرجت الناس من النور الى الظلمات. اخرجتهم من الهدى الى انواع الضلالات الله على اليهود والنصارى اتخذوا قبور انبيائهم مساجد اي سيروا وجعلوا قبور انبيائهم هلل للعبادة هذا معنى قوله اتخذوا قبور انبيائه المساجد واتخاذ القبور مساجد يكون بعدة صور تقدم في الحديث السابق صورة من صور اتخاذ القبور مساجد وهو بالبناء عليها. كما جاء في قوله صلى الله عليه وسلم اولئك اولئك اذا مات فيهم الرجل الصالح او العبد الصالح بنوا على قبره مسجدا فهذه اعظم صور اتخاذ القبور مساجد بالبناء عليها هذه السورة الاولى التي ذكرها ان التي ذكرها آآ النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث السابق وهو بالبناء على القبور. فاتخاذ القبور مساجد له صور. اعظم ذلك ان يبنى على القبر مسجد اي محل للعبادة. فهذا من اتخاذ فهذا من اتخاذ القبور مساجد الذي لعن النبي صلى الله عليه وسلم فاعله بقوله صلى الله عليه وسلم لعنة الله على اليهود والنصارى اتخذوا قبور انبيائهم مساجد. ومن فعل ذلك فانه من شرار الخلق لقوله صلى الله عليه وسلم اولئك شرار الخلق فهؤلاء جمعوا وصل وحكما فالوصف انهم شرار الخلق وهو حكم عليهم ايضا اما الحكم فهو لعنة الله لهم ودعاء النبي صلى الله حكمه اما اذا كان خبرا او دعاء النبي صلى الله عليه وسلم عليهم ان كانت هذه الجملة جملة دعائية وهي محتملة ان تكون خبرا ويحتمل ان تكون آآ ان شاء ان شاء يحتمل ان تكون خبرا ان تكون انشاء. الصورة الثانية من صور اتخاذ القبور مساجد هو بالصلاة عند القبور فان الصلاة عند القبور من اتخاذها مساجد ولو لم يبني المصلي بناء على القبر فان فانه من صلى عند القبر فقد اتخذه مسجدا ولذلك كان الصحابة رضي الله تعالى عنهم يتوقون الصلاة عند القبور لما في ذلك من الخروج عن عبادة العزيز الغفور الى عبادة غيره. فان العبادة عند بالصلاة عند القبور يصيرها اوثانا هل تعبد من دون الله؟ يصيرها يصيرها اه سببا يسيرها من اسباب الوقوع في الشرك بالله عز وجل ولذلك لعن النبي صلى الله عليه وسلم فاعله. والقبور ليست محلا للصلاة ولا للعبادة ولذلك قال النبي صلى الله عليه وسلم اجعلوا من صلاتكم في بيوتكم ولا تجعلوها ايش قبورا اي لا تجعلوا بيوتكم قبورا بترك الصلاة فيها كما تترك الصلاة في المقابر فان المقابر ليست محلا للصلاة لا صلاة الفرائض ولا صلاة النوافل فان ذلك مما نهى عنه النبي صلى الله عليه وعلى اله وسلم وحذر منه وبين انه موجب للعنة. لعنة الله على اليهود والنصارى اتخذوا قبور انبيائها المساجد. اذا الصورة الثانية من صور اتخاذ القبور مساجد هو بالصلاة عند القبور. الصورة الثالثة من صور اتخاذ القبور مساجد هو بالصلاة الى القبر. ان تجعل القبر بينك وبين القبلة وهذا قد جاء النهي عنه على وجه الخصوص في قول النبي صلى الله عليه وسلم فيما رواه مسلم من حديث ابي مرفد الغنوي قال صلى الله عليه وعلى اله وسلم لا تصلوا الى القبور لا تصلوا الى القبور فنهى النبي صلى الله عليه وسلم عن الصلاة الى القبر وقد صلى انس بن مالك رضي الله تعالى عنه في موضع فقال له عمر القبر القبر وذلك انه كان بين يديه قبر لم يشعر به ولم يعلم به. الدليل على انه لم يشعر به ولم يعلم به انه لما قال عمر محذرا انس من الصلاة الى القبر رفع رأسه الى السماء ظن ان عمر يقول القمر القمر فاعاد عليه القبر القبر ففهم انه ينبهه الى قبر كان في في موضع صلاته لم يتنبه اليه انحرف عنه فالصلاة الى القبور هي مما يدخل في اتخاذ القبور مساجد. اذا هذه ثالث الصور التي تدخل في موجب لعنة رسول الله صلى الله عليه وسلم في قوله لعنة الله على اليهود والنصارى اتخذوا قبور انبيائه المساجد. اما السورة الرابعة من صور اتخاذ هذه القبور مساجد فهو بقصد القبور للعبادة قصد القبور للعبادة موجب اتخاذها مساجد وذلك ان المساجد هي موضع العبادات كما قال النبي صلى الله عليه وعلى اله وسلم في وسط المسجد هذه المساجد لا يصلح فيها شيء من القدر انما هي لتلاوة انما هي للصلاة انما هي لذكر الله والصلاة وتلاوة القرآن اه فبين النبي صلى الله عليه وسلم ما يفعل في المساجد من طاعة الله عز وجل. وقد بين الله ذلك في قوله في بيوته اذن الله ان ترفع ويذكر في اسمه يسبح له فيها بالغدو والاصال. رجال لا تلهيهم تجارة ولا بيع عن ذكر الله واقام الصلاة وايتاء الزكاة يخافون يوما قلبوا فيه القلوب والابصار. هذه هي الصورة الرابعة من صور اتخاذ القبور مساجد وهو ان يقصد الانسان القبر للتعبد لله عز وجل عند القبر ولو لم يكن تكن هذه العبادة للمقبور كان يقصد القبر للصدقة او يقصد القبر للدعاء الله او يقصد القبر لتلاوة القرآن او يقصد القبر الذبح عنده لله عز وجل. كل هذه الصور من اتخاذ القبور مساجد الذي لعن النبي صلى الله عليه وعلى اله وسلم فاعله واخبر بان فاعله من شرار الخلق اولئك اولئك شرار الخلق وفي حديث حديث عائشة الاخر قال لعنة الله على اليهود والنصارى اتخذوا قبور انبيائهم ثالث الاحاديث التي ذكرها النبي صلى الله عليه وسلم في شأن هؤلاء الذين هم شرار الخلق ما رواه مسلم من حديث جند ابن عبدالله البجلي رضي الله تعالى عنه قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول قبل ان يموت بخمس يعني قبل موته بخمس ليال وهذا يشبه الحديث السابق الحديث الذي ذكر فيه ذكرت فيه تحذير النبي صلى الله عليه وسلم امته من اتخاذ القبور مساجد وهو في سياق الموت وهو هو في حال الاحتضار حيث انه صلى الله عليه وسلم كان يعالج سكرات الموت وكان يطرح خميصة له على وجهه ثم يكشفها صلى الله عليه وعلى اله وسلم اذا اغتم ويقول لعنة الله على اليهود والنصارى اتخذوا قبور انبيائه المساجد. في حديث جندب ابن ابن عبد الله البجلي رضي الله تعالى عنه خبره عما سمعه من النبي صلى الله عليه وسلم في شأن القبور قال صلى الله قال رضي الله تعالى عنه سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم قبل ان يموت بخمس اي بخمس ليال وهو يقول اني ابرأ الى الله ان يكون لي منكم خليل. اني ابرأ اي ابعد واتخلص وانفك عن كل خلة بيني وبين احد من الناس والخلة هي خالص الود. وسميت الخلة بهذا الاسم لانها محبة تتخلل القلب فسميته خلة وقيل الخليل مأخوذ من الخلة بالفتح ليس بالظن وهو الحاجة المقصود بالخلة الحاجة سمي الخليل خليلا لانه يحتاج اليه. وكلا المعنيين له وجه. والمقصود ان النبي صلى الله عليه وسلم اخبر عن براءته وبعده وانخلاعه صلى الله عليه وسلم من ان يكون له من الناس خليل اي من بلغ بالحب المنتهى فانه صلى الله عليه وسلم قد اصطفاه الله عز وجل وميزه بان جعله خليلا له سبحانه وبحمده ولذلك قال فان الله قد اتخذني خليلا. اي سيرني خليلا وجعلني خليلا وهذه منزلة سامية لن تتحقق لاحد من الخلق فيما جاءت به الاخبار الا لاثنين من اولي العزم من الرسل ابراهيم عليه السلام والثاني نبينا محمد صلى الله عليه وعلى اله وسلم. والاعلى منهما في هذه المنزلة الاعلى منهما في الخلة هو نبينا محمد صلى الله الله عليه وسلم فهو اعلى الناس منزلة وهو اشرفهم مكانة ويشاركه في مرتبة الخلة ابراهيم عليه السلام يقول النبي صلى الله عليه وسلم فان الله اتخذين اتخذني خليلا اي سيرني خليلا له كما اتخذ ابراهيم خليلا قال ولو كنت متخذا من امتي خليلا اي لو جاز لي وحل لي ان اتخذ احدا من الخلق محبوبا تبلغ المحبة فيه اعلى المراتب لاتخذت ابا بكر خليلا. والمقصود بابي بكر ابو بكر الصديق رضي الله تعالى عنه اول من امن بالنبي صلى الله عليه وسلم من الرجال وهو الذي ذكر الله تعالى صحبته في القرآن فان الله عز وجل لم يسمي احدا من اصحاب النبي صلى الله وسلم بوصف الصحبة في كتابه الا ابا بكر. قال الله عز وجل اذ يقول لصاحبه ها؟ لا تحزن. لا تحزن ان الله معنا. فسماه صاحبا ولم يأتي هذا في حق احد من اصحاب النبي صلى الله عليه وسلم الله له بالصحبة واثبت له هذه المنزلة فتميز به عن سائر اصحاب النبي صلى الله عليه وعلى اله وسلم ان صحبته ثبتت بالقرآن وليس هذا لاحد من اصحاب النبي صلى الله عليه وعلى اله وسلم. يقول لو كنت متخذا من من امتي خليلا لاتخذت ابا بكر خليلا. الا وان من كان قبلكم. وهذا هو الشاهد في هذا الحديث الاوان من كان قبلكم كانوا يتخذون قبور انبيائهم مساجد. يخبر النبي صلى الله عليه وسلم عن من تقدم من الامم وهذا الخبر يتضمن امرين يتضمن ذكرى الانحراف السابق في الامم الماضية الخالية والامر الثاني يتظمن تحذير هذه الامة من ان تقع فيما وقعت فيه الامم السابقة من الانحراف. وفيما وقعت فيه الامم السابقة من الخروج عن الصراط المستقيم فان ما وقع في الامم السابقة من الانحرافات يمكن ان يتكرر وان يقع في هذه الامة. ولذلك جاء في الصحيح من حديث ابي سعيد رضي الله تعالى عنه ان النبي صلى الله عليه وسلم قال تتبعن سنن من كان قبلكم حذو القذة بالقذة. السنن المقصود به ما كانوا عليه من اعمال. وما وما عليه من خصال وما كانوا عليه من افعال فان ما كان عليه ما كانت عليه الامم السابقة من الاعمال يمكن ان يتكرر ترى في هذه الامة لخبره صلى الله عليه وسلم في قوله لتتبعن سنن من كان قبلكم حذو القذة بالقذة حتى لو دخلوا جحر لدخلتموه. فلذلك بين النبي صلى الله عليه وسلم صنع تلك الامم محذرا للامة ان تسير على نحو او ان تسلك سبيلهم. فقال صلى الله عليه وسلم الا وان من كان قبلكم كانوا يتخذون قبور انبيائهم مساجد يسيرون قبور انبيائه المساجد وهذا يكون بامور كما تقدم قبل قليل. الامر الاول بالبناء على القبور الثاني الصلاة عندها الثالث بالصلاة اليها. الرابع بجعلها محلا للعبادة والطاعة. كل هذه الصور الاربعة مما كل هذه الصور كل هذه الصور الاربع مما يتخذ به القبر مسجدا. قال صلى الله عليه وسلم الاوان من كان قبلكم كانوا يتخذون قبور انباءهم مساجد ثم يقول صلى الله عليه وسلم الا هذه كلمة تنبيه ولفت نظر الى ما سيأتي بعدها الا فلا تتخذوا القبور مساجد فهذا نهي صريح عن اتخاذ القبور مساجد نهي عن البناء عن القبور ولا خلاف بين اهل العلم من علماء الاسلام قديما وحديثا ان البناء على القبور من عظائم الامور وانه من موجبات غضب العزيز الغفور جل في علاه. الثاني قال صلى الله عليه وعلى اله وسلم فاني انهاكم عن ذلك فاني انهاكم عن ذلك. هذا تأكيد للمعنى السابق قوله الا فلا تتخذوا القبور مساجد هذا نهي صريح يدركه اهل اللسان العربي الذين يفهمون البيان ويعرفون آآ آآ نظمأ لسان العرب لكنه بعد انها اعاد مؤكدا ذلك النهي بالخبر ان ذلك القول منه صلى الله عليه وسلم مقصود غرضه ومقصوده ان ينتهي الناس عن اتخاذ القبور مساجد فقال فاني انهاكم عن ذلك اي احذركم ان تتخذوا القبور ومساجد وذلك بالبناء على القبور او بالصلاة اليها او بالصلاة عندها او قصدها للعبادات ثم بعد ذكر المؤلف رحمه الله وجه الاستدلال بما تقدم من الاحاديث فقال فقد نهى نعم فقد نهى عنه في اخر حياته هذا الان خلاصة لما دلت عليه الاحاديث السابقة في بيان وجه النهي عن اتخاذ القبور مساجد. نعم فقد نهى عنه في اخر حياته ثم انه لعن وهو في السياق من فعله والصلاة اذا وجه التحذير من وجه النهي عن اتخاذ القبور مساجد جاء من في الاحاديث السابقة بوجهين اولا النهي والنهي هو طلب الكف وطلب الامتناع وطلبوا التوقف عن اتخاذ القبور مساجد نهى عن ذلك وهذا النهي لا يمكن ان يأتي احد ويقول هذا نهي منسوخ فانه قد نهى عنه في اخر حياته في موطنين في حديث جندي بن عبدالله بن جند بن عبد الله البجلي رضي الله تعالى عنه قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم قبل ان يموت بخمس يقول صلى الله عليه وسلم الا وان من كان قبلكم كانوا يتخذون القبور مساجد الا فلا تتخذوا القبور مساجد فاني ينهاكم عن ذلك وابلغ منه في النهي حديث من حديث عائشة رضي الله تعالى عنها التي اخبرت عن نهي النبي صلى الله عليه وسلم ولعنه الذين اتخذوا القبور مساجد وهو في وهو في الاحتضار وقد نزل به الموت وهو يعالج سكرات الموت صلوات الله وسلامه عليه. حيث كان صلى الله عليه وسلم لما نزل به يطرح خميصة على وجهه فاذا اغتم بها كشفها قال وهو على تلك الحال لعنة الله على اليهود والنصارى اتخذوا قبور انبياء اهل مساجد يحذروا ما صنعوا اي يحذروا صنيع اولئك وان تفعل امته ان تفعل امته ما فعل الامم السابقة والوجه الثاني من اوجه النهي هو لعنه صلى الله عليه وسلم من فعل ذلك. ثم انه لعن وهو في السياق يعني في في في سياق الموت والاحتضار من فعله. الان بعد ان ذكر تأكد النهي ووجه النهي في الاحاديث السابقة ذكر الصور التي تتخذ بها القبور مساجد فقال رحمه الله. هذا واحد هذي هذي صورة منصور اتخاذ القبور مساجد. وقد تقدم في حديث عائشة في خبر ام سلمة وام حبيبة عن الكنيسة التي رأوها في الحبشة قال اولئك اذا مات فيهم الرجل الصالح او العبد الصالح بنوا على قبره مسجدا. اي شيدوا على قبره بناء. فهذه صورة من صور اتخاذ القبور مساجد ومن صور اتخاذ القبور مساجد الصلاة عندها فان ذلك من اتخاذها مساجد. قال وان لم يبنى مسجد يعني وان لم يشيد مسجد فان الصلاة عند القبور عندها او اليها كله داخل في اتخاذ القبور مساجد ولو لم يبنى. وجه ذلك قال وهو معنى قوله قوله وهو معنى قولها خشي ان يتخذ مسجدا فان الصحابة لم يكونوا ليبنوا حول قبره مسجدا وكل موضع قصدت الصلاة فيه فقد اتخذ مسجدا بل كل موضع يصلى فيه يسمى مسجدا كما قال النبي صلى الله عليه وسلم جعلت لي الارض مسجدا وطهورا هذا وجه كون اتخاذ القبر محلا للصلاة هو من اتخاذه مسجدا وهو داخل فيما لعن النبي صلى الله عليه وسلم فاعله وشهد عليه بانه من شرار الخلق حيث قال اولئك شرار الخلق عند الله فكل من اتخذ فكل من صلى عند القبور قاصدا الصلاة عندها سواء كان القبر بين يدي الانسان او كان القبر خلفه او كان القبر يمينه فانه قد اتخذ القبر مسجدا وهو مستحق لما جاء به الخبر من لعن فاعل ذلك حيث قال صلى الله عليه وسلم لعنة الله على اليهود والنصارى اتخذوا قبور انبيائهم مساجد يحذر ما صنعوا صلى الله عليه وعلى اله وسلم اتخاذ القبور مساجد لا يقتصر فقط على البناء بل اذا صلى الى القبر او صلى عند القبر فانه قد اتخذه مسجدا لان المسجد اسم لكل موضع يصلي فيه الانسان سواء كان ذلك ببناء معهود او كان ذلك بفعل العبادة التي تفعل عند المساجد من الصلاة فان ذلك يدخل في اتخاذ القبور مساجد لكن اي ما اعظم سورة وايما اخطر ظرر واكبر فساد ان يصلي عند القبر فقط ام ان يبني عند على القبر بناء ويصلي فيه؟ لا شك ان البناء اعظم واخطأ ولكن لا يعني هذا ان ما دونه خارجا عن النهي او خارج عما جاء التحذير عن النبي التحذير من النبي صلى الله عليه وسلم عنه. فاتخاذ القبور مساجد يجمع هذه صور وهي مراتب ودرجات اعلاها ان يبني على القبور مساجد تاليها ان يصلي الى القبر ثالثها ان يصلي عند القبر رابعها ان يقصد القبر للعبادة لعبادة الله. كل هذه الصور الاربعة تدخل كل هذه الصور الاربع تدخل في اه ذكر النبي صلى الله عليه وسلم من عمل شرار الخلق ويدخل فيما جاء فيه اللعن في قوله لعنة الله على اليهود والنصارى اتخذوا قبور انبيائهم مساجد. ختم المؤلف رحمه الله الباب بذكر حديث عبد الله ابن مسعود حيث قال ولاحمد بسند جيد ولاحمد بسند جيد عن ابن مسعود رضي الله عنه مرفوعا ان من شرار الناس من تدركهم الساعة وهم احياء والذين يتخذون القبور مساجد ورواه ابو حاتم في صحيحه هذا الحديث به الخبر عن علامة من علامات الساعة والساعة هي القيامة التي غيب الله تعالى خبرها فلا يعلم الساعة الا الله جل وعلا كما قال تعالى وعنده علم الساعة قل لا يعلم من في السماوات والارض الغيب الا الله وما يشعرون ايانا يبعثون اي ان يقومون من قبورهم واي انا يخرجون للحساب يوم القيامة فذاك علمه عند الله عز وجل وقد بين الله جل وعلا الساعة في كتابه بذكر علاماتها فان الساعة لها علامات هذه العلامات تنذر قربها تحذر من دنو زمانها قال الله تعالى هل ينظرون الا الساعة ان تأتيهم بغتة فلا تأتي على توقع ولا تأتي على علم من البشر لا تأتي الا بغتة اي على حين فجأة اغرة وغفلة من الناس هل ينظرون الى السعة ان تأتيهم بغتة فقد جاء اشراطها اي علاماتها فجاء ما قال سيأتي قال جاء اشراطها جاءت اشراطها ومن اشراطها وعظيم علاماتها بعثة النبي صلى الله عليه وسلم. فان النبي صلى الله عليه وسلم قال بعثت انا والساعة اي في القرب و الذنوب وقد قال الله تعالى اقتربت الساعة وانشق القمر وقال اقترب للناس حسابهم وهم في غفلة معرضون وقال تعالى وما يدريك لعل الساعة قريب فالساعة قريبة بما ذكره الله تعالى من العلامات الدالة على دنو الساعة القرب قد يقول قائل لنا الف واربع مئة سنة وين قريب لا تحسب الامور بحساب البشر انما بما يعيشونه فنحن نعيش برهة وجيزة من هذه السنين المتطاولة. لكنها بالنظر الى عمر البشرية هي قريب وبالنظر الى العلامات التي اخبر بها النبي صلى الله عليه وسلم هي قريب هذا الحديث حديث عبد الله بن مسعود رضي الله تعالى عنه قال فيه النبي صلى الله عليه وسلم ان من شرار الناس ولكن اتخاذ القبور مساجد ليس لازما لاخر الزمان الذي يكون بين يدي الساعة في وقت قريب انما يكون على مر بعثة النبي صلى الله عليه وسلم ثمة من يتخذ القبور مساجد وقبله كما اخبر عن حال الامم السابقة. لكن يكثر في اخر الزمان فالنبي صلى الله عليه وسلم اخبر عن صنفين من اشد الناس شرا. وقد وصفهم فقال صلى الله عليه وسلم ان من شرار الناس اي من اشدهم شرا من تدركهم الساعة وهم احياء وقد جاء في الصحيح صحيح الامام مسلم من حديث عبد الله بن مسعود رضي الله تعالى عنه ان النبي صلى الله عليه وسلم قال لا تقوم الساعة الا على شرار الناس الا على شرار الناس هؤلاء هم الذين تقوم عليهم الساعة وذلك ان هؤلاء يغيب عنهم ذكر الله وعبادته فلذلك كانوا شرار الناس لانهم لم يقيموا الغاية ولم يأتوا بالغرض الذي من اجله خلقوا. وقد جاء في الصحيح من حديث انس من حديث انس بن مالك رضي الله تعالى عنه ان النبي صلى الله عليه وسلم قال لا تقوم الساعة على من يقول الله الله يعني الذين تقوم عليهم الساعة لا يعرفون الله فكل من تقوم عليهم الساعة قوم لا يعرفون الله وقد جاء بيان هذا في ما رواه احمد من حديث انس رضي الله تعالى عنه انه قال صلى الله عليه وسلم لا تقوم الساعة حتى لا يقال في الارض لا اله الا الله اعوذ بالله فتقوم الساعة على شرار الخلق. لماذا كانوا شرار الخلق لانهم لم يوحدوا الله لم يعبدوا الله وحده لا شريك فلا يعرفون الله لا ذكرا ولا توحيدا ولا عبادة بل كما قال النبي صلى الله عليه وعلى اله وسلم في وصفهم تقوم على قوم يتهارجون كما تتهارج الحمر فهم في قتال وشر وفساد وتسلط واذى وسوء حال على ما وصف رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم. هؤلاء هم الذين تقوم عليهم الساعة هم شرار الخلق لما عطلوا لا اله الا الله. طيب هنا سؤال قال النبي صلى الله عليه وعلى اله وسلم لا تزال طائفة من امتي على الحق ظاهرين لا يضرهم من خالفهم ولا من خذلهم حتى يأتي امر الله وهم على ذلك فكيف يجمع بين الاحاديث التي اخبرت انه لا تقوم الساعة على من يقول الله الله وان النبي صلى الله عليه وسلم اخبر بانه لا تزال طائفة من امته على الحق ظاهر حتى يأتي امر الله او حتى تقوم الساعة وهم على ذلك؟ الجواب انه في اخر الزمان يبعث الله تعالى ريحا طيبة تأخذ بانفاس اهل الايمان. فلا يبقى الا شرار الخلق فهؤلاء هم الذين تقوم عليهم الساعة وقد جاء ذلك في جملة من الاحاديث منه حديث ابي هريرة رضي الله تعالى عنه ان النبي صلى الله عليه وسلم قال ان الله يبعث ريحا من اليمن الين الين من الحرير فلا تدعوا احدا في قلبه مثقال ذرة من ايمان الا قبضته وهذا مؤذن بان اهل الايمان يموتون جميعا في ساعة واحدة فلا يبقى من اهل الايمان احد ولا يبقى بعد قبض ارواح اهل الايمان بهذه الريح الا اهل الكفر ممن لا يعرف الله ولا يعبده وحده لا شريك له. وقد جاء في حديث النواس بن سمعان الذي ذكر فيه الدجال وخروج عيسى ابن مريم ويأجور جوج قال اذ بعث الله ريحا طيبة فتقبض روح كل مؤمن او مسلم ويبقى شرار الخلق خرجونا تهارج الحمر فعليهم تقوم الساعة فالمقصود ان قوله صلى الله عليه وسلم ان من شرار الناس من تدركهم الساعة ما سبب كونهم من شرار الناس. هل هو لاجل الزمان؟ او لاجل الفعل الزمان لا دخل له انما لاجل افعالهم وهي ما هم عليه من الكفر بالله وعدم عبادته. اما الزمان فلا يعاق فالزمان ليل ونهار وهو محل للاعمال. فالذم ليس للظرف. وانما لما يقع فيه من العمل. نعيب اننا والعيب فينا وليس ايش لزماننا عيب سوانا. فالعيب ليس للزمان. انما العيب لافعال اهل الزمان. فاذا فسدوا كان ذلك موجبا لذم الزمان. ولذلك قال النبي صلى الله عليه وسلم ان من شرار الناس من تدركهم السعة وهم احياء. لماذا كانوا من شرار الناس؟ لانهم لم يعبدوا الله وحده لا شريك له. فالساعة تقوم على من لا على من تقوم على من لا يقول لا تقوم على احد يقول لا اله الا الله بل تقوم على من لا يقول الله الله ثم ذكر النبي صلى الله عليه وسلم وصى الاخر يستوجب او عملا اخر يستوجب آآ ان يكون من شرار الناس وهو قوله صلى الله عليه وسلم والذين يتخذون القبور مساجد وهذا هو الشاهد من ذكر الحديث ان من شرار الناس من يصيرون القبور مساجد وهذا مقترن بالشرك. سبب كون اخر الزمان كون اهل اخر الزمان هم الخلق انهم مشركون. وبماذا اشركوا اشركوا وكان شرك باتخاذ القبور مساجد وبغير ذلك لكن من ابرز ما يوقع الناس في الشرك بالله عز وجل هو اتخاذ القبور مساجد. ولهذا كان كان الهدي النبوي في القبور الا تعظم. وان لا ترفع والا آآ تكون على حال من التميز الذي يعلق القلوب بها فالبناء على القبور تشييد القبور بناء الاضرحة على القبور كل ذلك من الخروج عن هدي النبي صلى الله عليه وسلم في شأن القبور الموقع الموجب للهلاك والسلام من ذلك كله في ان يصير اهل الاسلام على ما كان عليه سيد الانام صلوات الله وسلامه عليه. فقد جاء في الصحيح من ابي الهياج عن علي ابي الهياج الاسدي عن علي بن ابي طالب رضي الله تعالى عنه انه قال له الا ابعثك على ما بعثني عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم قال بما بعثك؟ قال الا ادع قبرا مشرفا الا سويته الا سويته لا لا تدع قبرا مشرفا الا سويته اي انزلته على الارتفاع فكل قبر مشرف اي مرتفع سواء كان ارتفاعه ببناء او ارتفاعه رفع الرمل عليه او بتمييزه باي اشراف سواء كان اشرافا حسيا او اشرافا معنويا الا سويته ما معنى الا سويته؟ اي الا جعلته كسائر القبور غير مميز عنها حتى لا يفتن به والا والا تدع صورة الا طمستها. وذلك يبين خطورة هذين الامرين على توحيد وايمان الخلق فيما يتعلق بالبناء على القبور وفيما يتعلق بالتصاوير التي تعبد من دون الله. وبهذا ان السلامة في توحيد العبد ان يصير على ما كان عليه النبي صلى الله عليه وسلم وليعلم ايها الاخوة ان المجيء الى القبور له غرظان شرعيا لتكون الزيارة شرعية. وما عدا هذين الغرضين يخرج الزائر عن كونه اتى بزيارة شرعية الى ان تكون زيارته بدعية. الزيارة الشرعية للمقابر يتحقق بها منفعة. المنفعة الاولى منفعة الزائر بايش بالاتعاظ والعبرة. كنت نهيتكم عن زيارة القبور فايش فاسأل فزوروها فانها تذكر الاخرة. هذا هو المقصود من المجيء الى المقابر. التذكر والاعتبار زهد في الدنيا وليس المقصود ان يدعى المقبورون وان يسألوا قضاء الحاجات فهذا لا يسأله الا رب الارض والسماوات سبحانه وبحمده الامر الثاني المقصود الثاني من المجيء الى القبور نفع الموتى بالدعاء لهم والسلام عليهم ولذلك يشرع لداخل المقبرة ان يقول السلام عليكم قوم مسلمين فالدعاء لهم على وجه العموم والدعاء لهم على وجه الخصوص مما ينتفعون به فيأتي الإنسان المقبرة للدعاء للمقبورين لا دعاء هم بحاجة الى من يدعو لهم لا يملكون لاحد ضرا ولا نفعا. اذا خرجت الزيارة عن واحد من هذين الغرضين عن هذين الغرضين فان صاحبها قد وقع في الزيارة دعية التي يخرج بها عن هدي خير البرية نبينا محمد صلى الله عليه وسلم. اسأل الله العظيم رب العرش الكريم ان يحفظنا من كل سوء وشر وان يطهر قلوبنا من التعلق بسواه وان يعمرها بمحبته وتعظيمه وان يرزقنا صادق توحيده وان كان على لا اله الا الله وان يحشرنا في زمرة نبينا صلى الله عليه وسلم. ووردنا حوضه ويرزقنا مرافقته في الجنة. ويعيذنا واياكم من الفتن ما ظهر منها وما بطن ونسأله جل في علاه ان يحفظ بلاد المسلمين من كل شيء من كل شر وان يخص بلاد الحرمين بالتوفيق والتسديد وولاة بالهدى السداد في القول والعمل وان يعزهم وان ينصرهم وان وان لا ينصر عليهم وصلى الله وسلم على نبينا محمد