وبين الخشوع فان الخشوع من موجبات الرحمة ومن اسباب الفوز بالعطاء والهبات. فاذا اشتغل العبد عن ذلك في اصلاح الحصى او غير ذلك من المشغلات كان ذلك نقصا في ما يدركه من قطعة قماش خفيفة يستر بها ما يحتاج الى ستر من السهو في البيوت او الابواب او نحو ذلك فقوله كان قرام لعائشة القراب ستر رقيق. يستر به ما يحتاج الى ستر في البيوت الحديث الثاني ذكر المؤلف رحمه الله في شأن التخصص ما جاء عن عائشة رضي الله تعالى عنها انها قالت ان ذلك فعل اليهود. ان ذلك فعل اليهود. فدل هذا على ان العلة في النهي ايضا انه فعل اليهود. وجاء اخرى اقرب الاقوال في هذا ان العلة هو ان هذه الصورة لا تتناسب مع العبادة التي تقتضي الذنوب والخضوع لله عز وجل. اما الحديث الاخر حديث انس ابن مالك رضي الله تعالى عنه قال رسول الله صلى الله عليه وسلم اذا قدم العشاء وهو ما يؤكل في اخر النهار. وقد يكون في اول الليل فان العشاء اخذ اسمه من وقته وهو انه ما يطعم في العشي. فابدأوا به اذا قدم العشاء فابدأوا به قبل ان تصلوا المغرب. اي ابدأوا به قبل الشروع في صلاة المغرب. متفق عليه. وهذا فيه فائدة مهمة تتعلق بالخشوع لان ليس البحث الان عن ايهما يقدم الصلاة او الاكل انما جاء بهذا الحديث في هذا الموضع لبيان ان المصلي مطلوب ان يقطع كل ما عن حضور قلبه في صلاته. فانه اذا قدم العشاء وهو لم يطعم منه ونفسه قد تعلقت به شغله ذلك في صلاته. وقد روى البخاري رحمه الله عن ابي الدرداء انه قال من فقه الرجل استمع بارك الله فيك. استمع الى هذه الفائدة المهمة التي هي طريق من طرق تحصيل الخشوع. من فقه الرجل اقباله على حاجة حتى يقبل على صلاته وقلبه فارغ. من فقه الرجل اي من دلائل فهمه ونباهته وحسن تصرفه سلامة فكره وعقله ان يقبل على حاجته اذا كان مشغولا بشيء حتى يفرغ منها فيقبل على صلاته وقلبه فارغ اي يقصد بذلك اي ان قلبه قد اقبل على الصلاة دون والصوارف. ولهذا قال النبي صلى الله عليه وعلى اله وسلم في هذا الحديث اذا قدم العشاء فابدأوا به قبل ان تصلوا المغرب وهذا الحديث جاء نظيره عن عائشة رضي الله تعالى عنها وعن عبد الله ابن عمر رضي الله تعالى عن الجميع وكله دائر على هذا المعنى. انه في حال تقديم الطعام وحضور الصلاة انه يقدم الفراغ من الطعام قبل اقباله على صلاته. وقد ذهب جماهير الى ان هذا مقيد بما اذا كان اشتغاله بالعشاء لا يفضي الى اخراج الصلاة عن وقتها. لقول الله عز وجل ان الصلاة كانت على المؤمنين كتابا موقوتا. ولقول النبي صلى الله عليه وسلم من ادرك ركعة من الصبح قبل ان تطلع الشمس فقد ادرك الصبح. ومن ادرك ركعة من العصر قبل ان تغرب الشمس فقد ادرك العصر فدل ذلك على ان الصلاة لا تدرك بدون ذلك وانه يجب على المؤمن ان يبادر الى الصلاة قبل فوات وقتها هذا يعلم ان هذا التوجيه النبوي محمول على ما اذا كان اشتغاله بالعشاء لا يفضي الى اخراج الصلاة عن وقتها. ولهذا ينبغي له ان يأخذ من الطعام القدر الذي تسكن به نفسه ثم يقبل على صلاته ولا يلزم ان يقضي كامل حاجته. بل المقصود ان يقطع ما تتعلق به نفسه اذا اقبل على صلاته لم يبقى هنا كما يشغله. وقد جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم في الصحيح من حديث عمرو بن ضمرة من حديث امية من حديث عمرو ابن امية الظمري من حديث عمرو ابن امية الظمري ان النبي صلى الله عليه وسلم اتاه جبريل يؤذنه بالصلاة فكان يحتز من كتف شاة فلما اذنه بلال وضع السكين قام الى صلاته صلى الله عليه وسلم. فهنا رسول الله صلى الله عليه وسلم ترك الطعام واقبل على الصلاة. فحمل هذا على انه كان قد قضى حاجته من هذا الطعام وانه لم تتعلق نفسه به على نحو ينشغل بالطعام اذا اقبل على صلاته فقوله اذا قدم العشاء فابدأوا به قبل ان تصلوا المغرب محمول على ماذا؟ على ما اذا كانت نفسه تائقة للطعام متعلقة به يشتغل به اذا اقبل على صلاته بهذا الطعام الذي تعلقت نفسه به اما اذا لم تتعلق نفسه به فانه يقبل على صلاته كما فعل النبي صلى الله عليه وسلم فيما رواه عمرو ابن امية الظمر عنه صلى الله عليه وعلى اله وسلم ولا فرق في ذلك بين ان يكون ينتظر الطعام او الطعام قد قدم ووضع كما دلت عليه الاحاديث فانه لا فرق في هذا وفي ذاك اذ المقصود هو حضور القلب وعدم تعلقه بما يشغله عن الاقبال على وهذا هو الذي ذهب اليه اهل التحقيق من اهل العلم هو مذهب الامام احمد وقول اسحاق وقل جماعة من اهل العلم حكاه بعضهم قولا للجمهور. وذهب الامام الشافعي رحمه الله الى ان الصلاة تقدم في كل الاحوال على الطعام الا ان يكون قد بلغ حد المجاعة فهنا يقدم الطعام على الصلاة بالقدر الذي يدفع مجاعته. والصواب ما عليه الجمهور من ان الحديث لا يتعلق بالمجاعة انما يتعلق بايش؟ تعلق النفس واشتغالها بهذا الطعام الذي قدم وان ذلك سيضعف خشوعه ويشغله عن الاقبال على العبادة قلب فارق. اما الحديث الثالث الذي ذكره المصنف رحمه الله فهو حديث ابي ذر. قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم اذا قام احدكم الصلاة فلا يمسح الحصى فان الرحمة تواجهه. قال المصنف رواه الخمسة باسناد صحيح. وزاد احمد واحدة او دعاء. هذا الحديث حديث ابي ذر رضي الله تعالى عنه رواه الخمسة كما ذكر المؤلف رحمه الله وقد عنه باسناد صحيح. وقوله باسناد صحيح فيما يظهر انه لشواهده. والا فان اسناده ضعيف لما فيه من رواية ابي الاحوص عن ابي عن ابي ذر وهو مجهول كما ذكر ذلك جماعة من اهل العلم وقد ذكر النووي رحمه الله جهالة الراوي وقال عنه الحافظ ابن حجر في التقريب بانه مقبول. على كل حال هذا الحديث في مقال لكن المؤلف حكم عليه بانه حسد بناء على مجيئه من اكثر من طريق. وللعلماء مناهج وطرق في تصحيح الاحاديث وقبولها يعرفه اهل الاختصاص. فهذا الحديث قال عنه الحافظ اسناده صحيح وزاد احمد واحدة او داء ما ذكر ما ذكره رحمه الله من زيادة احمد انما جاءت في رواية اخرى ان النبي صلى الله عليه وعلى اله وسلم امر بان لا يمسح الحصى ان كان ولا بد فواحدة او دعاء وليس فيه ما ذكر من ان الرحمة تواجهه. الحديث قال فيه النبي صلى الله عليه وسلم اذا قام احدكم في الصلاة وهذا يشمل الصلاة المفروضة والصلاة المتنفل بها فلا يمسح الحصى والمقصود بالحصى ما يصلي عليه الانسان من الحصى او التراب او الرمل او الفرش او غير ذلك وانما ذكر الحصى لان الصحابة كانوا يصلون في مسجد النبي صلى الله عليه وسلم على حصى. فكانوا يصلون على الحصى المفروش وهو صغار الحجارة. يصلون عليها فجاء الحديث في في مسح الحصى فلو كان المصلي يصلي على تراب او يصلي على رمل او يصلي على شيء اخر مما يفرش على الارض فان الحكم واحد. اذا قام احدكم في الصلاة فلا يمسح الحصى. وقد علل ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم علل النهي بقوله فان الرحمة تواجهه. الرحمة هنا هي ما يفيضه الله تعالى على العبد في صلاته في سجوده وفي سائر مراحل صلاته. فان الصلاة من موجبات الرحمة. وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم اقرب ما يكون العبد من ربه وهو ساجد فالسجود قرب من الله جل وعلا وقرب الله ابن عبده موجب لرحمته كما قال تعالى ان رحمة الله قريب ها قريب من من؟ ان الله قريب من المحسنين والساجدون محسنون. فالرحمة هنا هي ما يفيضه الله تعالى على العبد. من الطافل وهبات ومنن تحل بقلبه وتغشاه فان الرحمة تغشى الذاكر تنقص هذه الرحمة باشتغال العبد عن اقباله على ربه بمسح الحصى او غير ذلك من التي تنقص اقبال قلبه على الله عز وجل. وهذا وجه المناسبة بين ذكر الحديث في هذا الباب رحمة الله عز وجل باقباله على عبادته. هذا معنى قولي فان الرحمة تواجهه. وهذا ليس فقط في سجوده. بل في كل في صلاته وانما ذكر مسح الحصى لان مسح الحصى يكون في حال يقبل العبد فيه على ربه ويظهر به تمام خشوعه لربه بوظع جبهته على الارض. فان الساجد يظهر به يظهر منه في عمله من الخضوع والذل والانكسار لله عز وجل ما لا يكون في سائر احوال المصلين من القيام والقعود والركوع وقوله في رواية احمد واحدة او دعاء يدل على انه قد اذن للمصلي ان يمسح ما يكون من الحصى مما يحتاج الى مسح مرة والمندوب ان يترك وهذا النهي انما هو في حال الصلاة. اما اذا مسح موضع السجود قبل صلاته اشكال في حل ذلك واباحته بل ينبغي له اذا كان يحتاج الى ان يهيئ المكان الذي يصلي بتطييب او التي قذر او تخفيف حرارة اذا كان يصلي على حصى ينبغي له ان يبادر الى معالجة في بالك واصلاحه قبل شروعه في ايش؟ في صلاته قبل شروعه في صلاته. وقد ذكر المصنف رحمه الله حديث وهو معيقيب او معيقب كما في بعض الاقوال الدوسي رضي الله تعالى عنه انه قال صلى الله عليه وسلم فالرجل يسوي التراب حتى يسجد قال ان كنت فاعلا فواحدة. يعني اذا احتجت ودعتك الحاجة الى اصلاح شيء في موضع سجودك فواحدة. يعني يكن هذا شغلا لك. لا يكون هذا شغلا لك وعملا يصرفك عن الاقبال على الصلاة بل ينبغي اذا احتاج الى ذلك ان يفعله باقل ما يكون من العمل. وليعلم ان مسح الحصى في الصلاة او مسح السجادة او ما الى ذلك مما يشتغل به الناس في صلاتهم. على حالين. الحالة الاولى هذه يكون ذلك عبثا لغير حاجة فهذا مكروه في قول عامة العلماء لان العبث في الصلاة مكروه. كما انه يكره ان يعبث الانسان في حال وجوب اقباله على ما امر الله تعالى بالاقبال عليه ولذلك جاء في في الحديث الصحيح من مس الحصى فقد لغى في صلاة الجمعة لانه اشتغال عما ينبغي ان يشتغل به من الانصات والاستماع فكذلك اذا مس الحصى من غير حاجة في صلاته فانه اثموا بذلك فانه يكون قد وقع في ذلك مكروه. وهذا المكروه لا خلاف بين العلماء فيه وهو ما يدركه من فضائل الصلاة وخيراتها. اما الحال الثانية ان يمسح الحصى لحاجة. كان تشتد الحر فيمسح الحصى ليذهب حرارة او ان يعلق في موضع السجود قذر فيزيله او ما اشبه ذلك فهنا له ان يفعل ذلك مرة واحدة. فانه قد اذن له صلى الله عليه وسلم بذلك مرة واحدة كما في حديث مع يقيب رضي الله تعالى عنه حيث قال النبي صلى الله عليه وسلم في الرجل يسوي التراب حيث يسجد قال ان كنت فاعلا واحدة وهو موافق لما في رواية الامام احمد لحديث ابي ذر المتقدم. و السر في هذا المعنى هو اقبال العبد على صلاته. هذا هو الحديث الثالث الذي ذكره المصنف رحمه الله وكل هذه الاحاديث على هذا المعنى هي انصراف العبد عن كل ما يشغله عن خشوعه وحضور قلبه اما الحديث الرابع حديث ايش؟ حديث عائشة رضي الله تعالى عنها قالت سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الالتفات في الصلاة. عائشة تسأل النبي صلى الله عليه وسلم عن الالتفات في الصلاة والالتفات هو امالة الوجه الى احد الجانبين هذا معنى الالتفات والالتفات له حالان اما ان يكون بالوجه واما ان يكون بالبدن السؤال في هذا الحديث عن الالتفات بالوجه. اما الالتفات بالبدن بان ينصرف ببدنه صدره الى جهة غير قبلته فهذا مبطل للصلاة. وليس هو الذي وقع عنه السؤال. لان هذا يتنافى مع ما امر الله تعالى به في قوله وحيثما كنتم فولوا وجوهكم شطرا. يتنافى مع قول الله عز وحيثما كنتم فولوا وجوهكم فولوا وجهك صدق المسيح الحرام وحيثما كنتم فولوا وجوهكم شطرا. فان العبد اذا انصرف بصدره التفت ببدنه عن القبلة لم يعد مستقبلا للقبلة في صلاته وترك استقبال القبلة في الصلاة اختيارا يبطل الصلاة. يبطل الصلاة فلا تصح الصلاة في هذه الحال. ولهذا ينبغي للمؤمن ان يتنبه الى هذا الامر وان لا ينصرف عن صلاته ببدنه. اما الالتفات بالوجه يمنة ويسرة فهذا الذي في الخامس الذي ذكره حديث انس رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم اذا كان احدكم في الصلاة فانه يناجي ربه بينه وبين الله تعالى مناجاة. والمناجاة تطلق على الحديث الذي يكون على جهة سألت عنه عائشة رضي الله تعالى عنها رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت سألت رسول الله عن الالتفات في الصلاة فقال هو اختلاس يختلس الشيطان من صلاة العبد اختلاس اي اخذ على وجه الخفية والاستتار. هذا معنى الاختلاف هو ما اخذ من الانسان على وجه سريع خفي. بخلاف الاغتصاب او الغصب او الانتهاك فالانتهاب والغصب اخذ بالقوة والقهر مع العلم والادراك. اما الاختلاس فهو اخذ للشيء على حين غرة وغفلة على وجه سريع. فقال صلى الله عليه وسلم عن الالتفات بالصلاة هو اختلاس يختلسه الشيطان من صلاة العبد. وهذا يدل على ان على ان الالتفات في الصلاة من عمل الشيطان. فان النبي صلى الله عليه وسلم اضافه اليه وعمل الشيطان كله فساد وشر وهو لا يخلو من ان يكون محرما او مكروها على اقل الاحوال. ولهذا كان الالتفات في الصلاة من غير حاجة مكروه في قول جماهير العلماء. وهذا ما دل عليه قوله صلى الله عليه وسلم هو اختلاس يختلسه الشيطان من صلاة العبد اي ينتقص به صلاة الانسان. فالشيطان يسعى الى النيل من الانسان بكل وسيلة ومن ذلك ان يشغله بالالتفات يمنة ويسرة فان ذلك يفضي الى نقص صلاته والى نقصي اجره والى نفي والى عدم حضور قلبه فيكون ذلك سببا لفوات الخشوع لفوات الخشوع في صلاته وللترمذي عن انس قال اياك والالتفات في الصلاة هذا تحذير من النبي صلى الله عليه وسلم وهذا الحديث الحديث السابق قال فانه هلك اي فانه من اسباب الهلاك والهلاك يدل على ان ذلك الفعل فانه لا يوصف الفعل المكروه بالهلاك. بل لا يكون هلاكا الا ما حرمه الله قال ورسوله وهذا الحديث اختلف العلماء في ثبوته عن النبي صلى الله عليه وسلم فقد قال عنه الترمذي حسن غريب وفي بعض النسخ قال انه حسن وفي بعض النسخ قال انه غريب والصواب انه حديث اي فهو من رواية علي ابن زيد ابن جدعان عن سعيد ابن المسيب عن انس وعلي ابن زيد ضعيف الحال كما ان سعيد ابن المسيب ليس له رواية ثابتة عن انس رضي الله تعالى عنه. ولهذا الحديث ضعيف فان كان لابد ففي التطوع لا في الفريضة فيه التفريق بين الفرض والنفل في انه متسامح في النفل ما لا يتسامع في الفرد لكن هذا الحديث ظعيف فلا حجة فيه وانما المعول على حديث عائشة رضي الله تعالى عنها في سؤالها النبي صلى الله عليه وسلم عن الالتفات في الصلاة وهذا يشمل الصلاة النافلة مفروضة فقال هو اختلاس يختلسه الشيطان من صلاة العبد. وبه يعلم ان كل ما يصرف انسان عن الخشوع فهو من الشيطان. كل ما يصرف الانسان عن الخشوع فانه من والكلام كما تقدم هو في في التفات الانسان برأسه. اما التفاته ببدنه فان ذلك مفسد للصلاة وليعلم ان الالتفات اذا كان له حاجة فانه لا بأس به حصل من النبي صلى الله عليه وعلى اله وسلم انه التفت الى جهة الشعب في بعض صلاته صلى الله عليه وسلم كما في وذلك انه بعث فارسا يحرسه في جهة من الجهات فكان يلتفت اليه في الصلاة صلى الله عليه وسلم فدل ذلك على ان الالتفات للحاجة بالرأس يمنة او يسرة لا بأس به في الصلاة اذا كان لحاجة اما اذا لم يكن حاجة فانه من عمل الشيطان وهو ينتقص به ما يرجوه الانسان من خشوعه في صلاته والاجر المرتب على ذلك. وليعلم ايها الاخوة ان الالتفات في الصلاة نوعان. النوع الاول اول التفات القلب والنوع الثاني التفات البدن صرف الوجه القبلة التي امر ان يستقبلها. ولا شك ان كلا الالتفاتين مذموم لكن ايهما اخطر التفات القلب اخطر. لان التفات القلب هو انصراف عن العبادة. واما التفات البدن فانه سبب لالتفات القلب فلذلك نهي عنه. وجعله النبي اختلاسا من اختلاس الشيطان او فعل من افعال الشيطان من اعماله لاجل انه يؤثر على القلب. بالالتفات فينبغي للمؤمن ان يقبل بقلبه على صلاته وان يفرغ قلبه لله عز فيها فان ذلك من اسباب الفوز والاجر والثواب والسبق والخير يفتح الله للعبد واقباله على ربه من الخيرات ما لا يرد له على بال. فينبغي ان يجتهد المؤمن في ان لا يلتفت بقلبه وايضا الا يلتفت بوجهه الا اذا دعت الى ذلك حاجة بقدر الحاجة والا فانه اختلاس يختزل الشيطان من صلاة العبد. الحديث المسارة بين المتناجين. المناجاة حديث المسارة. اي مخافة بين بين بين المتناجين. فقوله يناجي ربه اي يكلم ربه جل في علاه مسارتان وهذه المناجاة ايها الاخوة حقيقية كما جاء في الصحيح من حديث ابي هريرة رضي الله تعالى عنه ان النبي صلى الله عليه وسلم قال يقول الله عز وجل قسمت الصلاة بيني وبين عبدي ايش؟ نصفين فاذا قال العبد الحمد لله رب مين؟ قال الرب حمدني عبدي. هذه المناجاة. واذا قال العبد الرحمن الرحيم قال الرب اثنى علي عبدي. واذا قال العبد مالك يوم الدين؟ قال الرب مجدني عبدي واذا قال العبد اياك نعبد واياك نستعين قال الرب هذا بين هذا بيني وبين عبدي نصفين جزء منها لي وهو اخلاص العبادة اياك نعبد له جل في علاه واياك نستعين لك منه جل في علاه فلك العون باخلاص العبادة له. اخلص العبادة له. تنل العون منه سبحانه وبحمده. واذا قال العبد اهدنا صراط مستقيم صراط الذين انعمت عليهم غير المغضوب عليهم ولا الضالين. قال الرب هذه لعبدي. اي كل هذه مسائل سألها فيما سأل هذي مناجاة او غير مناجاة. هذي مسارة بينك وبين الله جل في علاه. ولذلك قال النبي صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث اذا كان احدكم في الصلاة سواء كانت صلاة مفروضة او كانت صلاة بها فانه يناجي ربه. وهذا يدل على عظيم قدر هذا الوقوف بين يدي الرب جل في علاه. لمن ادرك انه يناجي ملك الملوك سبحانه وبحمده. موقف عظيم لو تدبره الانسان واستحضر هذا الموقف وعظم متى؟ كان في غاية الخضوع والسكون والخشوع لله عز وجل. يقول النبي صلى الله عليه وسلم اذا كان احدكم في الصلاة مفروضة كانت او متنفل بها في جماعة او على حال الانفراد فانه يناجي ربه اي سارة الله عز وجل فلا يرزقن بين يديه اي لا يبصق بين يديه لا يتفل بالبصاق بين يديه اثناء صلاته ولا عن يمينه يعني ولا عن جهة اليمين. ولكن عن شماله تحت قدمه هكذا وجه النبي صلى الله عليه وعلى اله وسلم المؤمن في صلاته ان يرعى حرمة هذا الوقوف بين يدي الله عز وجل. فان وقوف العظيم ينبغي ان يكون فيه الانسان على غاية الادب مع الله عز وجل. وعلى غاية الكمال في صيانة نفسه عن الاعمال ومن ذلك البساط في جهة ما بين يديك وفي جهة يمينك اما جهة ما بين يديك فان الله تعالى قبل وجهك كما قال النبي صلى الله عليه وسلم في ما جاء في الصحيح من حديث عبد الله ابن عمر في البخاري ومسلم قال اذا كان احدكم في الصلاة فلا يتفل قبل وجهه فان الله قبل وجهه وانت تستقبله جل في علاه في صلاتك. سبحانه بحمده فلا يسوغ ان يكون منك هذا الفعل بل هذا من الخلال الرديئة والاعمال المشينة. ان تكون بين يدي الله عز وجل ثم يكون البصاق بين يديك. اما ما كان عن يمينه فان ذلك اكراما للملك كما جاء ذلك في الصحيح عنه صلى الله عليه وعلى اله وسلم حيث نهى صلى الله عليه وسلم عن البصاق عن اليمين لاجل ما في اليمين من الملك الذي عن ان يبصق الى جهته. فهذا اجلال وتقدير لمن امر الله تعالى باجلالهم من عباده ولكن عن شماله تحت قدمه اي يتفل عن شماله تحت قدمه وهذا فيما اذا كان في غير المسجد بالاتفاق. اما اذا كان في المسجد فلا يخلو المسجد من حالين. ان يكون المسجد كحال الناس اليوم مبلطة مفروشة فلا شك انه لا يجوز البصاق بالاتفاق. لان هذا فيه اذية الناس وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم البصاق في المسجد خطيئة. خطيئة وكفارتها قفلها واما اذا كان المصاب في مسجد غير مفروش بل فيه تراب على نحو المساجد السابقة التي كان يصلي فيها فللعلماء قولان. منهم من قال انه يجوز البصاق في هذه الحال للحاجة ويدفنوا البصاق بما يزيل الاذى لقوله صلى الله عليه وسلم ولكن عن شماله تحت قدمه. وقال اخرون بل هذا الحديث على ما اذا كان ذلك خارج المسجد. فالعلماء لهم في هذا قولان والذي يظهر والله تعالى اعلم ان انه اذا كان داخل المسجد فانه ينهى عن البصاق سواء كان آآ عن شماله تحت قدمه او في اي جهة صيانة للمسجد. لقول النبي صلى الله عليه وسلم البصاق في المسجد خطيئة. اي ذنب وكفارتها دفنها. ومعنى قول كفاراتها دفنها ان ذلك ذنب يستوجب عملا لازالة ما يلحقه الانسان من الاثم بفعله. واما اذا كان خارج المسجد فان كان ذلك على وجه لا يتأذى فيه الناس فانه لا بأس بهم. والشاهد من هذا الحديث ما تقدم من الانسان في صلاته في مناجاة فينبغي له ان يتأدب بكل ادب يزيل عنه وصف الانشغال وعدم الخضوع والخشوع بين يدي الله عز وجل في الصلاة. ثم قال بعد ذلك وعن عن انس ابن مالك رضي الله تعالى عنه هذا الحديث الثامن الذي ذكره المصنف قال وعنه كان قرام لعائشة رضي الله عنها قرام