نعم بعد ذلك قال كذبت ثمود بالطغوة هائذ بعث اشقاها. فقال لهم رسول الله ناقة الله وسقياها. فكذبوا فعقروها فدمدم عليهم ربهم بذنبهم فسواها. ولا يخاف عقباها. يخبر تعالى ثمود انهم كذبوا رسولهم بسبب ما كانوا عليه من الطغيان والبغي. وقال محمد بن كعب بطغواها اي باجمعها والاول اولى قاله مجاهد وقتادة وغيرهما فاعقبهم ذلك تكذيبا في قلوبهم بما جاءهم به رسول بما جاءهم به رسولهم من الهدى واليقين اذ انبعث اشقاها اي اشقى القبيلة وهو قدر ابن سالف عاقر الناقة وهو احيمر ثمود وهو الذي قال وهو الذي قال تعالى وهو الذي قال تعالى فنادوا صاحبهم فتعاطى فعقر فكيف كان عذابي ونذر وكان هذا الرجل عزيزا فيهم شريفا في قومه نسيبا نسيبا رئيسا مطاعا. كما قال الامام احمد حدثنا ابن نمير قال حدثنا هشام عن ابيه عن عبد الله ابن زمعة قال خطب رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكر الناقة وذكر عقرها فقال اذ ان بعث اشقاها انبعث لها رجل عارم عزيز منيع في رهطه مثل مثل ابي زمعة ورواه البخاري في التفسير ومسلم في صفة النار والترمذي والنسائي في التفسير من سننيهما. وكذا ابن جرير وابن ابي حاتم عن هشام ابن عروة به وقال ابن ابي حاتم حدثنا ابو زرعة قال حدثنا ابراهيم بن موسى قال حدثنا عيسى ابن يونس قال حدثنا اسحاق قال حدثني يزيد ابن محمد ابن ابن خثيم عن محمد ابن كعب القرضي عن محمد ابن خثيم ابي يزيد عن عمار ابن ياسر قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لعلي الا احدثك باشقى الناس؟ قال بلى قال رجلان حي موروث مود الذي عقر الناقة والذي يضربك يا علي على هذا يعني قرنه حتى تبتل منه هذه يعني لحيته وقوله فقال لهم رسول الله يعني صالحا عليه السلام ناقة الله اي احذروا ناقة الله ان تمسوها بسوء وسقياها اي لا عليها في ساقيها فان لها شرب يوم ولكم شرب يوم معلوم. قال الله فكذبوه فعقروها. اي كذبوه فيما به فاعقبهم ذلك ان عقروا الناقة التي اخرجها الله من الصخرة اية لهم وحجة عليهم. فدمدم عليهم ربهم قم بذنبهم اي غضب عليهم فدمر عليهم فسواها اي فجعل العقوبة نازلة عليهم على السواء. قال قتادة بلغنا ان اوحيمر ثمود لم يعقر الناقة بل تابعه حتى تابعه صغيرهم وكبيرهم وذكرهم وانثاهم فلم ما اشترك القوم في عطرها دمدم الله عليهم بذنبهم فسواها. وقوله ولا يخاف عقباها. وقرئ فلا يخاف عقباها. قال ابن عباس لا يخاف الله من احد تبعه. وكذا قال مجاهد والحسن وبكر بن عبدالله المزني وغيرهم قال الظحاك والسدي ولا يخاف عقباها اي لم يخف لم يغفل لم يخف اي لم يخف الذي عقرها عاقبة ما صنع. والقول الاول اولى لدلالة السياق عليه. والله اعلم يقول الله جل وعلا كذب الثمود بطغواها قيل ان قوله تعالى كذب الثمود بطغواها تضمن جواب القسم المتقدم وهو ان الله تعالى ساق هذه الاقسام تهديدا لقريش في تهذيبهم والنبي صلى الله عليه وسلم ولذلك قدروا جوابا للقسم في معنى ما ذكره بعد الاقسام بقوله كذب الثمود بطغواها اي فدمرناها او فسندمرها او فلاندمرنها وقوله كذب الثمود بطغوة. ثمود هم من الامم التي قص الله تعالى خبرها في القرآن وهي عاد الاخرى وقرينة عاد الاولى التي ذكر الله تعالى خبرها في القرآن نبيهم صالح عليه السلام وهم من اخف الامم التي ذكرها الله تعالى في كتابه كفرا فلم يذكر الله تعالى فيما قص عنهم من سيء اعمالهم الا الاستكبار عن الهدى بعدما تبين والاعراض عن الاتباع بعدما اتباع الحق بعدما بعد ما ظهر كما قال تعالى واما ثمود فهديناهم فاستحبوا العمى على الهدى ولذلك كانت عقوبتهم عقوبة على قدر جرمهم وهكذا سنة الله تعالى في ما يجريه من العقوبات ان العقوبة بقدر ما يكون من المعصية والاجرام وهناك تناسب بين قدر العقوبة والذنب وكلما عظم الذنب عظمت العقوبة ولهذا لم يذكر الله تعالى في عقوبتهم الا الصيحة التي اخذتهم يقول الله جل وعلا كذب الثمود كذبت اي ما جاء به رسولها من الهدى ودين الحق والايات الدالة على على عبادة الله وحده وعلى صدق ما دعاهم اليه وقوله جل وعلا بطغواها قلبا هنا للسببية كما قال بعض اهل العلم فيكون المعنى كذب الثمود بسبب طغيانها فالطغوة هنا المراد بها الطغيان وهما اسم مصدر لطغى وقيل انها ان الباء هنا للاستعانة للاستعانة كما تقول كتبت بالقلم فيكون المعنى كذبت بطغواها مستعينة بطغواها اي في في في تكذيبها واعراضها والامر في هذا قريب والاقرب انها للسببية وقوله كذب الثمود اظاف الكذب الى القبيلة لجميعها فتمود اسم للقبيلة او للقوم يشمل ذكورهم واناثهم وصغيرهم وكبيرهم فقد تواطؤوا على الكذب وسبب ذلك الطغيان والطغيان هو تجاوز الحد في الشيء وهو هنا تجاوزهم في الاستكبار على الرسول بعدم قبول ما جاء به ثم قال اذ انبعث اشقاها اذ هنا ظرف لما مضى من الزمان واختلف في تعلقه فقيل كذبت ثمود اذ فيكون هذا ظرفا لقوله كذب الثمود وقيل انها آآ ان ان الظرف متعلق بطغواها اذا بعد اي بطغيانها وقت انبعاث اشقاها وانبعاث اي قيام انطلاق من خالف امر الله قتل الناقة ووصفه باشقاها لانه اعظمها شقاء هذا اذا قلنا ان المنبعث وواحد منهم وقيل بل المنبعث جماعة وليس واحدا وانهم تواطؤوا على قتلها يصح في اسم التفضيل ان يطلق على الجماعة تقول هؤلاء اشقى او افظل او اسعد وهم جمع فلا اشكال فعل التاء في افعل التفظيل بين الفرد والجمع او بين المفرد والجمع قوله اشقاها اي اعظمها شقاء واشدها شقاء وشقاؤه سببه المخالفة والتكذيب اذ انبعث اشقاها فقال لهم رسول الله ناقة الله وسقياها فقال لهم اي قال الله جل وعلا اي قال اه لثمود او المنبعثين او للمنبعث قال لهم صالح القائل هنا نبي وهو صالح قال لهم فقال لهم رسول الله وهو صالح عليه السلام ناقة الله وسقياها ايحذروا ناقة الله فناقة الله هنا منصوبة على التحذير وسقياها اي وما ذكره الله تعالى من شربها والقسمة التي قسمها بينكم وبينها من ان لكم شرب يوم ولها شرب يوم فحذرهم من الاعتداء على الناقة ومن الاعتداء على يوم شربها وكلاهما حذروا منه في قوله تعالى فقال لهم رسول الله ناقة الله وسقياها واضاف الناقة الى الله لانها شريفة القدر فهي اية من ايات الله حيث ان الله تعالى بعثها لهم دالة على صدق نبوة رسولهم فخرجت لهم من صخر كما قال ومن حصى كما قيل كما قال اهل السير والتواريخ وكانت تشرب الماء يوما ويشربون يوما واليوم الذي لا يشربون من الماء يغتنون بحليبها وما يكون من نتاجها فقال لهم رسول الله ناقة الله وسقياها فكذبوه اي لم يقبلوا ولم يصدقوا ما جاءهم به من تحذير وهذا تفصيل للتكذيب السابق او بيان تجدد هذا التكذيب وهم كذبوه اصلا فيما دعاهم اليه من عبادة الله وحده وكذبوه في هذه الاية على وجه الخصوص حيث لم يقبلوا تحذيره وانذاره. لما قال لهم ناقة الله ناقة الله وسقياها يقول فكذبوه وهذا عمل قلبي فالتكذيب من اعمال القلوب وهو رد الحق وعدم او عدم قبوله فعقروها وهذا انحراف عملي حيث ترجم ذلك التكذيب بالاعتداء فعقروها والعقر هو القتل وسمي عقرا لانه يحبس البهيمة ويحبس المعقول عموما عن الحركة والسير ويقعده فعقروها اي عقروا الناقة فدمدم عليهم ربهم دمدم قال في تفسيرها اي غضب عليهم فدمرها فدمر عليهم ففسر الغضب ففسر الدمدمة بالغضب والتدمير وهذا تفسير له بلازمة فان سبب او او بسببه ولازمة وهو ان الدمدمة التي حصلت انما حصلت لاجل ما كان من مخالفة اوجبت غضب الرب فعاقبه وقوله فدمدم عليهم ربهم الدمدمة هي الاطباق اي اطبق عليهم الارض الدمدمة هي الاطباق دمدم الشيء اي اطبق عليه وعلاه فدمدم عليهم وهذا بيان ان الدمدمة جاءتهم من علو لانه قال عليهم وهذي يفيد انه ان العقوبة قد تمكنت منهم تمكنا تاما فدمدم عليهم ربهم بذنبهم اي بسبب ما كانوا عليه من مخالفة وذنب فسواها الف هنا للتعقيب والترتيب اي فكان ثمرة ذلك العقاب ان سوى الله جل وعلا ثمود في العقوبة فاشتركوا جميعا بما نزل من عقوبة ولذلك قال فجعل العقوبة نازلة عليهم على السواء وهذا معنى قوله فسواها اي فسوى العقوبة بهم فلم يفاوت بينهم بل كانت العقوبة لهم جميعا من باشر العقر والقتل ومن وافقه لان الموافق ممالئ معين فله من العقوبة مثل ما للمباشر ما دام انه موافق مظاهر قال قال قتادة بلغنا ان احيمرة ثمود لم يعقر الناقة حتى بايعه وفي نسخة تابعه صغيرهم وكبيرهم ولذلك استحقوا العقوبة جميعا قال ولا يخاف عقباها الواو هنا للعطف وفي قراءة فلا والفرق بينهما ان واو الواو العطف او للاستئناف يستأنف حديثا جديدا فاما ان يكون عطفا على ما تقدم من خبر او استئناف قبل جديد واما على قراءة فلا يخاف فهي ايضا للتعقيب والترتيب وذاك ان من انزل بغيره عقوبة غالبا ما يخشى عاقبة هذه العقوبة يخشى الانتقام يخشى الثأر وهذا في حال بني ادم فيما يجرونه من العقوبات فانه يعاقب لكنه مع هذا يقع في قلبه من خوف الانتقام آآ الظرر الحاصل بالمعاقبة ما يقع فنفى الله تعالى ذلك عن نفسه فقال فلا يخاف فلا يخاف وفي وفي القراءة الاخرى ولا يخاف عقباها اي لا يخاف عقبى وتبعت ما جرى من عقوبة انزلها الله تعالى عليهم قال ابن عباس لا يخاف الله من احد تبعه يعني لا يخاف الله تعالى من احد اثر او ضرر فالله تعالى متنزه عن ان يضره ان يضره عباده كما جاء في الصحيح من حديث ابي ذر ان النبي صلى الله عليه وسلم قال يقول الله تعالى يا عبادي انكم انكم لن تبلغوا ضري فتضروني ولن تبلغوا نفعي فتنفعوني قال ولا يخاف عقباها اي لا يخاف ما يكون من عاقبة هذه العقوبة التي انزلها بهؤلاء وذكر قولا ثانيا ان قوله ولا يخاف عقباها عائد على الاشقى الذي انبعث وانه انبعث غافلا قلبه عن عقوبة ما سيصيبه نتيجة هذه المخالفة فيقوم قول ولا يخاف عقباها وصف للذين قتلوا الناقة وعقروها لكن الاقرب والله اعلم هو المعنى الاول وان المعنى ان الله تعالى الذي عاقبهم بهذه العقوبة لا يخافوا تبعتها ولا عاقبتها لان هذا اولى اه بالدلالة اولى بالقرب مفهوم الاية من من المعنى الاخر لدلالة السياق. فانه لو كان المراد ولا يخاف عقباها الا يخاف المنبعث لكان الاولى ان يقدم اذ انبعث اشقاها ولا اخاف عقباها قبل ان يتكلم عن انزال العقوبة بهم وما الى ذلك والله تعالى اعلم بهذا يكون قد انتهت سورة الشمس