الحمد لله رب العالمين واصلي واسلم على البشير النذير السراج نبينا محمد وعلى اله واصحابه اجمعين اما بعد نواصل آآ ما ذكره الشيخ رحمه الله في بيان لتوافق ايات الكتاب الحكيم في قول الله تعالى من كان يريد الحياة الدنيا وزينتها نوفي اليهم اعمالهم فيها وهم فيها لا يبخسون ما ذكره من ظواهر الايات الاخرى التي فيها بطلان عمل الكافر من اصله كما قال تعالى اعمالهم كرماد اشتدت به الريح في يوم عاصف وكقوله اعمالهم كسراب بقيعة وفي قوله وقدمنا الى ما عملوا من عمل فجعلناه هباء منثورا والايات التي فيها بطلان في الدنيا مع الاخرة وذكر لها قوله نموذجا او مثالا في قوله ومن يرتد ومن يرتدد منكم عن دينه فيمت وهو كافر فاولئك حفظت الاعمال في الدنيا والاخرة فاثبت الحبوط في الدنيا والاخرة واذا كان في الجمع بين هذه الاوجه الثلاثة نعم ايات تدل على انه يوفى اجر ما عمله في الدنيا وايات تدل على بطلان العمل من اصله وايات تنص على ان عمل الكافر الصالح حابط في الدنيا والاخرة واضح فالتوفيق بين هذه الاوجه الثلاث بين هذه الايات الثلاثة من اوجه الوجه الاول قال رحمه الله ويظهر لي صواب ويظهر لي طوابه آآ ان من الكفار من يثيبه الله بعمله في الدنيا كما دلت عليه ايات وصح به الحديث ومنهم من لا يثيبه. اذا من ان الكفار ليسوا على حال واحدة في الاثابة فمنهم من يثاب ومنهم من لا يثاب واستدل بذلك بقول من كان يريد العاجلة تعجلنا له فيها ما نشاء لمن نريد فرسالة لكل احد لكل احد بل لمن يريده الله جل وعلا اه اما الوجه الثاني ان الكافر يثاب عن عمله بالصحة وسعة الرزق والاولاد ونحو ذلك كما صرح به في قول نوفي اليهم اعمالهم فيها يعني في الدنيا واكد ذلك في قوله وهم فيها لا يبخسون وبظاهرها المتبادر منها فسرها ابن عباس الى اخر ما ذكر رضي الله تعالى عنه ورحمه واما بطلان اعمالهم في الدنيا فمعناه انه لا يعتد بها شرعا في عصمة دم ولا ميراث ولا نكاح ولا غير ذلك. هذا مقصوده بالحبط والبطلان فالانتفاع من جهة ما يسوقه الله تعالى للكافر من الارزاق الغنى والبسط بالمال والصحة واما الحبوط فهو بالنظر الى ان هذه الاعمال لا تفيد عصمة له في دم ولا في مال ولا تثبت له احكام اهل الاسلام هذا ما يتصل بالوجه الثاني الذي ذكره وقد فرغنا منه اليس كذلك اه ثم قال رحمه الله بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على اشرف الانبياء وسيد المرسلين نبينا وحبيبنا محمد عليه وعلى اله وصحبه افضل الصلاة واتم التسليم اما بعد قال المؤلف رحمه الله تعالى اما مطلق النفع الدنيوي بها فهو عند الله كلا شيء فلا ينافي بطلانها بدليل قوله وما الحياة الدنيا الا متاع الغرور وقوله وما هذه الحياة الدنيا الا لهو ولعب وان الدار الاخرة لهي الحيوان لو كانوا يعلمون. وقوله ولولا ان يكون طيب اذا هذا ما يتعلق قوله اما مطلق النفع الدنيوي بها يعني باعماله الصالحة التي جاء اه عمله بها في الدنيا فهي عند الله كلا شيء فلا ينافي بطلانه يعني هذا النفع الذي يدركه من نفع الصحة والمال وما الى ذلك لا يحصل به له كبير نفع لانه كلا شيء اذ ان الدنيا زائلة كما قال تعالى وما هذه الحياة الدنيا الا لهو ولعب وقوله تعالى وكقوله تعالى وما الحياة الدنيا الا متاع الغرور الله يرزقنا واياكم البصيرة يا رب العالمين وادراك حقيقة الدنيا. نعم ومما يوضح هذا المعنى حديث لو حديث لو كانت الدنيا تزن عند الله جناح بعوضة ما سقى منها كافرا شربة ماء. ذكر ابن كثير هذا الحديث في تفسير قوله تعالى ولولا ان يكون الناس امة ولولا ان يكونوا الناس امة واحدة الايات ثم قال اسنده البغوي من رواية زكريا ابن منظور عن ابن حازم عن سهل ابن سعد رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم فذكره. ورواه الطبراني من طريق زمعة ابن صالح عن ابي حازم عن سهل بن سعد عن النبي صلى الله عليه وسلم لو عدلت الدنيا لو عدلت الدنيا عند الله جناح بعوضة ما اعطى كافرا منها شيئا قال مقيده عفا الله عنه لا يخفى ان مراد الحافظ ابن كثير رحمه الله بما ذكرناه عنه ان كلتا الطريقتين ضعيفة الا ان كل واحدة منهما تعتضد بالاخرى فيصل فيصلح للاحتجاج كما تقرر في علم الحديث من ان الطرق الضعيفة المعتبرة بها يشد بعضها بعضا فتصلح للاحتجاج. لا تخاصم واحد لا تخاصم بواحد اهل بيت فضعيفان يغلبان قويا. لان زكريا بن منظور ابن بنيتها نبت القرضي وزمعة ابن صالح الجندي الجندي كلاهما ضعيف الجنادية كلاهما ضعيف وانما روى مسلم عن زمعة مقرونا بغيره لا مستقلا بالرواية كما بينه الحافظ ابن رجب في تقريب الحافظ بن حجر بالتقريب الثالث ان معنى نوفي اليهم اعمالا والوجه الثاني هو بيان ان الكافر يثاب على عمله بما يعطاه من متع الدنيا من الصحة وسعة الرزق والاولاد لا واما النفي فهو باعتبار انها لا تفيده ثبوت احكام الاسلام في حقه من ازمة الدم والمال وما يتعلق باحكام المسلمين الثالث من اوجه الجمع بين النصوص التي فيها افادة العمل الصالح للكافر في الدنيا والتي فيها انه لا ينتفع من ذلك بشيء. الثالث من الاوجه؟ الثالث ان معنى نوفي اليهم اعماله هم اي نعطيهم الغرض الذي عملوا من اجله في الدنيا كالذي قاتل ليقال جريء. والذي قرأ ليقال قارئ والذي تصدق ليقال جواد فقد قيل لهم ذلك وهو المراد بتوفيتهم اعمالهم على هذا الوجه. ويدل له الحديث الذي الذي رواه ابو هريرة مرفوعا في المجاهد والقارئ والمتصدق انه يقال لكل واحد منهم انما عملت ليقال فقد قيل اخرجه الترمذي مطولا واصله عند مسلم كما قاله ابن حجر ورواه ايضا ابن جرير وقد استشهد وقد استشهد معاوية لصحة حديث ابي هريرة هذا بقوله تعالى نوفي اليهم اعمالهم فيها وهو تفسير منه رضي الله عنه لهذه الاية بما يدل لهذا الوجه الثالث واظح هذا الوجه النفي باعتبار الاثابة في الدنيا والاخرة واما التوفية باعتبار ادراك مقصوده من العمل فمن عمل صالحا ادرك مقصود لمصلحته من مصالح الدنيا ادركها. لكنه لا يدرك شيئا من مصالح الاخرة فمن جاهد ليقال جري ادرك ذلك من علم وتعلم ليقال عالم ادرك ذلك من انفق ليقال جواد كريم ادرك ذلك لكنه لا يدرك من آآ ثواب الاخرى الاخرة شيء اه بالكلية هذا المعنى الثالث في التوفيق بين هذه الايات. الرابع الرابع ان المراد بالاية المنافقون الذين يخرجون للجهاد لا يريدون وجه الله وانما يريدون الغنائم فانهم يقسم لهم فيها في الدنيا ولا حظ لهم من جهادهم في الاخرة. والقسم لهم منها هو اعمالهم على هذا القول والعلم عند الله تعالى المنافقون هم الذين اه يوفون الاعمال واما آآ والنفي هو باعتبار الاخرة فتوفيتهم اعمال توفيتهم اعماله اعمالهم توفيتهم اعمالهم بالنظر الى ادراكهم ما يأملونه من مصالح الدنيا وهذا يشبه القول السابق لكن هناك في كل عامل وهنا في المنافقين خصوصا الفرق بين الرابع والثالث انه في الثالث خصه بالمنافقين وفي الرابع جعله في كل عامل عمل لاجل مصلحة من مصالح الدنيا. من منافق وغيره نعم قوله تعالى فقال ربي ان ابني من اهلي واقرب الاقوال في هذا هو الوجه الثاني فيما يظهر لي وان الاثابة على اثابة الكافر على عمله في الدنيا هو بما يفتحه الله تعالى عليه من النعم في بدنه ومن الرزق في ماله ومن آآ المتعة اهله وولده واما الاحباط فهو بالنظر الى ان هذه الاعمال لا تفيده شيئا في الاخرة ولا تعصم له دما في الدنيا نعم يعني هو الوجه الاول او الثاني كلاهما قريب في التوجيه نعم قوله تعالى فقال ربي ان بني من اهلي وان وعدك الحق الاية. هذه الاية الكريمة تدل على ان هذا الابن من اهل نوح عليه السلام وقد ذكر تعالى ما يدل على خلاف ذلك حيث قال يا نوح انه ليس من اهلك. طيب اه هذه الاية الكريمة في سورة هود في قصة نوح عليه السلام وفيها جعاره لربه لما حال الموج بينه وبين ابنه فقال ربي ان ابني من اهلي وان وعدك الحق وانت احكم الحاكمين فجاءه آآ قول الله عز وجل يا نوح انه ليس من اهلك انه عمل غير صالح فلا تسألني ما ليس لك به علم. اني اعظك ان تكون من الجاهلين قد يتوهم متوهم آآ آآ التعارض حيث ان ابنه من اهله والله عز وجل نفى ذلك مع اثبات البنوة فلم يقل انه ليس ابنك لم يقل انه ليس ابنك انما قال ليس من اهلك نعم فالجواب على هذا يقول والجواب ان معنى قوله ليس من اهلك اي الموعود بنجاتهم في قوله لننجينك واهلك لانه كافر لا مؤمن وقول نوح ان ابني من اهلي يظنه مسلما من جملة المسلمين الناجين كما يشير اليه قوله تعالى فلا اني ما ليس لك به علم وقد شهد الله انه ابنه حيث قال ونادى نوح ابنه الا انه اخبره بان هذا الابن عمل غير صالح لكفره فليس من الاهل بل فليس من الاهل الموعود نجاة الموعود بنجاتهم. وان كان من جملة الاهل نسبا واضح واضح الجمع اه في قوله تعالى قال ربي ان ابني من اهلي بناء على آآ موعود الله عز وجل لنوح ان ينجيه واهله فكان ظنا ان ابنه من هؤلاء الناجين فلما تخلف دعا الله فقال ربي ان ابني من اهلي وان وعدك الحق تتوهم واضح من سياق ان نوحا توهم عليه السلام انه من ابناء من الناجين فجاء الجواب انه ليس من اهلك وسبب الخروج انه عمل غير صالح وفي قراءة انه عمل غير صالح فنفى الله تعالى كونه من اهله اي الذين وعد ان ينجيهم نعم قوله تعالى ولقد جاءت رسلنا ابراهيم بالبشرى قالوا سلاما قال سلام. هذه الاية الكريمة تدل على ان ابراهيم رد السلام على الملائكة وقد جاء في سورة الحجر ما يوهم انهم لما سلموا عليه اجابهم بانه وجل منهم من غير رد السلام وذلك قوله تعالى فقالوا سلاما قال انا قال انا منكم وجلون والجواب ظاهر وهو ان ابراهيم اجب واضح يعني في اية فيه اية لم ذكر الله تعالى فيها مجرد السلام وفي اية مما قص الله تعالى فيها خبر نوح عليه السلام انه لم يرد سلاما بل قال انا منكم وجلول في رده عليهم. الاية الاولى في سورة هود ولقد جاءت إبراهيم البشرى قالوا سلاما قال سلام فرد عليهم وفي سورة الحجر فقالوا سلاما اي الملائكة قال انا منكم وجلون ولم يذكر الرد للتحية فالجواب عن هذا نعم والجواب ظاهر وهو ان ابراهيم اجابهم بكلا الامرين. رد السلام والاخبار بوجله منهم. فذكر احدهما في هود والاخر في الحجر. ويدل لذلك ذكره تعالى ما يدل عليهما معا في سورة الذاريات في قوله فقالوا سلاما قال سلام قوم منكرون لان قوله منكرون يدل على وجله منهم. ويوضح ذلك قوله تعالى فاوجس منهم خيفة بيهود والذاريات مع ان في كل منهما قال سلام واضح اه اختصار الايات على ذكر بعض ما قال ليس نفيا عن البعض الاخر الذي دلت عليه الادلة بل الادلة يجمع بعضها الى بعض ليعرف مجموع ما قال وقد جاء ما يدل على اجتماع ذلك في سورة الذاريات قالوا سلاما قال سلام قوم منكرون رد عليهم السلام ووصفهم بهذا الوصف الدال على انه يخاف خائف منهم وكذلك تصريحه في سورة هود وفي سورة اه نعم في سورة هود حيث قال فاوجس منهم خيفة وكذا في الذاريات نعم وهذا معنى الوجل المذكور في سورة الحجر قوله تعالى خالدين فيها ما دامت السماوات وهذا يبين لنا ان من طرق دفع اضطراب ما يتوهم من التعارض بين الايات يجمع آآ القارئ الايات المختلفة في مواضعها اذا كانت في خبر واحد عن واقعة واحدة وبمجموعة يتبين ما ما يمكن ان يندفع به اه التعارض. نعم قوله تعالى خالدين فيها ما دامت السماوات والارض. الاية تقدم وجه الجمع بينه وبين الايات التي يظن انها يظن تعارضها معه كقوله تعالى خالدين فيها في سورة الانعام. وسيأتي له ان شاء الله زيادة ايضاح في سورة النبأ نعم وهذا تقدم يعني ذيك تقدم ذكره بشيء من التفصيل في سورة الانعام في قول الله تعالى قال النار مثواكم خالدين فيها الا ما شاء الله هذه الاية الكريمة يفهم منها كون العذاب كون عذاب اهل النار غير باق بقاء لا انقطاع له ابدا لانه قال الا ما شاء الله وهذا نظير قوله تعالى فاما الذين شقوا ففي النار لهم فيها زفير وشهيق خالدين فيها ما دامت السماوات والارض الا ما شاء ربك ان ربك فعال لما يريد التي هي في سورة آآ هود التي بين ايدينا و نظيرها ايضا في سورة النبأ لابثين فيها احقابا والاحقاب مدد متطاولة لكنها قدرت بسنوات على اختلاف بين اهل التفسير هذه الايات التي تدل على ان عذاب اهل النار مؤقت يعارضها الايات الدالة على ان عذاب النار لاهل الكفر مؤبد فقد ذكر الله تعالى التأبيد عذاب اهل النار في ثلاثة مواضع خالدين فيها ابدا بسورة النساء وفي سورة الاحزاب في سورة الجن فقد ذكر الله تعالى في هذه المواضع الثلاثة التأبيد ذكر الخلود مؤبدا فيقول رحمه الله هنا تقدم وجه الجمع بينها وبين الايات التي ظل تعرضها وسيأتي مزيد وخلاصة ما يقال في الجواب عن هذا ان الاستثناء لا لا ينافي التأبيد فانه الا ما شاء الله وقد شاء الله تعالى ان يكون عذاب ان يكون عذاب اهل الكفر مؤبدا فلا تعارض بين الاستثناء في الايات وبين آآ آآ التأبيد في الايات الاخرى وهذا من من اوجه الجمع وقيل غير ذلك وقد تقدم التعليق على هذا في فيما مضى. نعم قوله تعالى ولو شاء ربك لجعل الناس امة واحدة ولا يزالون مختلفين الا من رحم ربك ولذلك خلقهم اختلف العلماء في المشار اليه بقوله ذلك فقيل الا من رحم ربك وللرحمة خلقهم والتحقيق ان المشار اليه هو اختلافهم الى شقي الى الى شقي وسعيد. المذكور في قوله ولو شاء ربك لجعل الناس امة واحدة ولا ولا يزالون مختلفين الا من رحم ربك ولذلك الاختلاف خلقهم. طيب الاية الكريمة في سورة هود وهي في اواخر السورة ولو شاء ربك لجعل الناس امة واحدة يعني على دين واحد على ملة واحدة فقوله لجعل الناس امة واحدة اي على ملة واحدة ودين واحد فالامة هنا الطريق والملة كما قال تعالى ان هذه امتكم امة واحدة وانا ربكم فاعبدوه فالمقصود بالامة هنا الدين والملة وتأتي الامة بمعاني اخرى تأتي بمعنى الجماعة كقوله تعالى اه فلما ورد ماء مدينه وجد عليه امة من الناس وتأتي بمعنى المدة الزمنية الممتدة او القصيرة كما قال تعالى في قصة يوسف والذكر بعد امة وتأتي بمعنى الامامة من اه اه الشخص ومنه قول الله تعالى ان ابراهيم كان امة قانتا لله حليفا هذي اربعة معاني للامة جاءت في القرآن الحكيم بدلائلها. هنا ولو شاء ربك لجعل الناس امة واحدة يعني ملة واحدة ولا يزالون مختلفين اي واختلافهم دائم الا من رحم ربك استثنى مما تقدم ثم قال ولذلك المشار اليه ما هو؟ هل هو الاختلاف او الرحمة اشار المصنف رحمه الله ان من اهل العلم من قال المشار اليه الرحمة ولذلك خلقهم اي وخلقهم للرحمة لكن هذه الرحمة منهم من يأخذ باسبابها فيفوز بها على وجه الكمال ومنهم من يترك اسبابها فيهلك ثم قال رحمه الله والتحقيق ان المشار اليه هو اختلافهم الى شقي وسعيد اذا قوله تعالى وذلك ولذلك خلقهم المشار اليه هو الاختلاف. ولا يزالون مختلفين والاختلاف هنا ليس المقصود به الاختلاف في فروع المسائل وآآ ما يتعلق باسباب المعاش آآ ما يتصل بهذا انما المقصود بالاختلاف هنا الاختلاف في تحقيق الغاية من الخلق في تحقيق الغاية من الوجود وهو العبادة والكفر. كما قال الله تعالى هو الذي خلقكم فمنكم كافر ومنكم مؤمن هذا المقصود بالاختلاف وكما قال تعالى فمنهم شقي وسعيد اسأل الله ان يجعلنا واياكم من السعداء يا رب نعم والتحقيق ان المشار اليه هو اختلافهم الى شقي وسعيد المذكور في قوله ولو شاء ربك لجعل الناس امة واحدة ولا يزالون ولا يزالون مختلفين الا من رحم ربك. ولذلك الاختلاف خلقهم. فخلق فريقا للجنة وفريقا للسعير. كما نص عليه بقوله تعالى ولقد ذرأنا لجهنم كثيرا من الجن والانس الاية. واخرج الشيخان في في صحيحهما في صحيح في صحيحيهما من حديث ابن مسعود رضي الله عنه ثم يبعث الله اليه الملك فيؤمر باربع كلمات يكتب رزقه واجله وعمله وشقي ام سعيد. وروى مسلم من حديث عائشة رضي الله عنها يا عائشة ان الله خلق الجن ان الله خلق الجنة وخلق لها اهلا وهم في اصلاب ابائهم. يجعلنا واياكم منهم اللهم امين وخلق وخلق النار وخلق لها اهلا وهم في اصلاب ابائهم وفي صحيح مسلم من حديث عبدالله بن عبدالله بن عمرو رضي الله عنهما ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ان الله تقدر مقادير الخلق قبل ان يخلق السماوات والارض بخمسين الف سنة. وكان عرشه على الماء. وفي الصحيحين من حديث من حديث عمران ابن حصين عن رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم كل ميسر لما خلق له واذا تقرر ان قوله تعالى ولذلك خلقهم معناه انه خلقهم لسعادة بعض وشقاوة بعض كما قال ولقد ذرأنا لجهنم الاية وقال هو الذي خلقكم فمنكم كافر ومنكم مؤمن فلا يخفى ظهور تعارض بين هذه الايات مع قوله تعالى وما خلقت الجن والانس الا ليعبدون طيب اذا التعارض هو بين دلالة هذه الاية على اختلاف الناس بالطاعة والمعصية في الكفر والايمان وبين قوله تعالى وما خلقت الجن والانس الا ليعبدون. والجواب عنها. طبعا وما خلقت الجن والانس الا ليعبدون. هذا بيان العلة الغائية التي من اجلها خلق الله تعالى الخلق وهذه العلة الغائية لا يلزم وقوعها لا يلزم وقوعها بل قد تقع وقد لا تقع لانها مما يتعلق بحكم الله الشرع الديني الامري والحكم الشرعي الديني الامري غير لازم الوقوع ولا وهو متعلق بالمحبة وهو متعلق بالمحبة بخلاف آآ القضاء الكوني القدري آآ الامر القضاء الكوني القدري الخلقي فهو لازم الوقوع عندنا القضاء قضاءان قضاء كوني قدري خلقي هذا غير لازم هذا لازم الوقوع ولا يتعلق بالمحبة قضاء شرعي ديني امري هذا غير لازم الوقوع لكنه متعلق بالمحبة وقوله تعالى وما خلقت الجن والانس الا ليعبدون هو من هذا النوع نعم. والجواب على هذا يعني كونه يقول وما خلقت الجن يعني مجموع الجن والانس لم يخلقهم الله الا لهذه الغاية. فكيف يقع من الخلق ان منهم كافر ومنهم مؤمن فيقع ان منهم شقيون منهم سعيد مع كون الله تعالى ما خلقهم الا لعبادته. الجواب. والجواب عن هذا من ثلاثة اوجه الاول ونقله ابن جرير عن زيد ابن اسلمة وسفيان ان معنى الاية الا ليعبدون. اي يعبدني السعداء منهم ويعصيني الاشقياء فالحكمة المقصودة من ايجاد الخلق التي هي عبادة الله حاصلة حاصلة بفعل السعداء منهم كما اشار قوله تعالى فإن يكفر بها هؤلاء فقد وكلنا بها قوما ليسوا بها بكافرين. وغاية ما يلزم عن على هذا القول انه واطلق المجموعة واراد بعضهم وقد بينا امثال ذلك من من الايات التي اطلق فيها المجموع مرادا بعضه في سورة الانفال الوجه هذا هو الوجه الاول ان قوله الا ليعبدون اطلق هذا على المجموع واريد منه البعض نعم فلا تعارض. الوجه الثاني الوجه الثاني هو ما رواه ابن جرير عن ابن عباس واختاره ابن جرير ان معنى قوله الا دون اي الا ليقروا لي بالعبودية طوعا او كرها. لان المؤمن يطيع باختياره. والكافر مذعن منقاد لقضاء ربه جبرا عليه. فالجميع تحت حكمه جل في علاه. اما تحت حكمه القدري وهذا الذي لا يخرج عنه احد من الخلق ان كل من في السماوات والارض الا اتي الرحمن عبده ما في احد يستطيع ان يخرج عن حكم الله وقضاءه. فما شاء كان وما لم يشاء لم يكن وما تشاؤون الا ان يشاء الله فالجميع عبيده من هذا الوجه وهو القاهر فوق عبادة هذا النوع الاول عبادة القهر. النوع الثاني من العبودية عبادة الاختيار. وهذه مناط الفضل وهي عبادة الاولياء الذين من الله عليهم بالاصطفاء فجعل منهم العباد والطائعين القائمين بحقه جل في علاه وهم الذين قال فيهم ثم اورثنا الكتاب الذين اصطفينا من عبادنا فمنهم ظالم لنفسه ومنهم مقتصد ومنهم سابق بالخيرات. هؤلاء هم اهل العبودية الاختيارية الذين لهم الفضل والمنزلة والمكانة. نعم. الوجه الثالث. الوجه الثالث هو يظهر لي انه الحق لدلالة القرآن عليه ان الارادة في قوله ولذلك خلقهم ارادة كونية قدرية والارادة في قوله وما خلقت الجن والانس الا ليعبدون ارادة شرعية دينية. فبين في قوله ولذلك خلقهم وقوله ولقد ذرأنا لجهنم كثيرا من الجن والانس انه اراد بارادته الكونية القدرية صيرورة قوم الى السعادة واخرين الى الشقاء وبين بقوله الا ليعبدون انه يريد العبادة بارادته الشرعية الدينية من الجن والانس. فيوفق من جاء بارادته الكونية فيعبده ويخذل من شاء فيمتنع من العبادة. ووجد دلالة القرآن على هذا انه تعالى بقوله وما ارسلنا من رسول الا ليطاع باذن الله. فعمم الارادة الشرعية بقوله الا ليطيع. وبين التخصيص في الطاعة تبي الارادة الكونية بقوله باذن الله فالدعوة عامة والتوفيق خاصة. ان شاء الله التوفيق يا رب يا رب التوفيق طيب هو تحقيق النسبة؟ وتحقيق النسبة بين الارادة الكونية القدرية والارادة الشرعية الدينية انه بالنسبة الى وجود المراد وعدم بوجوده فالارادة الكونية اعم مطلقا. لان كل مراد شرعا يتحقق وجوده في الخارج. اذا اريد كونا ترى كايمان ابي بكر ولا وليس يوجد ما لم يرد يرد كونا وقدرا ولو اريد شرعا كايمان ابي لهب فكل مراد فكل فكل مراد شرعي حصل فبالارادة الكونية وليس كل مراد كوني حصل مرادا في الشرع. واما بالنسبة الى تعلق الارادتين بعبادة الانس والجن لله تعالى. فالارادة الشرعية اعم مطلقا والارادة الكونية اخص مطلقا. لان كل فرد من افراد الجن والانس اراد الله منه العبادة شرعا. ولم يردها من كل