الحمد لله رب العالمين واصلي واسلم على المبعوث رحمة للعالمين نبينا محمد وعلى اله واصحابه ومن اتبع سنته واقتفى اثره باحسان الى يوم الدين اما بعد فالسلام عليكم ورحمة الله وبركاته الله جل في علاه ذكر في محكم كتابه من قصص الامم السابقة ما فيه عبرة وعظة قال الله تعالى لقد كان في قصصهم عبرة لاولي الالباب فاخبر الله عز وجل عن تلك الامم بما اخبر من عجائب الاحوال وغرائب الوقائع والاحداث ليس لاجل التسلية ولا لاجل القصص كما هو حال من يقص على الناس القصص للتسلية وامضاء الوقت بل ما كان من القصص في في كتاب الله عز وجل غايته وغرضه هو العظة والعبرة الانتفاع بما اجراه الله تعالى على تلك الامم لذلك كل قصة في كتاب الله عز وجل احذر ان يكون نصيبك منها تصور الاحداث ومعرفة الوقائع دون العبرة والعظة فان المقصود من هذا القصص ومن هذه الاخبار ان ينتفع الانسان بما في تلك الاخبار من عظات وعبر فان سنن الله تعالى في الامم جارية لا تنخرم لذلك جدير بالمؤمن ان يعتني فوائد تلك الاخبار وعبر تلك القصص وان يتبين منها العواقب والخواتيم فعواقب اهل التقوى الفلاح والنجاح وعواقب اهل الكفر والعناد الخسار والبوار. لذلك اذا سمعت شيئا من القصص القرآني فارعي ذلك سمعك واحضر قلبك وتنبه لما في تلك القصص من العبر والعظات. والا فانك ستخرج عمن ذكر الله عز وجل. لقد كان في قصص عبرة لاولي الالباب. اصحاب العقول والبصائر. اصحاب الافهام والاذهان الحاضرة اما من رصد الاخبار وعرف الاحداث دون ان يكون في ذلك اعتبار واتعاظ وادكار فانه لا ينتفع من تلك القصص وليس من اولي الالباب نقرأ ما يسر الله تعالى في كتاب التوحيد ونعلق بما يفتح الله مين والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه اجمعين. اللهم اغفر انا ولشيخنا وللحاضرين قال الشيخ محمد بن عبدالوهاب رحمه الله باب قول الله تعالى افأمنوا مكر الله فلا يأمن مكر الله الا القوم الخاسرون. وقوله قال ومن يقنط من رحمة ربه الا الضالون عن ابن عباس رضي الله عنهما ان رسول الله صلى الله عليه وسلم سئل عن الكبائر فقال الشرك بالله واليأس من روح الله والامن من مكر الله وعن ابن مسعود رضي الله عنه قال اكبر الكبائر. الاشراك بالله والامن من مكر الله والقنوط من رحمة الله واليأس من روح الله. رواه عبدالرزاق هذا الباب عقده المصنف رحمه الله لبيان ظرورة الحذر من التمادي والغفلة عن سنن الله تعالى في الامم تقدم الحديث عن محبة الله وخوف الله وفي هذا الباب ذكر المؤلف رحمه الله ما يتعلق بالامن من مكر الله وما جاء فيه من الايات والاحاديث ذكر في اولا قول الحق جل في علاه افأمنوا مكر الله فلا يأمن مكر الله الا القوم الخاسرون وهذه الاية الكريمة جاءت في سياق ذكر الله عز وجل لاحوال القرى واحوال الامم يقول الله جل في علاه ولو ان اهل القرى امنوا واتقوا لفتحنا عليهم بركات من السماء والارض. ولكن كذبوا فاخذنا بما كانوا يكسبون ثم قال بعد ذلك افأمن اهل القرى بعد الترغيب جاء التحذير الترغيب انه اهل القرى لو امنوا واتقوا لفتح الله عليهم بركات السماء والارض بركات تنزل من السماء وبركات تخرج من الارض والبركات هي الخيرات والعطاء الجزيل الذي يدرك يدرك به الناس مصالحهم بعد ذلك قال تعالى افأمن اهل القرى والمقصود بالقرى المدن فالقرى في القرآن هي المدن وليست القرى في الاصطلاح المعاصر. ما هي اصغر من المدينة؟ التجمع السكاني الذي يكون اصغر من المدينة بل القرى هي الامصار ولذلك مكة هي اول مكان اجتمع فيه الناس ولذلك سميت ام القرى لانها اصل مدن الدنيا ومبدأ التجمع البشري في الدنيا كلها ان اول بيت وضع للناس للذي ببكة مباركا وهدى للعالمين فيه ايات بينات مقام ابراهيم ومن دخله كان امنا. الشاهد قوله ان اول بيت وضع للناس للذي ببكة. فقوله جل وعلا ولو ان اهل القرى امنوا امنوا اي ولو ان اهل المدن فقوله افأمن اهل القرى ان يأتيهم بأسنا بياتا وهم نائمون اوامن اهل القرى ان يأتيهم بأسنا اي عذابنا ضحى وهم يلعبون ثم بعد ذلك قال افأمنوا مكر الله فلا يأمن مكر الله الا القوم الخاسرون. نعوذ بالله من الخسران افأمن اهل القرى ان يأتيهم بأسنا عذابنا بياتا لان العذاب يدهم بياتا في كثير من الاحيان ولذلك قدمه في الذكر افأمن اهل القرى ان يأتيهم بأسنا بياتا وهم نائمون او امن اهل القرآن ان يأتيهم بأسنا ضحى وهم يلعبون ثم قال افأمنوا مكر الله فلا يأمن مكر الله الا القوم الخاسرون. وهي الاية التي صدر بها المؤلف رحمه الله الباب فما معنى مكر الله الذي ذكره الله تعالى في هذه الاية افأمن اهل افأمنوا مكر الله فلا يأمن مكر الله الا القوم الخاسرون. مكر الله هو استدراجه واملاؤه واعطاؤه مع اقامة الانسان على المعصية والمخالفة والى هذا ذهب المفسرون في بيان معنى قوله تعالى افأمنوا افأمنوا مكر الله فلا يأمن مكر الله الا القوم الخاسرون. ثم بين الله العبرة باخبار السابقين قال اولم يهدي ان يتبين للذين يرثون الارض من بعد اهلها ان لو نشاءوا اصبناهم بذنوبهم ونطبع على قلوبهم فهم لا يسمعون. ما الذي يمنعهم من ان يتبينوا هذا؟ وقد جرى ذلك للامم السابقة والقرون الخالية ما الذي يمنعهم من ان يعتبروا بالحوادث والعبر التي يجريها الله تعالى على الناس من اخذهم بانواع من العقوبات والنوازل على سيء اعمالهم يقول الله تعالى افأمنوا مكر الله فلا يأمن مكر الله الا القوم الخاسرون. هذه الاية تضمنت التهديد بالمباغتة العقوبة التهديد من نزول السخط وجاء التهديد عاما ليشمل كل من امن من مكر الله عز عز وجل فانه لا يقيم على العصيان بالكفر فما دونه مع اني مقابلة الله له على مكره بالسيئات على مكر السيئات بمكره الا القوم الخاسرون فجدير باهل الايمان والبصائر ان يكونوا على حذر من استدراج الله لهم. وان يكونوا على وجل من ان يحل بهم من العقوبات ما يكون سببا لهلاكهم والمكر هو تدبير خفي يفضي الى ان ينزل الى ان ينزل بالانسان العذاب الى ان ينزل للانسان العذاب من حيث لا يشعر هذا هو المكر تدبير خفي يفضي الى ان ينزل العذاب بالانسان من حيث لا يحتسب فيه العقوبة ويأتيه الاخذ من من مكمن امنه. ومن موضع اطمئنانه. وهنا يظهر المكر جليا. ومن امثلة المكر ما جرى من فرعون فان فرعون علا في الارض واستكبر حتى قال انا ربكم الاعلى. بلغ به الطغيان هذا المبلغ فجاءه حذر فجاءه الهلاك من مأمن كما قال الله تعالى فالتقطه ال فرعون ليكون لهم عدوا وحزنا فالتقط الله فساق الله موسى الى فرعون فرباه حتى نشأ بين يديه فكان هلاكه في تكذيبه لموسى. وهذا من مكر اللهي الخفي. ولهذا المكر هو تدبير خفي يفظي الى نزول العذاب والعقاب من حيث لا يحتسب الانسان. ولهذا كان العارفون بالله عز وجل على خوف من مكره ان الله تعالى العقوبة والعذاب فيحصل منهم اغترار ان الله لا يعاقبهم. تجد الانسان يسرف على نفسه بالمعصية يوقع الخطأ انه لا ينزجر لان لانه يرى ان الله يعطيه لم يغير عليه شيئا لن يغير عليه شيئا بل هو على ما هو عليه من حال وانعام وعطاء مع اسراره على المعصية. هذا نوع من المكر الخفي وهو الاستدراج. واهل المعرفة بالله عز واهل التقوى على خوف من ان يغفل عن الله عز وجل وعن ذكره فيخلي الله بينهم وبين ذنوبهم بينهم وبين معاصيهم فتنزل بهم الفتن وهذا من مكر الله عز وجل بهم فالغفلة عن ذكر الله توجب العقوبات ولهذا العارفون بالله لا يأمنون مكره بل هم يديمون ذكره جل في علاه ليأمنوا اخذه وعقوبته سبحانه وبحمده واهل التقوى والايمان على خوف ايضا من ان يعلم الله من قلوبهم ما لا يظهر في اعمالهم فيؤاخذهم بما خفي في قلوبهم مما لم يطلع عليه الناس وهذا ملحظ خطير يا اخواني ان الله لا ينظر الى صوركم ولا الى اجسامكم ولا الى اعمالكم ان الله لا ينظر الى صوركم ولا الى اعمالكم انما ان الله لا ينظر الى صوركم ولا الى اجسامكم ولكن ينظر الى قلوب واعمالكم فجدير بالمؤمن ان يعتني بقلبه. فكم من انسان في قلبه من العجب ورؤية النفس ما يكون سببا لهلاكه كم من الناس من في قلبه كبر وعلو على الخلق فيكون سببا لهلاكه. كم من الناس من في قلبه حقد وغل وبغضاء فيكون هذا سببا لهلاكه. هذه لا يطلع عليها الا الله جل في علاه. ولهذا اهل التقوى والايمان يحذرون ويخافون ان يطلع الله على شيء من اعمالهم الرديئة الخفية فيعاقبهم عليها بسلب الايمان وانزال العقوبات وهذا من الامن من مكر الله عز وجل كما ان اهل التقوى والايمان على خوف من ان ينالهم شيء من العذاب على حين غفلة وغرة وفترة. فتجده دائم الذكر لله عز وجل دائم حضور القلب دائم الطاعة دائم الصلة بالله عز وجل يتوقى عذابه واخذه جل في علاه هذا كله من مما يتقي به الانسان الامن من مكر الله. فان الامن من مكر الله يحصل امور قال نعم توقي الامن من مكر الله يحصل بامور. توقي الامن من مكر الله يحصل بامور دوام الطاعة دوام تفقد النفس من الخفايا والذنوب التي لا يطلع عليها الناس دوام الحذر من نزول العقوبات في حال الغفلة دوام الخوف ان يخلل له بينك وبين سيء عملك فانه لو خلا بينك وبين بين سائر سيء عملك هلكت كل هذه المعاني مما يتوقى به الانسان الامن من مكر الله. واذا واذا سلم يا اخواني اذا سلم القلب من هذا الامن بالخوف من مكره فانه رابح لان الله تعالى قال في محكم كتابه افأمنوا مكر الله فتمادوا ومضوا في غفلتهم وما هم فيها على ما هم عليه من غفلة ثم قال فلا يأمن مكر الله الا القوم الخاسرون. معنى هذا مفهوم المخالفة ان من قاف مكر الله فانه رابح من خاف مكر الله فانه ناجح من خاف مكر الله سلم من الخسار ثم ذكر في الاية التالية قوله جل وعلا ومن يقنط من رحمة ربه الا الضالون. هذه الاية الثانية التي ذكرها في في هذا الباب لاجل ان ليكون المؤمن في سيره الى الله بين جناحين جناح الرجاء وجناح الخوف فالخوف يحمله على الاستزادة من الصالحات والتوقي للسيئات والخوف من العقوبات وعدم الوثوق بالنفس وبالعمل انما الاجتهاد في اتباع الحسنة اختها والاستكثار من الصالحات والتزود من التقوى هذا جناح والجناح الثاني الذي يسير به الانسان الى ربه الرجاء وهو ان يرجو فضله وعطاءه ورحمته. والا يقنط من عطاء الله وفضله فانه ليس اكرم من الله جل في علاه. ولذلك قال ومن يقنط من رحمة ربه الا الضالون. اي لا يقطع الطمع في رحمة الله تعالى ولا ييأس من رحمته جل وعلا الا الضالون عن معرفة الله تعالى الا الضالون عن العلم به جل في علاه فان العالم بالله وبكماله وعظمته لا يمكن ان يدب الى قلبه قنوط مع اصلاح العمل فهو يجمع بين اصلاح العمل وجميل الظن وحسن الرجاء لربه جل في علاه فان القنوط من رحمة الله هو مسلك اهل الضلال الذين لم يعرفوا حق الله جل وعلا ولم يرعوا شرعه ولم ولم يدركوا ما له من الكمالات سبحانه وبحمده ولهذا لابد في سيرك الى الله من الجمع بين هذين حتى تأمن من الاختلال فان من غلب على قلبه الخوف يوشك ان يقنط ومن غلب على قلبه الرجاء يوشك ان يغفل ويتهاون في السير الى الله عز وجل. لكن من رحمة الله ان جمع الله تعالى في صفات اوليائه رغبة والرهبة الخوف والرجاء وبه يتزن السيل الى الله جل في علاه فيسلم الانسان من سيئات الخوف موصل الى القنوط ومن ويأمن من سيئات الرجاء الموقع في الغفلة والاسراف وبهذا يسلم في سيره الى الله عز وجل ويستقيم ثم ذكر المصنف رحمه الله حديثين الاول حديث ابن عباس والثاني اثر ابن مسعود رضي الله تعالى عنهما. يقول وعن عبد الله ابن عباس رضي الله تعالى عنهما ان رسول الله صلى الله عليه وسلم سئل عن الكبائر اي ان النبي صلى الله عليه وسلم قيل له ما الكبائر؟ وهذا السؤال تكرر في مواضع عديدة وكانت اجابات النبي صلى الله عليه وسلم متنوعة. ولا حرج في هذا ولا اشكال في تنوع الجواب لمن سأله عن المسألة التي التي احتاجها السائل وذلك ان النبي صلى الله عليه وسلم يجيب كل سائل بما يناسبه وهذا لا غرابة فيه الان لو ان شخصا سأل مثلا عن شيء قال من اين اصل؟ الى المطاف فيمكن ان اجيب احدا فاقول له تصل الى المطاف من من هذا الباب تخرج ثم يسار وتصل الى المطاف. ويأتي اخر ويسأل اين طريقه الى المطاف اقول من هنا طريق المطاف هذا جواب مختلف لكن الذي اوجب الاختلاف في الجواب هو عدد من الاسباب ممكن ان يكون هذا الذي سألني بعربة وهذا هو طريق العربات والاخر الذي سألني وقلت من اليمين كان رجلا يمشي على قدميه وهذا طريق المشاة. وبالتالي اختلف الجواب مراعاة لحال السائلين لكن المآل والمنتهى واحد فاختلاف اجوبة النبي صلى الله عليه وسلم في اسئلة السائلين ليست لعدم آآ الاتفاق او للاضطراب في جوابه لا حاشاه صلوات الله وسلامه عليه فلا ينطق عن الهوى ان هو الا وحي يوحى انما جواب متنوع اما لتنوع حال السائل او لغير ذلك من الاسباب فثمة سبب في تنوع الجواب. وليس انه اضطراب او اختلاف في جواب السؤال ومنه هذا السؤال الذي سئل عنه النبي صلى الله عليه وسلم في هذا المقام قيل له ما الكبائر؟ سئل عن الكبائر اي الذنوب العظائر وقسمة الذنوب الى كبائر وصغائر دل عليها القرآن. قال الله تعالى ان تجتنبوا كبائر ما تنهون عنه ايش نكفر عنكم سيئاتكم. فصنف الله المخالفة الى صنفين كبائر وسيئات ولا شك ان ثمة فرقا بين الكبائر والصغائر والعلماء رحمهم الله سلكوا في التفريق بين الصغائر والكبائر مسالك عدة. فمن العلماء من قال في الكبائر انها ما سماه النبي صلى الله عليه وسلم كبيرة من الذنوب فما جاءت تسميته كبيرة فهو كبيرة ومالان فليس بكبيرة وقال بعض اهل العلم ان الكبائر سبعة استنادا الى ما جاء في الصحيحين من حديث ابي هريرة رضي الله تعالى عنه ان النبي صلى الله عليه وسلم قال اتقوا السبع الموبقات اي المهلكات الشرك بالله والسحر وقتل النفس التي حرم الله الا بالحق والزنا واكل مال الربا واكل مال اليتيم والتولي يوم الزحف ومن العلماء من قال الكبائر اكثر من ذلك بل هي الى السبعين اقرب. وجاء ذلك عن عبد الله بن عباس لما سئل عن الكبائر اهي سبعة؟ قال بل هي الى السبعين اقرب والمقصود بالسبعين هنا ليس العدد انما المقصود بالسبعين الكثرة فان العرب تطلق هذا العدد على الشيء الكثير ولا يقصدون به العدد ذاته والمقصود ان الكبائر اختلف العلماء في حدها واقرب ما يقال في ضابط الكبائر ان الكبائر هو هي كل ما سماه النبي صلى الله عليه وسلم كبيرة وكل ما كانت فيه عقوبة محددة في الدنيا او في الاخرة وكل ما لعن صاحبه او نفي عنه الايمان او تبرأ عنه او تبرأ منه سيد الانام. هذه هي الكبائر وهذا اجمع ما يقال في ظابط الكبائر. فكل ما سمي كبيرة في السنة فانه كبيرة وكل ما جاءت فيه عقوبة دنيوية او اخروية محددة فهو كبيرة. وكل ما لعن صاحبه فهو كبيرة. وكل ما نفي عنه الايمان او تبرأ منه سيد الانام فهو كبيرة هذه كلها من سمات وعلامات الكبيرة فقوله في هذا الحديث وما عداه فانه صغائر وما عداه من الذنوب فانه صغائر. ومن العلماء قال من قال ليس في الذنوب صغيرة بل كلها كبائر وهي بالنظر الى مخالفة امر الله ومعصيته كلها كبائر بالتأكيد بالنظر الى عظم قدر من تعصيه. لكن هذه المعاصي بالنظر الى ذاتها والمفاسد المرتبة عليها ليست على درجة واحدة فتصنيفها الى كبائر وصغائر ليس بالنظر الى مخالفة الله انما بالنظر الى ما يترتب على هذه الذنوب من المفاسد والاثار القبيحة فهي بالتأكيد ليست على حد سواء بل هي مختلفة مراتب درجات. فالزنا ليس كالنظر المحرم الكذب على الله ورسوله ليس كالكذب على غيره من الناس وهلم جر في التفاوت بين المفاسد المرتبة على الاثام والذنوب. واما بالنظر الى كونها مخالفة لامر الله ورسوله فلا شك ان الكبائر ان ان جميع الكبائر ان جميع الذنوب كبيرة وليس فيها صغير بالنظر الى مخالفة رب العالمين قال رسول الله صلى الله عليه وسلم في جواب السائل عن الكبائر قال الشرك بالله ولا شك ان الشرك اعظم الموبقات قال الله تعالى يا بني في وصية لقمان لابنه يا بني لا تشرك بالله ان الشرك ايش لظلم عظيم ليس شيء اعظم من الشرك لانه انتهاك لاعظم الحقوق فهو تسوية غير الله بالله وليس شيء من الذنوب يبلغ هذا الحد فالشرك اعظم الذنوب واكبرها وحقيقته لو قيل لك ما الشرك الشرك هو ان تسوي غير الله بالله هذا هو الشرك تسوية غير الله بالله. لكن هذه التسوية لا يلزم ان تكون في كل شيء. ليس في الدنيا من يقول ان غير الله كاله في كل شيء هؤلاء مشركون وقعوا في اعظم الكبائر ولو صلوا وصاموا ولو صلوا وصاموا وتصدقوا فانهم وقعوا في الشرك ان لم يتوبوا ويتداركوا فهم هالكون لذلك من الضروري ان يعي المؤمن ان الشرك ليس امرا بل حتى الذين يعبدون اه الهين ممن يعبد النور والظلمة المجوس. يقولون ان النور اعظم من اله الظلمة. فلا يسوون بينهما. فليس في الخلق من يقول ان غير الله في كل شيء لكن هناك من يسوي غير الله بالله في بعض الاشياء ولو سوى غير الله بالله ولو في شيء واحد وقع في الشرك لا يلزم من التسوية ان يكون ان تكون المساواة في كل الامور بل لو كانت المساواة في شيء من الاشياء كان ذلك من الشرك والمساواة التي توقع الانسان في الشرك اما ان تكون مساواة في الربوبية بان تجعل غير الله كاله بالخلق او في الرزق او في الملك او في التدبير او في التصريف فان هذا كله من الشرك ولو قلت انه يصرف شيئا معينا في الكون. فان هذا من الشرك ايضا من تسوية غير الله بالله التي تكون مندرجة في الشرك تسوية غير الله بالله فيما يتعلق باسمائه وصفاته سبحانه وبحمده فان الله سبحانه اخبر في كتابه عن اسمائه ويجب على المؤمن ان يقبل ذلك وان يؤمن به هو الله لا اله الا هو عالم الغيب والشهادة هو الرحمن الرحيم هو الله الذي لا اله الا هو عالم الغيب والشهادة هو الرحمن الرحيم هو الله الذي لا اله الا هو الملك القدوس السلام المؤمن المهيمن العزيز الجبار. الى ما ذكر من الاسماء المتضمنة لصفاته. فحقه ان يؤمن به لكن اعلم ان كل ما اخبر الله تعالى به عن نفسه فليس له فيه نظير ليس كمثله شيء وهو السميع البصير فاخبر الله عن سمع وعن بصر له جل في علاه لكن ليس كسمع الناس ولا كبصر الخلق هو سمع متفق في المعنى فالسمع هو ما تدرك به الاصوات والبصر ما تشاهد به المرئيات لكن شتان بين سمع الخالق والمخلوق وبصر الخالق والمخلوق. ليس كمثله شيء وهو السميع البصير تسوية غير الله بالله في شيء من اسمائه او صفاته هو من الشرك ولذلك اكد الله هذا المعنى انه جل في علاه ليس كمثله شيء في مواضع عديدة. قال ليس كمثله شيء وهو السميع البصير. قال هل اتعلم له سم يا؟ قال لم يكن له كفوا احد. قال فلا تجعلوا لله اندادا وانتم تعلمون. كل هذه الايات تؤكد انه لا نظير لله لا مثيل له لا كفؤ له لا ند ولا سمي له جل في علاه سبحانه وبحمده فاذا كان كذلك فان من سوى غير الله بالله في شيء من اسمائه او في شيء من صفاته فانه قد وقع في الشرك الذي قال فيه الله عز وجل ان الشرك لظلم عظيم. نعم ظلم عظيم ان تسوي غير الله بالله ثالث انواع التسوية التي تندرج في الشرك تسوية غير الله بالله العبادة تسوية غير الله بالله في العبادة. العبادة حقه وما امروا الا ليعبدوا الله مخلصين له الدين الا لله الدين الخالص وان المساجد لله فلا تدعو مع الله احدا فلا يقوم توحيد الا باخلاص العبادة له. ما معنى اخلاص العبادة له؟ الا تعبد الا الله. طيب كثير من الناس يقول نحن لا نعبد الا الله. لكنهم يصرفون الوانا وانواعا من العبادات لغير الله. ويظنون ان هذا لا يؤثر على توحيده وان هذا لا يوقعهم في الشرك. فاولئك الذين يأتون الى المقبورين او لا يأتون اليهم حتى ولو كانوا عنهم نائين. حتى لو كان عنهم نعيم يقولون يا فلان اغثني. المدد يا فلان ويهتفون باسماء المخلوقين والامثلة على ذلك كثيرة ممن يدعو الملائكة ممن يدعو الرسل ممن يدعو الصحابة ممن يدعو الاولياء ويطلب منهم قضاء الحاجات هذا شرك ولو صلى وصام فالذي يقول يا محمد اغثني يا محمد المدد يا رسول الله انجدني هذا يدعو غير الله هذا الذي نهى عنه رسول الله وان المساجد لله فلا تدعو مع الله احدا. وهذا الذي قال الله تعالى فيه ومن اضل ممن يدعو من دون الله من لا له الى يوم القيامة وهم عن دعائهم غافلون فلا ينبغي ان ان ان يشتبه على الانسان الامر ويظن ان ان هذه الاعمال لا تؤثر على توحيده. هذه تسوية غير الله بالله التي جاء في محاربتها والنهي عنها رسول الله صلى الله عليه وسلم بل الرسل جميعا. فالذين يقصدون الاضرحة ويدعون الاموات او الاحياء ويستغيثون بهم ويتقربون اليهم بالنذور ويذبحون لهم الذبائح ويسألونهم تفريج الكربات ويسألونهم اجابة الدعوات غائبا يعني انت تستغرب ان جميع الرسل من نوح عليه السلام الى خاتمهم محمد. كلهم جاءوا الى لتقرير هذه القضية وهي عبادة الله وحده والنهي عن الشرك اعبدوا الله وحده لا شريك له ان اعبدوا الله وما ارسلنا من رسول الا نوحي اليه انه لا اله الا انا فاعبدون. فجميع الرسل جاءوا يدعون. هذي قظية يعني ما يمكن تكم بهذا الحجم من الخطر يجتمع عليها الرسل الا الا والله لو لم تكن بهذا الحجم من الخطر ما بعث الله لها سادات الدنيا والرسل صلوات الله وسلامه عليهم جميعا لتقرير التوحيد و دعوة الناس لعبادة الله وحده لا شريك له لهذا من المهم يا اخوان ان يعي الانسان هذا المعنى وان يعرف ان الشرك عظيم خطير وهو اكبر الكبائر اعظم من كل سيئة اعظم من السرقة اعظم من الزنا اعظم من القتل ولذلك قال والفتنة اشد من القتل. الفتنة اي الانحراف عن الدين القويم بالشرك والكفر اشد من القتل واعظم فهذا اول الكبائر التي سماها رسول الله صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث قال الشرك بالله ثم قال واليأس من رح الله واليأس من روح الله اي القنوط من رحمة الله عز وجل فروح الله هو رحمته جل في علاه وسميت الرحمة روحا لانها يحصل بها التنفيس والتفريج ويحصل بها ادراك فك الخناق عن الانسان فلذلك سميت اه روحا وتنفيسا لكن الفرق بين الروح والرحمة ان الرحمة اوسع المدلول من الروح فروح الله هي ما يحصل به تفريج الكربات واغاثة اللهفات وكشف المدلهمات واما الرحمة فيحصل بها ذلك كشف الكربات واغاثة اللهفات وكشف المدلهمات وكذلك نيل المطلوبات وادراك الامنيات وبلوغ المأمولات فالرحمة اوسع لانها يحصل تدرك بها المطالب وتتوقى بها المخاوف ولذلك كانت الرحمة اوسع مدلولا. فقوله صلى الله عليه وسلم هنا واليأس من روح الله اي من رحمة الله. وهذا عند نزول الكرب وحلول البلاء احذر ان تيأس من روح الله عز وجل ومن فرجه فانه خطر على المؤمن ان يبلغ به الامر هذا الحد لان من بلغ به الحد ان ييأس من روح الله فانه يكون كما وصف الله تعالى ولا تيأسوا من روح الله انه لا ييأس من روح الله الا القوم ايش الا القوم الكافرون فالكافرون هم الذين ييأسون من رح الله. اما اهل الايمان فمهما ضاقت عليهم النوازل. وحال بهم ما يكرهون فانه لا يقنطون ولا ييأسون من رح الله عز وجل بل هم على ثقة بموعود الله. والله لا يخلف الميعاد الله لا يخلف الميعاد وقد وعد جل وعلا بنصر الصابرين وتفريج الكربات وما الى ذلك من موعوده الكريم جل في علاه. فليأسوا من رح الله من الكبائر. وهو فيما اذا لم يصل الى حد اليأس الكلي اما اذا وصل الى حد اليأس الكلي فانه كفر لقول الله عز وجل ولا تيأسوا من روح الله انه لا ييأس من روح الله الا القوم الكافرون. ووجه كون كأس من رح الله كفرا انه سبب لتكذيب تكذيب ربوبية الله عز وجل فالله عز وجل هو الخالق هو الرازق هو المدبر هو المالك جل في علاه ومن يأس من روحه لم يعتقد انه الخالق ولا انه المالك ولانه المدبر وشك في قدرته سبحانه وبحمده اما اخر ما ذكر فهو قوله صلى الله عليه وسلم والامن من مكر الله وقد وقد تقدم الكلام على الامن بمكر الله بشيء من التفصيل في ما تقدم من التعليق على الاية. وعن عبد الله بن مسعود قال اكبر الكبائر هذا موقوف على عبد الله بن مسعود وليس مرفوعا الى النبي صلى الله عليه وسلم الاشراك بالله وتقدم بيان الاشراك بالله الشرك بالله ما هو يا اخوان تسوية غير الله بالله اظبط هالتعريف هذا الشرك حقيقته ان تسوي غير الله بالله دليل ذلك طيب؟ قول الله تعالى الله ان كنا لفي ضلال مبين. ليش اذ نسويكم برب العالمين. هذولا اهل النار من المشركين اعاذنا الله واياكم من عملهم ومن مآلهم ومصيرهم يندمون يوم القيامة يقول تالله يحلفون بالله ان كنا لفي ضلال مبين ليش؟ اذ نسويكم اي نجعلكم في مرتبة كمرتبة رب العالمين. وهذا ليس في كل شيء حتى لو كان في قظاء الحاجات او في جزئية من الجزئيات اذا سويت غير الله بالله فانك تكون مشركا نعوذ بالله من الشرك والشرك خافه ابو بكر صديق الامة فينبغي ان يخافه بل خافه ابراهيم واجنبني وبني ايش ان نعبد الاصنام. ابراهيم الذي كسر الاصنام يسأل الله ان يجنبه عبادة الاصنام هو وبنيه فكيف يأمن الانسان معنا الان حنا بعضنا يقول لا ما يمكن ما يمكن يقع مني شرك ويأمن على نفسه هذا في حين ان الشيطان يستدرج الانسان حتى يوقعه في سيء الاعمال وكبير وعظيم الاخطار من ذلك الشرك نعوذ بالله من الخذلان قال والامن من مكر الله هكذا قال عبد الله بن مسعود والامن من مكر الله وتقدم بيان ذلك قال والقنوط من رحمة الله واليأس من روح الله. هذا هذا الاثر جمع القنوط واليأس فهل بينهما فرق؟ الجواب ان القنوط واليأس اذا افترقا اجتمعا واذا اجتمعا افترقا بمعنى ان قول الله تعالى فلا تيأسوا من ولا تيأسوا من روح الله انه لا ييأس من روح الله يعني لا تقنطوا من روح الله انه لا يقنطوا من روح الله الا القوم الكافرون وكذلك قول ومن يقنط ومن يقنط من ومن يقنط ها ومن يقنط من رحمة ربه الا الضالون اي لا ييأس من رحمة ربه الا الضالون. فالقنوط اذا اطلق كان بمعنى اليأس. اذا اطلق منفردا كان بمعنى اليأس. لكن اذا اجتمع القنوط واليأس في سياق واحد فالقنوط غير اليأس وهذا في كثير من الكلمات تجد ان الكلمة تدل على معنى غيرها عند الانفراد لكنها اذا اجتمعت مع غيرها كان لها معنى يخصها مثال ذلك تعرفون حديث جبريل لما دخل على النبي صلى الله عليه وسلم فسأله عن الاسلام والايمان والاحسان فقال الايمان فقال الاسلام ان تشهد ان لا اله الا الله وان محمدا رسول الله واقامة الصلاة وتقيم الصلاة وتؤتي الزكاة وتصوم رمضان وتحج البيت ان استطعت اليه سبيلا والايمان قال ان تؤمن بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الاخر والقدر خيره وشره والاحسان قال ان تعبد الله كأنك تراه فان لم تكن تراه فانه يراك. هذه المعاني الثلاثة الايمان والاحسان والاسلام جاءت في سياق واحد فخصت في كل كل موضع بمعنى خاص فالاسلام هو الاعمال الظاهرة. والايمان هو اعمال القلب والاحسان هو الذروة في الاسلام وفي الاحسان في الاسلام وفي الايمان لكن عندما يطلق الاسلام منفردا او الايمان منفردا او الاحسان منفردا فانه يشمل الايمان والاحسان يشمل المعاني الاخرى فقول الله تعالى يا ايها المؤمنون يا ايها الذين امنوا ان قد افلح المؤمنون على سبيل المثال هنا قد افلح المؤمنون اي المسلمون فالمؤمنون هم المسلمون هنا لكن لما يأتي ذكر الايمان والاسلام في سياق واحد يكون الاسلام المراد به اعمال الظاهر والايمان اعمال القلب اعمال الباطل هنا اليأس والقنوط جاء في سياق واحد. فالقنوط من رحمة الله واليأس من روح الله بينهما فرق والفرق هو ان القنوط اشد من اليأس. وقال بعض اهل العلم بل العكس ان اليأس اشد من القنوط وقالوا الدليل ان الله تعالى وصف اليائسين من روح الله بالكفر والقانطين من من رحمته بالضلال والكفر اشد من الضلال. لكن الصواب ان هذا لا دليل فيه. لان هناك اليأس بمعنى القنوط في السياق الايتين وانما فيما يظهر ان القنوط هو اثر اليأس بان يظهر ما في القلب على الجوارح. فلذلك كان اشد. فالقنوط هو عمل القلب يظهر اثره على الجوارح. فلذلك كان القنوط اشد من اليأس. فقوله والقنوط من رحمة الله ان يظهر عليهم اثر ذلك واليأس من روح الله وهو ان يقطع الرجاء في فرجه وعطائه سبحانه وبحمده ويمكن ان يقال يقال قنوط هنا يشمل قطع الرجاء من تحصيل الامنيات واليأس قطع الرجاء من رفع مدلهمات والخطب والنوازل هذا بعض ما تضمنه هذا الباب من مسائل وهذا يا اخواني من كتاب التوحيد للشيخ محمد بن عبد الوهاب وانتم سمعتم الان هذا الكتاب يشن عليه قوم كثير حملة بانه كتاب يكفر المسلمين وبانه كتاب من كتب الضلالة كله على هذا النحو ايات احاديث اثار فليس عند محمد بن عبد الوهاب الا هذه الا هذه الامور الثلاثة الكتاب والسنة وما كان عليه سلف الامة ولذلك الدعاوى المضللة التي يشنها اعداء التوحيد هي في الحقيقة تظليل وتكذيب. ومن اراد ان يوقن هذا ليقرأ كتاب التوحيد الذي هو اهم مؤلفات محمد ابن عبد الوهاب رحمه الله فانه دائر على تقرير مسائل على هذا النحو الذي سمعته في كلام الله وفي كلام رسوله وفي كلام الصحابة رضي الله تعالى عنهم وما كان عليه سلف الامة الصالحون اسأل الله ان يثبتنا واياكم على الحق والهدى ان يرزقنا تمام الاخلاص له في السر والعلن وان يعيذنا من الذلل والخطأ وان يرزقنا الاستقامة على ما يحب ويرضى وان يعيذنا واياكم من الشرك ظاهرا وباطنا وصلى الله وسلم على نبينا محمد. نجيب على ما يسر الله من الاسئلة