الحمد لله حمدا كثيرا طيبا مباركا فيه ملء السماء والارض وملء ما شاء من شيء بعد له الحمد في الاولى والاخرة وله الحكم واليه ترجعون واشهد ان لا اله الا الله وحده لا شريك له اله الاولين والاخرين. رب العالمين لا اله الا هو الرحمن الرحيم واشهد ان محمدا عبد الله ورسوله تفيضه وخليله خيرته من خلقه بعثه الله بالهدى ودين الحق بين يدي الساعة بشيرا ونذيرا وداعيا اليه باذنه وسراجا منيرا بلغ الرسالة وادى الامانة ونصح الامة تركها على محجة بيضاء ليلها كنهارها لا يزيغ عنها الا هالك فصلى الله عليه وعلى اله وصحبه ومن اتبع سنته واختفى اثره باحسان الى يوم الدين اما بعد فان من اصول الايمان ان يؤمن العبد بما جاء به القرآن وما جاء في كلام سيد الانام صلوات الله وسلامه عليه مما يكون يوم البعث والنشور يوم القيامة وهذا الاصل وهو اصل الايمان باليوم الاخر. اصل تواطأت عليه كلمات الرسل فجميع المرسلين جاءوا يخبرون الناس بيوم المعاد وان ثمة يوما يجمعون فيه للحساب يتغابنون فيه بما كان من اعمالهم في يوم التغابن في يوم التناد في يوم القيامة في يوم عظيم تذهل فيه كل مرضعة عما ارضعت وتضع كل ذات حمل حملها وترى الناس سكارى وما هم بسكارى ولكن عذاب الله شديد. ذلك اليوم العظيم هو اليوم الذي يعمل له الفطناء من عباد الله الذي يعمل له اولوا الالباب الذين يذكرون الله قياما وقعودا وعلى جنوبهم ويقولون في قلوبهم والسنتهم وافكارهم. ربنا ما خلقت هذا باطلا سبحانك فقنا عذاب النار. خلق الله الخلق ليجزي المؤمن باحسانه ويجزي المسيء باساءته على نحو من العدل والفظل فالعباد كلهم يتقلبون في ما يكون من حكم الله عز وجل في الدنيا والاخرة بين عدله وفضله فالله لا يظلم الناس شيئا لا في الدنيا ولا في الاخرة ذاك اليوم العظيم مبدأه من موت الانسان ثم ما يكون من حالة في قبره في الحياة البرزخية من الفتنة بسؤال الملكين ثم بعد ذلك بما يجريه الله تعالى من العذاب والنعيم لاهل القبور الى يوم البعث والنشور يوم يأذن الله تعالى بالنفخ في الصور فتعود الارواح الى الابدان ويخرج الناس من قبورهم واجداثهم حفاة عراة غرلا مخطئين الى الدار لا يرتد اليهم طرفهم وافئدتهم هوى يخرجون على هذه الحال من الفزع والخوف كما قال الله تعالى حتى اذا فزع عن قلوبهم بما اخبر به من حال الملائكة عند قضاء الله عز وجل. وكذلك حال الناس يوم البعث والنشور يأتون فزعين الا من امن وصدق ووفد على الله تعالى بالعمل الصالح فهؤلاء هم الذين قال فيهم جل وعلا لا يحزنهم الفزع الاكبر وتتلقاهم الملائكة هذا يومكم الذي كنتم توعدون يجتمع الخلق في ارض المحشر ويكون من اهوال ذلك اليوم ما جاءت به الاخبار ثم يأتي الله عز وجل بعد الشفاعة للفصل بين للفصل بين العباد فصل القضاء والحكم بينهم ثم بعد ذلك ينقسم الناس الى فريقين الفريق الاول من يقدمون الى النار ويقذفون فيها وهم كل من عبد غير الله عز وجل من الكفار على شتى مللهم ونحلهم وما يدينونه من اديان باطلة فيبقى في ارض المحشر اهل الايمان مع غبرات من اهل الكتاب مع المنافقين ثم يكشف عن ساق ويدعون الى السجود فيسجد كل مؤمن ولا يستطيع اهل النفاق من السجود فيتميز عند ذلك المنافقون عن غيرهم ثم بعد ذلك يأذن الله تعالى لاهل الايمان واهل الاسلام بعبور الصراط فالصراط لا يعبره الا مسلم والناس في عبور الصراط على مراتب ودرجات منهم من يمر كلمح البصر ومنهم من يمر كالبرق ومنهم من يمر كالريح الشديدة ومنهم من يمر عجاود الخيل ومنهم من يمر كركاب الابل ومنهم من يعدو عدوى ومنهم من يمشي مشيا ومنهم هم من يزحف زحفا ومنهم من تخطفه الكلاليب هذا التفاوت كله في احوال اهل الاسلام. ليس منهم كافر لان الكفار يتساقطون في النار ولا يعبرون الصراط فيصدق بهذا المرور على الصراط ما ذكره العزيز الغفار وان منكم الا واردها كان على ربك حتما مقضيا ثم وننجي الذين اتقوا ونذر الظالمين فيها جثيا بعد ذلك يحبس الناس على قنطرة بين الجنة والنار جسر بين الجنة والنار يصفى ما في قلوبهم من علائق وبقايا بسبب ما كان بينهم في الدنيا كما قال تعالى ونزعنا ما في صدورهم من غل اخوان على سرر متقابلين هذا النزع يكون قبل دخول الجنة فلا يدخل الجنة من كان في قلبه غل ولا من كان في قلبه احن زغل على اخوانه بل لا يدخلها الا من صف الله تعالى قلبه وطهره من كل غل ونحوه عند ذلك يأتي ان يأتي النبي صلى الله عليه وسلم باب الجنة ويستفتح هذا مبدأ قراءتنا اليوم من احوال الناس في ذلك اليوم من استفتاح النبي صلى الله عليه وسلم الى ما ينتهي به الامر فيما يتعلق بمستقر اهل الجنة في الجنة نسأل الله ان نكون منهم ومستقر اهل النار في النار فنقرأ ما يسر الله تعالى من بيان ما يكون من استفتاح باب الجنة وما الى ذلك من بقية مسائل الايمان باليوم الاخر ويجب على المؤمن ان يعتقد ان ما جاء به الخبر عن اليوم الاخر حق على حقيقته. ليس شيئا من الخيال ولا شيئا من التصوير الكاذب. بل هو خبر من لا ينطق عن الهوى وخبر الحق الذي هو اصدق القائلين. فيجب على المؤمن ان يقرأ ذلك موقنا بانه سيمر به وانه سيلقاه وانه سيكون من جملة ما من اخبر النبي صلى الله عليه وسلم ممن يمر بهذه الاحوال فليتزود التقوى والايمان التي بها النجاة والفوز يوم يقوم الناس لرب العالمين نسأل الله ان يجعلنا واياكم ممن يفدوا امنا بقلب سليم وان يكون من الفائزين السابقين الى رحمة الله عز وجل ورضوانه ودار السلام سمي الله. بسم الله الرحمن الرحيم. الحمد لله رب العالمين. والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى اله وصحبه اجمعين. اللهم اغفر لنا ولشيخنا وللحاضرين. قال المؤلف وفقه الله في شرح العقيدة الواسطية من كلام شيخ الاسلام ابن تيمية رحمه الله واول من استفتحوا باب الجنة محمد. واول من يدخل الجنة من الامم امته. وبيان ذلك انه وجاء في الصحيح من حديث انس ان النبي صلى الله عليه وسلم قال اتي باب الجنة يوم القيامة امتي فاستفتح فيقول الخازن من انت؟ فاقول محمد. فيقول بك امرت لا افتح لاحد قبلك وهذا من فضائله صلى الله عليه وسلم. ومما شرفه الله به وخصه ومما خصه الله به واكرمه ايضا. الحديث الذي جاء في المسند عن بهز ابن حكيم عن ابيه عن جده عن النبي صلى الله عليه وسلم انه قال انتم توفون سبعين امة انتم خيرها واكرمها على الله عز وجل. وهو حديث جيد. يقول المؤلف رحمه الله واول من يفتح باب الجنة محمد صلى الله عليه وسلم اول من يستفتح اي اول من يطلب فتح باب الجنة بعد ان يقضي ما كان من احوال يوم القيامة واهوالها وينجو اهل الايمان من النار بالورود عليها كما قال تعالى ثم ننجي الذين اتقوا ونذر الظالمين فيها يأتي النبي صلى الله عليه وعلى اله وسلم في طلب فتح باب الجنة وذلك ان الجنة لها ابواب وقد جاء ذكر ابواب الجنة في القرآن في سورة الزمر وكذلك جاء في السنة في غير محاديث. وابواب الجنة ثمانية هذه الابواب يدخل منها اهل الجنة نسأل الله تعالى ان يجعلنا ممن يدعى من تلك الابواب كلها. والناس متفاوتون في دخول الجنة من هذه الابواب فمنهم من يدخل من باب الصلاة ومنهم من يدخل من باب الصيام ومنهم من يدخل من باب الصدقة ومنهم من يدخل من باب الجهاد فهي ابواب واذا اخلص العبد وحقق التوحيد على وجه الكمال دعي من تلك الابواب كلها. تفتح له ابواب الجنة الثمانية يدخل من ايها شاء فاول من يستفتح باب الجنة من اهلها النبي محمد صلى الله عليه وسلم. ولذلك قال انا اول شفيعا في الجنة اول شفيع في الجنة. يعني اول من يشفع في دخول الجنة واول ذلك ما جاء في حديث انس انه قال صلى الله عليه وسلم اتي باب الجنة يوم القيامة فاستفتح يعني اطلب ان يفتح لي. فيقول الخازن وهو رضوان من الملائكة من انت؟ فاقول محمد فيقول بك امرت لا افتح لاحد قبلك. والامر هو الله عز وجل بك امرت يعني الله امرني الا لاحد قبل محمد بن عبدالله صلى الله عليه وعلى اله وسلم وهذا من المقام المحمود الذي بوأ الله تعالى رسوله الكريم صلوات الله وسلامه عليه في ذلك اليوم المشهود يظهر به فضله ويتبين به عظيم مكانته عند ربه ان الجنة لا تدخل الا باستفتاحه فيستفتح صلى الله عليه وسلم فيدخل الجنة. نسأل الله ان يتبعنا اثاره وان يجمعنا به. وان يجعلنا ممن يدخل معه ويرافقه فيها وهذه الامة هي اول امة تدخل الجنة ولذلك قال المؤلف واول من يدخل الجنة من الامم امته دل على ذلك احاديث عديدة منها ان النبي صلى الله عليه وسلم عندما يأتي اليه الناس يطلبون منه الشفاعة لفصل القضاء بعد ان يذهبوا الى ساداتي البشر من المرسلين واولي العزم من الرسل يأتون اولا ادم ابا البشر فيعتذر ويحيلهم الى نوح ثم يأتون الى نوح فيعتذر ويحيلهم الى ابراهيم. ثم يعتذر ويحيلهم الى موسى يأتون موسى فيعتذر ويحيلهم الى عيسى ثم يأتون عيسى عليه السلام فيعتذر ويحيلهم الى النبي صلى الله عليه وسلم فيقول انا لها انا لها فيتقدم صلى الله عليه وسلم للشفاعة عند ربه على ما على نحو ما سيأتي ان شاء الله تعالى فاول ما يقال له ارفع رأسك وقل يسمع واشفع تشفع يقول صلى الله عليه وسلم امتي امتي فهو صلى الله عليه وسلم يستفتح الجنة ويدخلها واول من يدخلها امته صلى الله عليه وسلم. فهم الاخرون في الاولون يوم القيامة. واوليتهم يوم القيامة بفضل الله وربك يخلق ما يشاء ويختار. ما كان لهم الخيرة سبحان الله وتعالى عما يشركون. وقد جاء في فضل هذه الامة ما رواه احمد وغيره من حديث باز بن حكيم عن ابيه عن ان النبي صلى الله عليه وسلم قال انتم يخاطب هذه الامة اولها واخرها والخطاب لمقدمها وهم سادات الدنيا من الصحابة رضي الله تعالى عنهم. انتم توفون سبعين امة. توفون اي سبعين امة من الامم التي مرت من ادم عليه السلام الى اخر الدنيا انتم توفون سبعين امة انتم خيرها واكرمها على الله عز وجل فنحمد الله على فضله ونسأله المزيد من عطاءه وهذه جاء ذكرها في القرآن في قول الله تعالى كنتم خير امة اخرجت للناس تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر. وهذه الخيرية ليست للعلو على الخلق. ولا للتكبر عليهم ولا لتنقص الخلق بل هي بيان ما خص الله به هذه الامة. انها خير الامم وخيريتها ليست لاشكال لمن فيها ولا لصورهم ولا لاجسامهم وانما لاعمالهم. ولذلك لما ذكر ربنا جل في علاه لما ذكر ربنا جل في علاه خيرية الامة ذكر موجب الخيرية سبب الخيرية. فقال تعالى كنتم خير اخرجت للناس تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر وتؤمنون بالله. فلم يجعل ذلك لاجل انتسابهم للامة مع مخالفتهم لما جاء به سيد الورى بل الخيرية سببها وموجبها هو التزام الشريعة وهذه الخيرية ثابتة لكل من انتسب لمحمد بن عبدالله ايمانا به وتصديقا لما جاء به اقرارا بما اوحاه الله تعالى اليه. قال الله تعالى ثم اورثنا الكتاب الذين اصطفينا من عبادنا فمنهم ظالم لنفسه ومنهم مقتصد ومنهم سابق بالخيرات. فهؤلاء كلهم الظالم لنفسه والمقتصد وهو من قام بالواجب وانتهى عن المحرم والسابق بالخيرات وهو من قام بالواجب وانتهى عن المحرم وسارع بالوان كل هؤلاء من المصطفين الذين الذين يدخلون في قول الله تعالى ثم اصطفيتم اورثنا الكتاب الذين اصطفينا من عبادنا فحري بالمؤمن ان يفرح بهذا الفضل من الله وان يكون موجبا لمزيد عبودية لله عز وجل بشرعه ومن فضائل النبي صلى الله عليه وسلم ومن خصائصه ما يكون من الشفاعات التي له يوم القيامة فهو الشفيع الاعظم للخلق في ذلك اليوم العظيم. وله صلى الله عليه وسلم يوم القيامة ثلاث شفاعات له صلى الله عليه وسلم ثلاث شفاعات تخصه يميزه الله تعالى بها عن غيره وله شفاعات يشاركها فيها غيره. يقول المؤلف فيما يتصل بشفاعة النبي صلى الله عليه وسلم. وله صلى الله عليه وسلم في القيامة ثلاث شفاعات واصل الشفاعة التوسط في جلب النفع والتخليص من بلاء. وللنبي محمد صلى الله عليه وسلم ثلاث شفاعات يوم القيامة سوى ما تقدم. ودل على ذلك احاديث الشفاعة وهي كثيرة متواترة منها في الصحيحين احاديث متعددة وفي السنن والمسانيد مما يكثر عده وهي دالة على ان له صلى الله عليه وسلم شفاعات يختص بها لا يشركه فيها احد وشفاعات يشركوا فيها غيره من الانبياء والصالحين. لكن ما له فيها افضل مما لغيره فانه صلى الله عليه وسلم افضل الخلق واكرمهم على ربه عز وجل. وقد مع المسلمون على ان النبي صلى الله عليه وسلم يشفع للخلق يوم القيامة بعد ان يسأله الناس وبعد ان يأذن الله له في الشفاعة. ثم ان اهل السنة والجماعة متفقون على ما اتفق هل هي الصحابة رضوان الله عليهم اجمعين. واستفاضت به السنن انه صلى الله عليه وسلم يشفع لاهل الكبائر من امته ويشفع ايضا لعموم الخلق اذا للنبي صلى الله عليه وسلم في ذلك اليوم العظيم نوعان من الشفاعات النوع الاول شفاعة تخصه صلى الله عليه وعلى اله وسلم ليس يشاركه فيها احد من الخلق فهي الشفاعات الخاصة به صلى الله عليه وسلم التي ميزه الله تعالى بها وبوأه اياها سبحانه وبحمده والقسم الثاني من الشفاعات الشفاعات التي يشترك فيها معه بقية الشافعين ممن يأذن الله تعالى له بالشفاعة من الملائكة والمرسلين الصديقين والشهداء والصالحين. فهذا القسم الثاني من اقسام شفاعات النبي صلى الله عليه وسلم وهو الشفاعة التي يشاركه فيها غيره. بدأ المؤلف رحمه الله بذكر الشفاعات الخاصة به صلى الله عليه وعلى اله وسلم وهي الشفاعات التي خص بها فظله الله تعالى بها ميزه الله تعالى بها فلم يكن له فيها مشارك كما ان الله من على رسوله بان من ميزه في الشفاعات المشتركة التي يشاركه فيها غيره من الملائكة والنبيين والصديقين والشهداء والصالحين. وذلك ان نصيبه صلى الله عليه وسلم من الشفاعة في هذه الشفاعة المشتركة التي يشاركه فيها من يشاركه نصيبه اوفر واعلى من غيره فهو اكثر الناس شافعا يوم القيامة في جماعته الخاصة وفي شفاعته المشتركة مع غيره صلى الله عليه وعلى اله وسلم. وهذا من تخصيص الله تعالى له وقد اجمع العلماء اجمع المسلمون على الشفاعة العظمى. وهي الشفاعة التي تكون لفصل القضاء ولذلك لم تكثر الاحاديث بيانها وذكرها لاجماع العلماء على اثباتها فلا يخالف في ذلك احد بل كل الطوائف التي تنكر بقية الشفاعات تفسر ما جاء من شفاعة النبي صلى الله عليه وسلم بالشفاعة العظمى. وهذا قصور فيما اثبته الله تعالى من الشفاعة في النصوص للنبي صلى الله عليه وسلم. وليعلم ان الشفاعة الثابتة له فظل من الله عليه. صلى الله عليه وسلم فالشفاعة لله كما قال تعالى قل لله الشفاعة جميعا فلا تطلب الشفاعة من غيره جل في علاه سبحانه وبحمده ولهذا من يطلب الشفاعة من النبي صلى الله عليه وسلم بالدعاء والسؤال يطلب ممن لا يملك ان ان يعطيها او ان يهبها فالنبي صلى الله عليه وسلم لا تسألوا منه الشفاعة فلا يقال اشفع لي يا رسول الله. ولا يقال المدد يا رسول الله فكل هذا من الشرك بالله عز وجل. الذي وقع فيه المشركون الاوائل حيث قال الله تعالى في بيان سبب شرك المشركين ما نعبدهم الا ليقربونا الى الله زلفى وقد انكر الله تعالى ذلك انكارا بينا واخبر بانه لا تنفع الشفاعة عنده الا باذنه فلا بد ان يأذن في الشفاعة ولابد ان يرظى عن الشافع ولا بد ان يرظى عن المشفوع فيه. وكم من ملك في السماوات لا تغني شفاعتهم شيئا الا من بعد ان يأذن الله لمن يشاء ويرضى فهي فظل وعطاؤه ومنته التي يتفضل بها على من يشاء من عباده يكرم بها الشافع ويكرم بها المشفوع رحمة يخلصه من الشر والسوء واصل الشفاعة التوسط في جلب النفع والتخليص من البلاء. هذا معناها في اللغة العربية التوسط في جل بنفع او تخليص من بلاء وهي جعل الفرد زوجا حيث يكون الراغب في ادراك الخير فردا تاء يجمع معه الشافع الذي يبلغه ذلك وساطته او يخلص بها مما يكره من البلاء الذي نزل به او تهدد اما تفصيل هذه الشفاعات الثلاث الثابتة للنبي صلى الله عليه وسلم والخاصة به فقد فقد قال فيها المؤلف رحمه الله وبدأ واجلها واكثرها ثبوتا في الكتاب والسنة قال رحمه الله اما الشفاعة الاولى فيشفع في اهل الموقف حتى يقضى بينهم بعد ان تتراجع الانبياء ادم ونوح وابراهيم وموسى وعيسى ابن مريم عن الشفاعة حتى تنتهي اليه. هذه اولى الشفاعات الثلاث التي ذكرها المؤلف. وهي شفاعته صلى الله عليه وسلم للانس والجن فيما مجيء الرب لفصل القضاء. وبدأ بها لانها اعم الشفاعات نفعا. وهي ثابتة بالكتاب وهي ثابتة باجماع المسلمين لم يخالف فيها احد من اهل القبلة. فالاحاديث المستفيضة عن النبي صلى الله عليه وسلم في الشفاعة فيها استشفاع اهل الموقف ليقضى بينهم وفيهم المؤمن والكافر وهذا فيه نوع شفاعة للكفار الا انه في كل الشفاعات لا يشفع احد حتى يأذن الله ويحد له حدا. كما في الحديث الصحيح حديث الشفاعة انهم يأتون ادم ثم نوحا ثم ابراهيم ثم موسى ثم عيسى فيقول لهم عيسى اذهبوا الى محمد فانه عبد غفر الله له ما تقدم من من ذنبه وما تأخر قال فيأتوني فاذهب فاذا رأيت ربي خررت له ساجدا. فاحمد تربي بمحامد يفتحها علي لا احسنها الان. فيقول اي محمد ارفع رأسك وقلت اسمع واشفع فاقول اي ربي امتي فيحد لي حدا فادخلهم الجنة. ثم انطلق فيحد لي حدا ذكر هذا ثلاث مرات. وهذه الشفاعة هي المقام المحمود الذي اختص الله به محمدا صلى الله عليه وسلم فان تأخر الانبياء ادم ومن بعده عن الشفاعة لم يكن لنقص عما كانوا عليه. بل لما علموه من عظمة المقام المحمود الذي يستدعي مغفرة الله للعبد وكمال عبودية العبد لله ما اختص الله به من غفر الله له ما تقدم من ذنبه وما اخر ولهذا قال المسيح اذهبوا الى محمد عبد غفر الله له ما تقدم من ذنبه وما تأخر اخر فانه اذا غفر له ما تأخر لم يخف ان يلام اذا ذهب الى ربه ليشفع هذه هي الشفاعة الاولى التي خص الله تعالى بها الرسول الكريم محمد ابن عبد الله صلى الله عليه وسلم وهي شفاعته في فصل القضاء اي شفاعته عند الله عز وجل ان يأتي جل في علاه ليحكم بين اسفي يوم عظيم شديد الكرب. يبلغ به يبلغ الاذى بين الناس. يبلغ الاذى من الناس عظيما فيذهبون الى ادم ثم الى نوح ثم الى ابراهيم ثم الى موسى ثم الى عيسى الجميع يعتذر بذنب او بنوع من التقصير فيما يرى الا عيسى ابن مريم عليه السلام فانه لا يذكر ذنبا لكنه يذكر موجبا لتحويلهم الى النبي صلى الله عليه وسلم وسببا من اسباب تأخره عن الشفاعة للناس في ذلك اليوم فيقول اذهبوا يا محمد عبد غفر الله له ما تقدم من ذنبه وما تأخر وهذا هو المقام المحمود الذي يسأله اهل الايمان لسيد الانام صلوات الله وسلامه عليه عند كل اذان وهو من رفع ذكره صلى الله عليه وسلم فقد جاء في الصحيحين من حديث محمد بن المنكدر عن جابر بن عبدالله رضي الله تعالى عنه ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال من قال حين يسمع النداء اللهم رب هذه الدعوة التامة والصلاة القائمة ات محمدا الوسيلة والفضيلة وابعثه مقاما محمودا الذي وعدته حلت له شفاعتي يوم القيامة. فالمقام المحمود الذي اعطيه صلى الله عليه وسلم هو قيامه بين يدي ربه لفصل القضاء بين الخلق فيأتي رسول الله صلى الله عليه وسلم ويسأل الله عز وجل من فضله على نحو ما وصفت الاحاديث يأتون يأتي يأتي فيسجد لا يبادر بالشفاعة لانه لا يتمكن منها الا باذن الله من ذا الذي يشفع عنده الا باذنه اسجد فيقال له ارفع رأسك واسمع وقل يسمع واشفع تشفع فيشفع عند الله في ان يأتي جل في علاه ليفصل بين الناس ويخلص الناس من شدة الكرب في ذلك اليوم الذي تدنو فيه الشمس من رؤوس الخلائق. وهذه منزلة عظمى تأخر عنها الخلق كلهم وبوأها الله عز وجل سيد الورى محمد بن عبدالله صلى الله عليه وسلم يقول انا لها انا لها بما اطلعه الله تعالى عليه من تقدمه للشفاعة بين للشفاعة بين يديه جل وعلا في فصل القضاء. هذا النوع الاول من انواع الشفاعة. الخاصة بالنبي صلى الله عليه وسلم