قال رحمه الله تعالى اعلم هديت انه جاء الخبر عن النبي المقتفى خير البشر بان للامة سوف تفترق بضعا اعتقادا والمحق ما كان في نهج النبي المصطفى وصحبه من غير زيغ وجفى وليس هذا النص جزما يعتبر بفرقة الا على اهل الاثر فاثبتوا النصوص بالتنزيه الحمد لله حمدا كثيرا طيبا مباركا فيه كما يحب ربنا ويرضى احمده حق حمده واصلي واسلم على المبعوث رحمة للعالمين نبينا محمد وعلى اله واصحابه اجمعين اما بعد هذا الفصل هو اول ما ذكره المصنف رحمه الله من مسائل الاعتقاد بهذه المنظومة وقد تقدم ان المصنف الشيخ محمد ابن احمد السفاريني رحمه الله قد جعل هذا النظم على نحو ما ذكر في مقدمة وست ابواب وخاتمة وهذا هو اول الابواب وقد ذكر فيه رحمه الله الاصل الجامع الذي بنى عليه هذا الاعتقاد فبعد ان ذكر في ختم مقدمته اعتماده على ما نقل عن الامام احمد رحمه الله جاء مفصلا حيث قال في المقدمة على اعتقاد للسداد الحنبلي امام اهل الحق ذي القدر العلي حبر الملا فرد العلا الرباني رب الحجامة حد جى الشيباني فانه امام اهل الاثر فمن منحاه فهو الاثري هذا بيان مجمل ان هذه العقيدة عقيدة جارية على ما كان عليه الامام احمد لكن لا يكفي هذا في بيان اصول هذا الاعتقاد ففي اول ذكره للاعتقاد ذكر الاصل الذي يبنى عليه هذا الباب وهو اعتقاد اهل السنة والجماعة فهذا بيان لعقد احمد الذي سار عليه المصنف رحمه الله وهذا هو اصل الاصول في الاعتقاد ولذلك في بدايته لفت الانظار الى اهمية ما سيقول بطلب العلم. قال اعلم وطلب العلم في كلام المتكلمين انما يكونوا فيما هو من مهمات العلم واصوله وما تدعو الحاجة الى معرفته ولذلك اذا تتبعت ذلك في كتاب الله وجدته على هذا النحو فانه لا يأتي الامر لا يأتي الامر بالعلم الا فيما يضطر الى علمه او تقتضي الحاجة معرفته قال الله تعالى فاعلم انه لا اله الا الله واستغفر لذنبك وقال جل وعلا فاعلموا ان ما غنمتم من شيء فان لله خمسا في سورة الانفال التي قظى الله تعالى فيها ما اشكل على الصحابة في شأن الغنائم يسألونك عن الانفال قل قل الانفال لله والرسول وكذلك في سائر الكلام اعلم يؤتى بها للفت الانتباه الى مهمات العلم وقد عطف المؤلف رحمه الله على طلب العلم بقوله اعلم دعاء للمتعلم قال هديت اعلم هديت ايها القارئ ايها السامع ايها المطالع لهذا النظم ادرك هذا الذي ساقوله فان قوله مشفوع بطلب الهداية لك وقوله هديت اي ارشدت ودللت ووفقت الى الخير الهداية هنا تشمل النوعين هداية الدلالة والارشاد والبيان والايظاح وهداية التوفيق والالهام والعمل بداية التوفيق والالهام والعمل حيث قال اعلم هديت اي وفقت الى الهدى والهمته فكل من سأل الهداية ينبغي ان يستحضر هذين المعنيين المعنى الاول هداية الدلالة والارشاد التي يتبين بها الحق ويتضح والنوع الثاني بداية التوفيق والعمل التي يحصل بها المطلوب ويسلك بها السبيل المرغوب ويصل بها الانسان الى ما يؤمله من خير اعلم هديت انه جاء الخبر هذا المعلوم الذي طلب علمه وقوله جاء الخبر اي وصل القول المنقول عن النبي المقتفى خير البشر فعلم ان الخبر هنا المراد به قول النبي صلى الله عليه وسلم فالخبر يطلق ويراد به النبأ وهو شامل لكل ما ينقل سواء كان عن النبي صلى الله عليه وسلم او عن السلف الصالح من الصحابة والتابعين وتابعيهم ومن بعدهم فالخبر شامل لهذا كله لكن لما قال عن النبي علم ان الخبر المقصود به الحديث والخبر عن النبي صلى الله عليه وسلم وما جاء عنه من قول او فعل او تقرير. والمقصود به هنا ما جاء عنه من قول لانه اخبار والخبر ان شاء انشاء قول يحتمل التصديق والتكبير الخبر هو ما احتمل الصدق والكذب من الاقوال فالمقصود به حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم وما تكلم به وما نقل عنه وهذا وحي يجب لزومه قال الله تعالى وما ينطق عن الهوى ان هو الا وحي يوحى وقال الله جل وعلا ما اتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا والدلائل على وجوب لزوم خبره وقوله صلى الله عليه وسلم في الجملة كثيرة متعددة وقوله عن النبي النبي مأخوذ اما من النبوة وهي الارتفاع والعلو واما من النبوءة وهي الخبر والاعلام وكلاهما صادق فالنبي ذو ذو قدر علي رفيع والنبي ينبئ ويخبر بما فيه صلاح معاش الناس ومعادهم. يخبر عن الله عز وجل والمراد بالنبي هنا محمد ابن عبد الله صلوات الله وسلامه عليه فالاف واللام هنا للعهد الذهني لانه لم يتقدم ذكر له صلى الله عليه وسلم قريب وقد ذكر وقد ذكر في اول النظم في الصلاة عليه صلى الله عليه وسلم عندما افتتح المصنف رحمه الله منظومته بحمد الله والثناء عليه ثم قال ثم الصلاة والسلام ابدا على النبي المصطفى كنز الهدى لكن حتى هناك لم يبين من هو صلى الله عليه وسلم انما ذكره بالوصف لم يذكره بالاسم انما ذكره بالوصف صلى الله عليه وعلى اله وسلم وهنا يمكن ان يقال ان قوله رحمه الله عن النبي ان ان الالف واللام هنا للعهد الذهني ويمكن ان يقال للعهد الذكري وهو النبي الذي صلى عليه في مقدم حديثه احتمل هذا ويحتمل هذا وكلاهما قريب. والمقصود انه ذكر النبي محمدا صلى الله عليه وسلم بوصفه قال المقتفى اي المتبع من قفى الشئ اذا اتبعه وثار وراءه مشى على خطاه وسم وسمي المتبع مقتفى لانه يسير على اثره الذي يكون في قفاه وهو مواضع اقدامه وراءه وذاك سمي المقتفى اي المتبع والمقتفى هنا هو النبي صلى الله عليه وسلم لانه الذي يجب اقتفاؤه على وجه الاجمال قال الله تعالى لقد كان لكم في رسول الله اسوة حسنة والاسوة هو المتبع المقتدى به المؤتساة به المعمول بعمله المأخوذ بقوله المرتسم حاله صلوات الله وسلامه عليه اللهم صلي على محمد وقوله خير البشر هذا وصف مميز لان النبوة وصف يشترك مع النبي صلى الله عليه وسلم في فيه غيره من سائر النبيين وكذلك الاقتفاء وهو الاتباع يشترك فيه معه غيره. قال الله تعالى وما ارسلنا من رسول الا ليطاع باذن الله والطاعة اقتفاء واتباع والتزام لكن لكن قوله رحمه الله خير البشر هذا وصف مميز للنبي صلى الله عليه وسلم فانه خير البشر وهنا المصنف رحمه الله قيد الخيرية للبشر وقال خير البشر اي اخير البشر فخير اسم تفضيل حذف اوله لكثرة الاستعمال تسهيلا والا اصلها اصل الكلمة اخير البشر اي اعظمهم خيرا واكثرهم خيرا والبشر هم بنو ادم وسموا بهذا لانه يعلم حالهم من ابشارهم في السرور الحزن وسائر ما يكون من احوالهم وخيرية النبي صلى الله عليه وسلم على البشر ثابتة بالاتفاق دل عليها كتاب الله عز وجل وسنة رسوله صلوات الله وسلامه عليه. اما كتاب الله فدلائل ذلك كثيرة من اعظمها قوله انا اعطيناك الكوثر الخير الكثير الذي سبق به الاولين والاخرين ومن دلائل خيريته تقديمه في الذكر صلوات الله وسلامه عليه مع تأخره في الزمن وذلك في قول الله تعالى ولقد اخذنا من النبيين ميثاقهم من النبيين على وجه العموم والاجمال فهذا مشترك لهم جميعا لكنه قدمه فقال ومنك مع انه المتأخر زمانا لكنه المقدم مقاما صلوات الله وسلامه عليه ومنك ومن نوح وابراهيم وموسى وعيسى ابن مريم واخذنا منهم ميثاقا غليظا وهؤلاء هم اولو العزم من الرسل صلوات الله وسلامه عليه وانما نص عليهم لجليل قدرهم ورفيع منزلتهم وعظيم مكانتهم صلى الله عليهم وعلى جميع الانبياء والمرسلين فهذه بعض الدلائل بعض الدلائل الدالة على تقدمه صلوات الله وسلامه عليه على جميع البشر ومن دلائل تقدمه على جميع البشر عموم رسالته وختم النبوات به ويمكن ان يساق في هذا ادلة كثيرة نقتصر على ذلك وقد جاء النص على ذلك في سنة النبي صلوات الله وسلامه عليه وقد قال كما في الصحيح انا سيد ولد ادم ولا فخر والحديث ثابت في صحيح الامام مسلم انا سيد ولد ادم والسيادة هنا هي رفعة المقام وعلو المنزلة واجتماع الفضائل لان السيادة في الشيء هي اجتماع كل فظل في الجنس فلا يسود شيء جنسا الا وقد اجتمع فيه موجبات المدح والفظل النبي صلى الله عليه وسلم سيد ولد ادم لما جمع الله تعالى له من الفضائل التي تفرقت فيما سواه ولهذا سمي قول اللهم انت ربي لا اله الا انت خلقتني وانا عبدك وانا على عهدك ووعدك ما استطعت اعوذ بك من شر ما صنعت ابوء لك بنعمتك علي وابوء بذنبي فاغفر لي فانه لا يغفر الذنوب سمي سيد الاستغفار لماذا لانه جمع اكمل الصيغ والادعية و الاساليب التي يحصل بها الاستغفار لذلك سمي سيد الاستغفار فهو الجامع لكل ما في صيغ الاستغفار من خير والجمعة ايضا جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم انه سماه سيد الايام. انه سماه سيد الايام. لماذا؟ لانه جمع الفضائل المتفرقة في سائر الايام فهو خير يوم طلعت فيه الشمس فهو سيد ولد ادم لانه خيرهم واعلاهم منزلة طيب لماذا قال صلوات الله صلوات الله وسلامه عليه؟ انا سيد ولد ادم يوم القيامة ولم يقل في الدنيا سيادته في القيامة الذي هو يوم الجزاء والحساب يدل على سيادته في الدنيا هذا واحد هذا وجه والوجه الثاني انه في الدنيا البشر متفرقون زمانا ومكانا لا يجمعهم مكان وبالتالي لا يظهر فضل بعضهم على بعض كل احد فالذين جاءوا في زمن موسى وعيسى والنبيين من قبل لم يظهر لهم عظيم الفضل الذي تبوأه رسول الله صلوات الله وسلامه عليه لكن في يوم القيامة يجتمع الناس في مكان واحد وفي زمان واحد وعلى حال واحدة حفاة عراة غرلا يزور كل ما يكون من التميز. بين البشر لا في الانساب ولا في الاجناس ولا في الاشكال والصور ولا في الخول واللباس ليس لهم ميزة لا يتميز بعضهم على بعض انما التميز بصالح العمل هنا يتبين جليا عظيم مكانته ورفيع منزلته. يشهد لهذا ما في الصحيحين من حديث الشفاعة العظمى حيث يأتي الناس الى ادم صلوات الله وسلامه عليه يطلبون منه الشفاعة عند رب العالمين فيعتذر اوحيلهم الى نوح اول رسول ثم يعتذر فيحيلهم الى ابراهيم خليل الرحمن فيعتذر ثم يحيلهم الى موسى الذي آآ كلمه الله تعالى وكتب له الالواح بيده ثم يحيلهم الى عيسى رح الله وكلمته القاها الى مريم فيعتذر ثم يحيلهم عيسى الى النبي محمد صلى الله عليه وسلم فيقول انا لها انا لها صلوات الله وسلامه عليه فتظهر منزلته ورفيع مكانته وعظيم جاهه للبشر كلهم في ذلك الموقف العظيم ولذلك قال انا سيد ولد ادم يوم القيامة وهو سيد ولد ادم صلوات الله وسلامه عليه يوم القيامة وسيد ولد ادم في الدنيا فهو سيد الاولين والاخرين صلوات الله وسلامه عليه ولا خلاف بين العلماء في هذا هل يوصف صلوات الله وسلامه عليه بانه سيد الخلق من اهل العلم من يقول لم يرد بذلك دليل والصواب انه قد جاء به الدليل واجمعت عليه الامة الاجماع منعقد على ان النبي صلى الله عليه وسلم سيد الخلق سيد الخلق سواء من الانس او الجن او الملائكة او غيرهم من الخلائق فقد بوأه الله منزلة عليا ومكانة سامية صلى الله عليه وعلى اله وسلم دليل ذلك ما جاء في صحيح الامام مسلم من حديث عمر انه من من من قصة دخول عمر الحديث فيما اذكر عن ابن عباس ان عمر دخل على النبي صلى الله عليه وسلم فراه على حال من قلة ذات اليد ما ابكاه فقال له بسياق حديثه مع النبي صلى الله عليه وسلم قال عمر للنبي صلى الله عليه وسلم يا رسول الله هذا انت رسول الله وصفوته من خلقه. الصفوة هو الخيرة هو المصطفى هو المختار فقول صفوته من خلقه اي من سائر من خلق ويحتمل ان يكون من خلقه اي من البشر لان المقارنة كانت بين حاله صلوات الله وسلامه عليه وحال امثاله من اهل الدنيا كحال ما اه كسرى وقيصر لكن فيما يظهر ان العموم متوجه وقد حكى الاجماع على ذلك على انه سيد الخلق جميعا جمع من اهل العلم وجرى ذلك على السنتهم وفي وفي كتاباتهم دون نكير فذكره رحمه الله لهذا الوصف هنا بقول خير البشر اما لكون هذا المتسق مع الروي حيث قال اعلم هديت انه جاء الخبر عن النبي المصطفى خير البشر حتى يتفق الروي النظم فجاء به موافقا للشطر الاول من الظرورات الرجز ان يتفق الشطران في الخاتمة ولهذا عدوا كل شطر بيتا عدوا كل شطر بيتا فقوله اعلم هديت آآ ان انه قد انه جاء الخبر عن النبي المقتفى خير البشر كم بيت بيتان وهما في غالب عد الناس بيتا واحدا وهما في غالب عد الناس يعتبران بيتا واحدا لكن عند اهل العروب يعدونهما بيتين ولذلك تلاحظ ان الروي فيهما متفق مع انه لا يشترط في الرجز الرجز ان تتفق القوافي فلكل بيت لكل بيت قافية. فهنا قافيته الراء اعلم هديت انه جاء الخبر عن النبي المكتفى خير البشر والبيت الذي هي ليه؟ لان ذي الامة سوف تفترق بضعا وسبعين اعتقادا والمحق فالقاف قافلتها قاف خلاف بقية بحور الشعر فانه تلزم قافلة واحدة المقصود ان قوله رحمه الله خير البشر اما لاجل او فيما يظهر انه لاجل اتساق الروي. اه لاجل النظم قال رحمه الله بان ذي الامة سوف تفترق بضعا وسبعين اعتقادا والمحق بان ذي الامة هذا هو الخبر هذا الخبر قد صاغه نظما والخبر هو افتراق الامة الى ثلاث وسبعين فرقة قال بان ذي الامة ذي اسم ايش اسمي شهرة بمعنى هذه قوله آآ بان ذي الامة اي هذه الامة. والامة هنا المقصود بها امة الاتباع او الاجابة المقصود بها هنا امة الاجابة لان الامة تطلق على ثلاث معاني قوله رحمه الله بان ذي الامة الامة هنا المقصود بها امة الاجابة. فالامة تطلق ويراد بها امة الاتباع ويطلق بها ويطلق ويراد بها امة الاجابة ويطلق ويراد بها امة الدعوة امة الدعوة وبينهما فروق نقف على هذا ونكمل ان شاء الله في الدرس القادم