بزيادة فيها سواء كان ذلك في الاعمال او كان ذلك في العقائد فلا فرق بين الغلو في القول والغلو في العمل من حيث النهي وان كان الغلو في الاعتقاد اخطر عاقبة بانواع من الصد الظاهر والباطن ولا هناك طريق يوصل الى الله تعالى الا وهو قاعد عليه. يصرف الناس عنه ويصد عن سبيل الله. ولا هناك طريق من طرق الشر والفساد لما ابى التبري من ابي بكر وعمر فرفضوه فقال رفضتموني ثم سموا رافضة هكذا كان منشأ تسمية هؤلاء بهذا الوصف الذي التصق بهم في كلام اهل العلم من اهل السنة على مر العصور احمده سبحانه واثني عليه الخير كله واشهد ان لا اله الا الله اله الاولين والاخرين واشهد ان محمدا عبد الله ورسوله وصفيه وخليله وخيرته من خلقه صلى الله عليه وعلى اله واصحابه ومن اتبع سنته باحسان الى يوم الدين. اما بعد ذلك قال رحمه الله وقد يروي كثير من الناس في الصفات وسائر ابواب قاداتي وعامتي ابواب الدين احاديث تكون مكذوبة ايوة ليست بثابتة عن النبي صلى الله عليه وسلم بل هي منسوبة اليه موضوعة عليه وليست من قوله. مكذوبة موظوعة على رسول الله صلى الله عليه وسلم وهي على قسمين منها وقد يروي كثير من الناس في الصفات وسائر ابواب الاعتقادات وعامة ابواب الدين احاديث كثيرة تكون مكذوبة موضوعة على رسول الله صلى الله عليه وسلم. وهي قسمان منها ما يكون كلاما لا يجوز ان يقال فضلا عن ان يضاف الى النبي صلى الله عليه وسلم. والقسم الثاني من الكلام ما يكون قد قاله بعض السلف او وبعض العلماء او بعض الناس ويكون حقا. او مما يسوء فيه الاجتهاد. او مذهبا لقائله. فيعزى الى النبي صلى الله عليه وسلم. وهذا كثير عند من لا يعرف الحديث. مثل المسائل التي وضعها الشيخ ابو الفرج عبدالواحد ابن محمد ابن الانصاري وجعلها محنة يفرق فيها بين السني والبدعي. وهي مسائل معروفة بعض الكذابين وجعل لها اسنادا الى رسول الله صلى الله عليه وسلم. وجعلها من كلامه. وهذا يعلمه ومن له ادنى معرفة انه مكذوب مفترى وهذه المسائل وان كان غالبها موافقا لاصول السنة. ففيها ما اذا خالفه الانسان لم يحكم بانه مثل اول نعمة انعم بها على عبده فان هذه المسألة فيها نزاع بين اهل السنة والنزاع فيها لفظي لان مبناها على ان اللذة التي يعقبها الم هل تسمى نعمة ام لا؟ وفيها ايضا اشياء ومرجوحة فالواجب ان يفرق بين الحديث الصحيح والحديث الكذب فان السنة هي الحق دون الباطل وهي الاحاديث حديث الصحيحة دون الموضوعة فهذا اصل عظيم لاهل الاسلام عموما ولمن يدعي السنة خصوصا قال المؤلف رحمه الله في ختام هذا الفصل بعد ان بين كيف تعرف سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ نبه الى امر مهم وهو وجوب العناية بتمييز الصحيح من غيره مما ينسب الى النبي صلى الله عليه وعلى اله وسلم لان ذلك مما يجتنب به الانسان الوقوع في الخطأ والضلال طيب قال رحمه الله والله تعالى ما امر عباده بامر الا اعترض الشيطان فيه بامرين لا يبالي بايهما اما افراط فيه واما تفريط فيه واذا كان الاسلام الذي هو دين الله لا يقبل من احد سواه. قد اعترض الشيطان كثيرا ممن ينتسب اليه حتى اخرجه عن كثير من شرائعه. بل اخرج طوائف من اعبد هذه الامة واورعها عنه. حتى مرقوا منه كما السهم من الرمية وامر النبي صلى الله عليه وسلم بقتال المارقين منه. فثبت عنه في الصحاح وغيرها من روايات امير المؤمنين علي ابن ابي طالب وابي سعيد الخدري وسهل ابن حنيف وابي ذر الغفاري وسعد بن ابي وقاص وعبدالله بن عمر وابن مسعود رضي الله عنهم وغير هؤلاء ان النبي صلى الله عليه وسلم ذكر الخوارج فقال يحقر احدكم صلاته مع صلاتهم وصيامه مع صيامهم وقراءته مع قراءتهم يقرأون القرآن لا يجاوز حناجرهم يمرقون من الاسلام كما يمرق السهم من الرمية اينما لقيتموهم فاقتلوهم او فقاتلوهم. فان في قتلهم اجرا عند الله لمن قتلهم يوم القيامة لئن ادركتهم لاقتلنهم قتل عاد. وفي رواية شر قتيل تحت اديم السماء خير قتيل من قتلوه. وفي رواية لو يعلم الذين يقاتلونهم ما زوي لهم على لسان محمد صلى الله عليه وسلم لنكلوا عن العمل. وهؤلاء لما خرجوا في خلافة امير المؤمنين علي ابن ابي طالب رضي الله عنه قاتلهم هو واصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم بامر النبي صلى الله عليه وسلم وتحضيضه على قتاله واتفقا على قتالهم جميع ائمة الاسلام. وهكذا كل من فارق جماعة المسلمين وخرج عن سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم وشريعته من اهل الاهواء المضلة والبدع المخالفة. ولهذا قاتل المسلمون ايضا حفظ الذين هم شر من هؤلاء وهم الذين يكفرون جماهير المسلمين مثل الخلفاء الثلاثة وغيرهم ويزعمون انهم هم المؤمنون ومن سواهم كافر ويكفرون من يقول ان الله يرى في الاخرة. الله اكبر. او يؤمن بصفات الله وقدرته الكاملة ومشيئته الشاملة ويكفرون من خالفهم في بدعهم التي هم عليها فانهم يمسحون القدمين ولا يمسحون على الخف. ويؤخرون الفطور والصلاة الى طلوع النجم. ويجمعون بين الصلاتين من من غير عذر ويقنتون في الصلوات الخمس ويحرمون الفقاع وذبائح اهل الكتاب وذبائح من خالفهم من المسلمين لانهم عندهم كفار. ويقولون على الصحابة رضي الله عنهم اقوالا عظيمة. لا حاجة الى ذكرها هنا الى اشياء اخر فقاتلهم المسلمون بامر الله ورسوله. فاذا كان على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم وخلفائه راشدين قد انتسب الى الاسلام من مرق منه مع عبادته العظيمة حتى امر النبي صلى الله عليه وسلم بقتالهم في علم ان المنتسب الى الاسلام او السنة في هذه الازمان قد يمرق ايضا من الاسلام والسنة. حتى يدعي السنة من ليس من اهلها بل قد مرق منها. وذلك باسباب. طيب المؤلف رحمه الله في هذا الفصل وجه النصيحة لجماعة الشيخ عدي بن مسافر ببيان وسطية اهل السنة والجماعة. وقد تقدم ذكر ذلك تفصيلا في ما تقدم من هذه الرسالة المباركة. الا ان الشيخ رحمه الله في هذا الفصل بين ما عليه حال الناس عموما من حيث سلوكهم فيما امر الله تعالى ثلاثة مسالك. المسلك الاول الصراط المستقيم وهو قصد السبيل الذي يصدق عليه قول الله جل وعلا وكذلك جعلناكم امة وسط لتكونوا شهداء على الناس ويكون الرسول عليكم شهيدا. فهو مسلك الوسط الذين قال عنهم علي ابن ابي طالب رضي الله عنه ان الاوسط الطريق المستقيم هم الخيار الذين لم يسلكوا افراطا ولا تفريطا. والقسم الثاني هم الذين افرطوا فزادوا وغلوا واشتدوا واشتطوا. والقسم الثاني هم الذين فرطوا وقصروا بالقصور عن الحق في القول او العمل يقول المؤلف رحمه الله وقد تقدم ان دين الله وسط بين الغالي فيه والجافي عنه الغالي الذي يزيد فيه غلو والجافي عنه الذي ينقص عنه بقصور وتفريط والله ما امر عباده بامر الا اعترض الشيطان فيه بامرين. هذا من كلام بعض السلف انه ما من امر امر الله تعالى به الا وللشيطان فيه نزغتان اما بافراط واما بتفريط اما بغلو واما جفاء يقول رحمه الله والله ما امر عباده بامر الا اعترظ الشيطان فيه بامرين لا يبالي بايهما ظفر يعني لا يهمه ايهما اصاب اما افراط في ايه؟ وهو الزيادة والمجاوزة والخروج عن الاعتدال التنطع والتعمق او تفريط وهو القصور وعدم القيام بما اوجب فيما امر. وهذا هو الذي ذكره الله تعالى في كتابه عن عمل الشيطان في مثل قوله تعالى فبما اغويتني لاقعدن لهم صراطك المستقيم. ثم لاتينهم من بين ايديهم ومن خلفهم وعن ايمانهم وعن شمائلهم ولا تجد اكثرهم شاكرين وقد ذكر الشيطان محاصرته الانسان من كل سبيل ومن كل طريق لاتينه من بين ايديهم يعني من امامهم ومن خلفهم وعن ايمانهم وعن شمائلهم والعاقبة لهذا الكيد خروجهم عن التعبد ولذلك قال ولا تجد اكثرهم شاكرين اي عابدين. فالشكر هنا بمعنى العبادة. فهو يخرجهم عن الطريق المستقيم. ومجيئه من الامام ومن الخلف ومن اليمين ومن اليسار. هذه طرقه التي يدخل بها على الانسان. وقد ذكر بعض اهل التفسير انه يأتيهم من الامام فيصدهم عن الطاعة. ويأتيهم من الخلف فيدفعهم الى المعصية يأتيهم عن اليمين فيقعد بهمهم عن سلوك الصراط المستقيم وعلى اليسار ينشطهم على المعصية هكذا ذكر بعض اهل التفسير من السلف ومن بعدهم والامر كذلك واشد فالشيطان ما ترك سبيلا من السبل الموصلة الى الله تعالى الا وصد عنها الا وقد رفع رايته عنده يدعو اليه ويزينه ويحث الناس على سلوكه. والشيطان لا يهمه ما الذي منع الظلال التي يقع فيها الانسان هل هي زيادة او قصور؟ المهم ان يخرج عن هذه الجادة كيفما كانت هذه المخارج وكيف ما كان هذا الانحراف بزيادة او بنقص ولذلك قال لا يبالي بايهما ظفر اي حصل اما افراط فيه واما تفريط فيه. يقول فاذا كان الاسلام الذي هو دين الله الذي لا يقبل الله من احد سواه. فقد اعترظ كثيرا ممن ينتسب اليه حتى اخرجه عن كثير من شرائعه. المؤلف الان يبين تطبيق هذه القاعدة على الدين كله الاسلام بعقائده واعماله باصوله وفروعه الشيطان جاء الناس بكل ما يصدهم عن هذا الدين الذي لا يقبل الله سواه والذي هو مفتاح الجنة ونجاة الخلق في الدنيا والاخرة. ومن يبتغي الاسلام دينا فلا يقبل منه. ان الدين عند الله الاسلام. يقول فقد اعترض الشيطان كثيرا ممن ينتسب اليه يعني الى الاسلام حتى اخرجه عن كثير من شرائعه اي احكامه وما جاء به. يقول بل اخرج طوائف من اعبد لهذه الامة واوراعها عنه سبحان الله. اخرج طوائف اي جماعات من اعبد هذه الامة قياما احكامه وعملا بشرائعه واوراعهم اي ومن اشدهم ورعا وهو ترك ما تخشى وتخاف عاقبته في الاخرة فالورع هو ترك ما تخشى وتخاف عاقبته في الاخرة. ثم قال حتى مرقوا منه كما يمرق السهم من الرمي وهذا بيان عظيم انحرافهم وشدة خروجهم عن هذا الدين حتى البهم الامر ان مرقوا والمروء سرعة المرور والخروج من الشيء كما يمرق السهم من الرميع يعني كما ينفذ السهم المنطلق الشديد الدفع في الصيد الذي رميته اليه وامر بقتال المارقين منه. النبي صلى الله عليه وسلم امر بقتال المارقين منه. فثبت عنه في الصحيح وغيره من رواية علي وابي سعيد وسهل ابن حنيف وابي ذر وسعد ابن ابي وقاص وعبدالله ابن عمر وابن مسعود وغير هؤلاء رضي الله عنهم ان النبي صلى الله عليه وسلم ذكر المؤلف يذكر شيئا من تلاعب الشيطان بمن انتسب الى هذا الدين. كيف كان تسلطه عليهم سطوته في اظلالهم ان بلغ بهم هذا الحد في سرعة الخروج عن الدين. وما هو الموقف من هؤلاء؟ وهذا فيه التحذير لهؤلاء الذين كتب اليهم الشيخ رحمه الله ان يتلاعب بهم الشيطان او ان يخرجه وذكره للعبادة والورع لان هذه الطائفة امتازت بكثرة التعبد وعظيم الورع فبين ان التعبد والورع ليس كافيا في الشهادة للانسان انه على صراط مستقيم وعلى طريق قويم بل لا بد ان ينظر فيما هو فيه من عمل سنة النبي صلى الله عليه وعلى اله وسلم. وينظر هديه ويلتزم شرعه فانه بذلك يكمل له السلوك لهذا الطريق القويم فيما ذكره النبي صلى الله عليه وسلم من انحراف هؤلاء وما الموقف منهم؟ قال النبي صلى الله عليه وسلم يحقر احدكم صلاته مع وصيامه مع صيامهم وقراءته مع قراءتهم. الله اكبر هذا وصف وتزكية فمن النبي صلى الله عليه وسلم لحسن عمل هؤلاء يحقر اي يقل في عينه وينزل في نظره عمله في مقابل عمله هؤلاء صلاته في مقابل صلاتهم ينزل في نظره صيامه في مقابل صيامهم قراءته في مقابل قراءتهم ولذلك يقول يحقر احدكم صلاته مع صلاتهم وصيامه مع صيامهم وقراءته مع قراءتهم. ومن المخاطب بهذا الكلام؟ انا وانت لا. المخاطب بهذا صحابة رسول الله الذين هم خير القرون كما قال النبي صلى الله عليه وعلى اله وسلم فيما رواه في الصحيح من حديث عمران ابن حصين وكذلك من حديث ابن مسعود خير الناس قرني ثم الذين يلونهم ثم الذين يلونهم يقول يقرأون القرآن لا يجاوز حناجرهم. الله اكبر يقرأون القرآن يتلونه لا يجاوز حناجرهم صعودا او نزولا نزولا لانه يقرأ القرآن بلسانه فلا يجاوز حناجرهم يعني لا ينفذ اثره الى قلوبهم. فهم ليس لهم من القرآن الا قراءة الفاظه. كما الله تعالى ومنهم اميون لا يعلمون الكتاب الا اماني فهؤلاء يحسنون قراءته بل يكثرون قراءته لكنهم لا يقفون عند معانيه ولا يتدبرون اسراره وحكمه ومقاصده وغاياته بل غاية همهم في كثرة قراءته دون النظر الى معانيه. ولذلك قال لا يجاوز حناشرهم فغاية ما هنالك من تأثير القرآن على هؤلاء هو تأثير اللفظ بمخارج الحروف اما تأثيره باصلاح القلب واقامته وتزكيته فليس له اثر يمرقون من الاسلام اي يمرون منه كما يمرق السهم من الرمية وهذا فيه ان قراءة القرآن اذا لم يكن فيها تدبر ولم يكن لها احكام بموافقة هدي خير الانام صلى الله عليه وسلم في القراءة فانه لا ينتفع بها صاحبها. ولذلك قال النبي صلى الله عليه وعلى اله وسلم القرآن حجة لك او عليك وهؤلاء القرآن حجة عليهم يقرؤونه ولا يتدبرون معانيه. يقول اينما لقيتموهم فاقتلوهم فان في قتلهم اجرا هكذا يقول النبي صلى الله عليه وسلم الذي هو رحمة. يقول اينما لقيتموهم فاقتلوهم لعظيم ضررهم وشدة خطرهم. وتحريفهم هذا الدين الذي جاء به النبي صلى الله عليه وعلى اله وسلم فاقتلوهم ثم قال فان في قتلهم اجرا لان فيه حفظا للسنة وحفظا للشريعة من الزيادة والغلو الذي يفضي باهله الى الهلاك كما في حديث ابن مسعود في الصحيح هلك المتنطعون هلك المتنطعون هلك المتنطعون لان ادركتهم بعد ان ندب الى قتلهم بينما موقفه لو ادرك هؤلاء لان ادركتهم لاقتلنهم قتل عاد. اي قتلا لا يبقي منهم احد وهذا معنى قتل عاد لان عادا لما قتلوا لم يبقى منهم احد. لما نزل بهم الهلاك لم يبقي منهم احدا. قال وفي رواية شر قتلى تحت اديم السماء خير قتلى من قتلوه وذلك في بيان عظيم اجر من قاتلهم. وفي رواية لو يعلم الذين يقاتلونهم ماذا لهم على لسان محمد يعني من المثوبة والاجر لنكلوا وعن العمل يعني لتركوا العمل واقتصروا على قتالهم لما في قتالهم من عظيم الاجر وكبير النوال من رب العالمين يقول وهؤلاء الذين وصف النبي صلى الله عليه وسلم حالهم خرجوا في خلافة علي رضي الله عنه قاتلهم هو واصحابه اي من كان معه بامر النبي صلى الله عليه وسلم المتقدم تحريضه في قوله لو يعلم الذين يقاتلونهم ماذا لهم على لسان رسول الله لنكلوا وايضا لقوله لئن ادركتهم لاقتلنهم قتل عاد وغير ذلك من الاحاديث النادمة الى قتلهم. يقول واتفق على قتالهم جميع ائمة الاسلام بل ان قتالهم من مناقب علي رضي الله عنه. ومن مفاخره وجليل اعماله رضي الله عنه. يقول وهكذا كل من جماعة المسلمين وخرج عن سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم وشريعته من اهل الاهواء المضلة والبدع المخالفة. يعني هذا الحكم لا يختص هذه الفئة انما كل فئة امتنعت عن شرائع الاسلام واجتمعت على بدعة وابت القبول بالكتاب والسنة فان شأنهم شأن هؤلاء في مشروعية قتلتهم. هل قتالهم يدل على كفرهم؟ هكذا قال طائفة من اهل العلم. قالوا ان النبي صلى الله عليه وسلم لما امر بقتالهم وندب فضيلة قتلهم دل ذلك على كفرهم ولكن هذا ليس بصحيح فانه لا تلازم بين القتال والكفر فانه قد يقتل من يكون مسلما قال الله تعالى في القاتل يا ايها الذين امنوا كتب عليكم القصاص في القتلى الحر بالحر والعبد بالعبد والانثى بالانثى فمن عفي له من اخيه شيء فاثبت عقد الاخوة بين القاتل والمقتول. فدل ذلك على انه لا تلازم وارتباط بين استباحة الدم وبين الكفر فقد يستباح دم من لا يكون كافرا. المقصود ان هذا مما استدل به بعض اهل العلم على كفر الخوارج وقد سئل عنهم علي ابن ابي طالب رضي الله عنه فقال من الكفء فروا لم يكفرهم. مع انه قاتلهم رضي الله عنه. لكن قال لما سئل عنهم اكفار هم؟ قال من الكفر فروا يعني ما حملهم على هذا الغلو وهذا التنطع وهذا تكفير لخيار الناس وصحابة رسول الله وجمهور الامة الا فرارهم من الكفر. قال رحمه الله وهكذا كل من فارق جماعة المسلمين. وخرج عن سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم وشريعته. من اهل اهل الاهواء المضلة والبدع المخالفة. فحكمه حكم ولائك. يقول ولهذا اي لاجل ما تقدم من ان هذا لا يختص الخوارج وانما كان النبي صلى الله عليه وسلم طائفة من الطوائف التي تخرج على الامة وتباين طريق اهل السنة قال ولهذا قاتل المسلمون ايضا الرافضة الرافضة هم طائفة ممن يتحزب لال البيت ويدعون انهم يوالون ال النبي صلى الله عليه وعلى اله وسلم ويناصرونهم. وسموا بهذا لانهم رفظوا زيد ابن علي رضي الله عنه ورحمه وكرر الدهور وهؤلاء يقول عنهم الشيخ رحمه الله الذين هم شر من هؤلاء. شر من هؤلاء لان شرهم اعظم من اولئك فليس عند هؤلاء من العبادة ما عند اولئك وليس عندهم من الصدق ما عند الخوارج وليس عندهم من الديانة والعبادة والاقبال على القرآن ما عند اولئك. بل هؤلاء كثير منهم يقول ان القرآن محرف ويشتركون مع اولئك في التكفير فان الخوارج يكفرون صحابة رسول الله يكفرون علي وعثمان وسائر الصحابة واما هؤلاء فيكفرون خيار الامة يكفرون ابا بكر وعمر كما جاء ذلك في كلام بعضهم ويكفرون جمهور صحابة النبي صلى الله عليه وعلى اله وسلم. ولذلك يقول الشيخ رحمه الله الذين هم شر من هؤلاء ثم يبين وجه كونهم شرا من اولئك وهم الذين كفروا جماهير المسلمين مثل الخلفاء الثلاثة وغيرهم. وهذا يبين ان اعظم الطوائف تكفيرا هم رافظة ولا غرو ولا عجب فانهم يكفرون جمهور المسلمين فنبزهم ووصفهم لاهل السنة بانهم يكفرون هذا خطأ. ولذلك شيخ الاسلام رحمه الله يبين ما عليه اهل السنة والجماعة من كمال العدل والرحمة ويقول ان اهل السنة يعظمون الحق ويرحمون الخلق وهذه سمة لا تنفك عن اهل السنة. انهم اهل تعظيم للحق واهل التزام به وتعظيما له لكنهم مع هذا يرحمنا الخلق ولذلك الشيخ رحمه الله يقول فالذي يتكلم في البدع من الرافضة وغيرهم ويرد عليهم يجب حتى يكون عمله صالحا ان يكون ذلك نصرة لله وان يستصحب تعظيم الحق ورحمة الخلق وان يكون ذلك على وجه الاحسان اليهم لانقاذهم مما هم فيه الظلمات ومن البدع التي هم فيها اهل السنة والجماعة من الله عليهم بالتوسط ومن الله عليهم بالسلامة في اعتقادهم وهم ابعد الناس عن التكفير بخلاف الطوائف الاخرى الخوارج يكفرون كل من لا يوافقهم. الرافضة يكفرون كل من لا يوافقهم. اهل السنة والجماعة ليسوا كذلك ليسوا على هذا المنوال فلا يكفرون الا من كفره الله ورسوله بحجة واضحة وبرهان بين. ثم انهم يحبون العذر. ويلتمسون الاعذار وكما يتبين من كلام الشيخ في اعتذاره عن حال الناس في زمانه يقول رحمه الله ويزعمون انهم في بيان شر قول الرافضة وانهم اعظم شرا من الخوارج يقول ويزعمون انهم هم المؤمنون ومن سواهم كافر. ويكفرون من يقول ان الله يرى في الاخرة او يؤمن بصفاته وقدرته الكاملة ومشيئته الشاملة ويكفرون من خالفهم في بدعهم التي هم عليها فانهم ذكر طائفة من البدع اقوالهم بل لا بد من عرظ هذه الاقوال وهذه الاعمال التي يدعون اليها لابد من عرظها على كتاب الله تعالى وعلى سنة رسوله. الغلو هو تجاوز الحد. وتجاوز الحد معناه الخروج عن الشريعة القدمين دون الخفين ويؤخرون الفطور والصلاة الى طلوع النجم. ويجمعون بين الصلاتين من غير عذر. ويقنتون في الصلوات الخمس امس ويحرمون الفقاعة الفقاعة نوع من شراب الشعير يرون تحريمه وذبائح من من خالفهم من المسلمين لانهم عندهم كفار ويقولون على الصحابة اقوالا عظيمة لا حاجة الى ذكرها. ها هنا يعني ليس هناك حاجة الى ذكرها هنا لان المقام مقام اجمال حال هؤلاء في وجه العموم لا على وجه التفصيل. يقول فقاتلهم المسلمون بامر الله ورسوله. انتبه يقول فاذا كان على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم وخلفائه ممن انتسب الى الاسلام من مرق منه اي خرج منه مع عبادتهم العظيمة حتى امر النبي صلى الله عليه وسلم بقتالهم في علم ان المنتسب الى الاسلام في هذه الازمان قد يمرق ايضا من الاسلام والسنة حتى يدعي السنة من ليس من اهلها بل يمرق وذلك باسباب منها سيأتي ذكر هذه الاسباب مقصود الشيخ رحمه الله انه اذا كان في زمن الرسالة وفي زمن خير القرون. هناك من مرق مع توافر اسباب الهداية ومع قيام اسباب الصحة في الطريق وبيان الحق وقيام اسباب وقيام ظهوره مع ذلك هناك من خرج عن الصراط المستقيم فكيف بالعصور التي بعده؟ لا شك ان البعد عن الحق فيها اكبر و التزام السنة والعمل بها اقل. ولذلك ذكر الشيخ فيما تقدم الاعتذار عن المتأخرين فيما يقعون فيه من طاء ينبغي التريث في الحكم عليهم والرحمة في معاملتهم يقول لا سيما المتأخرون من الامة الذين لم يحكموا معرفة فتى الكتاب والسنة والفقه فيهما ويميز صحيح الاحاديث وسقيمها وناتج المقاييس وعقيمها مع ما ينظم الى ذلك من غلبة الاهواء وكثرة الاراء وتغلظ الاختلاف والافتراق. وقد تقدم التعليق على هذا وقلنا ان هذا جامع لاسباب الانحراف في الازمنة المتأخرة. وايضا بيان للاعذار التي يستحضرها الانسان في النظر الى اقوال المتأخرين من الامة. يقول رحمه الله وذلك باسباب منها الغلو نعم وذلك باسباب منها الغلو الذي ذمه الله تعالى في كتابه حيث قال يا اهل الكتاب لا تغلوا في دينكم ولا تقولوا على الله الا الحق انما المسيح عيسى ابن مريم رسول الله وكلمته القاها الى مريم وروح منه. الى قوله وكفى بالله وكيلا وقال تعالى يا اهل الكتاب لا تغلوا في دينكم غير الحق. ولا تتبعوا اهواء قوم قد ضلوا من قبل اضلوا كثيرا وضلوا عن سواء السبيل. وقال النبي صلى الله عليه وسلم اياكم والغلو في الدين انما اهلك من كان قبلكم الغلو في الدين. وهو حديث صحيح. هذا هو السبب الاول اللي ذكره الشيخ رحمه الله في اسباب الخروج عن الصراط المستقيم الغلو وبدأ به لانه اخطر الاسباب. اخطر الاسباب في الخروج عن الدين الغلو لان ظاهره استقامة عمل بشرع الله تعالى. النفوس تميل اليه وتسكن اليه من حيث ان صاحبه ليس صاحب خروج وتحلل بل هو صاحب كب قوة وصلابة فيما يظهر في دين الله تعالى. ولذلك النبي صلى الله عليه وعلى اله وسلم لما ذكر الخوارج بدأ بوصفهم فقال يحقر احدكم الى صلاتهم وصيامه الى صيامهم. وقراءته الى قراءتهم. فهذا التنبيه الى انه يجب على كل من نظر في اقوال الناس واعمالهم الا يقتصر على الظاهر والا يقتصر على الحكم على ما بدأ مما قد يكون موافقا للسنة حتى ينظر اليه على وجه الاجمال مقصودي بالظاهر يعني لا تعميه المظاهر عن النظر الى حقائق الاقوال وما يدعو اليه اصحاب هذه الاقوال. فقد يدعو صاحب عباده الى قول مبتدع فعبادته لا تشفع له في بدعته ولا تروج قوله بل يجب الحذر من ذلك ولذلك النبي صلى الله عليه وسلم ذكر اجتهادهم في طاعتهم وفي ثم بين ان هذا الاجتهاد في الطاعة والعبادة خالي من الفقه. ولذلك لما ذكر الصلاة وذكر الصيام وذكر القراءة. نبه الى اي شيء العيش الى عدم الفهم وهو المتعلق بالقراءة قال يقرأون القرآن لا يجاوز حناجرهم. فهؤلاء عندهم عبادات لكن ما عندهم فهم. ليس عندهم علم ليس عندهم قواعد واصول في فهم كلام الله تعالى وادراك غاياته واسراره وحكمه واحكامه بل مجرد ظواهر اكتفوا بها واستغنوا بها عن فهم كلام الله وكلام رسوله مع من ظم اليهم من شجاعة وقوة واخلاق في عجيبة في الاقدام على ما هم عليه وما يعتقدونه لكن هذا كله لا يسوغ قبول اقوال واشأم مآلا والنبي صلى الله عليه وسلم حذر من الغلو حتى في صغير الامر من العمل في مسند الامام احمد في الحديث الصحيح من حديث ابن عباس ان النبي صلى الله عليه وسلم رفع حصيات يوم النحر فقال بمثل هذه فارموا ثم قال واياكم والغلو واياكم والغلو واياكم والغلو فانما اهلك من كان قبلكم الغلو في الدين. دل هذا على ان الغلو سواء انا في الاصول او في الفروع في العقائد او في الاحكام من اسباب الهلاك وهذا بنص النبي صلى الله عليه وسلم انما اهلك من كان قبلكم الغلو في الدين. وقد جاء الخبر او الدعاء فيما رواه الامام مسلم في صحيحه من حديث ابن عباس هلك المتنطعون هلك المتنطعون هلك المتنطعون كررها ثلاثا وهذا اما ان يكون خبرا واما ان يكون دعاء ويحتمل انه خبر دعاء من النبي صلى الله عليه وعلى اله وسلم. فالغلو امره خطير ولذلك قدمه الشيخ رحمه الله قبل سائر الاسباب وانتم تشاهدون ان الانسان ينفر من المبتدع الذي يرقص ويلعب ويلهو وعنده تحلل من الشرع. لكن قد يجد في نفسه قبولا او يجد كثير من الناس ميلا الى اولئك الذين يحدثون اقوالا واعمالا خارجة عن الشريعة بلباس الدين وهم في ظاهرهم اهل استقامة واهل سنة واهل عمل وتعظيم لقول الله وقول رسوله. فلذلك ينبغي للمؤمن ان يتقي الله تعالى ونسأل الله السلامة من مظلات الفتن. هذه امور لا يثبت عليها الانسان الا بالتزام الكتاب والسنة. وعظيم الفقه فيهما فان عظيم ثق في كلام الله وكلام رسوله من اعظم اسباب السلامة من هذه الانحرافات وهذه الشذوذات وهذه البدع يقول رحمه الله الغلو الذي ذمه الله في كتابه وذكر النصوص الدالة على ذم الغلو قال رحمه الله نعم ومنها التفرق والاختلاف الذي ذكره الله تعالى في كتابه العزيز. ومنها احاديث تروى عن النبي صلى الله عليه وسلم وهي كذب عليه باتفاق اهل المعرفة يسمعها الجاهل بالحديث فيصدق بها لموافقة ظنه وهواه. واضل الضلال اتباع الظن والهوى. كما قال الله تعالى في حق من ذمه ان يتبعون الا الظن وما تهوى الانفس. ولقد جاءهم من ربهم الهدى وقال في حق نبيه صلى الله عليه وسلم والنجم اذا هوى ما ضل صاحبكم وما غوى وما ينطق عن الهوى وان هو الا وحي يوحى فنزهه عن الضلال والغواية الذين هما الجهل والظلم. فالضال هو الذي لا يعلم الحق او الذي يتبع هواه. واخبر انه ما ينطق عن هوى النفس. بل هو وحي اوحاه الله اليه فوصفه بالعلم ونزهه عن الهوى. وانا اذكر جوامع من اصول الباطل التي ابتدعها طواف ممن ينتسب الى السنة وقد مرق منها وصار من اكابر الظالمين. وهي فصول طيب يقول المؤلف الله في بيان اسباب الانحراف والظلال والمروق عن دين الاسلام قال رحمه الله بل يمرق منها وذلك باسباب منها هذا في بيان اسباب الانحراف الذي طرأ على طوائف من هذه الامة حيث ان النبي صلى الله عليه وعلى اله وسلم بلغ البلاغ المبين وترك الامة على محجة بيضاء ليلها كنهارها لا يزيغ عنها الا حالك بين بيانا شافيا واضحا ثم ان الشياطين شياطين الانس والجن زين بعضهم لبعض سبل الانحراف. وكان لهذا الانحراف اسبابنا منها الغلو الذي ذمه الله تعالى في كتابه. وتكلمنا على هذا في الدرس السابق ثم قال رحمه الله ومنها اي ومن اسباب الانحراف والضلال التفرق والاختلاف الذي ذكره الله في كتابه لان نقف على هذا والله تعالى اعلم وصلى الله وسلم على نبينا محمد