يلعب واما مزيلات القسوة فمتعددة ايضا. فمنها كثرة ذكر الله الذي يتواطأ عليه القلب واللسان. قال المعلب بن زياد ان رجلا قال للحسن يا ابا سعيد اشكو اليك قسوة قلبي. قال ادنه من الذكر. وقال وهب بن الورد نظرنا في هذا الحديث فلم نجد شيئا ارق لهذه القلوب ولا اشد استجلابا للحق من قراءة القرآن لمن تدبره. وقال يحيى ابن معاذ ابراهيم الخواص دواء القلب خمسة اشياء. قراءة القرآن بالتفكر وخلاء البطن وقيام الليل والتضرع عند السحر ومجالسة الصالحين. والاصل في ازالة قسوة القلوب بالذكر قوله تعالى الذين امنوا وتطمئن ذنوبهم بذكر الله الا بذكر الله تطمئن القلوب. وقوله تعالى الله نزل احسن حديث كتابا متشابها مثاني مثاني تقشعر منه جلود الذين يخشون ربهم ثم تلين قلوبهم وقلوبهم الى ذكر الله. وقال تعالى الم يأن للذين امنوا ان تخشع قلوبهم لذكر الله وما نزل من الحق. وفي حديث عبدالعزيز بن ابي رواد مرسلا عن النبي صلى الله عليه وسلم ان هذه القلوب تصدأ كما يصدأ الحديد. قيل فما جلاؤها يا رسول الله؟ قال تلاوة كتاب الله وكثرة ذكره فرغ المؤلف رحمه الله من ذكر طائفة من الاسباب التي بها يحصل للقلب القسوة. وانتقل الى ما يكشف هذه القسوة ولذلك قال واما مزيلات القسوة مزيلاتها اي ما يرفع هذه القسوة ويكشف علاماتها فمتعددة ايضا اي كما ان الاسباب متعددة في القسوة فكذلك في اه الليونة وازالة القسوة هي اسباب. ابتدأ باهمها واشرفها واعلاها وهو ذكر الله جل وعلا فقال فمنها كثرة ذكر الله الذي يتواطأ عليه القلب واللسان. اولا في ذكر هذا السبب نلاحظ امرين لحصول لين القلب وانتفاء القسوة عنه. الامر الاول انه لم يقل ذكر الله انما قال كثرة ذكره لا وهذا فيه الاشارة الى ان الذي ينتج الليونة والصلاح في القلب هو الكثرة لا مجرد الذكر. ولذلك تلحظ في كلام الله عز وجل عند الامر بالذكر او الثناء على الذاكرين ان الله تعالى يذكر ذلك بقيد الكثرة مطلقا في غالب موارده في الامر والثناء. يا ايها الذين امنوا اذكروا الله ذكرا كثيرا. فاذا قضيتم الصلاة تنتشر في الارض واذكروا الله كثيرا لعلكم تفلحون. وقال والذاكرين الله كثيرا والذاكرات والايات في هذا مطردة. غالب ما يذكر الذكر يذكره بقيد الكثرة. وذلك ان الذكر لا يثمر الغرض والمقصود من صلاح القلب قلب واستقامته وليونته وانتفاع القسوة عنه اذا كان ذكرا عارضا. بل لا يأتي بالثمرة الا اذا كان الذكر ذكرا وكثرة الذكر تكون استيعاب الوقت فيه. ونعود الان ايضا الى الاوصاف الكثرة. ثاني ما ذكر المؤلف مما يتعلق بالذكر بعد الكثرة ان يكون الذكر بالقلب واللسان. فقال رحمه الله الذي يتواطأ عليه القلب واللسان. ومعنا هذا ان مجرد عن حضور القلب لا يثمر لين القلب وصلاحه لا يثمر لين القلب وصلاحه انما الذي يثمر اللين هو ما كان موافقا فيه القلب للسان. والذكر له ثلاث محال او على ثلاث احوال. ذكر بالقلب واللسان وهذا اعلى مراتب الذكر. ذكر بالقلب وحده وهذا ما ارتبح من مراتب الذكر دون المرتبة السابقة في المراتب او ثالث احوال الذكر الذكر باللسان فقط وهذا ادناها. وهل في هذه المرتبة اجر؟ الجواب نعم فيها اجر ففي كل المراتب اجر ان الله لا يضيع عمل عامل منكم من ذكر او انثى. لكن التفاوت في قدر الاجر وفي ثمرة الذكر فالاجر يتفاوت تفاوتا بينا فيما اذا كان الذكر قد اجتمع فيه القلب واللسان كما ان الاثر اذا اجتمع القلب واللسان واذا كان الذكر بالقلب كان دون ذلك واذا كان باللسان فقط كان دون ذلك. والذي عليه اكثر عمل الناس الان هو الذكر باللسان هذا الذي عليه اكثر عمل الناس ممن يفطر للذكر ويهتم به. والا فاكثر الناس عن الذكر في غفلة. طيب رحمه الله قال كثرة الذكر فبماذا تتحقق كثرة الذكر؟ تتحقق كثرة الذكر بان نعرف انواع الاذكار اولا انواع الاذكار تنقسم الى قسمين اذكار مقيدة واذكار مطلقة. فالاذكار المقيدة كاذكار ادبار الصلوات. اذكار الصباح والمساء اذكار النوم والاستيقاظ اذكار الخلا اذكار دخول المنزل اذكار التي لها اسباب ومناسبات. هذي تسمى اذكار مقيدة باسباب اما في اوقات او في احوال فكثرة الذكر ان تأتي بالحد الادنى من ذلك. اذكار النوم كثيرة اذكار الصباح والمساء كذلك كثير اذكار ادبار الصلوات كثيرة. فكلما استكثرت كل من هذا النوع من هذا النوع من الاذكار والاذكار المقيدة حققت الوصف المطلوب من في قوله رحمه الله كثرة الذكر ولكن ينبغي في هذا النوع الا يقل نصيبك نصيبك عن الحد الادنى من الذكر ولذلك يقول شيخ الاسلام رحمه الله فينبغي للمؤمن ان يحافظ يعني في في بيان اقل ما يكون من الذكر ينبغي للمؤمن ان يحافظ على الاذكار المقيدة في الصباح والمساء وادبار الصلوات والاستيقاظ والنوم وما اشبه ذلك. هذا اقل ما يمكن اقل ما للمؤمن ان يحافظ عليه من الذكر. واما الاستكثار فهو ان يكثر في ذكر الصباح والمساء كما كان النبي صلى الله عليه وسلم يذكر وكذلك في ادبار الصلوات ما ما شاء الله تعالى وما فتح وكذلك في سائر الاذكار المقيدة. يأتي بما ييسر الله تعالى. النوع الثاني الذكر المطلق ذكر المطلق وسمي مطلقا لانه لا يتقيد بشيء. فلا يتقيد بوقت ولا يتقيد بعدد ولا يتقيد بحال بل يكونوا في كل حال وعلى اي وجه كان. وهذا وذاك يدخل فيما وصفت عائشة رضي الله عنها النبي صلى الله وسلم حيث قالت كما في صحيح الامام مسلم كان يذكر الله في كل احيانه. احيانا يعني في جميع اوقاته قائما وقاعدا وعلى جنب. فالله تعالى على الذاكرين بهذه الصفة هو نبينا صلى الله عليه وسلم كان ذاكرا للربي على هذه الصفات. يقول الله تعالى في وصف الذاكرين الذين يذكرون الله قياما وقعودا وعلى جنوبهم ثم انظر كيف كان ثمرة الذكر ويتفكرون في خلق السماوات والارض ربنا ما خلقت هذا باطلا. المعارف العظيمة التي فيها اجلال الله وتعظيمه والاقبال عليه المذكورة في اواخر سورة ال عمران هي نتاج الذكر. فان الله ذكر من صفاتهم انهم يذكرون الله تعالى قياما وقعودا وعلى جنوبهم ثم ذكر من احوالهم وشأنهم في مناجاتهم ربهم جل وعلا ما يدل على الثمار الزاكية للذكر. الذكر يلين القلب ويطيب العمل. وله من الثمار ما يعجز الانسان عن الاحاطة به. مما ينبغي ان ينبه اليه ويشار اليه في هذا المقام ما هو الذكر؟ ما هو الذكر الذي اشار المؤلف الى ان كثرته سبب من اسباب لين القلب اعظم الذكر كلام الله تعالى. اعظم الذكر كلام الله تعالى فهو في المقدمة. ولذلك وصفه الله تعالى بالذكر فقال تعالى وانه لذكر لك ولقومك وسوف تعلمون. والاية انا نحن انزلنا الذكر وانا له لحافظون. وهذا اعلى ما يكون من الذكر في تطييب القلب واصلاحه. طيب هل هناك دليل على ان هذا الذكر يصلح القلب؟ نعم. قول الله تعالى يا ايها الذين امنوا قد جاءتكم موعظة من ربكم لما في الصدور وهدى ورحمة للمؤمنين قل بفظل الله برحمته فبذلك فليفرح. قال رحمه الله قال المعلى ابن زياد ان رجلا قال الحسن يا ابا سعيد اشكو اليك قسوة قلبي. قال ادنه من الذكر يعني قربه من الذكر. وبقي اظن في الذكر ما هو الذكر؟ ما هو الذكر الذي تلول به القلوب هل هو التسبيح والتحميد والتكبير والتهليل؟ فقط؟ الجواب الذكر هناك مفهوم مقيد للذكر وهو ما ذكرته قبل قليل التسبيح والتحميد والتكبير والتهليل لكن الذكر اوسع في المعنى في كلام الله تعالى وكلام رسوله من من هذا فالقرآن من ذكر الله تعالى والتسبيح والتحميد والتكبير من ذكر الله جل وعلا. ومن ذكر الله تعالى ايضا تعلم العلم. معرفة الحلال والحرام من ذكر الله ولذلك جاء عن بعض السلف مجالس الحلال والحرام هي مجالس ذكر الله. وذلك ان الذي يتعلم الحلال والحرام اذكروا الله تعالى فانت تذكر حكم الله تعالى وهذا ذكر له جل وعلا. فمجالس الذكر ليست مقصورة على مجالس الوعظ بل حتى مجالس الفقه ومجالس تفسير مجالس الحديث والنظر في ثبوتها وصحتها ومعانيها كل هذا من ذكر الله تعالى. كذلك من ذكر الله تعالى تعليم العلم وتعليمه هذا من ذكر الله جل وعلا كذلك الامر بالمعروف والنهي عن المنكر من ذكر الله تعالى لانك تذكر امر الله وتذكر نهيه وتحث الناس على فعل والترك. ومن ذكر الله تعالى الدعوة الى الله وبهذا كان النبي صلى الله عليه وسلم يذكر الله على كل احيانه كما جاء عن عائشة. فلم يكن النبي صلى الله عليه وسلم في كل احواله يسبح احمد ويستغفر ويكبر لا بل كان يسبح ويحمد ويستغفر ويفعل ما يفعل من الاذكار وكان ايضا يبلغ دين الله تعالى يأمر المعروف وينهى عن المنكر فكان من اعظم الناس ذكرا لله جل وعلا. يقول وكل هذه تؤثر وان كان تأثيرها قد يكون متفاوتا. كل هذا تؤثر في القلب ذكاء وطيبا ولينا. ولكن قد يتفاوت اثرها لكن الجميع لا سيما اذا استحضرت النية الصالحة هذا شرط مهم يكون لها اثر في تطويب القلب وتزكيته. وقال وهب بن ورد الورد نظرنا في هذا الحديث فلم نجد شيئا اردت لهذه القلوب ولا اشد استجلابا للحق من قراءة القرآن بمن تدبره. وهذا الكلام مليء بالنور والهدى. فالقرآن له من التأثير في ليونة القلب ما هو الظاهر المعروف فانه يحاكي القلب وهو يحرك القلب ويعالج افاته ولذلك كان من اطيب العلاج للقلوب قراءة القرآن لكن القراءة التي فيها تدبر ولذلك لم يقل من قراءة القرآن لكن قال من قراءة القرآن لمن تدبر. يقول في المنظومة ابن عبد القوي وحافظ على درس القرآن فانه يلين قلب قاسيا مثل جمدي حافظ على درس القرآن فانه ودرس القرآن هنا قراءته وفهمه فانه يلين قلبا قاسيا مثل يعني مثل الصخر والله تعالى بين اثر القرآن على القلب. قال لو انزلنا هذا القرآن على جبل لرأيته خاشعا متصدعا من خشية الله. فكيف القلوب وهي ليست كالصخر في بنائها وخلقها. وكذلك يقول الله تعالى ولو ان قرآنا سيرت به الجبال او قطعت به او كلم به الموتى. الجواب لكان هذا القرآن. يعني لو ان كلاما تسير به الجبال من اماكنها. وتقطع به الارض و يحيا به الموتى يعني لو تكلم احد كلام ويحيا الموتى لكان هذا القرآن. حقيق بان يكون له هذا الاثر والفعل. فهذا يبين اثر القرآن على القلوب وما ينبغي ان ان يعتنى به لكن هذا التأثير ليس لقراءة اللفظ المجرد عن تدبر المعنى بل التدبر الذي تحرك به القلب. القراءة والسماع الذي يقف عند المعاني ويتجاوز حسن الصوت الذي يتأثر منه كثير من الناس لانه صوت حسن يعني التأثر نوعان تأثر لحسن الصوت وهذا مطلوب. لكن الاهم من التأثر بحسن الصوت التأثر المعاني التي تأتي حتى ولو لم يكن هناك صوت حسن. وهذا امر مهم يغفل عنه كثير من الناس. وقال يحيى ابن معاذ وابراهيم الخواص دواء القلوب خمسة اشياء. قراءة القرآن بالتفكر والله تعالى انما انزل القرآن ليتدبر ويتفكر فيه ثم قال وخلاء البطن وقيام الليل والتضرع عند السحر ومجالسة