بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم على اله وصحبه ومن والاه. اللهم اغفر لنا ولوالدينا واجعله مباركا اينما كان. واجعل مجلسنا هذا مباركا يا رب العالمين امين. قال رحمه الله تعالى وعن انس ابن مالك رضي الله عنه قال جاء اعرابي انقبل في طائفة المسجد فزجره الناس. فنهاهم النبي صلى الله عليه وسلم فلما قضى بوله امر النبي صلى الله عليه وسلم بذنوب من ماء فاهريق عليه هذا الحديث الشريف رواه الامام البخاري ومسلم كما ذكر المصنف رحمه الله حيث قال متفق عليه اي رواه الامام البخاري في صحيحه وكذلك الامام مسلم مسلم في صحيحه وقد روياه من طريق يحيى ابن سعيد عن انس ابن مالك رضي الله تعالى عنه وقد جاء هذا الحديث في صحيح البخاري من حديث ابي هريرة رضي الله تعالى عنه دون ذكر تفاصيل القصة التي جرت من هذا الاعرابي بل فيه الخبر عن انه بال فهم به الصحابة الا ان النبي صلى الله عليه وسلم حجزهم عنه ثم قال انما بعثتم ميسرين ولم تبعثوا معسرين وهذا الرجل جاء الى النبي صلى الله عليه وسلم لا نعلم ما الذي جاء به اجاء متعلما ام جاء طالبا حاجة ام جاء لمصلحة؟ الله اعلم بسبب مجيئه. انما الشأن في القصة التي جرت عندما الى النبي صلى الله عليه وسلم في مسجده وهو بين اصحابه فان هذا الرجل جاء كما في صحيح البخاري فلما صلى قال في صلاته بدعاء مسموع اللهم ارحمني ومحمدا ولا ترحم معنا احدا اللهم ارحمني ومحمدا يعني النبي محمدا صلى الله عليه وسلم ولا ترحم معنا احدا فقال له النبي صلى الله عليه وسلم لقد حجرت واسعا اي لقد حجرت امرا واسعا فرحمة الله وسعت كل شيء اذ ان رحمته جل وعلا شملت الانس والجن وسائر الخلق من الاحياء والجمال ورحمته جل في علاه من اوسع الصفات تعلقا ولذلك قال ان ربك واسع المغفرة والمغفرة بعض رحمته وقد قال سبقت رحمتي غضبي وسعت كل شيء رحمة وعلما فدلائل سعة رحمة الله عز وجل متواترة كثيرة ولذلك لما قال هذا الرجل اللهم ارحمني ومحمدا ولا ترحم معنا احدا. قال صلى الله عليه وسلم لقد حجرت واسعا اي ضيقت امرا واسعا يسعك ويسعني ويسع الخلق كلهم وهي في الدنيا والاخرة رحمة الله ليست مقصورة على امر الدنيا بل هي في الدنيا وفي الاخرة واعظم رحمته ما يكون في الاخرة فان الله مئة رحمة انزل منها واحدة وهي التي يترحم بها الخلق وادخر تسعة وتسعين رحمة يرحم بها الخلق يوم البعث والنشور يوم القيامة يوم العرض والنشور يوم الحساب والجزاء لذلك ما نشاهده من رحمة الله في هذه الدنيا هو شيء يسير جزء من تسعة من مئة جزء من رحمته جل في علاه المقصود ان هذا الاعرابي لما جاء يقول انس في خبر مجيئه قال جاء اعرابي اعرابي هو الذي يسكن البادية هذا هو الاعرابي هو من يسكن في البادية ولا فرق في ذلك بين ان يكون عربيا او عجميا. فكل من سكن في البادية فهو اعرابي سواء اكان اعجميا او كان عربيا انما نسب الى الجمع لانه به يتميز عن العربي غير اهل البدو. فالعرب اسم لجنس. منهم من يسكن البدو ومنهم من يسكن الحظر فلا يقال عربي انما اضيف الى الجمع ليميزه عن النسبة الى المفرد عربي العربي لان ذلك يشمل من سكن البادية ومن سكن الحاضرة جاء اعرابي ولم يسمي هذا الاعرابي والاعراب كانوا يأتون النبي صلى الله عليه وسلم وكان الصحابة يفرحون بهم فرحا ان عظيما اذا وفقوا الى اعرابي ذي عقل وحكمة لانه يتمكن من سؤال النبي صلى الله عليه وسلم والاستفصال ما لا يكون من اصحاب النبي صلى الله عليه وسلم فانهم عن السؤال نهى عن ابتداء السؤال رظي الله تعالى عنه قال الله تعالى يا ايها الذين امنوا لا تسألوا عن اشياء ان تبد لكم تسؤكم فكان الصحابة رضي الله تعالى عنهم اذا جاء اعرابي فرحوا به اذا كان ذا عقل وذا بصر وذا رجاحة رأي يحسن السؤال وينتقي ما يهمه من المسائل فكانوا يفرحون به فرحا كبيرا لانه يفتح لهم من ابواب العلم والمعرفة ما لا يتمكنون منه لانهم ممنوعون من السؤال والسبب في ان الصحابة منعوا من السؤال ان زمن النبي صلى الله عليه وسلم كان زمن التشريع فلذلك منعوا من السؤال لان لا يحدث من التشريع بسبب اسئلتهم ما يلحق به المسلمين حرج هذا هو سبب من السؤال وقد جاء التصريح بهذا فيما رواه الامام البخاري ومسلم من حديث عاصم ابن سعد ابن ابي وقاص عن ابيه سعد ابن ابي وقاص رضي الله تعالى عنه انه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم اعظم المسلمين جرما في المسلمين من يسأل عن شيء لم يحرم فحرم من اجل مسألته اعظم المسلمين جرما في المسلمين من يسأل عن شيء لم يحرم اي لم ينزل فيه تحريم فحرم من اجل مسألته وهذا انما هو في وقت تنزل الوحي اما بعد اكتمال الشريعة وتمامها وبيان النبي صلى الله عليه وسلم لها وانقطاع الوحي فان المسلم يسأل عن كل ما يحتاج اليه مما يستبصر به امر دينه ويعرف به حق ربه ويحقق به العبودية لله عز وجل. كما قال الله جل وعلا فاسألوا اهل الذكر ان كنتم لا تعلمون فامر الله بسؤال اهل الذكر وهم اهل العلم فيما اذا كان الانسان لا يعلم فانه يسأل حتى يتعلم. وانما شفاء العي السؤال وشفاء الجهل طلبه بالاستفسار من اهله وهم اهل العلم العالمين بكلام الله العالمين بكلام رسوله صلوات الله وسلامه عليه والمقصود ان منع الصحابة رضي الله تعالى عنهم من السؤال انما كان لاجل مصلحة الامة بعدم تكليفها ما يشق عليها. اما بعد انقطاع الوحي فان المؤمن يسأل عما يحتاج اليه. وبعض الناس اذا احتاج الى مسألة قال قال له بعض من حوله لا تسأل لا تسألوا عن اشياء تبدى لكم تسؤكم. وهذا استدلال في غير محله فان هذه انما كانت وقت تنزل الوحي. واما بعد تنزل الوحي فالواجب على المؤمن ان يسأل عن كل ما يحتاج الى سؤاله ويستبين كل ما يحتاج الى استبانته لكن فرق بين ان يسأل عما يحتاج اليه وما ومن يسأل احيانا يشكك الناس او يشبه عليهم او ليحرج المسؤول او يقتنص اغلوطات المسائل فهذا كله مما ينبغي للمسلم ان يتركه فالسؤال طريق تعلم واستبصار وليس طريق احراج او اشقاق او فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم كما في الصحيح من حديث عبدالله بن مسعود هلك المتنطعون هلك المتنطعون هلك المتنطعون والمتنطعون هم المتعمقون الذين يسألون مسائل لا نفع فيها هذا منهم والتنطع يكون في السؤال ويكون في العمل ويكون في القول ويكون في الحال المقصود ان الصحابة رضي الله تعالى عنهم كانوا يفرحون بالاعرابي اذا جاء لما في مجيئه من الفوائد اذا كان ذا عقل وصاحب رأي يسأل النبي صلى الله عليه وسلم هذا الاعرابي جاء والنبي صلى الله عليه وسلم واصحابه في المسجد فبال في طائفة المسجد اي بال في جهة من جهات المسجد بل اي انه تبول في جهة من جهات المسجد فزجره الناس اي انهم عنفوك فالزجر هو طلب الكف على وجه من الغلظة والعنف والتشديد في المنع زجره الناس تنهاهم النبي صلى الله عليه وسلم نهاهم عما بدر منهم من غلظة في النهي حيث هموا به ومنعوه فقال فنهاهم صلى الله عليه وسلم وفي بعض الروايات جاء لفظ النهي قال لا تزرموه لا تزرموه اي لا تقطع عليه بوله لا تقطعوا عليه بوله اتركوه حتى ينتهي من من حاجته لان لان زجره في هذه الحال لا يحقق المقصود بل قد يترتب عليه من المفسدة ما يكون اكثر فسادا من كونه يقضي بوله في موضع واحد فانهم اذا زجروه قد يتنقل وهو يتبول فيصيب اكثر من بقعة وقد يصيب ثيابه وقد يصيبهم ولذلك قال لا تزرموه تكون يترك حتى يقضي بوله فيكون القذر والنجس في موضع واحد خير من ان يزجروه زجرا يكون سببا لانتشار البول وتلوث المسجد بهذا النهي وهذا من من حكمة النبي كما سيأتي في الفوائد فناوم النبي صلى الله عليه وسلم فلما قظى بوله لما قضى بوله لما قضى هذا الرجل حاجته امر النبي صلى الله عليه وسلم بذنوب من ماء اي بوعاء من ماء فالذنوب هو وعاء من من ماء وهو الدلو الكبير امر بذنوب من ماء والذنوب يطلق على الذل والكبير كما يطلق ايضا على النصيب. كما قال الله تعالى فان للذين ظلموا ذنوبا مثل ذنوب اصحابهم اي نصيبا من من العقاب ونصيبا من الجزاء على سوء العمل كما لاصحابهم فان الذين ظلموا ذنوبا مثل ذنوب اصحابهم الذين وافقوهم في الظلم وسبقوهم اليه فقوله صلى الله فقوله انس رضي الله تعالى عنه فامر النبي صلى الله عليه وسلم بذنوب من ماء اي امر اي طلب احضار دلو كبير فيهما فاهريق عليه اي فصب ذلك الماء على بول الرجل في المسجد على موضع بوله في المسجد واهريق بمعنى اريق اهريق بمعنى اريق اي صب على ذلك الموضع الذي اصابته النجاسة الماء الذي طهر المكان ولم يذكر المصنف بهذا الحديث ماذا قال النبي صلى الله عليه وسلم للرجل وقد جاء ذلك مبينا في بقية الرواية وانما اقتصر المصنف على هذا القدر من الحديث لانه موضع الشاهد الذي يحتاج اليه في باب المياه وفي وفي باب الطهارة والا فان النبي صلى الله عليه وسلم لما قضى الرجل بوله وامر بذنوب من ماء فاهريق عليه دعاه فقال له صلى الله عليه وسلم ان هذه المساجد لا يصلح فيها شيء من القذر ولا من البول وانما هي للصلاة واقامة ذكر الله فنهاه صلى الله عليه وسلم عن ان يفعل ذلك في المساجد وبين ان المساجد مطهرة عن ان يكون فيها شيء من القدر او ان يكون شيء فيه ان يكون فيها شيء من النجس. فانما هي قراءة القرآن وذكر الله والصلاة وهذه لا يناسب ان يكون فيها مثل هذا القدر الذي فعله هذا الرجل في مسجد رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم وفي حضرته وبين اصحابه الحديث فيه جملة من الفوائد من فوائد الحديث ان الاعراب يغلب عليهم الجفاء وعدم مراعاة ما ينبغي ان يراعى بسبب نعيهم وبعدهم عن مواقع العلم ومواطن الفضائل ولذلك قال صلى الله عليه وسلم كما في السنن من حديث ابن عباس من بدأ جفاء فالبداوة موجبة للجفاء للجفاء لكن ينبغي ان يعلم ان البداوة ليست بمن سكن الحذر فمن سكن الحذر ولو كان اصله في البادية لا يسمى عربيا ولا بدويا انما البداوة هي في حال من لا يعيش في مكان مستقر بل يتنقل يطلب الرزق ويسعى وراء بهمه متنقلا صيفا وشتاء وربيعا وخريفا يطلب مواطن القطر ومواضع الراعي هذا هو البدوي اما من كان عنده غنم وهو يسكن في الحاضرة فهذا لا يوصف بانه بادر بل هو حاظر لانه ونازل في الحظر ما جاء فيما يتعلق من بدا جفا ونحو ذلك من النصوص هو في حق من سكن البادية وهجر الحظر كثير من الفوائد ان انكار المنكر اذا كان يترتب عليه مفسدة فالواجب تركه لان النبي صلى الله عليه وسلم منع الصحابة من زجره لما في ذلك من المفسدة الاعظم من تركه يتم بولاه وهنا مسألة مهمة فيما يتعلق بالامر بالمعروف والنهي عن المنكر الامر بالمعروف والنهي عن المنكر من اعظم خصال الشريعة ومن خصائصها قال الله تعالى كنتم خير امة اخرجت للناس تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر لكن ذلك يجب ان يعلم انه مقيد بما اذا كان الامر بالمعروف. والنهي عن المنكر يحقق المصالح ويدرأ المفاسد اما اذا كان الامر بالمعروف والنهي عن المنكر يترتب عليه مفسدة اعظم من المصلحة المرجوة او مثل المصلحة المرجوة فعند ذلك درء المفاسد مقدم على جلب المصالح ولهذا قال صلى الله عليه وسلم لا تزرموه في هذا الحديث ونهاهم عن ان يمنعوهم من اتمام بوله لما يترتب على ذلك من المفاسد فان تركى فان فان تركه يتم بوله اولى من نهيه اذ ان نهيه يترتب عليه من انتشار الفساد ووقوع الشر اعظم من ان يتم بوله ثم يزال ذلك ويوجه بما يمنعه من تكرار ذلك فالخلاصة ان من الفوائد ان الامر بالمعروف والنهي عن المنكر شعيرة غرضها تحقيق المصالح ودرء المفاسد. فمتى ما كانت المصلحة في ترك الامر بالمعروف والنهي عن المنكر فان المصلحة فان المأمور به هو ترك ذلك ترك الامر بالمعروف وترك النهي عن المنكر اذا ترتب على الامر بالمعروف او النهي عن المنكر مفسدة اعظم وفيه من الفوائد احتمال الفساد القليل دفعا للفساد الكبير فان النبي صلى الله عليه وسلم قارن ووازن بين مفسدتين مفسدة ان ينقضي بول الرجل في موضع واحد ثم يعلم ويتألف ومفسدة ان ينتشر هذا البول بسبب زجر الصحابة وما يمكن ان يكون واقعا في نفسه من النفور والصدود عن الحق توازن النبي صلى الله عليه وسلم بين هاتين المفسدتين فدفع اعلاهما بارتكاب ادناهما دفع الاعلى من المفسدتين بارتكاب الادنى وهذا من القواعد التي ينبغي ان يستحضرها المسلم لا سيما من كان مشتغلا بالامر بالمعروف والنهي عن المنكر وكل مسلم ينبغي ان يشتغل بالامر بالمعروف والنهي عن المنكر في خاصة نفسه وفي من تحت يده وفي من يليه وفي من له عليه حق فان ذلك مما يفعل فيه مراعاة المفاسد والمصالح في تحقيق امر الله تعالى ما وجه اليه من الامر بالمعروف والنهي عن المنكر اذا من فوائد الحديث درء المفسدة الاعلى بارتكاب الادنى اذا كان ولا بد ان يقع الانسان في مفسدة. ولتعلم بارك الله فيك ان الشريعة المطهرة جاءت بتحصيل المصالح وتحصين المصالح على درجتين الدرجة الاولى الايجاد اذا لم تكن موجودة والدرجة الثانية التكفير ان كانت المصلحة موجودة فالشريعة جاءت بايجاد المصالح في حال كونها معدومة وبتكثيرها في حال ما اذا كانت موجودة هذا فيما يتعلق بباب المصالح اما ما يتعلق بباب المفاسد فالشريعة جاءت فيه ايضا بمرتبتين اعدام المفسدة بالكلية اذا كان ذلك ممكنا فان لم يمكن اعدام المفسدة بالكلية فتخفيفها. الذي وقع في هذا الحديث هل هو الغاء المفسدة بالكلية او تخفيفها ها يا اخوان تخفيفها او الغاؤها هذا الحديث فيه ان النبي صلى الله عليه وسلم رضي بتخفيف المصلحة لما في الغاء لان الغاءها يترتب عليه مفسدة اعظم من مصلحة ازالتها فاذا لم يتمكن المؤمن من الغاء المفسدة فانه يخففها وهذه قاعدة في حياة الانسان يحتاج اليها فمثلا قد يحتاجها في امر ولده امر زوجه امر اخوانه امر جيرانه قد لا تستطيع ان المفسدة بالكلية فعند ذلك اعمل على تخفيف المفسدة على سبيل المثال اذا رأيت من يجاهر بالمعصية ويظهرها بين الناس. الان هذا جمع مع جمع شرين. الشر الاول وقوعه في المعصية والشر الثاني ايش؟ مجاهرته بها وكلاهما مفسدة. فاذا كنت اذا نهيته عن المفسدة تعلم انه لن ينتهي. فعند ذلك تنتقل الى ما هو اقل من المفاسد فتقول يا اخي على الاقل اذا بليت فاستتر اذا كنت ولابد واقعا في المعصية فلا تظهرها ولا تجاهر بها فتجمع الى السوء سوءا. هذا تخفيف للمفسدة وليس الغاء لها وهذا يحتاجه الانسان في مواضع كثيرة وعلى سبيل المثال اذا دخل الانسان مكانا فيه معازف وهو محتاج الى الدخول اليه والمعازف صوتها مرتفع فيمكن اذا كان لا يقبل صاحب المكان ان يغلق المعازف ان يقول له على الاقل خفف صوتها اخفض صوتها لا تؤذي الناس بالصوت المرتفع. وهلم جر من التطبيقات الكثيرة لهذه القاعدة وهذا نموذج نبوي لتطبيق قاعدة انه اذا لم يتمكن الانسان من ازالة المفسدة بالكلية فانه يصير الى ايش الى تخفيفها فالشريعة جاءت باعدام المفاسد اذا كان ذلك ممكنا فان لم يمكن اعدام المفسدة فالمصير الى ايش؟ الى تخفيفها. وفيه من الفوائد ان الامر بالمعروف او ان النهي عن المنكر قد يكون منكرا يجب النهي عنه فالنبي صلى الله عليه وسلم نهى اصحابه عن ايش عن النهي الصحابة كانوا ينهون عن منكر فنهاهم النبي صلى الله عليه وسلم فليس كل امر بالمعروف يكون مصيبا او طائعا فقد يكون الامر بالمعروف او النهي عن المنكر واقعا في منكر بامره او بنهيه اذا كان ذلك لا يحقق المصلحة او اذا كان ذلك يترتب عليه مفسدة. وهذا من الفقه الدقيق الذي ينبغي لمن يشتغل توجيه الناس وامرهم بالخير والناهي عن المنكر ان يعتني به. ومن افضل ما كتب في ذلك ما كتبه شيخ الاسلام ابن تيمية رحمه الله في كتاب الحسبة فانه كتب في اخر كتابه قواعد مهمة لطالب العلم المشتغل بالامر بالمعروف والنهي عن المنكر ينبغي ان يستحضرها وان يفعلها حتى لا يقع في امره بالمعروف او في نهيه عن المنكر لا يقع في منكر في ذلك فنهي النبي صلى الله عليه وسلم اصحابه هو من هذا الباب وهو انه صلى الله عليه وسلم رأى ان امرهم بالمعروف او ان ناهي يوم عن المنكر في هذه السورة يترتب عليه مفسدة اكبر فنهاهم عن ذلك ووجههم الى ما يحصل به المقصود دون المفاسد التي تتوقع من نهيهم او تحصل بنهيهم وفيه من الفوائد ان المبادرة ان ان المبادرة الى انكار المنكر في الحال التي لا يكون فيها الانكار مشروعا مما ينبغي ان ينبه اليه ولا يكفي في ذلك النية الصالحة لا يكفي في ذلك النية الصالحة. الصحابة لما نهوا هذا الرجل لما زجروه عن البول في المسجد. الم يكونوا فيما يظهر يقصدون خيرا؟ بلى انهم عظموا مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم ونهوا الرجل عن الاساءة في هذا المسجد بالبول فيه لكن كذلك القصد لم يشفع لصحة الفعل. فحسن القصد لا يلزم منه صحة الفعل. فقد يكون القصد سليما لكن الفعل الذي سلك لتحقيق هذا المقصد غير صحيح فالعبرة في الاحكام ليس فقط بالمقاصد. فالمقاصد في القلوب وتحويها الصدور ولا يطلع عليها الاعلام الغيوب. انما العبرة في تحكيم في الحكم على الاشياء والافعال والاقوال هو مدى مطابقتها للشارع ومدى تحقيقها للمصلحة ومدى بعدها عن المفاسد هذا هو الميزان الذي يحكم به على الافعال. وما وما يتطرق اليه بعض الناس من الحديث عن مقاصد الفاعلين لتخفيف الانكار او لغير ذلك من المقاصد او لتبرير الخطأ احيانا هذا ليس بصحيح فالمقاصد امرها خفي لا يمكن ان يتكلم عنها كل من تكلم في مقاصد الناس فانه يضرب في مجهول كل من تكلم في مقاصد الناس ونواياهم ونياتهم فانه يضرب في مجهول. المقاصد محلها القلب. ولا يمكن الاطلاع عليها. ولذلك النبي صلى الله عليه وسلم لما قال له خالد ابن الوليد في الرجل الخارجي الذي قال له اعدل يا محمد قال له النبي صلى الله عليه وسلم الا تأمنوني وانا امين من في السماء؟ رد قوله قال تلك قسمة لم يرد بها وجه الله هاي القسمة التي قسمها صلى الله عليه وسلم في الغنائم على اصحابه. قال خالد بن الوليد رضي الله تعالى عنه دعني اضرب عنقه يا رسول الله قال النبي صلى الله عليه وسلم لا لعله ان يصلي قال عمر قال النبي هذا هذا جواب النبي صلى الله عليه وسلم لخالد فقال خالد كم من مصل يقول بلسانه ما ليس في قلبه كم من مصل يقول بلسانه ما ليس في قلبه. قال النبي صلى الله عليه وسلم اني لم اومر ان انقب عن صدور الناس ولا ان عن بطونهم فكل من تكلم في نوايا الناس فانه يضرب في مجهول ولذلك ينبغي للمؤمن ان يبعد عن الحديث عن النوايا هذه عندها علمها عند ربي لا يعلمها الا هو ومن العجيب ان ابن القيم رحمه الله في حديثه عن الجهل بالمقاصد والنوايا يقول انك انت في نفسك قد يلتبس عليك ماذا تريد؟ ماذا قصدت ايش نيتك الواحد منا قد يعمل عملا لا يعلم تماما في بعض الاحيان ما هو قصده. فاذا كنت انت لا تستطيع ان تحكم على قصدك وعلى ارادتك وما الذي تريد فكيف تتكلم في مقاصد الناس ولياتهم وما في صدورهم ولذلك يجب على المؤمن ان يمسك لسانه عن الحديث عن مقاصد الناس ونياتهم. وانما الحكم على الافعال وعلى الاقوال. فمن اظهر خيرا منه وامره الى الله ومن اظهر شراء حكم على شره بما يقتضيه فعله مما مما دلت عليه الشريعة دون ان يخوض الانسان في مقصده ونيته ارادته وما اخفاه صدره هذي مسألة في غاية الاهمية نستفيدها من ان الصحابة قصدوا خيرا بزجرهم فيما يظهر والله تعالى اعلم وهم اهل خير في قول وعمل ونية. لكن النبي صلى الله عليه وسلم نهاهم. وقال لا تزرمو مع ان قصدهم كان صالحا فالقصد الصالح لا يبرر الخطأ في الفعل القصد الصالح لا يبرر الخطأ في الفعل. قال وفيه من الفوائد ان المفسدة الاقل تحتمل لدفع المفسدة الاعظم وهذا قد يكون قد اشرنا اليه فهذا فالنبي صلى الله عليه وسلم اقر الرجل على هذه المفسدة وهي تتميم البول دفعا لما هو اعظم من المفاسد. وفيه المبادرة الى تطهير المسجد. مما يصيبه من القدر فان النبي صلى الله عليه وسلم لما قضى الرجل بوله بادر مباشرة الى تطهير النجاسة. امر صلى الله عليه وسلم بذنوب من ماء فاهريق عليه وهذا سواء كانت النجاسة في المساجد او كانت النجاسة في غيرها من البقاع. فاذا اصاب الانسان نجاسة فينبغي له ان يبادر الى ازالتها. بعض الناس يتهاون في ازالة النجاسة التي تصيبه ويتأخر في اماطتها عن نفسه وهذا غلط. فان ملابسة النجاسة تؤثر على الانسان نقصا وقصورا فان مواطن النجس هي مواطن حضور الشياطين ومواطن قربهم من الانسان. ولذلك الشياطين لا يكونون الا في الحشوش واماكن القذر وقضاء الحاجات فينبغي ان يبادر الانسان الى التنزه عن النجاسة لذلك امر النبي صلى الله عليه وسلم مباشرة بذنوب من ماء فاهريق عليه. فهذا يدل على وجوب المبادرة الى تطهير المساجد وغيرها مما تصيب تصيبه النجاسة لكن المساجد لها من الميزة والخاصية ما ليس لغيرها لان احترامها وصيانتها مما يتأكد على المسلم ومما ومما ينبغي ان يراعيه حتى يحفظ هذه المواطن التي عظمها الله تعالى مما يضعف مكانتها ويذهب تلك العظمة التي اثبتها الله تعالى لها. قال الله تعالى في بيوت اذن الله ان ترفع ويذكر فيها يسبح له فيها بالغدو والاصال رجال لا تلهيهم تجارة ولا بيع عن ذكر الله واقام الصلاة وايتاء الزكاة يخافون يوما تتقلب فيه القلوب القلوب والابصار فرفع الله شأنها بعظيم ما يكون فيها هذي المساجد رفع الله شأنها وقدرها بعظيم ما يكون فيها حيث قال في بيوت اذن الله ان ترفع. اذن اي اذن اذن شرعيا بان ترفع ورفعها ببنائها على الوجه اللائق بها يسبح له فيها بالغدو والاصال رجال لا تلهيهم تجارة ولا بيع عن ذكر الله واقام الصلاة فزكى هذه المساجد بما يكون فيها ولذلك النبي صلى الله عليه وسلم لما هذا الرجل بوله وجاء اليه صلى الله عليه وسلم قال له ان هذه المساجد لا يصلح فيها شيء من القذر ولا البول انما هي لاقامة ذكر الله والصلاة وتلاوة القرآن. فبين ما الذي ينبغي ان تستعمل فيها المساجد؟ فانها لم تبنى للقدر انما بنيت لتعظيم الله وعبادته جل في علاه. فيه من الفوائد ان الماء مطهر اذا زال النجس عينا وكذلك زال اثره لونا ورائحة فان النجاسة لما صب عليها النبي صلى الله عليه وسلم هذا القدر من الماء طهرت فالنجاسات التي على الارض تطهر صب الماء عليها او بصب ما يزيل عين النجاسة ولا يحتاج الانسان فيها الى ان يغير التراب او ان يحفر الارض فلم يأمر بشيء من ذلك صلى الله عليه وسلم. انما غاية ما جاء في الحديث انه امر بذنوب من ماء بدلو كبير صب على موضع البول حتى ذهب اثر النجاسة حتى ذهبت ذهب عين النجاسة فلم يبقى للنجاسة لون ولا رائحة ان يبقى النجاسة لون ولا رائحة وهذا الحديث من فوائده ان اعظم ما يحصل به التطهير الماء واولى ما يستعمل في تطهير النجاسات الماء لكن هل يفيد الحديث انه لا لا تطهر النجاسة الا بذلك؟ الجواب لا النجاسة تطهر ويزول اثرها بكل ما يزيل عينها واثارها سواء كان ماء او كان منظفا من المنظفات الحديثة او كان ترابا او كان ما كان من وسائل التطهير او انا ريحا تعاقبت على المكان حتى اذهبت اثر النجاسة الشمس اذا اصابت مكانا اصابه النجاسة وزال اثر النجاسة مع الوقت وتعاقب طلوع الشمس ومجيئه الى هذه البقعة فانه يزول حكم النجاسة لان النجاسة وصف متى ما زال زال حكمه متى ما زال زال حكمها وهذا ما يدل عليه فعله صلى الله عليه وسلم حيث امر بذنوب مما فاهريق على موضع البول زال وفي الحديث من الفوائد ان هذه الشريعة شريعة يسر شريعة رفق فان النبي صلى الله عليه وسلم قال لاصحابه كما في رواية ابي هريرة انما بعثتم مبشرين ميسرين ولم تبعثوا معسرين وفيه من الفوائد ان سلوك الانسان في الامر بالمعروف والنهي عن المنكر مسلكا شديدا لازالة المنكر مما ينافي يسر الشريعة. فينبغي له اذا امر بالمعروف او نهى عن المنكر ان فعل ما تقتضيه الحال من الاسلوب المناسب الذي يحقق المصلحة ويدرأ المفسدة دون عنف ولا غلظة. وهذا ما فعله النبي صلى الله عليه وسلم فانه سلك في ازالة هذا المنكر مسلكا ان حقق المقصود مع الرفق واللين واشار الى ذلك بقوله صلى الله عليه وسلم انما بعثتم ميسرين والتيسير هنا فعل الانسان وهو اخذه بالطريق الايسر لادراك المقصود واليسر نوعان يسر توصف به الشريعة وهذا لا يخلو عنه شيء من احكامها فكل احكام الشريعة يسرا قال الله جل وعلا يريد الله بكم اليسر ولا يريد بكم العسر وفي الصحيحين من حديث ابي هريرة قال النبي صلى الله عليه وسلم ان الدين يسر ولن يشاد الدين احد الا غلبه. فهذا وصف في الديانة نفسها ايضا اليسر هو فعل المكلفين من اليسر ما يكون من فعل المكلفين. وهم ان يأخذوا من احكام الدين ما يحصل به المقصود الشرعي دون مشقة ولا خروجا عن الوصف العامي للشريعة وهذا هو المقصود في قول النبي صلى الله عليه وسلم انما بعثتم ميسرين. وهو المقصود بقوله صلى الله عليه وسلم عندما بعث معاذا وابا موسى قال يسرا ولا تعسرا وبشرا ولا تنفرا فاليسر كما انه وصف الشريعة من حيث الاصل هو وصف لمن حملها. ودعا اليها واخذ بها ينبغي ان يكون ميسرا. ومعنى التيسير هو انه لا يخير بين امرين لتحقيق مصلحة شرعية او او دفء او درء مفسدة الا سلك الاسهل في تحصيل ولهذا جاء في الصحيح ان النبي صلى الله عليه وسلم ما خير بين امرين الا اختار ايسرهما ما لم يكن اثما وانتبه هنا اختار ايسرهم وبعض الناس يقف عند هذا حتى الا اختار ايسرهما اختيار الايسر انما يكون عندما لا يكون بذلك اثم. اما اذا كان في ذلك فان النبي صلى الله عليه وسلم لم يكن يختر لم يكن ليختار ما فيه اثم لان الله تعالى عصمه من الخطأ والزلل فينبغي ان يعلم ان التيسير الذي جاءت به الشريعة هو وصفها وهو فعل المكلف عندما يسلك الطريق الاسهل لتحقيق المقصود الشرعي وهذا معنى قوله صلى الله عليه وسلم انما بعثتم ميسرين. من فوائده ان حسن المعاملة تجذب القلوب وتحقق من الدنو والقرب ما لا يحققه العنف. ولذلك قال النبي صلى الله عليه وسلم في الامر بالرفق قال صلى الله عليه وسلم ما كان الرفق في شيء الا زانه ولا نزع من شيء الا شانه زانه وفي ذاته وزانه في عقبته ما كان الرفق في شيء الا زانه في ذاته وزانه في اثاره ونتائجه وثماره. وما كان الرفق وما كان العنف في شيء الا شان اي شأنه في ذاته وشأنه في عواقبه وما ينتج عنه. وهنا نموذج لذلك فهذا الرجل كان هذا الموقف حافظا لرسول الله صلى الله عليه وسلم لطفه معه ورفقه به فدعا هذا الدعاء اللهم ارحمني ومحمدا لا ترحم معنا احدا فقال له النبي صلى الله عليه وسلم لقد تحجرت واسعا وفي هذا من الفوائد انه عندما يخصك الانسان بمصلحة او فائدة لكنه يخطئ في ذلك ينبغي ان لا يمنعك احسان احسانه ان تصوب فعله فهذا الرجل اخطأ في الدعاء حيث قال اللهم ارحمني ومحمدا ولا ترحم معنا احد احدا. هو دعا للنبي او لم يدعو؟ دعا لكن دعوته للنبي لم تمنع عن نبي من ان ينبهه الى خطأه في دعائه وانه قصر واسعا وضيق فسيحا فرحمة الله وسعت كل شيء هذي جملة من الفوائد المتعلقة بهذا الحديث