ولو فرض انا فعلناه لكنا قاصدين له على هذا التقدير. لكن قصدنا له بالقصد الى تلك الجهة ممتنع في حقنا التوجه المقصود بالقصد التوجه. لان القصد التام الجازم يوجب طلب المقصود بحسب الامكان. ولهذا قد بينا في الحمد لله رب العالمين واصلي واسلم على نبينا محمد المبعوث رحمة للعالمين وعلى اله واصحابه اجمعين اما بعد. يقول رحمه الله الوجه الاول الوجه الوجه الاول من ايش؟ في اي شيء في ان من طلب العلو فانه لا يطلبه الا من جهة العلو. من طلب الفلك فانه لا يطلبه الا من جهة العليا لا يمكن ان يطلبوا من جهة اخرى يعني طلب الفعل لو ان الانسان اراد ان يصعد الى السماء منين يصعد الى السماء يدخل في باطن الارض حتى يخرج من الجهة الثانية واصعد ام يصعد من من اقرب آآ نقطة اليه وهي ان يعلو فلا يطلب جهة الصعود الا بالعلو لا يطلب الفلك الا بعلو وارتفاعه ما يطلبه من جهة اخرى هذا معنى قوله رحمه الله واذا كان مطلوب احدهم ما فوق الفلك لم يطلبه الا من الجهة العليا. لم يطلبه من جهة رجليه او يمينه او يسار يا رسول الله هذا القاتل فما بال المقتول؟ قال انه اراد قتل صاحبه وفي رواية انه كان حريصا على قتل صاحبه. فهذا اراد ارادة جازمة وفعل وفعل ما يقدر عليه وان لم يدرك مطلوبه فهو وهذا هو الجواب عن هذه الظرورة التي في قلوب الناس وفطرهم انهم اذا ارادوا السؤال والطلب لم يتوجهوا الا الى العلو. يقول رحمه الله الوجه الاول ان مطلوبه من الجهة العليا اقرب اليه من جميع الجهات. فلو قدر رجل او ملك يصعد الى السماء او الى ما فوق كان صعوده مما يلي رأسه اقرب اذا امكنه ذلك ولا يقول عاقل انه يخرق الارض ثم يصعد من تلك الناحية ولانه يذهب يمينا او شمالا او اماما او خلف الى حيث امكن من الارض ثم يصعد لانه اي مكان ذهب اليه كان بمنزلة مكانه. او هو دونه. وكان الفلك فوقه فيكون كونوا ذهابه الى الجهات الخمس تطويلا وتعبا من غير فائدة ولو ان رجلا اراد ان يخاطب الشمس والقمر فانه لا يخاطبه الا من الجهة العليا. مع ان الشمس قمر قد تشرق وقد تغرب. فتنحرف عن سمت الرأس. فكيف بمن هو فوق كل شيء دائما لا يأفل ولا سبحانه وتعالى وكما ان الحركة كحركة الحجر يطلب مركزها باقصر طريق. وهو الخط المستقيم. فالطلب الذي يقوم بقلوب العباد كيف يعدل عن الصراط المستقيم القريب؟ ويعدل الى طريق منحرف طويل يقول وكما ان الحركة كحركة الحجر يطلب مركزها يعني مركز الارض باقصر طريق وهو الخط المستقيم يعني لو قدرنا ان الارض يمكن القاء شيء الى مركزها فاذا القي الشيء هذا الحجر الى مركزها فانه لا يذهب يمنى ويسرة حتى يصل الى مركزها بل يسلك اقصر الطرق الموصل الى آآ المركز فكذلك طالب الارادي الاختياري اذا طلب الله تعالى فانه لا يطلبه يمنة ولا يسرة ولا تحت ولا امام ولا خلف انما يطلبه من جهة العلو فان كل طلب الى غير هذه الجهة هو في الحقيقة تعب وتطويل وعناء من غير فائدة. نعم والله تعالى فطر عباده على الصحة والاستقامة الا من اجتالته الشياطين فاخرجته عن فطرته التي فطر عليها. اذا الوجه الاول هو ان اقصر الطرق واقرب السبل الموصلة الى الفلك وما فوقه جهة العلو نعم الوجه الثاني انه اذا قصد السفل بلا علو كان ينتهي قصده الى المركز. وان قصده امامه او وراءه او يمينه او يساره. من غير قصد العلو كان منتهى قصده اجزاء الهوى. فلا بد له من قصد العلو ضرورة ضرورة. سواء قصد مع ذلك هذه الجهات او لم يقصدها. ولو فرض انه قال اقصده من اليمين مع العلو او من السفل مع العلو. كان هذا بمنزلة من يقول اريد ان احج من المغرب فاذهب الى خراسان. ثم اذهب الى مكة بل بمنزلة من يقول اصعد الافلاك فانزلوا في الارض ثم اصعد الى الفلك من الناحية الاخرى فهذا وان كان ممكنا في المقدور لكنه مستحيل من جهة امتناع ارادة القاصد له. وهو مخالف للفطرة ترى فان القاصد يطلب مقصوده باقرب طريق لا سيما اذا كان مقصوده معبوده الذي يعبد هو توكل عليه واذا توجه اليه على غير الصراط المستقيم كان سيره منكوسا معكوسا وايضا فان هذا يجمع في سيره وقصده بين النفي والاثبات بين ان يتقرب الى المقصود عنه ويريده وينفر عنه فانه اذا توجه اليه من الوجه الذي هو عنه ابعد واقصى وعدل عن الوجه الاقرب الادنى كان جامعا بين قصدين متناقضين. فلا يكون قصده له تاما اذ القصد التام ينفي نقيضه وضده. وهذا معلوم بالفطرة. الوجه الثاني ان من قصد جهة السفن لطلب العلو حقيقته انه يفر من الله لا يفر اليه ويبعد عنه لا يتقرب اليه وذلك حتى ولو كان يفضي الى ان يصل الى الجهة الثانية لكن في مدة توجهه من نقطته التي هو فيها الى مركز الارض هو فرار وبعد وليس فيه قرب وانجذاب الى الله تعالى. يقول رحمه الله صلى الله عليه وسلم محبة تامة. ويقصد او يحب غيره ممن يحب. سواء كانت محبته او مذمومة. متى كانت المحبة التامة؟ وطلب المحبوب طلبه من اقرب طريق يصل اليه ايه؟ بخلاف ما اذا كانت المحبة المترددة مثل ان يحب ما تكره محبته في الدين. فتبقى شهوته تدعوه الى قصده وعقله ينهاه عن عن ذلك. فتراه يقصده من طريق بعيد. كما تقول العامة رجل الى قدام ورجل الى خلف وكذلك اذا كان في دينه نقص وعقله يأمره بقصد المسجد او الجهاد او غير ذلك من المقصودات التي تحب في الدين وتكرهها النفس انه يبقى قاصدا لذلك من طريق بعيد متباطئا في السير هذا تمثيل معنوي للسير القلبي وسير العمل الى الله تعالى وهو واضح انه الانسان عنده امران عنده العقل والقلب. فاذا كانت المحبة تامة لكن هناك ما يحبه من امر الدنيا فانه يعيقه حبه هذا عن ان يسير سيرا حاثا الى الله تعالى حتى يخلص نفسه من هذه المحبة كذلك من كان دينه قاصرا وعقله تاما فان العقل يأمر اتباع الشرع لانه فلاح وصلاح في الدنيا والاخرة فتخلف المحبة مع وجود العقل الحامل والداعي الى العمل لا يكون فيه سر كما لو اجتمع العقل قلب على القصد والغرض فاذا اجتمع قلب العبد وساعده عقله في ادراك مطلوبه كان سيره سيرا حاثا وسيرا سابقا الى ادراك مطلوبه لكن اذا كان هناك تعارض بين القلب بين القصد وبين العقل او بين القلب وبين العقل لا بد ان يتعثر السير او ان يطول طريق على صاحبه. هذا مقصود رحمه الله بالتمثيل في اه هذه المسألة اه نحن فيها وهي ما اذا توجه الى غير جهة العلوم في طلب اه ربه جل وعلا. نعم وهذا كله معلوم بالفطرة. وكذلك اذا لم يكن القاصد يريد الذهاب بنفسه. بل يريد خطابا المقصود ودعاءه ونحو ذلك فانه يخاطبه من اقرب جهة يسمع دعاءه منها. وينال به مقصوده اذا كان القصد تاما ولو كان رجل في مكان عال واخر يناديه لتوجه اليه وناداه ولو حط رأسه في بئر ونادى بحيث يسمع صوته لكان هذا ممكنا لكن ليس في الفطرة ان يفعل ذلك من يكون قصده اسماعه من غير مصلحة راجحة ولا يفعل نحو ذلك الا عند ضعف القصد ونحوه واضح هذا المثال الاخير لو كنت بتدعوا شخص في اعلى الجبل فهل اذا اردت دعاءه تذهب الى البئر وتدخل رأسك فيها وتناديه او ترفع رأسك وتقول يا فلان يا فلان الثاني لا اشكال ولذلك يقول رحمه الله ولو كان رجل في كائن عار واخر يناديه لتوجه اليه وناداه ولو حط رأسه في بئر وناداه بحيث يسمع صوته لكان هذا ممكنا هذا الامر ممكن. لكن ليس في الفطرة ان يفعل ذلك من يكون قصده اسماعه من غير مصلحة راجحة ولا يفعل نحو ذلك الا عند ظعف القصد ونحوه يعني لا يفعل هذا الا لنقص في العقل او لنقص في القصد ما وده يسمع ولكنه مكلف بالسماع او مطالب بالنداء فلذلك نادى في مكان لا يحصل به المقصود والغرض نعم وحديث الادلاء الذي روي عن من حديث ابي هريرة وابي ذر رضي الله عنهما قد رواه الترمذي وغيره من حديث الحسن البصري عن ابي هريرة وهو منقطع فان الحسن لم يسمع من ابي هريرة ولكن يقويه حديث ابي ذر المرفوع فان كان ثابتا فمعناه موافق لهذا فان قوله لو ادلى احدكم بحبل لهب طعن الله انما هو تقدير مفروض. اي لو وقع الادلاء لوقع عليه. لكنه لا يمكن ان يدلي احد على الله شيئا لانه عالم بالذات. واذا اهبط شيء الى جهة الارض وقف في المركز. ولم يصعد الى الجهة اخرى لكن بتقدير فرض الادلاء يكون ما ذكر من الجزاء. والمؤلف رحمه الله بين ان الحديث لا يثبت اه فهو من رواية الحسن البصري عن ابي هريرة والحسن لم يسمع من ابي هريرة رضي الله عنه. فهكذا ما ذكره السائل اذا قدر ان العبد يقصده من تلك الجهة كان هو سبحانه كان هو سبحانه يسمع كلامه وكان متوجها اليه بقلبه. لكن هذا مما تمتنع منه الفطرة لان ان قصد الشيء القصد التام ينافي قصد ضده. فكما ان الجهة العليا بالذات تنافي الجهة السفلى. فكذلك قصد الاعلى بالذات ينافي قصده من اسفل وكما ان ما يهبط الى جوف الارض يمتنع صعوده الى الى تلك الناحية لانها عالية فترد فترد الهابط بعلوها كما ان الجهة العليا من عندنا ترد ما يصعد اليها من الثقيل فلا يصعد الثقيل الا برافع يرفعه يدافع به ما في قوته من الهبوط. فكذلك ما يهبط من اعلى الارض الى اسفلها وهو المركز لا يسعد من هناك الى ذلك الوجه الا برافع يرفعه به ما في قوته من الهبوط الى المركز فان قدر ان الدافع اقوى كان صاعدا به الى الفلك من تلك الناحية وصعد به الى الله انما يسمى هبوطا باعتبار ما في اذهان المخاطبين ان ما يحاذي ارجلهم يكون هابطا ويسمى هبوطا مع تسمية اهباته اجلاء مع تسمية اهباته اجلاء وهو انما يكون ادلاء حقيقية حقيقيا الى المركز ومن هناك انما يكون مدا للحبل والدلو لا ادلاء له لكن الجزاء والشرط المقدران لا محق فقال طيب المؤلف رحمه الله يتكلم عن التوجه في الدعاء والطلب والرغبة لا يكون الا الى جهة العلو وهذا امر فطري ولذلك قال المؤلف رحمه الله في اول كلامه واذا كان مطلوب احدهم ما فوق فلك لم يطلبه الا من الجهة العليا. لم يطلبه من جهة رجليه او يمينه او يساره لوجهين ذكر الوجه الاول وهو ان اقرب الجهاد هي جهة العلو اقرب الجهات للوصول الى الاعلى هي جهة العلو في اي جهة يذهب الانسان لطلب العلو انما يذهب الى طريق لا يستفيد منها تحصيل رغبته ويبعد سيره بلوغه الى غرضه هذا هو الوجه الاول ثم ذكر الوجه الثاني وهو انه لو قدرنا ان الارض يمكن ان يخرق منها جهة من هذا الموضع الى الجهة الاخرى من آآ من الارض وقدرنا ان شيئا القي فيها فانه سيستقر في المرض هذا ما ذكره الشيخ رحمه الله بناء على ما كان عليه اهل الطبيعة واهل الهيئة في ذلك الزمان يقول الشيخ رحمه الله وحديث الادلاء هذا استطراد يقول حديث الادلاء وهو قول النبي صلى الله عليه وسلم لو ادلى احدكم بحبل لهبط على الله وفي بعض الروايات لو انكم ادليتم بحبل لهبط على الله اه هذا الحديث اشار المؤلف رحمه الله الى انه جاء من رواية ابي هريرة وابي ذر وقد ذكره الترمذي رحمه الله وضعفه وذلك لكون الحديث من رواية الحسن البصري الحسن ابن ابي الحسن البصري اه رحمه الله عن ابي هريرة وهو لم يسمع منه فمن قال ذلك يونس ابن عبيد وغيره فان الحسن لم يسمع من ابي هريرة فالحديث منقطع وعليه فانه ضعيف الشيخ رحمه الله كأنه طلب تقوية الحديث في حديث ابي ذر فقال رحمه الله ولكن يقويه حديث ابي ذر المرفوع حديث ابي ذر فيه سياق ما في حديث ابي هريرة من الخبر عن بعد السماوات عن الارض وبعد السماء عن السماء الاخرى وما الى ذلك مما تضمنه حديث ابي هريرة الذي رواه الحسن لكن هذه اللفظة تحتاج الى تأمل هل هي محفوظة في حديث ابي ذر او لا؟ والذي يظهر انها ليست محفوظة. ولذلك الشيخ رحمه الله يقول فان كان ثابتا فمعناه موافق لهذا اي موافق للمعنى الصحيح. هذا اذا كان حديث ابي ذر موافقا. يقول رحمه الله انما هو تقدير مفروض يعني ليس هناك احتمال لوقوع المذكور في الحديث انما هو تقدير فرظي وليس امرا متوقع الحصول ولذلك قال رحمه الله انما هو تقدير مفروظ اي لو وقع الادلاء لوقع عليه لكنه لا يمكن ان يدلي احد على الله شيئا لماذا؟ لانه عالم يقول عالم بالذات واذا اهبط شيء الى جهة الارض وقف في المركز ولم يصعد الى الجهة الاخرى هذا على ما ذكر رحمه الله مما توصل اليه العلم في زمانه لكن بتقدير فرظ الادلاء يكون ما ذكر من الجزاء فهكذا يعني لو قدر لو فرض ان الادلة ممكن الادلة الان غير ممكن لانه ليس هناك ما هو مفتوح من هذه الجهة الى الجهة الاخرى من الارض الادلاء مفروض والجزع يعني ما يترتب على هذا الادلاء من الهبوط على الله تعالى مفروض فكلا الشر والجزاء في هذا الخبر مفروضين الى الشرط والجزء في هذا الخبر مفروظان. وليس هناك شيء واقع او محتمل الوقوع انما هو على وجه التقدير وذكر جماعة من العلماء في معنى الحديث ان الحديث على القول بثبوته معناه لهبط على علم الله وقدرته وسلطانه ولذلك قرأ النبي صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث بعد هذا الخبر قول الله تعالى هو الاول والاخر والظاهر والباطن وهو بكل شيء عليم وقد ذكر هذا آآ ابو عيسى الترمذي في جامعه لما ذكر الحديث وقال قال جماعة من العلماء اي انه لوقع على علم الله تعالى وقدرته وسلطانه اي انه لا يخرج فالله عن احاطة الله تعالى وعن مقتضيات الربوبية من الهيمنة والقدرة والعلم والسلطان هذا المعنى الذي ذكره ابو عيسى الترمذي رحمه الله معنى قريب هذا على القول بثبوت هذا الحديث وليس في الحديث دليل ولا شاهد لما يذكره اهل وحدة الوجود اهل الاتحاد الذين يقولون ان الله تعالى اتحد بالمخلوقات فان هذا لا دليل فيه على كذبهم وزورهم والله تعالى عال على كل شيء يقول رحمه الله فهكذا ما ذكره السائل اذا قدر ان العبد يقصده من تلك الجهة كان هو سبحانه يسمع كلامه يعني لو قدرنا ان احدا يقصد الله تعالى من جهة السفن لا من جهة العلو فانه يسمعه جل وعلا كما لو قدرنا ان احدا ادلى هبلا فانه يهبط على الله تعالى بمعنى ان الله تعالى احاط به. وان كان هذا لا يمكن ان يكون لكن المسألة التقديرية فرظ لم تكن ارادته جازمة بل يكون هما ومن هم بسيئة فلم يفعلها لم تكتب عليه فان تركها لله كتبت له حسنة. ولهذا وقع الفرق بين هم يوسف عليه السلام وهم وهم امرأة العزيز يقول رحمه الله او فرضية. يقول رحمه الله كان هو سبحانه يسمع كلامه وكان متجها اليه بقلبه. لكن هذا مما تمتنع منه الفطرة لان قصد الشيء القصد التام ينافي قصده قصد ضده. كما ان الجهة العليا بالذات تنافي الجهة السفلى فكذلك قصد الاعلى بالذات ينافي قصده من اسفل وكما ان ما يهبط الى جوف الارظ يمتنع صعوده الى تلك الناحية يعني الناحية الاخرى لانها عالية فترد بعلوها كما ان الجهة العليا من عندنا ترد ما يصعد اليها من الثقيل فلا يصعد الثقيل الا برافع يرفعه يدفع به ما في قوته من الهبوط فكذلك ما يهبط من اعلى الارظ الى اسفلها وهو المركز هذا تصويت لما ذكره من تقدير لو ان الارض يمكن ان تلقي في جوفها ما يصل الى مركزها فان بس يجذب ذلك الساقط يمكث في المركز وليس هناك قوة تدفعه الى الجهة الاخرى فالمسألة تقديرية كما ذكر رحمه الله. المراد ان الكلام هذا كلام تصويري لبيان ان ما قدروه من قصد الله جل وعلا من جهة امر غير معقول وامر لا تقره الفطر ولا تدل عليه العقول بل العقول والفطر تطلب الله جل وعلا من اقرب الطرق وهي جهة العلو نعم ثم قال فانه قال فانه قال لو ادلى لهبط اي لو لو فرض ان هناك ادلاء لفرض ان هناك هبوطا وهو يكون ادلاء وهبوطا اذا قدر ان السماوات تحت الارض وهذا التقدير منتف ولكن فائدته وبيانا للاحاطة والعلو من كل جانب. اذا هذا فرض يعني لو قال طيب كيف يذكر شيئا مفروضا؟ ما فائدته؟ نقول الفائدة بيان الاحاطة والعلو من كل جانب نعم وهذا المفروض ممتنع في حقنا لا نقدر عليه فلا يتصور ان يدلي ولا يتصور ان يهبط على الله شيء لكن الله قادر على ان يخرق من هنا الى هناك بحبل ولكن لا يكون في حقه ادلاء فلا يكون في حقه هبوطا عليه كما لو خرق بحبل من القطب الى القطب او من مشرق الشمس الى مغربها. وقدرنا ان الحبل مر في وسط الارض فان الله قادر على ذلك كله. ولا فرق بالنسبة اليه على هذا التقدير من ان يخرق من جانب اليمين منا الى جانب اليسار او من جهة امامنا الى جهة خلفنا او من جهة الى جهة ارجلنا اذا مر الحبل بالارض فعلى كل تقدير قد خرق بالحبل من جانب المحيط الى جانبه الاخر مع خرق المركز وبتقدير احاطة قبضته بالسموات والارض فالحبل الذي قدر انه خرق به العالم وصل اليه ولا يسمى شيء من ذلك نسبة اليه اجلاء ادلاء ولا هبوطا. واما بالنسبة الينا فانما تحت ارجلنا تحت لنا وما فوق رؤوسنا فوق لنا وما ندليه من ناحية رؤوسنا الى ناحية ارجلنا نتخيل انه هابط فاذا قدر ان احدنا ادلى بحبل كان هابطا على ما هناك. لكن هذا تقدير ممتنع في حقنا. والمقصود به بيان الخالق سبحانه وتعالى كما بين انه يقبض السماوات ويطوي الارض ونحو ذلك مما فيه بيان احاطته بالمخلوقات الكلام واضح قريب من التفصيل وبسط لما تقدم تقريره قبل قليل. نعم. ولهذا قرأ في تمام هذا الحديث هو الاول والاخر اخر والظاهر والباطن وهو بكل شيء عليم. وهذا كله على تقدير صحته فان الترمذي لما رواه قال وفسره بعض اهل في الحديث بانه هبط على علم الله وبعض الحلولية والاتحادية يظن ان في هذا الحديث ما يدل على قولهم الباطل وهو وانه حال بذاته في كل مكان وان وجوده وجود الامكنة ونحو ذلك. والتحقيق ان الحديث لا يدل على شيء من ذلك ان كان ثابتا فان قوله لو ادلى بحبل لهبت يدل على انه ليس في في المدلي ولا في الحبل ولا في الدلو ولا في غير ذلك وانها تقتضي انه من تلك الناحية وكذلك تأويله بالعلم تأويل ظاهر الفساد من جنس تأويلات الجهمية بل بتقدير يكون دالا على الاحاطة والاحاطة قد علم ان الله قادر عليها وعلم انها تكون يوم القيامة بالكتاب والسنة وليس في اثباتها في الجملة ما يخالف العقل ولا الشرع لكن لا نتكلم الا بما نعلم. طيب والاحاطة قد علم ان الله قادر عليها. وعلم انها تكون يوم القيامة. وذلك من قوله والارض جميعا قبضته يوم القيامة نعم لكن لا نتكلم الا بما نعلم وما لا نعلمه امسكنا عنه وما كان مقدمة دليله مشكوكا فيها عند بعض الناس كان حقه يشك فيه حتى يتبين له الحق والا فليسكت عما لم يعلم. واذا تبين هذا فكذلك قصده يقصده الى تلك الناحية هذا الموضع لما تكلمنا على تنازع الناس في النية المجردة عن الفعل هل يعاقب عليها ام لا يعاقب؟ بينا ان الارادة الجازمة توجب ان يفعل المريد ما يقدر عليه من المراد. ومتى لم يفعل مقدوره كما قال الامام احمد الهم همان هم خطرات وهم اصرار. فيوسف عليه السلام هم من تركه لله فاصيب عليه وتلك همت هم اصرار ففعلت ما قدرت عليه من تحصيل مرادها وان لم يحصل لها المطلوب. ذكر الهم والتفصيل في ببيان القصد تفريعا عن القصد هو يقول لان القصد التام الجازم يوجب طلب المقصود من قصد شيئا قصدا جازما فانه لابد ان يطلب المقصود فمثلا من كان قاصدا السفر لمكة قصدا جازما لا بد ان يطلب المقصود. بالتهيؤ والاستعداد والسعي العمل على اعداد ما يمكن اعداده لسفره والسعي في ذلك في الشروع في في السير اذا جاء وقت السير هذا هو القصد التام. فكذلك قصد الله تعالى لابد فيه من سعي تام والذهاب الى السفل ليس من القصد التام الدال على صدق الرغبة فمثلا لو ان انسانا الان اراد ان يذهب لمكة وقال انا جاهز من اريد مكة لا اريد غيرها فذهب الى جهة الرياض. هل هذا قصده جازم لا لان لان هناك ما يوصله من طريق اقرب فالذهاب الى جهة اخرى غير الجهة التي يقصدها وان كانت قد توصل الى الغرض وتؤدي المقصود هو من النوع الذي ذكره المؤلف رحمه الله مما يدل على ان القصد فيه غير تام يقول ولهذا قد بينا في غير هذا الموضع لما تكلمنا عن على تنازع الناس في النية المجردة على الفعل هل يعاقب عليها ام لا يعاقب؟ النية المجردة على فعل نية معصية المجردة عن الفعل يعني المجردة عن مواقعتها ما وقع في شيء من المعاصي هل يعاقب عليها ام لا يعاقب؟ فصل المؤلف رحمه والله او اختصر لنا ما بينه في موضع اخر قال بينا ان الارادة الجازمة توجب يعني تقتضي ويترتب عليها ان يفعل المريد ما يقدر وعليه من المراد هذي الرئة النية الجازمة لا يمكن ان تكون نية جازمة الا ويفعل فيها المريد ما يتمكن ما يستطيع من مراده. قال رحمه الله متى لم يفعل مقدوره؟ يعني متى لم يفعل ما يستطيعه؟ وما يقدر عليه من الامور لم تكن ارادة جازمة. بل يكون هما ومن هم بسيئة فلم يفعلها لم تكتب عليه سيئة. فان تركها لله كتبت له حسنة. ولهذا وقع الفرق بين هم يوسف عليه السلام وهم امرأة العزيز هل بينهما فرق؟ الله عز وجل يقول ولقد همت به وهم بها. لولا ان رأى برهان ربه فهل هناك فرق بين الهمين لا حتى الواقع سياق الايات هل فرق بين الهمين؟ نعم. ها؟ نعم في فرق وراودته التي في بيتها عن نفسه وغلقت الابواب وقالت هيت لك كل هذا ترجمة للهم الذي في القلب فهناك سعي جازم لادراك الطلب والمقصود بخلاف هم يوسف عليه السلام فانه عارض وخاطر خطر على قلبه فلما رأى برهان ربه وهو ما تبين به الحق والباطل انصرف عنه ولقد همت به وهم بها لولا ان رأى برهان ربه كذلك لنصرف عنه السوء والفحشاء. انه من عبادنا المخلصين فصرف الله تعالى عنه بهذا البرهان ولم يكن الامر في الهم سواء يعني هم لم يكن همها وهمه سواء بل كانا همين مفترقين مختلفين ولذلك قال المؤلف رحمه الله كما قال الامام احمد الهم همان هم خطرات وهو ما وقع ليوسف وهم اصرار وهو ما وقع لامرأة العزيز فيوسف عليه السلام هم هم تركه لله فاثيب عليه. وتلك همت هم اصراره ففعلت ما قدرت عليه. من تغليق الابواب والتهيء والمراودة. لكن ما حصل لها ما يريد فهل تعاقب على هذا الهم او لا تعاقب تعاقب يوسف هل يعاقب على ما جرى من هم؟ لا لانه لم يكن هناك هم جازم انما كان هما عارضا. يقول رحمه الله وتلك همت هم اسرافها فعلت ما قدرت عليه من تحصيل مرادها وان لم يحصل لها المطلوب. والذين قالوا يعاقب بالارادة والذين قالوا يعاقب بالارادة احتجوا بقوله صلى الله عليه وسلم اذا التقى المسلم ان بسيفيهما فالقاتل المقتول في النار. قالوا منزلة امرأة العزيز فمتى كان القصد جازما لزم ان يفعل القاصد ما يقدر عليه من حصول المقصود فاذا كان قادرا على حصول مقصوده بطريق مستقيم. طيب. يقول والذين قالوا يعاقب بالارادة يعني من اراد المجردة عن الطلب الارادة التي هي مجرد الهم احتجوا بقوله اذا التقى المسلمان بسيفيهما فالقاتل والمقتول في النار قالوا يا رسول الله هذا القاتل فما بال المقتول؟ قال انه اراد قتل صاحبه وفي رواية انه كان حريصا على قتل صاحبه. هذا الحديث في الصحيحين من طريق الحسن عن الاحنف ابن قيس رحمه الله عن ابي بكرة يقول الاحنف خرجت الى جهة العراق اريد ان انصر هذا الرجل يعني علي بن ابي ابي طالب رضي الله عنه فلقيني ابو بكرة او فلقيت ابا بكرة فقال الى اين؟ قلت الى هذا الرجل انصره فقال له اني سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول اذا التقى المسلمان بسيفيهما فالقاتل والمقتول في النار قالوا يا رسول الله هذا القاتل فما بال المقتول؟ قال انه اراد قتل صاحبه. وفي رواية انه كان حريصا على قتل صاحبه الان الذين قالوا بالمعاقبة بالارادة المجردة ما ما يحصل استدلالهم بهذا الحديث لان هنا ليس ليست الارادة مجردة بل الارادة فيها سعي وعمل واذا قال اذا التقى المسلم ان بسيفيهما فهنا التقاء وحمل سلاح وسعي في تحصيل مطلوب فلا يمكن ان يستدل بهذا على ان النية المجردة للمعصية يعاقب بها الانسان الا اذا كانت نية جازمة فعل معها المريد ما يستطيع ما يقدر عليه من الوسائل التي يحصل بها مطلوبه. يقول فهذا اراد ارادة جازمة وفعل ما يقدر عليه. وان لم يدرك مطلوبة فهو بمنزلة امرأة العزيز فمتى كان القصد جازما نعم فمتى كان القصد جازما لزم ان يفعل القاصد ما يقدر عليه من حصول المقصود. فاذا كان قادرا على حصول مقصوده بطريق مستقيم امتنع القصد التام اي اي يحصله بطريق معكوس من بعيد. لان المقصود من الرسالة وانه اذا كان الانسان يستطيع ان يصل الى طلبته من جهة قريبة لا يقصد الجهة البعيدة فالذي يريد ان يدعو الله جل وعلا ما يتوجه الى السفن انما توجه الى العلو لانه اقرب الطرق الى قصده وغرضه فلهذا امتنع في فعل العباد عند ضرورتهم ودعائهم لله تعالى وتمام قصدهم له الا يتوجهوا اليه الا توجها مستقيما توجهوا الى العلو دون سائر الجهاد لانه الصراط المستقيم القريب. الله اكبر. وما سواه فيه من البعد والانحراف والطول ما فيه فمع القصد التام الذي هو حال الداعي العابد والسائل المضطر يمتنع ان يتوجه اليه الا الى العلو. ويمتنع ان يتوجه اليه الى جهة اخرى كما يمتنع ان يدلي بحبله يهبط عليه فهذا هذا والله اعلم واما من جهة الشريعة كل هذا استدلال بالعقل على صحة التوجه الى العلو في طلب الله جل وعلا دعاء اه رغبة ورهبة والله تعالى اعلم ونكمل ان شاء الله في الدرس القادم