فقوله صلى الله عليه وسلم ومعهم سبعون الفا مع مجموع الروايات الاخرى التي التي فيها ان مع كل الف سبعون الفا وفي بعض الروايات مع كل واحد سبعون الفا يدل هذا على ايش؟ على كثرة هؤلاء وانه ليس المقصود سبعون الفا انما السبعون كثرة ووفرة نسأل الله ان نكون منهم. ومعهم سبعون الفا يدخلون الجنة. اي يدخلون النعيم التام الكامل الذي لا نصب فيه ولا وصب لا هم فيه ولا حزن التي هي دار كرامة الله عز وجل لاوليائه وعباده الصالحين. يدخلون الجنة بغير حساب اي من دون حساب. وهنا يتميز هؤلاء عن غيرهم بانهم لا تقام لهم موازين المحاسبة. لا تقام لهم موازين المحاسبة فيكون معهم من الايمان يتضائل معه كل سيء وتقصير لا يعني انهم معصومون من الخطأ. فكل ابن ادم خطاء كما قال النبي النبي صلى الله عليه وسلم لكن فضل الله بلغهم منزلة تلاشت معها كل السيئات وزالت عنهم كل الخطايا فلم تبقى لهم خطيئة لتوزن بل يدخلهم الله تعالى الجنة بغير حساب ولا عذاب اي ولا عذبونا على ما كان من سيء عملهم. قال ثم نهب رسول الله صلى الله عليه وسلم فدخل منزله. فخاض الناس في اولئك النبي صلى الله عليه وسلم اخبر بالخبر وهما عرض عليه من احوال الامم وما عرظ عليه من حال امته صلى الله عليه وعلى اله وسلم ثم نهى. اما لعارض او ولان المجلس انتهى وانفظ فدخل صلى الله عليه وسلم منزله فخاض الناس في اولئك اي تباحثوا في من هؤلاء الذين يدخلون الجنة بغير حساب ولا عذاب. ما هي صفاتهم؟ وما الذي بلغهم هذه المنزلة العالية السامية فقال بعضهم اي بعض الصحابة فلعلهم الذين صحبوا رسول الله صلى الله عليه وسلم اي لعل هؤلاء الذين يدخلون جنة بغير عذاب حساب ولا عذاب قوم صحبوا رسول الله صلى الله عليه واله وسلم فبلغوا هذه المنزلة بصحبتهم النبي صلى الله عليه وعلى اله وسلم. وقال اخرون فلعلهم الذين ولدوا في الاسلام فلم يشركوا بالله شيئا فسلموا من الشرك منذ ان خلقهم الله هم محققون للتوحيد سالمون من الشرك. فقال الراوي وذكروا اشياء يعني وذكروا اشياء غير هذا هو ذكر ابرز ما دار عليه كلام الصحابة في تعيين الذين قال فيهم النبي صلى الله عليه وسلم ومعهم سبعون الفا يدخلون الجنة بغير حساب ولا عذاب. قال فخرج عليهم رسول الله صلى الله عليه وسلم اي وهم في خوضهم وبحثهم ونقاشهم فقال صلى الله عليه وسلم في بيان الذين يدخلون في صفات الذين يدخلون الجنة بغير حساب ولا عذاب قال هم الذين لا يسترقون ولا يكتوون ولا يتطيرون. وعلى ربهم يتوكلون. ذكر النبي صلى الله عليه وسلم لهؤلاء اربع خصال بها نالوا هذه المنزلة الكبرى وبها فازوا بهذه المنزلة العالية ان دخلوا الجنة بغير حساب ولا عذاب. اول اولى هذه الخصال انه انهم لا يسترقون. ومعنى قوله صلى الله عليه وسلم لا يسترقون اي لا يطلبون الرقية من غيرهم هذا معنى قوله لا يسترقون استرقى اي طلب الرقية. فقوله صلى الله عليه وسلم في ذكر صفاتهم لا سنقول اي ان اي انهم لا يطلبون الرقية من غيرهم وهل هذا يعني انهم لا يرقون انفسهم ولا يرقون غيرهم؟ الجواب لا انما لا يطلبون الرقية من غيرهم لكن فيما يتعلق برقيتهم انفسهم ورقيتهم غيرهم فان الحديث لم يتعرض في هذه الرواية لهذا الشعب. فقوله لا يسترقون اي لا يطلبون الرقية من غيرهم. وقد اشكل هذا على جماعة من اهل العلم. لماذا النبي صلى الله عليه وسلم من موجبات الفوز بهذا الوصف وهو دخول الجنة من غير حساب ولا عذاب انهم لا يسترقون فالتمسوا لذلك عددا من الاجوبة. فقيل ان ذلك لان النبي صلى الله عليه وسلم كره التداوي جعلوا هذا هو السبب في كون الرقى مما في كون طالب الرقية مما كرهه النبي صلى الله عليه وسلم الا ان هذا ليس بصحيح فان النبي صلى الله عليه وعلى اله وسلم امر بالدواء ودلع وحث عليه واخبر انه ما من الا انزل الله له دواء فليس التداوي منهيا عنه على وجه الاطلاق او في كل صوره بل ثمة تفصيل في ما يجب استعماله من الادوية وفيما يكره استعماله من الادوية وفيما يحرم استعماله من الادوية وفيما لله قانتا حنيفا لا شيء من اعمال الشرك او خصاله في قلبه ولا في قوله ولا في عمله ثم ساقف بعد ذلك حديث محمود ابن لبيد اخوف ما وهو حديث اسناده جيد في المسند وغيره قال النبي صلى الله عليه وسلم اخوف ما تحل استعمال من الابيات فالدواء والتداوي يجري فيه الاحكام الخمسة لكن فيما فليس هو السبب قال اخرون ان نهي النبي صلى الله عليه وسلم عن الرقية لما في الرقى من شرك وهذا ليس بصحيح فان الرقى منها ما هو شرك ومنها ما هو ليس بشرك وقد فعله النبي صلى الله عليه وسلم. فان النبي صلى الله عليه وسلم كان يعوذ الحسن والحسين وكان صلى الله عليه وسلم يرقي نفسه لدفع البلاء بجمع يديه بقراءة كل ليلة عندما يأوي الى فراشه بقراءة الاخلاص والمعوذتين ومسح ما ما استطاع من بدنه صلى الله عليه وعلى اله وسلم. فليس هذا هو السبب وانما السبب في اصح الاقوال كون هذه الخصلة من موجبات الفوز دخول الجنة بغير حساب ولا عذاب ان ذلك من كمال الاستغناء عن الخلق. فقوله صلى الله عليه وسلم لا يسترقون اي لا يسألون الناس ولا يطلبونهم شيئا بل علقوا قلوبهم بالله الذي بيده مفاتيح الفرج بالله الذي بيده العفو والعافية بالله الذي منه تسأل المطالب وترغب الحاجات فلا يلتفتون الى سواه جل في علاه هذا اقرب ما يقال في سبب فوز هؤلاء بهذه الفظيلة انهم لا يسترقون اي لا يسألون غيرهم شيئا. واما الرقية فالرقية قد ثبتت عن النبي صلى الله عليه وسلم فعلا ندبا وامرا فقد قال صلى الله عليه وسلم للمرأة التي كان بها النظرة قال استرقوا لها فان بها النظرة بها عين هذا اصح ما يقال فيما آآ يتعلق بالسبب الذي آآ في قوله صلى الله عليه وسلم ولا واول الخصال اولى الخصال التي ذكرها لا يكتوون اي لا يطلبون الكي وذلك ان الكي هو استعمال للنار في طلب الشفاء على نحو معروف عند اهل الاختصاص. و قوله لا يكتوون اي لا يستعملون الكي سواء بفعل منهم او بفعل من غيرهم بطلب منهم او بطلب من غيرهم وذلك لما في الكي من الايلام واحتمال الافادة والنفع. واستعمال الكي ليس منهيا عنه ولا محرما لكن الفظيلة في ان يتركه الانسان. ولذلك قال النبي صلى الله عليه وسلم فيما رواه البخاري مسلم ان يكن الشيء ان يكن الشفاء في شيء اي ان تكن العافية في شيء من ادويتكم ففي شربة عسل وشرطة محجم ولذعة ولذعة بنار توافق الداء وما احب ان اكتوي فاخبر النبي صلى الله عليه وسلم بنفع الاكتواء بنفع استعمال النار في آآ الكي لطلب الشفاء لكنه صلى الله عليه وسلم اخبر انه لا يحب ان يكتوي صلى الله عليه وعلى اله وسلم. وقد جاء ان النبي صلى الله عليه وسلم بعث الى ابي بن كعب رضي الله تعالى عنه طبيبا فقطع منه عرقا وكواه وكذلك في سعد ابن معاذ رضي الله تعالى عنه حين اصيب في اكحله حسمه رسول الله صلى الله عليه وسلم بيده بمشخص ثم ورم فحسمه ثانية ثم انه صلى الله عليه وسلم اه امره بالاكتواء. فهذا كله يدل على ان الاكتواء قد يستعمل فيكون قوله لا يكتوون اما فيما لا يفيد فيه الكي يقينا واما في ترك الكي كليا واستعمال غيره من الادوية والاقرب والله تعالى اعلم ان في قوله لا يكتوون اي لا يستعملون المظنون من العلاج من الكي وغيره انما لا يستعملون الا ما تحقق نفعه من الادوية والكي نافع لكنه في نفعه ليس على درجة واحدة بل هو على درجات فمنه ما هو محقق كحسب الجراح يعني قطع نزف الدم هذا محقق النفع فاذا كوي العرق الذي ينزف انقطع دمه كما حصل في قصة ابي وفي قصة سعد معاذ ومنهما هو مظنون قد ينفع وقد لا ينفع ومنه ما هو موهوب. ففي حال المظنون والموهوب ترك هو اسلم وهو من موجبات الفوز بما ذكر النبي صلى الله عليه وسلم من دخول الجنة بغير حساب ولا عذاب. اما الخصلة الثالثة التي ذكرها النبي صلى الله عليه وعلى اله وسلم فهي قوله ولا يتطيرون. اي لا يتشائمون. فالتطير هو التشاؤم بمسموع يسمع صوت ويقول سيأتي اليوم شر. او معلوم تأتيه معلومة وخبر يقول سيأتي اليوم شر يتشائم بما سمع من المعلومات او مرئي بان يرى شيئا ويتشاءم ويقول سيحصل شيء من الشر بسبب انه رأى كذا وكذا مما لا علاقة له بالشر. لكن لو قال قائل لقوم سيأتيكم اليوم ما تكرهون من كذا وكذا. هذا خبر وليس تشاؤما فينبغي ان يتخذ العدة له لكن الكلام ان يسمع صوتا او يرى شيئا او اه يعلم شيئا لا علاقة له بالمكروه لكن يقرنه وفي نفسه بمكروه عند ذلك يكون من التشاؤم الذي يتنافى مع تمام الاخلاص لله عز وجل مع امام الايمان به وبقدره وقضائه جل في علاه. ولذلك قال ولا يتطيرون اي لا يتشائمون وسيأتي ان شاء الله تعالى حديث عن الطيرة المحرمة وآآ ما اذن فيه النبي صلى الله عليه وسلم من الفأل والبيع والفرق بين الفأل وهو سماع شيء يسر به وينشط في الى خير وسماع شيء يقعده يهمه يجعله يتشائم بما بلغه مما سمعه من صوت او رآه من آآ منظر او علمه من علم. قال بعد ذلك في الخصلة الرابعة وعلى ربهم يتوكلون الخصال التي ذكرها النبي صلى الله عليه وسلم في بحق من قال عنهم يدخل الجنة بغير حساب ولا عذاب. ثلاثة عطف عليها خصلة رابعة. لا يكتوون ولا يسترقون ولا يتطيرون قال وعلى ربهم يتوكلون. هذه الخصلة من اهل العلم من قال هي جماع الخصال المتقدمة فان فانه لا يتحقق مجموع الخصال المتقدمة الا بالتوكل. فيكون هذا من باب عطف العام على الخاص والقول الثاني ان هذه خصلة زائدة على الخصال المتقدمة وهي اوسع منها وهذا القول هو الاقرب فان ترك الاكتواء وترك التطير وترك الاسترقاء لا شك انه من التوكل لكن التوكل اوسع من ذلك فالتوكل على الله هو صدق الاعتماد عليه في بالمنافع ودفع المضار. صدق الاعتماد على الله في جلب المنافع ودفع النظر هو التوكل الذي به الانسان هذه المرتبة العالية فقوله صلى الله عليه وسلم وعلى ربه متوكلون الصحيح انها خصلة زائدة على الخصال المتقدمة وان كانت الخصال المتقدمة مندرجة فيها ولها بها صلة لكنها اوسع منها. فيمكن ان يقال هذا من باب عطف العام على الخاص بيان صلته بالباب. بعد ذلك قال الامام رحمه الله باب الخوف من الشرك. لا يمكن ان يحقق احد على وجه الكمال الا اذا خاف من الشرك. فانه من خاف من الشرك سلم منه وتوقاه ليشمل بقية خصال التوكل في كل احوال الانسان واعماله فليس ذلك مقصورا على هذه الخصال الثلاثة من ترك الاكتواء ومن ترك الاسترقاء ومن ترك التطير بل كل خصال التوكل هي مشروطة لتحقيق تمام الفوز بهذا الفضل العظيم الذي ذكره النبي صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث حيث قال صلى الله عليه وسلم لا لا يكتوون ولا يتطيرون ولا لا يكتوون ولا يسترقون ولا يتطيرون وعلى ربهم يتوكلون. وفي بعض الروايات قال صلى الله عليه وسلم ولا يرقون لكن هذه الرواية غير محفوظة. والصواب ان الرقية ليست من ان اه ترك الرقية بمعنى ترك ان ترقي غيرك ليس من موجبات الفضل المذكور في هذا الحديث فهو وهم فان هذه الرواية شاذة فان هذه الرواية غير صحيحة بل هو انهم لا يسترقون. واما لا يرقون فانها غير محفوظة وقد ثبت عنه صلى الله عليه وسلم انه كان يرقي نفسه ويرقي غيره فدل ذلك على انه ليس من الخصال التي ينال بها الانسان ما ذكر النبي صلى الله عليه وسلم من دخول الجنة بغير حساب ولا عذاب. لما اخبر النبي صلى الله عليه وسلم بما اخبر به من هذه الفضيلة العظيمة التي يدركها الانسان بهذه الاعمال قال عكاشة ابن محصن عكاشة ابن محصن رضي الله تعالى عنه وهو من الصحابة قال يا رسول الكرام قال يا رسول الله ادع الله ان يجعلني منهم اي سل الله لي ان يجعلني منهم اطلب الله لي ان افوز بهذه الخصال وان اتحلى بها. فقال النبي صلى الله عليه وسلم انت منهم. وفي رواية اخرى قال اللهم اجعله منهم قوله صلى الله عليه وسلم انت منهم خبر من النبي صلى الله عليه وسلم بان عكاشة من هؤلاء الذين يفوزون بهذا العطاء العظيم الجزيل حيث قال له النبي صلى الله عليه وسلم انت منهم؟ ثم قام رجل اخر فقال ادعو الله ان يجعلني منهم اي طلب منه ان يدعوه الله له بان يجعله منهم. فقال صلى الله عليه وسلم سبقك بها عكاشة وهذا من حسن جواب النبي صلى الله عليه وسلم في ايقافي هذا السؤال الذي سيتتابع عليه القوم. بان قال سبقك بها عكاشة وهذا هو السبب في ان النبي صلى الله عليه وسلم اجاب بهذا الجواب. من اهل العلم قال انه لم يجبه صلى الله عليه وسلم الى ما طلب لانه كان من اهل النفاق وهذا ليس بصحيح اولا جاء في بعض الروايات ان السائل هو سعد ابن عبادة وسعد ابن عبادة من خيار اصحاب النبي صلى الله عليه وسلم وليس في النفاق وليس من المنافقين وليس في النفاق في شيء رظي الله تعالى عنه. ثم انه آآ لو كان منافقا لما طمع بهذا الفضل فانه لا يسأل هذا الفضل الا من صدق وامن والمنافق لا يقوم في قلبه رغبة في وفي في في مثل هذا لعدم تصديقه. النبي صلى الله عليه وسلم وانما الجواب عن لماذا قال النبي صلى الله عليه وسلم لهذا الرجل سبقك بها عكاشة هو ان النبي صلى الله عليه وسلم اراد ان يوقف تتابع السائلين في قولهم ادعوا الله ان جعلني منهم ولا سبيل الى ايقاف تتابع السائلين لهذا الفضل الا بهذا الجواب ولذلك لم يقل احد من الصحابة بعد ان قال صلى الله عليه وسلم سبقك بها عكاشة ادع الله ان اكون منهم. فدل هذا على ان السبب ليس كما قيل من انه من انهم من ان السائل كان منافقا او نحو ذلك من الاسباب والشاهد من هذا الحديث ان تحقيق التوحيد موجب بفظل الله وعطاءه فان النبي صلى الله عليه وسلم قال في بيان هؤلاء الذين يدخلون الجنة بغير حساب ولا عذاب وهم خيار الامة واعلاها منزلة واكملها قال صلى الله عليه وسلم هم الذين لا يكتوون ولا يسترقون ولا يتطيرون وعلى ربهم يتوكلون دل ذلك على ان تحقيق التوحيد لكمال الاقبال على الله والاخلاص له وتحقيق العبودية له وطلب العطاء منه والاعتماد عليه في جلب المنافع ودفع المظر وقطع النظر عن سائر الخلق هو مما يوجب هذه الفظيلة العظمى والمنزلة الكبرى ان يكون على هذا النحو الذي ذكر النبي صلى الله عليه وسلم من دخول الجنة بغير بحساب ولا عذاب. هذا هو المقصود من سياق هذا الحديث وما فيه من مسائل تكلم عنها العلماء انما هي من مسائل الخارجة عن مقصود الباب ولذلك نقتصر على هذا القدر في التعليق على هذا الحديث وبعد عن اسبابه ولا يتحقق التوحيد الا بذلك. ولهذا كان ابراهيم عليه السلام يسأل الله السلام من الشرك في قلبه وقوله وعمله ويقول واجنبني وبني ان نعبد الاصنام. ساق المصنف رحمه الله في في في في ما يتعلق بباب الخوف من الشرك جملة من النصوص منها نعم وقال الخليل عليه السلام واجلبني وبني ان نعبد الاصنام والحديث اخوف ما اخاف عليكم الشرك الاصغر فسأل عنه فقال الرياء. وعن ابن مسعود رضي الله عنه وان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال من مات وهو يدعو لله ندا دخل النار. رواه البخاري وللمسلم عن جابر رضي الله عنه ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال من لقي الله يشرك به شيئا دخل الجنة ومن لقيه يشرك به شيئا دخل النار. قوله رحم الله باب الخوف من اي باب عدم الامن منه. الا يأمن الانسان على نفسه الوقوع في الشرك. وكلما امن الانسان من الشيء فانه وشك ان يلحقه ما امن منه ويوقعه في شيء من حبائله التي لا يسلم معها مما ولذلك من تمام تحقيق التوحيد ان يخاف الانسان من الشرك. قال الله عز وجل ان الله لا يغفر ان ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء. وهذا يوجب الحذر من هذا الذي يمنع من الفوز بمغفرة الله عز وجل فان الله الاخبر انه يغفر لعباده ما شاء عدا شيئا واحدا فانه من موجبات منع المغفرة. اعظم ما يوجب منع المغفرة هو الشرك ولذلك قال ان الله لا يغفر ان يشرك به اي يمنع المغفرة وقوع الشرك منك لكن ما عدا ذلك من سيء العمل تحت المغفرة ولذلك قال ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء. والمغفرة المقصود بها هنا تجاوز عن الذنب بعدم المؤاخذة به وستر صاحبه. فالمغفرة تدور على معنيين. المعنى الاول التجاوز والصفح. والمعنى الثاني انه لا يفضح صاحبه بل صاحب الذنب بل يستره جل في علاه. ومن ادلة وجوب الخوف من الشرك وانه ينبغي الا يأمن احد نفسه على الشرك ان ابراهيم عليه السلام الذي وصفه الله تعالى بقوله ان ابراهيم كان امة قانتا لله ولم يكن من المشركين كان من دعائه واجنبني وبني ان نعبد الاصنام. فشيء خافه ابراهيم عليه السلام الا على نفسه وعلى ذريته. اليس جديرا بنا ان نخافه على انفسنا وعلى ذرياتنا؟ بلى والله. ولذلك ساق بهذا الدعاء فقال واجلبني وبني ان نعبد الاصنام وذاك لخوفه من الوقوع في الشرك مع انه عليه السلام هو الذي كسر اصنام بيده لكن مع هذا لم يأمن ان يدب الى قلبه شيء من الميل الى هذه الاصنام او ان يزين ذلك الشيطان له او لذريته دعا الله السلامة من ذلك بان يجنبه وبنيه ان يعبدوا الاصنام. ولا يتحقق هذا الا بتمام التوحيد لله بان يكون اخاف عليكم الشرك الاصغر. فسئل عنه فقال الرياء. هذا بيان ان الشرك ينبغي ان يخافه الانسان فان النبي على امته فقال اخوف ما اخاف عليكم الشرك الاصغر. والشرك الاصغر اي الشرك الذي هو دون الاكبر فالشرك نوعان شرك اكبر وهو صرف العبادة لغير الله وشرك اصغر وهذا يدخل فيه شيء كثير من العمل في القول او في القلب او في آآ الجوارح وهو ما يكون وسيلة الى الشرك الاكبر فالشرك الاكبر صرف العبادة لغير الله والشرك الاصغر هو كل ما يكون وسيلة او ذريعة للشرك الاكبر فالنبي صلى الله عليه وسلم يقول اخوف ما اخاف عليكم الشرك الاصغر. فلما سئل عن ما هو الشرك الاصغر الذي تخافه تخافه على امتك؟ عرفه النبي صلى الله عليه وسلم بصورة من صوره وهي من صوره الشائعة التي يخاف على على المؤمنين منها وهو الرياء قال صلى الله عليه وسلم الرياء وهذا ليس تعريفا له الحصر انما تعريف له بالمثال. فالشرك الاصغر منه الرياء وهو ان يعمل الانسان العمل طلبا لمدح الناس او دفعا لذمهم. فمن عمل عملا من من ما يتقرب به الى الله عز وجل. اراد به طلب المدح من الناس. طلب الثناء من الناس او طلب دفع المذمة من الناس لم يكن بذلك مخلصا بل كان بذلك واقعا في شيء من الشرك وهو الشرك الاصغر. وعليه يفهم من هذا ان الخوف الذي ذكره المؤلف رحمه الله في الترجمة بقول باب الخوف من الشرك يشمل الخوف من الشرك الاصغر والشرك الاكبر. فينبغي للمؤمن ان يخاف من هذا وهذا يخاف من الشرك الاكبر كما خافه ابراهيم على نفسه في قوله واجنبني وبني ان نعبد الاصنام ويخاف من الشرك الاصغر لان النبي خافوا على امته فقال صلى الله عليه وسلم اخوف ما اخاف عليكم الشرك الاصغر فسأل عنه فقال الرياء. ثم ذكر ما يوجب الخوف من الشرك ببيان عظيم العقوبة المرتبة على الشرك. فذكر اولا ان الشرك مانع للمغفرة. فمن وقع في شيء من الشرك حال ذلك بينه وبين المغفرة فان الله تعالى قال ان الله لا يغفر ان يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء. ثم ذكر في الاحاديث حديث حديث عبد الله بن مسعود وحديث جابر وكلاهما يبينان ان الشرك موجب للعقوبة بالنار نعوذ بالله من الخذلان قال النبي صلى الله عليه وسلم من مات وهو يدعو من دون الله ندا دخل النار. من مات على هذه الحال وهو يدعو من دون الله ندا يتعبد لغير الله سواء كان ذلك بالدعاء والاستغاثة او كان ذلك بميل القلب والتقرب الى الله اليه باعمال القلوب التي لا تكون الا لله دخل النار. وقوله ندا اي نظيرا من يدعو لله ندا اي من يجعل لله نظيرا مهيلا مساويا وهذا تعريف للشرك. الشرك هو تسوية غير الله بالله. لو قيل لك ما الشرك هو تسوية غير الله بالله ان تسوي غير الله بالله فهذا هو الشرك الذي حذرت منه الرسل وهو الذي يوجب دخول النار كما قال النبي صلى الله عليه وسلم من مات وهو يدعو لله ندا دخل النار. وفي الحديث الاخر عند مسلم حديث جابئ حديث ابن جابر ان النبي صلى الله عليه وسلم قال من لقي الله لا يشرك به شيئا دخل الجنة. ومن لقيه يشرك به شيئا دخل النار وهذا كله يبين ضرورة الخوف من الشرك وانه لا يأمن الانسان على نفسه آآ الشرك ولا ان يحقق التوحيد الا بالخوف منه. نسأل الله عز وجل ان يعيذنا واياكم من الشرك ظاهرا وباطنا. ان يرزقنا واياكم تمام الاخلاص له وان يجعلنا من عباده المتقين وحزبه المفلحين واوليائه الصالحين وان يصرف عنا السوء والشر ظاهرا وباطنا وان يجعلنا من من عباده المخلصين المخلصين. فان ذلك مفتاح العطاء فان ذلك مفتاح العطاء والبر. وصلى الله وسلم على نبينا محمد