من ايات الذكر الحكيم في سورة الانعاء في سورة ال عمران ونعلق عليها بما فتح الله جل وعلا اعوذ بالله من الشيطان الرجيم. بسم الله الرحمن الرحيم ومن اهل الكتاب من ان تأمنه بقنطر يؤده اليك السلام عليكم ورحمة الله وبركاته الحمد لله حمدا كثيرا طيبا مباركا فيه حمدا يرضيه واشهد ان لا اله الا الله وحده لا شريك له اله الاولين والاخرين لا اله الا هو الرحمن الرحيم واشهد ان محمدا عبد الله ورسوله صفيه وخليله خيرته من خلقه صلى الله عليه وعلى اله ومن اتبع سنة واقتفى اثره باحسان الى يوم الدين اما بعد نقرأ ما يسر الله تعالى ومنهم من ان تأمنه بدينار لا يؤده اليك الا ما دمت عليه قائما ذلك بانهم قالوا ليس علينا في الاميين سبيل. ويقول على الله الكذب وهم يعلمون بلى من اوفى بعهده واتقى فإن الله يحب المتقين ان الذين يشترون بعهد الله وايمانهم ثمنا قليلا اولئك لا خلاق لهم في الاخرة ولا يكلمهم الله ولا ينظر اليه ولا ينظر اليهم يوم القيامة ولا يزكيهم ولهم عذاب اليم وان منهم لفريقا يلون السنتهم بالكتاب. لتحسبوا ومن الكتاب وما هو من الكتاب ويقولونه ومن عند الله وما هو من عند الله ويقولون على الله الكذب وهم يعلمون ما كان لبشر ان يؤتيه الله الكتاب والحكم والنبوة ثم يقول قل ثم يقول للناس كونوا عبادا لي من دون الله ولكن كونوا ربانيين بما كنتم تعلمون الكتاب وبما كنتم تدرسون ولا يأمر ولا يأمركم ان تتخذوا الملائكة والنبيين اربابا. ايأمرون ركن بالكفر بعد اذ انتم مسلمون ذكر الله جل وعلا في هذه الايات ما وصف به بعض اهل الكتاب فقال ومن اهل الكتاب من ان تأمنه بقنطار يعني بمال كثير يؤده اليك اي يدفعه كاملا ويوفيك اياه على وجه لا نقص فيه. يؤده اليك ومنهم اي ومنهم فريق اخر ان تأمنه بدينار وهو جزء يسير من القنطار لا يؤده اليك الا ما دمت عليه قائما والسبب في ذلك هو ما ذكر الله تعالى عنهم ذلك بانهم قالوا ليس علينا في الاميين سبيل ويقولون على الله ما ويقولون على الله الكذب وهم يعلمون اي ليس علينا من الله حرج في ان نأخذ اموال الاميين يعني من غير بني اسرائيل يقول الله تعالى على الله الكذب اي يفترون عليه وهم يعلمون. ثم قال بلى من اوفى بعهده واتقى فان الله يحب المتقين ثم ذكر الله جل وعلا حال قوم اخذوا الدنيا وضيعوا وصايا الله عز وجل وايمانهم مقابل ما يكتسبونه من متع الدنيا. فقال تعالى ان الذين يشترون بعهد الله وايمانهم ثمنا قليلا هؤلاء ماذا صنعوا الذي صنعوه هو انهم اخذوا الدنيا والمال الذي في مقابله اخذ الدنيا او العوظ والثمن الذي بذلوه لاخذ الدنيا هو تظييعهم لعهد الله وحنثهم وكذبهم في ايمانهم. واذا قال ان الذين يشترون بعهد الله اي بوصاياه وامره ونهيه وما عاهد عليه الناس من الايمان به ان الذين يشترون بعهد الله وايمانهم ثمنا قليلا ايمانهم اي باقسامهم بالله عز وجل ثمنا قليلا اي مالا قليلا يدفعونه مالا قليلا يكسبونه بهذه الايمان الكاذبة او عدم قيامهم بما عاهدوا الله تعالى عليه من التزام شرعه والقيام بحقه ذكر الله جل وعلا في عقوبتهم خمس عقوبات ان الذين يشترون بعهد الله وايمانهم ثمنا قليلا اولئك لا خلاق لهم في الاخرة ليس لهم في الاخرة نصيب ولا يكلمهم الله ولا ينظر اليهم يوم القيامة ولا يزكيهم ولهم عذاب اليم هذه خمس عقوبات رتبها الله تعالى على اخذ المال من طريق محرم اما بمخالفة امر الله او بالايمان الفاجرة الكاذبة ولهذا ينبغي لكل من دخل في معاملة سواء كان فيها ايمان او لم يكن فيها ايمان ان ينظر الحلال من الحرام فان اكل الحرام موبق يعني خمس عقوبات رتبها الله تعالى على الذين يخالفون ما امر به جل وعلا في بالمحرم سواء كان الكسب المحرم بمخالفة ما امر الله به ورسوله من اكل الربا اكل الميسر الغش التدليس الاختلاس خيانة العهود والمواثيق. عدم الوفاء بالعقود باي سبيل من سبل المال الطرق المحرمة التي يكتسب الانسان بها مالا حراما فانه مهدد بهذه العقوبة وثمة طريق اخر يكسب به الناس او يكسب به بعض الناس مالا وهو اليمين يحلف بان له كذا والواقع انه لا شيء وانه كاذب في يمينه لكن هذه اليمين انتزع بها واقتطع بها حق امرئ مسلم من مال امرئ مسلم فهذا وعيده ما ذكر الله عز وجل في هذه الاية اولئك اولئك لا خلاق لهم في الاخرة اي لا نصيب لهم في الاخرة ولا يكلمهم الله ولا ينظر اليهم يوم القيامة ولا يزكيهم يعني لا يطهرهم ولا يسلمهم من ذنوبهم ولهم عذاب اليم اي عذاب مؤلم وذكر ابن عباس هذه الاية تذكيرا للمتنازعين للمتنازعين في الحقوق فكل من بينه وبين غيره خصام في حق مالي او حق معنوي يكتسب به مالا فليتذكر هذه الاية فانها رادعة لكل من كان في قلبه ايمان ان يتورط في كسب الحرام واستمع الى هذه القصة التي ذكرها الامام البخاري وكيف استدل عبدالله بن عباس رضي الله تعالى عنه في خصومة رفعت اليه بهذه الاية مذكرا المختصمين بعظيم فينتظر الكاذب منهما من العقوبة نعم اقرأ قال الامام البخاري رحمه الله تعالى في باب قول الله ان الذين يشترون بعهد الله وايمانهم ثمنا قليلا اولئك لا خلاق لهم. قال حدثنا نصر بن علي بن نصر قال حدثنا عبد الله بن داوود ابن جريج عن ابن ابي مليكة ان امرأتين كانتا تخرزان في بيت او في الحجرة. فخرجت احداهما وقد انفذ باشفافك فيها فادعت على الاخرى فرفع الى ابن عباس رضي الله عنهما. فقال ابن عباس رضي الله عنه وما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لو يعطى الناس بدعواهم لذهب دماء قوم واموالهم ذكروها بالله واقرأوا عليها ان الذين يشترون بعهد الله. فذكروها فاعترفت فقال ابن عباس رضي الله عنهما قال النبي صلى الله عليه وسلم اليمين على المدعى عليه هذه قصة جرت بزمن الصحابة رضي الله تعالى عنهم نقلها ابن ابي مليكة وهو من اصحاب عبدالله ابن عباس. ان امرأة كانتا تخرزان في بيت تخرزان اي تخيطان اما ثياب واما غير ذلك مما يفرز ويخاط في بيت او في حجرة فخرجت احدى هاتين المرأتين وقد انفذ باشف في كفها اي قد دخل المخرز الذي يخاط به في كف احداهما خرجت التي دخل المخرج في يدها من هذه الحجرة ومن هذا البيت. ليس في هذه الحجرة ولا في هذا البيت الا هاتان المرأتان فليس ثمة شهود وليس هناك ماء من يثبت ان او ينفي الواقعة قال رضي قال رحمه الله فادعت اي التي خرجت وقد اصابها ما اصابها من الاشفاء وهو المخرز قالت ان اختها قد اصابتها بهذا الذي في يدها فادعت على الاخرى اي الاصابة فرفع ذلك الى ابن عباس اي رفع امرهما الى ابن عباس ليقضي فيهما رضي الله تعالى عنه. او ليبين الحكم في هذه الوقعة فقال ابن عباس رضي الله تعالى عنه قال رسول الله صلى الله عليه وسلم وهكذا حكم من يحكم بالشريعة يصدر في حكمه عن قول الله وقول رسوله. ولذلك مباشرة لما رفع اليه هذا الامر قضى فيهما بقوله صلى الله عليه وسلم قال صلى الله عليه وسلم لو يعطى الناس بدعواهم لذهب دماء قوم واموالهم يعني لو كان كل من ادعى شيئا اعطي بمجرد الدعوة لذهبت اموال الناس ولا اهدرت دماؤهم لان المدعين كثر فكل يدعي فليس الشأن في اقامة الدعوة انما لابد في الدعاوى مما يعززها ويقويها ويثبتها ولذلك قال ذكروها ذكروا من؟ ذكروا المدعية والمدعى عليها فالتذكير للطرفين المدعي والمدعى عليه فقوله ذكروها بالله اي عظوها وهذا مسلك سلكه رسول الله صلى الله عليه وسلم في قصة المتلاعنين كما في الصحيح من حديث عبدالله بن عمر ان رجلا جاء الى النبي صلى الله عليه وسلم يتهم امرأته بالزنا فلما اقام الدعوة على المرأة انزل الله تعالى الفصل في قضيتها وكان في اول الامر قال له النبي صلى الله عليه وسلم بينة او حد في ظهرك قال كيف اجيب بالبينة هذي ما يمكن ان يجيب اتي ببينة لان البينة معناها ان يأتي باربعة بثلاثة معه يشهدون انهم رأوا الرجل يزني بالمرأة اعينهم زنا تام وهذا من اعسر ما يكون فانزل الله تعالى فصل ما ما بينهما فدعا النبي صلى الله عليه وسلم الرجل ودعا المرأة والشاهد ان النبي صلى الله عليه وسلم لما جاء الرجل والمرأة اه ليتلاعن كما امر الله تعالى والذين يرمون ازواجهم ولم يكن لهم شهداء الا انفسهم. فشهادة احدهم اربع شهادات بالله انه لمن الصادقين والخامسة ان لعنة الله عليه ان كان من الكاذبين. هذا ما يبدأ به الرجل ان يشهد اربع شهادات بالله انه والخامسة يقول عليه لعنة الله ان كان كاذبا فاذا قال ذلك فاما ان تقر المرأة واما ان تدفع هذا بايمان ويدرأ عنها العذاب اي يدفع عنها العقوبة التي ترتبت بايمانه ان تشهد اربع شهادات بالله انه لمن الكاذبين والخامسة ان غضب الله عليها ان كان من الصادقين هذا هو اللعان وقد جرى بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم. الشاهد في هذا ان النبي صلى الله عليه وسلم لما نزلت الاية جاء الى الرجل قال عذاب الدنيا اهون من عذاب الاخرة يذكره بالله يعني ان كنت كاذبا فلا تمضي في دعواك فعذاب الدنيا وهو ما ينالك من الحد بالقذف بسبب القذف اهون من ان يعذبك الله في الاخرة هذه المرأة بما هي منها بريء. قال والذي بعثك بالحق اني لصادق فجاء الى المرأة حلف اربعة ايمان والخامسة ان لعنة الله عليه ان كان من الكاذبين ثم توجه النبي صلى الله عليه وسلم الى المرأة فقال لها ان عذاب الدنيا اهون من عذاب الاخرة هذا تذكير وهذا الوعظ هذا معنى قول ابن عباس ذكروها اي ذكروها بالله وان عذاب الدنيا اهون من عذاب الاخرة. فقال فقالت المرأة والذي بعثك بالحق انه لكاذب فحلفت اربعة ايمان والخامسة ان غضب الله عليها ان كان ان كان من الصادقين فاجرى النبي صلى الله عليه وسلم بينهم الملاعنة وفرق المرأة عن الرجل والمقصود ان قول عبد الله بن عباس رضي الله تعالى عنه في هذا الحديث وفي هذه القصة ذكروها بالله ايعظوها وهذا ينبغي ان يكون في كل واحد منا عندما يتخاصم مع غيره ان يجعل الله ان يسمع اليه اجعل الله نصبه عليك فهو خصمك يوم القيامة ان كنت كاذبا او كنت مدعيا ما لا حق لك فيه ذكروها بالله واقرأوا عليها هذا الشاهد ماذا يقرأون عليها؟ الان الدعوة في دماء اليس كذلك؟ والان ليس ثمة اثبات ما في طريق للاثبات هذي تدعي انها اصابتها بالمخرز فشقت يدها وتلك تنكر فقال ذكروها بالله بماذا ذكروها؟ بقوله تعالى ان الذين يشترون بعهد الله ان يأخذون بسبب اخلافهم عهد الله او بايمانهم اي بسبب ايمانهم الكاذبة ثمنا قليلا اولئك لا خلاق لهم في الاخرة ولا يعلمهم الله يوم القيامة ولا يزكي ولا ينظر اليهم اولئك ايش لا خلاق لهم في الاخرة ولا يكلمهم الله ولا ينظر اليهم يوم القيامة ولا يزكيهم ولهم عذاب اليم. هذه خمس عقوبات ذكروها. قال الراوي فذكروها فاعترفت من الذي اعترفت اعترفت الجارية قالت نعم انا فعلت ذلك قال ابن عباس وهذا من خوفها من الله ومراقبتها لا ان ان اقرت بشيء لا شاهد فيه الا الله. وكان يمكن ان تدفع عن نفسها هذا الامر باليمين لان هذي مدعية وابن عباس يقول فيما نقل عن النبي صلى الله عليه وسلم لا يعطى الناس بدعواهم لذهب دماء قوم واموالهم لكن ايش؟ لكن لابد على في كل دعوة من اقامة بينة. لا بد ان يقيم كل مدع على شيء لابد ان يقيم بينة اي دليلا واضحا يبين الحق فالبينة هي كل ما يبين الحق سواء كان ذلك بالشهود او كان بالشاهد واليمين في فيما اذا كانت الخصومة في الاموال او كان ذلك بما يثبت الحق ويقوي جانبه وهذه وسائل الاثبات متعددة ويذكرها الفقهاء في اه في في في مسائل الفقه على اختلاف الدعاوى والخصومات فان الدعاوى والخصومات تختلف فيها البينات من حيث نوعها ومن حيث ايضا عددها فيما اذا كانت البينة البينة شهادة لما ذكروها ارتدعت اذا جاء المدعي بدعوة لا بينة له فيه فانه يتوجه اليمين على المدة عليه اي من ادعي عليه يدفع عن نفسه الدعوة باليمين. ولذلك قال عبد الله بن عباس رضي الله تعالى عنه اليمين اي القسم والحلف على نفي الدعوة على المدعى عليه يعني تلزم المدعى عليه يعني من ادعي عليه في مال او في دم وهذه القصة وقعت الدعوة فيها في شأن المال في شأن الدم ولذلك الحكم واحد في الدماء والاموال وفي سائر الدعاوى ان على البينة عن ان البينة على المدعي وان المد عليه اذا لم يكن بينة فيدفع دعواه باليمين اي بحلفه فيحلف بالله انه لكاذب وان وانه ليس له على وانه ليس له قبله شيء يحلف بالله انه كاذب وانه ليس له قبله شيء في دم او مال. ولذلك قال واليمين على المدعى عليه هذا ما ذكر المؤلف في هذا الباب والشاهد من هذا ان ابن عباس رضي الله تعالى عنه استدل بعموم هذه الاية ليس فقط على الخصومات في المال بل حتى الخصومات في الدما فان اليمين الكاذبة الفاجرة التي يسخط بها الانسان حق غيره. سواء كان حقا ماليا او حقا في الدماء او حقا معنويا فانه يلزم الانسان الاثم المرتب على ذلك وهو ما ذكره في قوله ان الذين يشترون بعهد الله ايمانهم ثمنا قليلا اولئك لا خلاق لهم في الاخرة ولا يكلمهم الله ولا ينظر اليهم يوم القيامة ولا يزكيهم ولهم عذاب اليم قال ما افادته هذه الاية واستدلال ابن عباس عليها في القضايا المالية. طيب هنا مسألة وهي هل كل من ادعى شيئا تتوجه اليمين فيه على المدعى عليه الجواب جمهور العلماء من الحنفية والشافعية والحنابلة يرون هذا العموم وان كل من ادعى شيئا اذا لم يأتي المدعي فيه بالبينة فان على المدعى عليه اليمين ولا فرق في ذلك بين ان تكون الدعوة لها سبب او الدعوة ناشئ عن مخالطة او غير ذلك بل كل مدع يستحق اليمين على من ادعى عليه لنفي الدعوة وذهب الامام مالك رحمه الله الى رأي مخالف لهذا حيث قال انه لا بد من نوع خلطة بين المدعي والمدعى عليه والا فانه لا يتوجه على المدة عليه اليمين لان هذا يفضي الى اذية الناس وابتذالهم واشغالهم بانواع من الاشغال الذي هم سالمون منه فاذا لم يكن بين فلان وفلان اي صلة ولا ثمة اي نوع من انواع انواع التعامل وهذا مثلا في بلد وهذا في بلد ولم يلتقيا وليس هناك وسيلة للتواصل بينهما فادعى احدهما الاخر فهنا لا تتوجه اليمين على المدعى عليه. لانه لا يوجد ما يدعو الى دفع هذه الدعوة اذ ان الدعوة ظاهرها العبث والكذب فاذا ما اتى المدعي ببينة فان دعوه مردودة هذا ما ذهب اليه الامام مالك رحمه الله وهو قول الفقهاء السبعة مذهب الائمة السبعة وهم فقهاء المدينة السبعة المشهورون واما جماهير العلماء من اصحاب المذاهب المشهورة وغيرهم فعملوا بعموم الحديث. والقاضي له نظر في هذا ان كان يرى ان هذا دعوة وكل يوم يأتي مدعيا على شخص بما لا بينة فيه فله ان يسقط دعواه اذا لم يأتي ببينة. وان كان الامر على خلاف هذا فيمكن ان يعالج الامر بالاصل الذي ذكره النبي صلى الله عليه وسلم في قوله اليمين على المدعى عليه هذا ما يتصل بقية ما ذكره المؤلف رحمه الله من الاحاديث في هذه الاية