الى في الصلاة الى السماء حتى انزل الله قد افلح المؤمنون فكان بصره لا يجاوز موضع سجوده فهذا الحديث رواه احمد ورواه سعيد بن منصور رواه عبد الرزاق وجماعة ولكنه حديث مرسل الشبهة في اعتقادين فاسدين احدهما ايظن ان العرش ان كان كريا والله فوقه وجب ان يكون الله كريا ثم يعتقد انه اذا كان كريا فيصح التوجه الى ما هو كري الحمد لله رب العالمين واصلي واسلم على نبينا محمد المبعوث رحمة للعالمين وعلى اله واصحابه اجمعين اما بعد. يقول واما من جهة الشريعة يعني الادلة الشرعية على هذا يقول رحمه الله فان الرسل صلوات الله عليهم بعثوا بتكميل الفطرة وتقريرها لا بتبديل الفتنة وتغييرها. قال صلى الله عليه وسلم في الحديث المتفق عليه كل مولود يولد على الفطرة فابواه يهودانه او ينصرانه او يمجسانه كما تنتج البهيمة جمعاء هل تحسون فيها من جدعاء وقال الله تعالى فاقم وجهك للدين حنيفا فطرة الله التي فطر الناس عليها لا تبديل لخلق الله ذلك الدين القيم ولكن اكثر الناس لا يعلمون فجاءت الشريعة في العبادة والدعاء بما يوافق الفطرة بخلاف بخلاف ما عليه اهل الضلال من المشركين والصابئين المتفلسفة وغيرهم فانهم غيروا الفطرة في العلم والارادة جميعا وخالفوا العقل والنقل كما قد بستناه في غير هذا الموضع وقد ثبت في الصحيحين من غير وجه ان النبي صلى الله عليه وسلم قال اذا قام احدكم الى الصلاة فلا يبثن قبل وجهه فان الله قبل وجهه ولا عن يمينه فان عن يمينه ملك ولكن عن يساره او تحت قدمه وفي رواية انه اذن ان يبصق في ثوبه وفي حديث ابي رزين المشهور الذي رواه عن النبي صلى الله عليه وسلم لما اخبر النبي صلى الله عليه وسلم انه ما من احد الا سيخلو به ربه فقال له ابو رزين كيف يسعنا يا رسول الله وهو واحد ونحن جميعا فقال سانبئك بمثل ذلك في الاء الله. هذا القمر اية من ايات الله كلكم يراه ينبه فالله اكبر. الله اكبر ومن المعلوم ان من توجه الى القمر وخاطبه اذا قدر ان يخاطبه لا يتوجه اليه الا بوجهه. مع كونه فوقه فهو مستقبل له بوجهه ما كونه فوقه ومن الممتنع في الفطرة ان يستدبره ويخاطبه مع قصده التام له. وان كان ذلك ممكنا. وانما يفعل ذلك من ليس مقصوده مخاطبته كما يفعل من ليس مقصوده التوجه الى شخص بخطاب فيعرض عنه بوجهه ويخاطب غيره ليسمع هو الخطاب فاما مع زوال المانع فانما يتوجه اليه فكذلك العبد اذا قام الى الصلاة فانه يستقبل ربه وهو فوقه فيدعوه من تلقائه لا من يمينه ولا من شماله ويدعوه من العلو لا من السفل كما اذا قدر انه يخاطب القمر. طيب المؤلف رحمه الله الان يستدل بالادلة الشرعية الدالة على ان الشريعة جاءت بموافقة الفطرة والفطرة مقتضاها انه في الدعاء والطلب يتوجه الداعي الطالب الى العلو ذكر اولا قال اما من جهة الشريعة فان الرسل صلوات الله عليهم بعثوا بتكميل الفطرة وتقريرها هذا اصل وهذي قاعدة ينبغي ان تعلم في جميع ما جاءت به ان الشريعة لا تعارظ الفطر ولا تصادم ما فطر الله تعالى عليه الناس بل هي موافقة لهم فجاءت بتكميل الفطرة تقريرها تقريرها يعني اثبات ما فطره الله تعالى في قلوب الخلق من الخصال الجميلة والخلل الحميدة وتكميلها اي وتكميل تلك الفطرة كما قال الله تعالى نور على نور يهدي الله لنوره من يشاء نور الوحي مع نور الفطرة يحصل به للعبد الابصار والاهتداء والسلامة من مواقع الظلام والظلال. يقول رحمه الله لا بتبديل الفطرة ولا بغيرها. استدل لذلك الحديث متفق عليه وهو حديث جاء من طرق عن ابي هريرة رضي الله عنه منها ما في الصحيحين من طريق الزهري عن ابي سلمة بن عبد الرحمن عن ابي هريرة رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم كل مولود يولد على الفطرة فابواه يهودانه او ينصرانه او يمجسانه. اذا هو يولد على الفطرة والفطرة هي ما فطر الله تعالى عليه الخلق من افراده بالعبادة ومحبته جل وعلا والانجذاب اليه. والعلوم الصحيحة التي فطر الله تعالى عليها الناس من الفرار من الظار والاقبال على المحبوب النافع وما الى ذلك من اه الامور التي تكون الفطرة مؤمن التي تقتضيها الفطرة. يقول والله كما تنتج البهيمة جمعاء اي كما تخرج البهيمة جمعاء هل تحسون فيها من جدعاء؟ اي مقطوعة مقطوعة اذن او ما اشبه ذلك يقول وقال الله تعالى فاقم وجهك للدين حنيفا. هذا الحديث كما ذكرنا دل على ان الفطرة هي ما جاء ما ما كان عليه خلق الله تعالى اولا والشريعة جاءت بتكميله ولذلك قال الله تعالى فاقم وجهك للدين حنيفا ثم ماذا قال فطرة الله هذي هي فطرة الله التي فطر الله الناس عليها فامر الله تعالى بما تقتضيه الفطرة وما تدعو اليه فاقم وجهك للدين حنيفا اي غير مائل الى الشرك غير مائل الى غيره. فطرة الله التي فطر الناس عليها لا تبديل لخلق الله. ذلك الدين القيم ولكن ترى الناس لا يعلمون. ثم يقول رحمه الله فجاءت الشريعة في العبادة والدعاء بما يوافق الفطرة بخلاف ما عليه اهل الضلال من المشركين والصابئين المتفلسفة. الذين الفطر وغيروا وبدلوا قال فانهم غيروا الفطرة في العلم والارادة جميعا وخالفوا العقل والنقل وهذا شأن كل من خالف الشريعة وقد ثبت في صحيحين من غير وجه ان النبي صلى الله عليه وسلم قال اذا قام احدكم الى الصلاة فلا يبصن قبل وجهه فان الله قبل وجهه لا عن ولا عن يمينه فان عن يمينه ولكن عن يساره او تحت قدمه. وفي رواية انه يبصق في ثوبه لانه اذن ان يبصق في ثوبه. وهذا الحديث في الصحيحين من طريق مالك عن نافع عن ابن عمر وجاء عن ابي سعيد وابي هريرة وفيه ان الله جل وعلا قبل وجه المصلي قبل وجه المصلي وانه جل وعلا ينصب وجهه للمصلي وفيه شريف حال المصلي وشريف هذه العبادة التي يقبل الله تعالى فيها على على عبده ثم ذكر حديث ابي رزين وحديث ابي رزين فيه ضعف لكن المؤلف رحمه الله كانه اعتذر عن ايراده بشهرته وهو في مسند الامام احمد وغيره المقصود من حديث ابي رزين ان النبي صلى الله عليه وسلم اجاب عن سؤال قد تقتضيه الفطرة وهو كيفية هذا الذي او او تقريب هذا الذي ذكره النبي صلى الله عليه وسلم من ان الله عز وجل يخلو بعبده ويكلمه قال لما اخبر النبي انه ما من احد الا سيخلو به فقال له ابو رزين كيف يسعنا يا يا رسول الله وهو واحد ونحن جميع؟ فقال سأنبئك بمثل ذلك في الاء الله اي في خلقه وما انعم به على العباد هذا القمر اية من ايات الله كلكم يراه مخليا به فالله اكبر يعني اذا كان هذا مقبول وساء وواقع في خلق من خلق الله تعالى ضعيف وهو اصغر مخلوقات الله جل وعلا. الافاقية التي نشاهدها فكيف به جل وعلا وهو اكبر كل شيء جل في علاه ومن المعلوم من المعلوم ان من توجه الى القبر وخاطبه نعم مثل الان. الان الذي يريد ان يخاطب القبر كيف؟ هل يستقبله ام انه يدبر عنه يستقبله؟ كذلك المصلي الله عز وجل قبل وجه المصلي ولم يكن اسفل المصلي او خلف المصلي وهذا يدل على على صحة ما ذكره سلف الامة من ان الله جل وعلا في جهة العلو وان المؤمن يطلب الله تعالى من جهة العلو لا من ولا من جهة اخرى من الجهة التي تناقض العلو او تخالفه مثل الان يقول ومن الممتنع في الفطرة ان يستدبرها يعني يستدبر القمر ويخاطبه مع قصده التام له. وان كان ذلك ممكنا يمكن ان يقع هذا لكن هذا لا يفعله من قصده تام ولذلك يقول وانما يفعل ذلك من ليس مقصوده مخاطبته كما يفعل من ليس مقصوده التوجه الى شخص بخطاب فما يعرض عنه بوجهه ويخاطب غيره ليسمع هو الخطاب وهذا جاري كبير حتى في معاملة الناس يعني قد انت اه تريد ان تسمع شخصا كلاما لكن لا تريد ان تواجهه به لا تقابله به فتتكلم مع شخصان ليسمع هذا الكلام وليس غرضك في المخاطبة الا من توجهت اليه وان كان غرضك ان يسمع ان يسمعك غيره نعم وقد ثبت في الصحيحين انه قال لينتهين اقوام عن رفع ابصارهم في الصلاة او لا ترجع اليهم ابصارهم. واتفق العلماء على ان رفع المصلي بصره الى السماء منهي عنه. وروى احمد عن محمد بن سيرين ان النبي صلى الله عليه وسلم كان يرفع بصره في الصلاة الى السماء حتى انزل الله تعالى قد افلح المؤمنون. فكان بصره لا يجاوز موضع سجوده. فهذا مما جاءت به شريعة تكميل للفترة لان الداعي السائل الذي يؤمر يؤمر بالخشوع وهو الذل والسكوت لا يناسب حاله وان ينظر الى ناحية من يدعوه ويسأله بل يناسب حالة الاطلاق وغض بصره امامه. وليس نهي المصلي عن رفع بصره في الصلاة ردا على اهل الاثبات الذين يقولون انه على العرش كما يظنه بعض جهال الجهمية. فان الجهمية عندهم لا فرق بينهم من العرش وقعر البحر فالجميع سواء. لان الله في كل مكان ولو كان كذلك لم ينهى عن رفع البصر الى جهته ويؤمر برده الى اخرى. لان هذه وهذه عند الجهمية سواء. وايضا فلو كان الامر كذلك لكان النهي عن رفع البصر شاملا لجميع احوال العبد. وقد قال تعالى قد نرى تقلب وجهك في السماء فليس العبد ينهى عن رفع بصره مطلقا. وانما نهي في الوقت الذي يؤمر فيه بالخشوع لان خفض البصر من تمام الخشوع. كما قال قال خش عن ابصارهم يخرجون من الاجداث وقال تعالى وتراهم يعرضون عليها خاشعين من الذل ينظرون من طرف خفي. يقول رحمه الله وقد ثبت في الصحيحين انه قال اقوام عن رفع ابصارهم في الصلاة او لا ترجع اليهم ابصارهم. هذا الحديث من حيث الاصل في الصحيحين. واما هذا اللفظ فانه في صحيح الامام اه مسلم من طريق بن طرفة عن جابر بن سمرة رضي الله عنه وجاء في مسلم ايضا من طريق ابي هريرة وهو في البخاري من طريق قتادة عن انس في نهي رفع رفع البصر الى السماء رفع المصلي بصره الى السماء. وهذا محل الاتفاق كما قال واتفق العلماء على ان رفع المصلي بصره الى السماء من اين يضع المصلي بصره؟ يضعه للعلماء في هذا قولان موضع السجود وهذا قول الجماهير من الشافعية والحنفية والحنابلة وغيرهم والقول الثاني انه يكون تلقاء وجهه. وهذا مذهب الامام مالك. واستدل لذلك بقول الله تعالى فول وجهك شطر المسجد الحرام والراجح ما عليه الجمهور واما الحديث الذي استدل به المؤلف رحمه الله والذي ذكره المؤلف وهو ما رواه احمد عن محمد ابن سيرين ان النبي صلى الله عليه وسلم كان يرفع بصره حديث مرسل فان محمد ابن سيرين ليس من من الصحابة وانما هو من التابعين وقد وصل الحاكم هذا الحديث وذكر ابا هريرة فيه رواه مرفوعا لكن هذا لا يصح. فالحديث ليس مرفوعا لكن هذا مع ما جاء عن جماعة من الصحابة رضي الله عنهم من القول لان البصر يكون موضع سجود في الصلاة ذهب الجمهور الى ان المصلي لا يجاوز بصره موضع سجوده. قال فهذا مما جاءت به الشريعة ميلا للفطرة اي تكميلا لاداب الفطرة. فالفطرة لا تقتضي الا يرفع بصره لكنه من باب الادب نهى النبي صلى الله عليه وسلم ان يرفع الداعي والسائل بصره في الصلاة. قال فهذا مما جاءت به الشريعة تكميل الفطرة لان الداعي السائل الذي يؤمر بالخشوع وهو الذل والسكوت لا يحتسب حاله ان ينظر الى ناحية من يدعوه ويسأله بل يناسب حاله الاطراق وبصره امامه وليس نهي المصلي عن رفع بصره في الصلاة ردا على اهل الاثبات كما يقول الجهمية لماذا؟ يقول رحمه الله كيف ليس ردا؟ قال لان الذي يقول انه على العرش كما يظن بعض جهال الجهمية فان الجهمية عندهم لا فرق بين اهل الاثبات الذين يقولون انه على العرش كما يظن بعظ الجهال الجهمية يقول فان الجهمية عندهم لا فرق بين العرش وقعر البحر فالجميع سواء. يقول اه يقولون اذا نهاها الله تعالى عن رفع البصر فهذا يدل على انه ليس في العلو وهذا اه كذب وظلال فنقول لهم هل يعني كلامكم انه في السفن لكون المصلي مأمورا بان يظع بصره موظع سجوده او ان ينظر موضع سجوده؟ الجواب لا يلتزم بهذا بل هم يقولون ان الله تعالى في كل مكان. يقول فالجميع سواء ولو كان كذلك لم ينهى عن رفع البصر الى جهته. ويؤمر برده الى الاخرى لان هذه وهذه عند الجهمية سواء. وايضا فلو كان الامر كذلك كان النهي عن رفع البصر شاملا لجميع احوال العبد. ليس فقط في الصلاة دلت النصوص على جواز رفع البصر في غير الصلاة فان الله تعالى قد اخبر عن رسوله انه يقلب بصره في السماء قد نرى تقلب وجهك في السماء. وفي الصحيحين من حديث ابن عباس ان النبي صلى الله عليه وسلم كان اذا قام من الليل مسح النوم عن وجهه ثم خرج فنظر الى السماء وقرأ ان في خلق السماوات والارض واختلاف الليل والنهار لايات لاولي الالباب. الى اخر ما ذكر الله تعالى في اخر سورة ال عمران فليس العبد ينهى عن رفع بصره مطلقا وانما نهي في الوقت الذي يؤمر فيه بالخشوع اذا النهي هنا لا يقولون من انه ليس في جهة العلو انما لاجل المحافظة على ادب الصلاة والخشوع الذل والانكسار والخضوع لله تعالى نعم وايضا فلو كان النهي عن رفع البصر الى السماء وليس في السماء اله لكان لا فرق بين رفعه الى السماء ورده الى جميع الجهات ولو كان مقصوده ان ينهى الناس ان يعتقدوا ان الله في بهذا على ان الله في السماء كيف استدل النهي عن رفع البصر الى السماء انه سبحانه وتعالى في السماء قال لو لم يكن في السماء لما كان النهي عن الرفع الى السماء معنى ولا استوت الجهات كلها فدل ذلك على انه في السماء وهذا مما يدل على ان كل احد يستدل بدليل على باطل يقرره فان في الدليل الذي استدل به ما ينقض قوله وهذه قاعدة اذا تأملها الانسان وجدها ظاهرة في النصوص وانه ما من احد يستدل بنص من الكتاب او من السنة على شيء من الباطل يريد تغييره الا ويجد في كلام الله تعالى او فيما استدل به ما يبطل ذلك نعم ولو كان مقصوده ان ينهى الناس ان يعتقدوا ان الله في السماء او يقصد بقلوبهم التوجه الى العلو لبين لهم ذلك كما له سائر الاحكام فكيف وليس في كتاب الله ولا في سنة رسوله ولا في قول سلف الامة حرف واحد يذكر فيه انه ليس الله فوق العرش او انه ليس فوق السماء او انه لا داخل العالم ولا خارجة ولا محايث له ولا مباين له او انه لا يقصد العبد اذا دعاه العلو دون سائر الجهات بل جميع ما الجهمية من النفي ويزعمون انه الحق ليس معهم به حرف من كتاب الله ولا سنة رسوله. ولا قول احد من سلف الامة بل الكتاب والسنة اقوال السلف والائمة مملوءة بما يدل على نقيض قولهم وهم يقولون ان ظاهر ذلك كفر فنؤول او نفوض فعلى قولهم ليس في الكتاب والسنة واقوال السلف والائمة في هذا الباب الا ما ظاهره الكفر. وليس فيها من الايمان في هذا الباب شيء والسلب الذي يزعمون انه الحق الذي يجب على المؤمن او خواص المؤمنين اعتقاده. السلب يعني وصى الله بالنفي سلب هو وصف الله جل وعلا بالنفي بان يقولوا لا داخل العالم ولا خارج ولا فوق ولا تحت ولا عن يمين ولا عن يسار هذا هو المقصود بالسلب وهذا الذي يسلكه آآ المنحرفون عن كتاب الله وسنة رسوله في صفة الرب جل وعلا فالله سبحانه وتعالى وصف نفسه بالكمالات واخبر عن نفسه بالاسماء الحسنى والصفات العلى فكيف يعدلون عن هذه الاوصاف العظيمة التي تدل على عظمة الرب وتبعث في القلب اجلاله وتوقيره سبحانه وبحمده وينصرفون الى كلام لا دليل عليه فيقولون الله جل وعلا ليس فوق ولا تحت ولا عن يمين ولا عن يسار ولا داخل العالم ولا خارج العالم ولا محايد ولا مباين. ولا يشار اليه ولا كلام طويل عريض ليس له لذة يعقب تقوى ولا يحصل به تعظيم. انما هو نفي وسلب لا فائدة منه. ولذلك قال والسلب الذي يزعمون انه الحق الذي يجب على المؤمن او خواص المؤمنين اعتقاده عندهم لم ينطق به رسول ولا نبي ولا احد من ورثة الانبياء فكيف يجعلونه دينا ويجعلونه آآ عقيدة يطالبون بها الناس؟ نعم. والسلب الذي يزعمون انه الحق الذي يجب على المؤمن او خلاص المؤمن اعتقاده عندهم لم ينطق به رسوله ولا نبي ولا احد من ورثة الانبياء والمرسلين. والذين طقت به الانبياء وورثتهم ليس هو الحق بل هو مخالف للحق في الظاهر بل وحذاقهم يعلمون انه مخالف للحق في الظاهر والباطن. لكن هؤلاء منهم من يزعم ان ان الانبياء لم يمكنهم ان يخاطبوا الناس الا بخلاف الحق الباطن فلبسوا وكذبوا المصلحة العامة فيقال لهم فهلا نطقوا بالباطن لخواصهم الاذكياء الفضلاء ان كان ما يزعمونه حقا. وقد علم ان خواص الرسل هم على الاثبات ايضا وانه لم ينتقم الا في احد منهم الا الا ان يكذب على احدهم كما يقال عن عمر ان النبي صلى الله عليه وسلم وابا بكر كان يتحدثان وكنت كالزندي بينهما وهذا مختلق باتفاق اهل العلم. وكذلك ما يعني لا اعقل ولا افهم ما يتكلم به هذا يستدل به اهل الباطل لتسويق باطلهم هم يدعون ان الشريعة فيها من الخفايا ما لا يدركه حتى عمر. طيب اذا كان عمر وهو المبشر بالجنة والذي له من المكانة ما هو معروف لا يفهم هذا فكيف فهمتموه انتم وادعيتم لانفسكم المعرفة به والاحاطة كل هذا دجل وتزوير وكذب لتسويغ وترويج الباطل الذي وقع فيه او لا نعم. وكذلك ما نقل عن علي واهل بيته ان عندهم علما باطنا. يخالف الظاهر الذي عند جمهور الامة. وقد ثبت في الصحاح وغيرها عن علي رضي الله عنه انه لم يكن عندهم من النبي صلى الله عليه وسلم سر ليس عند الناس ولا كتاب مكتوب الا ما كان في الصحيفة وفيها الديات وفكاك الاسير والا يقتل مسلم بكافر هذا الحديث في الصحيحين من طارق الشابي عن ابي جحيفة انه سأل عبد الله انه سأل علي بن ابي طالب رضي الله عنه قال هل خصكم رسول الله صلى الله عليه وسلم بشيء دون الناس فقال لا الا كتاب الله وفهم اعطيه رجل وما في هذه الصحيفة فقال ما في هذه الصحيفة فقال فيها فكاك الاسير ولا يقوى والديات وهي العقل والديات والا يقتل مسلم بكافر هذا ما كان عند علي بن ابي طالب رضي الله عنه فليس عندهم شيء لم يطلع عليه سائر الامة بل كانت الامة في الوحي سواء وقد حرص النبي صلى الله عليه وسلم على التبليغ العام الذي يشمل كل احد وندب الى ذلك لتعظم به الاجور ويحصل به بيان الشريعة نعم فما يزعمه هؤلاء من ان هناك اسرارا وان هناك علوما لا يدركها الا الخواص من الناس ما هو الا دجل وكذب على الله ورسوله لتغطية ما هم عليه من باطل وترويج ما هم عليه من فساد نعم ثم انه من المعلوم ان من جعله الله هاديا مبلغا بلسان عربي مبين. اذا كان لا يتكلم قط الا بما يخالف الحق الباطل الحقيقي فهو الى الضلال والتدليس اقرب منه الى الهدى والبيان. وبسط الرد عليهم له موضع غير هذا والمقصود ان ما جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم في هذا الباب وغيره كله حق يصدق بعضه بعضا وهو موافق لفطرة الخلائق وما جعل فيهم من العقول والقصود الصحيحة لا يخالف العقل الصريح ولا القصد الصحيح ولا الفطرة المستقيمة ولا النقل الصحيح الثابت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم. وانما يظن تعارضها من باطل من النقول او فهم منه ما لم يدل عليه. او اذا اعتقد شيئا ظنه من العقليات وهو من الجهليات. او من الكشوفات وهو من الكسوفات ان كان ذلك معارضا لمن قول صحيح والا عارض بالعقل الصريح او الكشف الصحيح ما يظنه منقولا عن النبي صلى الله عليه عليه وسلم ويكون كذبا عليه او ما يظنه لفظا دالا على شيء ولا يكون دالا عليه كما ذكروه في قوله صلى الله عليه وسلم الحجر الاسود يمين الله في الارض. فمن صافحه وقبله فكأنما صافح الله وقبل يمينه حيث ظنوا ان ان هذا وامثاله يحتاج الى التأويل وهذا غلط منهم لو كان هذا اللفظ ثابتا عن النبي صلى الله عليه وسلم. يشير الى ضعف الحديث والحديث في رواية انس ابن مالك رضي الله عنه وهو ضعيف من حيث السند واما من حيث المعنى فانه يمكن تخريجه على وجه صحيح كما يبين المؤلف رحمه الله لو كان هذا اللفظ ثابتا عن النبي صلى الله عليه وسلم فان هذا اللفظ صريح في ان الحجر ليس هو من صفات الله اذ قال. فقول يمين الله هذا من باب اضافة التشريف وليست من باب اضافة الصفة الى الموصوف اذ قال هو يمين الله في الارض فتقيده بالارض يدل على انه ليس هو هو يدعو على الاطلاق فلا يكون اليد الحقيقية وقوله فمن صافحه وقبله فكأنما صافح الله وقبل يمينه. صريح في ان مصافحه ومقبله ليس مسافحا لله. ولا مقبلا لمينه ان المشبع ليس هو المتشبع به. وقد اتى بقوله فكأنما وهي صريحة في التشبيه. واذا كان اللفظ صريحا في انه جعل منزلة اليمين لا انه نفس اليمين كان من اعتقد ان ظاهره انه حقيقة اليمين قائلا للكذب المبين. كل هذا استطراد من المؤلف رحمه الله في بيان ان الشريعة جاءت بما يوافق الفطر يهذبها ليس فيه ما يناقضها او يعارضها نعم فهذا فهذا كله بتقدير ان يكون العرش الكري الشكل سواء كان هو الفلك التاسع او غير الفلك التاسع قد تبين ان سطحه هو سقف المخلوقات وهو العالي عليها من جميع الجوانب وان انه لا يجوز ان يكون شيء مما في السماء والارض فوقه وان القاصد الى ما فوق العرش بهذا التقدير انما يقصد الى العلو لا يجوز في الفطرة ولا في الشرعة مع تمام قصده اي ان يقصد جهة اخرى من جهاته الست بل هو ايضا يستقبله بوجهه مع كونه اعلى منه. كما ضربه النبي صلى الله عليه وسلم مثلا من المثل بالقمر. ولله المثل اعلى وبين ان مثل هذا اذا جاز في القمر وهو اية من ايات الله تعالى فالخالق اعلى واعظم واما اذا قدر ان العرش ليست كري الشكل بل هو فوق العالم من الجهة التي هي وجه الارض. وانه فوق الافلاك الكورية كما ان هالارض الموضوع للانام فوق نصف الارض الكر او غير ذلك من المقادير التي يقدر فيها ان العرش فوق ما سواه وليس كل حرية الشكل فعلى كل التقدير لا نتوجه الى الله الا الى العلو. لا الى غير ذلك من الجهاد. فقد ظهر انه على كل تقدير لا يجوز ان يكون التوجه الى الله الا الى العلو مع كونه على عرشه مباينا لخلقه. وسواء قدر مع ذلك ان انه محيط بالمخلوقات كما يحيط بها اذا كانت في قبضته او قدر مع ذلك انه فوقها من غير ان يقبضها ويحيط بها فهو على التقديرين يكون فوقها مباينا لها فقد تبين انه على هذا التقدير في الخلق وعلى هذا التقدير في العرش لا يلزم شيء من والتناقض وهذا يزيل كل شبهة وانما تنشأ الشبهة في اعتقادين فاسدين. طيب هذا الكلام سبق تقريره وبسطه استدلال له في اول هذه الرسالة وهو ان العرش اعلى كل شيء وانه فوق كل شيء وان الله جل وعلا مستوي على عرشه واننا سواء كنا ان قلنا ان العرش كره الشكل او انه كالقبة كما تقدم بحثه فان هذا لا يعارض ولا يخالف انه اذا طلب الطالب ودعا فان قصده وطلبه الى جهة العلو فالله تعالى فوق كل شيء وهو جل وعلا محيط على كل شيء. والان المؤلف رحمه الله ويبين لنا الوجه التناقض والاعتقاد الفاسد ينشأ من جهتين يبين هاتين الجهتين فيقول وانما تنشأ كالفلك التاسع من جميع الجهات وكل منها وكل من هذين الاعتقادين خطأ وضلال فان الله مع كونه فوق العرش ومع القول بان العرش كري سواء كان والتاسع او غيره لا يجوز ان يظن انه مشابه للافلاك في اشكالها كما لا يجوز ان يظن انه مشابه لها في اقدارها ولا في صفاتها سبحانه وتعالى عما يقول الظالمون علوا كبيرا. بل قد تبين انه اعظم واكبر من ان تكون المخلوقات عنده بمنزلة داخل الفلك في وانها عنده اصغر من الحمصة والفلفلة ونحو ذلك في يد احدنا. فاذا كانت الحمصة او الفلفلة بل الدرهم والدينار او الكرة التي يلعب بها الصبيان ونحو ذلك في يد الانسان او تحته او نحو ذلك هل يتصور عاقل اذا استشعر علو الانسان على ذلك واحاطته به ان يكون الانسان كالفلك. والله وله المثل الاعلى اعظم من ان يظن ذلك به وانما يظنه الذين ما قدروا الله حق قدره. والارض جميعا قبظته يوم القيامة والسماوات مطوي بيمينه سبحانه وتعالى عما يشركون. هذا الوجوه يقول الشيخ رحمه الله ينشأ الاعتقاد الفاسد في كون الانسان يعتقد ان العرش كري. واذا كان كريا فالله من فوقه جل وعلا فيكون اخذ النفس الشكل قال هذا لا يمكن ولا يكون فالله جل وعلا ليس كمثله شيء ثم ضرب مثلا فقال ان احدنا يكون في يده الحمصة محيطة الحمص من كل جانب هل يلزم من هذا ان يكون الانسان شكله على نحو آآ ما احاط به لا فكذلك اذا كان لا اذا كان هذا غير ما يعني لازم في المخلوق فالله جل وعلا من باب اولى. الاعتقاد الثاني وكذلك اعتقادهم الثاني. وكذلك اعتقادهم الثاني وهو ان ما كان فلكا فانه يصح التوجه اليه من الجهات الست خطأ باتفاق اهل العقل الذين يعلمون الهيئة واهل العقل الذين يعلمون ان القصد الجازم يوجب فعل المقصود بحسب بالامكان فقد تبين ان كل واحد من المقدمتين خطأ في العقل والشرع وانه لا يجوز ان تتوجه القلوب اليه الا الى العلو لا الى به من الجهات على كل تقدير يفرض من التقديرات سواء كان العرش هو الفلك التاسع او غيره سواء كان محيطا حرية شكل او كان فوقه من غير ان يكون كريا سواء كان الخالق سبحانه محيطا بالمخلوقات. كما يحيط بها في قبضته. او كان فوقها من جهة العلو منا التي تلي رؤوسنا دون الجهة الاخرى وعلى اي تقدير فرض كان كل من مقدمتي السؤال باطلة. وكان الله تعالى اذا دعوناه انما ندعوه بقصد العلو دون غيره كما فطرنا على ذلك. ولهذا يظهر الجواب عن السؤال من وجوه متعددة والله اعلم. والحمد لله رب العالمين وصلاة الله وسلامه على سيدنا محمد واله وصحبه والتابعين. امين امين اللهم صلي على محمد. الله يغفر له ويرحمه ويجزاه خير على هذا البيان وهذا الجزء الاخير من كلام المؤلف رحمه الله هو كل خلاصة في الجواب حقيقة لانه جمع لمصادر الشبهة والاشكال الذي طرأ على السائل وحل هذا باوجز عبارة واخصرها فهو كالخلاصة لما تقدم يعني فمن قوله رحمه الله فهذا كله بتقدير يكن العرش كري الى اخره كل هذا تلخيص لما تقدم واجمال لما سبق بسطه من كلام الشيخ في هذه الرسالة المباركة وبهذا تكون قد انتهت هذه الرسالة نسأل الله جل وعلا ان يرزقنا واياكم العلم النافع والعمل الصالح ولا شك انها رسالة فيها نوع من الصعوبة الذي قد لا يتصور هذه الامور لكن مع المراجعة والقراءة ان شاء الله تعالى يتبين المغلق يتيسر العسير