رضي الله تعالى عنه وعن عائشة رضي الله عنها قالت قال النبي صلى الله عليه وسلم ما اسكر منه الفراق اي الاناء الواسع فملئ الكف منه حرام فملئ الكف منه حرام بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على رسول الله الامين وعلى اله واصحابه الطيبين الطاهرين ومن تبعهم باحسان الى يوم الدين اما بعد عندنا في هذه في هذا اللقاء باب من ابواب كتاب الحدود وهو باب حد المسكر وقد اجمع علماء الاسلام على ان حد المسكر اربعون اصالة وللامام ان يزيد الى ثمانين كما فعله عمر رضي الله تعالى عنه وفي هذا الباب جمل من الكليات الكلية الاولى كل فعل نفي الايمان عن فاعله فكبيرة كل فعل نفي الايمان عن فاعله فكبيرة اقول اعلم رحمك الله تعالى ان نفي الايمان ينقسم الى قسمين اما ان يكون نفي ايمان عمن فعل واما ان يكون نفي ايمان عمن ترك فاذا نفي الايمان عن فاعل هذا الشيء فهذا الشيء حرام وكبيرة واذا نفي الايمان عن تارك هذا الشيء فهذا الشيء واجب وفرض من فروض الدين فكل فعل نفي الايمان عن فاعله فلحرمته وكل فعل نفي الايمان عن تاركه فلوجوبه وبناء على ذلك فشرب الخمر كبيرة من الكبائر لانه من جملة الافعال التي نفى الشارع الايمان عن فاعلها كما في الصحيحين من حديث ابي هريرة رضي الله عنه قال قال النبي صلى الله عليه وسلم لا يزني الزاني حين يزني وهو مؤمن فالزنا كبيرة لانه فعل نفي الايمان عن فاعله ولا يسرق السارق حين يسرق وهو مؤمن فالسرقة كبيرة لانها فعل نفي الايمان عن فاعلها ثم قال ولا يشرب الخمر حين يشربها وهو مؤمن فافاد ذلك ان نشاء ان شرب الخمر كبيرة من الكبائر لانه من الافعال التي نوفي الايمان عن فاعلها ثم قال ولا ينتهب نهبة ذات شرف يرفع الناس اليه فيها ابصارهم حين ينتهبها وهو مؤمن فافاد ذلك ان الانتهاب من جملة الكبائر لانه فعل نفي الايمان عن فعله ثم قال ولا يغل حين يغل وهو مؤمن فافاد ذلك ان الغلول من الكبائر لانه فعل نفي الايمان عن فاعله. وفي رواية للبخاري ولا يقتل حين يقتل وهو مسلم او قال وهو مؤمن فقتل النفس بغير حق من جملة الكبائر لانه فعل نفي الايمان عن فاعله فمتى ما رأيت الشارع في دليل في دليل الشرع ينفي الايمان عمن فعل هذا الشيء فان نفي الايمان نستفيد منه فائدتين ان هذا الشيء محرم وان هذا الشيء كبيرة من كبائر الذنوب فمن جملة ما تعرف به الكبائر نفي الايمان عن الفاعل وبالمقابل كل فعل نفي الايمان عن تاركه فلوجوبه كقول النبي صلى الله عليه وسلم لا يؤمن احدكم حتى اكون احب اليه من ولده ووالده والناس اجمعين. فتقديم محبة النبي صلى الله عليه وسلم من جملة الواجبات ان ها لانه من الافعال التي نفي الايمان عمن تركها وكقوله صلى الله عليه وسلم ثلاث من كن فيه وجد بهن حلاوة الايمان من كان الله ورسوله احب اليه من ما سواهما وان يحب المرء لا يحبه الا لله وان يكره ان يعود في الكفر. بعد ان انقذه الله منه كما يكره ان يقذف في النار فتلك الصفات الايمانية الثلاث المذكورة في الحديث من جملة واجبات الدين لانها افعال نفي الايمان عن من تركها وكقول النبي صلى الله عليه وسلم ليس المؤمن بطعان ولا لعان ولا بفاحش بذيء. فهذه الامور محرمات وكبائر. لانها افعال نفي الايمان عن فاعلها وكقوله صلى الله عليه وسلم لا ايمان لمن لا امانة له فدل ذلك على ان اداء الامانة من واجبات الشرع لانه فعل نفي الايمان عن تاركه ثم قال ولا دين لمن لا عهد له. فدل ذلك على وجوب الوفاء على وجوب الوفاء بالوعد لانه فعل نفي الايمان عن تاركه فاذا نفي الايمان عن شيء فان كان نفيا عن فعل فهذا دليل التحريم وان كان نفيا عن ترك فهذا دليل الوجوب وهذا اصح ما قيل في هذه المسألة والخلاصة من هذه الكلية وفقكم الله هو ان شرب الخمر من جملة الكبائر التي نفي الايمان عن فاعله بها الكلية الثانية كل مسكر ده خمر او نقول بعبارة اخرى تضاف لها كل ما خامر العقل فخمر وبرهانها ما في صحيح الامام مسلم من حديث ابن عمر رضي الله عنهما مرفوعا. قال قال النبي صلى الله عليه وسلم كل مسكر خمر والاسكار هو ذهاب العقل وتغطيته وتغييبه فالخمر اسم لكل ما يوجب تغطية العقل وذهابه وتغييبه بغض النظر عن نوعها اطعاما يؤكل او شرابا يشرب او شيئا يستنشق او حقنة تغرز في الجلد فاذا كانت النتيجة واحدة من ذلك كله وهي تغطية العقل وتغييبه واسكاره فانها تسمى خمرا وهذا وقع فيه شيء من الخلاف بين اهل العلم رحمهم الله تعالى فالائمة الحنفية يقولون ان الخمر تطلق اطلاق حقيقة ومجاز فتطلق حقيقة على الشراب المتخذ من العنب خاصة واما الشراب المسكر من غير العنب فان سمي خمراء فانما هي تسمية مجازية لا حقيقية ثم اختلفوا في معنى المجازية هنا اهي من مجاز اللغة ولا مجاز القياس على قولين عندهم والاصح هو ما ذهب اليه جماهير اهل العلم رحمهم الله تعالى من ان الخمر تعرف بالحد لا بنوع المادة المتخذة منها لان النبي صلى الله عليه وسلم اعطانا قاعدة بما يعرف به الخمر من غيره وهي تعليقها بكونه بكونها مسكرة فكل ما اوجب هذه العلة اوجب هذه التسمية فكل مسكر فانه يسمى خمرا سواء اكان متخذا من العسل او الحنطة او الزبيب او التمر او الشعير او غير ذلك من المواد الحديثة الكيميائية التي تصنع منها الخمر في زماننا هذا ثم لا نسلم للائمة الحنفية بان الخمر وقت نزول التحريم انما كانت تتخذ من العنب فقط بل كانت خمرهم قبل نزول التحريم من العنب والتمر والحنطة والزبيب والبتع وهو نبيذ العسل كما ثبتت بذلك الادلة عن النبي صلى الله عليه وسلم ولذلك سئل النبي صلى الله عليه وسلم عن البتع بكسر الباء وتسكين التاء وهو نبيذ يتخذ من العسل فقال النبي صلى الله عليه وسلم كل شراب اسكر فهو حرام وفي الحديث عن ابن عمر نزل تحريم الخمر وهي من خمسة اشياء نزل تحريم الخمر وهي من خمسة اشياء من التمر والعنب والزبيب والحنطة والعسل او كما قال رضي الله تعالى عنه وارضاه ثم سلمنا جدلا ان الخمر في العصر النبوي انما كانت تتخذ من العنب خاصة فان العبرة بعموم التعليل لا بخصوص السببية فتحيم العنب اذا كان مسكرا ليس لعنبيته حتى لا يدخل معه غيره وانما لكونه مسكرا وبناء على ذلك فهذا الحكم وهو الاسكار يدور مع علته وجودا وعدما فمتى ما وجد الاسكار وجدت الخمرية والتحريم ومتى ما انعدم الاسكار انعدم مسمى الخمرية وانعدم التحريم ولان المتقرر في القواعد انه اذا اتفقت العلل اتفقت الاحكام واذا اختلفت العلل اختلفت الاحكام ولذلك استجد بعد عصر النبي صلى الله عليه وسلم اشربة مسكرة جديدة لم تكن في عهده فكان التابعون يسألون عنها اصحاب النبي صلى الله عليه وسلم فيجيبون بقولهم امسكر هو مما يدل على ان العلة ليست في نوع المادة المتخذ منها الخمر وانما العلة هي الاسكار ولان المتقرر في القواعد ان الحكم يدور مع علته وجودا وعدما كما ذكرت فحيثما وجد الاسكار وجد التحريم بغض النظر عن نوع المادة ولو تأملتم الى صناعة الخمر في لو ولو تأملتم صناعة الخمر في هذا الزمان لوجدتموها تصنع من مواد لم تكن معروفة على عهد النبي صلى الله عليه وسلم فكان الصحابة اذا سئلوا عن نوع من الشراب يسألون هذا السؤال مما يدل على ان العلة والمأخذ في التحريم انما هو انما هو كون الشيء مسكرا سواء اكان عنبا او تمرا او من عسل او من حمطة او من شعير او من غير ذلك فلا شأن لنا بنوع المادة وانما الشأن في نتيجتها من من الاسكار او عدمه الكلية الثالثة كل خمر فحرام كل خمر فحرام وهذا من المسائل المعلومة من الدين بالظرورة وقد اجمع علماء الاسلام على حرمة الخمر وهذا الاجماع من قول بالتواتر خالفا عن سالف وصار من الاحكام المعلومة من الدين بالضرورة واجمع العلماء على ان من انكر هذا التحريم عالما بالدليل فانه يعتبر كافرة وان كان حديث عهد بالاسلام او جاهلا فلابد من تعريفه بالادلة الدالة عليه فان عرف واصر كفر وقد دل وقد دل على تحريم الخمر كتاب الله عز وجل وسنة النبي صلى الله عليه وسلم والاجماع فمن القرآن قول الله عز وجل انما الخمر والميسر والانصاب والازلام رجس من عمل الشيطان فاجتنبوه لعلكم تفلحون انما يريد الشيطان ان يوقع بينكم العداوة والبغضاء في الخمر والميسر ويصدكم عن ذكر الله وعن الصلاة فهل انتم منتهون ووجه الدلالة منها عدة امور الامر الاول ان الله امر باجتنابها وهذا اب بلغوا من الامر بشربها وذلك لان المتقرر في القواعد ان النهي عن الشيء نهي عن كل طريق يوصل اليه كقول الله عز وجل ولا تقربوا الزنا ومن المعلوم في استعمال القرآن انه من من باب بيان غلظ تحريم الشيء الا ينص على تحريمه فقط بل ينص على تحريم ما احاط به اصلا فكل محرم نص فكل محرم نص على تحريم الطرق المفضية اليه فهذا من باب بيان غلظ التحريم كما سيأتينا في كلية خاصة الوجه الثاني ان الله عز وجل قرنها بما هو محرم اجماعا فقرنها بالميسر والانصاب والازلف والمتقرر في قواعد الاصول ان دلالة مقارنة متحدة الا بدليل ان دلالة الاقتران متحدة الا بدليل فاذا كان الميسر حراما والانصاب حراما والازلام حراما فما قرن معها لابد وان يكون حراما لان دلالة الاقتران متحدة فمن اراد ان يفرق بين الامور المقترنة في موضع واحد فيعطي بعضها حكما ويعطي البعض الاخر حكما اخر فيكون في ذلك قد بذلك قد فرق بين متماثلين والمتقرر في القواعد ان الشريعة لا تفرق بين متماثلين الوجه الثالث ان الشارع وصفها بانها من عمل الشيطان والمتقرر في القواعد ان اضافة العمل الى الشيطان دليل على تحريمه كل ما اضيف الى الشيطان فمحرم اذا قيل بان الشيطان يأكل بشماله فاذا الاكل بالشمال حرام اذا قيل ان الشيطان يمشي بنعل دون نعل فالمشي بالنعل الواحدة حرام اذا قيل بان اذا قال الشارع بان الشيطان يأخذ بشماله ويعطي بشماله فيكون الاعطاء والاخذ بالشمال حرام اذا كان الشيطان اذا وصفت المجالس بين الظل والشمس بانها من مجالس الشيطان فيحرم على الانسان البقاء فيها وكذلك الخمر والميسر والانصاب والازلام وصفت بانها من عمل الشيطان او رجس من عمل الشيطان فهذا دليل على تحريمها ولا شك في ذلك ووصف هذه الاشياء المقترنة في التحريم بانها من عمل الشيطان بانها رجس من عمل الشيطان دليل على ان هنا ليست الرجسية الحسية المقتضية للتنجيس وانما الرجسية المعنوية المقتضية للتحريم الوجه الذي بعده ان الشارع بين الحكمة العظيمة من تحريم الخمر. في قوله انما يريد الشيطان ان يوقع بينكم العداوة والبغضاء في الخمر والميسر ويصدكم عن ذكر الله وعن الصلاة فالشيطان يتخذ هذه الامور المذكورة في الاية سببا لابعاد الناس عما هو مشروع لهم من محبة بعضهم بعضا وصلة بعضهم بعضا ومن ذكر الله والصلاة ومن المعلوم المتقرر في القواعد ان كلما افضى الى قطع المشروع فحرام كل ما افضى الى الى قطع الشيء المشروع فانه يعتبر حراما لان الشارع امرنا بالمحبة الشرعية. فكل ما افضى الى انتشار البغضاء والخصومات والعداوات فلا يكون الا حراما ولذلك حرم الشارع بيع المسلم على بيع اخيه لانه يفضي الى ذلك وشراءه على شراء اخيه لانه يفضي الى ذلك وخطبته على خطبة اخيه لانه يفضي الى ذلك. وحرم نكاح المرأة على عمتها والمرأة على لانه يفضي الى ذلك. فاذا كانت الخمر طريقا يفضي الى ذلك فلا تكون الا حراما ومن الادلة ايضا قول الله عز وجل ويسألونك عن الخمر والميسري قل فيهما اثم كبير ومنافع للناس وهذا لا يدل على تحليلها ابدا وانما يدل على تأكيد تحريمها وذلك لان المتقرر في قواعد الشرع انه متى ما تعارضت مصلحة ومفسدة وكانت المفسدة اربا من المصلحة فان ترى المفاسد الراجحة مقدم على جلب المصالح المرجوحة فلما شهد الشارع بان الخمر اثمها كبير على منافعها ومصالحها فذلك يدل على انها من جملة المحرمات الا ان تحريم الخمر كما ثبت بالادلة لم ينزل دفعة واحدة. وانما جاء بالتدرج فاخبر اولا بشيء ثم نسخه واخبر بشيء اخر حتى استقر الامر الى حتى استقر الامر الى التحريم وقد اجمع على ذلك علماء الاسلام ولا يعرف عنهم في ذلك خلاف ابدا وفي الصحيح من حديث انس رضي الله عنه قال كنت ساقي القوم قبل نزول الخمر فدخل علينا رجل فقال الا ان الخمر قد حرمت فبعث النبي صلى الله عليه وسلم مناديا ينادي الا ان الخمر قد حرمت فاريقت الدنان حتى سالت بها شوارع المدينة. والحديث في الصحيح وفي حديث ابن عمر ان النبي صلى الله عليه وسلم قال لعن الله الخمر وشاربها وساقيها وبائعها ومبتاعها وعى ومعتصرها وحاملها والمحمولة اليه اخرجه الترمذي باسناد جيد وهذا لا يدل على التحريم فقط بل يدل على التحريم وكونها من جملة الكبائر وستأتينا في هذا الحديث بخصوص قاعدة كلية بعد قليل باذن الله عز وجل وفي وفي الصحيحين من حديث جابر رضي الله عنه ان النبي صلى الله عليه وسلم قال يوم فتح مكة الا ان الله حرم بيع الخمر والميتة والخنزير والاص. والشاهد منه حرم بيع الخمر والحديث الذي تلوته على اسماعكم في الكلية الاولى ولا يشرب الخمر حين يشربها وهو مؤمن فان قلت قد علمنا التحريم فما الحكمة منه فقل الحكمة منه حفظ العقول التي هي مناط التكليف فان الخمر تدمر العقل حسا ومعنى وكل ما من شأنه اتلاف العقل اتلاف حس او معنى فلا يكون في الشرع الا حراما من باب المحافظة على مناطق التكليف ولسد ابواب العداوات ولقطع دابر البغضاء في المجتمع الاسلامي ولانها تصد العبد عن ذكر الله عز وجل وعن الصلاة ولانها سبب لتفشي الامراض الكثيرة في المجتمع فالخمر سبب للامراض الكثيرة ولانها سبب للقتل وارتكاب الفواحش. فكم من انسان اذا شربت زنا او فعل به ولغير ذلك من الحكم فكل ما يصدق عليه مسمى الخمر فانه لا يكون في الشريعة الا حراما ويؤكد ذلك الكلية التي بعدها وهي الكلية الرابعة. كل اوجه الانتفاع بالخمر حرام كل اوجه الانتفاع بالخمر حرام وذلك لان تحريم الخمر من باب تحريم المقاصد وما كان محرما تحريم مقاصد فانه حرام من كل وجه فلا يجوز للانسان ان ينتفع بنوع من انواع الانتفاع بالخمر ابدا لا شربا ولا استعاطا ولا دواء ولا صبغا ولا حفظا لشيء من الاطعمة ولا لتطييب لحم بعض البهائم اذا سقيت خمرا كما يدعيه بعضهم فكل وجه من اوجه الانتفاع فانها محرمة فلا يجوز بيعها لان بيعها نوع انتفاع ولا يجوز قبض ثمنها لانه نوع انتفاع ولذلك في حديث ابن عمر السابق لعن الله الخمر وشاربها وساقيها وبائعها الحديث بتمامه وفي حديث ابن عباس رضي الله عنهما مرفوعا قال النبي صلى الله عليه وسلم اتاني جبريل فقال يا محمد ان الله لعن الخمر وعاصرها ومعتصرها وشاربها وحاملها والمحمولة اليه وبائعها ومبتاعها وساقيها ومستقاها. اخرجه الامام احمد واسناده جيد فلا يجوز اي وجه من اوجه الانتفاع بالخمر وقد اختلف العلماء في مسألة التداوي اكثر من اختلافهم في غيرها من اوجه الانتفاع والحق حرمته فلا يجوز ان نتداوى بالخمر لعموم قول النبي صلى الله عليه وسلم عباد الله تداووا ولا تداووا بحرام وفي صحيح الامام مسلم من حديث طارق بن سويد انه سأل النبي صلى الله عليه وسلم عن الخمر فنهاه فقال يا رسول الله انما اصنعها للدواء فقال صلى الله عليه وسلم انها ليست بدواء ولكنها داء او كما قال صلى الله عليه وسلم الا ان العلماء اجازوا اجماعا فيما لو تخللت بفعل نفسها او بفعل الله عز وجل من غير تدخل ادمي فانها حينئذ تحل لزوال العلة الموجبة للتحريم والمنع فجميع اوجه الانتفاع محرمة وسيأتينا تفصيل اكثر في كلية لاحقة ان شاء الله لانني اعرف ان بعظكم قد قام في ذهنه الضرورة العلاجية لبعض الخمر لبعض انواع الصرع ونحوها الكلية الخامسة كل مفكر فحرام كل مفتر فحرام والمفتر هو الذي يوجب ارتخاء الاطراف من يدين ورجلين ويوجب وهن الجسد وضعفه وكسله سواء اكان نباتيا كالقات مثلا او الحشيش او كان مصنعا كالجراك او الدخان ونحوها مما لا يصل الى حد الاسكار ولا يغيب العقل فكل ذلك محرم ولا يجوز تعاطيه ولا شربه لعظيم ظرره وبناء على ذلك فالقول الصحيح ان ما يسمونه بالجات حرام لا لكونه مسكرا وانما لكونه مفترا وكذلك الحشيش حرام لا لكونه مسكرا فقط بل لكونه جمع مع الاسكار التفتير ايضا قال الامام الخطابي رحمه الله المفتر كل شراب يورث الفتور والخدر في الاطراف وهو مقدمة السكر وقد نهى وقد نهي عن شربه لئلا يكون ذريعة للسكر قال القرافي رحمه الله تعالى بالفرق بين المفتر والمسكر والمفسد قال ان الشيء اما ان يغيبل العقل والسمع والبصر واما لا فان غيب العقل والسمع والبصر فهذا هو المخدر او او نقول هو المرقد كما عبر عنه في في الفروق واما اذا غيب العقل مع بقاء السمع والبصر فهذا هو المسكر. لا سيما اذا اوجب للنفس طربا ونشاطا واذا لم يكن لا هذا ولا ذاك فانه المفسد والمفسد هو المفتر ولكن عبر عنه الامام القرافي بقوله المفسد فان قلت وما برهانك على تحريم كل مفتر فاقول حديث ام سلمة رضي الله تعالى عنها قالت نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن كل مسكر ومفتر حديث صحيح نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن كل مسكر ومفتر. قال الامام ابن تيمية رحمه الله تعالى وكل ما يغيب العقل فانه حرام وان لم يحصل معه نشوة ولا طرب فان تغييب العقل حرام باجماع المسلمين. انتهى كلامه رحمه الله الكلية السادسة كل ما اسكر كثيره فقليله حرام كل ما اسكر كثيره فقليله حرام والدليل على ذلك حديث ابن عمر رضي الله عنهما قال قال النبي صلى الله عليه وسلم ما اسكر كثيره فقليله حرام ومثله عن جابر وفي رواية فالحسوة فالحسوة منه حرام وهذا يخرج على قاعدة سد الذرائع فان كل ذريعة تفظي الى الحرام افظاء علم او غلبة ظن فالواجب وفي الواجب سدها ولان المتقرر في القواعد انما حرم كلا حرم جزءا الا بدليل كالبول يحرم شربه كثيرا وقليلة وكالعاذرة يحرم كثيرها وقليلها وكالربا يحرم كثيره وقليله وكالكذب يحرم قليله وكثيره وكقطيعة الارحام يحرم كثيرها وقليلها فاذا اراد الانسان ان يفرق في الامر المحرم بين قليله وكبيره فهو يفرق بين متما والمتقرر في القواعد ان الشريعة لا تفرق بين متماثلين فالاصل استواء اجزاء الحرام في التحريم الا اذا جاءنا الانسان بدليل يدل على الفرقان بين القليل والكثير كتحريم الحرير على الرجال فان كثيره حرام وقليله بمقدار اصبعين او ثلاث او اربع جائز للنص ولو لم يرد النص بجوازه لما فرقنا بين القليل والكثير ولكن لابد ان نفرق وفقكم الله بين مسألة القليل والمعدوم فان القلة تنقسم الى قسمين الى قلة وجودية والى قلة عدمية اما القلة الوجودية فهي التي يقصدها النبي صلى الله عليه وسلم في قوله فقليله حرام ونعني بالقلة الوجودية اي القلة التي لا تزال اثارها بادية فهي قلة لا تزال فيها لا يزال فيها جرم الخمرية وطعمها ولونها وريحها فهي وان كانت موصوفة بانها قليلة الا انها قلة وجودية فقلتها لا توصفوا او لا او لا تسوغوا اباحتها ولكن هناك قلة عدمية بمعنى ان النسبة من هذا الامر المحرم صارت قليلة جدا قلة اذهبت جرمها وافنت لونها وطعمها وريحها ومن المعلوم ان الشيء اذا لم يكن له جرم ولا طعم ولا لون ولا ريح فانه يوصف بانه معدوم والمتقرر في القواعد ان المعدوم لا حكم له وسيأتي تفصيل اكثر في الكلية القادمة ان شاء الله وهي الكلية السابعة كل مخلوط بخمر فخمر او نقول كل مخلوط بخمر فحرام ان كانت صفاته لا تزال باقية ان كانت صفاتها لا تزال باقية كل ما خلط بخمر فحرام ان كانت صفاتها لا تزال باقية فاذا خلطت الخمر مع شيء اخر فلا يخلو من حالتين اما ان يكون خلطا او اوجب ذهاب صفاتها كلها فلم يبق لها بعد هذا الخلط لا لون ولا طعم ولا لون ولا ريح فانها في هذه الحالة توصف بانها معدومة والمتقرر في القواعد ان المعدوم لا حكم له واما ان يكون هذا الخلط لم يوجب ذهاب صفاتها فلا يزال جرم الخمر موجودا ولا تزال صفة ولا تزال رائحتها او طعمها او لونها باقيا فحين اذ وان كانت النسبة قليلة لكنها لم تذهب صفاتها لم تذهب صفاتها فحين اذ يعتبر هذا الشيء حراما وبناء على ذلك فالبيرة المخلوطة بشيء من الكحول او الخمر ان كان خلطا اذهب صفات الخمرية الاذهاب المطلق فلا حكم له ويجوز شربه وان كانت قلة لم تذهب صفاتها فلا يزال جرمها طعمها لونها ريحها باقية فحين اذ يحرم شربه وكذلك اذا خلط شيء من المكياجات او المساحيق بشيء من الخمر او الكحول فان كان خلطا اوجب ذهاب صفاتها الذهاب الاذهاب المطلق فانها تعتبر معدومة والمعدوم لا حكم له فيجوز استعمال هذه المساحق واما اذا كان خلطا لم يوجب ذهاب صفاتها فانه يحرم استعماله وكبعض الاطعمة التي خلطت بشيء من دهن الخنزير او شحمه فان كان خلطا اذهب صفاته الاذهاب المطلق فانه يباح استعماله واما اذا كان خلطا لم يوجب ذهاب صفاته فانه لا يجوز ما له فالنسبة القليلة تأخذ حكما اذا كانت وجودية اي صفاتها لا تزال موجودة وان كانت قليلة ولا تأخذوا حكما اذا كانت عدمية بان المعدوم لا حكم له ومن الكليات ايضا كل ما حرم تحريم مقاصد كل ما حرم تحريم مقاصد فلا تبيحه الا الظاء رورات كل ما حرم تحريم مقاصد فلا تبيحه الا الضرورات ومن المعلوم ان المحرمات تنقسم في رتبة تحريمها الى قسمين الى ما حرم تحريم مقاصد والى ما حرم تحريما وسائل فما كان محرما تحريم مقاصد فلا تبيحه الا الضرورات واما ما كان محرما تحريم وسائل فانه تبيحه الحاجات فالظرورات شيء عظيم فنجعلها للعظيم وهو المحرم تحريم مقاصد والحاجات شيء يسير فنجعلها لما تحريمه يسيرا وهو المحرم تحريما وسائل فالكبير للكبير واليسير لليسير من باب التسهيل عليكم ومن المعلوم ان الخمر محرمة تحريما مقاصد وبناء على ذلك فلا يبيحها الحاجات وانما لا يبيحها الا الضرورات كدفع غصة لا يوجد ما يدفعها الا الخمر فله ان يدفعها محافظة على بقاء نفسه وكبعظ الظرورات الدوائية لبعض الامراض التي لا يوجد لها علاج طبا الا هذا الا هذا الامر فاذا كان هناك بعض الادواء لا يوجد لها دواء الا هذا الامر فاما ان يتداوى بها واما واما ان تفوت نفسه على حسب الخبرة الطبية فانه حينئذ ينتقل الامر من كونه حاجة علاجية الى كونه ضرورة علاجية فيجوز حينئذ ان نستعمل من الخمر بهذا النوع وفي هذه الحال بخصوصها ما ما تقتضيه الضرورة لان المتقرر في القواعد ان الضرورات تبيح المحظورات والمتقرر في القواعد ان الضرورات تقدر بقدرها والله اعلم. الكلية التاسعة كل خليطين من شأنهما التخمر فيراقان بعد ثلاث كل خليطين من شأنهما التخمر فيراقان بعد ثلاث اي ثلاث ليال كتمر وزبيب او عنب ورطب او تمر وبسر او عنب وزبيب او غيرها مما من شأنه ان يتخمر اذا خلط مع شيء اخر ففي الحديث عن جابر رضي الله عنه قال نهى النبي صلى الله عليه وسلم ان يخلط الزبيب والتمر والبسر والتمر وكذلك ايضا في الحديث الاخر قال نهى النبي صلى الله عليه وسلم ان ينبذ التمر والزبيب جميعا ونهى ان ينبذ الرطب والبسر جميع وفي الحديث عن عائشة رضي الله عنها قالت كنا ننبذ لرسول الله صلى الله كنا ننبذ لرسول الله صلى الله عليه وسلم في سقاء يوكى من اعلاه ننبذه او ننبذه غدوة فيشربه عشية وننبذه عشيا فيشربه غدوة وفي الحديث عن ابن عباس رضي الله عنهما قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم ينبذ له في اول الليل فيشربه اذا اصبح يومه ذلك. والليلة التي تجيء والغداء والليلة الاخرى والغد الى العصر اي ثلاث ثلاث ليال او ثلاثة ايام فاذا بقي شيء منه سقاه الخادم او امر به فصب اي اريق وهذا دليل على انه لا يجوز للانسان ان يسعى الى ما يوجب التخمير من باب قطع ذا من باب قطع الذرائع الا انه اذا كان هناك شيء يحفظه من التخمر كشيء يوضع مع الخليطين الخمريين فيحفظه من تخمر او ان يوضع في ثلاجة فتحفظه من التخمر او يجمد فيحفظ من التخمر فلا بأس ان يزاد على تلاثم لانهم لم يكن عندهم في ذاك الزمان اشياء توجب حفظ الخليطين من التخمر وانما العلة في ذلك وجود الخمر فمتى ما قذف الخليطان بالزبد وسارا مسكرين فانه حينئذ يحرم شربه من باب سد الذرائع الكلية العاشرة والاخيرة كل تشبه باهل الفسق فمحرم كل تشبه باهل الفسق فحرام قال البهوتي رحمه الله تعالى في كشاف القناع قال ويحرم التشبه بسراب الخمر ويعزر فاعله وقال الغزالي رحمه الله ومن تشبه بالشراب في مجلسه وانيته حرم وعزر ولان من تشبه بقوم فهو منهم وسدا لذريعة اتهام الانسان بما ليس فيه اذا رأوه متشبها باهل الفسق فانه ربما يوصف بالفسق ظنا من الناس انه قد فعله وبناء على ذلك فيحرم ظرب الكؤوس ببعضها ويحرم الترنح في في المشية ويحرم لي الكلام كالسكران وما كان من افعال اهل الفسق فانه لا يكون في الشرع الا حراما فعلا وتشبها والله اعلى واعلم وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى اله وصحبه اجمعين