الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على رسول الله الامين وعلى اله واصحابه الطيبين الطاهرين ومن تبعهم باحسان الى يوم الدين سوف سوف يكون الكلام في هذا الدرس عن كليات كتاب القضاء وهو من اواخر الكتب في الفقه الاسلامي كتاب القضاء وقد عرف العلماء القضاء لغة بعدة معان او بعدة تعريفات فمن اول معانيه الحكم فيقال قضيت بكذا بمعنى حكمت بكذا ومنها قول الله عز وجل وقضى ربك الا تعبدوا الا اياه وبالوالدين احسانا اي حكما. بهذا الحكم الشرعي ومن معانيه في اللغة الاداء. الاداء ومنه قول الله عز وجل فاذا قضيتم مناسككم اي اديتموها على الوجه الشرعي وقول الله عز وجل فاذا قضيتم الصلاة اي اديتموها على الوجه الشرعي ومن معانيه في اللغة ايضا التبليغ والانهاء فتبليغ الشيء وانهاؤه داخلة في معنى القضاء في اللغة ومنه قول الله عز وجل وقضينا الى بني اسرائيل اي ابلغناهم وقول الله عز وجل وقضينا اليه ذلك الامر ان دابر هؤلاء مقطوع المصبحين اي انهينا الامر على هذه الصورة فالتبليغ والانهاء من معاني القضاء في اللغة ويأتي بمعنى بمعان اخرى كالهلاك قضى فلان نحبه اي هلك ومنه قول الله عز وجل فوكزه موسى فقضى عليه اي اهلكه وقول الله عز وجل فمنهم من قضى نحبه وقال الله وكذلك ايضا يأتي بمعنى الفراغ يأتي بمعنى الفراغ من الشيء ومنه قول الله عز وجل فلما قضى زيد منها وطرا اي طلقها وانتهى عقد الزوجية بينهما ويأتي بمعنى المضي المضي ومنه قول الله عز وجل ثم اقضوا الي ولا تنظرون. اي تعالوا وهلموا كلكم اهلكوني ثم لا تنظروني ويأتي بمعنى الصنع والتقدير ايضا ومنه قول الله عز وجل فقضاهن سبع ثموات اي قدرهن وصنعهن على هذه الصورة واما القضاء اصطلاحا فقد اختلفت عبارات اهل العلم في بيانه ويجمعها ان نقول هو فصل الخصومات بحكم الشرع الملزم فصل الخصومات بحكم الشرع الملزم ولابد من تقييد هذا الفصل بهذين القيدين القيد الاول انه فصل في الخصومات بحكم الشرع وبناء على ذلك فكل من حكم بين الخصوم بغير حكم الشرع فلا يعتبر قاضيا بان المتقرر في القواعد ان كل حكم يخالف حكم الشرع فمن احكام الجاهلية وقد قال الله عز وجل وان احكم بينهم بما انزل الله وقال الله عز وجل افحكم الجاهلية يبغون ومن احسن من الله حكما لقوم يوقنون فالقضاة الذين يحكمون بالقوانين الشرقية او الغربية ويعارضون بها حكم الشرع لا يدخلون في وصف القضاء بالمعنى الشرعي لانهم يفصلون في الخصومات على خلاف حكم الشرع والقيد الثاني قولنا الملزم ليخرج الافتاء فان الافتاء وان كان فيه وان كان فيه بيان حكم الشرع الا انه مجرد بيان قد يلتزمه الخصوم وقد لا يلتزمونه فالذي يبين حكم الشرع لا يخلو من حالتين اما ان يبينه ويلزم الخصوم بعد البيان بالالتزام فهذا قاضي ولا يجيز لهم ان يخرجوا عن مقتضى بيانه الشرعي واما الثاني فهو الذي يبين حكم الشرع ولا يلزم الخصوم او المستفتين فان اخذوا به فحسن وان لم يأخذوا به فليس له سلطان على الزامهم به. فهذا هو المفتي وهذا الفرقان بين الافتاء والقضاء. فالقضاء من طبيعته بيان حكم الشرع. الملزم واما الافتاء فهو بيان حكم الشرع بلا الزام فبان لنا ان معنى القضاء لغة هو فصل الخصومات المقيد بهذين القيدين الاول بحكم الشرع والثاني الملزم وقد اجمع العلماء على مشروعيته اجماعا قطعيا منقولا بالتواتر وذلك لما فيه من فصل الخصومات وقطع النزاع وتحقيق مقاصد الشرع ودفع عادية الظالم عن المظلوم وحفظ الحقوق واعطاء كل ذي حق حقه وقطع النزاع السيطرة على تلك الفطرة النفسية التي تتضمن عدم اداء الحق فان قليلا من الناس من من يؤدي الحق بلا قضاء فالقضاء به قيام مصالح الدين والدنيا ولذلك فقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يتولاه بنفسه ثم تولاه الخلفاء الراشدون من بعده ولما اتسعت رقعة الدولة الاسلامية صار النبي صلى الله عليه وسلم يبعث القضاة الى البلدان المجاورة ليفصلوا لهم بين في خصوماتهم ونزاعهم وقد بعث عليا الى اليمن ثم لما رجع بعث الى اليمن معاذا وابا موسى الاشعري رضي الله تعالى عنهم وارضاهم وعلى ذلك قول الله عز وجل فاحكم اي فاقض بينهم بما انزل الله وقول الله عز وجل وان احكم بينهم بما انزل الله. وقول الله عز وجل فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم ثم لا يجد في انفسهم حرجا مما قضيت ويسلموا تسليما. وقول النبي صلى الله عليه وسلم انما انا بشر اقضي بنحو مما اسمع الحديث بتمامه وقول النبي صلى الله عليه وسلم اذا اجتهد الحاكم فحكم فاصاب فله اجران وان اجتهد واخطأ فله اجر اجر واحد والاجماع في ذلك كاف ولله الحمد وفي باب القضاء كليات عظيمة لابد من دراستها الكلية الاولى كل ما لا تقوم مصالح الدين والدنيا الا به فمن واجبات الامام كل ما لا تقوم مصالح الدين والدنيا الا به فمن واجبات الامام وهذا من اعظم وظائف الامام واعني به الحاكم فان من اعظم وظائفه اقامة مصالح الناس في دينهم ودنياهم فجميع الامور التي تتوقف عليها اقامة مصالح الناس في دينهم ودنياهم فانها من واجباته هو ومسؤول عنها يوم القيامة فيدخل في ذلك القضاء فيجب عليه نصب القضاة في كل بلد يدخل تحت نفوذه وسلطانه ويدخل في ذلك الامر بالمعروف والنهي عن المنكر ويدخل في ذلك اقامة الحدود ويدخل فيه حفظ السبل والحزم في تطبيق احكام الشريعة والالزام بها ويدخل في ذلك ايضا محاربة جميع الطوائف التي تهدم المجتمع الاسلامي وبما ان الكلام عن القضاء فقد اجمع العلماء على ان تنصيب القضاة من جملة الواجبات على الحاكم وان الحاكم هو المسئول الاول عن توظيف القضاة وانه يجب عليه ان يحرص الحرص التام على اختيار الانسب منهم والاصلح والاكفأ ممن توفرت فيه شروط القضاء التي سيأتي بيانها في الكليات القادمة ان شاء الله تعالى بل ان العلماء متفقون على ان الامام هو الذي يجب عليه ان يكون قاضيا في الخصومات ان كان اهلا لذلك فان لم يك اهلا لذلك فيكون قد تعذر الاصل فاننا ننتقل حينئذ الى البدل وهو ان يختار من شعبه من؟ يقوم بهذا الدور العظيم الذي لا تقوم مصالح الدين والدنيا الا به وقد اجمع العلماء على ان القضاء فرض كفاية اذا قام به من يكفي في البلد سقطت المطالبة عن الباقين ومن الكليات ايضا كل من تعين عليه فرض الكفاية اخذ به جبرا الله يستر كل من تعين عليه فرض الكفاية اخذ به جبرا ونعني بفرض الكفاية ذلك الامر الشرعي الذي لا يطلب من الجميع فعله ولا يجوز للجميع تركه وانما اذا فعله من يكفي سقطت المطالبة عن الباقين الا انه في بعض فروض الكفايات قد تتعين على رجل ليس في الامة من يقوم به الا هو فكل من تعين عليه فرض الكفاية فان الواجب عليه اختيارا ان يلتزم به وان رفض فان لولي الامر ان يجبره على القيام به. لانه ليس في الامة من يقوم بهذا الفرض الكفائي الا انت وبناء على ذلك فلو توقف الامر بالمعروف او النهي عن المنكر على فرض وجب عليه القيام به ولو توقفت الدعوة الى الله عز وجل على فرض او طائفة وجبت عليهم وجب عليهم القيام بها واذا توقف تعليم نوع من انواع العلم على فرد لا يتقنه الا هو وجب عليه بيانه للامة ولو بالحبس والجلد حتى يقوم به ولو ان ما يتعلق بامور الجنائز من تغسيل او تكفين او صلاة او دفن كان لا يعرفها في البلد الا واحد فانه يتعين يتعين عليه ويدخل في ذلك القضاء فبما انه من فروض الكفايات فاذا لم يوجد الاكفأ في البلد الا فلان فانه يجب عليه ان يتولاه وقد سئل الامام مالك رحمه الله تعالى. فقيل له ايجبر الرجل على ولاية القضاء؟ قال نعم اذا لم يوجد منه عوظ فقيل ايجبر بالضرب والحبس؟ قال نعم قال الامام الماوردي رحمه الله تعالى فان امتنع هذا المنفرد بشروط القضاء من الاجابة اليه اجبره الامام عليه لتعين فرضه عليه. ومن تعين عليه فرض اخذ به جبرا. انتهى كلامه فاذا طلب ولي الامر من الامة امرا فيه مصلحة. وكان من فروض الكفايات فان الواجب على الامة ان تعين ولي الامر على تحقيق مقصود هذا الامر في الامة ولكن ان تعين القيام به على احد فان الواجب عليه ان يستجيب طوعا او كرها وهذا ليس في امور القضاء او امور الشرع فقط. بل حتى في امور الدنيا كالفلاحة فاذا لم يستطع فاذا لم يكن يعرف بامور الفلاحة في البلد الا واحد تعين عليه فعله او النساجة فاذا لم يكن يعرف خياطة الثياب في البلد الا واحد فانه يتعين عليه ان يقوم بهذه الوظيفة وهكذا في سائر ما حكمنا عليه بانه من فروض الكفايات لان هذه الاعمال وان كانت وان كانت على فرض الكفاية لكن اذا لم يقم بها غير هذا الانسان صارت من فروض الاعيان من فروض الاعيان عليه ومن الكليات ايضا كل طالب للولاية كل طالب للولاية فلا يولى الا ان كان هو الاكفأ كل طالب للولاية فلا يولى الا ان كان هو الاكفأ وذلك للدليل الاثري والنظري اما الدليل الاثري ففي الصحيح من حديث عبدالرحمن بن سمرة ان النبي صلى الله عليه وسلم قال له يا عبد الرحمن ابن سمرة لا تسأل الامارة والقضاء من الامارة فانها ان جاءتك عن غير مسألة اعنت عليها وان جاءتك عن مسألة وكلت وكلت اليها وفي الصحيحين ان قوما دخلوا على النبي صلى الله عليه وسلم فسألوه الولاية فقال صلى الله عليه وسلم انا لا نولي امرنا هذا من طلبه انا لا نولي امرنا هذا من طلبه واما من النظر فلان طلب الولاية دليلا على حرص الانسان عليها وهذا الحرص دليل على عدم على انه انما ارادها لحظوظ نفسية او مقاصد شخصية ولا يريد بها في الاعم الاغلب اقامة واجبها الشرعي في واقع الناس والا فان الاصل ان الانسان يفر من مثل هذه المناصب لعظم مسؤوليتها وغرمها في الدنيا والاخرة فاذا تناسى الانسان ذلك كله وتغافل عن الغرم العظيم والسؤال الكبير بين يدي الله عز وجل في واجبات هذه الولاية فهذا دليل على ان في قلبه من الدخن ومن نية السوء في طلبها ما يمنعنا من الاستجابة لطلبه الا ان هذه الكلية قيدت باستثناء وهي قولنا الا ان كان اكفأ اهل زمانه لاننا اوجبنا على من تعين عليه فرض الكفاية قبل قليل ان يتولاها فاذا كان هو الاكفأ ولم يكن يعلم ولي الامر به فلا بأس ان يعرض نفسه على ولي الامر ان يتولى لانه الاكفأ ويستجيب له ولي الامر حينئذ فان قلت وكيف نفعل بقول الله تعالى عن يوسف عليه الصلاة والسلام اجعلني على خزائن الارض فنقول انما طلب ذلك لانه اكفأ اهل زمانه في هذه الوزارة. او في هذا المنصب وهذا داخل في الاستثناء في الكلية ولا اشكال فيه فان قلت وكيف نفعل بما اخرجه ابو داوود في سننه باسناد صحيح لغيره من حديث عثمان بن ابي العاص رضي الله عنه انه قال للنبي صلى الله عليه وسلم يا رسول الله اجعلني امام قومي. فقال انت امامهم واقتدي باظعفهم واتخذ مؤذنا لا يأخذ على اذانه اجرا او كما قال صلى الله عليه وسلم فنقول انما استجاب لطلبه في تولي الامامة لانه اكفأ قومه فيها فان عثمان ابن ابي العاص قد تعلم العلم وقرأ القرآن بين يدي النبي صلى الله عليه وسلم فهو اكفأ اهل بلده في هذا المنصب الشرعي فيبقى انه لا اشكال على هذه الكلية ولله الحمد. ومن الكليات ايضا كل اعتبار غير الاكفأية كل اعتبار غير الاكفئية بالمناصب الدينية والدنيوية فباطل كل اعتبار غير الاكفأية بمناصب الدين والدنيا فباطل واضحة الكلية اقول وبالله التوفيق وذلك لان هذه المناصب لا ينبغي ان يراعى فيها اي اعتبار غير تنصيب الاكفأ والاقوم بمصالح هذه هذا المنصب الديني او الدنيوي فمتى ما دخلت الاعتبارات الاخرى في مناصب الدين والدنيا حينئذ تفسد على الناس مصالح دينهم ودنياهم فهذه المناصب امانة ومسؤولية لا ينبغي ان يولى فيها الا من كان اكفأ لها حتى وان كان هو الابعد او بيننا وبينه شيء من العداوات والمواقف الشخصية. فلا ينبغي ان نحرم الاكفأ من الوصول اليها لبعض الاعتبارات الجانبية لا ينبغي ان نوصل اليها من ليس باكفأ لها. لاعتبارات جانبية ايضا ولا ينبغي ابدا ان نقدم مصلحة الانسان الشخصية في التنصيب متغافلين او متناسين او متجاهلين عدم اكفئيته لهذا المنصب فان في ذلك تقديم المصلحة الشخصية الخاصة على المصلحة العامة ولذلك يقول النبي صلى الله عليه وسلم من استعمل رجلا على عصابة على عصابة اي على طائفة من القوم. وفيهم من هو ارضى منه لله فقد خانه من استعمل رجلا على عصابة وفيهم من هو ارضى لله عز وجل اي اكفأ منه لهذا المنصب فقد خانهم فجعلها النبي صلى الله عليه وسلم من جملة الخيانة فكل من ولى احدا في منصب ديني او دنيوي لاعتبارات غير كونه اكفأ فان هذا من خيانة الامانة ومن خيانة الامة فيكون داخلا في قول الله عز وجل يا ايها الذين امنوا لا تخونوا الله والرسول وتخونوا امانتكم وانتم تعلمون فالله عز وجل لا يحب الخائنين ولا يهدي كيد الخائنين ولانه اخلال بالامانة والمسؤولية وقد قال الله عز وجل ان الله يأمركم ان تؤدوا الامانات الى اهلها والمناصب امانات فيجب ان تؤدى الى الى اهلها وهم قل اكفأ لها والاقوم بمصالحها دينا ودنيا وفي الصحيح ان رجلا جاء الى النبي صلى الله عليه وسلم يسأله متى الساعة فقال له اذا ضيعت الامانة فانتظر الساعة فقال يا رسول الله وكيف اضاعتها؟ قال اذا وسد الامر الى غير اهله فانتظر الساعة وقوله وسد الامر يدخل فيه الامر الديني والامر الدنيوي ويقصد به امور الولايات فمتى ما وسدت هذه الولايات الى غير الاكفأ لها والاقوم بمصالحها فحينئذ هذا من جملة علامات الساعة وقربها فلا يجوز ان نولي احدا لقرابته على شيء من مناصب الدين او الدنيا ولا لصداقة فيما بيننا وبينه ولا لمجاملة لنرضيه ولا لمذهبية وافقنا فيها مع ان غيره ممن يخالفنا في المذهب اكفأ منه لهذا المنصب ولذلك كل اعتذار غير الاكفئية في شيء من مناصب الدين والدنيا فمراعاته محرمة وخيانة للمسئولية وللامانة والله اعلم. ومن الكليات ايضا كل من تولى ما ليس بكفؤ له فاثم كل من يتولى ما ليس بكفئ له فاثم اقول فالانسان يعرف قدراته فاذا عرض على الانسان شيء من المناصب الدينية او الدنيوية وهو يرى من نفسه عدم اكفئيته لها فانه لا يجوز له ان يتقدم اليها ولا ان ولا ان ولا ان ولا ان يطلبها ولا ان ينافس عليها لانه يرى من نفسه انه غير كفء لهذا المنصب اذا كان ذلك من باب الحقيقة والواقع لا من باب التواضع فان من الناس من يدفع عن نفسه هذه المناصب وهو كفؤ لها تواضعا لله عز وجل. واحتقارا لنفسه لكنه كفؤ لها فيما لو تولاها وهذا لا يدخل معنا في هذه الكلية وانما الذي يدخل معنا من يرى من نفسه حقيقة وواقعا انه لا يصلح لهذا المنصب المعروض عليه او المفروض عليه فحينئذ يجب عليه ان يدافعه عن نفسه حتى لا يحمل نفسه ما لا طا قتله به في مسؤولية الدين والدنيا او في المسؤولية بين يدي الله عز وجل ولا ينبغي له ابدا ان يخدع او يخاد ان يخدع نفسه والمؤمنين بفرض شيء من الصفات والهيلمان عليه ليقنع الاخرين بانه كفؤ لهذا المنصب فان الامر فيما بينه وبين الله عز وجل وحسابه على الله تبارك وتعالى. ولذلك نص العلماء على ان مقومات الولاية عدة صفات عدة صفات من اعظم مقومات الولاية الامانة وضد الامانة الخيانة فاذا علم الانسان من نفسه انه ليس بامين فيما لو تولى شيئا من هذه المناصب فلا يجوز له ان يقبل بتوليها لانه غير كفء لها ومنها ايضا القوة في الاداء والعطاء في هذا المنصب فان الولاية مبنية على القوة والحزم وبناء على ذلك فاذا علم الانسان من نفسه الضعف والخور وعدم القدرة على تنفيذ مقتضيات هذه الولاية الدينية او الدنيوية فليتراجع عنها وليقدم غيره ولذلك قال النبي صلى الله عليه وسلم لابي ذر يا ابا ذر انك رجل ضعيف فلا تولين مال يتيم ولا تقظين بين اثنين لان الولاية على مال اليتيم تحتاج الى شيء من القوة والحزم والقضاء بين الخصوم يحتاج الى قوة وحزم فمن اركان القيادة القوة ولذلك قال الله عز وجل يا ابت استأجره ان خير من استأجرت القوي الامين فاذا كان هذا في مسألة استئجار غنم وبهائم فكيف بمن يستأجره ولي الامر في هذه المناصب التي تتعلق بها مصالح الدين والدنيا ومن جملة اركان الولاية ايضا الخبرة والاهلية التامة في ادارة امر هذه الولاية وذلك لان لكل ولاية نظامها وادارتها الخاصة فاذا كنت تعلم من نفسك انك غير ملم بطريقة ادارتها هذا النوع من الولايات فلست بكفئ فاياك ان تعرض نفسك هذا لتولي لتوليها فلابد من ان يكون المتقدم لشيء من هذه الولايات ان يكون عنده من الدراية والخبرة والوفاء بمتطلباتها ومقتضياتها ما يعلم من نفسه انه قادر على القيام بشؤون هذه الولاية بشؤون هذه الولاية وقد بحث العلماء تحت هذه الكلية حكم تولي القضاء وهو جار على قاعدتنا ان الوسائل لها احكام المقاصد فان تولي الشيء لا يعدو ان يكون وسيلة يراد به مقصود فالولاية يختلف حكمه فولاية القضاء يختلف حكمها باختلاف المقصود او المآل وبناء على ذلك فولاية القضاء تجري عليها الاحكام التكليفية الخمسة فتكون واجبة يعني فيكون تولي القضاء واجبا على من يصلح للقضاء اذا طلب منه ولا يوجد من هو اصلح ولا يوجد من هو اصلح ويكون تولي القضاء مستحبا اذا وجد من يصلح له غيره ولكنه اصلح منه ولكنه اصلح منه فيستحب له حينئذ الا يقدم غيره عليه لان تقديم الفاضل هو الذي جاء به الشرع ويكره ويكره توليه للقضاء اذا كان صالحا له مع وجود من هو اصلح منه فحينئذ يستحب ان يدع الميدان لمن هو اصلح منه ويحرم توليه ويحرم توليه اذا كان جاهلا ليس له باهل او علم من نفسه العجز العجز عنه او علم من نفسه عدم الانصاف عند الغضب او علم من نفسه الميل الى الهواء او كان متلبسا بشيء من الفسق او كان قصده في توليه الانتقام من خصومه او كان يعلم من نفسه قبول الرشوة او الاستبداد بالقضاء فمتى ما كان شيء من ذلك فانه حينئذ يحرم يحرم عليه ان يتولاه والاصل الشرعي العام عند السلف الخوف من تولي المناصب الدينية والفرار منها ما استطاعوا الى ذلك سبيلا حتى كان بعضهم يطلب للقضاء ويجلس في بيته مستخفيا حتى يهدأ الطلب عنه وبعضهم كان يبكي بين يدي الحاكم بكاء الطفل الصغير ليخلصه من القضاء وبعضهم اذا طلب للقضاء فر من البلد ليلا الى مكان الله يعرف. حتى يأتيهم خبر وفاته في البلاد التي فر فلا ينبغي ان تستشرف النفوس لطلب القضاء لانه منصب له غرمه العظيم بين يدي الله عز وجل كما سيأتينا شيء من بيان ذلك ان شاء الله ومن الكليات ايضا كل من لا ولي له فالسلطان وليه كل من لا ولي له فالسلطان وليه اقول وبالله التوفيق وهذا من جملة عمل وهذا من جملة اعمال السلطان والقضاء والقضاة وبرهانها ما في سنن ابي داوود من حديث عائشة رضي الله تعالى عنها قالت قال النبي صلى الله عليه وسلم اي ما امرأة نكحت بغير اذن وليها فنكاحها باطل ثلاث مرات قال فان دخل بها فلغى المهر بما استحل من فرجها وان اشتجروا السلطان ولي من لا ولي له فجميع امور الولايات اذا انعدمت الولاية الخاصة فيها فاننا ننتقل بها الى الولاية العامة وهي ولاية السلطان فيدخل في ذلك ولاية السلطان على ناقص الاهلية اذا لم يوجد من اوليائه من يقوموا بشؤونه ويدخل في ذلك ولايته على مال المجنون ومال السفيه ومال الصبي اذا لم يوجد من اوليائهم من على شؤونهم ويدخل في ذلك ولايته على بيع مال المحجور عليه لسداد غرمائه ويدخل في ذلك تزويج الايامى في حالتين في حالة عدم وجود ولي لهن اصالته او في حالة وجود الولي الخاص ان كان عاضلا فمتى ما كان الولي الخاص للمرأة في تزويجها عاضلا فاننا ننتقل من الولايات الخاصة الى ولاية الى ولاية السلطان واما ولايته المالية فستأتينا في كلية خاصة باذن الله عز وجل. ومن الكليات ايضا كل قاض فله من صلاحية طاء ما وكله ولي الامر فيه كل قاض فله من صلاحية القضاء ما وكله ولي الامر فيه اقول وبالله التوفيق وذلك لان القاضي وكيل عن ولي الامر فنعمل فنتعامل معه باحكام الوكيل بالنسبة لموكله فلا يجوز ابدا ان يتجاوز الوكيل حدود ما وكله موكله في هي فصلاحيات القاضي تكون على حسب نظام ولي الامر في باب القضاء فلا يحل للقاضي ان ينظر في قضية الا اذا كانت داخلة تحت دائرة صلاحياته نظاما. ولا ان يقضي في بلد الا اذا كان ولي الامر هو الذي نصبه قاضيا على هذا مصر او على هذا الاقليم فما نقوله في قضية الوكيل مع موكله نقوله في قضية القاضي مع ولي الامر حتى نص الفقهاء على ان القاضي لا يحل له ان يستنيب غيره في القضاء الا اذا اذن له ولي الامر في هذا الاستخلاف بان المتقرر في القواعد ان الوكيل لا يجوز له ان يتصرف في امر وكالته الا في حدود ما اجاز له كيلوه وهكذا القاضي وبناء على ذلك يتخرج عدة امور. الامر الاول ان لولي الامر ان يقلد القاضي عموم النظر في عموم العمل وهذا الذي يسمى في عرف اهل الزمان الاول بقاضي القضاة وهو رئيس القضاة عندنا في هذا الزمان مثل الشيخ صالح الحيدان الله يرحمه ويغفر له ويجعل قبره روضة من رياض الجنة بمعنى ان ولي الامر قال له اقض في كل شيء اذا عموم النظر وفي اي جزء من بلادي اي عموم العمل ففي كل فله الحق ان ينظر في كل القضايا ايا كان نوعها وله الحق ان ينتصب للقضاء في اي جزء من جزئيات بلاد منطقة نفوذ هذا هذا السلطان وللامام ان يقلد القاضي عموما النظر في خصوص العمل بان يجعله ناظرا في كل قضية لكن في اقليم خاص وللامام ان يقلد القاضي خصوصا النظر في عموم العمل فيقول اقض في الطلاق والانكحة او الاحوال الشخصية في كل منطقة نفوذي وسلطاني وللامام ان يقلد القاضي خصوصا النظر في خصوص العمل كأن يقول له اقض في المعاملات في منطقة كذا وكذا فانتم ترون ان عمل القاضي قد يتوسع احيانا نظرا وعملا او قد يضيق احيانا نظرا وعملا على حسب ما يقلده ولي الامر لان القاضي عبارة عن وكيل له فكما ان الوكيل اذا وكل في البيع فقط فلا حق له ان يشتري شيئا. واذا وكل في الشراء فقط فلا حق له ان يبيع شيئا فكذلك القاضي لا حق له ان ينظر في قضية في مكان الا على حسب ما اذن له فيه ولي ولي الامر بل ولي ولي الامر في الاصح ان يقلد احدا من الناس القضاء في جزئية عرضت عليه فقط كما ان خصمين جاءا الى النبي صلى الله عليه وسلم وعنده عقبة بن عامر فقال يا عقبة اقض بينهما فقال انت احق بذلك؟ قال وان كان اقض بينهما وان كان اقض بينهما. يقول نعم انا احق منك ولكن اقض بينهما فكل ذلك مما يدلنا على ان عمل القاضي انما هو مفرع او فرع عن ما خوله فيه ولي الامر فصدقت كليتنا في قولنا كل قاض فله من صلاحيات القضاء ها ما وكله فيه ولي الامر واظن ان الوقت ازف وجلسنا ثلاثا واربعين دقيقة والله اعلى واعلم وصلى الله وسلم على نبينا محمد