لكمال اتقانه وتمام عناية الله تعالى به على وجه كان فيه القرآن في غاية الاحكام قال الله تعالى الف لام راء كتاب احكمت اياته ثم فصلت من لدن حكيم خبير السلام عليكم ورحمة الله وبركاته الحمد لله حمدا كثيرا طيبا مباركا فيه ملء السماء والارض وملء ما شاء من شيء بعد له الحمد كله اوله واخره ظاهره وباطنه لا احصي ثناء عليه هو كما اثنى على نفسه واشهد ان لا اله الا الله وحده لا شريك له واشهد ان محمدا عبدالله ورسوله صفيه وخليل خيرته من خلقه صلى الله عليه وعلى اله وصحبه ومن اتبع سنته واقتفى اثره باحسان الى يوم الدين اما بعد فنقرأ ما يسر الله تعالى من ايات الذكر الحكيم في سورة النساء ثم نقرأ ما جاء في تفسيرها في صحيح الامام البخاري في كتاب التفسير ونعلق على ما يسر الله تعالى من ذلك ونجيب على اسئلتكم في نهاية المجلس ان شاء الله تعالى اعوذ بالله من الشيطان الرجيم بسم الله الرحمن الرحيم افلا يتدبرون القرآن ولو كان من عند غير الله لوجدوا فيه اختلافا كثيرا. واذا جاءهم امر من الامن او الخوف اذاعوا به ولو ردوه الى الرسول والى اولي الامر منهم. لعلمه الذي يستنبطونه منهم. ولولا فضل الله عليكم ورحمته بعتوا الشيطان الا قليلا. فقاتل في سبيل الله لا تكلف الا الا نفسك وحرض المؤمنين عسى الله ان يكف بأس الذين واشد تنكيلا. من يشفع ساعة حسنة كله نصيب منها. ومن يشفع شفاعة سيئة ان يكن له كفل منها وكان الله على كل شيء مقيم واذا حييتم بتحية فحيوا باحسن منها او ردوها ان الله كان على كل شيء حسيبا. الله لا اله الا هو ليجمعنكم الى يوم القيامة لا ريب فيه ومن اصدق من الله حديثا يقول الله جل في علاه افلا يتدبرون القرآن ولو كان من عند غير الله لوجدوا فيه اختلافا كثيرا الله جل في علاه انزل هذا الكتاب المبين ووصفه بانه حكيم وانه من لدن عليم خبير ومن لدن حكيم عليم ومن لدن حميد حكيم وهذا كله لاثبات كمال اتقان هذا الكتاب العظيم وانه لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من من خلفه قال الله جل وعلا في اول هذا الكتاب الحكيم في صدر سورة البقرة الف لام ميم ذلك الكتاب لا ريب فيه فليس في هذا القرآن ما يوجب الريب او الشك فهذا القرآن الحكيم قرآن محكم متقن لا يمكن ان يتطرق اليه شك او ريب او اختلاف او اختلال الا ان الطريق الذي يدفع به المؤمن كل ما يمكن ان يدعى او يزعم من اضطراب في كلام الله او تعارض او اختلاف هو ما ذكره الله تعالى في هذه الاية التدبر افلا يتدبرون القرآن وهذا فيه دعوة لكل من سمع القرآن وبلغه هذا الذكر الحكيم ان يتأمل اياته وان وان يتدبر ما فيه وان يعيد الفكر والنظر في معانيه فان ذلك يفتح له من ابواب العلم وصنوف الهداية وطرق الاستقامة ما لا يمكنه ان يدركه بغير التدبر قال الله تعالى كتاب انزلناه اليك مبارك ليدبروا اياته وليتذكر اولو الالباب وحقيقة التدبر هو هو الفقه هو اعمال الفكر والنظر في ما ذكره الله تعالى في كتابه من المعاني والاخبار والقصص والاحكام يجد المؤمن فيه من انوار الهدايات وموجبات الحياة ما يكون سببا لانشراحه وطمأنينته وننزل من القرآن ما هو شفاء ورحمة للمؤمنين فيكون رحمة وشفاء وطمأنينة وهدى ونورا يهدي الى طريق قويم والى صراط مستقيم يخرج به المؤمن من الظلمات الى النور واذا ترك الانسان التدبر ولم يكن له عناية الفكر في ايات الله والفهم لكلام الله جل وعلا عميت عليه الاخبار ولم يكن في القرآن من الهدى ما يؤمله التالي له بالتدبر فلذلك قال الله تعالى افلا يتدبرون القرآن ولو كان من عند غير الله لوجدوا فيه اختلافا كثيرا لكنه لما كان من الله الحكيم لما كان من الله العليم لما كان من الله الخبير لما كان من الله الحميد كان في غاية الاتقان والاحكام فلا يتطرق اليه اختلاف او اختلال بل هو كما قال تعالى الله نزل احسن الحديث كتابا متشابها يصدق بعضه بعضا ويؤكد بعضه بعضا فليس فيه اضطراب ولا اختلال ولا اختلاف ثم بعد هذه الاية ذكر الله تعالى حال قوم من ضعاف الايمان او من اهل النفاق او من العجل الذين لا يقدرون الامور ويعرفون عواقبها فتجدهم كما قال الله تعالى واذا جاءهم امر من الامن او الخوف اذاعوا به اذا جاءهم اي اذا بلغهم امر من الامن يعني امر يتعلق بالامن او امر يتعلق بالخوف سواء كان ذلك فيما يتعلق القتال او كان ذلك فيما يتعلق بالسياسة او كان فيما يتعلق بالاقتصاد او كان فيما يتعلق بغير ذلك من الامور العامة اذا جاءهم امر يعني اذا بلغهم وسمعوا شيئا من ذلك يقول الله جل وعلا واذا جاءهم امر من من الامن او الخوف اذاعوا به اي نشروه واشاعوه وبثوه في الناس ولم يتركوه ساكنا في في مكانه بل ينشرونه غاية النشر لا يبالون في ذلك بالمصالح ولا يتأملون في ذلك بما ينجم عن هذا النشر من المفاسد بغض النظر عن صدق امري الذي جاؤوه او الى الذي جاءهم او كذبة فان الله تعالى لم يتطرق الى ذلك بل عابهم على سرعة نشرهم للامور العامة التي في نشرها وفي بثها بين الناس ما يمكن ان يكون من الفساد سواء كانت حقا صوابا او كانت كذبا وزورا ففي كلا الحالين يكون نشر بعض ما يقف عليه الانسان او يبلغ الانسان من الامور يترتب على ذلك على ذلك النشر من الفساد ما يترتب. ولهذا يقول الله تعالى واذا جاءهم امر من الامن او الخوف اذاعوا به والذي كان ينبغي ان يكونوا عليه ما ذكره الله تعالى ولو ردوه الى الرسول والى اولي الامر منهم لعلمه الذين يستنبطونه منهم ولو ردوه اي ارجعوه الى الله عز الى الرسول صلى الله عليه وسلم في حياته او الى اولي الامر وهم اصحاب العقل والبصر من اهل الحل والعقد واهل بعد النظر وعظيم الفكر الذين يستنيرون بانوار الشريعة ويعلمون مواقع الهدى ومواقع الخطل والخطر لو ردوه الى هؤلاء لتبين لهم من ذلك ما يكون مناسبا ان ان يتحدث به وما يكون مناسبا الا يتكلموا به ولا فرق في ذلك بين الامور العامة بشتى صورها وصنوفها فيدخل في ذلك كل امر عام في نشره وبثه من المصالح او المفاسد ما ينبغي ان يستبان وان يستجلى وان يستنبط وان يستوضح ولذلك جدير بالمؤمن اذا وقف على امر من هذا الشعب او من هذا النوع مما يتعلق بامر عامة المسلمين سواء في عموم البلدان او في بلده على وجه الخصوص الا يبادر الى النشر بل ينبغي ان يتوثق فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم كفى بالمرء اثما ان يحدث بكل ما سمع وان من الناس لا سيما مع هذه الثورة التي يعيشها الناس في شبكات التواصل ووسائل تلاقي وتناقل الاخبار يفرح بالخبر الذي يقف عليه مما يتعلق بامر المسلمين عموما في البلدان كلها او مما يتعلق ببلد معين فتجده يبادر الى النشر والى البث والى الاشاعة بكل وسيلة وهذا يصدق عليه قول الله تعالى واذا جاءهم امر من الامن او الخوف اذاعوا به والمطلوب والمأمول من كل مؤمن ان يتريث فيما ينشره والا يعجل بل يرد الامر الى اهل العقل والنظر الى اهل العلم والبصر ليستنبطوه ويستخرجوا منه ما يكون مناسبا للحديث عنه ما لا يناسب الحديث عنه يتركه في مكانه ولا ينشره وقد اكد النبي صلى الله عليه وسلم ظرورة التوقف عن الحديث بكل ما يسمعه الانسان فقد جاء في صحيح الامام مسلم من حديث ابي هريرة رضي الله تعالى عنه انه قال كفى بالمرء اثما ان يحدث بكل ما سمع ان يكفيك من الاثم ان تحدث بكل ما سمعته بغض النظر عن صدق ما سمعت من كذبه فانه ليس المعيار الذي يحمل الانسان على الحديث من عدمه هو صدق الخبر من عدمه. بل ثمة امور بل ثمة امور اخرى ينبغي ان تراعى في الحديث وبث الاخبار وليس فقط اهو صدق ام كذب فالصدق والكذب جانب من جوانب التحقق الذي ينبغي ان يتثبت منه الانسان لكن لو قدر ان الخبر صحيح فانه ليس كل ما صح من الاخبار ينبغي ان ينشره الانسان ان يبثه في الناس فان ذلك قد يترتب عليه من المفاسد ما ينبغي ان يصون لسانه عن ان يتحدث به فيكون سببا للشر والفساد بين اهل الاسلام وان الصحابة رضي الله تعالى عنهم كانوا على حال من التثبت ما بينه عمر رضي الله تعالى عنه فانه لما شاع خبر طلاق النبي صلى الله عليه وسلم نساء يقول عمر رضي الله تعالى عنه حين بلغه ان رسول الله صلى الله عليه وسلم طلق نساءه لم يلتفت الى الخبر وهو خبر مزعج وجل له الناس ووجدوا في انفسهم منه شيئا عظيما فما كان من عمر رضي الله تعالى عنه الا ان جاء من منزله ولم يتحدث بالخبر ولم ينقله عن احد انما جاء الى مصدره الذي يمكن ان يستبان منه وان يستنبط فجاء فدخل المسجد فوجد الناس يقولون ذلك اي يتحدثون فيما بينهم ان النبي صلى الله عليه وسلم طلق نساءه فلم يصبر رضي الله تعالى عنه حتى استأذن رسول الله صلى الله عليه وسلم واستفهمه واستعلم منه قال له يا رسول الله اطلقت نساءك فقال النبي صلى الله عليه وسلم لا فكبر عمر حتى سمعه الناس فقال الله اكبر لم يطلق النبي صلى الله عليه وسلم نساءه. ولذلك جاء في رواية مسلم انه قال رضي الله تعالى عنه فقمت على باب زين فناديت باعلى صوتي لم يطلق رسول الله صلى الله عليه وسلم نساءه. ونزلت هذه الاية وهي قوله تعالى واذا جاءهم امر من الامن او اذاعوا به اي نشروه وبثوه دون تحقق ولا معرفة لعواقب هذا النشر والمؤمن حصيف رقيب على ما يصدر عنه من الاقوال فتجده يتحرى فيما ينقل ويتحرى فيما يتكلم وينظر الى عواقب حديثه اهوى مما يحقق مصلحته للامة يدفع عنها مفسدة ام هو على النقيض من ذلك يجلب مفسدة او يوقع فتنة وشرا واليوم ايها الاخوة عندما كثر شجر الناس واختلافهم اصبح التحقق والتثبت والتريث في نشر الاخبار من الضرورات ذاك ان نشر الاخبار فيه من الفساد وفيه من ايغار الصدور والتفريق بين المؤمنين واشاعة الفساد بينهم ما هو معلوم مشاهد. فان اكثر الفساد الواقع بين الناس سببه ما يكون من نشر الاقاويل التي لا يعلم صدقها من كذبها والتي ايضا قد يكون في نشرها من الفساد والشر ما ينبغي ان يصون الانسان نفسه ان يشارك في احداث وايقاعه في الامة ولهذا امسك عليك لسانك كف عليك هذا كما قال النبي صلى الله عليه وعلى اله وسلم. فان النجاة في ان يملك الانسان لسانه فلا يتحدث الا بما يعلم انه خير قال النبي صلى الله عليه وسلم في قانون عام وضابط عريض بما يتحدث عنه الانسان او يتحدث به الانسان وما يصمت عنه قال صلى الله عليه وسلم من كان يؤمن بالله واليوم الاخر فليقل خيرا او ايش او ليصمت وما هو الخير؟ الخير هو ما كان من ذكر الله وما كان محققا لمصلحة وما كان ناشرا لبر والفة ووفاق ورحمة بين الناس وما عداه فانه اما ان يكون شرا يجب الامساك عنه واما ان يكون لا خيرا ولا شرا فهذا ايضا مما ندب الانسان الى الامساك عنه لان كثرة الكلام توجب السقط والتوسع في الحديث يوقع الانسان فيما لا تحمد عقباه من كلام يندم عليه وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم ان الرجل ليتكلم بالكلمة لا يلقي لها بالا يهوي بها في النار ابعد ما بين المشرق والمغرب وهذا يؤكد ظرورة العناية باللسان ومثله ايظا البنان فان المقصود هو ما يصدر عن الانسان من قول ومن كلام وما ينقل عنه سواء كان ذلك بالمباشرة والنطق او كان ذلك بنطق البنان وكتابة وكتابة اليد ونحو ذلك فان الله تعالى جعل الامرين في الخطر سواء فقال تعالى فويل لهم مما كتبت ايديهم وويل لهم مما يكسبون. فويل للانسان مما نطق به لسانه وويل له مما كتبت مما كتب بنان فانه لا فرق بين هذا وذاك فيما يتعلق اشاعة الشر او الفساد بين الناس يجب على المؤمن ان يتحرى وان يتثبت وان يرد الامر الى اهل الامر من اهل الحل والعقد واهل العلم والبصر فيما يبلغه من الاخبار او يقف عليه من الوقائع ليسلم من استذلال الشيطان وغوايته. ولهذا يقول الله جل وعلا في هذه الاية واذا جاءهم امر واذا جاءهم امر من الامن او او الخوف اذاعوا به ولو ردوه الى الرسول ولو ردوه الى الرسول والى اولي الامر منهم لعلمه الذين يستنبطونه منهم. ثم يقول الله تعالى ولولا فضل الله عليكم لاتبعتم الشيطان الا قليلا. فجعل السير وراء الاقوال التي يسمعها الانسان وتناقل تلك الاقوال فيما يتعلق بامر عامة المسلمين سواء كان فيما يتعلق بامور السياسة او فيما يتعلق بامور الاقتصاد او فيما يتعلق بامور الاجتماع او فيما يتعلق بامور الخوف فيما يتعلق بامور السلم او فيما يتعلق بامور الحرب. كل ذلك ينبغي ان يحبس الانسان لسانه عن ان يتحدث ما لا يعلم عاقبته ومآله فان ذلك من اتباع خطوات الشيطان ليوقع الشر بين الناس ويوغر الصدور ويفسد بين اهل الاسلام ولذلك يقول الله تعالى ولولا فضل الله عليكم ورحمته لاتبعتم الشيطان الا قليلا اي لاتبعتم الشيطان في نشر كل ما يبلغكم وفي نقل الشائعات والاقاويل التي يترتب عليها من فمن الفساد والشر بين الناس ما ينبغي ان يكف الانسان لسانه عنه. وان يبعد عنه وان يحفظ نفسه من التوكل فيه فان عواقب ذلك وخيمة لا سيما في زمن الفتن. فان زمن الفتن الكلمة الواحدة تصير كلمات والكلمة الواحدة يترتب عليها من انواع الفساد والشر ما لا يعلم عواقبه ما لا تعلم عواقبه ولا يدرك مآله ولذلك من صمت نجا من صمت نجا فالصمت نجاة عندما يكون ذلك في مثل هذه المواقف التي لا يعلم الانسان مآل ما يتكلم به ولا ولا يعرف صدق ما يتكلم به او ان يكون فيما يتكلم به من الشر والفساد ما ينبغي ان يمسك عنه لهذا ينبغي ان يحرص المؤمن على على اعمال هذه الوصية الالهية التي نبه اليها الله جل وعلا في هذه الايات الكريمات ليسلم من الانحراف والزلل والخطأ والخطر نقرأ ما ذكره الامام البخاري رحمه الله في تفسير هذه الاية باب قول الله تعالى واذا جاءهم امر من الامن او الخوف اذاعوا به اي اغشوه يستنبطونه يستخرجونه. حسيبا كافيا. الا اناثا المواد حجرا او مدرا وما اشبهه. مريضا متمردا. فلا يبتكن اتكه قطعه قيل وقولا واحد طبع ختم هذه كلمات في ايات من سورة النساء ذكر الله تعالى فيها كيد الشيطان ومكره باهل الاسلام وما تعهد به وتكفل من الاظلال فان الله جل وعلا ذكر كيد الشيطان للانسان وانه قد طلب من الله الامهال ليضل من يضل من بني ادم فطلب الانذار الى يوم يبعثون ثم لما اعطاه الله تعالى ذلك قال لاقعدن لهم صراطك المستقيم ثم لاتينهم من بين ايديهم ومن خلفهم وعن ايمانهم وعن شمائلهم ولا تجد اكثرهم شاكرين. اي لا تجد اكثرهم محققين للعبادة بل ستجد اكثرهم في انواع من الانحراف والظلال وطرق الشيطان في اظلال الناس متنوعة فانه قد تكفل اظلالهم بالوعد والاماني السعي في تغيير خلق الله وعبادة غير الله وكل ذلك من الضلالات التي تكفل بها الشيطان وتعهد بها ان يصيب بها الانسان والسالم من كيد الشيطان من اعتصم بالرحمن ولجأ الى الله عز وجل فان الشيطان لا سلامة له لا سلامة منه الا بالاستعاذة بالله عز وجل. قال الله تعالى واما ينزغنك من الشيطان نزغ فاستعذ بالله. اي فاحتم به اتصل به والجأ اليه في دفع كيده وضره. وفي السلامة من شره ومكره وكيده وكلما لجأ الانسان الى الله عز وجل وصدق في اللجأ اليه والاعتصام به صرف الله تعالى عنه من كيد الشيطان ما لا سلبيلا الى السلامة منه الا بالاعتصام بالله عز وجل واللجأ اليه سبحانه وبحمده ولهذا ينبغي للمؤمن ان يكثر من الاستعاذة بالله عز وجل واللجأ اليه حتى يسلم من مكر الشيطان وكيده وبذلك ينجو من وعده الذي تكفل به الذي تعهد به ان يضل الناس وان يقتطع منهم نصيبا قال الله جل وعلا ان الله لا يغفر ان يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء ثم قال الله تعالى ومن يشرك بالله فقد ضل ضلالا بعيدا ان يدعون من دونه هؤلاء المشركون الذين يدعون غير الله عز وجل ويعبدون سواه بغض النظر عن نوع المعبود ان يدعون من دونه اي ما يدعون من دونه الا اناثا اناثا فسر الاناث بالاوثان وهي الاصنام التي تعبد. وجاء في تفسير ذلك عدة اقوال فقيل ان قوله الا اذا بالنظر الى ان المشركين كانوا يعبدون العزى ومنات وهذه اسماء مؤنثة وقيل انهم كانوا يعبدون الملائكة ويقولون الملائكة بنات الله وقيل في معنى اناثا انه اسم لكل ما لا روح فيه ولا نفع فانه يطلق عليه في لسان العرب اناث قال الله تعالى بعد ان بعد ان ذكر ما يعبد من دونه قال ان يدعوا وان يدعون الا شيطانا مريدا اي متمردا. اي ان الحقيقة في كل من يعبد من دون الله ما يعبد انه يعبد الشيطان فالشيطان هو الذي زين لهم عبادة الاصنام وعبادة تلك الاوثان ودعاهم اليها جملها في نفوسهم حتى اقبلوا عليها والا لو عقلوا لما توجهوا الى غير الله عز وجل. كيف وكل خير يأتيهم من قبله فما بهم من خير فمن الله ولا يندفع عنهم شر الا بالله عز وجل لعنه الله من الشيطان المريد لعنه الله وقال لاتخذن من عبادك نصيبا مفروضا اي ساتخذ من عبادك حظا مقطوعا وهم اولئك الذين يتبعونه ويسيرون خلف خطواته قال الله جل وعلا في بيان طرق اظلاله صفة مكره ولاضلنهم ولاضلنهم اي عن الصراط المستقيم ولامنينهم يعني اا امدهم بالاماني الكاذبة الخادعة التي تصرفهم عن الحق وتوقعهم في الباطل ولامرنهم تكن اذان الانعام اي لا يقطعن اذان بهيمة الانعام من البقر والغنم والابل على وجه عبادي ليس على وجه حاجي انما على وجه عبادي يقطعون الاذان ايذانا بانها تركب او انها لا تذبح او انها لمن نذروه لها من الهتهم يقول جل وعلا ولامرنهم فليغيرن خلق الله اي يعبث يعبثون في خلق الله بانواع من العبث الذي يضاهون فيه خلق الله جل وعلا صنع الله عز وجل. ومن يتخذ الشيطان وليا من دون الله اي نصيرا ومحبوبا فقد خسر خسرانا مبينا ثم عاد ليبين مكره وكيده وطريقة اظلاله يعدهم. ويمنيهم وما يعدهم الشيطان الا غرورا هذا كيده وعمله ودعوته اما مآل ذلك ومنتهاه فقد قال الله تعالى اولئك مأوى جهنم ولا يجدون عنها محيص اعاذنا الله واياكم من هذا المسار ومن هذا المسلك ومن هذا العمل وجعلنا من اوليائه اولي الايدي والابصار الذين يعملون بالحق ويدعون اليه