وهي صفة كلام الله تعالى. بينما يعتقد اهل السنة والجماعة في هذا الباب فقال فان مذهب سلف الامة واهل السنة في ان القرآن كلام الله. اي تكلم به سبحانه وبحمده وقوله منزل غير مخلوق ليرد به على من ظل في هذا الباب فقوله منزل هذا تأكيد لكونه من الله جل وعلا وانه كلامه. وقد جاء الخبر بتنزيل القرآن في ما لا يحصى من الايات نحمده سبحانه واثني عليه الخير كله واشهد ان لا اله الا الله اله الاولين والاخرين واشهد ان محمدا عبد الله ورسوله وصفيه وخليله وخيرته من خلقه صلى الله عليه وعلى اله واصحابه هو من اتبع سنته باحسان الى يوم الدين. اما بعد ذلك قال رحمه الله فصل ومن ذلك الاقتصاد في السنة اتباعها كما جاءت بلا زيادة ولا نقصان مثل الكلام في القرآن وسائر الصفات. فان مذهب سلف الامة واهل السنة ان القرآن كلام الله منزل غير مخلوق منه بدأ واليه يعود. هكذا قال غير واحد من السلف روي عن سفيان ابن عيينة عن عمرو بن دينار وكان من التابعين الاعيان قال ما زلت اسمع الناس يقولون ذلك والقرآن الذي انزله الله على رسوله صلى الله عليه وسلم. هو هذا القرآن الذي يقرأه المسلمون ويكتبونه في مصاحف فهم وهو كلام الله لا كلام غيره. وان تلاه العباد وبلغوه بحركاتهم واصواتهم. فان لمن قاله مبتدأ لا لمن قاله مبلغا مؤديا. قال الله تعالى وان احد من المشركين استجارك فاجب حتى يسمع كلام الله. ثم ابلغهم مأمنه. وهذا القرآن في المصاحف. كما قال تعالى بل هو قرآن مجيد في لوح محفوظ. وقال تعالى يتلو صحفا مطهرة فيها كتب قيمة. وقال قرآن كريم في كتاب مكنون والقرآن كلام الله بحروفه ونظمه ومعانيه. كل ذلك يدخل في القرآن وفي كلام الله. واعراب الحروف ومن تمام الحروف كما قال النبي صلى الله عليه وسلم من قرأ القرآن فاعرضه فله بكل حرف عشر حسنات وقال ابو بكر وعمر رضي الله عنهما حفظ اعراب القرآن احب الينا من حفظ بعض حروفه. هذا الفصل ذكر فيه الشيخ رحمه الله مما يتعلق بعقد اهل السنة والجماعة في مسألة القرآن. وذلك ان الذين كتب اليهم الشيخ رحمه الله وقع عندهم التباس او اختلاف في بعض يتعلق بما يجب اعتقاده في كلام الله تعالى. يقول المؤلف رحمه الله شيخ الاسلام ابن تيمية ومن ذلك الاقتصاد في السنة اي من الابواب التي وقع فيها خلل وخرج بها طوائف من المسلمين عن طريق السلف الصالح. الاقتصاد في السنة واتباعها كما جاءت بلا زيادة ونقصان مثل الكلام وهذا مثال لما يجب الاقتصاد فيه ولما يجب فيه تاركه طريق الضلال بالزيادة او بالنقصان. الكلام اي كلام الله تعالى. ولذلك يقول الكلام في القرآن وسائر الصفات وقد تقدم في الدرس السابق ما يتعلق بشيء من الصفات لكنه في هذا يتكلم في مسألة القرآن خصوصا وهي مسألة من المسائل الكبار التي جرى لاهل السنة فيها خلاف كبير مع مخالفيهم وحصل بها على اهل السنة بلاء عظيم لا سيما في زمن الامام احمد رحمه الله. ومن قبله ونبتت الجهمية وهم خصوم اهل السنة والجماعة في هذه الصفة في كتاب الله تعالى وفي هدي النبي صلى الله عليه وعلى اله وسلم. وقوله غير مخلوق هذا فيه الرد على الذين قالوا انه منزل وانه مخلوق فقوله غير مخلوق هذا رد على معتزلة الذين قالوا ان القرآن كلام الله ولكنه مخلوق في قوله منزه غير مخلوق رد على طوائف الضلال في هذه الصفة. منه بدأ اي ابتدأ الكلام به سبحانه وبحمده وليس الكلام لجبريل ولا ولغيره كما يقوله من ظل في هذه الصفة فقول اهل السنة والجماعة منه بدأ بيان ان الذي تكلم به هو الله سبحانه وبحمده لم يبتدأ من غيره فلم يتكلم به جبريل ولم يتكلم به النبي صلى الله عليه وسلم بل المتكلم به هو الله سبحانه وبحمده. واليه يعود اي اليه يرجع في الاشارة الى ما يكون في اخر الزمان من ارتفاع القرآن كما جاء ذلك في عدة اثار عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه ان القرآن يسر عليه في ليلة فلا يبقى في صدور الرجال منه شيء ولا في المصاحف منه وشيء فيصبح الناس منه فقراء يعني ليس عندهم منه شيء. وهذا في اخر الزمان عند ترك العمل بالقرآن وعند تعطيله. يرفعه الله تعالى وهذا معنى قوله رحمه الله واليه يعود وعلى هذا عقد اهل السنة والجماعة هكذا قال غير واحد من السلف يعني هذا ليس قولا لواحد منهم بل هذا قول غير واحد منهم روي عن سفيان ابن عيينة عن عمرو بن دينار وكان من التابعين الاعيان قال ما زلت اسمع الناس يقولون ذلك وهنا تنبيه مهم لمسألة وهي كيف ننسب هذا القول للسلف؟ هل ننسب القول الى السلف بالنظر الى قول احدهم او بالنظر الى قول مجموعهم قد يقول احد السلف قولا لكنه لا يكون هذا هو مذهب السلف لان مذهب السلف هو طريقتهم وهذا لا يمكن ان يكون من واحد منهم ولا يختزل في قول واحد انما ما شاع وانتشر وتواطأت عليه كلماتهم واتفق النقل عنهم فيه هو ما يمكن ان يقال ان هذا هو منهج السلف ولذلك الان تجد ان بعظ الناس يقول مثلا منهج السلف في المسألة كذا ثم اذا قلت من اين هذا الكلام؟ قال قال سفيان الثوري قال سفيان ابن عيينة قال فلان من السلف هذا صحيح يمكن ان يقال هذا من مذاهب السلف ومن اقوال السلف اذا ثبت الاسناد والنقل عنهم لكن لا يمكن ان يقال ان هذا منهج السلف وهو قول واحد منهم انما يقال كما قال عمرو بن دينار ما زلت اسمع الناس يقولون ذلك والمقصود بالناس ليس مقصوده بالناس البقالين ومن لا يحتفل باقوالهم انما المقصود بالناس الائمة واهل العلم والمعروفين بالنقل والاخذ عنهم هذا هو الذي ينقل عنهم عمرو بن دينار رحمه الله قال والقرآن الذي انزل الله على رسوله صلى الله عليه وسلم هو هذا القرآن الذي يقرأه المسلمون ويكتبونه في مصاحفهم. هذا كلام الله تعالى. فلا يخرج القرآن عن كونه كلام الله تعالى بقراءة التالين ولا بكتابة الكاتبين. فهو كلام الله تعالى ما كان في صدور الرجال وما كان في المصاحف وما كان في الاوراق فهو كلام الله تعالى لا يخرج بهذا عن كونه كلام الله جل وعلا وكذلك بنقل النقلة لا يخرج بتلاوة التهليل لا يخرج عن كونه كلام الله جل وعلا. ولذلك يقول وهو كلام الله لا كلام غيره. وان تلاه عباد وبلغوه بحركاتهم واصواتهم اي المخلوقة فان الكلام لمن قاله مبتدأ لا لمن قاله مبلغا مؤديا هو كلام الله تعالى ولذلك قال الله جل وعلا وان احد من المشركين استجارك فاجره حتى يسمع كلام الله. وهو منين يسمع كلام الله من المبلغ وهو فالمبلغ كونه نقل كلام الله تعالى وتكلم به لا يخرج بهذا عن كونه كلام الله تعالى. وكذلك قالوا هذا القرآن في المصاحف كما قال تعالى بل هو قرآن مجيد في لوح محفوظ. واللوح المحفوظ هو اللوح الذي كتب الله تعالى فيه كل شيء حتى قيام الساعة ولا يخرج عن كونه قرآنا وانه كلام الله تعالى مع كونه مكتوبا في اللوح المحفوظ. وقال تعالى يتلوا صحفا مطهرة فيها كتب قيمة فهو مكتوب ولا يخرج به عن كونه كلام الله تعالى. وقوله انه لقرآن كريم في كتاب مكنون. كل هذه الادلة ساقها المؤلف لبيان ان القرآن كلام الله تعالى هذا وصفه وهذه حقيقته لا يخرج بكونه مكتوبا ولا محفوظا ولا متلوا عن كونه كلام الله تعالى. يقول والقرآن كلام الله حروفه ونظمه ومعانيه وهذا فيه الرد على الذين يقولون ان المعنى من الله والنظم من محمد او من جبريل وفيه الرد على الذين يقولون ان المعاني ليست من كلام الله انما الحروف هذي كلها ضلالات وانحرافات. الشيخ رحمه الله يقرر هذا لا ابتداء انما يقرره ردا على من ظل في هذه الابواب. قال رحمه الله كل ذلك يدخل في القرآن وفي كلام الله ثم انتقل قال واعراب الحروف هو من تمام الحروف اي من كمالها واعرابها هو القراءة بها كما انزلت. وهذا معنى قوله من قرأ القرآن فاعربه فله بكل حرف عشر حسنات. وهذا الحديث جاء من طرق عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه وعن غيره. لكن هذه الرواية لا تثبت. قول فاعربا ليس لها اسناد مستقيم وانما المحفوظ من قرأ القرآن فله بكل حرف عشر حسنات. هذا جاء في الترمذي وغيره عن عبد الله بن مسعود باسناد جيد قال وقال ابو بكر وعمر رضي الله عنهما حفظ اعراب القرآن احب الينا من حفظ بعض حروفه. اعراب القرآن يشمل هنا لفظه ومعناه لانهم ذكروا بعض الحروف ففهم ان الاعراب امر زائد على قراءة الحروف بل هو القراءة التي يكون فيها فهم وتدبر اه معاني كلام الله تعالى. قال واذا كتب المسلمون مصحفا نعم واذا كتب المسلمون مصحفا فان احبوا ان ينقطوه ولا يشكلوه جاز ذلك كما كان الصحابة يكتبون المصاحف من غير تنقيط ولا تشكيل. لان القوم كانوا عربا لا يلحنون وهكذا هي المصاحف التي بعث بها عثمان رضي الله عنه الى الانصار في زمن التابعين. ثم فشل نحن فنقطت المصائب وشكلت بالنقط الحمر ثم شكلت بمثل خط الحروف. فتنازع العلماء في كراهة ذلك. وفيه خلاف عن الامام احمد رحمه الله وغيره من العلماء قيل يكره ذلك لانه بدعة. وقيل لا يكره للحاجة اليه. وقيل يكره النقد دون الشكل لبيان الاعراب والصحيح انه لا بأس به والتصديق بما ثبت عن النبي صلى الله عليه هذا المقطع بيان لما جرى من تغيير في المصحف وهو على نوع يعني نوع استطراد ليس له اتصال بمسألة اه كون القرآن كلام الله ولذلك قال واذا كتب المسلمون مصحفا فان احبوا الا ينقضوه. يعني لا يجعلوا فيه نقطا ولا كلوه وهو علامات الاعراب الفتحة والضمة والكسرة جاز ذلك كما كان الصحابة يكتبون المصاحف من غير تنقيط ولا تشكيل ثم بين ان هذا الذي حصل انما هو للحاجة النقط والشكل دعت اليه الحاجة وبهذا يخرج عن كونه بدعة فمن قال ان النقد والشكل بدعة نقول ان البدعة هي احداث طريقة في الدين مخترعة تضاهي الشرعية كون المصاحف في زمن النبي صلى الله عليه وسلم لم تنقط ولم تشكل فالجواب ان ذلك لم يكن محتاجا اليه لانهم اصحاب لسان ويعرفون الشكل والحروف من غير نقد لكن لما دعت الى ذلك حاجة فانه ما لا يتم الواجب الا به فهو واجب. ولذلك جمع الصحابة رضي الله عنهم المصاحف ولم تكن مجموعة زمن النبي صلى الله عليه وسلم انما الاجمع على جمعها للحاجة الى الجمع. فكذا النقد والشكل وسائر ما حصل من وسائل حفظ القرآن واسباب آآ اقامة قراءته فان ذلك من الاحداث الجائز الذي لا يدخل في نطاق البدعة. وهذا ما اشار اليه الشيخ رحمه الله في بيان سبب هذا النقد والشك رجع الان الى مسألة الكلام وما يتعلق بها قال نعم والتصديق بما ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم ان الله يتكلم بصوت وينادي ادم عليه السلام بصوت الى لذلك من الاحاديث فهذه الجملة كان عليها سلف الامة وائمة السنة. وقال ائمة السنة القرآن كلام الله تعالى غير مخلوق حيث تلي وحيث كتب فلا يقال لتلاوة العبد بالقرآن انها مخلوقة. لان ذلك يدخل فيه قرآن منزل ولا يقال غير مخلوقة. لان ذلك يدخل فيه افعال العباد. ولم يقل قط احد من ائمة السلف ان اصوات العباد بالقرآن قديمة. بل انكروا على من قال لفظ العبد بالقرآن غير مخلوق واما من قال ان المداد قديم. فهذا من اجهل الناس وابعدهم عن السنة. قال الله تعالى قل لو كان البحر مدادا لكلمات ربي لنفد البحر قبل ان تنفذ كلمات ربي. ولو جئنا بمثله مددا. فاخبر ان الوداد يكتب به كلماته. وكذلك من قال ليس القرآن في المصحف. وانما في المصحف مداد وورق او حكاية وعبارة فهو مبتدع ضال. بل القرآن الذي انزله الله على محمد صلى الله عليه وسلم هو ما بين حبتين والقرآن في المصحف على الوجه الذي يعرفه الناس له خاصة يمتاز بها عن سائر الاشياء. هذه مسائل ذكرها المؤلف رحمه الله مما يتعلق بمسألة القرآن وثبوت صفة الكلام لله تعالى. يقول رحمه الله والتصديق بما ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم ان الله اتكلم بصوت وينادي ادم عليه السلام بصوت الى امثال ذلك من الاحاديث يعني التي تثبت ان كلام الله تعالى بصوت وهذه المسألة ظل فيها من ظل من المنحرفين عن الكتاب والسنة انكروا ان يكون كلام الله تعالى بصوت بل قالوا كلامه كلام لا صوت فيه وهذا مما يرد عليه كتاب الله تعالى فان الله تعالى ذكر في الكتاب مناداته سبحانه وبحمده في مواضع عديدة وهذا النداء لا يكون الا بصوت فانه لا يمكن ان يكون نداء الا بصوت وكذلك جاءت الاحاديث اه ما ذكر المؤلف رحمه الله ان الله يتكلم بصوت جاء هذا في عدة احاديث منها الحديث الذي ذكره البخاري رحمه الله في من حديث ابي سعيد الخدري ان الله تعالى ينادي ادم بصوت قول بصوت اي يسمع واظاف النداء الى الله تعالى وهذه المسألة قال فيها المؤلف رحمه الله فهذا الى امثال ذلك من الاحاديث يعني التي فيها اثبات الصوت لله تعالى. فهذه الجملة كان عليها سلف الامة وائمة السنة فانهم يقرون بان كلام الله بصوت وليس كلاما نفسيا كما يقوله من يقوله وهذا امر متفق عليه بين سلف الامة والذي احدث نفي آآ ان يكون كلامه بصوت عبدالله بن كلاب في المئة الثالثة واما من قبله من الائمة فهم على ما ذكر الشيخ رحمه الله وقال ائمة السنة القرآن كلام الله تعالى غير مخلوق حيث تلي وحيث كتب فلا يقال لتلاوة العبد بالقرآن انها مخلوقة. لان هذا تلبيس قال لان ذلك يدخل فيه القرآن المنزل وهذا فيه بيان سبب انكار من انكر من السلف ان يقال تلاوتي بالقرآن مخلوقة لانه يوحي بان القرآن مخلوق ولذلك نهى السلف عن مثل هذه الكلمات الموهمة التي ستر بها بعض المبتدعة لاخفاء ما يعتقدونه من ان كلام الله تعالى مخلوق. فقوله رحمه الله لان ذلك يدخل فيه القرآن المنزل هذا بيان لسبب كراهية جماعة من الائمة ان يقول الرجل تلاوة بالقرآن او لفظي بالقرآن مخلوق قال ولا يقال غير مخلوقة لان ذلك يدخل فيه افعال العباد شوف سبحان الله العظيم هنا يتبين دقة علم السلف وانهم اصحاب تحرير لا يطلقون الالفاظ على عواهنها بل يميزون ويبينون فلا يقال لفظي بالقرآن مخلوق ولا يقال غير مخلوق لان كلا من العبارتين تتظمن باطلا ولم يرد فيها كتاب ولا سنة فيجب الاستفصال والبيان فيثبت ما اثبته النص وينفى ما نفاه النص. قال ولم يقل قط واحد من ائمة السلف ان اصوات العباد بالقرآن قديمة لانها حادثة وقت قراءتهم. فاذا قرأ القارئ الحمد لله رب العالمين الرحمن الرحيم. هذا الصوت ليس قديما. لان القديم هو الذي تقدم ولم يسبق هو مقصودهم بالقديم الازلي لكن هذا ليس بصحيح فان احدا من السلف لم يقل بهذا بل اصوات العباد بالقرآن حادثة عند قراءتهم بل انكروا على من قال لفظ العبد بالقرآن غير مخلوق. واما من قال ان المداد قديم يعني الذي يكتب به القرآن فهذا من اجهل الناس وابعادهم عن السنة لان هذا معلوم البطلان لان هذا معلوم البطلان فبطلانه واضح وعوار هذا القول بين. فان المداد حالف بعد ان لم يكن. والمداد هو الحبر الذي يكتب به قرآن. قال الله وكذلك من قال ليس القرآن في المصاحف وانما في المصاحف مداد وورق او حكاية وعبارة كما يقوله الكلابية والاشاعرة ومبتدع ضال في هذا الباب بل القرآن الذي انزله الله على محمد هو ما بين الدفتين. على هذا تواردت كلمات السلف وبه تم عقدهم ولم يختلف عليه احد منهم قال والكلام في المصحف على الوجه الذي يعرفه الناس له خاصة يمتاز بها عن سائر الاشياء نعم فلا يمس الا بطهارة في قول الجمهور ولا يدخل به حش او مكان مستقذر ولا يتوسد ولا يمتهن كل هذه من الاحكام المتعلقة بالمصحف لا لاوراقه ومداده انما لما فيه من كلام الله تعالى بهذه الخصائص والميز التي خص بهذا الكتاب انما لاجل ما فيه من كلام الله تعالى وليس لاجل الاوراق ذاتها او المداد فلو ان كتابا كتب على صورة كتابة المصحف وعلى صورة وعلى نفس اوراقه واخرج بصورة مشابهة للمصحف لم يكتسب خاصية المصحف في انه لا يمثل الا بطهارة وسائر ما يتعلق به من احكام لان ذلك ليس كلام الله تعالى لان ذلك ليس كلام الله جل وعلا انما كلامه هو القرآن العظيم الذي ذكره الله تعالى في لقوله يتلو صحفا مطهرة فيها كتب قيمة. قال رحمه الله وكذلك من زاد على السنة فقال ان الفاظ العباد واصوات قديمة فهو مبتدع ضال كمن قال ان الله لا يتكلم بحرف ولا بصوت فانه ايضا مبتدع منكر للسنة اي ما جاءت به السنة يقول رحمه الله وكذلك من زاد وقال ان المداد قديم فهو تكرار لما تقدم كمن قال ليس في المصاحف كلام الله. نعم وكذلك من زاد على السنة فقال ان الفاظ العباد واصواتهم قديمة فهو مبتدع ضال كمن قال ان الله لا يتكلم بحرف ولا بصوت فانه ايضا مبتدع منكر للسنة. وكذلك من زاد وقال فان المداد قديم فهو ضال كمن قال ليس في المصاحف كلام الله واما من زاد على ذلك من الجهال الذين يقولون ان الورق والجلد والوتد وقطعة من الحائط كلام الله فهو بمنزلة من يقول ما تكلم الله بالقرآن ولا هو كلامه. هذا الغلو من جانب الاثبات يقابل التكذيب من جانب النفي وكلاهما خارج عن السنة والجماعة وكذلك افراد الكلام في النقطة والشكلة بدعة نفيا واثباتا وانما حدثت هذه البدعة من مائة سنة او اكثر بقليل فان من قال ان المداد الذي تنقط به الحروف ويشكل به قديم. فهو ضال جاهل. ومن قال ان اعراب في القرآن ليس من القرآن فهو ضال مبتدع. بل الواجب ان يقال هذا القرآن العربي هو كلام الله وقد دخل في ذلك حروفه باعرابها كما دخلت معانيه. ويقال ما بين اللوحين جميعه كلام الله فان كان المصحف منقوتا مشكولا اطلق على ما بين اللوحين جميعه انه كلام الله وان كان غير ولا مشكول كالمصاحف القديمة التي كتبها الصحابة. كان ايضا ما بين اللوحين هو كلام الله فلا يجوز وان تلقى الفتنة بين المسلمين بامر محدث ونزاع لفظي لا حقيقة له. ولا يجوز ان يحدث في الدين ما ليس من نعم هذا تقرير لما تقدم وبيان غلو الغاليين وان هذه المسألة افترق فيها الناس الى فرقين في الجملة ظلتا عن الطريق المستقيم فرقة غلت في الاثبات حتى قالت ان الورق والجلد والوتد كلام الله وفرقة جفت وعطلت الله تعالى عن صفاته وقالت ان القرآن ليس كلام الله او انه كلام الله مخلوق كما تقوله الجهمية والمعتزلة. المقصود بيان الفرق الضالة في هذا وبيان ان الواجب ان يعتقد ان القرآن كلام الله على اي صفة كان تلي او كتب او حفظ او كان مشكولا منقوتا او ما الى ذلك من الاحداثات التي جرت لا يخرج بذلك كله عن انه وكلام الله ثم قال بعد ان ذكر ما تقدم وكأنه ينبه من كتب اليهم في وجوب الالتزام بالاقتصاد في الكتاب والسنة وعدم الغلو في الاثبات فلا يجوز ان تلقى الفتنة بين المسلمين بامر محدث ونزاع لفظي لا حقيقة له بل يجب كف الفتنة ونفيها كما لا يجوز ان يحدث في الدين ما ليس منه فانه من احدث في الدين ما ليس منه فقد ابتدع قد قال النبي صلى الله عليه وعلى اله وسلم فيما رواه البخاري ومسلم من حديث القاسم محمد عن عائشة من احدث في امرنا هذا ما ليس منه فهو رد بعد هذا الفصل المتعلق بالبيان ما يجب اعتقاده في كلام الله تعالى. انتقل الشيخ رحمه الله الى بيان ما يجب اعتقاده في الصحابة والقرابة الصحابة اصحاب النبي صلى الله عليه وسلم والقرابة هم ال البيت يقول رحمه الله اصل وكذلك يجب الاقتصاد والاعتدال في امر الصحابة والقرابة رضي الله عنهم. فان الله تعالى اثنى على اصحاب نبيه صلى الله عليه وسلم من السابقين والتابعين لهم باحسان. واخبر انه رضي عنهم ورضوا عنه. وذكرهم في ايات من كتاب مثل قوله تعالى محمد رسول الله والذين معه اشداء على الكفار رحماء بينهم. تراهم ركعا سجدا فضلا من الله ورضوانا سيماهم في وجوههم من اثر سجود ذلك مثلهم في التوراة. ومثلهم في الانجيل كزرع اخرج شطأه فازره فاستغلظ فاستوى على سوقه. يعجب الزراع ليغيظ بهم الكفار. وعد الله الذين امنوا وعملوا الصالحات منهم مغفرة واجرا عظيما. وقال تعالى لقد رضي الله عن المؤمنين اذ يبايعونك تحت الشجرة فعلم ما في قلوبهم فانزل السكينة عليهم واثابهم فتحا قريبا. وفي الصحاح عن النبي صلى الله عليه وسلم انه قال لا تسبوا اصحابي فوالذي نفسي بيده لو ان احدكم انفق مثل احد ذهبا ما بلغ مد احدهم ولا وصيفة طيب هذا الفصل جعله المؤلف رحمه الله تقرير ما يجب اعتقاده في الصحابة والقرابة وهذه المسألة مسألة ظل فيها فئام من من الناس فبيان العدل والواجب فيها من المهمات لا سيما في الزمن او في البلدان التي يقع فيها غلو في احد الطرفين الصحابة والقرابة كلاهما جاء الحث على احترامه و حفظ حقه فلا يجوز اهدار حق ال البيت كما لا يجوز اهدار حق الصحبة بل الواجب حفظ الحقوق لاهلها واجلال من اجل الله تعالى والرضا عن من رضي الله عنهم من الاصحاب والال والذين يجعلون محبة ال البيت سلما للنيل من الصحابة لم يصدقوا في دعواهم كما ان الذين يجعلون محبة الصحابة سلما للغظ من قدر ال البيت لم يصدقوا في دعواهم بل كمال الاعتقاد وسلامته ان يجمع المؤمن بين محبة الال وبين محبة الاصحاب. وقلب المؤمن يتسع لمحبة ولا فمن ظاق صدره عن احدى الطائفتين فقد ضل ضلالا مبينا لانه بخس الحق اهله ووقع فيما نهى عنه النبي صلى الله عليه وسلم. يقول المؤلف رحمه الله وكذلك يجب الاقتصاد والاعتدال في امر الصحابة والقرابة. الصحابة جمع صحابي والصحابي هو من لقي النبي صلى الله عليه وسلم مؤمنا به ومات على ذلك. والقرابة هم اقارب النبي صلى الله عليه وسلم الذين يتصلون به نسبا وهم ال علي رضي الله عنه وال العباس وال جعفر وال عقيم وهم اقاربه من النسب ومن ال بيته ازواجه صلى الله عليه وسلم. قال الله تعالى في الايات التي ذكر فيها الاحكام المتعلقة بالنساء بل خاطبهن بقوله يا نساء النبي لستن كاحد من النساء. ان اتقيتن فلا تخضعن بالقول فيطمع الذي في قلبه مرض. قال في سياق هذه التوجيهات قال جل وعلا انما يريد الله ليذهب عنكم الرجس اهل البيت ويطهركم تطهيرا. فنساء النبي صلى الله عليه وسلم من ال بيته بنص القرآن ال بيته من اقاربه بينهم النبي صلى الله عليه وعلى اله وسلم في حديث عائشة وحديث ام سلمة في حديث الكساء المشهور ومن رواه هن زوجاته صلى الله عليه وعلى اله وسلم فقوله اللهم هؤلاء اهل بيتي لفاطمة وعلي والحسن والحسين هذا ليس معناه ان من سواهم ليس من اهل البيت بل ده بيان ان احق من وصف بهذا الوصف هم هؤلاء ولا يعني ان ينتفي ذلك عن غيرهم. ولذلك لما سئل زيد بن ارقم كما في صحيح الامام مسلم عن ال البيت قال هم ال علي وال جعفر وال العباس وال عقيل. وهذا في صحيح الامام مسلم من كلام زيد بن ارقم رضي الله عنه في بيان من هم الذين امر النبي صلى الله عليه وسلم بحفظ حقهم في حديث غدير خم حيث قال اذكركم الله في اهل بيتي اذكركم الله في اهل بيتي فلما سئل زيد عن اهل البيت قال هم هؤلاء ال علي وال العباس وال جعفر وال عقيم واين هؤلاء في حديث الكساء فانهم لم يذكروا لكن اهل العلم يأخذون في الاحكام من مجموع الاحاديث ولا يقتصرون على حديث واحد. فآل البيت هم اقارب النبي صلى الله عليه وعلى اله وسلم. ولهم حقوق امر النبي صلى الله عليه وسلم بحفظها ورعايتها يشير الشيخ رحمه الله في هذا الفصل الى شيء منها. ابتدأ المؤلف رحمه الله ببيان حق الصحابة لان الجناية على من بعض طوائف المسلمين اعظم من الجناية على ال البيت فان ال البيت اهل السنة والجماعة بل غالب الطوائف تجلهم وتقر لهم بالفضل بخلاف الصحابة فان طوائف ممن ينتسب الى الاسلام من اهل القبلة يذمونهم وينالون منهم بل يكفرون اكثرهم او يفسقونهم او يخونونهم وهذا لا شك انه انحراف كبير وهم اكثر من ال البيت وال البيت يجتمع فيهم حقان حق الصحبة لمن لقي النبي صلى الله عليه وسلم وحق القرابة فلهم حقان فبدأ بالحق العام الذي يشترك فيه الصحابة مع ال البيت ثم انتقل الحق الخاص وهم ال البيت حيث ان لهم حقا خاصا في زمن النبي صلى الله عليه وسلم وبعد زمن النبي صلى الله عليه وسلم ال البيت لهم حق سواء كانوا من الصحابة او لم يكونوا. يقول رحمه الله فان الله تعالى اثنى على اصحاب نبيه صلى الله عليه وسلم. ومن جملتهم اصحابه من ال بيته يقول من السابقين والتابعين السابقين يعني المتقدمين في صحبتك ابي بكر وعمر وعثمان وعلي رضي الله عنهم اجمعين وسائر الصحابة الذين اسلموا قبل هجرة النبي صلى الله عليه وسلم ثم الذين اسلموا بعد الهجرة وهم على طبقات معروفة مشهورة في فضلهم ومكانتهم. فمن اسلم قبل الفتح ليس كمن اسلم بعده ومن اسلم قبل الهجرة ليس كمن اسلم بعدها وهم طبقات لهم منازل ومقامات وفضائل معروفة ومشهورة فضائل تتعلق بزمان ايمانهم واسلامهم وفضائل تتعلق بتقدم صحبتهم وفضائل تتعلق باشخاصهم وفضائل تتعلق ببعض اعمالهم المهم ان الفضائل في ما يتعلق بالصحابة رضي الله عنهم كثيرة متنوعة مشهورة. يقول رحمه الله واخبر انه رضي عنهم ورضوا عنه اخبر انه رضي عنهم ورضوا عنه وذلك في ايات من كتابه يقول وذكرهم في ايات من كتابه مثل قوله محمد رسول الله والذين معه اشداء على الكفار رحماء بينهم. وهذا فيه تزكيتهم وبيان ما كانوا عليه من الصفات الحميدة التي جمعت الى الخلق والاحسان في عبادة الله تعالى. يقول محمد رسول الله والذين معه اشداء على الكفار رحماء بينهم. تراهم ركعا سجدا يبتغون فضلا من الله ورضوانا. فهذا جمع بين الاحسانين الاحسان في عبادة الله تعالى والاحسان في معاملة الخلق. سيماهم في وجوههم من اثر السجود ذلك مثل وان متقدم مثلهم في التوراة ومثلهم في الانجيل كزرع اخرج شطأه فازره فاستغرب اي اخرج شطأه وهو ينبت فازر عليه قوى اشتد وقواه فاستغلظ حتى قوي فاستوى على سوقه يعجب الزراع ليغيظ بهم الكفار اي يغيظ بهم اصحاب الزراعات قال وعد الله الذين امنوا وعملوا الصالحات منهم مغفرته واجرا عظيما. قال تعالى وعد الله الذين امنوا وعملوا الصالحات منهم اي من اصحاب النبي صلى الله عليه وسلم مغفرة واجرا عظيما. وبعض من ينال من الصحابة يقول ان هذه الاية دليل على انه ليس كل الصحابة موعودين الفضل من رب العالمين لان الله تعالى قال وعد الله الذين امنوا وعملوا الصالحات منهم ومن هنا للتبعير وهذا يدل على ان منهم من ليس له هذا الفضل. والذي اجاب به اهل السنة على هذا الافتراء بان من هنا للبيان ليست للتبعيض من بيانية وليست تبعيضية. ومن تأتي للبيان كقوله تعالى خلق الانسان من صلصال فمن هنا للبيان وخلق الجان ممارج من نار هنا من ليست تبعيضية انما هي بيانية وهذا كثير في كلام الله تعالى وهو معروف في لسان العرب انه تأتي من التبعيظ وتأتي من للبيان. فقوله تعالى منهم اي من الصحابة فهنا بيان ولو قلنا بانه للتبعيظ ذلك ليس مدعاة للنيل منهم انما هم متفاوتون في درجاتهم وعد الله الذين امنوا وعملوا الصالحات منهم مغفرة واجرا عظيما. وهم متفاوتون في اجورهم ومراتبهم كما السنة على ذلك ففي الحديث الذي ذكره المؤلف رحمه الله ان النبي صلى الله عليه وسلم قال لا تسبوا اصحابي فوالذي نفسي بيده لو ان احدهم مثل احد ذهبا ما بلغ مد احدهم ولا نصيفه. وهذا الكلام موجه الى بعض الصحابة فهو موجه الى اخ خالد ابن الوليد رضي الله عنه وامثاله في مقابل صحبة من؟ عبد الرحمن ابن عوف وامثاله رظي الله عنهم الذين تقدم اسلامهم وسبق فاذا كان الصحابة على هذا التفاوت فيمكن ان يقال ان هذه الاية في بيان فظل المتقدمين منهم وما لهم من الاجر وهم متفاوتون بالدرجات والمراتب لكن ليست هذه الاية دليلا على انتقاصهم او النيل منهم او انهم كفروا او فسقوا كما يزعمه من يزعمه ممن ظل في في باب الصحابة وما يجب اعتقاده فيهم. وقوله وقال تعالى لقد رضي الله عن مؤمنين. اذ يبايعونك تحت الشجرة فعلم ما في قلوبهم الله اكبر فانزل السكينة عليهم واثابهم فتحا قريبا. قوله تعالى فعلم ما في قلوبهم بيان ان هذا الرضا ليس لظاهر العمل انما هو رضا من عليم خبير والعلم هنا اضيف الى ما في القلوب فدل ذلك على ان ما في قلوبهم سالم من الشرك سالم من النفاق سالم من الفسق. والا لما رضي الله تعالى عنهم. وهؤلاء قد بلغوا الفا واربع مئة رجل صاحبوا النبي صلى الله عليه وسلم في تلك الغزوة التي بايع في ذلك الصلح الذي بايع فيه النبي صلى الله عليه وسلم اصحابه تحت شجرة. في قوله لقد رضي الله عنه تحت الشجرة منهم ابو بكر ومنهم عمر ومنهم جملة وطائفة من الصحابة الذين يقدح فيهم من يقدح ممن انحرف وظل في هذا قال رحمه الله وفي الصحاح عن النبي صلى الله عليه وسلم انه قال لا تسبوا اصحابي فوالذي نفسي بيده يحلف النبي صلى الله عليه وسلم بالله لو ان احدكم انفق مثل احد ذهبا يعني لو انفق تقربا الى الله تعالى مثل احد ذهبا وهذا انفس المال الذي يملكه الناس في ذلك اليوم. انفقه وهو قد جمع النفاسة في النوع والكثرة حيث يبلغ مثل احد ذهبنا وكم في احد من المثاقيل؟ وكم في احد من القدر الكبير الذي لا يعلمه الا الله تعالى؟ ما بلغ مد احدهم ولا نصيبه لم يبلغ ما ينفقه احدهم ملء يديه من الذهب ولا نصف المد من الذهب تصور هذا القد انسب هذا القدر وهو ملء اليدين من الذهب الى هذا الجبل العظيم كم النسبة من حيث القدر والكمية؟ لا نسبة لا شيء لا يذكر. ومع هذا فظل هذا المد يفوق فضل الجبل ذهبا لان الفضل هنا يعود الى المنفق وهم الصحابة رضي الله عنهم. وهنا يتبين ان العمل يتفاضل بتفاضل الاشخاص فالعمل القليل قد يكون زهيدا يسيرا من شخص لكنه يبلغ عند الله تعالى مبلغا عظيما بالنظر الى ما قام في قلبه. وبالنظر الى الوصف الذي طفى به. فالصحابة قام فيهم هذا الفضل والشرف العظيم الذي لا يمكن ان يبلغه احد من الناس. ولذلك اعراب الصحابة خير من اكبر العباد ممن بعد الصحابة فيما يتعلق بالصحبة وفيما يتعلق بهذا الفضل اما من حيث العلم فلا شك ان في الامة بعد الصحابة من فاقوا جماعة كبيرة من الصحابة في العلم والنفع لكن من حيث فضل الصحبة اذا لم يبلغ مبلغهم احد ممن لم يدرك هذا الشرف نسأل الله تعالى ان يرزقنا واياكم معرفة اقدارهم ومحبتهم وصلى الله وسلم على نبينا محمد