الله الرحمن الرحيم. الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه اجمعين. قال شيخ الاسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى في كتاب بين اولياء الرحمن واولياء الشيطان. بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله نستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور انفسنا ومن سيئات اعمالنا. من اهده الله فلا مضل له. ومن يضلل فلا هادي له. ونشهد ان لا اله الا الله وحده لا شريك له ونشهد ان محمدا عبده ورسوله. ارسله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله وكفى بالله شهيدا. ارسله بين يدي الساعة بشيرا ونذيرا داعيا الى الله باذنه وسراجا منيرا. فهدى به من الضلالة. وبصر به من العمى وارشد به من الغي وفتح به اعينا عميا واذانا صما وقلوبا غلفا وفرق به بين الحق والباطل والهدى والضلال والرشاد والغي والمؤمن والكفار والسعداء اهل الجنة والاشقياء اهل النار وبين اولياء الله واعداء الله فمن شهد له محمد صلى الله عليه وسلم بانه من اولياء لله فهو من اولياء الرحمن. ومن شهد له بانه من اعداء الله فهو من اعداء الله اولياء الشيطان. طيب بسم الله الرحمن الرحيم. الحمد لله رب العالمين. واصلي واسلم على نبينا محمد وعلى اله وصحبه اجمعين. هذا الكتاب الذي نبتدئه هذه الليلة من الكتب النافعة المفيدة. وهو كما سمعتم من مؤلفات شيخ الاسلام احمد ابن تيمية رحمه الله تعالى وفتح افتتح المؤلف رحمه الله هذه الرسالة المباركة بهذا الكلام النافع المفيد الذي كثير منه مظمن في كلام رسول الله صلى الله عليه وسلم في خطبة الحاجة. وهذه الخطبة على تكررها وكثرة سماعها الا ان المستفيد منها قليل. رغم ان ما فيها من المعاني من تدبرها و نظر الى معناها يحصل بذلك خيرا كثيرا. ويكفي في ذلك ان رجلا اتى النبي صلى الله عليه وسلم ممن يعرفون بالطب لما سمع عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وانه مجنون فيما يزعمه قومه اتى الى النبي يريد ان يرقيه ويطببه. ما كان من النبي صلى الله عليه وسلم لما عرض عليه الطب الا ان قرأ عليه خطبة الحاجة ان الحمد لله. فقال اعد علي مقالتك فاعادها ثانية. ثم ما كان منه الا ان اسلم لله بالالوهية وللنبي صلى الله عليه وسلم بالرسالة. وهذا يفيد ان هذه الخطبة مظمنة معاني عظيمة ينبغي للانسان ان يقف عندها ويتدبر والا تكون على السنتنا ككثير من الاذكار التي لا نعقل معناها. فان فيها من الحمد والثناء على الله عز وجل. و التوسل اليه ودعائه وسؤاله ما يحصل به الخير الكثير لمن تدبر هذا الكلام العظيم وفيها الشهادة لله بالالهية وللنبي صلى الله عليه وسلم بالرسالة ثم اضاف المؤلف رحمه الله اوصافا لرسول الله صلى الله عليه وسلم هي من براعة الاستهلال لهذه الرسالة المباركة. حيث ان مجملها دائر على ان النبي صلى الله عليه وسلم فارق بين الناس فانه فرق بين الناس في اوصافهم واعمالهم وعقائدهم واديانهم ففرق الله به بين الحق والضلال وبين الهدى والغيب وبين الرشاد الغي وبين الحق والباطل. وهذه اوصاف عظيمة لهذا الرسول صلى الله عليه وسلم بعد ان فرغ من ذلك ذكر رحمه الله قاعدة كلية في اثبات الولاية. وان الولاية لا تكون الا من الله ورسوله. فمن شهد له محمد صلى الله عليه وسلم بانه من اولياء الله فهو من اولياء الرحمن ومن شهد له بانه من اعداء الله فهو من اعداء الله واولياء الشيطان. وبهذا نعلم ان الولاية ليست امرا هينا كما يستخف بها كثير من الناس فيثبتونها لكل احد بل يثبتونها لمن يخالف الله ورسوله فيثبتونها لكثير من ممن لا يهتدي بهدي النبي صلى الله عليه وسلم في قوله او عقده او عمله فيجب التحري فيمن تثبت له الولاية. ثم اعلم بارك الله فيك ان ولاية الله عز وجل لعباده المؤمنين نوعان النوع الاول ولاية عامة. وهي تكون لجميع المؤمنين. والنوع الثاني ولاية خاصة وهي كونوا لصفوة من هؤلاء المؤمنين. اما النوع الاول وهي العامة فهي التي في مثل قوله تعالى الله ولي الذين يخرجهم من الظلمات الى النور. فهذه ولاية عامة لكل من حقق الايمان. وهذه الولاية ثابتة للموصوفين بالايمان على قدر اتصافهم به. اي بالايمان. فبقدر ما مع الانسان من الايمان بقدر ما يكون له من الولاية. واما الولاية الخاصة فهي الولاية التي لا تكون الا لمن حقق امر الله. ظاهرا وباطنا وهي التي يصدق عليها قول النبي صلى الله عليه وسلم من احب لله وابغض لله واعطى لله ومنع الله ايش؟ فقد استكمل الايمان. اي استكمل خلاله واوصافه. وبهذا نعلم ان ولاية الله ليست على درجة واحدة بل هي على درجات عظيمة والتسابق في تحقيق هذا الوصف بقدر التسابق في تحقيق وصف التقوى والايمان كما سيأتي واضحا في كلام الشيخ رحمه الله. طيب هل يجوز ان يصف الانسان نفسه بالولاية العامة؟ يقول انا ولي ان شاء الله؟ الجواب نعم. يجوز كما يجوز ان تقول انا مؤمن ان شاء الله فكما تثبت لنفسك وصف الايمان فكذلك تثبت لنفسك الولاية لكنها الولاية العامة اما الولاية الخاصة فهذه لا تكون الا لمن استكمل خلال الايمان واوصافه. نعم وقد بين سبحانه وتعالى في كتابه وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم ان لله اولياء من الناس وللشيطان اولياء. ففرق بين اولياء الرحمن واولياء الشيطان. هذا المقطع الذي بدأه الشيخ رحمه الله فيه الادلة على اثبات اثبات الولاية بنوعيه. ولاية الله عز وجل ولاية الرحمن وولاية الشيخ نعم ففرق بين اولياء الرحمن واولياء الشيطان. فقال تعالى الا ان اولياء الله لا خوف عليهم ولا هم يحزنون. الذين امنوا وكانوا يتقون. لهم البشرى في الحياة الدنيا الاخرة لا تبديل لكلمات الله ذلك هو الفوز العظيم. وقال تعالى الله ولي الذين امنوا يخرجهم من الظلمات الى النور. والذين كفروا اوليائهم الطاغوت يخرجون ينجونهم من النور الى الظلمات. اولئك اصحاب النار هم فيها خالدون. وقالت تعالى يا ايها الذين امنوا لا تتخذوا اليهود والنصارى اولياء. بعضهم اولياء بعض ومن يتولهم منكم فانه منهم ان الله لا يهدي القوم الظالمين. فترى الذين في قلوبهم مرض يسارعون فيهم يقولون نخشى ان تصيبنا دائرة. فعسى الله ان يأتي بالفتح او امر من عنده فيصبحوا على ما اسروا في انفسهم نادمين. ويقول الذين امنوا اهؤلاء الذين اقسموا بالله جهد ايمانهم انهم لمعكم. حبطت اعمالهم فأصبحوا خاسرين. يا ايها الذين امنوا من يرتد منكم عن دينه فسوف يأتي الله بقوم نحبهم ويحبونه اذلة على المؤمنين اعزة على الكافرين يجاهدون في سبيل الله الا يخافون لومة لائم. ذلك فضل الله يؤتيه من يشاء. والله واسع عليم انما وليكم الله ورسوله والذين امنوا الذين يقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة وهم ومن يتولى الله ورسوله والذين امنوا فان حزب الله هم الغالبون. وقال تعالى هنالك الولاية لله الحق هو خير ثوابا وخير عقبا. وذكر الشيطان فقال تعالى فاذا قرأت القرآن فاستعذ بالله من الشيطان الرجيم انه ليس له سلطان على الذين امنوا وعلى ربهم يتوكلون. انما سلطانه على الذين يتولونه والذين هم به مشركون. وقال تعالى الذين امنوا يقاتلون في سبيل الله والذين كفروا يقاتلون في سبيل الطاغوت فقاتلوا اولياء الشيطان انك الشيطان كان ضعيفا. وقال تعالى واذ قلنا للملائكة اسجدوا لادم فسجدوا الا ابليس كان من الجن ففسق عن امر ربه. افتتخذونه وذريته اولياء من دون وهم لكم عدو بئس الظالمين بدلا. وقال تعالى ومن يتخذ الشيطان وليا منه دون الله فقد خسر خسرانا مبينا. وقال تعالى الذين قال لهم الناس ان الناس قد لكم فاخشوهم فزادهم ايمانا. وقالوا حسبنا الله ونعم الوكيل. فانقلبوا نعمة من الله وفضل لم يمسسهم سوء. واتبعوا رضوان الله والله ذو فضل عظيم انما ذلكم الشيطان يخوف اولياءه فلا تخافوهم وخافوني ان كنتم مؤمنين وقال تعالى قوله تعالى انما ذلكم الشيطان يخوف اولياءه. هذه الاية فيها معنيان لاهل العلم او فيها في في معناها قولان لاهل العلم. قوله تعالى انما ذلكم الشيطان يخوف اولياءه. اي انه يتسلط على اوليائه بالتخويف وهذا احد المعنيين. المعنى الثاني انه يخوف المؤمنين اولياءه. فيكون المفعول الاول محذوف والتقدير يخوفكم اولياءه. يعني يخوف اهل الايمان اولياءه. وهذا المعنى هو الاظهر في هذه الاية اظهر من المعنى الاول لانه قال بعد ذلك قال فلا تخافوه وخافوني ان كنتم مؤمنين فنهى عن خوفه فدل ذلك على انه يخوف من؟ ها يخوف المؤمنين اولياءه بما يظهره في اعينهم اي في اعين المؤمنين من قوة هؤلاء وسطوتهم وجمعهم وكثرتهم وغير ذلك من وسائل الشيطان. والمؤمن ينبغي له الا يخاف هؤلاء مهما كثرت عددهم وعدتهم. وقال تعالى انا جعلنا الشياطين اولى جاء للذين لا يؤمنون واذا فعلوا فاحشة قالوا وجدنا عليها اباءنا الى قوله انهم اتخذوا الشياطين اولياء من دون الله ويحسبون انهم مهتدون وقال تعالى وان الشياطين ليوحون الى اوليائهم ليجادلوكم. وقال الخليل السلام يا ابتي اني اخاف ان يمسك عذاب من الرحمن فتكون للشيطان وليا فقال تعالى يا ايها الذين امنوا لا تتخذوا عدوي وعدوكم اولياء تلقون بالمودة الايات الى قوله انك انت العزيز الحكيم. اطال المؤلف رحمه الله في ذكر الادلة على الفريقين ولكن يعني ما ذكره نافع ان شاء الله تعالى. والعلماء رحمهم الله يقتصرون في الاستدلال على بعض الادلة وبعضهم يطيل ليقرر ذلك وليستفيد منه ايضا اوصاف هؤلاء. فالمؤلف رحمه الله قال فيها اول الرسالة في ذكر ورود الفريقين وتفريق الله بينهما بهذه الايات الكثيرة لا لمجرد الاثبات فقط بل لاثبات هذا الفرق والاستفادة من الاوصاف المذكورة لكلا الفريقين في هذه الرسالة. نعم فاصل واذا عرف ان الناس فيهم اولياء الرحمن واولياء الشيطان فيجب ان يفرق بين هؤلاء وهؤلاء كما فرق الله ورسوله بينهما. فاولياء الله هم المؤمنون المتقون كما قال تعالى وجوب التفريق بين اولياء الرحمن واولياء الشيطان ما وجه التفريق؟ او ما دليله؟ ها؟ تفريق الله بينهما في الاوصاف والاحكام. بل ذم الله جل وعلا من سوى بالكافرين. فقال تعالى افنجعل المسلمين كالمجرمين ما لكم كيف تحكمون. فانكر الله سبحانه وتعالى التسوية بين هذين الفريقين فعليا من ذلك وجوب التفريق لانهم يفترقون في الوصف والعمل والمآل والجزاء. فوجب التفريق بينهما وهذه الرسالة مدارها على بيان الفرق بين هذين الصنفين من الناس بين اولياء الله والرحمن واولياء طيب بدأ المؤلف رحمه الله في بيان اشرف النوعين فقال فاولياء الله هم المتقون كما قال تعالى الا ان اولياء الله لا خوف عليهم ولا هم يحزنون الذين امنوا وكانوا يتقون. وفي الحديث الصحيح الذي رواه البخاري وغيره عن ابي هريرة. طيب رضي الله عنه الوصفان قوله تعالى الذين امنوا وكانوا يتقون. هل هما وصف واحد؟ يعني هل هو من قبيل التكرار؟ وعطف ترادف من الاوصاف الذين امنوا وكانوا يتقون الجواب لا. الذين امنوا هنا يشمل عمل القلب. وكانوا يتقون يشمل عمل الجوارح فالذين امنوا يشمل العقائد الصحيحة. وقول والذين يتقون يشمل الاعمال الصالحة لان التقوى لا تكون الا بامرين فعل ما امر الله به ورسوله واجتناب ما نهى الله عنه ورسوله. وبهذا يتحقق للشخص وصف الولاية بصحة العقيدة وكمال الايمان وبصحة العمل واستقامته على السنة نعم وفي الحديث؟ وفي الحديث الصحيح الذي رواه البخاري وغيره عن ابي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال يقول الله من عادى لي وليا فقد بارزني بالمحاربة او فقد اذنته بالحرب وما تقرب الي عبدي بمثل هذا بمثل اداء ما افترظت عليه لا يزال عبدي يتقرب الي بالنوافل حتى احبه. فاذا احببته كنت سمعه الذي يسمع وبصره الذي يبصر به ويده التي يبطش بها ورجله التي يمشي بها. وفي رواية ويهتدي يسمع وبي يبصر وبي يبطش وبي يمشي. ولئن سألني لاعطينه. ولئن امني لاعيذنه وما ترددت عن شيء انا فاعله ترددي عن قبض نفسي عبدي المؤمن يكره الموت واكره مساءته ولابد له منه. وهذا اصح حديث يروى في الاولياء بين النبي صلى الله عليه وسلم انه من عادى وليا لله فقد بارز الله في المحاربة وفي حديث اخر واني لاثأر لاوليائي كما يثأر الليث الحرب. اي اخذ ثأرهم ممن عاد اداهم كما يأخذ الليث الحلب ثأره. وهذا لان اولياء الله هم الذين امنوا به وو الا هو فاحبوا ما يحب وابغضوا ما يبغض. ورضوا ورضوا بما يرضى وسخطوا بما يسخط وامروا بما يأمروا ونهوا عما ينهى واعطوا لمن يحب ان يعطى ومنعوا من يحب ان كما في الترمذي وغيره عن النبي صلى الله عليه وسلم انه قال اوثق عرى ايمان الحب في الله والبغض في الله. وفي حديث اخر رواه ابو داوود وقال من احب احبني الله وابغض لله واعطى لله ومنع لله فقد استكمل الايمان. هذا المقطع فيه وصف اولياء الرحمن من السنة. ففي الحديث الصحيح الذي رواه البخاري وغيره عن ابي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال يقول الله من عاداني وليا فقد بارزني بالمحاربة. وهذا الحديث يسميه العلماء حديث قدسي وذلك نسبة الى رح القدس جبريل. ويمكن ان يكون نسبة الى القدوس. وان كان النسبة الى القدوس على اصح قدوسي. فالظاهر انه نسبة الى روح القدس. وجرى شيخ الاسلام رحمه الله وكذلك تلميذه ابن القيم على هذا النوع من الاحاديث بالحديث الالهي. وهذا عندي احسن واضبط. وهو الموافق كثير من الاحاديث التي يقول فيها النبي صلى الله عليه وسلم قال الله تعالى. فهو حديث الهي ولان الحديث الالهي الحديث القدسي اذا نسبناه الى روح القدس فقد اساء فقد نسبناه الى المبلغ. المبلغ الوسيط الذي بلغه رسول الله صلى الله عليه وسلم. واما اذا نسبناه الى الله فاننا نسبناه الى من صدر عنه وتكلم به وقد اختلف العلماء رحمهم الله في الحديث الالهي هل هو من حيث اللفظ والمعنى من الله؟ ام ان لفظه من صلى الله عليه وسلم ومعناه من الله. الذي جرى عليه كثير من علماء الحديث المتأخرين هو ان الحديث القدسي لفظه من النبي صلى الله عليه وسلم ومعناه من الله. وبهذا يفرقون بينه وبين سائر الاحاديث النبوية. والصحيح ما عليه المحققون من اهل العلم من ان الحديث الالهي لفظه ومعناه من الله. وهذا هو اختيار الاسلام رحمه الله وهو ظاهر كلام السلف وهو ظاهر السنة لان الاصل في نسبة القول لا سيما من النبي صلى الله عليه وسلم ان يكون اللفظ والمعنى من الله سبحانه وتعالى. الذين ردوا هذا القول قالوا اذا كيف نفرق بينه وبين القرآن؟ نقول فرق بينه وبين القرآن بان القرآن كلام معجز. وان الله اثبت له من الاحكام لم من الاحكام ما لم يثبته الحديث الالهي وهذا هو اختيار شيخ الاسلام رحمه الله وهو اختيار جماعة من العلماء المعاصرين منهم شيخ شيخنا عبد العزيز بن باز رحمه الله الحديث فيه من عادى لي وليا فقد بارزني بالمحاربة. او فقد اذنته بالحرب. المعنى واحد انه قد حارب الله سبحانه وتعالى وهذا الوصف وهو مبارزة الله بالمحاربة او ايذانه سبحانه وتعالى بالحرب من عاد يا اه يكون بقدر ما مع الانسان من الولاية. بقدر ما مع الانسان من الولاية يحصل له هذا الفضل. ولذلك اجاب ابن القيم الله في قوله تعالى ولن يجعل الله للكافرين على المؤمنين سبيلا. قال نرى ان كثيرا من المسلمين يكون للكافرين عليهم سبيلا فبعض العلماء قال هذه الاية هي في يوم القيامة. وبعضهم قال هي في الدنيا والاخرة. لن يجعل الله للكافرين على المؤمنين سبيلا لكن ما يكون من السبيل في الدنيا للكفار على اهل الاسلام انما هو بسبب نقصهم في ايمانهم. ولو كمل ايمانهم وحققوه تمام التحقيق لما كان للكافرين على المؤمنين سبيلا وهذا الكلام جيد لان الله سبحانه وتعالى ذكر وصفا والوصف اذا ذكر في الحكم او رتب عليه الحكم ثبوته بازدياد الوصف ويقل بقلته على ما تقدم من القاعدة المشهورة المعروفة ان الحكم يدور مع علته والوصف من العلة الحكم يدور مع علته ايش؟ وجودا وعدما وقوة وظعفا تنبه لهذا فبقدر ما يكون مع الانسان من الولاية بقدر مدافعة الله عز وجل عنه. ولذلك ينبغي للانسان ان يحقق حتى يظفر بهذا الفضل العظيم ان الله سبحانه وتعالى يدافع عنه. ان الله يدافع عن الذين امنوا. فبقدر ما مع الانسان من الايمان بقدر ما يحصل له من مدافعة الله عز وجل. وليس من لازم مدافعة الله عن اوليائه الا يصل اليهم والا ينال منه فهذا رسول الله صلى الله عليه وسلم. اكرم بني البشر على رب العالمين واعظمهم جاها عند الله جل وعلا اصابه ما اصابه يوم احد. وناله ما ناله من قومه في دعوته صلى الله عليه وسلم. ومع ذلك كانت العاقبة له وانما يصيبهم ما يصيبهم من البلايا والنكبات وينزل بهم ما ينزل بهم من المصائب والبليات لترتفع لذلك درجاتهم وتعلوا منازلهم. وفضل الله واسع. ثم بعد ان ذكر هذا الفضل العظيم لاولياء الله في قوله من عاد لي وليا فقد برزني بالمحاربة ذكر الطريق الذي تحصل به الولاية. فقال وما تقرب الي عبدي بمثل اداء ما عليه ولا يزال عبدي يتقرب الي بالنوافل حتى احبه. فطريق تحصيل الولاية هو الفعل والقيام الواجبات والاستزادة من المسنونات والصالحات. هذا هو طريق تحصيل الولاية. ويكون ذلك ايضا بالامتناع عما نهى الله عنه فاذا احببته كنت سمعه الذي يسمع به وبصره الذي يبصر به ويده التي يبطش بها ورجله التي يمشي بها. ثم جاء الشيخ رحمه الله برواية تفسر معاني هذه الفضائل الثابتة لمن تحققت له الولاية فقال وفي رواية فبي يسمع وبي يبصر وبي يبطش وبي يمشي اي انه على نور من الله جل وعلا في كل ما يفعله وفي كل ما يصدر عنه فهو في كل حركة وسكون مؤيد برب العالمين ويمشي في نور الله عز وجل ويسير في توفيقه واعانته سبحانه وتعالى. ثم قال ولئن سألن لاعطينه ولان استعاذني لاعيذنه وما ترددت في شيء اذ انا فاعله ترددي عن قبض نفس عبدي المؤمن يكره الموت واكره مساءته ولابد له منه لان الموت قضاء مبرم لا يمكن ان يرد. كل نفس ذائقة الموت. كما قال الله جل وعلا في رسوله واشرف بني ادم قال الله تعالى انك ميت وانهم ميتون. طيب يقول وهذا اصح حديث يروى يروى في الاولياء تبين النبي انه من عاد وليا لله فقد بارز الله في المحاربة. ثم ذكر بعد ذلك ما هو تكملة معنى الحديث او ما هو توضيح له نعم وفي قوله صلى الله عليه وسلم من احب لله وابغض لله واعطى لله ومنع لله فقد استكمل الايمان هذا الحديث حديث عظيم فيه الاشارة الى ان الاصل في الاعمال اعمال القلوب. هي الاشارة الى ان الاصل في الاعمال اعمال القلوب ولذلك بدأ اولا باي شيء؟ بالحب والبغض وهما عملان قلبيان ثم ذكر الاعطاء والمنع وهما عملان ظاهران من اعمال الجوارح فبدأ بعمل القلب لانه اصل لعمل الجوارح. فقال من احبني الله وابغض لله واعطى لله ومنعني الله يعني وعمل بمقتضى هذا الحب وهذا البغض لم يكن فقط حبا وبغضا لا اثر له في الجوارح. بل ظهرت ثماره في الجوارح. فكان عطاؤه منعه لله وذكر العطاء والمنع لانه اظهر ما يكون من العمل الذي يصل الى الغير ويتعلق بغير الانسان. فقد استكمل الايمان اي فقد كمل خلاله واوصافه وهذا ينبغي للانسان ان يحرص على تحقيقه بالاستزادة من الاعمال القلبية التي تثمر عملا صالحا في الجوارح حتى يتحقق له كمال الايمان. ومن هذا نعلم ان الايمان قول وعمل كما هو قول السلف وهو ادل عليه الكتاب والسنة واجمع عليه سلف الامة. ان الايمان قول وعمل فان النبي صلى الله عليه وسلم ذكر في هذا الحديث ذكر عمل القلب وعمل الجوارح وجعل عمل الجوارح مما يستكمل به الايمان. خلافا لمن يقول ان جنس العمل ليس داخلا في في الايمان فهذا قول لم يكن عليه سلف الامة ولا يوافق ما دل عليه الكتاب والسنة نعم. والولاية ضد العداوة واصل الولاية واصل الولاية المحبة والقرب. واصل العدالة اوت البغض والبعد وقد قيل ان الولي سمي وليا من موالاته للطاعات اي متابعة والاول اصح. والولي القريب. الاول ما هو؟ انه من المحبة والقرب. وان كان لازم المحبة والقرب الموالاة بين الطاعات. لكن الموالاة بين الطاعات هذا من التفسير باللازم. من من تفسير الولاية اللازم. واما قول المحبة والقرب هو تفسير للولاية بحقيقتها. لا بالازم. فقوله وان الولي وقد قيل ان الولي سمي وليا من موالاته للطاعات اي متابعته لها هذا من تعريف الولاية باللازم. وقدم الاول لكونه تعريفا لها الحقيقي. نعم والولي القريب يقال هذا يلي هذا اي يقرب منه ومنه قوله صلى الله عليه وسلم الفرائض باهلها فما ابقت الفرائض فلاولى رجل ذكر. اي لاقرب رجل الى الميت. ووكد بلفظ الذكر ليبين انه حكم يختص بالذكور. ولا يشترك فيه الذكور والاناث اكد ايش اكد قوله فلاولى رجل اكد قوله رجل مع انه كان يكفي ان يقول فلأولى رجل لانه لا يكون رجلا الله ذكر لابد ان يكون ذكر لا يسقط هذا الوصل الا على الذكر. قال الشيخ رحمه الله في علة ذكر هذا الوصف بعد ذكر الرجل آآ بعد قوله في رجل قال ليبين انه حكم يختص بالذكور. ولا يشترك فيه الذكور والاناث. هذا من المعاني التي قيلت في حكمة وصف النبي صلى الله عليه وسلم الرجل بالذكر ومن المعاني ايضا ان الحديث يفيد ان ما ابقت الفرائض فهو لكل ذكر. صغيرا كان او كبيرا. فلو قال فلاولى رجل لتوهم البعض بانه لا يقول لمن لم يتصف بالرجولة يعني من لم يبلغ. فقوله ذكر ليشمل الصغير والكبير. هذا مما قيل نعم. كما قال وفي الزكاة فابن لبون ذكر. ابن لبول انذكر مع ان ابن تكفي عندك. لكن ذكر ذلك لتأكيد هذا الوصف وانه لا مدخل للاناث في هذا. فاذا عجز عن بنت المخاض فيدفع ابن لمون ذكر نعم فاذا كان ولي الله هو الموافق المتابع له فيما يحبه ويرضاه ويبغضه ويسخطه به وينهى عنه كان المعادي لوليه معاديا له. كما قال تعالى لا تتخذوا عدوي وعدوكم اولياء تلقون اليهم بالمودة. فمن عادى اولياء الله فقد عاداه من عاداه فقد حاربه فلهذا قال ومن عادى لي وليا فقد بارزني بالمحاربة وافضل اولياء الله هم انبياؤه وافضل انبيائه هم المرسلون منهم. وافضل المرسلين سلين اولو العزم نوح وابراهيم وموسى وعيسى ومحمد ومحمد صلى الله عليه وسلم قال تعالى شرع لكم من الدين ما وصى به نوح والذي اوحينا اليك وما به ابراهيم وموسى وعيسى ان اقيموا الدين ولا تتفرقوا فيه. وقال تعالى واذا اخذنا من النبيين ميثاقهم ومنك ومن نوح وابراهيم وموسى وعيسى ابن مريم واخذنا من هم ميثاقا غليظا ليسأل الصادقين عن صدقهم واعد للكافرين عذابا اليما مؤلف رحمه الله بعد ان ذكر معنى الولاية وانها من المحبة والقرب بين لنا معناها الشرع فقال فاذا كان ولي الله هو الموافق. هذه هي الولاية بالمعنى الشرعي. هو الموافق المتبع المتبع له فيما يحبه ويرضاه ويبغضه ويسخطه ويأمر به وينهى عنه. وهذا هو معنى الولاية الخاصة. ذكر بعد ذلك درجات الناس في تحقيق هذه الولاية فبدأ اولا باعظم من حقق ذلك وهم الانبياء. وافضل هذا الفريق من الناس هم هم المرسلون. وافضل المرسلون هم اولي العزم من الرسل. اولو العزم يعني اولو القوة في طاعة الله عز وجل تحقيق ما ارسل به وما امروا به. ثم ذكر هؤلاء وهم نوح وابراهيم وموسى عيسى ومحمد صلوات الله وسلامه عليهم اجمعين. وذكرهم ابتداء بنوح اعتبارا بالترتيب الزمني لا بالفضل والا فافضله محمد صلى الله عليه وسلم كما سيأتي في كلام الشيخ رحمه الله نوح وابراهيم وموسى وعيسى ومحمد صلى الله عليه وسلم. يقول استدل لافضلية هؤلاء بالدليلين في قوله تعالى شرع لكم من الدين ما وصى به نوحا وايضا في قوله واذا اخذنا من النبيين ميثاقهم ومنك ومن نوح وابراهيم وموسى وعيسى ابن مريم فذكر هؤلاء خصوصا لفظلهم ومن وعظيم منزلتهم. ثم قال وافضل اولي العزم. نعم وافضل وافضل اولي العزم محمد صلى الله عليه وسلم خاتم النبيين وامام المتقين وسيد ولد ادم وامام الانبياء اذا اجتمعوا وخطيبهم اذا وفدوا صاحب المقام محمود الذي يغبطه به الاولون والاخرون. وصاحب لواء الحمد وصاحب الحوض وشفيع الخلائق يوم القيامة. وصاحب الوسيلة والفضيلة الذي بعثه الله بافضل كتبه وشرع له افضل شرائع دينه وجعل امته خير امة اخرجت للناس وجمع له هو ولامته من الفضائل والمحاسن ما فرقه في من قبلهم وهم اخر الامم واول الامم بعث كما قال صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح نحن الاخرون سابقون يوم القيامة اوتوا الكتاب من قبلنا واوتيناه من بعدهم فهذا يومهم الذي فيه يعني يوم الجمعة فهدانا الله له. الناس لنا تبع فيه. غدا لليهود وبعد للنصارى. وقال صلى الله عليه وسلم انا اول من تنشق عنه الارض. وقال الله عليه وسلم اتي باب الجنة فاستفتح فيقول الخازن من انت؟ فاقول انا محمد فيقول بك امرت الا افتح لاحد قبلك وفضائله صلى الله عليه وسلم وفضائل امته كثيرة. ومن حين بعثه الله جعله فارق اوليائه هذه الاوصاف التي ذكرها هي بمثابة الادلة لما ذكره من ان النبي صلى الله عليه وسلم اولي العزم من الرسل فما ذكره من الفضائل ابتداء من قوله خاتم النبيين وامام المرسلين وسيد ولد ادم الى اخر الكلام هذا كالدليل او بل هي الادلة على انه صلى الله عليه وسلم افضل اولي العزم من الرسل. فلو قيل ما الدليل على ان صلى الله عليه وسلم افضل اولي العزم من الرسل. الدليل هذه الخصائص العظيمة التي خصه بها سبحانه وتعالى. فدل ذلك على انه افضل اولي العزم من الرسل. ويليه في الفضل ابراهيم عليه السلام. نعم ومن حين بعثه الله جعله الفارق بين اوليائه وبين اعدائه. فلا يكون وليا لله الا يا من امن به وبما جاء به واتبعه باطنا وظاهرا. ومن ادعى محبة الله وولايته وهو لم يتبع فليس من اولياء الله بل من بل من خالفه كان من اعداء الله واولياءه الشيطان قال تعالى قل ان كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله قال الحسن البصري رحمه الله ادعى قوم انه يحبون الله فانزل الله هذه الاية من محنة لهم وقد هذا اول الاوصاف التي يتميز بها اولياء الرحمن. وانا اقول لو من اول كتاب يقيد آآ يقيد الاوصاف حتى ما تختلط علينا. وسيكون في بعضها تكرار لكن لا بأس. نذكر وصف ونذكر انه ذكره في الصفحة في الموضع الفلاني والموضع الفلاني حتى يتضح. اول ما يتصف به اولياء الرحمن انهم مؤمنون بالنبي صلى الله عليه وسلم وبما جاء به وانهم يتبعونه باطلا وظاهرا. وهذا اعلى درجات الولاية والناس في هذا درجات لكن تمام الولاية لله تعالى تكون بهذا. فلا يكون وليا لله الا من امن به وبما جاء به واتبعه باطنا وظاهرا. ثم قال المؤلف رحمه الله ومن ادعى محبته وولايته وهو لم يتبع فليس من اولياء الله بل هو من اولياء الشيطان. لان كل من لم يكن وليا لله فهو ولي للشيطان وهذا لا اشكال فيه. لا يمكن ان يكون لا وليا لله ولا وليا للشيطان. بل كل من لم يكن وليا لله فانه ولي للشيطان قال بل كل بل من خالف من خالفه كان من اعداء الله واولياؤه واولياء الشيطان نعم. ثم ذكر الدليل على هذا على هذه الصفة في قوله قل ان كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله والاتباع عندما يكون بعد ايش؟ بعد الايمان به وبما جاء به. فهذه الاية دالة على ان الولاية تكون بالايمان به وبما جاء به وباتباعه الا يقول قائل اين دليل انه لا يكون وليا الا من امن به وبما جاء به؟ نقول انه من لازم الاتباع ان يكون مؤمنا به مؤمنا بما جاء به صلى الله عليه وسلم نعم وقد بين الله فيها ان من اتبع الرسول فان الله يحبه. ومن ادعى محبة الله ولم يتبع الرسول صلى الله عليه وسلم فليس من اولياء الله. وان كان كثير من الناس يظنون في انفسهم او في غيرهم انهم من اولياء الله ولا يكونون من اولياء الله. فاليهود والنصارى يدعون انهم اولياء الله وانه لا يدخل الجنة الا من كان منهم بل يدعون انهم ابناؤه احباؤه ابناؤه هلوة ولادة؟ الجواب لا. انما هي بنوة حنان ورأفة ومنه الحديث الضعيف الخلق عيال الله عيال الله اي انهم يحتاجون اليه ليس بهم غنى غنى عن رحمته وفضله واحسانه. نعم. قال تعالى قل فلما يعذبكم بذنوبكم بل انتم بشر ممن خلق. هذا فيه الرد على اي شيء. على دعوى انهم ابناء رد عليهم بهذه الحجة الظاهرة. قل فلم يعذبكم بذنوبكم؟ بل انتم بشر مما خلق. يعني ليس لكم خاصية دون غيركم بل انتم كغيركم ان امنتم اثابكم وان كفرتم عاقبكم. وعذبكم. فلم يعذبكم بذنوبكم؟ قال بعض العلماء فلي معذبكم بذنوبكم يعني في الدنيا وذلك ان بني اسرائيل مما نقل عنهم انه اذا اذنب الانسان منهم ذنبا اصبح وقد كتب على بابه ما فعل وما عقوبة ذلك وهذا من الاسرائيلية لكن الجواب السديد ان يقال فلم يعذبكم بذنوبكم اي في الدنيا والاخرة في الدنيا بان الله سبحانه وتعالى يعذبهم بما يكون من النوازل اه نعم بما يكون من الاحكام القدرية والعقوبات القدرية وبما يكون من العقوبات الشرعية التي شرعها لهم. كما جرى من العقوبة التي حصلت لهم بسبب اتخاذهم والعجل حيث كانت عقوبتهم ان امرهم الله عز وجل بان يقتلوا انفسهم ولو كانوا كما يقولون لما امرهم بهذا الامر. وكذلك بعقوبة روية فهم كغيرهم من الخلق. ليس لهم خاصية. نعم وقال تعالى وقالوا لن يدخل الجنة الا من كان هودا او نصارى تلك امانيهم الى قوله ولا هم يحزنون. هذا القول لمن؟ لليهود والنصارى مجتمعين يعني كل من اليهود والنصارى يقول لن يدخل الا من كان هودا او نصارى؟ الجواب لا بل هذا جمع لقولهم وان كان القول مختلف. او القائل مختلف فاليهود يقولون لا الجنة الا من كان هودا والنصارى يقول لا يدخل الجنة الا من كان من النصارى. وليس ان اليهود يقولون لا يدخل الجنة الا من كان هودا او نصارى. وان النصارى صار يقول لا يدخل الجنة الا من كان هودا او نصارى انما جمع القول في اشتباههم واتفاقهم في الحجة والا فقد قال الله جل وعلا عن اليهود والنصارى وقالت اليهود ليست النصارى على شيء وقال النصارى ليست اليهود على شيء فكل منهم يكفر الاخر. اليهود يكفرون النصارى والنصارى يكفرون اليهود. لان اليهود يرون ان نعيش تبدو ذلك حاشاه الله مما يقولون والنصارى يكفرون اليهود لانهم لم يؤمنوا بعيسى عليه السلام