الحمد لله رب العالمين واصلي واسلم على المبعوث رحمة للعالمين نبينا محمد وعلى اله واصحابه اجمعين اما بعد فقوله رحمه الله يجزيه الاستجمام ايوة يكفيه ويحصل المطلوب بالاقتصار على الاستجمار فقط. قال حتى مع وجود الماء اي ولو كان الماء متيسرا. فان صلى الله عليه وسلم ثبت عن الاستجمار مع وجود الماء. فدل ذلك على انه يجزئ الاستجمار ولو وجد الماء. وهذا قول عامة اهل العلم انه يكفي الاستجمار ولو وجد الماء. وقوله رحمه الله ان لم يتعدى اي يتجاوز الخارج موضع هذا قيد وهو شرط لاجزاء الاستجمار مع وجود الماء الا يتعدى موضع قضاء الحاجة بمعنى ان لا الخارج موضع العادة. والدليل على ذلك ان الاستجمار اذن به اذا كان الخارج في موضع كالعادة والا في الاصل انه لا يزيل النجاسة الا الماء وانما اذن باستعمال الحجارة في ازالة النجاسة في محلها المعتاد فيما يتعلق بقضاء الحاجة. فاذا تجاوز موضع العادة لم يكن مجزئا. ثم انهم اختلفوا في ما يتصل العادة اي في حد موضع العادة. فقال مثل ان ينتشر خارج على شيء من الصفحة. يمتد الى الحشفة امتدادا غير معتاد فيجزئ فيه الا الماء هذا المذهب وقيل بل يستجمر ولو تجاوزنا موضع الحاجة. وذلك لعموم الادلة الدالة على اجزاء الاستجمار في ازالة اثر الخارج من السبيلين ولم يقيد ذلك دليل بما اذا لم يتعدى موضع العادة وهذا انما يتأتى فيما يتصل بالمذهب. يعني هذا الخلاف يحظر على القول بانه لا يجزئ في ازالة النجاسة الا الماء اذا كانت على بدن او ثوب او نحو ذلك. فاذا قلنا انه النجاسة تزول بكل مزيل لم نحتاج الى هذا القيد لكن بما ان المذهب ان النجاسة التي على البدن وعلى الثياب وعلى غيره من المتاع لا تزول الا بالماء فانه واذا خرج طاهر قال وغير الملوث يعني اذا خرج شيء لا يلوث الموضع بان يكون جامدا لا يصحبه ما يعلق بموضع الخارج. فذكر ثلاث استثناءات الريح وهذا محل اتفاق والطاهر ممثل له بولد او يتأتى هذا القيد لانه انما اذن في استعمال غير الماء في ازالة النجاسة فيما اذا كانت على الارض وفيما اذا كان في موضع العادة في الاستنجاء والاستجمار. قولك قبولي الخنث المشكل. ومخرج غير فرج. يعني هذا مما يجب فيه الماء فان الخنثى المشكل الذي يكون الخارج من موضعين لا يعلم ايهما المعتاد فلذلك طلب الماء. لم يعلم ايهما الذي يعفى عنه لكونه يخرج من الموضعين كذا ومخرج غير فرج يعني ينفتح موضع لخروج النجاسة غير الفرج فانه لا يزول اثره خارج بالاستجمار بل لا بد من الاستنجاء. قال وتنجس مخرج بغير خارج. يعني اذا حصل ان تنجس المخرج بغير خارج فانه لا يزيله الاستنجاء. بان اصابت النجاسة موضع الخارج لكنها ليست من الخارج ومثال ذلك ان ان يصيبه دم مثلا ان يسيل اليه دم والدم نجس على المذهب فيمتد الدم الى موضع الخارج لا يكفيه الاستجمار بل لابد من الاستنجاء. قال ولا يجب غسل نجاسة وجنابة بداخل فرج ثيب. هذا من الغلو لان الداخل لا حكم ما له ولا داخل حشفة اقلف غير مفتوق اقلف غير مفتوق يعني الذي لم يفتق موضع الخارج فحشفت الاقلة وهو الذي لم يختن لا يجب ان يغسل داخل الكلفة لان في حكم الباطن فلا حكم له ولا يجب غسله. ثم قال رحمه الله بعد ان ذكر ما يتصل اجزاء الاستجمار ذكر شروط الاستجمار المتعلقة بما يستجمر به. فقال ويشترط للاستجمار باحجار ونحوها كخشب وخرق ان يكون ما يستجمر به طاهرا. مباحا منقيا غير عظم وروث وطعام ولو لبهيمة ترى من ككتب علم ومتصل بحيوان. كذانا بالبهيمة وصوفها المتصل بها. ويحرم الاستجمار بهذه الاشياء وبجلد سمك او حيوان مذكى مطلقا او حشيش هذا بيان ما يشترط فيما يستجمر به. وذكر في ذلك جملة من الشروط فقال ويشترى الاستجمار باحجار ونحوها اي ما في حكمها. ومثل له بالخشب والخرق. الشرط الاول ان يكون طاهرا فلها يستجمر بنجس دليل ذلك حديث ابن مسعود رضي الله تعالى عنه حيث جاء النبي صلى الله عليه وسلم بحجر حجرين وروث. فاخذ النبي صلى الله عليه وسلم الحجرين والقى الروث وقال انه رجس. وهذا نص في انه لا يحصل الاستجمار بالنجس بل لابد ان يكون طاهرا. الثاني من الشروط قال مباح مباحا. اي يشترط ان يكون مباحا خرج به المغصوق والمسروق لانه لا يجوز الاستجمار بمغصوب ولا مسروق ونحوه. الثالث منقيا فخرج به ما لا يحصل به انقاء لان المقصود والمطلوب من الاستجمار الانقاء. فاذا كان لا يحصل فانه لا يجزئ فدليل هذا هو معرفة مقصود الاستجمار. وان المقصود به الانقاذ. فاذا كان ما يستجمر به لا يحصل به هذا المقصود فلا فائدة منه امثل له بما اذا استجبر بزجاج وما هو في حكمه مما لا تحصل به الطهارة. والتنقية للموضع غير عظم وروث فان العظم والروث لا يحصل بهما الاستجمار اي لا يجزئ الاستجمار بهما ولو كان طاهرين ومباحين ومنقيين. والعلة في ذلك نهي النبي صلى الله عليه وعلى اله وسلم. فقد جاء النهي عن الاستجمار بالعظم والروث والنهي يقتضي الفساد. ففي حديث سلمان قال نهانا النبي صلى الله عليه وسلم ان نستقبل القبلة بغائط او بول او ان نستجيب لليمين او تستجيبي اقل من ثلاثة احجار او نستنجي برجع او عظم. فدل ذلك على انه لا يجزئ. وقيل انه يجزئ استعمالهما وان كان منهيا عنه وذلك ان النهي عن استعمال الرجيع والعظم ليس لكونهما لا يطهران بل كونهما طعاما لبهائم الجن. كما جاء ذلك في في الحديث. فالعلة لا لا تتعلق بعدم الانقاذ بل لكونه افسادا للعظم والروث وهما طعام لاخواننا الجن وبهائمهم. قال رحمه الله وطعام ولو لبهيمة. اي ويستثنى لا من من اباحة الاستجمار بالطاهر المباح المنقي الطعام. فانه لا يجزئ استنجاء بطعام. وذلك ان النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن الاستجمار بالعظم والروث لكونهما طعاما الجن وطعام دوابهم. فطعام بني ادم ام وطعام بهائمهم من باب اولى ويأتي فيهما ما تقدم من خلاف في ما يتصل بالاجزاء وقد اختار شيخ الاسلام ابن تيمية رحمه الله الاجزاء مع التحريم يعني تحريم الاستنجاء بالعظم والروح والطعام مع الاجزاء اذا حصل لان النهي لا يتعلق عدم الانقاء انما يتصل بكونه افسادا لما له حرمة. قال ومحترم ايوة يحرم الاستجمار بمحترم. يعني ما له حرمة ككتب علم اي المكتوب فيه علم نافع. ولم يقصر ذلك على علوم الشريعة بل كل علم نافع ولو كان من غير علوم الشريعة قال ومتصل بحيوان يعني لا يجزئ الاستجمار بما يتصل بالحيوان كذان بالبهيمة وصوفها المتصل بها ووجهه انه اذا نهي عن تنجيس الطعام الحيوان ما يتصل بالحيوان من ذنب وصوف من باب اولى. ولهذا قال ويحرم استجماره بهذه الاشياء. يعني الطعام والمحترم والمتصل بالحيوان ثم اضافه بجلد سمك وحيوان مذكى مطلقا وحشيش رطب لما فيه من الافساد لهذه الاشياء وهي الحق في المعنى بنهي النبي صلى الله عليه وسلم عن الاستنجاء بالعظم والروث قال رحمه الله ويشترط الاكتفاء بالاستجمار اي وما يشترط في الاستجمار ثلاث مسحات منقية فاكثر اي يطلب في الاستجمار ان يكون بثلاث مساحات لما جاء في حديث سلمان انه نهى صلى الله عليه وسلم عن الاستنجاء باقل من ثلاثة احجار. واذا قال ثلاث مساحات فاذا كان كل حجر بمسحة فالمطلوب ثلاث مسحات الا انه يشترط في ذلك ان تكون مساحات منقية يعني يحصل بها الانقاء فاكثر. اي ان استدعى الامر لكن اقل ما يكون من مما يستجمر به ثلاث مساحات فلا يقتصر على ما دون ذلك. قال ان لم يحصل بثلاث فان حصل بثلاث كفى. قال ولا يجزئ اقل منها اي وان حصل الانقاء فلا يجزئ باقل من ثلاث ولو حصل الانقاء هذا ما افاده المؤلف رحمه فيما يطلب في الاستجمار فيشترط ان يكون ثلاث ولو حصل الانقاء بما دون ذلك. وضابط الانقاذ في الاستجمار سيبين دينه المؤلف رحمه الله فيما يأتي قال ويعتبر اي يشترط ان تعم كل مسحة المحل يعني محل الخارج ولو كان الثلاثة بحجر ذي ثلاث ذي شعب يعني لا يشترط التعدد في الحجر انما يشترط التعدد في المسح. قال اجزأت ان انقت فيجزئ بحجر واحد وهذا مستفاد من قوله ثلاث مساحات. وان كان بحجر واحد ثم قال وكيفما حصل الانقاء في الاستجمار اجزاء كيف ما حصل الانقاء اي تطهير المكان بالاستجمار اجزأ لانه المقصود والمطلوب. واما ما ضابط الانقاء الواجب في اجمار قال ان يبقى اثر لا يزيله الا الماء. هذا الحد المطلوب في الانقاء. اذا استعملت الجمار محوها ان يبقى اثر لا يزيله الا الماء. وبالماء عود خشونة المحل كما كان مع سبع غسلات. ويكفيه الانقاء. اذا الانقاء في الاستجمار ان يبقى اثر لا يزيله الا الماء. وهذا يدل على انه لا يتحقق تمام ازالة لاثر الخارج بالاستجمار. انما ان يبقى اثر لا يزيله الا الماء فهذا من النجاسة التي يعفى عنها. الا يبقى في موضع الخارج الا هذا القدر. وهو الاثر الذي لا يزيله الا الماء. واما في ما اذا كان المستعمل في ازالة اثر الخارج. الماء فعود خشونة المحل كما كان. عود خشونة المحل كما كان يعني كما كان قبل حصول الخارج. واما قوله مع السبع غسلات هذا مبني على ان النجاسة لا تزول الا بسبع غسلات. وسيأتي بحث ذلك وهذا هو المذهب. قال رحمه الله ويسن قطعه اي الاستجمار على وتر اي قطع ما زاد على الثلاث على وتر فان انقى برابعة زاد خامسة قال وهكذا يعني فان احتاج الى سادسة قطعه على سابعة ولا دليل على ذلك الا عمومات ان الله وتر يحب الوتر. قال ويجب الاستنجاء بماء او حجر ونحوه لكل خارج. يعني يجب الاستنجاء والاستجمام لكل خارج من سبيل سواء كان خارجا معتادا او غير معتاد. اذا اراد الصلاة ونحوها وافادنا في الجملة انه لا يجب الاستنجاء والاستجمار لمن اراد الصلاة اذا لم يكن ثمة خارج انما يجب الاستنجاء بماء او حجر ونحوه لكل خارج من سبيل اذا اراد الصلاة ونحوها. فاذا لم يكن خارج لم يجب الاستنجاء ولا الاستجمار. وكذلك افادنا المؤلف انه لا يجب استنجاء والاستجمار للخارج اذا لم يرد صلاة وهذا محل خلاف فانه قد قال بعض اهل العلم بوجوب ازالة اثر الخارج من السبيلين ولو لم يرد صلاة. لوجوب التخلي من النجاسات يظهر والله تعالى اعلم ان المذهب لا تجب المبادرة لازالة الخارج من السبيلين الا اذا اراد الصلاة اما اذا لم يرد الصلاة فانه يندب ازالة اثر الخارج لكن لا يتعين. قال الا الريح فانه خارج لا يجب له استنجاء ولا استجمار. قال والطاهر يعني بلا دم وغير ملوث امثل له بالدود والحصى ونحوه الذي لا يتلوث به موضع الخارج لان الاستنجاء والاستجمار غرضه ازالة اثر الخارج فاذا لم يكن للخارج اثر كما لو كان ريحا او طاهرا او غير ملوث فانه لا يجب استنجاء واستجمار حينئذ. قال رحمه الله ولا يصح قبله اي قبل الاستنجاء او الاستجمار. قال اي قبل للاستنجاء بماء او حجر ونحوه وضوء ولا تيمم. لا يصح. واستدلوا لذلك بحديث قال لحديث المقداد المتفق عليه. يغسل ذكره ثم يتوضأ وثم تفيد الترتيب والتعقيب. فقوله ثم يتوضأ دليل على انه لا يكون وضوء الا بعد سنجاب واستجمام الا انه يشكل على استدلال بهذا الحديث على الوجوب انه جاء في الرواية بالواو المفيدة الجمع لا الترتيب ولذلك القول الثاني في المذهب انه يصح وضوء الوضوء والتيمم قبل الاستنجاء والاستجماع. وذكروا انه يسن الاستنجاء والاستجمام قبل الوضوء ولا يجب. فان اخره الى بعده اجزأ. وهو رواية في مذهب الامام احمد رحمه الله. وعللوا ذلك بانه نجاسة تزال فصح الوضوء قبل ازالتها. واجابوا عن الاستدلال بحديث المقداد بانه جاء ما يدل على عدم ترتيب في رواية الواو توظأ واغسل ذكرك. والذي يظهر والله تعالى اعلم انه يتأكد بالاستنجاء والاستجمار قبل الوضوء لكنه لو اخر ذلك صح وضوءه وان كان خلاف الاولى. قال ولو كانت النجاسة على غير السبيلين وعليهما غير خارجة منهما صح الوضوء والتيمم قبل زوالها بناء على انه ازالة لنجاسة فيصح تقديم الطهارة عليها لهذا يكون قد انتهى ما ذكره المؤلف رحمه الله في هذا الباب باب الاستنجاء. لان نقف على هذا والله تعالى اعلم وصلى الله وسلم على نبينا محمد